بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 86/ 2/ 354
جلسة 8 من أكتوبر سنة 2008
السيد اللواء/ وزير الداخلية
تحيـة طيبة… وبعد
بالإشارة إلى كتاب السيد مساعد أول وزير الداخلية لقطاع شئون الضباط رقم 2098 المؤرخ 21/ 1/ 2008 الموجه إلى إدارة الفتوى لوزارات الداخلية والخارجة والعدل، بشأن طلب الرأي عن كيفية تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 8/ 12/ 2007 في الطعنين رقمي 26318، 26319 لسنة 51 ق لصالح الرائد هاني السيد عبد الوهاب الشموتي.
وإذ تخلص الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن الضابط المعروضة حالته أحيل – لما نسب إليه من مخالفات – للمحاكمة التأديبية مرتين: أولاهما: – بتاريخ 14/ 2/ 2004، حيث قرر مجلس التأديب الابتدائي بجلسة 16/ 5/ 2004 مجازاته بالوقف عن العمل لمدة شهرين، وتأيد هذا القرار استئنافيًا بجلسة 13/ 9/ 2005، وثانيتهما: – بتاريخ 19/ 6/ 2004، حيث قرر مجلس التأديب الابتدائي بجلسة 10/ 10/ 2004 مجازاته بالعزل من الخدمة، وتأيد هذا القرار استئنافيًا بجلسة 11/ 9/ 2005، وأن المعروضة حالته طعن على القرارين المشار إليهما بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعنين رقمي 26318، 26319 لسنة 51 ق حيث أصدرت فيهما حكم بجلسة 8/ 12/ 2007 بقبول الطعن الأول شكلاً ورفضه موضوعًا وبقبول الطعن الثاني شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه (بالعزل من الخدمة) والقضاء مجددًا بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مع صرف نصف الأجر لمدة ستة أشهر مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأن المعروض حالته تقدم بتاريخ 17/ 1/ 2008 بطلب تنفيذ الحكم، فثار التساؤل عن كيفية تنفيذ الأمر الذي حدا بكم إلى طلب الرأي من إدارة الفتوى المختصة التي أحالته إلى اللجنة الأولى لقسم الفتوى، فارتأت إحالته إلى الجمعية العمومية لما آنسته من أهمية وعمومية.
نفيد بأن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 8 من أكتوبر سنة 2008م الموافق 8 من شوال سنة 1429 هـ، فتبين لها أن المادة (52) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: “تسرى في شأن جميع الأحكام، القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه على أن الأحكام الصادر بالإلغاء تكون حجة على الكافة”.
وأن قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 ينص في المادة (60) منه على أنه: “لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس التأديب إلا بطريق الاستئناف،….، فإذا كان مجلس التأديب قد قضى بعزل الضابط من الخدمة اعتبر بمجرد صدور القرار وإلى أن يصبح نهائيًا موقوفًا عن عمله وصُرف إليه نصف مرتبه، وعلى المجلس الاستئنافي إذا قضى بغير العزل أن يفصل في أمر نصف المرتب الموقوف صرفه عن هذه المدة إما بصرفه للضابط أو بحرمانه منه كله أو بعضه”، وأن المادة (74) من ذلك القانون تنص على أنه: “إذا حكم على الضابط نهائيًا بالعزل أو بالإحالة إلى المعاش انتهت خدمته من تاريخ صدور الحكم، ما لم يكن موقوفًا عن عمله فتنتهي خدمته من تاريخ وقفه عن العمل إلا إذا قرر مجلس التأديب غير ذلك”، وأن المادة (75) منه تنص على أن: “يصرف إلى الضابط مرتبه إلى اليوم الذي تنتهي فيه خدمته،………….، ولا يجوز أن يسترد من الضابط إذا كان موقوفًا عن عمله ما سبق أن صرف له من مرتبه إذا حكم عليه بالفصل أو بالإحالة إلى المعاش”.
وقد استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن ضابط الشرطة المعزول عن وظيفته بقرار من مجلس التأديب الابتدائي يوقف عن عمله بمجرد صدور ذلك القرار ويصرف له نصف راتبه إلى أن يصير القرار نهائيًا، وعند صيرورته نهائيًا تنتهي خدمته من تاريخ وقفه عن العمل، مع التغاضي عما سبق أن صرف له من راتبه وهو ما يعني أن إنهاء خدمته من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب الابتدائي يظل معلقًا على شرط تأييد هذا القرار استئنافيًا فإذا تمخض الأمر عن ذلك يتم إنهاء الخدمة من تاريخ صدور القرار بالفعل، ومن ثم فإن إعادته للخدمة إذا أُلغى القرار تعني أن يعود الحال إلى ما كان عليه قبل القرار فتعود مدة خدمته متصلة كما كانت.
واستظهرت الجمعية العمومية كذلك أن القوانين العقابية يحكمها مبدأ عام مقتضاه عدم جواز معاقبة المتهم جنائيًا عن الواقعة الواحدة إلا مرة واحدة، وهو ذات المبدأ الذي يتعين إعمال مقتضاه في المجال التأديبي لا تساقهما في هذا الخصوص الأمر الذي يتعين معه حال إلغاء الجزاء التأديبي واستبداله بجزاء آخر، ألا يطبق على العامل سوى جزاء تأديبي واحد هو الجزاء الأخير، والذي من مقتضاه كذلك ألا يكون للعقوبة التي استبدلت أدنى أثر، بما مؤداه أن تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية العليا بإلغاء وتعديل العقوبات التأديبية الموقعة من مجالس التأديب على ضباط الشرطة، تحكمه القاعدة العامة في شأن أحكام الإلغاء بوجه عام، والتي من مقتضاها إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور الجزاء الملغي، ومن ثم فإن ذلك يعني إلغاء قرار الجزاء وما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون للجزاء الملغي ثمة أثر في المركز الوظيفي للضابط، ذلك أن تعديل الجزاء أو إلغائه هو في حقيقته سحب للجزاء الأول واستبداله بالجزاء الجديد، ومن ثم يتعين إعمال أثر ذلك بأثر رجعي يرتد على تاريخ الجزاء الأول بعد أن غدا هناك جزاء واحد وقع على من تمت محاكمته.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم في الحالة المعروضة يبين أن حكم المحكمة الإدارية العليا – المستطلع الرأي بشأن كيفية تنفيذه – قد قضى في الطعنين بجلسة 8/ 12/ 2007 بتأييد عقوبة الوقف عن العمل لمدة شهرين في الطعن الأول وبإلغاء عقوبة العزل وبمجازاة المعروضة حالته بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف راتبه في الطعن الثاني، فمن ثم فإن مقتضى تنفيذ هذا الحكم يكون بإعادة المعروضة حالته إلى الخدمة العاملة بهيئة الشرطة بذات رتبته وأقدميته اعتبارًا من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب الابتدائي الثاني في 10/ 10/ 2004، واستنزال مدتي الوقف المحكوم بهما من الفترة التي قضاها موقوفًا عن عمله تنفيذًا لعقوبة العزل الملغاة والفترة اللاحقة عليها والتي استمر فيها مبعدًا عن الخدمة، ولا يحاج في ذلك بأن الوقف عن العمل والذي يقترن بالعزل من الوظيفة وإلى أن يصبح قرار العزل نهائيًا ليس من جنس الوقف عن العمل كجزاء إذ أن ذلك مردود عليه بأن الوقف عن العمل في كلتا الحالتين إنما هو إقصاء لولاية العامل عن وظيفته طوال فترة الوقف أيًا كان وصفها سواء أوقفًا منه أو عزلاً عنه حيث يستويان في هذا الخصوص.
لـذلـك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أن مقتضى تنفيذ الحكم في الحالة المعروضة يكون بمراعاة اعتبار مدد الوقف عن العمل بحكم المحكمة الإدارية العليا للمعروضة حالته قد استغرقت بالوقف عن العمل إبان فترة العزل وما تلاها من مدة استمرار إبعاده عن الخدمة، وعلى النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تحريرًا في 26/ 10 / 2008
رئيس المكتب الفني
المستشار/
محمد عبد العليم أبو الروس
نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
محمد أحمد الحسيني
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |