بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم: 100/ 1/ 85
جلسة 18 من مارس سنة 2009
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الزراعة واستصلاح الأراضي
تحية طيبة وبعد،،،،،،
بالإشارة إلى كتابكم رقم 1959/ 1المؤرخ 5/ 11/ 2001 فى شأن طلب الرأى فى مدى انطباق أحكام القانون رقم 42 لسنة 1973 بشأن رد الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص إلى وزارة الأوقاف على أطيان بطريركية الأرمن الأرثوذكس من عدمه.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن بطريركية الأرمن الأرثوذكس تقدمت بإقرار طبقًا لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي أدرجت فيه أراضى الاحتفاظ بمسطح 8ط 400 ف والأراضي الزائدة بمساحة 21ط 1386ف، وأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أصدرت القرار رقم (5) بالجلسة رقم 164 بتاريخ 8/ 9/ 1990 باعتماد فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلسة 29/ 12/ 1976 بأحقية بطريركية الأرمن الأرثوذكس بكل من القاهرة والإسكندرية والجهات التابعة لكل منها فى الإفادة من أحكام القانون رقم 35 لسنة 1971 ببعض الأحكام الخاصة بتملك الأراضي الزراعية واستبدالها بالنسبة إلى الجمعيات الخيرية وطوائف غير المسلمين، والاحتفاظ بقدر من الأرض الزراعية يوازى مائتي فدان من الأرض الزراعية ومثلها من الأراضي البور فى كل حالة على حدة. و أنه بعد تنفيذ هذا القرار تبقى مساحة 11س 13ط 951 ف بمحافظة البحيرة لبطريركية الأرمن الأرثوذكس بالإسكندرية ومساحة 8ط 442 فدان لبطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة ويجب الاستيلاء عليها.
وتطلبون عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع للإفادة بالرأي في مدى إمكانية تطبيق أحكام القانون رقم 42 لسنة 1973 بشأن رد الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص إلى وزارة الأوقاف، على أطيان بطريركية الأرمن الأرثوذكس.
نفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة بتاريخ 18من مارس سنة 2009، الموافق 21 من ربيع الأول سنة 1430ه، فتبين لها أن القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر، ينص في المادة (2) على أنه ” إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف…………… “. وفى المادة (3) المستبدلة بالقانون رقم 547 لسنة 1953، على أنه “ومع ذلك إذا كان الواقف غير مسلم والمصرف غير جهة إسلامية كان النظر لمن تعينه المحكمة الشرعية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه”.
وأن القرار بقانون رقم 152 لسنة 1957 بتنظيم استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر ينص في المادة (1) على أن “تستبدل خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العامة وذلك على دفعات وبالتدريج وبما يوازى الثلث سنويًا وفقًا لما يقرره مجلس الأوقاف الأعلى أو الهيئات التى تتولى شئون أوقاف غير المسلمين حسب الأحوال”.
وأن القرار بقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها ينص في المادة (1) على أن ” تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الآتية: أولاً:… ثانيًا:… ثالثًا: الأوقاف الخيرية التى يشترط فيها النظر لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين…”.
وأن القرار بقانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التى تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية ينص في المادة (2) على أن ” تستبدل الأراضي الزراعية الواقعة خارج نطاق المدن والموقوفة على جهات البر الخاصة وتسلم هذه الأراضي إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وذلك لتوزيعها وفقًا لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه”.
وأن القرار بقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ينص في المادة (1) على أن “تنشأ هيئة عامة تسمى “هيئة الأوقاف المصرية” تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف…”. وفى المادة (2) على أن ” تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الآتية: أولاً: الأوقاف المنصوص عليها فى المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فيما عدا: ( أ ) الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والتى آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالقانون رقم 152 لسنة 1957 المشار إليه. (ب) الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاص والتى آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالقانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه…”.
وأن القانون رقم 42 لسنة 1973 بشأن رد الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص إلى وزارة الأوقاف ينص في المادة (1) على أن “ترد لوزارة الأوقاف جميع الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص التى سبق استبدالها للهيئة العامة للإصلاح الزراعي وفقًا لأحكام القانون رقم 152 لسنة 1957 بتنظيم استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر والقانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التى تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية. ويقتصر الرد على الأراضي الزراعية التى لم تتصرف فيها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي كما ترد إلى وزارة الأوقاف جميع أراضى الأوقاف التى تقع حاليًا داخل كردون المدن وكانت من قبل أراضى زراعية “. وفى المادة (2) على أن ” تتولى هيئة الأوقاف المصرية إدارة واستغلال الأراضي التى ترد بمقتضى المادة السابقة وذلك على الوجه المبين فى القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ويؤول صافى الريع إلى وزارة الأوقاف للصرف منه فى تنفيذ شروط الواقفين “.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المشرع أقام وزارة الأوقاف ناظرًا على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه،حسبما ورد بأحكام القانون رقم 247 لسنة 1953، واستثني من ذلك أوقاف غير المسلمين على مصرف لغير جهة إسلامية حيث منح سلطة تعيين ناظر الوقف للقاضي المختص ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه أو لوزارة الأوقاف. و أن الحكمة من ذلك تتجلى فى دفع الحرج عن الطوائف غير الإسلامية وعن وزارة الأوقاف فى ولايتها على أوقاف خصصت لمصارف طائفة خاصة. وأنه بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971 أعطاها المشرع – بصفتها نائبة عن وزارة الأوقاف – الحق في إدارة واستثمار أموال الأوقاف بصفة عامة وبذلك حلت الهيئة محل الوزارة والمجالس المحلية والهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما لهذه الجهات من حقوق وما عليها من التزامات فيما عدا الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص التى آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بموجب قانوني الاستبدال رقمي 152 لسنة 1957و 44 لسنة 1962 المشار إليهما.
كما استظهرت الجمعية العمومية أنه بموجب قانوني الاستبدال المشار إليهما آلت جميع الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. وأنه بصدور القانون رقم 42 لسنة 1973 المشار إليه، أوجب المشرع على الهيئة العامة للإصلاح الزراعى أن ترد إلى وزارة الأوقاف ما لم يتم التصرف فيه من الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص التي سبق استبدالها للهيئة العامة للإصلاح الزراعي وفقًا لأحكام قانوني الاستبدال المشار إليهما، و أن تتولى هيئة الأوقاف المصرية إدارة واستغلال الأراضي التي يتم ردها إليها وذلك على النحو المبين في القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء الهيئة وأن يؤول صافي الريع إلى وزارة الأوقاف للصرف منه في تنفيذ شروط الواقفين. وهو ما يعد إلغاءً لما ورد فى المادة (2) من القانون الأخير من استثناء الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص التى آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بموجب قانوني الاستبدال المشار إليهما من الخضوع لولاية هيئة الأوقاف المصرية، وانه بناء على ذلك تحل هيئة الأوقاف المصرية محل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات بالنسبة للأراضى التى يتم ردها إلي هيئة الأوقاف والتى لم يسبق التصرف فيها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى حسبما سلف البيان.
ولاحظت الجمعية العمومية أنه لما كانت المادة (2) من القانون رقم 42 لسنة 1973 المشار إليه، تقضي بأن تتولى هيئة الأوقاف المصرية إدارة واستغلال الأراضي التي ترد إلى وزارة الأوقاف على الوجه المبين في القانون رقم 80 لسنة 1971 المشار إليه، وأنه وإذ حدد هذا القانون اختصاص الهيئة المذكورة بإدارة واستثمار الأوقاف المنصوص عليها في المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف، فإنه يتعين الرجوع إلى هذا النص وإعمال الأحكام الواردة فيه عند تحديد الأراضى التى تتولى الهيئة إدارتها واستغلالها من تلك الأراضي التي ترد إلى وزارة الأوقاف بموجب أحكام القانون رقم 42 لسنة 1973، وأنه لما كان البند (ثالثًا) من تلك المادة يتضمن الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها النظر لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين، فإن ذلك من مقتضاه أنه يخرج عن اختصاص الهيئة إدارة واستثمار الأوقاف الخيرية إذا كان واقفوها غير مسلمين ولم يشترطوا فيها النظر لوزير الأوقاف. سيما وأن المادة (3) من القانون رقم 247 لسنة 1953 سالف البيان نصت على أنه إذا كان الواقف غير مسلم والمصرف غير جهة إسلامية كان النظر لمن تعينه المحكمة الشرعية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه. ومن ثم فإنه لا يجوز لوزارة الأوقاف (هيئة الأوقاف) أن تسترد من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الأراضي الزراعية التي يكون واقفوها غير مسلمين ولم يشترطوا فيها النظر لوزير الأوقاف.
كما لاحظت الجمعية أن المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 42 لسنة 1973 نصت على أن المشرع في قانوني الاستبدال المشار إليهما أخضع جميع الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص للاستبدال للهيئة العامة للإصلاح الزراعي مقابل سندات تساوى قيمة هذه الأراضي مقدرة وفقًا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952، على أن تؤدى إلى وزارة الأوقاف فائدة سنوية قدرها 3% من قيمة سندات أراضى البر العام و4% من قيمة سندات البر الخاص. وأن الهدف من ذلك هو تفرغ وزارة الأوقاف لأداء رسالتها فى نشر الدعوة الإسلامية فى الداخل والخارج. و أن التطبيق العملي لهذين القانونين قد ألحق بوزارة الأوقاف غبنًا كبيرًا للنقص الملموس فى الإيرادات التى كانت تحصل عليها مما كان لذلك أثره الواضح فى نقص الإمكانيات التى يتطلبها نشر الدعوة الإسلامية وأداء تلك الوزارة لرسالتها على الوجه الأكمل. وأن رعاية الدعوة الإسلامية تستوجب إزالة هذا الغبن الذى لحق بأموال المسلمين الموقوفة على جهات البر العام والخاص.
وإعمالاً لما جرى عليه إفتاء الجمعية العمومية من أن الأعمال التحضيرية للقانون هي مما يلقى الضوء على أحكامه عند إعمالها بعد صدور القانون بمراعاة ما يستخلص منها من إدراك التوجهات العامة التي توضح مقاصد التشريع وأسباب إعداده والسياسات العامة التي أريد به تحقيقها والمسائل العامة التي أريد به علاجها. فقد خلصت الجمعية العمومية مما تقدم إلى أنه اتساقًا مع المصلحة العامة التى دعت المشرع إلى التدخل بمقتضى أحكام القانون رقم 42 لسنة 1973 المشار إليه، يغدو متعينًا القول بأن المقصود بالرد فى أحكام هذا القانون يقتصر على الأراضي الموقوفة على جهات البر الخاصة بالمسلمين فقط دون غيرهم من طوائف غير المسلمين، من أجل تدعيم موارد الوزارة لتنفيذ رسالتها على النحو المشار إليه فى المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور. ومن ثم فإن الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاصة بغير المسلمين، ومنها الأراضي الخاصة ببطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة و الإسكندرية، لا تخضع لأحكام هذا القانون.
لذلك
انتهى رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم انطباق أحكام القانون رقم 42 لسنة 1973 بشأن رد الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص إلى وزارة الأوقاف، على أطيان بطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة والإسكندرية وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
رئيس المكتب الفني
المستشار/
محمد عبد العليم أبو الروس
نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
محمد أحمد الحسيني
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |