الخط الساخن : 01118881009
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الأحد (ب)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ فرغلي زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد العال وهاشم النوبي وجلال شاهين وأيمن شعيب نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ مصطفى يوسف
وأمين السر السيد/ رجب علي.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم 23 من جمادى الآخرة سنة 1436هـ الموافق 12من أبريل سنة 2015م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 17527 لسنة 77 القضائية.
المرفوع من:
ضد
ومنهما ضد
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 – …….. 2 – …….. 3 – ……. في قضية الجناية رقم 2348 لسنة 2003 قسم العطارين (المقيدة برقم 38 لسنة 2002 كلي شرق الإسكندرية) بأنهم في الفترة ما بين عامي 1985، 1999 بدائرة قسم العطارين – محافظة الإسكندرية.
المتهم الأول:
1 – بصفته موظفًا عامًا – مدير إدارة خدمات المركز الرئيسي بشركة….. إحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة بنصيب – استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ 357102 جنيه (ثلاثمائة وسبعة وخمسون ألف ومائة واثنان جنيه) والمملوكة لجهة عمله على النحو المبين بالأوراق وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير محررات واستعمالها ارتباطًا لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ارتكب واشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثاني والثالث في تزوير 184 فاتورة صرف منسوب صدورها لمعامل فوتو كلاسيك للتصوير وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة في صورة واقعة صحيحة وذلك بأن اتفق معهما على ارتكابها وساعدهما في ذلك بأن أمدهما باسم المعمل سالف الذكر فقام الثاني بطباعة الفواتير وقام الثالث بتزوير خاتم نسبه زورًا لذات المعمل وقام الأول بتضمين الفواتير بالبيانات المزورة ومهرها ببصمة الخاتم المزورة وذيلها بتوقيعات نسبها زورًا لرئيس مجلس إدارة الشركة جهة عمله فوقعت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة، واستعمل المتهم الأول المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن احتج بها لدى جهة عمله ولأعمال آثارها في الاستيلاء على المبلغ محل الاتهام.
2 – بصفته سالفة الذكر أضر عمدًا بأموال الجهة التي يعمل بها بأن ارتكب وقائع الاتهام المبينة بالوصف السابق مما أضاع على جهة عمله قيمة المبالغ المستولى عليها على النحو المبين بالأوراق.
المتهمان الثاني والثالث:
اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين موضوع البند أولاً على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للأول والثالث وغيابيًا للثاني في 29 من نوفمبر سنة 2006 عملاً بالمادة 214 مكررًا/ 1، 2 من قانون العقوبات، بعد أن استبعدت جريمتي استيلاء المتهمين بغير حق على أموال إحدى الشركات المساهمة والإضرار به بالقضاء ببراءة الطاعن والمحكوم عليهما منهما وتعديل الوصف بالنسبة لما نسب إلى المتهم الأول إلى أنه في الفترة من فبراير سنة 1997، إلى 11/ 9/ 1999 بدائرة قسم العطارين محافظة الإسكندرية ارتكب تزويرًا في محررات رسمية….. التي تساهم الدولة في رأسمالها بنصيب وكان ذلك بوضع إمضاءات مزورة بأن وضع عليها – 184 فاتورة – توقيعات باعتمادها نسبها زورًا لرئيس مجلس إدارتها محمد على الغيطاني واستعملها بأن قدمها لإدارة المراجعة بها لصرف قيمتها على النحو المبين بالتحقيقات. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول/ …….. بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن تزويره توقيع رئيس مجلس إدارة الشركة وبراءته مما عداها وبمصادرة الأوراق المزورة المضبوطة. ثانيًا: ببراءة….. و……. مما نسب إليهما.
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 25 من ديسمبر سنة 2006.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 27 من يناير سنة 2007 موقع عليها من الأستاذ/ …….. المحامي.
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من يناير سنة 2007.
وأودعت مذكرة بأسباب طعن النيابة العامة في ذات التاريخ موقع عليها من رئيس بها.
