بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 54/ 1/ 454
جلسة 11 من سبتمبر سنة 2008
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الموارد المائية والري
تحية طيبة وبعد،،،
فقد اطلعنا على كتاب رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للمساحة رقم 206 المؤرخ 10/ 5/ 2007، الموجه إلى إدارة الفتوى لوزارة الموارد المائية والرى بشأن مدى إمكانية قيام الهيئة المصرية العامة للمساحة بإسناد بعض الأعمال بالأمر المباشر إلي شركة التعمير لخدمات التسجيل العقارى ونظم المعلومات العقارية.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن الهيئة المصرية العامة للمساحة قامت و بمشاركة عدد من الهيئات والجهات بتأسيس شركة مساهمة باسم شركة التعمير لخدمات التسجيل العقارى ونظم المعلومات العقارية – بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء – غرضها تبسيط إجراءات الأعمال المساحية وخدمات التسجيل العقارى والرهن العقارى، وتقديم كافة الأعمال والإستشارات الفنية العقارية، وإنشاء وتحديث قاعدة بيانات ومعلومات عقارية وتقديم أعمال الخدمات العقارية للعملاء. وإذ أصبحت مساهمة الهيئة المصرية العامة للمساحة في رأس مال الشركة المذكورة نسبة 59% فقد إرتأت أن الشركة تعد إمتدادًا لها، وتخضع فى إدارتها لهيمنتها، وتدور فى فلك ما ترسمه لها من سياسات بما ينتفى معه تعارض المصالح بينهما، الأمر الذى قد تحتاج معه الهيئة إلى إسناد بعض الأعمال التى تتولاها فى تنفيذ العديد من المشروعات القومية إلى الشركة المشار إليها عن طريق الأمر المباشر، كسبًا للوقت ولخبرات العاملين السابقين بالهيئة والذين يعملون
(2) ملف رقم 54 / 1 / 454
حاليًا بالشركة، الأمر الذي ارتأت معه الهيئة طلب الرأى من إدارة الفتوي المختصة عن مدى جواز هذا الإسناد حيث قامت الإدارة المذكورة بعرض الموضوع على اللجنة الثالثة لقسم الفتوى، والتى أحالته إلى الجمعية العمومية لما آنسته فيه من أهمية وعمومية.
ونفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 11 من سبتمبر 2008 الموافق11 من رمضان 1429 هـ، فتبين لها أن القانون المدني ينص في المادة (52) على أن ” الأشخاص الإعتبارية هى ” 1 – الدولةكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التى يحددها القانون، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التى يمنحها القانون شخصية إعتبارية.
2 – …………….
4 – الشركات التجارية والمدنية.
……………. 5 – ……………….
6 – كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص فى القانون ” كما نصت المادة (53) على أن ” (1) الشخص الاعتبارى يتمتع بجميـع الحقـوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك فى الحدود التى قررها القانون
(2) فيكون له :
( أ ) ذمة مالية مستقلة.
(ب) أهلية فى الحدود التى يعينها سند إنشائه، أو التى يقررها القانون…..…….. “،
وقد نص قرار رئيس الجمهورية رقم (827) لسنة 1975 بشأن إعادة تنظيم الهيئة العامة المصرية للمساحة معدلاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 328 لسنة 1983 في المادة (1) منه على أن ” الهيئة المصرية العامة للمساحة – هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية مقرها مدينة القاهرة – وتتبـع
(3) ملف رقم 54 / 1 / 454
وزير الرى”، وفي المادة (2) على أن “تقوم الهيئة المصرية العامة للمساحة بالأعمال الأساسية الآتية……. وللهيئة أن تؤدي الخدمات الأتية للغير نظير تحصيل تكاليف تأديتها…… “. ثم جاءت باقى نصوص القرار المشار إليه خلوًا من النص على إمكانية قيام الهيئة العامة المصرية للمساحة بتأسيس شركات أيا كان نوعها.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم،وعلى نحو ما استقر عليه افتاؤها، أنه فى مقام الأشخاص الإعتبارية فإن الأهلية التى تتمتع بها تلك الأشخاص هى بالضرورة أهلية منضبطة نصـًا بالقانون لإرتباط تلك الأهلية الحتمى بالطبيعة القانونية للشخص الإعتبارى وما يمارسـه من أنشطة ووظائف، وما أنيط به تحقيقه من أهداف، فلا يمنح من الأهلية إلا القدر اللازم لقيامه بوظيفته وتحقيق أهدافه، كما أن الأصل فى أهلية الشخص الإعتبارى هو الحظر ما لم ينص القانون على الإباحة. و أن النص الحاكم للكيان القانونى هو الذى يمنح قدر القوامة وحد الأهلية الذى يتمتع به الشخص الإعتبارى، إذ النص الصريح يطلب حيث يقرر ما يخالف الأصل المقرر قانونًا فى المادة (52) من القانون المدنى أما حيث يؤكده فإنه لا يكون مطلوبًا.
ولاحظت الجمعية العمومية أن قرار رئيس الجمهورية رقم (827) لسنة 1975 بشأن إعادة تنظيم الهيئة العامة المصرية للمساحة معدلاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 328 لسنة 1983 قد حدد أغراض الهيئة، والوسائل والمكنات التى تستطيع أن تباشرها فى سبيل تحقيق هذه الأغراض، و التي ليس من بينها تأسيس الشركات أو المشاركة فى ذلك أو المساهمة فيها،ومن ثم فإن الأهلية القانونية للهيئة المذكورة تكون قاصرة عن مباشرة هذه الوسيلة أو المكنة، قصورًا مرده تحديد القانون لنطاق أهلية الهيئة فى ضوء أغراضها وبما لا يسمح بتأسيس الشركات أو المشاركة في تأسيسها أو المساهمة في رأسمالها. وعلى ذلك فإنه يمتنع قانونًا على الهيئة العامة المصرية للمساحة الإشتراك فى تأسيس الشركات أو المساهمة في هذا التأسيس أو في رأس المال أيا ما كان الغرض من إنشاء الشركة الجديدة أو النشاط
(4) ملف رقم 54 / 1 / 454
الذي تباشره أو المدي الذي تصل إليه هيمنة الهيئة على الشركة أو اتفاقها في نشاطها مع أغراض الهيئة من عدمه.
وإذ تبين للجمعية العمومية أن الثابت من الأوراق أن الهيئة المشار إليها قامت بالمشاركة فى تأسيس شركة التعمير لخدمات التسجيل العقارى ونظم المعلومات العقارية – دون سـند مـن القانون حسبما سلف البيان – ، وبالمخالفة لإفتاء سابق لإدارة الفتوى المختصة لم يجز للهيئة مثل ذلك وهو الأمر الذى تكون معه المشاركة في تأسيس هذه الشركة أمرًا غير مشروع وتم بالمخالفة لصحيح حكم القانون.
كما استظهرت الجمعية العمومية أنه ومع أن مشاركة الهيئة في تأسيس الشركة المذكورة جاءت معيبة ومخالفة لأحكام القانون إلا أنه والتزامًا بأحكام القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، فإن الشركة تعد قائمة طالما لم يتم حلها رضاءً أو قضاءً، وهي باعتبارها من أشخاص القانون الخاص التى تتمتع بشخصية إعتبارية مستقلة عن أشخاص المساهمين أو المشاركين فيها، وذمة مالية خاصة بها، وإدارة تعبر عن إرادتها، وتسعى لتحقيق المصالح الخاصة لهؤلاء المساهمين أو الشركاء، وبالتالى فإنها لا تعد قانونًا إمتدادًا للهيئة المذكورة أو جزءًا منها، وهو مالا يجوز معه أن تقوم الهيئة بإسناد أعمال أونشاطات معينة للشركة المشار إليها بالأمر المباشر تأسيسًا على إعانتها لها علي تحقيق أغراضها، بل يجب أن يتم هذا الإسناد من خلال النظام القانونى الحاكم لتعاقدات الهيئة، وهو قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، والذى تنص المادة الأولى من مواد إصداره على أن ” يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن تنظيم المناقصات والمزايدات، وتسرى أحكامه على وحدات الجهاز الإدارى للدولة من وزارات، ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة – وعلى وحدات الإدارة المحلية، وعلى الهيئات العامة، خدمية كانت أو إقتصادية…………”. ولا يخرج عن ذلك إلا أن تكون الهيئة هي المسيطرة على إدارة الشركة من خلال ملكيتها لكامل أو أغلبية رأس المال، وأن يكون
(5) ملف رقم 54 / 1 / 454
المشرع بنص صريح يجيز لها ذلك وانه لا يغني في هذا المقام توافر أحد الأمرين عن الآخر، وهو الحاصل فى الحالة المعروضة وذلك بعدم وجود النص الصريح الذي يجيز للهيئة إنشاء أو تأسيس الشركات أو المشاركة فيه حسبما سلف البيان ممامؤداه في نهاية المطاف عدم جواز قيام الهيئة بإسناد أي أعمال لشركة التعمير لخدمات التسجيل العقارى ونظم المعلومات العقارية بالأمر المباشر، إلا فى الحالات التى نص عليها قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانـون رقم 89 لسنة 1998 ووفقًا للإجراءات المقررة فيه.
لذلـك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى:
1 – عدم مشروعية قيام الهيئة المصرية العامة للمساحة بالاشتراك في تأسيس شركة التعمير لخدمات التسجيل العقارى ونظم المعلومات العقارية.
2 – عدم جواز قيام الهيئة بإسناد أي أعمال بالأمر المباشر إلي الشركة المذكورة إلا فى الحالات المنصوص عليها فى قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998ووفقًا للإجراءات المقررة فيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تحريرًا في…/ …/ 2008
رئيس المكتب الفني
المستشار/
محمد عبد العليم أبو الروس
نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
محمد أحمد الحسيني
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |