الخط الساخن : 01118881009
محكمة الجنابات العسكرية شمال القاهرة
مذكرة بدفاع
مقدمة من / عمرو محمود أحمد سلامة القزاز متهم
ضـــــــــــد
النيابة العسكرية سلطة اتهام
في الجناية رقم 3558 لسنة 2013 جنح عسكرية شمال القاهرة العسكرية، المحدد لنظرها جلسة الأربعاء
الـــــــوقــــــــــائـــع
ونوجز وقائع القضية الماثلة أمام عدلكم إلي إنه بتاريخ12 نوفمبر 2013 قامت قوة من المخابرات بضبط الصحفي عمرو سلامة القزاز من منزله وحرزت جهاز الحاسب الألي الخاص به وهاتفه المحمول، والأوراق والأسطوانات التي كانت في منزله، وذلك بعد أن قام الرائد شريف حسني بتحرير محضر جهاز الأمن الحربي المجموعة 77 في حق المتهمين بتاريخ 5 أكتوبر 2013 وإحالته لنيابة شمال القاهرة العسكرية التي فتحت تحقيقاتها مع الصحفيين ثم قررت في يوم الأحد 23 فبراير إحالتها لمحكمة الجنح العسكرية برقم 3558 لسنة 2013/ جنح شمال العسكرية، وذلك أن وجهت للمتهمين تهم الحصول بطريقة غير مشروعة علي سر من أسرار الدفاع، ونشره، وقد تم نظر اولي جلسات القضية في 26 فبراير، وتداولت القضية بالجلسات حتي قضت المحكمة في جلستها التي عقدت في 4 مارس 2014 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر القضية واحالتها للنيابة العسكرية لاتخاذ شئونها.
وبعد أن عادت القضية إلي النيابة لاتخاذ شئونها قامت بإحالة القضية لمحكمة الجنايات العسكرية والتي تمثلها هيئتكم الموقرة التي بدأت نظرها في جلسة 18 مارس 2014 ثم تداولت القضية بالجلسات حتي تحددت جلسة غداً لبدء تقديم الدفاع والمرافعة.
وهو ما ذكرت تفاصيله في أوراق القضية المنظورة أمام عدلكم.
الدفـــــــــــــــاع
أولا: عدم اختصاص القضاء العسكري بنظر الجناية الماثلة :-
بداية و قبل الخوض في الدفع نود أن نوضح أن نص المادة 48 من قانون الأحكام العسكرية التي توضح وتبين أن المحكمة العسكرية هي وحدها التي تقرر ما أذا كان الجرم داخلا في اختصاصها
كما أننا علي علم أن المتهم في الجنحة الماثلة هو شخص مدني وليس عسكري وإذا تم إحالته بنصوص القانون وخضوعه له طبقا لأمر الإحالة فأننا نجد هنا أننا أمام قانون يحتاج إلى تفسير لوجود مواد حددت اختصاص القضاء العسكري بالنسبة للأشخاص وهى المادة 4 من قانون الأحكام العسكرية والتي نصت على .
يخضع لأحكام هذا القانون الأشخاص ألأتون بعد:
1- ضباط القوات المسلحة الرئيسية والفرعية والإضافية.
2- ضباط الصف وجنود القوات المسلحة عموما.
3- طلبة المدارس ومراكز التدريب المهني والمعاهد والكليات العسكرية.
4- اسري الحرب
5- أي قوات عسكرية تشكل بأمر من رئيس الجمهورية لتأدية خدمة عامة أو خاصة أو وقتية.
6- – عسكريو القوات الحليفة أو الملحقون بهم إذا كانوا يقيمون في ارض الجمهورية العربية المتحدة إلا إذا كانت هناك معاهدات أو اتفاقيات خاصة أو دولية تقضي بخلاف ذلك .
