جلسة 23 من يناير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى كامل، فتحي حجاب، هاني حنا وعاصم الغايش نواب رئيس المحكمة.
(16)
الطعن رقم 52071 لسنة 74 القضائية
إثبات “بوجه عام”. حكم “بيانات حكم الإدانة” “تسبيبه. تسبيب معيب”. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. نقض “أسباب الطعن. ما يقبل منها” “أثر الطعن”. اتفاق. اشتراك.
الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة لا يحقق غرض الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام.
عدم بيان الحكم الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين واستظهار اشتراكهم مع المحكوم عليه الخامس على فعل التسهيل وعناصره وطريقته والأدلة على قيامه والدليل على اتحاد نيتهم على ارتكاب الفعل المتفق عليه كطريق من طرق الاشتراك ودون بيان الاختصاص الوظيفي لكل منهم وكيف طوعت له الوظيفة تسهيل استيلاء الغير على المال العام رغم تعدد الوقائع المثبتة في الحكم. قصور.
عدم امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه غيابيًا.
مثال.
لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله: “وحيث إن وقائع الدعوى حسبما وقر في يقين المحكمة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن طرفي الجناية الراهنة وهم المتهمون من الأول للرابع من جهة …. وهم موظفون عموميون بإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة اتفقوا مع المتهم الخامس وهو الجهة الأخرى ….. مدير شركة ….. على أن يمنحوا الأخير تسهيلات بنكية بحدود متنوعة بالتجاوز للصلاحيات المقررة لكل منهم وبما يفوق أصول العميل. المتهم الخامس. المستثمرة ودون ضمانات حقيقية وبالمخالفة للقواعد والأعراف المصرفية، وكان من نتيجة هذا الاتفاق وتلك المساعدة حصول المتهم الخامس على ربح ومنفعة من أعمال وظيفة المتهمين وبلغت قيمة التسهيلات 580ر2 مليونين وخمسمائة وثمانين ألف جنيه وقد قصد المتهمون من الأول للرابع تظفير المتهم الخامس بهذا المبلغ بدون وجه حق مما أضر بأموال البنك جهة عمل الموظفين المتهمين وأضاعوا على البنك مبلغ 441000ر3 ثلاثة ملايين وأربعمائة وواحد وأربعين ألف جنيه. وقد بدأت وقائع المشروع الإجرامي المتكامل الأركان حين تقدم المتهم الخامس بناء على اتفاق مسبق مع باقي المتهمين بطلبات للحصول على تسهيلات بنكية وقدم تدعيما لهذه الطلبات عقد إيجار لمخزن كائن بمنطقة …. وثبت من التحقيقات أن المؤجر …. الشاهد السابع لم يقم بتأجيره للمتهم الخامس، كما ثبت من التحقيقات أن المخزن مؤجر لشخص آخر يدعى ….. عميل للبنك أيضًا، كما قدم المتهم الخامس بالإضافة إلى عقد إيجار المخزن الغير حقيقي فاتورتي شراء مزورتين مؤرختين …… منسوب صدورهما للشركة……، …… منسوب صدورها للشركة …… لكي يثبت أنه اشترى بضائع لم يثبت شراؤها على اعتبار أنها ضمان للتسهيلات البنكية التي ستمنح له وقد أمده المتهمون من الأول للرابع بالبيانات اللازمة للفاتورتين لقيمة البضائع المشتراة فقام المتهم ومجهول باصطناع الفاتورتين وتحريرهما على غرار الصحيح منها وقد أثبتت التحقيقات أن رقم السجل التجاري المدون بالفاتورتين غير خاص بالشركة التي ادعى المتهم شراءه البضائع منها وأن رقم السجل التجاري المثبت بالفاتورتين لم يصل إليه التسجيل وإتمامًا للمشروع الإجرامي قام المتهم الرابع أمين المخزن بإثبات فاتورتي الشراء بحافظتي إيداع البضائع رقمي ……، …… مؤرختين ……، …… وأثبت استلامه البضائع المثبتة بالفاتورتين وادعي أنه قام بإيداع البضائع بمخزن المتهم الخامس …… وتغاضى المتهمون موظفو البنك عن معاينة المخزن ومعاينة البضائع كما وأن شركة التأمين المؤمن لديها البضائع لم تقم أيضًا بمعاينة المخزن أو البضائع حسبما قرر الشاهد الثامن …… المحامي بشركة …… للتأمين وأن المعاينة لم تتم اكتفاء بمعاينة البنك التي لم تتم ولأن المخزن والبضائع تحت سيطرة البنك والعميل معا وترتيبا على هذه الإجراءات الصورية والأوراق المزورة قام المتهم الأول والثاني والثالث بمنح العميل …… تسهيلات بنكية بالتجاوز للصلاحيات المقررة حيث إن حدود الصلاحيات المخولة لمدير الفرع تتمثل في مبلغ 400 ألف جنيه بضمان شيكات وكمبيالات ومبلغ مليون جنيه بضمان بضائع ومخزن مغلق إلا أن المتهم الأول تجاوز حدود هذه الصلاحيات ووافق والمتهم الثالث على منح العميل 500 ألف جنيه بضمان إضافي شيكات وكمبيالات كما وافقوا على منح العميل مبلغ 2 مليون جنيه بضمان بضائع مخزن مغلق بالتجاوز عن الصلاحيات المحددة لهم علمًا بأن هذه المنح تفوق أصول العميل المستثمرة وقدرها 6ر1 مليون جنيه وأصدروا له خطاب ضمان قدره مائة ألف جنيه دون ضمانات مقابلة ودون الرجوع إلى السلطة الأعلى وإمعانًا في سلب أموال البنك قام المتهم الخامس بسحب مبلغ 45 جنيه استنادًا إلى حافظة التوريد للبضائع سالفة الذكر مما يؤكد سوء نية المتهمين وبدأت المرحلة الأخيرة من هذه الجرائم حين تقدم المتهم الخامس للمتهم الأول بطلب في …. لنقل المخزن الخاص به من ….. إلى آخر …..، وبدون التأكد من صلاحية المخزن الجديد دون إجراء معاينة للتأكد من أن المخزن الجديد تحت سيطرة المتهم القانونية أو المادية وافق المتهم الأول على النقل بتاريخ …… وتمت الموافقة على النقل وتنفيذًا لهذا النقل قام المتهم الرابع والمتهم الخامس بالتوجه بعد مواعيد العمل الرسمية إلى موقع المركز القديم …… وعلى غير الحقيقة ادعى أمين المخزن أنه لم يقم باستلام المفاتيح الخاصة بالمخزن حيث أثبتت التحريات التي قام بها …… عضو هيئة الرقابة الإدارية أن أمين المخزن كان يحتفظ بها منذ …… ولم يقم بإعادتها منذ ذلك الوقت وقام المتهمان الرابع والخامس بكسر أقفال المخزن دون إتباع أي إجراءات قانونية كإخطار البنك أو شركة التأمين ولم يتم العثور على ثمة بضائع والتي لم يثبت وجودها أصلاً وتم إبلاغ الشرطة وحرر محضر بالواقعة تحت رقم …… لسنة …… إداري شرطة …… أمرت النيابة العامة بقيد الواقعة ضد مجهول وأمرت بحفظها مؤقت لعدم معرفة الفاعل. وبناءً على تكليف النيابة العامة شكلت لجنة ثلاثية برئاسة الشاهد الأول …… كبير المفتشين بالإدارة العامة للرقابة على البنوك وعضوية الشاهدين الثاني …… والشاهد الثالث …… المفتشين بذات الإدارة لفحص التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنك للمتهم الخامس وقد اتضح لهذه اللجنة أن المتهم الأول ولجنة الائتمان المعمول بها وأن المتهمين الأربعة ارتكبوا المخالفات السالف بيانها وعدم التزام لجنة الائتمان المتهمين الأول والثاني والثالث بحدود السلطات الائتمانية المعمول بها وترتب على هذه الإجراءات الغير قانونية والمخالفة للأعراف والقواعد المصرفية إضرار بأموال البنك بلغت 6ر2 مليون جنيه حتى …… بعد تهميش الفوائد من …… وأكدت اللجنة المشكلة أن المخالفات عمدية خاصة وأن المبالغ سحبت في فترة وجيزة وهي حدود شهرين وقد طالب البنك شركة … التأمين بقيمة التأمين على البضائع المؤمن عليها لديه بمخزن العميل …… إلا أن شركة التأمين رفضت طلب البنك لأنه لم يتم إخطار شركة التأمين بقرار نقل البضاعة من المخزن وعدم سريان وثيقة التأمين في هذه الحالة. وبعد أن أورد الحكم ملاحظات النيابة العامة بشأن مديونية شركة المحكوم عليه الخامس لدى البنك وخطاب الضمان الذي تم خصمه بالتجاوز عن الحد المصرح به وعدم صحة فاتورتي شراء البضائع وما أثبته التقرير الفني من ثبوت قيام المتهم الخامس بتحرير إحدى الفاتورتين ومخاطبة البنك مالك العقار الذي يقع به المخزن آنف الذكر بما يفيد علم البنك بأن المخزن مؤجر لآخر وكذا صدور إذن محكمة استئناف …… بكشف سرية حسابات المتهم الخامس وموافقة رئيس مجلس الوزراء على رفع الدعوى ضد المتهمين وكذا أقوال عضو لجنة الائتمان التي تفيد عدم انتظام القيد بسجل تداول المعاينة وسبق مجازاة أمين المخزن (الطاعن الرابع) وسبق قيام الأخير بفتح المخزن بعد مواعيد العمل الرسمية بتعليمات من الطاعن الأول وقيام الأخير بتعديل المذكرة الائتمانية الكمبيالات من المستلم عنها إلى كمبيالات تحت التحصيل وأقوال مدير الائتمان المتضمنة توقيع الطاعن الثالث على مذكرة الائتمان أمامه، أورد أسماء شهود الإثبات التي عول عليها في قضائه بإدانة الطاعنين والمحكوم عليه الخامس، وأورد أقوال رئيس وأعضاء اللجنة المكلفة بفحص التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنك إلى المحكوم عليه الخامس بما مفاده أن الطاعن الأول مدير فرع البنك قد وافق على منح تسهيلات إلى المحكوم عليه الخامس بالتجاوز للصلاحيات المخولة له ودون الرجوع إلى السلطة الأعلى بالبنك وكذا السماح له بنقل البضائع المخزنة كضمان إلى مخزن آخر دون التأكد من صلاحية المخزن الجديد وملكية العميل له وقيام الطاعن الرابع أمين المخزن بكسر أقفال المخزن …… دون استلام مفاتيحه من البنك ودون إخطار إدارة البنك بالمخالفة للقواعد المعمول بها وعدم إخطار شركة التأمين وعدم معاينة المخزن الجديد وكذلك قيام العميل بالتواطؤ مع مسئولي البنك بتقديم فاتورة تفيد توريد بضائع قيمتها 128 ألف جنيه بقصد زيادة الضمان ليسمح له بصرف مبلغ 45 ألف جنيه والتي قام بصرفها فعلاً رغم عدم وجود مستندات تفيد دخول البضائع إلى المخزن، وأن الطاعنين الأول والثالث بالموافقة على إصدار خطاب ضمان خصمًا من حساب البضائع بمبلغ مائة ألف جنيه بالتجاوز عن الحد المصرح به لصالح شخص آخر والتحويل له بالمخالفة للقواعد والأعراف المصرفية، وأن تلك المخالفات عمدية. كما حصل الحكم أقوال الشاهد الرابع عضو هيئة الرقابة الإدارية بأن تحرياته أكدت وجود تواطؤ فيما بين الطاعنين والمحكوم عليه الخامس على تسهيلهم استيلاء الأخير على أموال البنك بأن تقدم المحكوم عليه الخامس بمستندات غير صحيحة فاتورتين شراء بضائع وعقد إيجار مخزن لمسئولي البنك حيث تم منحه مبلغ 5ر2 مليون جنيه بالمخالفة للقواعد المصرفية وأن الاتفاق كان بقصد الحصول من شركة التأمين على مبلغ التأمين بعد الادعاء بسرقة البضائع، كما حصل شهادة مدير إدارة البنك والمشرف على إدارة البضائع بما مفاده عدم إتباع القواعد المنظمة لقبول البضائع كضمان من العميل في واقعة الدعوى، وحصل أقوال موظف مصلحة السجل التجاري بما مفاده عدم صحة فاتورتي شراء البضائع المقدمة من المحكوم عليه الخامس. وحصل أقوال مالك العقار الكائن به المخزن المدعي بسرقته بما مفاده عدم تأجيره للمحكوم عليه الخامس وعلم البنك بذلك وحصل أقوال محامي شركة التأمين وكذا محررة وثيقة التأمين ومدير إدارة الحريق والسطو بشركة التأمين بأنه لم تتم معاينة المخزن والبضائع اكتفاء بمعاينة البنك وعدم إتباع البنك الإجراءات الصحيحة لفتح المخزن ونقل البضائع. لما كان ذلك، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرًا، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام أو الاشتراك فيها بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المحكوم عليه الخامس والتي أشار إليه دون أن يستظهر عناصره وطريقته ولم يبين الأدلة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها إذ إن ما أورده الحكم من تقديم المحكوم عليه الخامس لفاتورتي شراء بضائع وعقد تأجير المخزن لا يفيد بذاته الاتفاق كطريق من طرق الاشتراك التي قال بها الحكم إذ يشترط في ذلك أن تتحد النية على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهو ما لم يدلل الحكم على توافره، كما لم يثبت في حق الطاعنين توافر الاشتراك بأي طريق آخر حدده القانون، ودانهم جميعًا عن تسهيل استيلاء المحكوم عليه الخامس على كافة المبالغ المستولى عليها دون بيان اختصاص كل منهم تحديدًا من واقع التوصيف الوظيفي الخاص به وكيف أن وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال رغم تعدد الوقائع التي أثبتها الحكم في حقهم فجاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم قاصرة في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بيانًا كافيًا يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة فبات معيبًا بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين دون المحكوم عليه الخامس والذي صدر الحكم غيابيًا بالنسبة له فلا يفيد من نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 – …. 2 – ….. 3 – ….. 4 – ….. ” الطاعنين ” 5 – …. بأنهم: المتهمين من الأول حتى الرابع ( أ ): بصفتهم موظفين عموميين ” الأول مدير بنك ….. فرع ….. والثاني المشرف على إدارة البضائع والثالث مدير الاعتمادات وخطابات الضمان والرابع أمين المخزن بالبنك سالف الذكر إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها ” سهلوا للمتهم الخامس الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مبلغ مليونين وخمسمائة وثمانين ألف جنيه والمملوك للبنك جهة عملهم بأن وافق الأول والثاني وآخر مجهول على منح شركة ….. للتجارة والتوكيلات التجارية التي يمثلها المتهم الخامس تسهيلات بحدود متنوعة بالتجاوز للصلاحيات المقررة وبما يفوق أصول العميل المستثمرة ودون ضمانات حقيقية كما وافق الأول والثالث على إصدار خطاب ضمان قدره مائة ألف جنيه دون ضمانات مقابلة وبالمخالفة للقواعد والأعراف المصرفية وأثبت الرابع استلامه وإيداع بضائع وهمية بمخزن المتهم الخامس لدى البنك على خلاف الحقيقة فمكنوه بهذه الحيلة من الاستيلاء على تلك المبالغ وقد ارتبطت هذه الجناية بجريمتي تزوير في محررات واستعمالها ارتباطًا لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر غير المتهم الرابع بقصد التزوير في محررات البنك جهة عمله “إحدى شركات المساهمة التي تساهم فيها الدولة في مالها بنصيب” وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت بحافظتى إيداع البضائع رقمي….. و….. المؤرختين …..، ….. استلامه وإيداعه البضائع مشمولهما بمخزن المتهم الخامس لدى البنك بزعم أنها مقدمة كضمان للحد الممنوح له على خلاف الحقيقة، واشترك المتهمون سالفو الذكر مع المتهم الخامس وآخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محررين عرفيين هما فاتورتا شراء البضائع المؤرختان …….، …… بأن اتفقوا معه على ارتكابها وساعدوه بأن أمدوه ببيانات بقيمة البضائع المطلوب إثباتها فقام الخامس والمجهول باصطناعهما على غرار الصحيح منها واستعمل تلك المحررات المزورة بأن قدمها لإدارة البضائع بالبنك محتجا بما ورد بها ولإعمال أثرها وقام الرابع بإثباتها بسجل البضائع بالبنك. (ب) بصفتهم سالفة الذكر حصلوا للمتهم الخامس بغير حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفتهم بأن منحوه المبالغ موضوع التهمة الأولى في صورة تسهيلات ائتمانية بالمخالفة للقواعد والأعراف المصرفية وبلا صلاحيات وبدون ضمانات حقيقية قاصدين من ذلك تظفيره بها دون حق. (ج) بصفتهم سالفة الذكر أضروا عمدًا بأموال ومصالح جهة عملهم بأن ارتكبوا الجنايتين موضوع الوصفين السابقين مما أضاع على البنك جهة عملهم مبلغًا وقدره ثلاثة ملايين وأربعمائة وواحد وأربعين ألف جنيه قيمة المديونية المستحقة على المتهم الخامس فوائدها بمثل ما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب. المتهم الخامس: ( أ ) اشترك مع المتهمين من الأول إلى الرابع بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجرائم المسندة إليهم آنفًا بأن اتفق معهم على ارتكابها وساعدهم بأن قدم طلبات الحصول على هذه التسهيلات وفاتورتي بضائع مصطنعة لإثبات شرائه هذه البضائع مشمولها كضمان للتسهيلات الممنوحة له على خلاف الحقيقة وقام بسحب تلك المبالغ بدون حق استنادًا إليها فوقعت منهم الجرائم سالفة البيان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ب) ارتكب تزويرًا في محرر عرفي هو فاتورة شراء البضائع المؤرخة …… وذلك بطريق الاصطناع بأن حرر بيانات غير حقيقية بشرائه وسداده قيمة البضائع المدعي تخزينها بمبلغ 168670 جنيه واشترك مع آخر مجهول في تزوير الفاتورة المؤرخة …… بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن أمده بالبيانات اللازمة لتحريرها وجعلها على غرار الصحيح منها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وقام باستعمال هذين المحررين فيما زورا من أجله مع علمه بتزويرهما بأن قدمهما للبنك سالف الذكر للحصول على تسهيلات ائتمانية بضمانها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات…… لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت غيابيًا للخامس وحضوريًا للباقين عملاً بالمواد 40/ ثانيًا وثالثًا، 41/ 1، 113/ 1، 114، 115، 116 مكررًا/ 1، 118، 119، 119 مكررًا/ ﻫ، 211، 214 , 215 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وبعزل الأول والثاني والثالث والرابع من وظيفتهم وألزمتهم متضامنين برد مبلغ … ر441ر3 جنيه للجهة المجني عليها وبتغريمهم مبلغًا مساويًا لهذا المبلغ وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم من الأول حتى الرابع في هذا الحكم بطريق النقض ….. إلخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبط بتزوير المحررات واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام والتربح قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة وجاءت أسبابه عامة ومعماة لا يمكن الوقوف منها على العناصر سالفة الإشارة، فضلاً عن أنه لم يبين كيف أن الطاعنين سهلوا للمتهم الخامس الاستيلاء على المال العام ودور كل منهم تحديدًا ومدى اختصاصه بالأفعال التي نسبها الحكم لكل منهم من واقع التوصيف الوظيفي والمرجع العملي، ولم يدلل على توافر التضامن فيما بينهم جميعًا عن كافة المبالغ المقول بضياعها على البنك ودون أن يستظهر عناصر الاشتراك في حقهم. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله: “وحيث إن وقائع الدعوى حسبما وقر في يقين المحكمة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن طرفي الجناية الراهنة وهم المتهمون من الأول للرابع من جهة …. وهم موظفون عموميون بإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة اتفقوا مع المتهم الخامس وهو الجهة الأخرى ….. مدير شركة ….. على أن يمنحوا الأخير تسهيلات بنكية بحدود متنوعة بالتجاوز للصلاحيات المقررة لكل منهم وبما يفوق أصول العميل – المتهم الخامس – المستثمرة ودون ضمانات حقيقية وبالمخالفة للقواعد والأعراف المصرفية، وكان من نتيجة هذا الاتفاق وتلك المساعدة حصول المتهم الخامس على ربح ومنفعة من أعمال وظيفة المتهمين وبلغت قيمة التسهيلات 580 ر2 مليونين وخمسمائة وثمانين ألف جنيه وقد قصد المتهمون من الأول للرابع تظفير المتهم الخامس بهذا المبلغ بدون وجه حق مما أضر بأموال البنك جهة عمل الموظفين المتهمين وأضاعوا على البنك مبلغ 441000ر3 ثلاثة ملايين وأربعمائة وواحد وأربعين ألف جنيه. وقد بدأت وقائع المشروع الإجرامي المتكامل الأركان حين تقدم المتهم الخامس بناء على اتفاق مسبق مع باقي المتهمين بطلبات للحصول على تسهيلات بنكية وقدم تدعيما لهذه الطلبات عقد إيجار لمخزن كائن بمنطقة …. وثبت من التحقيقات أن المؤجر …. الشاهد السابع لم يقم بتأجيره للمتهم الخامس، كما ثبت من التحقيقات أن المخزن مؤجر لشخص آخر يدعى ….. عميل للبنك أيضًا، كما قدم المتهم الخامس بالإضافة إلى عقد إيجار المخزن الغير حقيقي فاتورتي شراء مزورتين مؤرختين …… منسوب صدورهما للشركة ……، …… منسوب صدورها للشركة …… لكي يثبت أنه اشترى بضائع لم يثبت شراؤها على اعتبار أنها ضمان للتسهيلات البنكية التي ستمنح له وقد أمده المتهمون من الأول للرابع بالبيانات اللازمة للفاتورتين لقيمة البضائع المشتراة فقام المتهم ومجهول باصطناع الفاتورتين وتحريرهما على غرار الصحيح منها وقد أثبتت التحقيقات أن رقم السجل التجاري المدون بالفاتورتين غير خاص بالشركة التي ادعى المتهم شراءه البضائع منها وأن رقم السجل التجاري المثبت بالفاتورتين لم يصل إليه التسجيل وإتمامًا للمشروع الإجرامي قام المتهم الرابع أمين المخزن بإثبات فاتورتي الشراء بحافظتي إيداع البضائع رقمي ……، …… مؤرختين ……، …… وأثبت استلامه البضائع المثبتة بالفاتورتين وادعى أنه قام بإيداع البضائع بمخزن المتهم الخامس …… وتغاضى المتهمون موظفو البنك عن معاينة المخزن ومعاينة البضائع كما وأن شركة التأمين المؤمن لديها البضائع لم تقم أيضًا بمعاينة المخزن أو البضائع حسبما قرر الشاهد الثامن …… المحامي بشركة …… للتأمين وأن المعاينة لم تتم اكتفاء بمعاينة البنك التي لم تتم ولأن المخزن والبضائع تحت سيطرة البنك والعميل معًا وترتيبًا على هذه الإجراءات الصورية والأوراق المزورة قام المتهمون الأول والثاني والثالث بمنح العميل …… تسهيلات بنكية بالتجاوز للصلاحيات المقررة حيث إن حدود الصلاحيات المخولة لمدير الفرع تتمثل في مبلغ 400 ألف جنيه بضمان شيكات وكمبيالات ومبلغ مليون جنيه بضمان بضائع ومخزن مغلق إلا أن المتهم الأول تجاوز حدود هذه الصلاحيات ووافق والمتهم الثالث على منح العميل 500 ألف جنيه بضمان إضافي شيكات وكمبيالات كما وافقوا على منح العميل مبلغ 2 مليون جنيه بضمان بضائع مخزن مغلق بالتجاوز عن الصلاحيات المحددة لهم علمًا بأن هذه المنح تفوق أصول العميل المستثمرة وقدرها 6ر1 مليون جنيه وأصدروا له خطاب ضمان قدره مائة ألف جنيه دون ضمانات مقابلة ودون الرجوع إلى السلطة الأعلى وإمعانًا في سلب أموال البنك قام المتهم الخامس بسحب مبلغ 45 جنيه استنادًا إلى حافظة التوريد للبضائع سالفة الذكر مما يؤكد سوء نية المتهمين وبدأت المرحلة الأخيرة من هذه الجرائم حين تقدم المتهم الخامس للمتهم الأول بطلب في …… لنقل المخزن الخاص به من …… إلى آخر……، وبدون التأكد من صلاحية المخزن الجديد دون إجراء معاينة للتأكد من أن المخزن الجديد تحت سيطرة المتهم القانونية أو المادية وافق المتهم الأول على النقل بتاريخ …… وتمت الموافقة على النقل وتنفيذًا لهذا النقل قام المتهم الرابع والمتهم الخامس بالتوجه بعد مواعيد العمل الرسمية إلى موقع المركز القديم …… وعلى غير الحقيقة ادعى أمين المخزن أنه لم يقم باستلام المفاتيح الخاصة بالمخزن حيث أثبتت التحريات التي قام بها …… عضو هيئة الرقابة الإدارية أن أمين المخزن كان يحتفظ بها منذ …… ولم يقم بإعادتها منذ ذلك الوقت وقام المتهمان الرابع والخامس بكسر أقفال المخزن دون إتباع أي إجراءات قانونية كإخطار البنك أو شركة التأمين ولم يتم العثور على ثمة بضائع والتي لم يثبت وجودها أصلاً وتم إبلاغ الشرطة وحرر محضر بالواقعة تحت رقم …… لسنة …… إداري شرطة …… أمرت النيابة العامة بقيد الواقعة ضد مجهول وأمرت بحفظها مؤقتًا لعدم معرفة الفاعل. وبناءً على تكليف النيابة العامة شكلت لجنة ثلاثية برئاسة الشاهد الأول …… كبير المفتشين بالإدارة العامة للرقابة على البنوك وعضوية الشاهدين الثاني …… والشاهد الثالث …… المفتشين بذات الإدارة لفحص التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنك للمتهم الخامس وقد اتضح لهذه اللجنة أن المتهم الأول ولجنة الائتمان المعمول بها وأن المتهمين الأربعة ارتكبوا المخالفات السالف بيانها وعدم التزام لجنة الائتمان المتهمين الأول والثاني والثالث بحدود السلطات الائتمانية المعمول بها وترتب على هذه الإجراءات الغير قانونية والمخالفة للأعراف والقواعد المصرفية إضرار بأموال البنك بلغت 6ر2 مليون جنيه حتى …… بعد تهميش الفوائد من …… وأكدت اللجنة المشكلة أن المخالفات عمدية خاصة وأن المبالغ سحبت في فترة وجيزة وهي حدود شهرين وقد طالب البنك شركة … التأمين بقيمة التأمين على البضائع المؤمن عليها لديه بمخزن العميل …… إلا أن شركة التأمين رفضت طلب البنك لأنه لم يتم إخطار شركة التأمين بقرار نقل البضاعة من المخزن وعدم سريان وثيقة التأمين في هذه الحالة. وبعد أن أورد الحكم ملاحظات النيابة العامة بشأن مديونية شركة المحكوم عليه الخامس لدى البنك وخطاب الضمان الذي تم خصمه بالتجاوز عن الحد المصرح به وعدم صحة فاتورتي شراء البضائع وما أثبته التقرير الفني من ثبوت قيام المتهم الخامس بتحرير إحدى الفاتورتين ومخاطبة البنك مالك العقار الذي يقع به المخزن آنف الذكر بما يفيد علم البنك بأن المخزن مؤجر لآخر وكذا صدور إذن محكمة استئناف …… بكشف سرية حسابات المتهم الخامس وموافقة رئيس مجلس الوزراء على رفع الدعوى ضد المتهمين وكذا أقوال عضو لجنة الائتمان التي تفيد عدم انتظام القيد بسجل تداول المعاينة وسبق مجازاة أمين المخزن (الطاعن الرابع) وسبق قيام الأخير بفتح المخزن بعد مواعيد العمل الرسمية بتعليمات من الطاعن الأول وقيام الأخير بتعديل المذكرة الائتمانية الكمبيالات من المستلم عنها إلى كمبيالات تحت التحصيل وأقوال مدير الائتمان المتضمنة توقيع الطاعن الثالث على مذكرة الائتمان أمامه، أورد أسماء شهود الإثبات التي عول عليها في قضائه بإدانة الطاعنين والمحكوم عليه الخامس، وأورد أقوال رئيس وأعضاء اللجنة المكلفة بفحص التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنك إلى المحكوم عليه الخامس بما مفاده أن الطاعن الأول مدير فرع البنك قد وافق على منح تسهيلات إلى المحكوم عليه الخامس بالتجاوز للصلاحيات المخولة له ودون الرجوع إلى السلطة الأعلى بالبنك وكذا السماح له بنقل البضائع المخزنة كضمان إلى مخزن آخر دون التأكد من صلاحية المخزن الجديد وملكية العميل له وقيام الطاعن الرابع أمين المخزن بكسر أقفال المخزن …… دون استلام مفاتيحه من البنك ودون إخطار إدارة البنك بالمخالفة للقواعد المعمول بها وعدم إخطار شركة التأمين وعدم معاينة المخزن الجديد وكذلك قيام العميل بالتواطؤ مع مسئولي البنك بتقديم فاتورة تفيد توريد بضائع قيمتها 128 ألف جنيه بقصد زيادة الضمان ليسمح له بصرف مبلغ 45 ألف جنيه والتي قام بصرفها فعلاً رغم عدم وجود مستندات تفيد دخول البضائع إلى المخزن، وأن الطاعنين الأول والثالث بالموافقة على إصدار خطاب ضمان خصمًا من حساب البضائع بمبلغ مائة ألف جنيه بالتجاوز عن الحد المصرح به لصالح شخص آخر والتحويل له بالمخالفة للقواعد والأعراف المصرفية، وأن تلك المخالفات عمدية. كما حصل الحكم أقوال الشاهد الرابع عضو هيئة الرقابة الإدارية بأن تحرياته أكدت وجود تواطؤ فيما بين الطاعنين والمحكوم عليه الخامس على تسهيلهم استيلاء الأخير على أموال البنك بأن تقدم المحكوم عليه الخامس بمستندات غير صحيحة فاتورتين شراء بضائع وعقد إيجار مخزن لمسئولى البنك حيث تم منحه مبلغ 5 ر2 مليون جنيه بالمخالفة للقواعد المصرفية وأن الاتفاق كان بقصد الحصول من شركة التأمين على مبلغ التأمين بعد الادعاء بسرقة البضائع، كما حصل شهادة مدير إدارة البنك والمشرف على إدارة البضائع بما مفاده عدم إتباع القواعد المنظمة لقبول البضائع كضمان من العميل في واقعة الدعوى، وحصل أقوال موظف مصلحة السجل التجاري بما مفاده عدم صحة فاتورتي شراء البضائع المقدمة من المحكوم عليه الخامس، وحصل أقوال مالك العقار الكائن به المخزن المدعي بسرقته بما مفاده عدم تأجيره للمحكوم عليه الخامس وعلم البنك بذلك وحصل أقوال محامي شركة التأمين وكذا محررة وثيقة التأمين ومدير إدارة الحريق والسطو بشركة التأمين بأنه لم تتم معاينة المخزن والبضائع اكتفاء بمعاينة البنك وعدم إتباع البنك الإجراءات الصحيحة لفتح المخزن ونقل البضائع. لما كان ذلك، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرًا، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام أو الاشتراك فيها بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المحكوم عليه الخامس والتي أشار إليه دون أن يستظهر عناصره وطريقته ولم يبين الأدلة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها إذ إن ما أورده الحكم من تقديم المحكوم عليه الخامس لفاتورتي شراء بضائع وعقد تأجير المخزن لا يفيد بذاته الاتفاق كطريق من طرق الاشتراك التي قال بها الحكم إذ يشترط في ذلك أن تتحد النية على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهو ما لم يدلل الحكم على توافره، كما لم يثبت في حق الطاعنين توافر الاشتراك بأى طريق آخر حدده القانون، ودانهم جميعًا عن تسهيل استيلاء المحكوم عليه الخامس على كافة المبالغ المستولى عليها دون بيان اختصاص كل منهم تحديدًا من واقع التوصيف الوظيفي الخاص به وكيف أن وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال رغم تعدد الوقائع التي أثبتها الحكم في حقهم فجاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم قاصرة في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بيانًا كافيًا يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة فبات معيبًا بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين دون المحكوم عليه الخامس والذي صدر الحكم غيابيًا بالنسبة له فلا يفيد من نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.