الخط الساخن : 01118881009
محكمة جنح مستأنف الدقي
دائرة اﻷثنين
مذكرة بدفاع
مرفت محمد السيد متهمة
ضـــــــد
النيابة العامة (سلطة اتهام)
فى القضية رقم 6280 لسنة 2011 جنح الدقي , والمستأنفة برقم13898 لسنة 2011
والمحدد لنظرها جلسة 23-1-2012
الوقائع
حرصاً منا على ثمين وقت المحكمة الموقرة نحيل بشأنها إلى ما جاء بأوراق الدعوى
الــــــــــدفوع
أولاً : بطلان الأمر الجنائي لتخلف شرط من شروط إصداره.
ثانياً : انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل الضمنى وفقاً لنص المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية .
ثالثاً : انتفاء صلة المتهمة بالواقعة محل الاتهام , وعدم وجود ثمة دليل بالأوراق يؤكد اتهامها.
رابعاً : انتفاء أركان جريمة السب والقذف فى حق المتهمة .
الـــــــــــدفاع
أولاً : بطلان الأمر الجنائي لتخلف شرط من شروط إصداره .
سيدي الرئيس
إن نص المادة 323 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية جاء واضحاًَ وصريحاً ونظم شروط إصدار الأمر الجنائي الصادر من القاضي الجزئي حيث تنص المادة على أنه ” للقاضي من تلقاء نفسه عند نظر إحدى الجنح المبينة فى المادة 323 أن يصدر فيها أمراًَ جنائياً….. وذلك إذا تغيب المتهم عن الحضور رغم إعلانه ولم تكن النيابة العامة قد طلبت توقيع أقصى عقوبة ”
فيتضح إذن أن هناك شروط لإصدار ذلك الأمر الجنائي وأهمها إعلان المتهم إعلان المتهم إعلاناً قانونياً صحيحاً وإذا تغيب المتهم بعد ذلك الإعلان فمن حق القاضي أن يصدر الأمر الجنائي ضد المتهم .
وبمطالعة أوراق الدعوى المنظورة أمام عدلكم نجد أن المتهمة لم تعلن من الأساس , ولم نجد ما يفيد تكليفها بالحضور أمام محكمة أول درجة لتحقيق دفاعها وكما تعلمنا من عدالتكم أن الخصومة فى الدعوى الجنائية لا تنعقد إلا عن طريق تكليف المتهم بالحضور تكليفاً قانونياً صحيحاً , وقد نصت المادة 234 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” تُعلن ورقة التكليف بالحضور لشخص المعلن إليه أو فى محل إقامته بالطرق المقررة فى قانون المرافعات فى المواد المدنية والتجارية ”
وقد استقر قضاء النقض على أن :
” إعلان المتهم للحضور بجلسة المحاكمة يجب أن يكون لشخصه أو فى موطنه , وكان الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادةً…وبهذه المثابة لا يُعتبر المكان الذى يباشر فيه الشخص عمله موطناً له
(الطعن رقم 3887 لسنة 57 ق – جلسة 27/10/1988 )
فضلاً عن أنه من المقرر بنص المادة 10 من قانون المرافعات أن ” تسلم الأوراق المطلوب إعلانها للشخص نفسه أو في موطنه ”
كما نصت المادة 11 من ذات القانون على أنه ” إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم الورقة إليه طبقاً لنص المادة السابقة أو امتنع من وجده من المذكورين فيها عن التوقيع على الأصل أو عن استلام
الصورة وجب عليه أن يسلمها فى اليوم ذاته إلى مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الذى يقوم بموطن المعلن إليه فى دائرته ”
وكذلك نصت المادة 40 / 1 من القانون المدنى على أن ” الموطن هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادةً ”
وقضى فى هذا الشأن أن ” وجوب إعلان المتهم بشخصه أو فى موطنه وأن مكان العمل ليس موطناً يجوز الإعلان فيه ”
( طعن رقم 742 لسنة 33 ق – نقض 12/11/1973 )
كما أن إجراءات الإعلان عملاً بالمادة 234 إجراءات بالطرق المقررة فى قانون المرافعات
( طعن رقم 374 لسنة 42 ق )
وقُضى أيضاً بأن :
” الإعلان لا يثبت إلا بورقة من أوراق المحضرين مثبتة لحصولها لأنه متى سن القانون شكلاً خاصاً لإجراء من إجراءات الدعاوى كان هذا الشكل وحده هو الدليل القانوني على حصول هذا الإجراء فلا يجوز الاستدلال عليه بأي دليل آخر مستمد من غير ورقة الإعلان ذاتها مهما بلغت قوة هذا الدليل ”
( الطعن رقم 1719 لسنة 33 ق – جلسة 18/5/1964 )
وكذلك نصت المادة 19 من قانون المرافعات على أنه ” يترتب البطلان على عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها فى المواد 6 , 7 , 9 , 10 , 11 , 12 من قانون المرافعات ”
وهدياً بما سبق فنجد أن الأمر الجنائي الصادر من محكمة أول درجة قد صدر مخالفاً للشروط التى قررها القانون حيث أن المتهمة لم يتم إعلانها إعلاناً صحيحاً , ولم يصلها أية إعلانات , لذلك فإن تغيبها عن حضور الجلسة المحددة لنظر الجنحة لم يكن راجعاً إلى إهمالها أو عدم استجابتها للتكليف بالحضور , وإنما كان راجعاً إلى عدم إعلانها بشخصها أو فى موطنها وفقاً للشروط والإجراءات المقررة فى القانون , الأمر الذى يتعين معه القضاء ببطلان الأمر الجنائي لتخلف شروط إصداره .
ثانياً : انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل الضمنى وفقاً لنص المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية .
سيدي الرئيس .
يبين أمام عدلكم بعد مطالعتكم لشكوى المجنى عليه والتحقيقات التي تمت بمعرفة النيابة العامة أن الشاكي قد اتهم نصاً بشكواه كلاً من : –
السيد / عنتر عبد اللطيف – الصحفى بجريدة ” صوت الأمة ” – بصفته وشخصه
السيدة / مرفت الشيخ ( وهى المتهمة فى القضية الماثلة : مرفت محمد السيد ) – الصحفية بجريدة ” صوت الأمة ” – بصفتها وشخصها
السيد / وائل الإبراشى – رئيس تحرير جريدة ” صوت الأمة ” – بصفته وشخصه
… إذن المجنى عليه قد اتهم هؤلاء الأشخاص سالفي البيان وفقاً لشكواه وتمسك باتهامهم فى تحقيقات النيابة العامة بتاريخ 22/4/2010 نيابة قسم قنا حيث أجاب فى التحقيقات عند سؤاله عن أسماء المتهمين أنهم كلاً من : –
عنتر عبد اللطيف , مرفت الشيخ , وائل الإبراشى
واتهم هؤلاء جميعاً بالسب والقذف بطريق النشر , بل وأكثر من ذلك فإنه قد تم حفظ شكواه بتاريخ 25/6/2010 بواسطة نيابة قسم قنا إلا أن المجنى عليه قد تظلم من هذا القرار أمام سيادة المستشار / المحامي العام بنيابة قنا الكلية , والمقيد برقم 11470 لسنة 2010 تظلمات وتمسك باتهام هؤلاء الأشخاص جميعاً , وتم قبول التظلم وفتح تحقيق معه مرة أخرى بتاريخ 10/10/2010 أمام نيابة قسم قنا , وكرر فيه اتهام هؤلاء الأشخاص الثلاثة سالفي الذكر
وبعد انتهاء النيابة العامة من تحقيقاتها فى القضية فوجئنا بإحالة الشكوى والتحقيقات مع الشاكى إلى المحكمة دون اتهام ( السيد / عنتر عبد اللطيف ) , و( السيد / وائل الإبراشى ) , وفقط تم اتهام ( السيدة / مرفت محمد السيد ) بسب وقذف الشاكي ( السيد / قرشى سيد سلامة ) !
والغريب سيدى الرئيس أنه رغم علم الشاكى علما يقينيا بأن المتهمين الاول والثالث لم يتم اتهامهما لم يقم بتقديم تظلم يتمسك فيه باتهام هؤلاء الأشخاص الثلاثة جميعاً كما فعل سابقاً .
