جلسة 28 من ديسمبر سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عيد سالم، منصور القاضى، مصطفى حسان ومحمد عبد الحليم نواب رئيس المحكمة.
(114)
الطعن رقم 15220 لسنة 75 القضائية
(1) تعذيب. محكمة النقض”. نظرها موضوع الدعوى”.
التعذيبات البدنية. عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها. تقدير توافرها. موضوعى.
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه؟
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى جريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف.
(2) ظروف مخففة. عقوبة ” توقيعها “. محكمة الجنايات ” نظرها الدعوى والحكم فيها “. محكمة النقض ” سلطتها ” ” نظرها موضوع الدعوى”.
إعمال محكمة الجنايات المادة 17 عقوبات فى حق المتهم. يوجب على محكمة النقض إعمالها. علة ذلك ؟
1 – من المقرر أن القانون لم يعرف التعذيبات البدنية ولم يشترط لها درجة معينة من الجسامة ولا يلزم أن تؤدى إلى إصابة المجنى عليه والأمر فى ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى كما أنه من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
ومن حيث إن المحكمة ترى فى مجموع الأدلة التى سبق إيرادها واطمأنت إليها ما يكفى لتكوين عقيدتها بأن المتهم وهو موظف عام (معاون مباحث…..) قام بتعذيب المجنى عليه بأن تعدى عليه ضربًا بيده وركلاً بقدمه وكان ذلك بقصد حمله على الاعتراف بالاتهام المنسوب إليه فى المحاضر أرقام…..،…..،….. لسنة….. جنح….. و…..،….. لسنة….. جنح….. فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى ومناظرة النيابة للمجنى عليه فى المحضر رقم….. لسنة….. جنح…..، ولا ترى فى إنكار المتهم وما أثاره من دفاع ما يؤثر فى سلامة معتقدها فى هذا الشأن.
2 – لما كانت محكمة الجنايات عاملت المتهم بالرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات فقد بات حق له فى تطبيقها لا مناص من إعماله لتعلقه بالعقوبة المقضى بها عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضى ببراءته بأنه: بصفته موظفًا عامًا (معاون مباحث….) عذب المجنى عليه…. والمتهم فى القضايا أرقام….،….، ….لسنة…. جنح….،….. لسنة….. جنح…..،…. لسنة….. جنح….. وذلك لحمله على الاعتراف بارتكابها بأن أوصل مصدر كهربائى ذو سطح محدود إلى جسمه مما أحدث اختلالاً للتردد الطبيعى لنبضات قلبه وما تسبب فيه من توقف لعضلة القلب وما أعقبه من توقف بالدورة الدموية والتنفسية مما أدى إلى الوفاة على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالتحقيقات والذى أثبت أيضًا تعديه عليه بالضرب مستخدمًا فى ذلك كرباجًا فأحدث به الإصابات الواردة بالتقرير سالف البيان على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات….. لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والدا المجنى عليه…..،….. مدنيًا قبل المتهم بمبلغ مليون جنيه تعويض مدنى نهائى. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا فى….. من….. سنة….. وعملاً بالمادة 126 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن خمس سنوات وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت فى….. من….. سنة….. بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات…..0 لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى.
وادعى ورثة المجنى عليه مدنيًا قبل المتهم بمبلغ ألفى وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 126 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وفى الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدى للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ ألفى وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ….. المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ” للمرة الثانية “……… إلخ.
وبجلسة….. من….. سنة….. قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة…… لنظر الموضوع.
المحكمة
من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصته المحكمة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة وحسبما استقر فى يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل فى أن المجنى عليه/ ………. كان قد اتهم فى القضايا أرقام…..،…..،…. لسنة…. جنح…..،….. لسنة….. جنح….. التى حررها المتهم/ ….. معاون مباحث قسم….. وأجرى تحرياته فيها وقد قام بالقبض على المجنى عليه صباح يوم….. من….. سنة….. واحتجزه بقسم….. حتى وفاته بتاريخ…. من….. سنة….. وقام بتعذيبه بأن اعتدى عليه بالضرب بيديه وقدميه فى مواضع مختلفة من جسمه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى وذلك بقصد حمله على الاعتراف بجرائم السرقة وإخفاء المسروقات موضوع القضايا سالفة البيان.
ومن حيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد صحت لدى المحكمة إسنادًا وثبوتًا فى حق المتهم بما شهد به كل من….. و… و…. و…. و… و…. و….. و….. وما جاء بأقوال الملازم أول….. ومن تقريرى الطب الشرعى وما ثبت من مناظرة النيابة العامة للمجنى عليه فى القضية رقم….. لسنة….. جنح….. فقد شهد المجنى عليه….. بتحقيقات النيابة العامة فى المحضر رقم…..0 لسنة….. جنح…. بأن المتهم………. ضابط المباحث بقسم….. اعتدى عليه بالضرب بيدية وقدميه بقصد حمله على الاعتراف بارتكابه وقائع السرقات فى تلك القضية والقضايا الأخرى التى نسب إليه الاتهام فيها.
وشهد………. أنه قد تم القبض على نجله المجنى عليه الساعة الواحدة والنصف صباح يوم….. من….. سنة….. وعند عرض نجله المذكور على مستشفى…..00 بعد أن ساءت حالته الصحية تقابل معه وأخبره أنه تم الاعتداء عليه بقسم الشرطة خلال احتجازه به وأن المتهم هو الذى اعتدى عليه.
وشهد…… أنه كان محبوسًا بحجز قسم….. على ذمة إحدى القضايا وأن المجنى عليه كان برفقته فى ذات الحجز وكان يتمتع بصحة جيدة غير أن حالته الصحية بدأت تسوء بعد تكرار عرضه على المباحث ليلاً وعودته فى حالة إعياء شديدة من شدة التعدى عليه حتى أصبح غير قادر على الوقوف وأضاف أنه كان يسمع صراخ المجنى عليه من التعذيب أثناء تواجده بوحدة المباحث ولدى عودته كان يشاهد به إصابات من جراء التعدى عليه.
وشهد………. بمضمون ما شهد به الشاهد السابق وأضاف أنه استفسر من المتواجدين بالحجز عن سبب سوء حالة المجنى عليه بعد عودته من وحدة المباحث أخبروه بأن ذلك بسبب شدة التعدى عليه فى غرفة بوحدة المباحث يطلق عليها (الثلاجة) وهى التى يتم فيها تعذيب المحجوزين.
وشهد الطبيب….. مفتش صحة….. بأن المجنى عليه عرض عليه يوم….. من….. سنة….. رفقة شخصين قررا له أنهما من رجال المباحث وأن المجنى عليه كان مكبلاً بالقيود الحديدية فى يديه وقدميه وعندما طلب فك تلك القيود رفضا وطلبا منه عدم إثبات الإصابات التى كانت بظهر المجنى عليه بدعوى أنه اصطنعها بنفسه.
وشهدت الطبيبة….. مفتشه صحة مكتب….. بأنها قد وقعت الكشف الطبى على المجنى عليه بتاريخ….. من….. سنة….. ووجدت به إصابات عديدة بعموم جسده وأنها أثبتت ضرورة علاجه بالمستشفى لسوء حالته الصحية بسبب تلك الإصابات.
وشهد……. أمين الشرطة بقسم….. أنه عرض المجنى عليه ثلاث مرات على النيابة العامة بتكليف من رؤسائه وأنه عندما عرضه أول مرة على نيابة…… كانت حالته جيدة غير أن حالته بدأت تسوء فى المرات التالية.
وشهد الطبيب الشرعى………. كما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه أنه ذو بنيان عضلى متناسق ولم توجد به آثار هزال أو نهوكه مع وجود إصابات متعددة ومنتشرة بالجسم وأن بعض تلك الإصابات حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة وتشير التطورات إلى حدوث ذلك خلال فترة زمنية معاصرة لفترة حجزه وأن آثار تلك الإصابات تشير إلى حدوث تكرار للتعدى عليه.
وشهد الملازم أول….. أن المجنى عليه أُحضر إلى حجز قسم….. بمعرفة وحدة المباحث وكانت حالته الصحية عند حضوره جيدة ثم ساءت بعد ذلك وأن المتهم هو المحرر للمحاضر التى كان محجوزًا على ذمتها وأنه استلم المجنى عليه يوم…. من….. سنة….. لعرضه عن مفتش الصحة بناء على أمر النيابة العامة بذلك.
وثبت من مناظرة النيابة العامة للمجنى عليه فى القضية رقم….. لسنة….. جنح….. وجود إصابات به عبارة عن جرح سطحى بفروة الرأس وآخر بالساق اليمنى وبعض الإصابات بالقدم والساق اليسرى وإصابات باليد اليمنى وكدمة بها وقد أرجع المجنى عليه تلك الإصابات لتعدى المتهم عليه بالضرب لحمله على الاعتراف بقضايا لم يرتكبها.
وقد ثبت من مطالعة صور المحاضر أرقام….. لسنة….. جنح….. و….. لسنة….. جنح….. و….. لسنة….. جنح….. و….. لسنة….. جنح….. و….. لسنة….. جنح….. أن المتهم هو المحرر لها جميعًا وأثبت فيها ضبط….. الذى أقر له بارتكاب واقعة السرقة فى كل منها وأنه باع متحصلات السرقة للمجنى عليه الذى كان يعلم أنها متحصلة عن سرقة وأثبت أيضًا استدعاء المجنى عليه فأقر له بشراءه المسروقات.
ومن حيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه بالتحقيق الابتدائى وصمم على إنكاره بجلسة المحاكمة، والدفاع الحاضر معه شرح ظروف الدعوى وشكك فى أدلة الثبوت والتمس براءته مما أسند إليه.
ومن حيث إنه من المقرر أن القانون لم يعرف التعذيبات البدنية ولم يشترط لها درجة معينة من الجسامة ولا يلزم أن تؤدى إلى إصابة المجنى عليه والأمر فى ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى كما أنه من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
ومن حيث إن المحكمة ترى فى مجموع الأدلة التى سبق إيرادها واطمأنت إليها ما يكفى لتكوين عقيدتها بأن المتهم وهو موظف عام (معاون مباحث…..) قام بتعذيب المجنى عليه بأن تعدى عليه ضربًا بيده وركلاً بقدمه وكان ذلك بقصد حمله على الاعتراف بالاتهام المنسوب إليه فى المحاضر أرقام…..،…..،….. لسنة….. جنح….. و…..،….. لسنة….. جنح….. فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى ومناظرة النيابة للمجنى عليه فى المحضر رقم….. لسنة….. جنح…..، ولا ترى فى إنكار المتهم وما أثاره من دفاع ما يؤثر فى سلامة معتقدها فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإنه يكون قد ثبت لهذه المحكمة أن المتهم:….. خلال الفترة من….. من….. سنة….. وحتى…. من….. سنة….. بدائرة قسم…..عذب المجنى عليه….. المتهم فى القضايا أرقام…..،…..،….. لسنة….. جنح….. و…… و….. لسنة….. جنح….. وذلك لحمله على الاعتراف بارتكاب الوقائع المنسوبة إليه فيها الأمر الذى يتعين معه عقابه عملاً بالمادتين 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية و 126/ 1 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه وقد عاملت محكمة الجنايات المتهم بالرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات فقد بات حق له فى تطبيقها لا مناص من إعماله لتعلقه بالعقوبة المقضى بها عليه، على النحو المبين بمنطوق هذا الحكم.