جلسة 2 من فبراير سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين حامد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود كامل، درويش مصطفى أغا، على محمد إسماعيل ونبيل أحمد عثمان نواب رئيس المحكمة.
(24)
الطعن رقم 925 لسنة 74 القضائية
(1) إيجار “إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء للتنازل والترك والتأجير من الباطن”.
الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل أو الترك. م 18/ ج ق 136 لسنة 1981. شرطه. صدور تصرف من المستأجر نافذ ولازم له يكشف عن تخليه عن حقه فى الانتفاع بالعين المؤجرة بتنازله عنه للغير من الباطن أو باتخاذه تصرفًا لا تدع ظروف الحال شكًا فى انصراف قصده إلى الاستغناء عنه نهائيًا. مؤداه. الإيواء والاستضافة وإشراك الغير فى النشاط أو توكيله فى إدارة العمل. لا تعد كذلك.
(2) دعوى “الدفاع فيها: الدفاع الجوهرى”.
الطلب أو وجه الدفاع الجازم الذى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. وجوب أن تجيب عليه محكمة الموضوع بأسباب خاصة.
(3) إيجار ” إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء للتنازل والترك والتأجير من الباطن: استثناءات من حظر التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن: التنازل عن إيجار المنشأة الطبية “. حكم ” عيوب التدليل: القصور فى التسبيب “.
تمسك الطاعنات باستئجار مورثهن العين محل النزاع بقصد استعمالها عيادة طبية وبوفاته امتد عقد إيجارها إليهن وأنهن أنبن المطعون ضدهما الأخيرين فى إدارتها والعمل بها لحسابهن وتدليلهن على ذلك بالمستندات. دفاع جوهرى. قضاء الحكم المطعون فيه بالإخلاء تأسيسًا على تخلى الطاعنات عن حقهن فى الانتفاع بالعين وتأجيرها من الباطن إلى المطعون ضدهما الأخيرين دون أن يعرض لدفاعهن سالف البيان ودلالة ما قدمنه من مستندات. قصور.
(4) نقض “أسباب الطعن بالنقض”.
الإبهام والغموض. عيبان فى تسبيب الحكم يستوجبان نقضه ( مثال فى إيجار ).
1 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن النص فى المادة 18 من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد اشترط لتحقق سبب الإخلاء فى هذه الحالة أن يصدر من المستأجر تصرف لازم له يكشف عن استغنائه عن حقه فى الانتفاع بالعين الناشئ عن عقد الإيجار، إما بتنازله عن هذا الحق بيعًا أو هبة أو تأجيرًا له إلى الغير من الباطن، أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال مجالاً للشك فى أنه استغنى عن هذا الحق بصفة نهائية، أما ما عدا ذلك من التصرفات التى لا تعبر عن تخلى المستأجر عن حقوقه المستمدة من عقد الإيجار على نحو نافذ ولازم مثل إشراك الغير فى النشاط أو الإيواء أو الاستضافة أو إسناد إدارة العمل لوكيل أو عامل أو غير ذلك من صور الانتفاع بالعين المؤجرة التى قد تقتضيها الظروف، فلا يتحقق به هذا السبب من أسباب الإخلاء.
2 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه، ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم، يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا اعتبر حكمها خاليًا من الأسباب متعينًا نقضه.
3 – إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنات تمسكن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن مورثهن كان يستأجر عين النزاع بقصد استعمالها عيادة طبية، وبعد وفاته وامتداد عقد الإيجار إليهن أنبن عنهن المطعون ضدهما الأخيرين – وهما طبيبان – فى إدارة تلك العيادة والعمل بها لحسابهن، وأن ذلك لا يعدو أن يكون من أوجه الانتفاع بالعين المؤجرة ولا ينطوى على تأجير من الباطن، ودللن على هذا الدفاع بصورتين من عقدى اتفاق مبرمين مع المطعون ضدهما المذكورين مودع أصلهما بنقابة الأطباء الفرعية المختصة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الطاعنات قد تخلين عن الحق فى الانتفاع بالعين مثار النزاع وقمن بتأجيرها من الباطن إلى المطعون ضدهما الأخيرين، واتخذ من ذلك أساسًا لقضائه بالإخلاء دون أن يعرض لدفاعهن المتقدم ويقول كلمته فى دلالة المستندات المؤيدة له، وإذ كان هذا الدفاع جوهريًا يتغير به – إن صح – وجه الرأى فى الحكم بما كان يوجب على المحكمة أن تفصل فيه بأسباب خاصة، فإن قضاءها فيما يتعلق بهذا الوجه من دفاع الطاعنات يكون مشوبًا بالقصور.
4 – إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء على قوله ” وكان الحكم المستأنف قد خلص إلى ثبوت قيام المستأنفين بتأجير العين المؤجرة من الباطن، كما لم يفوا بفارق الزيادة فى الأجرة وهو ما يعد إخلالاً منهم بالتزاماتهم كورثة للمستأجر الأصلى، وانتهى إلى القضاء بإخلائهم والخصمين المدخلين من العين المؤجرة، وهو ما تأخذ به المحكمة ويكون الاستئناف والحال كذلك قد قام على غير سند صحيح من الواقع والقانون وتقضى المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، إذ ثبت على وجه اليقين قيام المستأنفين بتأجير العين من الباطن حتى وإن قاموا بسداد القيمة الإيجارية المستحقة ” وهى أسباب مبهمة لا يبين منها ما إذا كان الحكم قد تساند فى قضائه إلى عدم سداد الطاعنات لأجرة عين النزاع حسبما انتهى الحكم الابتدائى، أم أنه رفض هذا السبب لثبوت سداد الطاعنات كامل الأجرة المستحقة عليهن وأنه بالتالى أقام قضاءه على دعامة واحدة هى التأجير من الباطن، وهو غموض شاب الحكم ويعجز محكمة النقض عن أن تقول كلمتها فيما ورد فى الشق الثانى من النعى ويحول بينها وبين أن تعمل وظيفتها فى مراقبة صحة تطبيقه للقانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنات الدعوى رقم…… لسنة 1998 دمياط بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1993 وإخلائهن من العين المبينة بالصحيفة والتسليم. وقال بيانا لذلك إن مورث الطاعنات استأجر منه تلك العين بموجب العقد المشار إليه لاستعمالها عيادة طبية نظير أجرة شهرية مقدارها 50 جنيهًا خفضت إلى 64ر28 جنيهًا طبقًا لقرار لجنة تقدير الإيجارات الصادر عام 1998 بخلاف الزيادات القانونية، وإذ تخلفت الطاعنات عن سداد تلك الأجرة وقمن بتأجير العين من الباطن إلى المطعون ضدهما الأخيرين بغير إذن منه بالمخالفة للحظر الوارد فى العقد والقانون، فقد أقام الدعوى. أدخل المطعون ضده الأول المطعون ضدهما الأخيرين فى الدعوى للحكم عليهما بذات الطلبات. ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى إلى التحقيق وسمعت شهود الطرفين حكمت بالطلبات. استأنف الطاعنات والمطعون ضدهما الأخيرين هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة – مأمورية دمياط – بالاستئناف رقم…… لسنة 31 ق، وبتاريخ 10/ 2/ 2004 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنات على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقلن إنهن تمسكن طوال مراحل الدعوى بأنهن لم يؤجرن العين مثار النزاع من الباطن، وإنما أوكلن إلى المطعون ضدهما الأخيرين أن يديرًا نيابة عنهما العيادة الطبية التى كان مورثهن قد أنشأها فيها قبل وفاته، وقدمن الأدلة التى تؤيد هذا الدفاع وتبرهن على حقيقة العلاقة بينهم، كما تمسكن بأن المطعون ضده الأول تقاضى منذ بدء التعاقد مبالغ زائدة عن الأجرة التى حددتها لجنة تقدير الإيجارات، وطلبن إجراء المقاصة بين ما سدد إليه بالزيادة وبين ما هو مستحق له، غير أن الحكم المطعون فيه قضى باخلائهن من العين لقيامهن بتأجيرها من الباطن ولعدم سداد أجرتها دون أن يعرض لدفاعهن بشقيه ويقسطه حقه من البحث والتمحيص بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعى فى شقه الأول فى محله ذلك أن النص فى المادة 18 من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 على أن ” لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد إلا لأحد الأسباب الآتية…… (ج) إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابى صريح من المالك للمستأجر الأصلى، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائيًا…..” يدل على أن المشرع قد اشترط لتحقق سبب الإخلاء فى هذه الحالة أن يصدر من المستأجر تصرف لازم له يكشف عن استغنائه عن حقه فى الانتفاع بالعين الناشئ عن عقد الإيجار، إما بتنازله عن هذا الحق بيعًا أو هبه أو تأجيرًا له إلى الغير من الباطن، أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال مجالاً للشك فى إنه استغنى عن هذا الحق بصفة نهائية، أما ما عدا ذلك من التصرفات التى لا تعبر عن تخلى المستأجر عن حقوقه المستمدة من عقد الإيجار على نحو نافذ ولازم مثل إشراك الغير فى النشاط أو الإيواء أو الاستضافة أو إسناد إدارة العمل لوكيل أو عامل أو غير ذلك من صور الانتفاع بالعين المؤجرة التى قد تقتضيها الظروف، فلا يتحقق به هذا السبب من أسباب الإخلاء، وإذ كان – من المقرر فى قضاء هذه المحكمة – أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه، ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم، يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا اعتبر حكمها خاليًا من الأسباب متعينا نقضه، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنات تمسكن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن مورثهن كان يستأجر عين النزاع بقصد استعمالها عيادة طبية، وبعد وفاته وامتداد عقد الإيجار إليهن أنبن عنهن المطعون ضدهما الأخيرين – وهما طبيبان – فى إدارة تلك العيادة والعمل بها لحسابهن، وأن ذلك لا يعدو أن يكون من أوجه الانتفاع بالعين المؤجرة ولا ينطوى على تأجير من الباطن، ودللن على هذا الدفاع بصورتين من عقدى اتفاق مبرمين مع المطعون ضدهما المذكورين مودع أصلهما بنقابة الأطباء الفرعية المختصة وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الطاعنات قد تخلين عن الحق فى الانتفاع بالعين مثار النزاع وقمن بتأجيرها من الباطن إلى المطعون ضدهما الأخيرين، واتخذ من ذلك أساسًا لقضائه بالإخلاء دون أن يعرض لدفاعهن المتقدم ويقول كلمته فى دلالة المستندات المؤيدة له، وإذ كان هذا الدفاع جوهريًا يتغير به – إن صح – وجه الرأى فى الحكم بما كان يوجب على المحكمة أن تفصل فيه بأسباب خاصة، فإن قضاءها فيما يتعلق بهذا الوجه من دفاع الطاعنات يكون مشوبًا بالقصور والنعى فى شقه الثانى فى محله أيضًا ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء على قوله ” وكان الحكم المستأنف قد خلص إلى ثبوت قيام المستأنفين بتأجير العين المؤجرة من الباطن، كما لم يفوا بفارق الزيادة فى الأجرة وهو ما يعد إخلالاً منهم بالتزاماتهم كورثة للمستأجر الأصلى، وانتهى إلى القضاء باخلائهم والخصمين المدخلين من العين المؤجرة، وهو ما تأخذ به المحكمة، ويكون الاستئناف والحال كذلك قد قام على غير سند صحيح من الواقع والقانون وتقضى المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، إذ ثبت على وجه اليقين قيام المستأنفين بتأجير العين من الباطن حتى وإن قاموا بسداد القيمة الإيجارية المستحقة ” وهى أسباب مبهمة لا يبين منها ما إذا كان الحكم قد تساند فى قضائه إلى عدم سداد الطاعنات لأجرة عين النزاع حسبما انتهى الحكم الابتدائى، أم إنه رفض هذا السبب لثبوت سداد الطاعنات كامل الأجرة المستحقة عليهن وأنه بالتالى أقام قضاءه على دعامة واحدة هى التأجير من الباطن، وهو غموض شاب الحكم ويعجز محكمة النقض عن أن تقول كلمتها فيما ورد فى الشق الثانى من النعى ويحول بينها وبين أن تعمل وظيفتها فى مراقبة صحة تطبيقه للقانون. لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.