جلسة 5 من يوليه سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ يحيى إبراهيم عارف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عطية النادى، د. حسن البدراوى نائبى رئيس المحكمة، سمير حسن وعبد الحميد مصطفى.
(124)
الطعن رقم 458 لسنة 73 القضائية
(1 – 4) بنوك. حجز “حجز ما للمدين لدى الغير”. حكم “عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون”. شركات “شركات المساهمة”.
(1) سقوط الحجز بانقضاء ثلاث سنوات على إعلان الحاجز للجهة المحجوز لديها. شرطه. وقوع هذا الحجز تحت يد إحدى الجهات المبينة على سبيل الحصر بالمادة 350 مرافعات. علة ذلك.
(2) البنوك. ماهيتها. شركات مساهمة تباشر عمليات البنوك على سبيل الاحتراف. وجوب تسجيلها فى السجل الخاص بالبنك المركزى. لا أثر لهذا التسجيل أو مساهمة الدولة فى رأسمالها على خضوعها للقانون الخاص. أثره. ليس لها الامتياز المقرر للمرافق العامة. مؤداه. مباشرتها عملها كأى تاجر وعدم خضوع عمالها لقواعد الموظفيين العموميين.
(3) البنك المركزى له سلطة الإشراف على البنوك وعلى أنشطتها ما لم يرد بخلافه قانون خاص. علة ذلك. الأعمال المصرفية التى تقوم بها. هدفها. تنمية الادخار والاستثمار وتقديم خدماتها الائتمانية لمن يطلبها. أثره. خضوع تلك البنوك لقواعد القانون الخاص أثناء مباشرتها تلك الأعمال ولو كان رأسمالها مملوكًا كليًا أو جزئيًا للدولة. مؤداه. عدم اعتبارها من أشخاص القانون العام. علة ذلك.
(4) بنك القاهرة. عدم اعتباره ضمن الجهات المحددة على سبيل الحصر بالمادة 350 مرافعات. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.
1 – النص فى المادة 350 من قانون المرافعات يدل على أن حكمه لا ينصرف إلا إلى إحدى الجهات المبينة به على سبيل الحصر والتى يجمعها أنها وحدات حكومية أو هيئات أو مؤسسات عامة وما يتبعها، ومن ثم فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله.
2 – مفاد نصوص المواد الأولى من القرار بقانون رقم 22 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بمزاولة عمليات البنوك، والمادة 21 من القرار بقانون رقم 163 لسنة 1957، والمادة الأولى من القرار الجمهورى رقم 1466 لسنة 1964 والمواد 1، 5، 15، 18، 19 من القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى والجهاز المصرفى، أن النظام المصرفى فى مصر تتولاه أصلاً شركات مساهمة تعتبر من أشخاص القانون الخاص وتباشر نشاطها وفقًا لقواعد هذا القانون، ولا أثر لمساهمة الدولة فى رأسمالها على طبيعة عملياتها أو طرق إدارتها، وأن مباشرة عمليات البنوك على سبيل الاحتراف مقصورة على هذه الشركات المساهمة ويحظر القيام بصفة أساسية وعلى وجه الاعتياد بأى عمل من أعمال البنوك ما لم يكن القائم به مسجلاً طبقًا للقانون فى سجل خاص يمسكه البنك المركزى، إلا أن تسجيل البنك فى هذا السجل لا علاقة له بشخصية الشركة المساهمة، وطبقًا لهذه التشريعات ليس للبنوك أى امتياز مما هو مقرر للمرافق العامة بل هى تباشر عملها كما يباشره أى تاجر آخر يخضع للقانون الخاص وعمالها لا يخضعون لقواعد الموظفين العموميين بل لعقد العمل.
3 – البنك المركزى يشرف على البنوك وعلى نشاطها فهى رقابة سببها أهمية النشاط المصرفى وذلك كله فيما عدا ما يرد بخلافه قانون خاص كبنك ناصر وغيره مما يعد هيئة عامة ذلك أن الأعمال التى تقوم عليها البنوك بوجه عام ومنها البنك المطعون ضده تعتبر جميعها من قبيل الأعمال المصرفية التى تعتمد أصلاً على تنمية الادخار والاستثمار وتقديم خدماتها الائتمانية لمن يطلبها، وأعمالها هذه بالنظر إلى طبيعتها تُخضعها لقواعد القانون الخاص وهى تباشرها بوسائل هذا القانون ولو كان رأسمالها مملوكًا كليًا أو جزئيًا للدولة ولا تعد بالتالى من أشخاص القانون العام إذ لا صلة بين الجهة التى تملك أموالها وموضوع نشاطها ولا بطرائقها فى تسييره وليس من شأن هذه الملكية أن تحيل نشاطها عملاً إداريًا أو منفصلاً عن ربحها باعتبارها غرضًا نهائيًا تتغياه بل هو مطلبها من تنظيمها لأعمالها وتوجيهها لها.
4 – لما كان البين من الأوراق أن البنك المحجوز لديه – بنك القاهرة – قد انتظم فى شكل شركة مساهمة ويتبع أساليب الإدارة على النحو سالف البيان وفقًا للعرف المصرفى دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المعمول بها فى المصالح الحكومية وليس من شأن مساهمة الدولة فى رأسماله أن يجعله جهة حكومية أو هيئة عامة فلا يندرج ضمن الجهات التى حددتها على سبيل الحصر المادة 350 من قانون المرافعات سالف الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر قولاً منه بأن أموال البنك المطعون ضده تعد أموالاً عامة ويعد من الشركات التابعة للمؤسسات العامة وفق القانون الذى ينظمه مع غيره من بنوك القطاع العام فإنه يكون معيبًا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن البنك المطعون ضده أقام الدعوى رقم… لسنة…. مدنى جزئى عابدين بطلب الحكم بسقوط الحجز القضائى الموقع من الطاعن بصفته تحت يد البنك المطعون ضده بتاريخ 22/ 10/ 1992 على أموال شركة… تنفيذًا للحجز التحفظى رقم… لسنة… الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية وذلك لعدم إعلان الرغبة فى تجديد الحجز رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على توقيعه، حكمت المحكمة بجلسة 25/ 9/ 2001 برفض الدعوى، استأنف البنك المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم… لسنة… ق القاهرة، وبتاريخ 16/ 4/ 2003 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الحجز واعتباره كأن لم يكن. طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه بسقوط الحجز الصادر لصالحه على سند من نص المادة 350 من قانون المرافعات التى تقضى بأن الحجز الموقع تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها بهذه المادة لا يكون له أثر إلا لمدة ثلاث سنوات فى حين أنه ليس من الجهات المنصوص عليها بالمادة سالفة الذكر ومن ثم لا تسرى عليه أحكامها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة 350 من قانون المرافعات على أن “الحجز الموقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة والشركات والجمعيات التابعة لها لا يكون له أثر إلا لمدة ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه ما لم يعلن الحاجز المحجوز لديه فى هذه المدة باستبقاء الحجز فإن لم يحصل هذا الإعلان أو لم يحصل تجديده كل ثلاث سنوات اعتبر الحجز كأن لم يكن مهما كانت الإجراءات أو الاتفاقات أو الأحكام التى تكون قد تمت أو صدرت فى شأنه ولا تبدأ مدة الثلاث سنوات المذكورة بالنسبة إلى خزانة المحكمة إلا من تاريخ إيداع المبالغ المحجوز عليها “يدل على أن حكمه لا ينصرف إلا إلى إحدى الجهات المبينة به على سبيل الحصر والتى يجمعها أنها وحدات حكومية أو هيئات أو مؤسسات عامة وما يتبعها ومن ثم فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله، وكان النص فى المادة الأولى من القرار بقانون رقم 22 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بمزاولة عمليات البنوك على أنه “يجب أن تتخذ البنوك التى تعمل فى جمهورية مصر العربية شكل شركات مساهمة مصرية.. ” والنص فى المادة 21 من القرار بقانون رقم 163 لسنة 1957 على أن “يتم تسجيل البنوك..، وفقًا للشروط الآتية 1 – أن يتخذ البنك أحد الأشكال الآتية ( أ ) شركة مساهمة مصرية جميع أسهمها اسمية، (ب) …..، (ج) …”، والنص فى المادة الأولى من القرار الجمهورى رقم 1466 لسنة 1964 على أن “تلغى المؤسسة المصرية العامة للبنوك ويقوم البنك المركزى المصرى بمباشرة الاختصاصات التى كانت مخولة لها”، وإذ صدر القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى والجهاز المصرفى – وحسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – لمواجهة تطورات السياسة الاقتصادية فى البلاد الأمر الذى دعت معه الحاجة إلى توفير أكبر قدر من حرية العمل أمام البنوك الوطنية دون قصر نشاطها على نوعية معينة، ناصًا فى مادته الأولى على أن “البنك المركزى المصرى شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقًا للخطة العامة للدولة بما يساعد على تنمية الاقتصاد القومى ودعمه واستقرار النقد المصرى، ويباشر السلطات والاختصاصات المخولة له بالقانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان ووفقًا للأحكام والقواعد المنصوص عليها فيه بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون” وفى المادة الخامسة على أن “يتبع البنك أساليب الإدارة وفقًا لما يجرى عليه العمل فى المنشآت المصرفية دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المنصوص عليها فى القوانين واللوائح المعمول بها فى الحكومة والقطاع العام”، وفى مجال تنظيم الجهاز المصرفى أوضحت المادة 15 من القانون المذكور تعريفًا لما يعتبر بنكًا تجاريًا أدخلت فيه تطويرًا للبنوك التجارية من حيث نوع وحجم العمليات التى تقوم بها، وأوجبت المادة 18 أن يكون لكل بنك مجلس إدارة يشكل على النحو المبين بها، وأوضحت المادة 19 اختصاصات هذا المجلس باعتباره السلطة المهيمنة على شئونه وتصريف أموره ووضع السياسة التى ينتهجها والإشراف على تنفيذها وإصدار القرارات واللوائح بالنظم التى يراها كفيلة بتحقيق الأغراض والغايات التى يقوم على تنفيذها طبقًا لأحكام القانون رقم 163 لسنة 1957 فى إطار السياسة العامة للدولة وأوضحت نوعيات لهذه الاختصاصات، فإن مفاد النصوص السابقة مجتمعة أن النظام المصرفى فى مصر تتولاه أصلاً شركات مساهمة تعتبر من أشخاص القانون الخاص وتباشر نشاطها وفقًا لقواعد هذا القانون، ولا أثر لمساهمة الدولة فى رأسمالها على طبيعة عملياتها أو طرق إدارتها، وأن مباشرة عمليات البنوك على سبيل الاحتراف مقصورة على هذه الشركات المساهمة ويحظر القيام بصفة أساسية وعلى وجه الاعتياد بأى عمل من أعمال البنوك ما لم يكن القائم به مسجلاً طبقًا للقانون فى سجل خاص يمسكه البنك المركزى، إلا أن تسجيل البنك فى هذا السجل لا علاقة له بشخصية الشركة المساهمة، وطبقًا لهذه التشريعات ليس للبنوك أى امتياز مما هو مقرر للمرافق العامة بل هى تباشر عملها كما يباشره أى تاجر آخر يخضع للقانون الخاص وعمالها لا يخضعون لقواعد الموظفين العموميين بل لعقد العمل، وإذا كان البنك المركزى يشرف عليها وعلى نشاطها فهى رقابة سببها أهمية النشاط المصرفى وذلك كله فيما عدا ما يرد بخلافه قانون خاص كبنك ناصر وغيره مما يعد هيئة عامة ذلك أن الأعمال التى تقوم عليها البنوك بوجه عام ومنها البنك المطعون ضده تعتبر جميعها من قبيل الأعمال المصرفية التى تعتمد أصلاً على تنمية الادخار والاستثمار وتقديم خدماتها الائتمانية لمن يطلبها، وأعمالها هذه بالنظر إلى طبيعتها تُخضعها لقواعد القانون الخاص وهى تباشرها بوسائل هذا القانون ولو كان رأسمالها مملوكًا كليًا أو جزئيًا للدولة ولا تعد بالتالى من أشخاص القانون العام إذ لا صلة بين الجهة التى تملك أموالها وموضوع نشاطها ولا بطرائقها فى تسييره وليس من شأن هذه الملكية أن تحيل نشاطها عملاً إداريًا أو منفصلاً عن ربحها باعتبارها غرضًا نهائيًا تتغياه بل هو مطلبها من تنظيمها لأعمالها وتوجيهها لها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن البنك المحجوز لديه – المطعون ضده – قد انتظم فى شكل شركة مساهمة ويتبع أساليب الإدارة على النحو سالف البيان وفقًا للعرف المصرفى دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المعمول بها فى المصالح الحكومية وليس من شأن مساهمة الدولة فى رأسماله أن يجعله جهة حكومية أو هيئة عامة فلا يندرج ضمن الجهات التى حددتها على سبيل الحصر المادة 350 من قانون المرافعات سالف الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر قولاً منه بأن أموال البنك المطعون ضده تعد أموالاً عامة ويعد من الشركات التابعة للمؤسسات العامة وفق القانون الذى ينظمه مع غيره من بنوك القطاع العام فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم… لسنة… ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.