7- – الملحقون بالعسكريين أثناء خدمة الميدان وهم كل مدني يعمل في وزارة الحربية أو خدمة القوات المسلحة علي أي وجه كان
كما حددت المادة” 5 ” من ذات القانون اختصاص المحكمة بالنسبة للجرائم حيث نصت علي أن “تسري أحكام هذا القانون علي كلا من يرتكب أحدي الجرائم الآتية :-
أ – الجرائم التي تقع في المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو المركبات أو المحلات التي يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة أينما وجدت .
ب – الجرائم التي تقع علي معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة وكافة متعلقاتها .
و بمطالعة نصوص القانون سالفة الذكر نود أن نوضح إنها تختص بنظر جرائم معينه أو بمحاكمة أشخاص معينين دون غيرهم
وقد ذهب الدكتور رؤوف عبيد إلي
فإذا كانت التهمة المسندة إلي المتهم ليست من الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة ولم تقع منه بسبب تأدية أعمال وظيفته فان الاختصاص بمحاكمته ينعقد للقضاء العادي .
( مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري د/ رؤوف عبيد ص 557 ، 558 )
وتنازع الاختصاص بين القضاء العسكري والقضاء العادي في كل صورة ينبغي أن يرفع الأمر إلي المحكمة العليا طبقا للمادة 4 من قانونها رقم 1981 لسنة 1969 ولا يرفع إلي محكمة النقض وقد حلت المحكمة الدستورية محل المحكمة العليا بالقانون 48 لسنة 1979
( نقض 1/10 / 1973 أحكام النقض س 24 رقم 167 ص 804 )
وذهبت أيضا محكمة النقض
اعتبرت محكمة النقض قواعد الاختصاص الجنائي من حيث أشخاص المتهمين من النظام العام ( نقض 15 / 12/ 1969 أحكام النقض س 20 رقم 294 ص 1426 )
وذهب أيضا الدكتور محمود محمود مصطفي إلي أن :-
الأشخاص المخاطبون بالقانون ينبغي عدم الخلط بين تطبيق القانون علي الأشخاص وبين تكييف الجريمة العسكرية وبين تحديد اختصاص المحاكم العسكرية ، والمسألتان الأولي والثانية تتعلقان بقانون العقوبات وتدخل الأخيرة في الموضوعات الشكلية ومن الناحية العملية كان يجب أن ترتبط هذه المسائل ارتباطا حتميا بمعني أن المحكمة العسكرية لا تنظر إلا في جريمة عسكرية وان هذه الجريمة لا يكون إلا احد العسكريين وهذا هو الاتجاه الحديث في القانون .
( الجرائم العسكرية في القانون المقارن الجزء الأول قانون العقوبات العسكري د/ محمود محمود مصطفي الطبعة الأولي 1971 ص 39 ، 40 )
و وفقا لما تم ذكرة من نصوص القانون و ما تواترت عليه أحكام محكمة النقض توضح أن المحاكم العسكرية استثناءات من القواعد العامة اقتضتها ظروف خاصة بالعسكريين فيجب قصرها عليهم وإذا جاز التوسع في اختصاص القضاء العسكري في مناسبات تبرره فلا يجوز أطلاقا أن يسري قانون العقوبات العسكري علي غير العسكريين إلا أن يكون هناك شريك مدني فعندئذ يكون تابعا في مسئوليته للفاعل طبقا للقواعد العامة لذلك نصت المادة الرابعة من القانون سالف الذكر علي من يخضعون لهذا القانون علي سبيل الحصر .
والصفة العسكرية شرط في الجريمة العسكرية ومن ثم يلزم توافرها وقت ارتكاب الجريمة طبقا للقواعد العامة لا عبرة بقيامها قبل أو بعد ذلك ومجرد الاستدعاء للخدمة العسكرية لا يصبغ علي المطلوب هذه الصفة فلابد من الانخراط في الخدمة بالفعل ولا يخضع للقانون العسكري الأشخاص الذين يقومون بأعمال الدفاع المدني
و تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض:-
بأن القضاء العادي هو الأصل وان المحاكم العادية هي المختصة بالنظر في جميع الدعاوي الناشئة عن أفعال مكونة لجريمة وفقا لقانون العقوبات العام أيا كان شخص مرتكبها علي حين أن المحاكم العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص استثنائي مناطه إما خصوصية الجرائم التي تنظرها وإما شخص مرتكبها علي أساس صفة معينة توافرت فيه وانه وان جاز قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 اختصاص القضاء العسكري بنظر جرائم من نوع معين ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين إلا انه ليس في هذين القانونين ولا في أي تشريع أخر نصا علي انفراد ذلك القضاء بالاختصاص علي مستوي كافة مراحل الدعوي ابتداء من تحقيقاتها حتى الفصل فيها ولما كانت الجريمة التي أسندت إلي الطاعن معاقب عليها بالمادتين 126 ، 234/1 ، من قانون العقوبات وكانت النيابة العامة قد قدمته إلي المحكمة العادية ولم يقرر القضاء العسكري اختصاصه بمحاكمته فان الاختصاص بذلك ينعقد للقضاء الجنائي العادي وما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
( نقض 13 / 11 / 1980 – س 31 – ص 979 )
… و وفقاً لما تم ذكره من أحكام القضاء وأراء الفقهاء وبعد ما دللنا على الواقعة الماثلة أمام عدلكم باتهام شخص مدني لا ينطبق عليه قانون الأحكام العسكرية .
لذلك فإذا ما ذكرنا أمام عدلكم وأمام القضاء العسكري بعدم اختصاص القضاء العسكري بنظر هذه الجنحة وأن القضاء العادي الطبيعي هو صاحب الولاية على هذه الجنحة فهذا لا ينال من قضاته وإنما يكون ذلك دفاعا عن أحكام القانون.
ثانياً: انتفاء صلة المتهم بالواقعة وعدم وجود ثمة دليل في الأوراق ضده:
بمطالعة أوراق القضية والمحضر المحرر من قبل الرائد شريف حسني والتحريات وأقوال المتهمين الثلاثة في تحقيقات النيابة العسكرية وأيضاً أقوال الشهود نجد إنه لا توجد أي صلة للمتهم الثاني “عمرو محمود أحمد سلامة القزاز” بالواقعة محل القضية المنظورة أمام عدلكم برمتها.
حيث أن النيابة العسكرية قد وجهت للمتهم تهمتين الأولي هي الاشتراك مع المتهم الأول وباقية المتهمين، بطريقي الاتفاق والتحريض في الحصول بطريقة غير مشروعة علي سر من أسرار الدفاع عن البلاد، وهو اتهام مرسل ولا يوجد ثمة دليل عليه، لإن لا محرر المحضر ولا النيابة العسكرية ولا التحريات رصدت أو أثبتت أي اتصال بين المتهم الثاني وباقية المتهمين بخصوص الواقعة.
بل علي العكس قد أقر محرر المحضر في محضره وأقواله أمام النيابة أن المتهم الأول قد تواصل مع المتهم الرابع مباشرة بخصوص المواد محل الاتهام وقابله ومنحه تلك المواد، ولم يذكر أي شئ عن أي تواصل بخصوص الواقعة من قبل المتهم الثاني عمرو القزاز سوي اتصال بينه وبين المتهم الأول لم تثبت صحته، وهو ملا يتصور معه أن يكون هناك مشاركة من قبله في التحريض، وإنما في حقيقة الأمر أن كل ما للمتهم من علاقة بشبكة رصد والقائمين عليها وفقاً لما هو ثابت في الأوراق أمام عدلكم أن عمرو القزاز المتهم الثاني كان أحد مؤسسي الشبكة في عام 2011 ودوره كان المشاركة في التأسيس والبحث عن مراسلين، وبعد أن تم الانتهاء من تأسيس الشبكة ثم تم استبعاده ولم يتم ضمه لمجلس إدارتها بسبب إنه كان لا يزال طالباً بكلية الإعلام ولم ينهي دراسته، ومنذ ذلك الحين وحتي حدوث الواقعة محل الاتهام لم يكن للمتهم أي صلاحيات للنشر علي الصفحة الرسمية، بينما ظل عضو في جروبات الشبكة للاشتراك في المناقشات فحسب وهو ما أكدته أقوال المتهم نفسه وباقي المتهمين في تحقيقات النيابة.
وكما تعلمون سيادتكم وإنتم أعلم منا بالقانون إنه لكي يتم الاشتراك عن طريق الاتفاق والتحريض فيجب أن يكون هناك اتحاد في نية الفاعل والشريك علي ارتكاب الفعل المجرم، ولما كانت النية من المخبآت التي لا يمكن مسها دون دليل مادي عليها، ولما كانت الأوراق خالية من ثمة دليل واحد علي اشتراك المتهم الثاني بطريقي الاتفاق والتحريض في الحصول المواد محل الاتهام فإننا ننفي هذا الاتهام عن المتهم الثاني جملة وتفصيلا.
وفي ما سبق نستند إلي ما اتجهت إليه محكمة النقض بتأكيدها علي أن :
“الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل و الشريك على أرتكاب الفعل المتفق عليه ، و هذه النية من مخبآت الصدر و دخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس و ليس لها أمارات ظاهرة تدل عليه ، و للقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق و التحريض دليل مباشر أن يستدل عليهما من قرائن الدعوى و ملابساتها“
(الطعن رقم 0453 لسنة 27 مكتب فني 08 صفحة رقم 640 بتاريخ 10-06-1957)
إما الاتهام الثاني وهو إذاعة علي شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت – سراً من أسرار الدفاع عن البلاد.وهو أيضاً مجرد اتهام مرسل لا توجد في الأوراق أي دلائل عليه سوي ما قاله الرائد شريف حسني محرر المحضر إنه توصل من خلال تحرياته ومن مصادره السرية إن المتهم الثاني قام بنشر المواد محل الاتهام علي شبكة رصد، وهو ما لا يصلح أن يكون دليلاً وحده كما علمتمونا، حيث أن الفقه قد اتجه إلي أن التحريات وحدها لا يمكن الاستناد عليها منفردة كدليل للإدانة وإنما يمكن أن تكون معززة لما ساقته من أدلة آخري في تكوين عقيدة المحكمة، الأمر الذي لا يمكن تصوره في حق المتهم الثاني الماثل أمام عدلكم، وذلك لخلو أقوال الشهود الذين استمعنا لهم في جلسة 30 مارس 2014، وأيضاً أقوال المتهمين الآخرين من أي دليل ضد المتهم، وفي ذلك نستند إلى ما اتجهت إليه محكمة النقض
وتقول محكمة النقض في ذلك :ـ
” لما كان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادرا في ذلك عن عقيده يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه وانه وان كان الأصل أن للمحكمه أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززه لما ساقته من ادله طالما أنها كانت مطروحه على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينه معينه أو دليلا على ثبوت التهمه …..”
( نقض 17/3/1983 س 34 ص 392 رقم 79)
ولما كانت محكمة النقض المصرية قد ألزمت محكمة الموضوع بقضائها الجليل بالإفصاح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها، فليس من المتصور أن يسمح لمحرر المحضر أن لا يفصح عن مصادره التي حصل منها علي المعلومات التي تدين المتهم، إذا كانت نية المحكمة تتجه إلى الإدانة بالاستناد عليها
وهو ما نستند فيه علي حكم محكمة النقض المصرية الذي يقول :
“لئن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى و استخلاص الواقع منها ، إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها و فحواها و أن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق ثم تنزل عليها تقديرها و يكون مؤدياً إلى النتيجة التي خلصت إليها ، و ذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم و أن الأسباب التي أقيم عليها جاءت سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق و تتأذى بالأوراق مع النتيجة التي خلص إليها“
( الطعن رقم 1261 لسنة 52 ق جلسة 14/1/1987م ) مجموعة المكتب الفني ج38/98
وفضلا عن ما سبق فإنه برغم قيام المخابرات الحربية بتنفيذ أمر ضبط وإحضار المتهم الثاني عمرو القزاز فجأة وتم ضبط كل الأجهزة التي كانت بحوزته أو في منزله وقيامهم بفصح حساباته علي شبكة الإنترنت فلم يجدوا أي مستند أو مادة تعد دليل إدانة أو تفيد بتورطه في الواقعة المزعومة، فلم يتقدموا بأي دليل منها يثبت تورط المتهم في الواقعة محل الاتهام، حيث إنه ووفقاً لكتاب جهاز الأمن الحربي الوارد للنيابة العسكرية والمؤرخ بتاريخ 19 /11 /2013 إنه بعد فحص كافة المضبوطات المتعلقة بالمتهم الثاني تبين عدم احتوائها علي أي مواد متعلقة بالواقعة محل الاتهام.
الأمر الذي يعززه ما قاله المتهم الثالث في التحقيقات من أنه تواصل مباشرة مع المتهم الرابع عمرو عبد المنعم فراج فرج درويش والذي كلفه بمونتاج ونشر الفيديوهات.
ووفقا لما سبق ذكره وتوضحيه وما تواترت عليه أحكام محكمة النقض، فإنه يتضح لعدلكم عدم وجود ثمة دليل يمكن الآخذ به ضد المتهم الثاني، وانتفاء صلته تماماً بالواقعة، ومن ثمة عدم ثبوت جريمتي الاشتراك عن طريق الاتفاق والتحريض.
ثالثاً : بطلان التحريات الواردة في الأوراق :
بمطالعة التحريات التي سطرها الرائد شريف حسني والمرفقة بأوراق الدعوي الماثلة الثابت بها إن الواقعة تلخصت في قيام الجندي محمد عبد المنعم المتهم الأول بالتسلل إلي مكتب رئيس العمليات بالفوج الخامس دخان بالهايكستب وقام بنسخ الفيديوهات المتعلقة بلقاء السيد القائد العام للقوات المسلحة ببعض ضباط الحرب الكيميائية، وبرغم أن محاضر التحريات ومحاضر الاستجوابات التي حررها الضابط بنفسه تؤكد علي تلك الرواية، وتؤكد علي قيام الجندي محمد عبد المنعم بالاتصال مباشرة بالمتهم الرابع عمرو فراج وسلمه الفيديوهات، (وهو ما لا نقر بصحته، وإنما ذلك ما واردته الأوراق)، إلا أن الضابط أصر علي الزج باسم موكلي المتهم الثاني في القضية بأن اتهمه بأنه المسئول عن تجهيز ونشر الفيديوهات وهو ما أثبتت أوراق الدعوي عدم صحته لسببين نوردهما فيما يلي :-
السبب الأول : تناقض المعلومات الواردة بمحضر التحريات مع أقوال الشهود :
ثابت من أقوال الشهود بجلسة 30 مارس 2014 أمام الهيئة الموقرة ما يلي :
انه وفقاً لشهادة السيد رئيس إدارة الشئون المعنوية
بإدارة الحرب الكيميائية فأن السي دي الذي يحتوي علي المواد الخاصة بلقاء السيد القائد العام للقوات المسلحة ببعض ضباط الحرب الكيميائية لم يدخل من الأساس الفوج الخامس الذي كان يقضي فيه المتهم الأول خدمه، كما انه مسئول تماماً عن تأمينه ولا يمكن لأحد نسخه، وهو ما يعني وجود تناقض صارخ بين هذه الشهادة وما أورده محضر التحريات.
ووفقاً لشهادة السيد رئيس الفوج الخامس دخان
إن الجهاز الموجود برئيس مكتب العمليات في الفوج الخامس لا يحتوي من الأساس علي كارت يو إس بي، ومن ثم لا يمكن تصور إمكانية نقل المواد الموجودة عليه من قبل المتهم الأول.
