الخط الساخن : 01118881009
جلسة 10 من يناير سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ يحيى إبراهيم عارف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير الصاوى، عطية النادى، د. حسن البدراوى وسمير حسن نواب رئيس المحكمة.
(17)
الطعن رقم 966 لسنة 73 القضائية
(1 – 3) تحكيم. تنفيذ. حكم “تنفيذ الأحكام الأجنبية”. معاهدات “اتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية” .
(1) تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة من بلد أجنبى. الأصل فيه. تقديم طلب التنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التى يراد التنفيذ بدائرتها. المواد 296، 297، 298 مرافعات. الاستثناء. حالة وجود معاهدة. م 301 مرافعات. انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين. أثره. اعتبارها القانون الواجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام أى قانون آخر بمصر.
(2) تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفق اتفاقية نيويورك. تمامه وفقًا لقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع اتخاذ الإجراءات الأكثر يسرًا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة. م 3 من الاتفاقية. ماهية هذه القواعد. أى قانون ينظم الإجراءات فى الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها. مؤداه. اتساع نطاقه ليشمل أى قواعد إجرائية فى قانون المرافعات أو أى قانون آخر ينظم هذه الإجراءات ومنها قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994. تضمن القانون الأخير قواعد مرافعات أقل شدة فى الاختصاص أو التنفيذ من تلك الواردة فى ق المرافعات. أثره. وجوب تطبيقها دون حاجة لاتفاق الخصوم.
(3) تنفيذ أحكام المحكمين وفق ق التحكيم 27 لسنة 1994. إجراءاته. المواد 9، 56، 58. وجوب تطبيقها دون حاجة لاتفاق عند تنفيذ الأحكام الأجنبية. علة ذلك.
(4 – 6) نقض ” أسباب الطعن: السبب المجهل”.
(4) أسباب الطعن بالنقض. وجوب بيانها فى صحيفة الطعن. الإحالة فى هذا البيان إلى أوراق أخرى. غير جائز.
(5) أسباب الطعن. وجوب تحديدها للعيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه. عدم بيان ماهية الدفاع الذى أغفل الحكم الرد عليه ودلالة المستندات المراد الاستدلال بها وأثر ذلك فى قضائه. نعى مجهل وغير مقبول.
(6) عدم بيان الطاعن للمستندات التى ينعى على الحكم إغفال الرد عليها ودلالة كل منها وأثره فى قضائه. نعى مجهل غير مقبول.
1 – مفاد المواد 296، 297، 298، 301 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن الأصل هو أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى إلى المحكمة الابتدائية التى يراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل فى المادة 301 مرافعات السالف بيان نصها فى حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها القانون الواجب التطبيق فى هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه. لما كان ذلك، وكانت مصر قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها فى 8 من يونيو سنة 1959 والتى أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالتحكيم التجارى الدولى المنعقد فى نيويورك فى المدة من 20 من مايو إلى 10 من يونيه سنة 1958 وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة فى مصر اعتبارًا من 8/ 6/ 1959 ومن ثم فإنها تكون قانونًا من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات أو أى قانون آخر بمصر.
2 – مفاد نص المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك لعام 1958 أن التنفيذ يتم طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر يسرًا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة منها، والمقصود بعبارة قواعد المرافعات الواردة بالمعاهدة أى قانون ينظم الإجراءات فى الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها وبالتالى لا يقتصر الأمر على القانون الإجرائى العام وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية وإنما يشمل أى قواعد إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامها ترد فى أى قانون آخر ينظم تلك الإجراءات والقول بغير ذلك تخصيص بلا مخصص، وإذ صدر قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994متضمنًا القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين وهو فى هذا الخصوص قانون إجرائى يدخل فى نطاق عبارة ” قواعد المرافعات ” الواردة بنصوص معاهدة نيويورك لعام 1958، فإن تضمن قواعد مرافعات أقل شدة سواء فى الاختصاص أو شروط التنفيذ لعموم عبارة النص الوارد بالمعاهدة من تلك الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية فيكون الأول هو الواجب التطبيق بحكم الاتفاقية التى تعد من قوانين الدولة ولا حاجة بالتالى لاتفاق الخصوم فى هذا الشأن.
