الخط الساخن : 01118881009
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم: 86/ 3/ 1093
جلسة الأول من إبريل سنة 2009
السيد المهندس/ وزير الإسكــــان والمرافق والتنمية العمرانية
تحية طيبة وبعد،،،،،،
بالإشارة إلى كتابكم رقم (648) المؤرخ 28/ 12/ 2008 فى شأن طلب الرأي في مدى جواز تطبيق الكتاب الدوري رقم 6 لسنة 2008 الصادر من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بشأن تطبيق أحكام الرسوب الوظيفي على أعضاء الإدارات القانونية المعاملين بالقانون رقم 47 لسنة 1973.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أصدر الكتاب الدوري رقم 6 لسنة 2008 بشأن معاملة أعضاء الإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973، والذي انتهى فيه إلى تطبيق قرارات الترقية بالرسوب الوظيفي على أعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة بمراعاة توافر المدد البينية المنصوص عليها في المادة (13) من قانون الإدارات القانونية جنبا إلى جنب مع المدد المتطلبة للترقية بالرسوب الوظيفي، وأن هناك إفتاء سابق للجمعية العمومية بقسمى الفتوى والتشريع بعدم جواز تطبيق أحكام الرسوب الوظيفي على أعضاء الإدارات القانونية. وإزاء هذا الخلاف فى الرأى فقد ارتأيتم طلب الرأي في مدى جواز تطبيق أحكام الكتاب الدوري المشار إليه.
نفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في الأول من ابريل لسنة 2009 الموافق 6من ربيع ثاني لسنة1430هـ. فتبين لها أن القانون رقم 47 لسنة 1973 بشان الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها ينص في المادة (1) من مواد إصداره على أن: ” تسري أحكام القانون المرافق على مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها “،
وفي المادة (1) من مواد القانون ذاته على أن: ” الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية أجهزة معاونة للجهات المنشأة فيها، وتقوم بأداء الأعمال القانونية اللازمة لحسن سير الإنتاج والخدمات،……. ”
وفي المادة (11) منه على أن: ” تكون الوظائف الفنية في الإدارات القانونية الخاضعة لهذا القانون على الوجه الآتي : – مدير عام إدارة قانونية – مدير إدارة قانونية – محام ممتاز – محام. وتحدد مرتبات هذه الوظائف وفقا للجدول المرفق بهذا القانون “.
وفي المادة (13) على أن: ” يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف الفنية بالإدارات القانونية أن تتوافر فيه الشروط المقررة في نظام العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام حسب الأحوال، وان يكون مقيدا بجدول المحامين المشتغلين طبقا للقواعد الواردة في المادة التالية،……”
وفي المادة (14) منه على أن ” مع مراعاة ما هو منصوص عليه في المادة التالية يكون التعيين في وظائف الإدارات القانونية في درجة محام ثالث فما يعلوها , بطريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة على أساس مرتبة الكفاية مع مراعاة الأقدمية بين المرشحين عند التساوي في الكفاية ”
وفي المادة (24) منه على أن: ” يعمل فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون , بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال وكذلك باللوائح والنظم المعمول بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية “.
كما تبين للجمعية العمومية كذلك أن القانون رقم (1) لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (47) لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها. ينص فى المادة الأولى على أن ” يستبدل الجدول المرفق بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة والجدول المرفق بالقانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام على حسب الأحوال بالجدول المرفق بالقانون رقم 47 لسنة 1973 , بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة و الهيئات العامة والوحدات التابعة لها يستمر العمل بالقواعد الملحقة بهذا الجدول ” وفي المادة الثانية منه على أن: “تدمج وظائف محام رابع ومحام ثالث ومحام ثان في وظيفة محام وتعادل بالدرجة الثالثة من الجدول, وتدمج وظيفتا محام أول ومحام ممتاز في وظيفة محام ممتاز وتعادل بالدرجة الثانية من الجدول, وتعادل وظيفة مدير إدارة قانونيه بالدرجة الأولى , وتعادل وظيفة مدير عام إدارة قانونيه بدرجة مدير عام من الجدول , وتعادل الوظائف الأعلى التي قد تنشئها المؤسسات والهيئات و الشركات في إداراتها القانونية وفقا لظروفها بباقي الوظائف الواردة في الجدول.وينقل شاغلو وظائف الإدارات القانونية إلى الدرجات المعادلة لوظائفهم بالجدول الجديد مع احتفاظهم بصفه شخصيه بالأجور التي يتقاضونها ولو تجاوزت نهاية الأجر المقرر لهذه الدرجات.ويكون ترتيب الأقدمية بين المنقولين إلى درجه واحده بحسب أوضاعهم السابقة “.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، أن المشرع أنشأ بموجب القانون رقم 47 لسنة 1973 بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها إدارات قانونية، تكون وظيفتها معاونة الجهات المنشأة بها مجال الأعمال القانونية وغيرها، واعتبر أعضاءها من العاملين بهذه الجهات، وأناط بشاغلي الوظائف الفنية بها اختصاصات مزدوجة، ينهضون بجانب منها في جهات عملهم كمباشرة التحقيقات والإفتاء وإعداد مشروعات العقود وغير ذلك مما نصت عليه تفصيلا المادة (1) من هذا القانون، ويمارسون فى الجانب الآخر منها الاختصاصات التي عهدت بها هذه المادة إليهم أمام المحاكم وهيئات التحكيم والجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي، والتي يلزم لها القيد بجداول نقابة المحامين طبقًا لما يشترطه قانون المحاماة في هذا الشأن. وكفل لهم القانون المذكور مباشرة هذه الاختصاصات باستقلال وحيدة.
واستعرضت الجمعية العمومية الأعمال التحضيرية التي صاحبت إعداد القانون رقم (1) لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (47) لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، باعتبارها الوعاء الذي يستخلص منه إدراك التوجهات العامة التي توضح مقاصد التشريع وأسباب إعداده، فتبين لها انه ورد في مضبطة الجلسة العشرين لمجلس الشعب المعقودة في 14 من يناير سنة 1986 ما نصه ” أن ثمة مفارقات ظهرت في التطبيق بأن وقع ظلم على محامى الإدارات القانونية بالهيئات وشركات القطاع العام، وهم المنوط بهم أصلاً حماية المال العام وتحقيق العدالة بين العاملين بهذه الشركات والهيئات. فكان لا يمكن ولا يعقل أن المنوط بهم تحقيق العدل والعدالة بين العاملين وحماية المال العام أن يشعر أن غبنًا أو ظلمًا وقع عليه وأن أقرانه في الهيئة سبقوه في الدرجات والترقيات والمرتبات والعلاوات. وأن الهدف أساسا من هذا القانون هو المساواة الكاملة بين العاملين في الإدارات القانونية وزملائهم العاملين في نفس الموقع الذي يخضعون لقوانين القطاع العام والهيئات العامة”
واستخلصت الجمعية العمومية من ذلك أنه إذا كان المشرع في قانون الإدارات القانونية المشار إليه كان قد تغيا – في الأصل – وضع تنظيم خاص لأعضاء تلك الإدارات تَضمَن بعض الضمانات التي تكفل لهم الاستقلال والحيدة في أداء أعمالهم، وأخضعهم لقواعد تغاير تلك التي يعامل بمقتضاها من عداهم من العاملين في الجهات التي يتبعونها، وأفرد لهم جدولا مستقلا بوظائفهم ومرتباتهم. إلا أن المشرع استظهر – فيما بعد – ما بدا من مفارقات كبيرة بين أوضاع هذين الفريقين سواء في الأجور أو في الترقي إلى الدرجات الأعلى مما حدا به إلى إصدار القانون رقم 1 لسنة 1986 سالف الذكر والذي يتضح منه بجلاء على ما يبين من أعماله التحضيرية السابق الإشارة إليها، أن نية المشرع قد اتجهت في الأصل إلى تحقيق المساواة بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة من كلا الفريقين وذلك بإدراج أعضاء تلك الإدارات في ذات السلم الوظيفي الذي ينتظم غيرهم من العاملين، ومعاملتهم بالمربوط المقدر لكل من درجاته، ووضع، بنص المادة الثانية منه، أسلوب معادلة وظائف الإدارات القانونية بدرجات الجدول الجديد، بعد دمج بعضها.و أن مؤدى ما تقدم ولازمه أن أعضاء الإدارات القانونية غدوا من تاريخ العمل بالقانون رقم 1 لسنة 1986 متماثلين مع أقرانهم من العاملين في ذات جهاتهم، من حيث معاملتهم جميعا بجدول واحد للوظائف والمرتبات.
وإذا كان من المسلم به في مجال التفسير أن للنص التشريعي دلالات متعددة يمكن فهمه من خلالها، فيفهم النص بدلالة عبارته، فإشارته، فاقتضائه. وانه إذا تعارض معنى مفهوم بطريق من هذه الطرق ومعنى آخر مفهوم بطريق آخر، فانه في مجال استخلاص الدلالات من النص التشريعي حال وجود أكثر من وجه لفهمه، يرُجح المفهوم من العبارة على المفهوم من الإشارة، ويُرجح المفهوم من أحدهما على المفهوم من الاقتضاء. ذلك أن النصوص لا تفهم معزولا بعضها عن البعض، إنما تتأتى دلالة أي منها في ضوء دلالة النصوص الأخرى وفي اتصال مفاده بما تفيده الأخريات من معان شاملة.
ولما كان ما تقدم، وكان المشرع قرر في إفصاح واضح العبارة وقاطع الدلالة في المادة (24) من قانون الإدارات القانونية المشار إليه اللجوء فيما لم ينظمه هذا القانون من شئون أعضاء الإدارات القانونية إلى الأحكام السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام بحسب الأحوال و اللوائح والنظم المعمول بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية، فإنه لا مناص من الانصياع لما قضى به المشرع على هذا النحو وعدم جواز الخروج عن الأحكام العامة التي تسرى على العاملين بالجهات المنشأة بها الإدارات القانونية بصفة مطلقة بمقولة أن لأعضاء الإدارات القانونية قانونهم الخاص الذي يسرى وحده دون غيره عليهم والذي حُددت فيه درجاتهم الوظيفية ومرتباتهم، لما فيه هذا القول من إغفال لحقيقة التسلسل التاريخي للتعديلات التي أدخلت على قانون الإدارات القانونية والأسباب الموجبة لإجراء مثل تلك التعديلات، ولما لهذا القول من تعطيل لتطبيق نص المادة (24) من قانون الإدارات القانونية سالفة البيان أخذا في الاعتبار أن إعمال النص خير من إهماله، فضلا عن تعارض ذلك الفهم مع دلالة عبارة نص المادة سالفة البيان، علما بان تلك الدلالة هي الأولى بالإعمال عن غيرها من دلالات النص تحقيقا لمبدأ المساواة، الذي يعد جوهر الحقوق جميعا، بين أعضاء الإدارات القانونية وأقرانهم من العاملين في ذات جهات عملهم. بالإضافة إلى أن هذا النهج يتماشى والنهج الذي سار عليه إفتاء الجمعية العمومية بشأن اللجوء إلى أحكام الشريعة العامة فيما لم يرد بشأنه نص في القوانين الخاصة.
وخلصت الجمعية مما تقدم جميعه إلى وجوب تطبيق الأحكام التي تسرى على العاملين بالجهات المنشأة بها الإدارات القانونية على مديري وأعضاء الإدارة القانونية بهذه الجهة طالما أن قانون الإدارات القانونية ورد خلوًا من تنظيم معاير لها يتعلق فى الحالة المعروضة بأحكام الترقية بالرسوب الوظيفي. خاصة بعد إجراء المعادلة التي أتى بها القانون رقم 1 لسنة 1986.
ولما كان ما تقدم، وكان الثابت أن وزير الدولة للتنمية الإدارية اصدر القرارين رقمي 218 لسنة 1998 و620 لسنة 2000 بشان ترقية جميع المستحقين للترقية من العاملين المدنيين بالدولة، والقرار رقم 616 لسنة 2000 بتعيين بعض العاملين بالدرجة الأولى بوظيفة كبير بدرجة مدير عام على سند من قرار رئيس الجمهورية رقم 246 لسنة 1997 بإسناد بعض الاختصاصات لوزير الدولة للتنمية الإدارية، وكانت الغاية من هذا القرارات جميعا هو معالجة الرسوب الوظيفي في الدرجات المالية بإفادة العامل الذي قضي مددا معينة في درجة وظيفية بالمزايا المالية المقررة للدرجة المالية التي تعلوها دون شغل الوظيفة التي تقررت لها هذه الدرجة. فانه ليس ثمة ما يمنع قانونا من تطبيق أحكام القرارات المشار إليها على أعضاء الإدارات القانونية بوصفهم من العاملين المدنيين بالدولة طالما توافرت فى شأنهم شروط تطبيق هذا القرارات، وبمراعاة الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإدارات القانونية، ضرورة استيفاء المدد البينة المنصوص عليها فيه للإفادة من أحكام القرارات المشار إليها.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى تطبيق قرارات الترقية بالرسوب الوظيفي على أعضاء الإدارات القانونية في الحالة المعروضة بمراعاة الضوابط الإجرائية والموضوعية الواردة في قانون الإدارات القانونية المشار إليه، وذلك على النحو المبين تفصيلاً في الأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
تحريرًا في / / 2009
رئيس المكتب الفني المستشار/ محمد عبد العليم أبو الروس نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع المستشار/ محمد أحمد الحسيني النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |
وسوم : فتوى