السبب الثاني : تعارض ما نص عليه محضر التحريات مع الواقع و حقيقه الواقعة :
إن أوراق الدعوي المنظورة أمام عدلكم توضح أن المتهم الثاني عمرو سلامة القزاز لم يكن مسئول بأي شكل من الأشكال عن نشر المادة محل الاتهام، وهو ما دلل عليه تفريغ أجهزته الخاصة والتي خلت من أي مواد متعلقة بالدعوي، كما إنه في الوقت الذي اكد فيه محضر التحريات علي أن مصادره السرية أكدت أن عمرو سلامة المتهم الثاني هو المسئول عن تجهيز ونشر التحقيقات، فاجأتنا التحقيقات بأن هناك متهم ثالث وهو إسلام الحمصي وتم توجيه نفس الاتهام السابق له، مما يوضح التضارب في التحريات وعدم تطابقها مع الواقع، ويوضح قصورها وعدم جديتها.
ومن جماع ما سبق يتضح لعدلكم بطلان التحريات وعدم الاعتداد بها كدليل لإدانة موكلي لعدم جديتها.
رابعاً :انتفاء الركن المعنوي (القصد الجنائي) لجريمتي التحريض ونشر أسرار عسكرية:-
أن توافر الركن المعنوي (القصد الجنائي) أمر جوهري لقيام الجريمة قانوناً، حيث أن الركن المادي وحده لا يكفي لكي تكتمل أركان الجريمة ويجوز توقيع العقاب عليها، فالماديات التي يتكون منها السلوك لها انعكاس في نفسية الجاني، أي أن هناك علاقة نفسية بين السلوك ونتائجه من ناحية وبين الفاعل الذي صدر عنه السلوك من ناحية آخري والقاعدة انه لا جريمة بدون ركن معنوي، وجوهره القصد الجنائي.
ولكي يقع القصد الجنائي فإنه يجب توافر عنصري العلم والإرادة، والمقصود بالعلم انه لكي يقوم القصد الجنائي يجب أن يكون الفاعل يعلم جيداً بعدم مشروعية فعلته، وبنتائجها.
أما الإرادة فهي التي تعني أن يكون العلم متوافراً والفاعل يريد أن يقوم بالسلوك المضر، وان يقصد من وراءه النتيجة.
وبتطبيق ذلك علي القضية المنظورة أمام عدلكم فإنه لتوافر القصد الجنائي يجب أن يكون المتهم يعلم بأن القانون يجرم فعله ويعلم بأن ما تم إذاعته من بيانات و أخبار هي أٍسراراً عسكرية، وهي بيانات لا زالت تحمل درجة السرية.
فالمعيار كما تعلمون أن ليس كل معلومة سرية، وليس كل معلومة سرية تحتفظ بدرجة سريتها للأبد.
ولما كان المتهم الثاني من المدنين فإنه لا يفترض علمه المسبق بمدي سرية البيانات والمعلومات موضوع الدعوي وبالتالي لا يعلم أن نشرها يعد مجرماً قانوناً (وهذا مع العلم أنتفاء صلة موكلي بالواقعة أساساً)، وعليه فأنه من غير المتصور أن يكون موكلي قد أقدم علي هذا الفعل وهو يعلم انه معاقب عليه قانوناً، وليس أدل من ذلك علي أن الفيديوهات المنشورة علي الشبكة الإلكترونية تعمد ناشرها ألا يظهر فيها أي شئ متعلق بالقوات المسلحة، وإنما كلها كانت تتعلق بأمور تهم المدنين وتخص الشأن العام المصري بشكل عام.
ولما كانت الأخبار المتواترة والرأي العام المصري قد تهيئ مسبقاً لأن السيد القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع علي وشك الترشح للانتخابات الرئاسية برغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك، كان من الطبيعي أن يتعامل معه المتهمين كشخصية عامة، ويعتبروا أن تناوله في وسائل الإعلام لا يعد من قبيل إفشاء أسرار عسكرية، وإنما هو مجرد سبق صحفي.