وبجلسة المحاكمة سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمداولة قانونًا.
من حيث إن كلاً من الطعنين استوفى الشكل المقرر قانونًا.
أولا: الطعن المقدم من المحكوم عليه.
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التزوير في محررات إحدى الشركات المساهمة واستعمالها قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وجاء قاصرًا في التدليل على توافر ركن الضرر وأثبت في موضع منه انتفاء الضرر من الجرائم المسندة للطاعن ثم عاد في موضع آخر وأثبت تحقق الضرر وهو ما ينبئ عن اختلال فكرة الدعوى في عقيدة المحكمة سيما أن المحررات المدعى تزويرها ليست من محررات الشركة المجني عليها، وفضلاً عن ذلك فإن تغيير الحقيقة في تلك المحررات كان بقصد حصول الطاعن على حقه الثابت والمعلوم لدى الشركة، وقضى ببراءته من تهمتي الاستيلاء بغير حق على أموال الشركة والإضرار العمدى بها المرتبطتين بجريمتي التزوير في محرراتها واستعمالها مما كان لازمه القضاء ببراءته من الجريمتين الأخيرتين أيضًا، وأخيرًا فإن المحكمة لم تنبه الطاعن إلى إضافة المادة 214/ 1 2 من قانون العقوبات إلى مواد القيد التي طلبت النيابة العامة معاقبة الطاعن بموجبها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي التزوير في محررات لإحدى الشركات المساهمة واستعمالها اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لوقائع الدعوى ولأدلة الثبوت فيها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها، ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ويشهد لقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد زور توقيع رئيس مجلس إدارة شركة……. على فواتير بما يفيد اعتماد الأخير لها وقدمها لإدارة الحسابات بالشركة لصرف قيمتها، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دانه فيهما، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر ركن الضرر في حقه لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما برئ منه الحكم، إذ أنه عرض لجريمتي الاستيلاء بغير حق على مال إحدى الشركات التي تساهم الدولة بنصيب في مالها والإضرار العمدى به وقضى فيهما بالبراءة استنادًا إلى خلو الأوراق من دليل يقيني على أن هناك ضررًا حقيقيًا لحق بالشركة المجني عليها، وهذا لا يتعارض مع تدليل الحكم على جريمة التزوير في محررات إحدى الشركات المساهمة التي دان الطاعن بها استنادًا إلى ثبوتها في حق الطاعن وإلى توافر ضرر أدبي لحق برئيس مجلس إدارة الشركة المجني عليها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن بدعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس شرطًا لاعتبار التزوير واقعًا في محرر لإحدى شركات المساهمة أن يكون هذا المحرر قد صدر بداءة من أحد المختصين بالشركة، فقد يكون المحرر عرفيًا في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر خاص بالشركة بعد ذلك إذا ما تداخل فيه المختص بتلك الشركة في حدود اختصاصه أو نسب إليه التداخل فاتخذ المحرر الشكل الرسمي ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعًا في محرر لإحدى شركات المساهمة بمجرد أن يكتسب هذه الصفة وتنسحب رسميته إلى ما سبق من إجراءات إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر الرسمي وليس بما كان عليه في أول الأمر، وكان الحكم المطعون فيه أثبت تزوير الطاعن للفواتير موضوع الاتهام ونسب إليه فيها اعتمادها بتوقيعات نسبها زورًا إلى رئيس مجلس إدارة شركة….، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار تلك الفواتير محررات لإحدى شركات المساهمة يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن بأن التزوير في المحررات محل الاتهام كان بقصد الحصول على حقه الثابت والمعلوم إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها فإنه لا ينال من سلامة الحكم إغفال المحكمة له أو عدم التحقيق فيه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن – بفرض صحته – لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الارتباط الذي تتأثر به المسئولية عن الجريمة ذات الوصف الأخف طبقًا للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات ينظر إليه عند الحكم في الجريمة ذات الوصف الأشد دون البراءة لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها العقاب الأشد لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتًا ونفيًا. لما كان ذلك، فإنه لا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم – ولو كانت جناية – كما هو الشأن في خصوص الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيًا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقًا صحيحًا دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دامت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، دون أن تضيف المحكمة إليه شيئًا، وكان مرد التعديل هو استبعاد جريمتي استيلاء الطاعن بغير حق على أموال إحدى الشركات المساهمة والإضرار به بالقضاء ببراءة الطاعن منهما دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مغايرة أو إضافة عنصر جديد أو مواد جديدة للمواد التي طلبت النيابة العامة معاقبة الطاعن بها، فإن ذلك لا يقتضي تنبيه الدفاع ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
ثانيًا: الطعن المقدم من النيابة العامة.
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده الأول من جريمتي الاستيلاء بغير حق على أموال إحدى الشركات التي تساهم الدولة فيها بنصيب والإضرار العمدي به، وقضى أيضًا ببراءة المطعون ضدهما الثاني والثالث من جريمة الاشتراك مع المطعون ضده الأول في الجريمة الأولى قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه نزع وصف الاعتراف عن أقوال المطعون ضده الأول بتحقيقات النيابة العامة دون أن يطرح ذلك الاعتراف على بساط البحث سيما وأن أقواله انصرفت إلى قيامه بالاستيلاء على جزء من مال الشركة بغير حق، واستند الحكم في قضائه بالبراءة إلى القول بخلو الأوراق من دليل فني على استيلاء المطعون ضده الأول على مال الشركة بغير حق دون أن يعرض لدلالة التقرير الفني المقدم من الخبير……. الذي انتدبته النيابة العامة ولم يرد عليه، وذهب الحكم إلى أنه لا يوجد معمل تصوير يحمل ذات الاسم الذي استعمله المطعون ضده الأول مع أن الثابت بالأوراق وجود ذلك المعمل وتوقف نشاطه، كما انتهى إلى نفي الضرر عن ذلك المعمل في حين أن هناك ضررًا حقيقيًا وقع على الشركة المجني عليها، وأخيرًا فإن قضاء الحكم خطأ ببراءة المطعون ضده الأول جزه إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما الثاني والثالث، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الاتهام جميعها بما في ذلك الدليل المستمد من اعتراف المطعون ضده الأول في تحقيقات النيابة العامة انتهى إلى تقرير البيان الذي عول عليه في قضائه ببراءة المطعون ضدهم أخذًا بما ارتاحت إليه المحكمة من هذه الأدلة في قوله: “وحيث إنه ولما كان ذلك وكانت جريمة الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الشركات التي تساهم الدولة في رأسمالها بنصيب المؤثمة بالمادتين 113/ 1، 2، 119/ ز كما هي معرفة قانونًا تقوم باستيلاء الموظف على مال لها بغير حق بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وبقصد إضاعته على ربه. ولما كان ذلك، وكان ما قام به القائمون بالجرد والمسئولون بالتحقيقات قد وقفت أقوالهم على تحديد ما حصل عليه المتهم الأول من الشركة المبينة بالفواتير التي تم حصرها وهي على قولهم مقابل أعمال أداها بالفعل من تصوير وغيره بتكليفات صحيحة صادرة من رؤسائه وقعدوا جميعًا عن تقدير قيمة تلك الأعمال والتي انفرد بتقديرها المتهم في الفواتير المقدمة وخلت الأوراق من دليل يقيني على تحصله على أكثر من المستحق له ثمنًا لمشترياته وأجرًا له وأجر سفر مبيت وعلى نحو ما قرر…… مدير عام التفتيش المالي والإداري بالشركة إبان الواقعة ومكتشفها بجلسة المحاكمة من أن المتهم كان يصور مواقع الشركة من….. إلى…. وكان يسافر أحيانًا بالطائرة على حسابه وفي غير عمله المحدد بالشركة ولم يكن يصرف له مقابل، وإذا كان ذلك وكانت الشركة قد أعدمت أعمال المتهم في التصوير حسبما قرر…… الخبير من مكتب خبراء وزارة العدل وعضو اللجنة التي فحصت أعمال المتهم فبات متعذرًا تقدير قيمة ما استحق له عن عمل بات القول بتحصله على مبالغ من الشركة بغير حق دليلاً يقينيًا ولا ينال من ذلك ما قال به من سئل بالتحقيقات من محامي الشركة وأعضاء اللجان والضابط مجري التحريات النقيب….. فكلها استنتاجات تفتقر لمقدمات صحيحة تؤدي