جلسة 19 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب، محمد سعيد ومحمد متولي عامر نواب رئيس المحكمة.
(119)
الطعن رقم 27268 لسنة 76 القضائية
رشوة. موظفون عموميون. حكم ” بيانات حكم الإدانة ” ” تسبيبه. تسبيب معيب “. نقض ” أسباب الطعن. ما يقبل منها “.
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان كاف لمؤدى أدلة الإدانة وسرد مضمون كل دليل بطريقة وافية تبين مدى تأييده للواقعة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة. أساس ذلك؟
اكتفاء الحكم بسرد ما استمعت إليه النيابة العامة وشاهدته من تسجيلات دون بيان مضمونها واستظهار الوقائع التي استنتجت منها المحكمة ارتكاب الطاعنين لجريمة الرشوة وإجماله ذلك الدليل على نحو مبهم لا يبين مدى تأييده للواقعة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة. قصور يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون صحيحًا.
مثال.
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لأدلة الإدانة التي أقام عليها قضاءه، ومنها الاستماع إلى أشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو والاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة، واكتفى في بيان مضمونها على مجرد القول: ” وثبت من استماع النيابة العامة لأشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو المضبوطة على ذمة القضية ارتكاب المتهمين لجرائم الرشوة المسندة إليهم، كما ثبت من الاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة إخطار المتهمين الأول والثاني للمتهم الثالث بسرعة إعدادهما المستخلصات عن الأعمال التي قام بتنفيذها بمنطقة ….. وإصدار الشيكات الخاصة بها وتسليمها إلى مندوب شركة ….. حتى يتمكن من صرف مستحقاته لدى الشركة الأخيرة، واتفاق المتهمين الأول والثاني مع المتهم الثالث على اللقاء به في مقر شركته عقب الانتهاء من إعداد كل مستخلص خاص به “. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفق نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل – فيما يشتمل عليه – على بيان كاف لمؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، فلا تكفي الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بسرد لما استمعت إليه النيابة العامة وشاهدته من محادثات ولقاءات بين المتهمين بأشرطة التسجيل وأشرطة الفيديو والمحادثات الهاتفية دون أن يبين مضمون تلك التسجيلات بطريقة وافية، ولم يستظهر الوقائع التي استنتجت منها المحكمة ارتكاب الطاعنين لجريمة الرشوة، بل أجمل ذلك الدليل على نحو مبهم وغامض لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة في الدعوى، مكتفيًا بالعبارة المرسلة آنفة البيان الواردة بالمحادثات الهاتفية والتي لا يستدل منها اقتراف الطاعنين لجريمة الرشوة سيما وأن الطاعن …… ينكر صوته في هذه التسجيلات. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المار بيانه لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وهو ما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) …… (2) ….. (3) …… بأنهم: – أولاً: المتهم الأول ………: (1) بصفته موظفًا عموميًا ” مدير عام ……. ” طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث مبلغ مائة وتسعين ألف جنيه وسوار من الذهب قيمته ثلاثة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل اعتماد مستخلصات الأعمال التي ينفذها بمنطقة …… تمهيدًا لصرف مستحقاته عنها على النحو المبين بالتحقيقات.
(2) بصفته سالفة البيان طلب عطية للإخلال بواجب من واجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثالث مبلغ مائتي ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على اعتماد جزء من الأعمال التي ينفذها …….. على أنها أعمال تمت في منطقة صخرية، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. (3) بصفته سالفة البيان طلب عطية للإخلال بواجب من واجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثالث مبلغ مليون جنيه على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على امتداد إسناد تنفيذ عقدي تعميق وتوسيع ……….. بنسبة 25 ٪ من جملة قيمة الأعمال المسندة فعلاً والبالغة تسعة وتسعين مليون جنيه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثانيًا: المتهم الثاني: ……: بصفته موظفًا عموميًا ” …… ” طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم المتهم الثالث مبلغ أربعين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تسهيل صرف مستحقاته عن الأعمال التي ينفذها لجهة عمله، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثًا: المتهم الثالث….: (1) قدم رشوة لموظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً/ 1 على النحو المبين بالتحقيقات. (2) قدم رشوة لموظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته موضوع الاتهام الوارد بالبند ثانيًا على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات …… لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 103، 104، 107 مكررًا، 110 من قانون العقوبات، مع إعمال أحكام المادتين 17، 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة …… بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات، وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه لما أسند إليه وبمصادرة المبلغ النقدي وقدره 60000 ستون ألف جنيه والسوار الذهبي المضبوطين. ثانيًا: بمعاقبة ….. بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه. ثالثًا: بإعفاء ……. من العقوبة.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض …… إلخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه عول في إدانتهما على الدليل المستمد من سماع أشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو والاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة دون بيان مضمونها بطريقة وافية مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لأدلة الإدانة التي أقام عليها قضاءه ومنها الاستماع إلى أشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو والاستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة، واكتفى في بيان مضمونها على مجرد القول: ” وثبت من استماع النيابة العامة لأشرطة التسجيل ومشاهدة أشرطة الفيديو المضبوطة على ذمة القضية ارتكاب المتهمين لجرائم الرشوة المسندة إليهم، كما ثبت من الإستماع إلى المحادثات الهاتفية المسجلة إخطار المتهمين الأول والثاني للمتهم الثالث بسرعة إعدادهما المستخلصات عن الأعمال التي قام بتنفيذها بمنطقة …..، وإصدار الشيكات الخاصة بها وتسليمها إلى مندوب شركة …… حتى يتمكن من صرف مستحقاته لدى الشركة الأخيرة، واتفاق المتهمين الأول والثاني مع المتهم الثالث على اللقاء به في مقر شركته عقب الانتهاء من إعداد كل مستخلص خاص به “. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفق نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل – فيما يشتمل عليه – على بيان كاف لمؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، فلا تكفي الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بسرد لما استمعت إليه النيابة العامة وشاهدته من محادثات ولقاءات بين المتهمين بأشرطة التسجيل وأشرطة الفيديو والمحادثات الهاتفية دون أن يبين مضمون تلك التسجيلات بطريقة وافية، ولم يستظهر الوقائع التي استنتجت منها المحكمة ارتكاب الطاعنين لجريمة الرشوة، بل أجمل ذلك الدليل على نحو مبهم وغامض لا يبين منه مدى تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة، ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة في الدعوى، مكتفيًا بالعبارة المرسلة آنفة البيان الواردة بالمحادثات الهاتفية، والتي لا يستدل منها اقتراف الطاعنين لجريمة الرشوة سيما وأن الطاعن …… ينكر صوته في هذه التسجيلات. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المار بيانه لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وهو ما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.