فكما يعلم عدلكم أن المتهمين هم صحفيين يعملون بالحقل الإعلامي، وإنهم غير ملزمون بموجب قانون الصحافة بالإفصاح عن مصادر معلوماتهم، فكان سعيهم لنشر الفيديوهات ما هو إلا محاولة منهم للقيام بعملهم بشكل جيد.
ولما كانت القوانين المصرية متعددة وهناك أكثر من قانون ينظم المعلومات وتداولها، وعدم وجود قانون موحد للصحافة والمطبوعات، وعدم وجود قانون خاص لتنظيم تداول المعلومات، فإن توافر العلم أمر صعب للغاية بالنسبة لغير المختصين، لهذا كان من الصعب علي موكلي أدارك مدي سرية المواد المنشورة، وإدراك تجريم ذلك الفعل قانوناً.
وما سبق ينطبق علي جريمة الاشتراك عن طريق الاتفاق والتحريض بالحصول علي أسرار عسكرية، حيث أن موكلي لم يحصل من الأساس علي المواد، ومع افتراض عدم علمه بمحتواها، وبسريتها فأن الركن المعنوي ينتفي أيضاً عن تلك الجريمة
ويعتبر القصد الجنائي هو العمود الفقري في القانون الجنائي كله إذ أن الجريمة تقوم علي ركنيين مادي ومعنوي والعناية في الوقت الحاضر في الفقه متجه إلي الركن المعنوي والقصد الجنائي في سبيل هذا الركن.
أن القصد الجنائي بعناصره من علم وإرادة وباعث أحيانا هو نقطة الارتكاز الحقيقية في دراسة نفسية المجرم وبحث جوانب الخير والشر فيه، بمعايير شخصية غير متأثرة بجسامة المظهر المادي للفعل.
فالقتل مثلا فعل تشمئز منه النفس ويوحي الضمير بأنه عمل أجرامي بحت وذلك أذا نظرنا إلي الجانب المادي لكن أذا كانت نفسية القاتل والظروف المحيط بشخصه محل اعتبار فقد لا نري في الفعل جرما مقصود أومتعمد كما لو كان هذا الشخص ضحية خطأ في الواقع يمكن تفاديه فينفي العمد في هذه الحالة لأنه يبحث الجانب النفسي للمجرم أي حالة الشخص ذاته بينما يبقي ثمة مجال لمعاقبته طبقا لصورة الخطأ غير ألعمدي .
و فقاً لما تواترت عليه أحكام محكمة النقض ( وإذا كان الفعل المعاقب عليه كذلك فالجانب المعنوي في الخطأ غير العمدي يتركز في قدرة الشخص علي انعدامه ومعيار التوقيع في هذا الخطأ موضوعي يعتد فيه بقدرة الشخص العادي من نفس الفئة أو الطبقة التي ينتمي أليها الجاني وقد يكون هو ذاته لانخفاض مستوي مداركه عن الشخص العادي فإذا توافرت في الشخص جوهر القصد الجنائي وهو العلم فأنه يؤخذ وان انتفى فأنه لا يكون إثما متعمدا أو هذا ما يبين لنا إن القصد الجنائي هو نقطة الارتكاز الحقيقية وتبدو هذه الحقيقة جلية في الجرائم التي يستلزم القانون فيها باعثا أو غاية خبيثة كنية الإساءة أو الإضرار, فيكون لبواعث الشخص أو غايته الطيبة أثرها في انتفاء القصد الجنائي.
( القصد الجنائي في القانون المصري والمقارن رسالة دكتوراه / عبد المهيمن بكر سالم ص 726 سنه 1959 )
و فقاً لما تم ذكره سابقاً و فقاً لما تواترت عليه أحكام محكمة النقض يتضح للهيئة الموقرة انتفاء الركن المعنوي للجريمة المتمثل في القصد الجنائي للمتهم من نشر أسرار عسكرية.
لــــــــذلك
و من جماع ما سبق ذكره
نلتمس من الهيئة الموقرة الحكم ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه من اتهام.
وكيل المتهم
جمال سيد عبد الراضي
محامي بوحدة الدعم القانوني لحرية التعبير
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان