بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 58/ 1/ 181
جلسة 10 من سبتمبر سنة 2008
السيد اللواء/ محافظ الإسماعيلية
تحية طيبة وبعد،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم 433 المؤرخ 4/ 2/ 2008، والموجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن الإفادة بالرأى عما إذا كان يتعين تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 3576 لسنـة 5 ق من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية وفقًا لما جاء بمنطوقه فقط، أم يتم تنفيذه بإعمال قواعد التقادم الثلاثى للضرائب والرسوم عملاً بحكم المادة (377) من القانون المدنى .
وتخلص الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 19/ 6/ 2000 قام المواطن/ شعبان عبد السلام أبو النجا وآخرين برفع الدعوى رقم 3576 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية طالبين فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميلهم مبالغ نقدية إضافية على ثمن كل جوال دقيق بلدى زنة (100) كجم يصرف لمخابزهم مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها رد ما سبق تحصيله من مبالغ نقدية مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وبجلسة 19/ 7/ 2005 حكمت المحكمة ” بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات”. ولم يتم الطعن على هذا الحكم، وأن المحافظة قامت بتشكيل لجنة من المختصين لبحث الموضوع وحصر المبالغ موضوع الدعوى انتهت إلى أن مقتضى تنفيذ الحكم هو رد المبالغ المحصلة مع تطبيق نص المادة (377) من القانون المدنى وأحقية المحكوم لصالحهم فى استرداد المبالغ التى تم تحصيلها اعتبارًا من 19/ 6/ 1997 فقط بالنظر إلى أن تاريخ رفع الدعوى الصادر فيها الحكم هـو 19/ 6/ 2000، وأن الحكم المنوه عنه لم يشر إلى رد اية مبالغ نقدية لأصحاب المخابز مكتفيًا بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وإزاء ما تقدم تم عرض الموضوع على إدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية والتى ارتأت عرضه على هيئة اللجنة الأولى و التى انتهت بدورها بجلستها المعقودة فى 3/ 10/ 2007، إلى وجوب رد جميع المبالغ المحصلة من أصحاب المخابز بناء على قرار محافظ الإسماعيلية المشار إليه .
وإزاء هذا الخلاف بين رأى اللجنة المشكلة فى المحافظة وما انتهت إليه هيئة اللجنة الأولى بمجلس الدولة، فقد طلبتم عرض الموضوع على هيئة الجمعية العمومية .
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 10 من سبتمبر سنة 2008م، الموافق 10 من رمضان سنة 1429هـ، فتبين لها أن المادة (101) من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن ” الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية……”. و أن المادة (52) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن “……. الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة “.
واستظهرت الجمعية العمومية – مما تقدم – أنه فى مقام تنفيذ الاحكام القضائية فإنه على من صدر ضده حكم نهائى أن يلتزم بتنفيذه قبل المحكوم لصالحه بغير أن يحتج فى مواجهته بأي دفع يكون من شأنه التأثير على تنفيذ الحكم على أي وجه. وأن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة وتلك النتيجة لا معدى عنها إدراكًا للطبيعة العينية لدعوى الإلغاء ولكون الدعوى مخاصمة للقرار الإداري فى ذاته، فإذا حكم بالإلغاء فان جهة الإدارة تلتزم بتنفيذ الحكم دون أن يكون لها أن تمتنع عن التنفيذ أو تتقاعس عنه على أي وجه نزولاً علي حجية الأحكام والتزامًا بسيادة القانون، وأن حكم الإلغاء يحقق بذاته إعدام الأثر القانونى المباشر للقرار منذ تقريره دون أن يتوقف ذلك على تدخل جهة الإدارة، وإن كان قد جرى الأمر على أن تصدر تلك الجهة قرارًا كإجراء تنفيذى مادى بحت لإزالة القرار الملغى تنفيذًا للحكم وقيامًا بواجبها الذى تفرضه عليها الصيغة التنفيذية التى تذيل بها الأحكام القضائية، وأن هذا القرار – في حقيقته – لا يعدو أن يكون تأكيدًا للأثر القانونى الذي تحقق سلفًا بمقتضى حكم الإلغاء ولا يضيف جديدًا فى هذا المجال فهو محض تأكيد لما تضمنه الحكم باعتبار أن المحكوم له إنما يستمد حقه مباشرة من ذات الحكم الحائز لقوة الشئ المحكوم فيه لا مـن القرار الصادر تنفيذًا له والتى لا تملك الجهة الإدارية سلطة تقديرية فى إصداره وإنما تلتزم فيه منطوق الحكم والأسباب المرتبطة به ارتباطًا وثيقًا لا يقبل التجزئة فلا تجاوزه, وأن فائدته إنما تقتصر على نقل مضمون حكم الإلغاء من نطاق القضاء إلى المجال الإداري ليتسنى العلم به لكل من يقوم على تنفيذ الحكم.
وترتيبًا على ما تقدم ولما كان الثابت أن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية كانت قد أصدرت حكمًا فى الدعوى رقم 3576 لسنة 5 ق بجلسة 19/ 7/ 2005 بإلغاء قرار محافظ الإسماعيلية فيما تضمنه من فرض رسم إضافي وتحصيله على كل جوال دقيق بلدى زنة 100كيلو جرام المنصرفة لمخابز المدعين مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأن هذا الحكم قد أصبح نهائيًا واجب النفاذ بعدم الطعن عليه من أي من الطرفين، وإذ كان مقتضى تنفيذ هذا الحكم هو إصدار قرار تنفيذى بإلغاء القرار المحكوم بإلغائه ورد جميع المبالغ التى تم تحصيلها دون وجه حق إلى الصادر لصالحهم الحكم وذلك دون مماحكة بتطبيق أحكام التقادم المنصوص عليها فى المادة (377) من القانون المدنى بحسبان أن التقادم – في حقيقته – هو من الدفوع الموضوعية التى تطرح على المحكمة أثناء نظر الدعوى.
وإذ كان الثابت من الأوراق أنه لم تدفع به الجهة الإدارية أمام المحكمة ولم تشر إليه المحكمة سواء فى الأسباب أو المنطوق الأمر الذى يتعين معه الالتفات عن إعمال قواعده نزولاً على ما قضى به هذا الحكم ونفاذًا له نفاذًا غير منقوص، ومن ثم يتعين رد جميع المبالغ المحصلة إلى المحكوم لصالحهم، وذلك تأييدًا للإفتاء السابق لهيئة اللجنة الأولى لقسم الفتوى بمجلس الدولة الصادر فى هذا الشأن.
لذلـك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أن مقتضى تنفيذ الحكم البات الصادر فى الحالة المعروضة هو رد جميع المبالغ التى تم تحصيلها دون وجه حق من الصادر لصالحهم الحكم تأييدًا لإفتاء هيئة اللجنة الأولى لقسم الفتوى بمجلس الدولة في هذا الشأن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تحريرًا في…/ …/ 2008
رئيس المكتب الفني
المستشار/
محمد عبد العليم أبو الروس
نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
محمد أحمد الحسيني
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |