الخط الساخن : 01118881009
جلسة 26 من ديسمبر سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على حسين جمجوم، يوسف عبد الحليم الهته، محمد زكى خميس وحامد عبد الوهاب علام نواب رئيس المحكمة.
(154)
الطعنان رقما 561، 813 لسنة 74 القضائية
(1، 2) بطلان “بطلان الأحكام”. حكم “بطلانه” “عيوب التدليل: القصور فى التسبيب”. دعوى “الدفاع فيها: الدفاع الجوهرى”.
(1) إغفال الحكم بحث دفاع جوهرى أبداه الخصم. قصور فى أسباب الحكم الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم.
(2) تقديم مستندات مؤثرة فى الدعوى مع التمسك بدلالتها. التفات الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة. قصور معيب.
(3 – 5) إثبات “طرق الإثبات”. إيجار “إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء للتنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن” “التأجير المفروش”. حكم “عيوب التدليل: القصور فى التسبيب”. دعوى “الدفاع فيها: الدفاع الجوهرى”.
(3) ترخيص المالك للمستأجر بالتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار. وجوب إثباته بالكتابة أو ما يقوم مقامها. التنازل الضمنى عن الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار والتنازل عن الحق فى طلب الإخلاء لتحقق هذين السببين. جواز إثباته بكافة طرق الإثبات.
(4) تصريح المالك للمستأجر بالتأجير من الباطن. اختلافه عن حقه فى التأجير خاليًا أو مفروشًا المستمد من نصوص القانون. المادتان 39، 40 ق 49 لسنة 1977. أساس ونطاق كل منهما. لا تعارض بين قيام الحق فى التأجير من الباطن فى الحالتين. إطلاق يد المستأجر فى التأجير من الباطن بموافقة المالك. منتج لأثره. لا يحول دون ذلك القيود التى فرضها المشرع بالمادتين سالفتى البيان على المستأجر الذى رخص له بالتأجير خاليًا أو مفروشًا. علة ذلك.
(5) تمسك الطاعن بأن تأجيره لجزء من الشقة عين النزاع مفروشًا بعد حصوله على موافقة كتابية من الشركة المؤجرة مقابل زيادة فى الأجرة وتدليله على ذلك بالمستندات. دفاع جوهرى. إغفال الحكم المطعون فيه هذا الدفاع إيرادًا وردًا وقضاؤه بالإخلاء استنادًا لتأجير الطاعن جزء من العين وفقًا لنص المادة 40 ق 49 لسنة 1977 المقضى بعدم دستوريتها ورفض الشركة المؤجرة قبول الزيادة بعد حكم الدستورية. قصور.
1 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا فى النتيجة التى انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا فى الأسباب الواقعية يقتضى بطلانه، بما مؤداه أنه إذا اطرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى، فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصرًا.
2 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة فإنه يكون معيبًا بالقصور.
3 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان مفاد الفقرة (ج) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المقابلة للفقرة (ب) من المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والفقرة (ب) من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 من أنه “لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر من الباطن أو يتنازل عن عقد الإيجار بغير إذن كتابى صريح من المالك” مما مؤداه عدم جواز إثبات هذا الإذن عند المنازعة فيه كأصل عام بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها إلا أن تنازل المؤجر الضمنى عن الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار وكذلك التنازل عن حقه فى إخلاء العين المؤجرة لتنازل المستأجر عن الإيجار أو تأجير العين المؤجرة من الباطن فإنه يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية.
