جلسة 20 من فبراير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ عبد الناصر السباعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حسن منصور، ناجي عبد اللطيف، مصطفى أحمد عبيد وعبد الفتاح أحمد أبو زيد نواب رئيس المحكمة.
(40)
الطعن رقم 139 لسنة 74 القضائية ” أحوال شخصية “
(1، 2) أحوال شخصية ” المسائل المتعلقة بغير المسلمين: التطليق لإساءة العشرة: الإثبات فيها “. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الأدلة ودواعي الفرقة بين الزوجين “.
(1) التطليق لإساءة العشرة. شرطه. م 57 من مجموعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. استقلال قاضى الموضوع بتقدير الأدلة ودواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها ما دام أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله.
(2) خلو لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس من قواعد خاصة بطرق الإثبات في دعوى التطليق وعدم تقييدها الشهادة على الفرقة. مقتضاه. قبول القاضي للشهادة وإن كانت سماعية متى اطمأن إليها.
1 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه لما كانت المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس تجيز طلب التطليق، إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر، أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيمًا مما أدى إلى استحكــام النفور بينهما، وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنوات متوالية، على ألا يكون ذلك بخطأ من جانب طالب التطليق، حتى لا يستفيد من خطئه، وأنه ولئن كان تقدير الأدلة، ومنها أقوال الشهود، واستخلاص دواعي الفرقة بين الزوجين، من مسائل الواقع التي يستقل قاضى الموضوع ببحث أدلتها المطروحة عليه، إلا أن ذلك مشروط – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – بأن يكون استخلاصه من هذه الأدلة وأخذه بها سائغًا ويكفى لحمل قضاء الحكم، ومؤديًا إلى النتيجة التي انتهى إليها.
2 – المقرر أن هذه المجموعة – مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس – قد خلت من قواعد خاصة بطرق الإثبات في دعوى التطليق، ولم تقيد الشهادة على الفرقة بأي قيد، بما مقتضاه أن للقاضي قبول الشهادة وإن كانت سماعية متى اطمأن إليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم ….. كلي ملي الإسكندرية بطلب الحكم بتطليقها منه، وقالت بيانا لدعواها إنها زوج له بصحيح العقد الكنسي ودخل بها، إلا أنه أساء معاشرتها مما أدى إلى استحكام النفور واستمرار الفرقة بينهما لأكثر من ثلاث سنوات متتالية، ومن ثم أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين، حكمت بتاريخ …… بتطليق الطاعنة من المطعون ضده، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم…. ق الإسكندرية، وبتاريخ …… قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى على سند من عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شاهديها، لأن أي منهما لم يعاين بنفسه ما شهد به، بل سمعه منها ومن والديها، رغم أن لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس قد خلت من قواعد خاصة بطرق الإثبات في دعوى التطليق، بما مقتضاه قبول الشهادة السماعية على التطليق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأطرح أقوال شاهدي الطاعنة لسماعيتها، فإنه يكون قد خرج بها عما يؤدى إليه مدلولها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن – من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه لما كانت المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس تجيز طلب التطليق، إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر، أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيمًا، مما أدى إلى استحكام النفور بينهما، وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنوات متوالية، على ألا يكون ذلك بخطأ من جانب طالب التطليق، حتى لا يستفيد من خطئه، وأنه ولئن كان تقدير الأدلة، ومنها أقوال الشهود، واستخلاص دواعي الفرقة بين الزوجين، من مسائل الواقع التي يستقل قاضى الموضوع ببحث أدلتها المطروحة عليه، إلا أن ذلك مشروط – وعلى ما جرى قضاء هذه المحكمة – بأن يكون استخلاصه من هذه الأدلة وأخذه بها سائغًا ويكفى لحمل قضاء الحكم، ومؤديًا إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان من المقرر أيضا أن هذه المجموعة سالفة الذكر قد خلت من قواعد خاصة بطرق الإثبات في دعوى التطليق، ولم تقيد الشهادة على الفرقة بأي قيد، مما مقتضاه أن للقاضي قبول الشهادة وإن كانت سماعية متى اطمأن إليها، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها بغية الحكم بتطليقها من المطعون ضده لأنه أساء معاشرتها وأخل بواجباته نحوها إخلالاً جسيمًا، مما أدى إلى افتراقهما لأكثر من ثلاث سنوات متوالية، وركنت في إثبات دعواها إلى أقوال شاهديها، التي تضمنت أن الطرفين بعد زواجها سافرا إلى أمريكا، وبعد أن وضعت الطاعنة حملها منه أعادها إلى منزل الزوجية بالإسكندرية واستولى على جواز سفرها، واعتدى عليها بالسب والضرب ولم ينفق عليها، ثم تركها وسافر دونها إلى أمريكا، وافترقا لأكثر من ثلاث سنوات، مما مؤداه إخلال المطعون ضده بواجباته نحو الطاعنة إخلالاً جسيمًا واستحكام النفور بينهما، وإذ جاء الحكم المطعون فيه وقضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة، على سند من عدم اطمئنانه إلى أقوال شاهديها معللاً ذلك بأن أي من هذين الشاهدين لم يعاين بنفسه ما شهد به، بل سمع من الطاعنة ووالديها، وكان هذا الذي استند إليه الحكم في قضائه قد خالف النظر السالف بيانه، من أن مجموعة الأحوال الشخصية لطائفة الأقباط الأرثوذكس، والتي ينتمي إليها طرفا الدعوى، لم تقيد الشهادة على الفرقة الزوجية بأي قيد بما مقتضاه قبول الشهادة السماعية عليها، ومن ثم يكون الحكم معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم ……، برفضه وتأييد الحكم المستأنف القاضي بتطليق الطاعنة من المطعون ضده لما بني عليه من أسباب.