وارتضى باقتصار الاتهام على المتهمة الثانية فقط مما يعد تنازلاً ضمنياً واضحاً من جانبه وذلك طبقاً لنص المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية التى تنص علي أنه ” لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة وللمجني عليه في الجريمة المنصوص عليها في المادة 185 من قانون العقوبات وفى الجرائم المنصوص عليها في المواد 302 و 306 و 307 و 308 من القانون المذكور إذا كان موظفا عاما أو شخصا ذا صفة نيابية عامة أو مكلفا بخدمة عامة وكان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل وفى حالة تعدد المجني عليهم لا يعتبر التنازل صحيحاً إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى”
والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلا للباقين …………………………… الخ
وقد ذهبت الدكتورة فوزية عبد الستار الى:
“ويترتب علي التنازل انقضاء الدعوي الجنائية وانقضاء الدعوي أمر يتعلق بالنظام العام ، ولذلك تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به المتهم ، بل ولو كان يفضل استمرار المحاكمة ليثبت براءته ، ويجوز الدفع به في أي حالة كانت عليها الدعوي ، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض“،
كذلك لا يجوز للمجني عليه الرجوع في تنازله ولو كان ميعاد الشكوى لا يزال ممتدا و أذا تعدد المتهمون ، وكانت الشكوى متطلبة بالنسبة إليهم جميعا ، فان التنازل بالنسبة لأحدهم يمتد أثره إلي الباقين فتنقضي الدعوي الجنائية قبلهم“
(شرح قانون الإجراءات الجنائية – د/ فوزية عبد الستار – الطبعة الثانية 1990 الناشر دار النهضة العربية ص 116 ، 117)
.. وتواترت أحكام النقض على انه :
لم يرسم الشارع في المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية طريقة للتنازل ، فيستوي أن يقرر به الشاكي كتابة أو شفها ، كما يستوي أن يكون صريحا أو ضمنيا ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد في غير شبهة أنه أعرض عن شكواه.
( 21/12/1954 أحكام النقض س5 ق110 ص337 المرصفاوي في القانون الجنائي – الجزء الثالث – منشأة المعارف )
وقضي أيضا:
أن تقدير التنازل من المسائل الواقعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقدمات التي أسست عليها لحصول التنازل أو عدم حصوله تؤدي إلي النتيجة التي خلصت إليها.
( 21/12/1954 أحكام النقض س5 ق110 ص337 )
وقضت أيضا:
التنازل عن الشكوى من صاحب الحق فيها يترتب عليه بحكم الفقرة الأولي من المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية انقضاء الدعوي الجنائية ، ومتى صدر هذا التنازل ممن يملكه قانونا يتعين إعمال الآثار القانونية له ، كما لا يجوز الرجوع فيه ولو كان ميعاد الشكوى ما زال قائما ، لأنه من غير المستساغ قانونا العودة للدعوي الجنائية بعد انقضائها إذ الساقط لا يعود.
(8/10/1986أحكام النقض س37 ق135 ص 710 )
إذن سيدي الرئيس
وبتطبيق ما سبق على دعوانا نجد أن الشاكي قد تنازل ضمنياً عن دعواه لأنه قام باتهام مباشر لرئيس تحرير جريدة ” صوت الأمة ” والصحفي بذات الجريدة السيد / عنتر عبد اللطيف وذلك التنازل الضمني تستفيد منه المتهمة طبقا لنصوص القانون .
والأكثر من ذلك سيدي الرئيس أن الشاكي ذكر فى تحقيقات نيابة قسم قنا ( الصفحة الخامسة من محضر التحقيق المؤرخ 10/10/2010 ) أن المتهمين قد استعانوا بشيوخ أفاضل ذكروا على ألسنتهم عبارات السب والقذف المزعومة التى وردت فى المقال موضوع الدعوى وذكر الشاكى أسماء هؤلاء الشيوخ وهم كلا من :- ( السيد / جمال البنا ) المفكر الإسلامي و ( السيد الشيخ / محمد الشهاوي ) رئيس منظمة المجلس الصوفي العالمي وشيح الطريقة البرهانية , و ( السيد / محمد الشرنوبى ) شيخ الطريقة الشرنوبية , و (السيد / جمال قطب ) رئيس مجمع البحوث الإسلامية سابقاً .إلا ان الشاكي لم يتهم هؤلاء الشيوخ بأية اتهامات على الرغم من أن المتهمة عندما تعرضت للكتاب المؤلف بواسطة الشاكى كان ذلك فى معرض تحقيق صحفى وليس مقالاً للرأي أو خبر .
