الخط الساخن : 01118881009
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها – لما كان ذلك – وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ولها كامل الحرية فى أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق – ولا يشترط أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه – ولا يشترط فى الدليل أن يكون صريحًا دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات – وكان وزن أقوال الشاهد وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ولها أن تحصلها وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها ولا يشترط شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذى رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها – ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المبلغ وعضوى هيئة الرقابة الإدارية واقتناعه بارتكاب الطاعنين لجريمة الرشوة المسندة إليهما على الصورة التى شهدوا بها – وكان ما أورده الحكم سائغا فى العقل ومقبولا فى بيان كيفية اقتراف الطاعنين للجريمة المسندة إليهما فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حدوثه على الصورة التى قررها الشهود والتى تأيدت بالتسجيلات والتقرير الفنى – فإن النعى على الحكم من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو فى تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها – على النحو الذى ذهب إليه الطاعنين بأسبابهما – ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض – لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى مفادها أن الطاعنين طلبا وأخذا لنفسيهما مبالغ نقدية على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفتهما مقابل إنهاء الإجراءات الخاصة بصرف مستحقات شركة…. للأعمال الهندسية محل عمل المبلغ شاهد الإثبات الأول وذلك عن قيمة توريد وتركيب وحدة توليد كهرباء لمستشفى…. المركزى لدى مديرية الصحة والسكان…. التى يعمل بها الطاعنان – فإن ما أورده الحكم لدى بيانه لتلك الصورة أن الطاعنة الثانية طلبت من المبلغ التفاهم مع الطاعن الأول وأن أمرها سهل ثم أورد لدى بيانه لمؤدى شهادته ضمن أدلة الإدانة أن الطاعنة الثانية طلبت منه مقابلة الطاعن الأول لإنهاء بعض الإجراءات لا يعد تناقضًا فى حكمها لما هو مقرر من أن التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى تتهاتر به أسبابه بحيث يمحو بعضها ما يثبته بعضها الآخر ومن ثم فإن النعى على الحكم بهذا الوجه من الطعن يكون فى غير محله – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون فإن منعى الطاعنان على الحكم فى هذا الشأن غير سديد – وفضلا عن ذلك – فإنه من المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديدا لما أبلغ به المجنى عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ فإن منعى الطاعن الأول فى هذا الشأن – بفرض صحته – يكون غير قويم – لما كان ذلك، كان نعى الطاعن الأول ببطلان التفتيش لكون الإذن به لم يشمل تفتيش درج مكتبه حيث تم ضبط مبلغ الرشوة مردودا بأنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائى المندوب لإجرائه أن ينفذه عليه أينما وجده ما دام المكان الذى جرى فيه التفتيش واقعًا فى دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فضلا عن أن النيابة – وهى تملك التفتيش بغير طلب ألا تتقيد فى التفتيش الذى تأذن به بما يرد فى طلب الإذن – وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر حينما أطرح هذا الدفع فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأنه لا محل له – ولما كان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعى يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة بالأدلة السائغة التى أوردتها – وهو الحال فى الدعوى الماثلة – إلى وقوع إجراءات التسجيل وما تبعها من إجراءات الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة الثانية فى هذا الصدد لا يكون سديدا – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تسجيل المحادثات التى تجرى فى مكان خاص هو عمل من أعمال التحقيق – وكانت المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لكل من أعضاء النيابة العامة فى حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أيا من مأمورى الضبط القضائى ببعض الأعمال التى من اختصاصاته فإن لازم ذلك أنه يتعين أن يقوم مأمور الضبط القضائى بنفسه بمباشرة الإجراء ذلك الذى ندب لتنفيذه أو أن يكون الإجراء قد تم على مسمع ومرأى منه – وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده فى مدوناته – قد تناهى إلى أن إجراءات تسجيل الحديث ذاك قد تم على مسمع من مأمور الضبط المعنى فإن منعى الطاعنة الثانية فى هذا الصدد يكون فى غير محله – وإذ كان ذلك وكان تقدير الدليل موكولا إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك، وكانت الأدلة التى ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين للجريمة المسندة إليهما، فإن النعى على الحكم بصدد الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية التى جرت بينهما وبين المبلغ يتمخض جدلاً موضوعيا فى وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض – لما كان ذلك، وكان البيَّن من مطالعة المفردات، التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن ما حصله الحكم من الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة والتليفزيون الخاص بتفريغ الأشرطة المسجلة ومضاهاة الصوت – له معينه الصحيح من الأوراق – فإن دعوى الخطأ فى الإسناد فى هذا الصدد لا تكون مقبولة – لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى معرض تحصيله لأدلة الدعوى مضمون تقرير خبير الأصوات بما مؤداه أنه قد ثبت منه أن الأصوات المسجلة على الشرائط هى للشاهد الأول والطاعنين وأنها تتضمن حواراتهما حول مبلغ الرشوة وأن المادة المسجلة على شرائط الفيديو تضمنت واقعة ضبط المتهمين وكذا مبلغ الرشوة – فإن الحكم بذلك يكون قد أورد مؤدى هذا الدليل ومن ثم فإن دعوى القصور فى التسبيب تضحى غير صحيحة – لما كان ذلك – وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه فى الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة وكان الاختلاف فى بيان قدر مبلغ الرشوة الذى تسلمته الطاعنة الثانية من المبلغ لا أثر له فى عقيدة المحكمة ولا فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن الأول فى هذا الصدد لا يكون مقبولا – فضلا عن أنه لا يقبل منه من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها بشخصه وله مصلحة فيه وهو الأمر المنتفى فى هذا الوجه من الطعن ويضحى ما يثيره بشأنه غير مقبول – لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت، وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضا فى حكمها – وإذ كانت الطاعنة الثانية لا تجادل فى أن ما نقله الحكم من أقوال عضوى الرقابة الإدارية له أصله الثابت فى الأوراق و لم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما بل إن البين مما أوردته فى أسباب طعنها نقلا عن أقوالهما أنها تتفق فى جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته فى بيان أقوال الشاهد الثالث… إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثانى… ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثالث لم يشترك فى إجراء التحريات التى أجراها الشاهد الثانى ولا فى تجهيز الشاهد الأول فنيا – على فرض صحة ذلك – إذ أن مفاد إحالة الحكم فى بيان أقواله إلى ما حصَّله من أقوال الشاهد الثانى فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات – مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور فى التسبيب – لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هى أعرضت عن أقوال شهود الطاعنة الثانية ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ولأن فى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها – فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى طلبت الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أصل ثابت فى الأوراق – ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعنين أخذا المبالغ النقدية المضبوطة نفاذا للاتفاق السابق بينهما وبين المبلغ مندوب شركة…… للأعمال الهندسية مقابل القيام بعمل يدخل فى اختصاصهما وهو إنهاء صرف المستحقات المالية للشركة لدى مديرية الصحة والسكان….. والتى يعمل بها الطاعنان بما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة – وكان من المقرر أنه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون غير سديد – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل فى الأصل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم – إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها – ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعنين بإنكار الجريمة واطرحه فى قوله “وحيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت فى الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهمين وتلتفت عما أثاره الدفاع من ضروب دفاع أخرى قوامها إثارة الشك فى تلك الأقوال ولا يسع المحكمة سوى اطراحها اطمئنانا منها إلى صدق رواية الشهود المدعمة بما كشف عنه تفريغ الأشرطة” ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض – لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعًا – لما كان ذلك، وكان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتى السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتى الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل فى ظاهره معنى القانون الأصلح للمتهمين بما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح الحكم الصادر فى هذه الدعوى – موضوع الطعن الماثل – فى الحدود الواردة بالقانون الجديد إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه “…. واعتبارًا من تاريخ صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها فى السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال” بما يعنى أنه لم يعد هناك أى أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضى بها – فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه.
|
|
وسوم : احكام نقض