3 – إذ كان تنفيذ أحكام المحكمين يتم طبقًا لنصوص المواد 9، 56، 58 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وبعد استبعاد ما قضت به المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 58 والذى جاء قاصرًا على حالة عدم جواز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ الحكم دون باقى ما تضمنه النص فإن التنفيذ يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره فى مصر وأنه لا يتضمن مايخالف النظام العام وتمام الإعلان الصحيح، فإن رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف، مما مفاده أن الاختصاص ينعقد لرئيس محكمة الاستئناف المذكورة بطلب أمر على عريضة يتم التظلم فى أمر الرفض لمحكمة الاستئناف وهى إجراءات أكثر يسرًا من تلك الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو ما يتفق مع مؤدى ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ومؤدى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون من أن قواعد المرافعات المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه من سرعة الفصل فى المنازعات وما ينطوى عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات ولا جدال فى أن الإجراءات المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية أكثر شدة إذ يجعل الأمر معقودًا للمحكمة الابتدائية ويرفع بطريق الدعوى وما يتطلبه من إعلانات ومراحل نظرها إلى أن يصدر الحكم الذى يخضع للطرق المقررة للطعن فى الأحكام، وما يترتب عليه من تأخير ونفقات ورسوم قضائية أكثر ارتفاعًا، وهى إجراءات أكثر شدة من تلك المقررة فى قانون التحكيم، ومن ثم وإعمالاً لنص المادة الثالثة من معاهدة نيويورك والمادة 23 من القانون المدنى التى تقضى بأولوية تطبيق أحكام المعاهدة الدولية النافذة فى مصر إذا تعارضت مع تشريع سابق أو لاحق والمادة 301 من قانون المرافعات فإنه يستبعد فى النزاع المطروح تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتبارها أكثر شدة من تلك الواردة فى قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، ويكون القانون الأخير وبحكم الشروط التى تضمنتها معاهدة نيويورك لعام 1958 التى تعد تشريعًا نافذًا فى مصر لا يحتاج تطبيقه لاتفاق أولى بالتطبيق باعتباره تضمن قواعد إجرائية أقل شدة من تلك الواردة فى القانون الأول.
4 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن العبرة فى بيان أسباب الطعن بالنقض هى بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يغنى الإحالة فى هذا البيان إلى أوراق أخرى.
5 – يجب طبقًا لنص المادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان أسباب الطعن بيانًا دقيقًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا وافيًا نافيًا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه وأنه إذ لم يبين الطاعن ماهية الدفاع الذى أغفل الحكم الرد عليه ودلالة المستندات المراد الاستدلال بها وأثر ذلك فى قضاء الحكم فإن النعى يكون مجهلاً غير مقبول.
6 – عدم بيان الطاعن للمستندات التى يعزو إلى الحكم عدم الرد عليها ودلالة كل منها وأثره فى قضاء الحكم المطعون فيه بما يكون معه النعى مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها صدر لصالحها بتاريخ 26/ 3/ 2001 حكم من محكمة التحكيم المنعقدة فى جنيف بسويسرا فى طلب التحكيم رقم…. بإلزام الطاعنة بأن تؤدى لها المبالغ المبينة بحكم التحكيم المذكور وتقدمت للسيد المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة بطلب لاستصدار أمر تنفيذ حكم التحكيم سالف الذكر وبتاريخ 10/ 7/ 2002 أصدر السيد/ رئيس محكمة استئناف القاهرة أمرًا برفض الطلب فأقامت المطعون ضدها التظلم رقم…. لسنة….. استئناف القاهرة بطلب إلغاء الأمر المتظلم منه والأمر مجددًا بتنفيذ حكم التحكيم تأسيسًا على استيفاء شروط تقديم طلب تنفيذ حكم التحكيم وتوافر شروط الأمر بتنفيذه وعدم وجود ما يخالف النظام العام والآداب به وبتاريخ 6/ 8/ 2003 قضت المحكمة بإلغاء الأمر المتظلم منه وأمرت بتنفيذ حكم التحكيم الصادر بتاريخ 26/ 3/ 2001 من جنيف بسويسرا رقم…… طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجهين الأول والثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان الوجه الأول تقول إن التحكيم محل النزاع يخضع لأحكام اتفاقية نيويورك لسنة 1958 والتى انضمت إليها مصر بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 سنة 1959 وأن الفقرة الأولى من المادة الثالثة من الاتفاقية تقضى بإعمال قواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مما مفاده اختصاص المحكمة الابتدائية عملاً بالمادة 297 مرافعات التى عقدت الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ أحكام المحكمين الصادرة فى بلد أجنبى للمحكمة الابتدائية التى يراد التنفيذ فى دائرتها وهو اختصاص نوعى يتعلق بالنظام العام أما شروط التنفيذ فقد وردت فى المادتين الرابعة والخامسة من الاتفاقية بما يخرج مسألة الاختصاص عن نطاق المقارنة للشروط الواجبة التنفيذ فى الاتفاقية من ناحية وفى أية قوانين أخرى من ناحية ثانية، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بعدم اختصاص محكمة استئناف القاهرة وقضى باختصاصها وخلط بين الاختصاص وشروط التنفيذ استنادًا لحكم المادة 58/ 3 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 المقضى بعدم دستوريتها يكون قد انطوى على خطأ فى تطبيق أحكام اتفاقية نيويورك وفى بيان الوجه الثانى تقول إن قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994 أورد قيدين لانطباقه أولهما: عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها فى جمهورية مصر العربية ومؤدى ذلك تغليب أحكام الاتفاقيات على أحكام قانون التحكيم تطبيقًا لمبدأ سمو الاتفاقيات الدولية. ثانيهما: عدم سريان أحكامه فيما يتعلق بالتحكيم التجارى الدولى فى الخارج إلا إذا كان أطرافه قد اتفقوا على إخضاعه لأحكام قانون التحكيم ذاته وإذ طبق الحكم المطعون فيه قانون التحكيم المذكور وأهدر القيدين المشار إليهما ولم يعمل أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة التطبيق طبقًا لمعاهدة نيويورك وأعمل قواعد قانون التحكيم رغم عدم الاتفاق على تطبيقه فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى بوجهيه غير سديد، ذلك أن النص فى المادة 296 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن ” الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة فى قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه ” وفى المادة 297 منه على أن ” يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التى يراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى ” وفى المادة 298 منه حدد الشروط الواجب التحقق منها قبل إصدار الأمر بتنفيذ الحكم أو الأمر الأجنبى، ثم نص فى المادة 301 مرافعات والتى اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية على أن ” العمل بالقواعد المنصوص عليها فى المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التى تعقد بين الجمهورية وغيرها من الدول فى هذا الشأن ” ومفاد ذلك أن الأصل هو أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى إلى المحكمة الابتدائية التى يراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل فى المادة 301 مرافعات السالف بيان نصها فى حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها القانون الواجب التطبيق فى هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه. لما كان ذلك،وكانت مصر قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها فى 8 من يونيو سنة 1959 والتى أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالتحكيم التجارى الدولى المنعقد فى نيويورك فى المدة من 20 من مايو إلى 10 من يونيه سنة 1958 وصدر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة فى مصر اعتبارًا من 8/ 6/ 1959 ومن ثم فإنها تكون قانونًا من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات أو أى قانون آخر بمصر. وإذ نصت المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك لعام 1958 على أن ” تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقًا للشروط المنصوص عليها فى المواد التالية ” ” ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التى تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروطًا أكثر شدة ولا رسومًا قضائية أكثر ارتفاعًا بدرجة ملحوظة من تلك التى تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين ” ومفاد ذلك أن التنفيذ يتم طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر يسرًا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة منها والمقصود بعبارة قواعد المرافعات الواردة بالمعاهدة أى قانون ينظم الإجراءات فى الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها وبالتالى لا يقتصر الأمر على القانون الإجرائى العام وهو المرافعات المدنية والتجارية وإنما يشمل أى قواعد إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامها ترد فى أى قانون آخر ينظم تلك الإجراءات والقول بغير ذلك تخصيص بلا مخصص. وإذ صدر قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 متضمنًا القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين وهو فى هذا الخصوص قانون إجرائى يدخل فى نطاق عبارة ” قواعد المرافعات ” الواردة بنصوص معاهدة نيويورك لعام 1958، فإن تضمن قواعد مرافعات أقل شدة سواء فى الاختصاص أو شروط التنفيذ لعموم عبارة النص الوارد بالمعاهدة من تلك الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية فيكون الأول هو الواجب التطبيق بحكم الاتفاقية التى تعد من قوانين الدولة ولا حاجة بالتالى لاتفاق الخصوم فى هذا الشأن، ولما كان تنفيذ أحكام المحكمين يتم طبقًا لنصوص المواد 9، 56، 58 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وبعد استبعاد ما قضت به المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 58 والذى جاء قاصرًا على حالة عدم جواز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ الحكم دون باقى ما تضمنه النص فإن التنفيذ يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره فى مصر وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام وتمام الإعلان الصحيح، فإن رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف، مما مفاده أن الاختصاص ينعقد لرئيس محكمة الاستئناف المذكورة بطلب أمر على عريضة يتم التظلم فى أمر الرفض لمحكمة الاستئناف وهى إجراءات أكثر يسرًا من تلك الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو ما يتفق مع مؤدى ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ومؤدى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون من أن قواعد المرافعات المدنية والتجارية لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه من سرعة الفصل فى المنازعات وما ينطوى عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات ولا جدال فى أن الإجراءات المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية أكثر شدة إذ يجعل الأمر معقودًا للمحكمة الابتدائية ويرفع بطريق الدعوى وما يتطلبه من إعلانات ومراحل نظرها إلى أن يصدر الحكم الذى يخضع للطرق المقررة للطعن فى الأحكام، وما يترتب عليه من تأخير ونفقات ورسوم قضائية أكثر ارتفاعًا، وهى إجراءات أكثر شدة من تلك المقررة فى قانون التحكيم، ومن ثم وإعمالاً لنص المادة الثالثة من معاهدة نيويورك والمادة 23 من القانون المدنى التى تقضى بأولوية تطبيق أحكام المعاهدة الدولية النافذة فى مصر إذا تعارضت مع تشريع سابق أو لاحق والمادة 301 من قانون المرافعات فإنه يستبعد فى النزاع المطروح تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتبارها أكثر شدة من تلك الواردة فى قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، ويكون القانون الأخير وبحكم الشروط التى تضمنتها معاهدة نيويورك لعام 1958 التى تعد تشريعًا نافذًا فى مصر لا يحتاج تطبيقه لاتفاق أولى بالتطبيق باعتباره تضمن قواعد إجرائية أقل شدة من تلك الواردة فى القانون الأول وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعى على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثانى الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب إذ إن الحكم المطعون فيه تجاهل نص المادة 5/ 2 ب من الاتفاقية والتى أجازت للسلطة المختصة فى البلد المراد تنفيذ حكم تحكيم فيها أن ترفض الاعتراف أو التنفيذ إذا تبين لها أن فى الاعتراف أو التنفيذ ما يخالف النظام العام فضلاً عن إمكانية القضاء ببطلان الحكم لذات السبب إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى فى تسبيب قضائه فى الشق المتعلق بالدفع بعدم الاختصاص بفكرة الشروط الأقل شدة الواردة فى القانون رقم 27 لسنة 1994 وتجنب الخوض فى مناقشة أى وجه من أوجه دفاعها الواردة فى مذكرتيها المقدمتين بجلستى 7/ 9/ 2002، 8/ 1/ 2003 أمام محكمة الاستئناف ولم يعلق على الحجج التى استند إليها الرأى السائد بعدم اختصاص محكمة استئناف القاهرة فى شأن تنفيذ أحكام التحكيم التجارى الدولى الذى يجرى فى الخارج ما لم يكن طرفاه قد أخضعاه من حيث الإجراءات لقانون التحكيم المصرى وأن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على كافة أوجه دفاعها الواردة فى المذكرتين سالفتى الذكر وبخاصة المذكرة المقدمة بجلسة 7/ 9/ 2002 والمتعلقة بمخالفة التحكيم الأجنبى للنظام العام فى مصر وتتمثل فى صدور الحكم بناء على إجراءات غير صحيحة يترتب عليها انتهاك حق الدفاع إخلالاً بمبدأ المساواة بين الطرفين وقد أسست دفاعها هذا على النحو الوارد تفصيلاً فى المذكرة المقدمة بجلسة 7/ 9/ 2002 وثانيها هو إقامة التحكيم على الغش الذى يخالف النظام العام عملاً بقاعدة الغش يفسد كل التصرفات وأنها أقامت الأدلة على مخالفة حكم التحكيم موضوع النزاع للنظام العام مما يعد مانعًا من موانع تنفيذه طبقًا لأحكام اتفاقية نيويورك لتأسيسه على مستند مزور أو مزيف دون التحقق من سلامته على النحو الوارد تفصيلاً بالمذكرة المقدمة بجلسة 7/ 9/ 2002 ورغم إقامة الدليل على ذلك من واقع المستندات الاثنى عشر المقدمة لمحكمة الاستئناف إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع والمستندات مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن العبرة فى بيان أسباب الطعن بالنقض هى بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يغنى الإحالة فى هذا البيان إلى أوراق أخرى وأنه يجب طبقًا لنص المادة 253 منقانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان أسباب الطعن بيانًا دقيقًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا وافيًا نافيًا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه، وأنه إذا لم يبين الطاعن ماهية الدفاع الذى أغفل الحكم الرد عليه ودلالة المستندات المراد الاستدلال بها وأثر ذلك فى قضاء الحكم فإن النعى يكون مجهلاً غير مقبول. وأن عدم بيان الطاعن للمستندات التى يعزو إلى الحكم عدم الرد عليها ودلالة كل منها وأثره فى قضاء الحكم المطعون فيه بما يكون معه النعى مجهلاً ومن ثم غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة لم تبين فى الوجه الثالث من السبب الأول أوجه مخالفة حكم التحكيم محل النزاع للنظام العام فى مصر كما لم تبين فى السبب الثانى بوجهيه أوجه الدفاع التى أحالت بشأنها إلى المذكرتين المشار إليهما ولم تتضمنها الصحيفة والتفت الحكم عن الرد عليها كما لم تبين ماهية المستندات التى أسست عليها دفاعها ودلالتها وأثرها فى قضاء الحكم المطعون فيه مما يكون النعى بما سلف مجهلاً وبالتالى غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وسوم : احكام نقض