وهناك اختلاف شاسع بين التحقيق الصحفى وبين المقال , فالتحقيق الصحفى لا يعبر عن رأى كاتبه , وإنما يكون بإجراء حوارات وسماع آراء المتخصصين فى المادة محل التحقيق الصحفى , وما ذكر بهذا التحقيق الصحفى الذى أجرته المتهمة من عبارات وآراء غير منسوب إليها وإنما هو منسوب إلى الشيوخ المذكورين في التحقيق الصحفي موضوع الدعوي.
أما بالنسبة للمقال فهو يعبر عن رأى صاحبه وهو هنا الصحفي / عنتر عبد اللطيف الذى قام بعرض صحفي للكتاب المؤلف بواسطة الشاكي واقتطع منه بعض الفقرات وعلق عليها .
وكان الأحرى بالشاكى أن يتهم الشيوخ الواردة أسماؤهم فى التحقيق الصحفى محل الدعوى لأن ما ذكر فى التحقيق الصحفى من ألفاظ وعبارات عدها الشاكى سباً وقذفاً فى حقه جاء على ألسنة هؤلاء الشيوخ ولم يكن هذا رأياً خاصاً بالمتهمة .
والأغرب سيدي الرئيس أن الشاكى لم يتمسك باتهام الصحفى / عنتر عبد اللطيف على الرغم من أنه هو الذى قام بعرض للكتاب الذى ألفه الشاكى وهو الذى أورد آراءً شخصية فيما جاء بالكتاب فى مقاله .
ومن جماع ما سبق يتبين لعدلكم أن الشاكى لم يتهم من وردت عبارات السب والقذف على ألسنتهم
والأهم أنه قد تنازل عن اتهام جميع المشكو فى حقهم عدا المتهمة , الأمر الذى يعد تنازلاً منه عن شكواه ضد المتهمة أيضاً لأن التنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين
حيث نصت المادة (4) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:
“إذا تعدد المجني عليهم يكفى أن تقدم الشكوى من احدهم و إذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم تعتبر أنها مقدمة ضد الباقين ”
ونصت أيضاً المادة (10) في فقرتها الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على أن:
” التنازل بنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلا بالنسبة للباقين ”
.. ولما كان ما تقدم وكانت الجريمة محل شكوى المجني عليه تدور حول ما اعتبره ألفاظ سب وقذف وردت فى التحقيق الصحفى الذى أعدته المتهمة , وفى المقال المنسوب إلى الصحفى / عنتر عبد اللطيف والخاص بذات الموضوع , والمنشوران فى جريدة ” صوت الأمة ” والمسئول عن النشر فيها رئيس التحرير .
.. ورغم علم الشاكى أن باقي المتهمين لم يُوجه لهم اتهام من قبل النيابة العامة إلا أنه لم يحرك ساكناً ولم يطلب إدخالهم في الشكوى منذ علمه بذلك وحتى الآن .
.. لذلك نجد أن ذلك تنازلاً ضمنياً من الشاكى قبل رئيس التحرير والصحفى كاتب المقال والشيوخ الذين وردت أسماءهم فى التحقيق والتي تعتبر الشكوى مقدمه ضدهم أيضاً وما دام الشاكي لم يتمسك قبلهم بحقه خلال المدة القانونية للطعن على هذا القرار ومن ثم يعتبر قد تنازل ضمنا عن شكواه ضدهم و بالتالي تستفيد المتهمة من هذا التنازل عملاً بنص المادتين (4) , (10) من قانون الإجراءات الجنائية
وقد ذهب الدكتور احمد فتحي سرور إلى :
أوجبت محكمة النقض علي قاضي الموضوع أن يبحث الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها حتى ينزل عليها التكييف القانوني السليم إعمالا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، فهذا المبدأ ليس موجها إلي
المشرع وحده، بل موجه أيضا إلي القاضي. فإذا تجاهل تطبيقه بأن أضفي على الواقعة وصفا قانونيا خاطئا انطوى ذلك علي إخلال بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في بعض الأحوال. وفي هذا الصدد حددت محكمة النقض أربع دعائم لسلطة قاضي الموضوع في أعمال التكييف القانون الصحيح عدم
التقيد بالتكييف القانوني المرفوعة به الدعوي كما ورد في أمر الإحالة الصادر من النيابة أو في ورقة التكليف بالحضور أو في طلبات النيابة العامة، وإنما يتعين علي القاضي أن يضفي علي الواقعة المعروضة عليه التكييف القانون السليم
(انظر قضاء مستقرا لمحكمة النقض مقالة نقض16 أكتوبر سنة1967 مجموعة أحكام النقض س18 رقم200 ص21،986 ديسمبر سنة1967 س18 رقم295 ص3،1228 مارس سنة1988 س39 رقم55 ص377)
الأمر الذى يتعين معه القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل .
ثالثاً : انتفاء صلة المتهمة بالواقعة محل الاتهام , وعدم وجود ثمة دليل بالأوراق يؤكد اتهامها :
عدالة المحكمة الموقرة
إن المتهمة هى محررة صحفية أجرت تحقيقاً صحفياً أوردت به آراءً على ألسنة بعض المختصين بموضوع تحقيقها الصحفى وهى ليست مسئولة عن أفكار وآراء السادة المذكورين بالتحقيق الصحفي محل الاتهام .
وهذا التحقيق الصحفى ليس هو الموجه له التهمة الرئيسية حيث أن المتهمة ( الماثلة ) لم يرد أى سب وقذف على لسانها فى هذا التحقيق بل أن ما ورد بتحقيقها الصحفى – وهو تحقيق مهنى لم تخطأ به – كان عبارة عن رأى بعض “الشيوخ الأفاضل ” ( على حد قول المجنى عليه ) , ولم تدخل هى من قريب أو بعيد بأي رأى كما أوضحنا فى الدفع الثانى , فجميع ما كتب فى هذا التحقيق الخاص بالمتهمة هو آراء السادة ( السيد / جمال البنا ) المفكر الإسلامي , و ( السيد الشيخ / محمد الشهاوي ) رئيس منظمة المجلس الصوفي العالمي وشيح الطريقة البرهانية , و ( السيد / محمد الشرنوبى ) شيخ الطريقة الشرنوبية , و (السيد / جمال قطب ) رئيس مجمع البحوث الإسلامية سابقاً .
ولا يوجد دليل على براءة المتهمة من التهم المنسوبة إليها أوضح من قول المجنى عليه
( السيد / قرشى السيد سلامة ) فى محضر تحقيقات نيابة قسم قنا ( الصفحة الخامسة من محضر التحقيق المؤرخ 10/10/2010 ) : ” استعانوا بشيوخ أفاضل ذكروا على ألسنتهم ان كتابى كلام ناس مش لاقية تقول حاجة ” (يقصد تحقيق المتهمة ) فكان من الأولى به هنا أن يوجه اتهامه لمصدري الانتقادات لكتابه وليس لمن قام بعمله على أكمل وجه ( الصحفية ) , وأيضاً فى الصفحة السادسة من محضر تحقيقات النيابة سالف الذكر عندما سأله المحقق :
“س / ما الذى بدر من الصحفية مرفت الشيخ ؟
ج / هى وصفت على لسان مشايخ الطرق الصوفية بأنهم يصفون كلامي بالتهريج وكتبت على لسان الشيخ جمال قطب بأن مؤلفي سخافي وأنني ناس مش لاقية حاجة أقولها وكتبت على لسان الشيخ جمال البنا بأنه لا دخل للحلال والحرام وهذه العادات تعبر عن تطورات يمر بها المجتمع …..”
ويتضح من الأقوال السابقة للمجنى عليه بما لا يدع مجالاً للشك أن المتهمة ليست لها صلة بالانتقادات الموضوعية التى تم توجيهها لمؤلفه , ويتضح أيضاً من خلال التحقيقات أن سبب تقديم الشكوى هى تلك الانتقادات الموضوعية الموجهة لمؤلفة , وهذا خلاف موجود منذ قديم الزمن ما بين المؤلفين والنقاد وهذا أمر طبيعي أن يوجه الانتقاد لعمل أدبي وهو ليس أكثر مما وجه من نقد للأديب طه حسين فى كتاب ” فى الشعر الجاهلي ” أو الروائى نجيب محفوظ فى رواية ” أولاد حارتنا ” .