إليها وتحملها كنتيجة محققة أكيدة وكان ما زعمته النيابة العامة اعترافًا من المتهم لا يتفق وصحيح ما قال به في التحقيقات في أن ما حصل عليه يمثل ثمن ما اشتراه مضافًا إليه ما استحق له من أجر قدره مرة بعشرة في المائة وأخرى بعشرين في المائة وجلى أن ليس في ذلك اعترافًا باستيلائه بغير حق على مال الشركة وإذا كان ذلك وكان البين أن المسألة الجنائية لا تقوم على محض الظن والتخمين كما لا تقوم جريمة الإضرار العمدى المؤثمة بالمادة 116 مكررًا من قانون العقوبات إلا بتوافر الإضرار بالمال والمصالح المعهودة إلى الموظف وانصراف إرادته إلى ذلك ويشترط في الإضرار العمدى هذا أن يكون محققًا حالاً ومؤكدًا وأن يكون ثابتًا وعلى وجه اليقين فإن كل مبناه الاحتمال ولو ترجح انتفت الجريمة وإذ كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت على نحو ما أسلفت المحكمة من دليل يقيني على استيلاء المتهم بغير حق على مال الشركة انتفى تبعًا الإضرار العمدي بما لها فتقضى المحكمة لهذا ولذاك ببراءة المتهم الأول من تهمتي الاستيلاء بغير حق على مال الشركة والإضرار العمدي بما لها، وحيث إنه عن التزوير المنسوب للمتهم الأول وإذا كانت الفاتورة المعنونة…….. للتصوير المقدمة منه ورقة عرفية لا تقوم جريمة التزوير فيها على محض تغيير الحقيقة في محرر له صفة المستند في الظاهر بطريق من الطرق التي نص عليها الشارع في المادة 211 من قانون العقوبات بل يلزم لقيامها فوق القصد الجنائي فيها توافر الضرر سيان من نسبت له أو غيره وإذا كان ذلك وكان من نسبت له معدومًا فلا وجود لمعمل تصوير بهذا الاسم وكان لا ضرر ولا ضرار لمعدوم كما لم يلحق ضررًا بالشركة المقدمة لها تلك الفواتير يقيني محقق الوقوع على نحو ما أوضحت المحكمة فيما أسلفت الجريمة تبعًا”. لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل آخر، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد واقعة الدعوى على ما يبين من مدوناته على نحو يبين منه أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام بما في ذلك الدليل المستمد من اعتراف المطعون ضده الأول بعد أن أفصحت عن عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت للأسباب السائغة التي أوردها والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلصت عليها، لما كان ذلك فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه من سكوته عن مناقشة اعتراف المطعون ضده الأول لا يكون له محل؛ ذلك أن البين من عبارات الحكم أن المحكمة لم تطمئن إلى ذلك الاعتراف باعتباره لا ينبئ بذاته عن مقارفة المطعون ضده الأول للجريمتين اللتين قضى ببراءته منهما، كما أنه لا محل لما تنعاه النيابة العامة على الحكم من عدم تعرضه لدلالة التقرير المقدم من الخبير……. لما هو مقرر كذلك من أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمنًا أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم، ولا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أنه أقيم على دعامات أخرى تكفي وحدها لحمله، ومن ثم فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق – بفرض صحته – يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
وسوم : احكام نقض