الخط الساخن : 01118881009
جلسة 3 من يناير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فرحان بطران، عبد التواب أبو طالب، محمد سعيد ومحمد متولي عامر نواب رئيس المحكمة.
(4)
الطعن رقم 71915 لسنة 75 القضائية
(1) إعدام. نيابة عامة. نقض ” التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده “.
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام أو تجاوز ميعاد تقديمها. لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة. مؤداه: وجوب الحكم بقبول عرض النيابة.
(2) إثبات ” شهود “. استدلالات. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل “. حكم ” ما يعيبه في نطاق التدليل ” ” تسبيبه. تسبيب معيب “. قتل عمد.
الشهادة في الأصل. هي إخبار الشخص بما يكون رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه بحواسه.
الشهادة السمعية. لا تكفي بمجردها للأخذ بها دليلاً قطعيًا على الواقعة المراد إثباتها.
اتخاذ الحكم المطعون فيه من شهادة الشاهدين التسامعية بمفردها دليلٌ على قيام جريمة قتل بالسم مع سبق الإصرار والترصد وإسنادها للطاعنة وإدانتها بها. قصور. لا يغير منه استناده إلى تحريات الشرطة. علة ذلك ؟
استناد القاضي في المواد الجنائية في ثبوت الحقائق القانونية إنما يكون إلى الدليل الذي يقتنع به وحده دون رأي غيره.
التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت الجريمة. مناط تعويل المحكمة عليها ؟
عدم جواز ابتناء الحكم على رأي مجري التحريات وحده. علة ذلك ؟
مثال.
(3) قتل عمد. جريمة ” أركانها “. قصد جنائي. حكم ” تسبيبه. تسبيب معيب “. نقض ” أسباب الطعن. ما يقبل منها “.
جناية القتل العمد. تميزها بقصد خاص هو نية إزهاق روح المجني عليه واختلافه عن القصد العام المتطلب في سائر الجرائم. وجوب تحدث الحكم عنه استقلالاً أو استظهاره بإيراد الأدلة عليه وإرجاعها إلى أصولها في الدعوى أو بالإحالة إلى ما سبق بيانه عنها بالحكم. تحدث الحكم عن وضع الطاعنة السم للمجني عليه. عدم كفايته لثبوت نية القتل لديها. علة ذلك؟
وضع الطاعنة السم للمجني عليه بكوب الشاي. لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل لديها. علة ذلك؟
مثال لتسبيب معيب للتدليل على توافر نية القتل بالسم.
1 – لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة المحكوم فيها حضوريًا على الطاعنة بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها، دون إثبات تاريخ تقديمها للتثبت من مراعاة حصول العرض في الميعاد المقرر قانونًا، إلا أن تجاوز هذا الميعاد – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة. ومن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
2 – لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعات الدعوى ونسبتها إلى الطاعنة في قوله: – ” تخلص الواقعة فيما أبلغ به الرائد …… رئيس مباحث مركز شرطة …… بوجود حالة وفاة المجني عليه ….. بأنه قد قُتل عمدًا واتهام زوجته المدعوة …… بقتله حيث تبين من الكشف الطبي الظاهري على جثة المتوفى لا يوجد بها أي إصابات ظاهرية وبانتقال ضابط المباحث سالف الذكر إلى مكان الواقعة وتقابله مع أهلية ” شقيقي ” المتوفى إلى رحمة الله قررا أنهما يتهمان زوجة شقيقهما المدعوة …….. بالتسبب في وفاته وذلك نظرًا لوجود خلافات بينهما مستمرة لا تنقطع وذلك بسبب سلوكها السيء وارتدائها لملابس خليعة عند خروجها وسمعتها السيئة وكان المجني عليه دائما يشكو منها لأشقائه حيث خروجها المستمر من منزل الزوجية وكانت زوجته دائمًا تستفسر منهما عما إذا كان – على افتراض أن زوجها قد بنى لها منزلاً جديدًا وتوفي فجأة – هل من حقها أن تتزوج مرة أخرى في نفس منزل زوجها المتوفى وحيث قررت المتهمة …….. بالتحقيقات بعدم ارتكابها لواقعة قتل زوجها المجني عليه وأفادت بأنها كانت على خلافات مستمرة معه وأنه أثناء عودته من عمله وكانت الساعة الخامسة قبل صلاة المغرب بتاريخ …… قام بالصلاة وقامت بتحضير الطعام له وقاموا جميعًا بتناوله هي وأولادها وجلسوا يتحدثون بعد تناولهم الطعام وقامت هي بعمل كوب شاي له وهي التي أعدته وبعد ذلك ببرهة بدأ يتألم من شدة الألم الذي فاجأته مباشرة وتوفي عقب ذلك …… واستدل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة من أقوال الشاهدين …… و….. اللذين قررا أنه تناهى لعلمهما وفاة شقيقهما إثر تناوله كوب من الشاي أعدته له زوجته المتهمة …… وأنهما يتهمانها بقتله لوجود خلافات مستمرة بينها وبين المجني عليه لسوء سلوكها وأقوال النقيب ……. معاون مباحث مركز …… والذي قرر أن تحرياته أفادت بصحة الواقعة وأن زوجة المجني عليه دست له السم للتخلص منه لسوء سلوكها “. لما كان ذلك، وكانت الشهادة في الأصل هي إخبار الشخص بما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، وكان البين من استعراض الحكم لأقوال الشاهدين المار ذكرهما – على السياق المتقدم – أنهما لم يكونا معاصرين لواقعة دس المتهمة السم للمجني عليه بكوب الشاي والظروف التي أحاطت بتلك الواقعة وأن شهادتهما لم تنصب عليها بما يكون قد رأياه أو سمعاه بأنفسهما أو أدركاه بحاسة من حواسهما، فهي بذلك شهادة تسامعية، ولا تكفي بمجردها للأخذ بها باعتبارها دليلاً قاطعًا على الواقعة المراد إثباتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من شهادة الشاهدين التسامعية بمفردها دليلاً على قيام جريمة قتل المجني عليه بالسم مع سبق الإصرار وإسنادها للطاعنة وإدانتها بها وهو استدلال قاصر ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من ثبوت جريمة القتل بالسم في حق الطاعنة، ولا يغير من ذلك استناد الحكم إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها من أن الطاعنة قتلت زوجها – المجني عليه – بدس السم له في طعامه،ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده. ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأي غيره وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت الجريمة ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنة لجريمة القتل بالسم رأي محرر محضر التحريات، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحرياته لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، فإن تدليل الحكم يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه بما يعيبه ويوجب نقضه.
3 – من المقرر أن جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وألا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها، إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل بقوله: – ” وحيث إنه عن نية القتل والتي قوامها هو ارتكاب المتهمة أو المتهم لماديات الجريمة بنية إزهاق روح المجني عليه ……… وقد توافر الدليل على ثبوتها في حق المتهمة من إعدادها لمادة ” الكارباماتي ” – مبيد حشري سام – والتي أودت بحياة المجني عليه زوجها وإزهاق روحه. ومن ثم فقد توافر في حق المتهمة نية القتل، إذ أرادت إزهاق روح المجني عليه فقامت بتنفيذ جريمة القتل، الأمر الذي يشكل دليلاً مقنعًا على أن المتهمة قارفت تلك الأفعال بنية إزهاق روح المجني عليه وقد تحقق لها قصدها الإجرامي بوفاته مباشرة بتجرع الكوب المملوء بالشاي المسموم “. ولما كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة من أنها أعدت المادة السامة وقدمتها في كوب الشاي للمجني عليه الذي تجرعه وتوفي بعد ذلك مباشرة لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته الطاعنة، ذلك أن وضع السم للمجني عليه بكوب الشاي لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعنة، إذ لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجانية لاحتمال ألا تتجاوز نيتها في هذه الحالة مجرد الإصابة، فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل لا يبلغ حد الكفاية، بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب، مما يبطله ويوجب نقضه والإعادة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها قتلت …… عمدًا مع سبق الإصرار بجوهر يتسبب عنه الموت عاجلاً ” مبيد حشري ” بأن انتوت قتله فأعدت لذلك مبيدًا حشريًا دسّته في طعامه وما إن تناوله حتى حدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وأحالتها إلى محكمة جنايات ….. لمعاقبتها طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي. وبجلسة ……. قضت حضوريًا عملاً بالمادتين 231، 233 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة …….. بالإعدام شنقًا وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ….. إلخ.
وعرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة المحكوم فيها حضوريًا على الطاعنة بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها، دون إثبات تاريخ تقديمها للتثبت من مراعاة حصول العرض في الميعاد المقرر قانونًا، إلا أن تجاوز هذا الميعاد – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة. ومن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة القتل العمد بالسم مع سبق الإصرار، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم قد عول في استدلاله على ثبوت واقعة القتل بالسم في حق الطاعنة على أقوال الشاهدين …… و…… برغم أن شهادتيهما تسامعية، إذ لم يكن كلاهما شاهدًا على تلك الواقعة وقت حصولها أو معاصرًا للظروف التي أحاطت بها، بما لا يصح الأخذ بها، لأن مبناها الظن وليس اليقين، كما جاء قاصرًا في بيان نية القتل، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعات الدعوى ونسبتها إلى الطاعنة في قوله: – ” تخلص الواقعة فيما أبلغ به الرائد ….. رئيس مباحث مركز شرطة …… بوجود حالة وفاة المجني عليه ….. بأنه قد قُتل عمدًا واتهام زوجته المدعوة …… بقتله حيث تبين من الكشف الطبي الظاهري على جثة المتوفى لا يوجد بها أي إصابات ظاهرية وبانتقال ضابط المباحث سالف الذكر إلى مكان الواقعة وتقابله مع أهلية ” شقيقي ” المتوفى إلى رحمة الله قررا أنهما يتهمان زوجة شقيقهما المدعوة …….. بالتسبب في وفاته وذلك نظرًا لوجود خلافات بينهما مستمرة لا تنقطع وذلك بسبب سلوكها السيء وارتدائها لملابس خليعة عند خروجها وسمعتها السيئة وكان المجني عليه دائما يشكو منها لأشقائه حيث خروجها المستمر من منزل الزوجية وكانت زوجته دائمًا تستفسر منهما عما إذا كان – على افتراض أن زوجها قد بنى لها منزلاً جديدًا وتوفي فجأة – هل من حقها أن تتزوج مرة أخرى في نفس منزل زوجها المتوفى وحيث قررت المتهمة ……. بالتحقيقات بعدم ارتكابها لواقعة قتل زوجها المجني عليه وأفادت بأنها كانت على خلافات مستمرة معه وأنه أثناء عودته من عمله وكانت الساعة الخامسة قبل صلاة المغرب بتاريخ …… قام بالصلاة وقامت بتحضير الطعام له وقاموا جميعًا بتناوله هي وأولادها وجلسوا يتحدثون بعد تناولهم الطعام وقامت هي بعمل كوب شاي له وهي التي أعدته وبعد ذلك ببرهة بدأ يتألم من شدة الألم الذي فاجأته مباشرة وتوفي عقب ذلك …… واستدل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة من أقوال الشاهدين…… و….. اللذين قررا أنه تناهى لعلمهما وفاة شقيقهما إثر تناوله كوب من الشاي أعدته له زوجته المتهمة …… وأنهما يتهمانها بقتله لوجود خلافات مستمرة بينها وبين المجني عليه لسوء سلوكها وأقوال النقيب ……. معاون مباحث مركز …… والذي قرر أن تحرياته أفادت بصحة الواقعة وأن زوجة المجني عليه دست له السم للتخلص منه لسوء سلوكها “. لما كان ذلك، وكانت الشهادة في الأصل هي إخبار الشخص بما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، وكان البين من استعراض الحكم لأقوال الشاهدين المار ذكرهما – على السياق المتقدم – أنهما لم يكونا معاصرين لواقعة دس المتهمة السم للمجني عليه بكوب الشاي والظروف التي أحاطت بتلك الواقعة وأن شهادتهما لم تنصب عليها بما يكون قد رأياه أو سمعاه بأنفسهما أو أدركاه بحاسة من حواسهما، فهي بذلك شهادة تسامعية، ولا تكفي بمجردها للأخذ بها باعتبارها دليلاً قاطعًا على الواقعة المراد إثباتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من شهادة الشاهدين التسامعية بمفردها دليلاً على قيام جريمة قتل المجني عليه بالسم مع سبق الإصرار وإسنادها للطاعنة وإدانتها بها وهو استدلال قاصر ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من ثبوت جريمة القتل بالسم في حق الطاعنة. ولا يغير من ذلك استناد الحكم إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها من أن الطاعنة قتلت زوجها – المجني عليه – بدس السم له في طعامه، ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده. ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأي غيره وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت الجريمة ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنة لجريمة القتل بالسم رأي محرر محضر التحريات، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحرياته لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، فإن تدليل الحكم يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه بما يعيبه ويوجب نقضه. لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وألا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها، إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل بقوله: – ” وحيث إنه عن نية القتل والتي قوامها هو ارتكاب المتهمة أو المتهم لماديات الجريمة بنية إزهاق روح المجني عليه ….. وقد توافر الدليل على ثبوتها في حق المتهمة من إعدادها لمادة ” الكارباماتي ” – مبيد حشري سام – والتي أودت بحياة المجني عليه زوجها وإزهاق روحه. ومن ثم، فقد توافر في حق المتهمة نية القتل، إذ أرادت إزهاق روح المجني عليه فقامت بتنفيذ جريمة القتل، الأمر الذي يشكل دليلاً مقنعًا على أن المتهمة قارفت تلك الأفعال بنية إزهاق روح المجني عليه وقد تحقق لها قصدها الإجرامي بوفاته مباشرة بتجرع الكوب المملوء بالشاي المسموم “. ولما كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة من أنها أعدت المادة السامة وقدمتها في كوب الشاي للمجني عليه الذي تجرعه وتوفي بعد ذلك مباشرة لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته الطاعنة، ذلك أن وضع السم للمجني عليه بكوب الشاي لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعنة، إذ لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجانية لاحتمال ألا تتجاوز نيتها في هذه الحالة مجرد الإصابة، فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل لا يبلغ حد الكفاية، بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب، مما يبطله ويوجب نقضه والإعادة، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وسوم : احكام نقض