رابعاً : انتفاء أركان جريمة السب والقذف بركنيها المادي والمعنوي فى حق المتهمة :
.. سيدي الرئيس
يبين جليا وبوضوح من مطالعة سيادتكم على أوراق القضية الماثلة مدى التجني الواضح وضوح الشمس الذي تتعرض إليه المتهمة ومدى الظلم الواقع عليها ففي هذا الزمن أصبح مصير أي فرد في المجتمع يقوم بواجبه القانوني والدستوري مدان بمجرد أن يقول الحقيقة أو يوعى الناس والقراء فهذه وظيفة الصحفي لذلك سنوضح سيدي الرئيس ذلك ليس بكلام دون دليل ولكن بدليل ومن أقوال المجني
عليه عسى أن يشهد عليه لسانه بمحرابكم المقدس .
سيدي الرئيس
ما كتب في التحقيقات من افتراءات وخلق تهم من الباطل وأخذ جمل من وسط التحقيق عسى أن يظفره بإدانة بريء .
لذلك نجد سيدي الرئيس أن:
من المهام النبيلة التي تنهض بها الصحافة نشر الأخبار لما تنطوي عليه من تسجيل الأحداث وتقديم المعلومات وتشخيص المشكلات فبهذا النشر ينتقل الرأي العام من دائرة الغموض إلى دائرة النور ,ويتحول من حالة الجهل إلى حالة المعرفة ويبرر هذا الدور الهام للصحافة أن حرية المعلومات وحرية الرأي يكفل الدستور والقانون حمايتها كما بينت (المواد 47,48 من الدستور المعطل ) وقد تأكدت هذه الحرية بالمادة 7من قانون تنظيم الصحافة الصادر سنة 1996 التي تنص على أنه لا يجوز أن تكون المعلومات الصحيحة التي ينشرها الصحفي سببا للمساس بأمنه وفقا للمادة 9 من ذات القانون أن “للصحفي حق الحصول على المعلومات و الإحصائيات و الأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصدرها” كما نصت المادة9 على انه “يحظر فرض قيود تعوق تدفق المعلومات ”
ولا أكثر من الرد على هذا الادعاء ألا حكم جنايات مصر:
فقد قضت جنايات مصر بتاريخ 24 يناير عام 1925
ببراءة الدكتور محمد حسين هيكل من تهمة القذف في حق رئيس الوزراء وزعيم الأمة في ذلك الوقت سعد باشا زغلول باتهامه بالخيانة والممالأة مع الإنجليز والاتفاق سرا على ما فيه التنازل عن كثير من حقوق مصر وقال الحكم في أسبابه :
وحيث انه بالاطلاع على تلك المقالة تبين أن أهم ما جاء بها هو نسبة الرئيس لملاينة الإنجليز والاتفاق معهم و لا ترى المحكمة في تلك العبارة ما يمكن اعتباره ماسا بكرامة دولة رئيس الحكومة باعتباره من رجال السياسة المعرضة أعمالهم بحكم طبيعة وظيفتهم للنقد السياسي ما دام هذا النقد لا يتناول من أشخاصهم وحسبنا دليلا على ما ذكر ما نراه في اغلب الأحيان من النقد المر في الجرائد الأجنبية خاصة برجال سياستهم وحيث انه من كل ما سلف تكون التهمة غير ثابتة قبل المتهم ويجب برأته منها.
(يراجع الحكم في كتاب التشريع السياسي في مصر_الجزء الثالث للأستاذ عبد اللطيف محمد صـــ140)
(من كتاب الانتفاضة مرافعة الأستاذ نبيل الهلالي في قضية انتفاضة 18و19يناير 1977صـ144)
فلا يوجد سيدي الرئيس لفظة واحدة بالتحقيق الصحفي وردت على لسان المتهمة او على لسان الشيوخ الأفاضل على حد ذكر الشاكي .
فحسن النية متوافر لدى المتهمة حيث أنها لم تقصد ألا الصالح العام ومصلحة المجتمع من توعية القراء
** انتفاء الركن المادي لجريمة القذف**
القذف هو إسناد فعل للغير موجب لعقابه أو احتقاره عند أهل وطنه كما وضحتها نص المادة 302من قانون العقوبات.
والقذف الذي يستوجب العقوبة هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية
..لذلك لم يوضح الشاكي بالتحقيقات الألفاظ الشائنة في حد ذاتها إلا كلمات من تحقيق افرغ من مضمونه وأخذ منه ألفاظ لا يمكن أن تكون ألفاظ شائنة في حد ذاتها ولكنها أراى مصدريها من شيوخ أفاضل على حد قول الشاكي بالتحقيقات .
وقد قضت محكمة النقض في ذلك بأنه:
من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحرى مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذا أن تحرى مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأذى إليه الحكم في مقدماته المسلمة، ولما كان يبين أن لفظ “اخرس” الذي وجهه الطاعن إلى ا لمطعون ضده في تحقيق الشرطة لا يعدو أن يكون كفاً له عن غلوائه في اتهامه هو بما يجرح كرامته ويصمه في اعتباره، يدل على ذلك معنى اللفظ ومنحاه. والمساق الطبيعي الذي ورد فيه. ومن ثم فإن الحكم إذا اعتبر ما تلفظ به الطاعن سباً يكون قد مسخ دلالة اللفظ، كما أورده فضلاً عن خطئه في التكييف القانوني.
(الطعن رقم 782 لسنة 39 ق جلسة 6 /10 / 1969 س 20 ق 197 ص 1014)
وقد قضت محكمة النقض أيضا:
من المقرر أنه وإن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار
إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها. كما أن تحرى مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون – سباً أو قذفاً – هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأذى إليه الحكم من مقدماته المسلمة.
(الطعن رقم 228 لسنة 46 ق جلسة 24/ 5/ 1976 س 27 ق 120 ص 542).
وقد قضت محكمة النقض في ذلك:
الأصل أن القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه . و إذا كان من حق قاضى الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى فإن لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية ببحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها و استظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح .
( الطعن رقم 621 لسنة 31 ق جلسة 1962/1/16 )
وقد قضت محكمة النقض في ذلك
إنه لما كان لمحكمة النقض تصحيح الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة الثابتة بالحكم ، كان لها في جرائم النشر أن تستظهر مرامي العبارات – كما هي ثابتة بالحكم لتتعرف ما إذا كانت هذه العبارات تكون جريمة أم لا .
( الطعن رقم 1168 لسنة 19 ق جلسة 1950/1/16 )
**انتفاء الركن المعنوي (عدم توافر القصد الجنائي في حق المتهم)**
..لا يتوافر القصد الجنائي قبل المتهمة لان القصد الجنائي لا يتحقق ألا أذا كانت الألفاظ الموجهة للمجني عليه شائنة في حد ذاتها واستقرت أحكام محكمة النقض على ذلك. وقد استقر القضاء على انه في جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقد ير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها
.. لذلك لا نجد هنا لفظ واحد شائن أو قصد منه الإهانة لمجرد الإهانة ولكن كلها كلمات تعبر عن رأى مصدريها وهم ليست المتهمة بالطبع .
وقد قضت محكمة النقض في ذلك:
..يتوافر القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب متى كانت العبارات التي وجهها المتهم إلى المجني عليه شائنة بذاتها
(الطعن رقم 224لسنة40ق_جلسة 11/5/1970س21ص693)
وقد قضت محكمة النقض في ذلك:
المراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه، وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره.
(طعن رقم 782 لسنة 39 ق جلسة 6/ 10/ 1969 س 20 ق 197 ص 1014)
وقد قضت محكمة النقض أيضا:
متى كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم كان فيما نسبه إلى المجني عليه في الحدود المرسومة في القانون للنقد الذي لا عقاب عليه فلا يقدح في صحته إن كانت العبارات التي أستعملها المتهم مرة قاسية.
( الطعن رقم 1728 لسنة 18 ق جلسة 1949/1/4 مجموعة الربع قرن ص 738 )
بناء علي ما تقدم من دفوع
نلتمس من عدالة المحكمة الموقرة القضاء وبحق
قبول استئناف الأمر الجنائي و إلغاء هذا الأمر الجنائي الصادر من محكمة أول درجة والقضاء مجددا ببراءة المتهمة من التهمة المنسوبة إليها.
مقدمه
محمود بلال
علي عاطف
محمد محمود
محامين
الشبكة العربية لمعلومات حقو الإنسان