جلسة 14 من فبراير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على محمد على، حسين السيد متولي، محمد خليل درويش، ومحمد حسن العبادي نواب رئيس المحكمة.
(33)
الطعن رقم 4712 لسنة 74 القضائية
(1) اختصاص ” الاختصاص الولائي ” ” اختصاص لجان التوفيق “. أشخاص اعتبارية.
لجان التوفيق. اختصاصها بنظر المنازعات المدنية والتجارية والإدارية. مناطه. أن يكون أحد أطرافها شخصية اعتبارية عامة. مؤداه. خروج منازعات الأشخاص الاعتبارية الخاصة من نطاق اختصاصها وانعقاده للقضاء العادي. المادة الأولى ق 7 لسنة 2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق.
(2) أشخاص اعتبارية. بنوك. شركات ” شركات مساهمة “.
اشتراط أن تكون البنوك شركات مساهمة. أثره. اعتبارها من أشخاص القانون الخاص. مؤداه. عدم خضوع الدعاوى التي تقيمها لأحكام القانون 7 لسنة 2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق. المادة الأولى بقرار بقانون رقم 22 لسنة 1957 في شأن الأحكام الخاصة بمزاولة عمليات البنوك و م 21 من القرار بقانون 163 لسنة 1957 والمواد 1، 5، 15، 18، 19 ق 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي.
(3 – 5) حكم ” بطلانه ” ” عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال، القصور في التسبيب “. دعوى ” الدفاع الجوهري “. محكمة الموضوع.
(3) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصوم يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها.أثره. بطلان الحكم.
(4) تقديم المستندات والتمسك بدلالتها. التفات الحكم عنها أو اطراح دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يبين ما يبرر هذا الاطراح. قصور.
(5) تقديم الطاعنين لمحكمة الاستئناف ما يفيد اتفاقهم مع المطعون ضده على تسوية المديونية والانتظام في سداد أقساطها. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزامها بسداد كامل الدين دون أن يعرض لأثر التسوية. قصور.
1 – مفاد النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها يدل على أن مناط اختصاص لجان التوفيق بنظر تلك المنازعات أن يكون أحد أطرافها شخصية اعتبارية عامة ومن ثم تخرج المنازعات التي يكون أطرافها من الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة – كالشركات والجمعيات الخاصة والنقابات – من نطاق اختصاص هذه اللجان ويظل الاختصاص بنظرها معقودًا للقضاء العادي صاحب الولاية العامة.
2 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نصوص المواد الأولى من القرار بقانون رقم 22 لسنة 1957 في شأن الأحكام الخاصة بمزاولة عمليات البنوك، 21 من القرار بقانون 163 لسنة 1957 والمواد 1، 5، 15، 18، 19 من القانون 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي أن النظام المصرفي في مصر تتولاه شركات مساهمة تعتبر من أشخاص القانون الخاص وتباشر نشاطها وفقًا لقواعد هذا القانون ولا أثر لمساهمة الدولة في رأس مالها على طبيعة عملياتها أو طرق إدارتها ومن ثم فإن البنك المطعون ضده باعتباره شركة مساهمة من أشخاص القانون الخاص لا يعد مخاطبًا بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 ومن ثم لا تخضع الدعاوى التي يقيمها للقيود الواردة به.
3 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها.
4 – المقرر أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عنها أو اطرح دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يبين بمدوناته ما يبرر هذا الاطراح فإنه يكون معيبا بالقصور.
5 – إذ كان الثابت من الأوراق ومن مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قدموا لمحكمة الاستئناف ما يفيد اتفاقهم مع المطعون ضده على تسوية المديونية وقيام الطاعن الأول بسداد ما جملته 110000 جنيه من هذه المديونية وما يفيد انتظامها في سداد باقي الأقساط في مواعيدها إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بسداد كامل الدين بالتضامن مع باقي الطاعنين دون أن يعرض لأثر التسوية التي تمت بينها وبين المطعون ضده على طلبات الأخير في الدعوى الفرعية أو يعرض لدلالة سداد الطاعنة الأولى لجزء من الدين محل المطالبة وفق تحديد خبير الدعوى له وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين الأولى والثاني أقاما الدعوى رقم …… لسنة …… تجارى المنصورة الابتدائية (مأمورية دكرنس) على البنك المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بتقديم كشف الحسابات الجارية للطاعنة الأولى منذ بداية تعاملها معه وندب خبير حسابي للاطلاع على مفردات هذا الحساب والتأكد من قيام البنك بتحصيل الكمبيالات والشيكات المقدمة منها وإضافتها إلى الحساب وبيان حقيقة رصيد الدين المستحق عليها وكيفية حساب الفوائد القانونية وقيمتها تمهيدًا لإجراء تسوية مع البنك وسداد مستحقاته لديها وقالت بيانًا لدعواها إنها تعاقدت مع فرع المطعون ضده ” بدكرنس ” سنة 1995 على فتح حساب جارى بتسهيلات ائتمانية بكفالة وضمانة باقي الطاعنين وقدمت له شيكات وكمبيالات للتحصيل وإيداع قيمتها بهذا الحساب إلا أن البنك تقاعس عن تحصيلها وفوجئت به يرفع ضدها جنحة مباشرة لتحريرها شيك بنكي بمبلغ مليون جنيه لا يقابله رصيد فأقامت الدعوى للتحقق من مديونيتها وسببها ندبت المحكمة خبيرًا أودع تقريره الذي ضمنه أن الطاعنة الأولى مدينة للمطعون ضده – بضمانة الطاعنين الثاني والثالث – بمبلغ 724499.64 جنيه وفوائده الاتفاقية بواقع 17% من تاريخ المطالبة. أقام البنك دعوى فرعية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليه المبلغ سالف الذكر، وبتاريخ 28 يوليو سنة 2003 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بانتهائها وفى الدعوى الفرعية بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤدوا للمطعون ضده مبلغ 724499.64 جنيه وفوائده الاتفاقية بواقع 17٪ من تاريخ المطالبة في 20 نوفمبر سنة 2001 حتى السداد. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم …… لسنة …… ق أمام محكمة استئناف المنصورة بطلب القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبانتهاء الدعوى الفرعية صلحًا لاتفاقهم مع المطعون ضده على تسوية الدين وسدادهم لمبلغ 110000 جنيه منه وتقسيط باقي المديونية، وبتاريخ 13 من أبريل سنة 2004 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول وبالوجه الثاني من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه تصدى للفصل في الدعوى الفرعية المقامة من البنك وألزمهم بدفع الدين الذي قدره خبير الدعوى في حين أن الاختصاص بنظرها ينعقد للجنة التوفيق المشكلة طبقًا لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 مما كان يتعين عليه أن يقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 الخاص بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها على أن ” ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ” مفاده أن مناط اختصاص لجان التوفيق بنظر تلك المنازعات أن يكون أحد أطرافها شخصية اعتبارية عامة ومن ثم تخرج المنازعات التي يكون أطرافها من الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة – كالشركات والجمعيات الخاصة والنقابات – من نطاق اختصاص هذه اللجان ويظل الاختصاص بنظرها معقودًا للقضاء العادي صاحب الولاية العامة. لما كان ذلك، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نصوص المواد الأولى من القرار بقانون رقم 22 لسنة 1957 في شأن الأحكام الخاصة بمزاولة عمليات البنوك، 21 من القرار بقانون 163 لسنة 1957 والمواد 1، 5، 15، 18، 19 من القانون 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي أن النظام المصرفي في مصر تتولاه شركات مساهمة تعتبر من أشخاص القانون الخاص وتباشر نشاطها وفقًا لقواعد هذا القانون ولا أثر لمساهمة الدولة في رأس مالها على طبيعة عملياتها أو طرق إدارتها. ومن ثم فإن البنك المطعون ضده باعتباره شركة مساهمة من أشخاص القانون الخاص لا يعد مخاطبًا بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 ومن ثم لا تخضع الدعاوى التي يقيمها للقيود الواردة به ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بسبب النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الأول وبالسببين الثاني والثالث – عدا الوجه الثاني منه – على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يعن ببحث دفاعهم المتضمن أن الطاعنة الأولى قد أبرمت اتفاقًا مع البنك بتاريخ 4 فبراير سنة 2002 لتسوية مديونيتها وسددت ما جملته 110000 جنيه من هذه المديونية وأنها منتظمة في سداد الأقساط المتفق عليها وقدمت المستندات المؤيدة لهذا الدفاع وطلبت إنهاء الخصومة في الدعوى صلحًا واحتياطيًا خصم المبالغ التي سددت من أصل الدين الذي أظهره خبير الدعوى، إلاَّ أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري من شأنه لو حقق أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وأيد الحكم المستأنف الذي عول في قضائه على تقرير خبير الدعوى دون أن يفطن إلى سدادها جزءًا من الدين محل المطالبة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن إغفال الحكم بحث دفاع الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليه، وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عنها أو اطرح دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يبين بمدوناته ما يبرر هذا الاطراح فإنه يكون قاصرًا. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومن مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قدموا لمحكمة الاستئناف ما يفيد اتفاقهم مع المطعون ضده على تسوية المديونية وقيام الطاعن الأول بسداد ما جملته 110000 جنيه من هذه المديونية وما يفيد انتظامها في سداد باقي الأقساط في مواعيدها إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بسداد كامل الدين بالتضامن مع باقي الطاعنين دون أن يعرض لأثر التسوية التي تمت بينها وبين المطعون ضده على طلبات الأخير في الدعوى الفرعية أو يعرض لدلالة سداد الطاعنة الأولى لجزء من الدين محل المطالبة وفق تحديد خبير الدعوى له وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ويوجب نقضه.