4 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن الأصل فى ظل القوانين الاستثنائية المنظمة للعلاقات بين المؤجر والمستأجر هو عدم جواز التأجير من الباطن إلا بإذن كتابى صريح من المالك فإذا ما صرح المالك به كان من شأن هذا التصريح تخويل المستأجر الحق فى توسيع نطاق انتفاعه بالعين المؤجرة، أما حق المستأجر فى التأجير فى الأحوال التى نص عليها القانون فهو يختلف فى أساسه ونطاقه عن الإذن له من المؤجر بالتأجير من الباطن فبينما يستمد المستأجر حقه فى التأجير خاليًا أو مفروشًا من القانون وحده فى حدود ما نصت عليه المادتان 39، 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك بغير حاجة إلى إذن من المالك، فإنه لا يملك التأجير من الباطن أصلاً إلا بموافقة كتابية صريحة من المؤجر، وفى حين تدخل المشرع فى حالة الترخيص للمستأجر بالتأجير خاليًا أو مفروشًا ووضع لها نظامًا محددًا بين فيه صفة المستأجر الذى يجوز له التأجير وقدر ما يؤجره مع أفراد أسرته والأشخاص والطوائف المرخص بالتأجير لهم، والمواسم التى يصح التأجير فيها ومواقيتها والمناطق التى يباح فيها ذلك، فإن القانون لم يضع على حرية المؤجر والمستأجر قيودًا فى حالة التصريح بالتأجير من الباطن، مما مؤداه أنه يجوز للمؤجر فى جميع الحالات إطلاق حق المستأجر فى ذلك بغير قيود، ولا تعارض فى قيام هذا الحق المطلق المتولد عن الاتفاق إلى جانب حقه المقيد المستمد من القانون الاستثنائى اعتبارًا بأن عقد الإيجار هو عقد رضائى يخضع فى قيامه وشروطه وانقضائه لمبدأ سلطان الإرادة فى حدود ما تفرضه القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن دون تجاوز لنطاقها إلى حين إلغائها، وأن الأصل فى الإرادة هو المشروعية فلا يلحقها بطلان إلا إذا كان الالتزام الناشئ عنها مخالفًا للنظام العام أو الآداب أو جاء على خلاف نص آمر أو ناهٍ فى القانون وينبنى على ذلك أنه إذا ما أطلقت يد المستأجر فى التأجير من الباطن بموافقة المالك فإن هذه الموافقة تنتج أثرها ولا يحول دون نفاذها تلك القيود التى فرضها المشرع بالمادتين 39، 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على المستأجر الذى رخص له بالتأجير خاليًا أو مفروشًا.
5 – إذ تمسك الطاعن فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه قام بتأجير جزء من الشقة محل التداعى مفروشة بعد حصوله على موافقة كتابية صريحة من الشركة المالكة – المطعون ضدها الأولى – بذلك مقابل زيادة الأجرة، وأنه لم يقم بهذا التأجير للمطعون ضدها الثانية إلا فى شهر يناير عام 1996 أى بعد حصوله على موافقة الشركة المشار إليها سلفًا والصادرة له بتاريخ 17/ 12/ 1995 واستدل على ذلك بما قدمه أمام محكمة الاستئناف من صورة كتاب الشركة الصادر بالموافقة له على تأجير عين التداعى مفروشة فى التاريخ المشار إليه، وكان هذا الدفاع دفاعًا جوهريًا ومن شأنه – إن صح – تغيير وجه الرأى فى الدعوى لأنه بموجب هذه الموافقة الكتابية الصريحة صار له الحق فى تأجير الشقة محل التداعى جزئيًا مفروشًا وأصبح هذا الحق مطلقًا لا قيود عليه ولا ينال منه صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لأنه لم يستمد هذا الحق من نص هذه المادة المشار إليها ولكن من موافقة الشركة المالكة – المطعون ضدها الأولى – وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهرى إيرادًا وردًا وأقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء والتسليم استنادًا إلى أن الطاعن قام بتأجير جزء من عين النزاع مفروشًا استعمالاً لحقه المقرر بالمادة 40 المشار إليها وأن الشركة المؤجرة كانت تقبل منه الزيادة مقابل التأجير مفروشًا استنادًا لهذه المادة وأنها امتنعت عن قبولها بعد صدور الحكم بعدم دستوريتها وأن الطاعن استمر فى التأجير المفروش بعد صدور هذا الحكم، فإنه يكون معيبًا بالقصور فى التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها الأولى… أقامت على الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالثة الدعوى رقم… لسنة 1999 إيجارات جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة من الطاعن والمطعون ضده الثانى بصفته وتسليمها لها خالية، وفى بيان ذلك قالت إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 2/ 5/ 1963 استأجر منها الطاعن الشقة محل التداعى بقصد استعمالها مكتبًا هندسيًا وفوجئت بوجود المطعون ضده الثانى بصفته بالشقة بزعم أنه يستأجرها مفروشة من الطاعن، وأنه بعد القضاء بعدم دستورية المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تتحقق المخالفة المنصوص عليها فى المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وقد اختصمت المطعون ضدها الثالثة كى يصدر الحكم فى مواجهتها لقيامها بتوقيع حجز إدارى على حق الإيجار للمطعون ضده الثانى، فأقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم.. لسنة 118 قضائية القاهرة وبتاريخ 28/ 1/ 2004 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين الماثلين، وإذ عُرض الطعنان على المحكمة فى غرفة مشورة أمرت بضم الثانى للأول. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وفى جلسة المرافعة صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن فى الطعنين على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه قام بتأجير الشقة محل التداعى جزئيًا مفروشة للمطعون ضدها الثانية بعد الحصول على موافقة كتابية صريحة من الشركة المالكة – المطعون ضدها الأولى – بهذا التأجير ومن ثم فإن شروط إعمال المادة 18/ ج من القانون رقم 136 لسنة 1981 غير متوافرة ولا تنطبق على واقعة التداعى ودلل على ذلك بما قدمه بحافظة مستنداته بجلسة 30/ 7/ 2002 أمام محكمة الاستئناف من مستند مؤرخ 17/ 12/ 1995 يتضمن خطابًا صادرًا له من الشركة المالكة – المطعون ضدها الأولى – يفيد موافقتها على تأجير الشقة محل التداعى جزئيًا بالفرش وهو ما يعد إذنًا كتابيًا صريحًا بالتأجير مفروشًا سابقًا على قيامه بالتأجير كما قدم أمام محكمة أول درجة إيصالات سداد الأجرة صادرة من ذات الشركة تفيد تقاضيها الأجرة بما فيها الزيادة مقابل التأجير مفروشًا وهو ما يعد أيضًا موافقة منها على هذا التأجير. إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء استنادًا إلى أن الطاعن قام بتأجير جزء من عين النزاع مفروشًا للمطعون ضدها الثانية دون إذن كتابى صريح من المؤجر وأنه كان يقوم بسداد الزيادة مقابل التأجير مفروشًا، وأن الشركة المطعون ضدها الأولى امتنعت عن إصدار إيصالات بالزيادة مقابل التأجير مفروشًا بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وأن الطاعن استمر فى التأجير مفروشًا بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه بمدة طويلة، وهو ما تحققت به المخالفة المنصوص عليها فى المادة 18/ ج من القانون رقم 136 لسنة 1981 دون أن يعنى ببحث دفاع الطاعن الجوهرى سالف البيان المؤيد بما قدمه من مستندات من أن تأجير عين النزاع مفروشة تم بناء على موافقة كتابية صريحة من المؤجر ولم يكن إعمالاً لنص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله. ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا فى النتيجة التى انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا فى الأسباب الواقعية يقتضى بطلانه، بما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى، فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصرًا كما أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء، مع ما قد يكون لها من دلالة فإنه يكون معيبًا بالقصور. ومن المقرر أيضًا أنه ولئن كان مفاد الفقرة (ج) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المقابلة للفقرة (ب) من المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والفقرة (ب) من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 من أنه “لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر من الباطن أو يتنازل عن عقد الإيجار بغير إذن كتابى صريح من المالك “مما مؤداه عدم جواز إثبات هذا الإذن – عند المنازعة فيه كأصل عام – بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها… إلا أن تنازل المؤجر الضمنى عن الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار وكذلك التنازل عن حقه فى إخلاء العين المؤجرة لتنازل المستأجر عن الإيجار أو تأجير العين المؤجرة من الباطن فإنه يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية. كما أن الأصل فى ظل القوانين الاستثنائية المنظمة للعلاقات بين المؤجر والمستأجر هو عدم جواز التأجير من الباطن إلا بإذن كتابى صريح من المالك فإذا ما صرح المالك به كان من شأن هذا التصريح تخويل المستأجر الحق فى توسيع نطاق انتفاعه بالعين المؤجرة، أما حق المستأجر فى التأجير فى الأحوال التى نص عليها القانون فهو يختلف فى أساسه ونطاقه عن الإذن له من المؤجر بالتأجير من الباطن، فبينما يستمد المستأجر حقه فى التأجير خاليًا أو مفروشًا من القانون وحده فى حدود ما نصت عليه المادتان 39، 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك بغير حاجة إلى إذن من المالك، فإنه لا يملك التأجير من الباطن أصلاً إلا بموافقة كتابية صريحة من المؤجر، وفى حين تدخل المشرع فى حالة الترخيص للمستأجر بالتأجير خاليًا أو مفروشًا ووضع لها نظامًا محددًا بين فيه صفة المستأجر الذى يجوز له التأجير وقدر ما يؤجره مع أفراد أسرته والأشخاص والطوائف المرخص بالتأجير لهم، والمواسم التى يصح التأجير فيها ومواقيتها والمناطق التى يباح فيها ذلك، فإن القانون لم يضع على حرية المؤجر والمستأجر قيودًا فى حالة التصريح بالتأجير من الباطن، مما مؤداه أنه يجوز للمؤجر فى جميع الحالات إطلاق حق المستأجر فى ذلك بغير قيود، ولا تعارض فى قيام هذا الحق المطلق المتولد عن الاتفاق إلى جانب حقه المقيد المستمد من القانون الاستثنائى اعتبارًا بأن عقد الإيجار هو عقد رضائى يخضع فى قيامه وشروطه وانقضائه لمبدأ سلطان الإرادة فى حدود ما تفرضه القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن دون تجاوز لنطاقها إلى حين إلغائها، وأن الأصل فى الإرادة هو المشروعية فلا يلحقها بطلان إلا إذا كان الالتزام الناشئ عنها مخالفًا للنظام العام أو الآداب أو جاء على خلاف نص آمر أو ناهٍ فى القانون، وينبنى على ذلك أنه إذا ما أطلقت يد المستأجر فى التأجير من الباطن بموافقة المالك فإن هذه الموافقة تنتج أثرها ولا يحول دون نفاذها تلك القيود التى فرضها المشرع بالمادتين 39، 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على المستأجر الذى رخص له بالتأجير خاليًا أو مفروشًا. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه قام بتأجير جزء من الشقة محل التداعى مفروشًا بعد حصوله على موافقة كتابية صريحة من الشركة المالكة – المطعون ضدها الأولى – بذلك مقابل زيادة الأجرة، وأنه لم يقم بهذا التأجير للمطعون ضدها الثانية إلا فى شهر يناير عام 1996 أى بعد حصوله على موافقة الشركة المشار إليها سلفًا والصادرة له بتاريخ 17/ 12/ 1995 واستدل على ذلك بما قدمه أمام محكمة الاستئناف من صورة كتاب الشركة الصادر بالموافقة له على تأجير عين التداعى مفروشًا فى التاريخ المشار إليه، وكان هذا الدفاع دفاعًا جوهريًا ومن شأنه – إن صح – تغيير وجه الرأى فى الدعوى لأنه بموجب هذه الموافقة الكتابية الصريحة صار له الحق فى تأجير الشقة محل التداعى جزئيًا مفروشًا وأصبح هذا الحق مطلقًا لا قيود عليه ولا ينال منه صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لأنه لم يستمد هذا الحق من نص هذه المادة المشار إليها ولكن من موافقة الشركة المالكة – المطعون ضدها الأولى – وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهرى إيرادًا وردًا وأقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء والتسليم استنادًا إلى أن الطاعن قام بتأجير جزء من عين النزاع مفروشًا استعمالاً لحقه المقرر بالمادة 40 المشار إليها وأن الشركة المؤجرة كانت تقبل منه الزيادة مقابل التأجير مفروشًا استنادًا لهذه المادة وأنها امتنعت عن قبولها بعد صدور الحكم بعدم دستوريتها وأن الطاعن استمر فى التأجير المفروش بعد صدور هذا الحكم، فإنه يكون معيبًا بالقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وسوم : احكام نقض