الخط الساخن : 01118881009
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم: 78/ 2/ 91
جلسة 18 من مارس سنة 2009
السيد الدكتور/ وزير المالية.
تحية طيبة وبعد،،،،،،
بالإشارة إلى كتابكم رقم (2251) بتاريخ 22/ 9/ 2008 في شأن طلب الرأى عن مشروعية عدم استرداد ما صرف من فروق مالية للسيد/ سعد سالم حمد مسلم تنفيذًا للحكم الصادر لصالحه من المحكمة الإدارية والتأديبية بالإسكندرية في الدعوى رقم 3059 لسنة 49ق بجلسة 27/ 7/ 2003 بعد صدور حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 28/ 2/ 2006 بإلغاء الحكم المشار إليه.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن السيد/ سعد سالم حمد مسلم الباحث القانوني بالإدارة المركزية للشئون القانونية والتحقيقات بمصلحة الجمارك تقدم بطلب إلى رئيس مصلحة الجمارك يلتمس فيه عدم استرداد ما صرف له من فروق مالية تنفيذًا للحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 3059 لسنة 49ق بجلسة 27/ 7/ 2003 من المحكمة الإدارية والتأديبية بالإسكندرية , والذي صدر تنفيذًا له القرار رقم (715) في 19/ 8/ 2003متضمنًا إرجاع أقدميته في الدرجة الثالثة من 3/ 6/ 1998 إلى 15/ 7/ 1993 بعد حساب ثلاثة أرباع مدة خبرته العملية السابقة ضمن مدة خبرته الحالية، وصرف الفروق المالية المستحقة له بعد إعادة حساب راتبه الأساسي والعلاوات الخاصة والإضافية التى تقرر ضمها للراتب الأساسي الجديد، و أنه تم الطعن على الحكم المشار إليه أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حيث قضت بجلسة 28/ 2/ 2006 بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى. وبناءً على ذلك تم تعديل أقدمية المعروضة حالته مرة أخرى تنفيذًا للحكم الأخير لتصبح أقدميته في الدرجة الثالثة اعتبارًا من 3/ 6/ 1998 كما تم إعادة حساب تدرج راتبه مع خصم العلاوات السابق منحها له بموجب القرار رقم (715) لسنة 2003، وأن المعروضة حالته تقدم بطلب عدم استرداد الفروق المالية السابق صرفها له الأمر الذى حدا بكم إلى طلب الرأى القانونى فى مدى مشروعية التجاوز عن استرداد ما صرف له بغير وجه حق.
نفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 18 من مارس 2009، الموافق 21 من ربيع الأول سنة 1430ه فتبين لها أن إفتائها جرى على أن سحب الترقيات الباطلة التى تمت نتيجة خطأ في تطبيق القانون ودون أن يداخلها أى غش أو تواطؤ أو مسعى غير مشروع من جانب العامل أو من القائمين على أمره بالجهة الإدارية من شأنها أن تؤدى إلى إعادة العامل إلى الحالة التى كان عليها قبل إجراء الترقية، إلا أن ذلك لا يعني إنكار الوضع الفعلي الذى ترتب له خلال الفترة السابقة على قرار سحب الترقية، ذلك أن الترقية إلى درجة أعلى في مدارج السلم الإدارى تلقي على العامل بذاتها تبعات ومسئوليات تتعلق بشخصه وبواجبات الوظيفة العامة التى يشغلها بالمقارنة بمن هم دونه درجة، وعلى ذلك فإذا كان سحب الترقية يؤدى من وجه إلى إلزام العامل برد ما حصل عليه من فروق مالية نتيجة لزوال سببها وهو قرار الترقية المسحوب، فإنه ينشئ من وجه آخر إلتزامًا مقابلاً في ذمة جهة الإدارة بتعويض ذلك العامل عما قدمه إليها من خدمات وما نهض به من أعباء وتبعات قبل سحب الترقية الباطلة، وبذلك يتمخض الأمر عن التزامين متقابلين أحدهما إلتزام بالرد من جانب العامل والآخر إلتزام بالتعويض من جانب جهة الإدارة، وتبعًا لذلك يتعين نزولاً على مقتضيات العدالة، القيام بإجراء مقاصة بين الالتزامين، فلا يطلب من العامل رد الفروق المالية الناتجة عن الترقية، بل يحتفظ بها تعويضًا له عما قام به من أعمال في الوظيفة الأعلى خلال فترة سريان القرار الباطل، سيما وأن ذلك ما هو إلا امتثال فى الحقيقة لقاعدة الأجر مقابل العمل التى ثقلت موازينها في جميع علاقات العمل وخاصة العلاقة التنظيمية التى تحكم الدولة والعاملين بها حيث يصير أداء العمل هو المصدر المباشر للحق في تقاضى الأجر فلا يجوز تبعًا لذلك حرمان العامل من اقتضائه بعد أن أصبح دينًا في ذمة الجهة الإدارية أو استرداده منه بعد أن أدى العمل المستحق عنه الأجر بالفعل، وأن إفتائها جرى كذلك على أن العامل إذ ينخرط في خدمة أحد مرافق الدولة نظير أجر فإنه يعتمد – وبحسب الغالب الأعم – على هذا الأجر في أمر معيشته ونفقات أسرته التى يعولها فيرتب حياته وتستقيم معيشته على أساس هذا الأجر، فإذا ما قامت جهة الإدارة بصرف مبالغ مالية للعامل بصفة مرتب وكان الصرف تنفيذًا لحكم قضائى تم إلغاؤه ولم يقترن هذا بسعي غير مشروع من العامل أو بما يدخل به الغش على الجهة الإدارية، فإن دواعي الاستقرار التى ثقلت موازينها في القانون العام والمبادئ العامة التى تمليها ضرورات سير المرافق العامة وما تقتضيه من رعاية عمال المرافق العامة وتأمينهم ضد المفاجآت التى تضطرب بها حياتهم، وإعمالاً للقاعدة الأصولية المستقرة فى مضمار الوظيفة العامة أن الأجر مقابل العمل، كل ذلك من مقتضاه ولازمه عدم استرداد ما صرف إلى العامل بصفه مرتب أو أجر متى كان ذلك كله منوطًا بتوافر حسن النية لدى العامل والقائمين على أمره بالجهة الإدارية، فإذا أفصحت الأوراق عن غش أو تواطؤ أو مجاملة ينهض حق جهة الإدارة في الاسترداد من العامل لرد قصده عليه وتفويتًا لباطل مسعاه، فضلا عن المساءلة التأديبية للعامل ولمن تسول له نفسه أن يعطي أو يأخذ غير المستحق من أموال المرفق الذى يعمل به ويضطلع بمسئولياته غشًا أو مجاملة، وأن مرد الأمر في ذلك – ولا شك – إنما يكون في ضوء كل حالة واقعية وفقًا لظروفها وملابساتها.
وحيث إن الثابت بالأوراق – وعلى هدى مما تقدم – أن المبالغ التي تم صرفها للمعروضة حالته كانت بناء على تسوية تمت استنادًا لحكم قضائى وإن جرى إلغاؤه فيما بعد، ولم يقترن هذا الصرف بسعى غير مشروع أو غش أو تواطؤ من جانبه أو من جانب مسئولي الجهة الإدارية التي يعمل بها، ومن ثم فإنه لا يجوز للجهة الإدارية مطالبة الموظف المعروض حالته برد ما صرف له من فروق مالية تنفيذًا للحكم المشار إليه بالأوراق وقبل إلغائه.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز مطالبة الموظف المعروض حالته برد ما صرف له من فروق مالية تنفيذًا للحكم الصادر لصالحه قبل إلغائه، وعلى النحو المبين تفصيلاً بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
رئيس المكتب الفني المستشار/ محمد عبد العليم أبو الروس نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع المستشار/ محمد أحمد الحسيني النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |
وسوم : فتوى