بسم ا لله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 78/ 2/ 87
جلسة 8 من أكتوبر سنة 2008
السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى
تحية طيبة وبعد,,,
فقد اطلعنا على كتبكم المنتهية بالكتاب رقم 16618 المؤرخ 4/ 11/ 2007 فى شأن مدى أحقية شركة النيل العامة للطرق الصحراوية فى استئداء الزيادة التى طرأت على أسعار البتومين أثناء تنفيذ عملية إزدواج طريق القاهرة/ أسيوط الصحراوى من عدمه.
وحاصل الوقائع ـ حسبما يبين من الأوراق ـ أن الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى طرحت فى مناقصة محدودة، عملية ازدواج الطريق الصحراوى القاهرة/ أسيوط فتقدم لها أربع شركات متخصصة فى إنشاء الطرق من بينها شركة النيل العامة للطرق الصحراوية التى أسندت اليها العملية وتم تحرير العقد رقم 22/ 2004 فى شأن هذه العملية، وأنه بتاريخ 10/ 6/ 2007 ورد إلى الهيئة كتابًا من الشركة المشار إليها مفاده أنه أثناء تنفيذ الأعمال طرأت زيادة متكررة على أسعار البتومين والمواد البترولية نشأ عنها زيادة كبيرة فى التكلفة أدت فى مجملها إلى الإخلال بالتوازن المالى للعقد، الأمر الذى يتطلب إعادة النظر فى العقد مرة أخرى، وطلبت الشركة صرف فروق أسعار البتومين، وأن الموضوع عرض على إدارة الفتوى المختصة لإبداء الرأى فارتأت إحالته إلى اللجنة الثالثة بقسم الفتوى التى قررت نظرًا لأهمية الموضوع إحالته إلى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع.
ونفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 8 من اكتوبر سنة 2008م الموافق 8 من شوال سنه 1429هـ، فتبين لها أن القانون المدنى ينص فى المادة (147) على أن ” (1) العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولاتعديله إلا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون. 2ـ………………..”. وفى المادة (148) على أن ” 1 – يجب تنفيذ العقد طبقًا لما أشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. 2 – ……………………………..”.
وأن البند الثامن من العقد رقم (22/ 2004) المبرم بين الهيئة وبين شركة النيل العامة للطرق الصحراوية ينص على أن ” يتم تنفيذ هذه العملية طبقًا لما يلى: 1ـ دفتر الشروط الخصوصية لهذه العملية. 2ـ……….3ـ مذكرة لجنة البت مشمول هذه العملية. 4 ـ التحفظات الخاصة المقدمة من الشركة والتـى وافقـت عليها الهيئة. وتعتبر هذه المستندات جزء لايتجزأ من عقد العملية المذكورة “. وأن البند (18) من الشروط المالية للعطاءات فى العملية ينص على أن ” ليس للشركة حق المطالبة بأى زيادات تطرأ على الأسعار أو الأجور ولو صدر بشأنها قرارات سيادية فيما عدا زيادة الأسمنت وحديد التسليح والبتومين وهى السلع الوحيدة التى يمكن للهيئة صرف فروق أسعار عنها فى حالة صدور قرارات سيادية بتلك الزيادات بشرط أن تكون هذه القرارات صادرة خلال مدة تنفيذ العملية مع تثبيت أسعار كافة المواد الأخرى التى تدخل فى تنفيذ العملية ويشترط لصرف هذه الفروق أن يكون مقدم العطاء قد طلب صرفها ضمن الشروط المرفقة بالعرض المقدم منه ووافقت عليها الهيئة”. وأن البند (23) من الشروط المشار إليها ينص على أن ” لا يجوز للمقاول المطالبة بأى زيادة فى الأسعار التى تنتج عن تقلبات العملة فى السوق أو عن زيادة الأجور أو التأمينات أو أثمان الخامات أو غير ذلك وعليه أن يتخذ من الاحتياطات ما يكفل استمراره فى تنفيذ العقد بالأسعار التى يتم التعاقد على أساسها أيا كان مبلغ ما يطرأ على الأسعار من تقلبات”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم ـ وعلى ما جرى به إفتاؤها ـ أن المشرع إستن أصلاً من أصول القانون ينطبق فى العقود المدنية والإدارية على حد سواء ـ مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، وأن تنفيذ العقد يجب أن يكون طبقًا لما أشتمل عليه وبطريقة تتفق مع مقتضيات حسن النية، فالعقد الإدارى شأنه شأن العقد المدني لا يعدو أن يكون توافق إرادتين بإيجاب وقبول لإنشاء أو تعديل التزامات تعاقدية تقوم على التراضى بين طرفين احداهما هو الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة وهو بهذه المثابة شريعة المتعاقدين.
كما استظهرت الجمعية العمومية أنه من المبادىء المستقرة فى تفسير العقود أنه إذا كانت عبارات العقد صريحة واضحة لاتحتمل تأويلاٍ، فلا يجوز الإنحراف بتفسيرها والنأى بها عن مدلوها
الظاهر، إذ يجب اعتبارها تعبيرًا صادقًا عن الإرادة المشتركة لإطرافه، وذلك رعايـة لمبدأ سلطـان
الإرادة وتحقيقـًا لاستقرار المعاملات، وعبارات الإتفاق بكافة مستنداته من كراسة الشروط والمواصفات والمقايسات ومحاضر لجنة البت وأحكام العقد تفسر بعضها بعض، والعبارة المطلقة التى ترد فى كراسة الشروط والمواصفات لا يحددها سوى خصوص العبارة التى ترد فى العقد، فتلك أصول فى تفسير العقود أتفق عليها الشراح وأجمعت عليها أحكام المحاكم وإفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع.
وإذ تبين للجمعية العمومية أن البند الثامن عشر من الشروط المالية للعطاءات المقدمة للهيئة ـ وهى أحد مستندات عقد العملية ـ أورد شروطًا عدة للمطالبة بأى زيادة تطرأ على الأسعار بالنسبة للاسمنت وحديد التسليح والبتومين من بينها أن يكون مقدم العطاء قد طلب صرفها ضمن الشروط المرفقة بالعرض المقدم منه وأن توافق الهيئة على هذا الشرط، وأن الثابت من الأوراق أن الشركة لم تورد ضمن عطائها أو الشروط المرفقة به أى تحفظ مؤداه صرف الزيادة التى تطرأ على سعر البتومين، ومن ثم فإنها تكون قد تنازلت بمحض ارادتها عن طلب صرف هذه الفروق، ويضحى ذلك ما استقرت عليه إرادة الطرفين بالعقد، وهو ما لا يجوز معه للشركة طلب تقاضى هذه الزيادة، ولو بلغ الارتفاع فى الأسعار حدا يجعل تنفيذ العقد عسيرًا ـ وهو الأمر الذى لا يمكن تداركه على فرض صحته في الحالة المعروضة الا من خلال القواعد العامة والاجراءات المقررة بشأن التوازن المالى للعقد ـ وذلك كله التزاما بأحكام العقد المبرم بين الطرفين0
وخلصت الجمعية العمومية إلى أنه لما كان ما تقدم وكانت الشركة فى الحالة المعروضة لم تورد ضمن عطائها أى تحفظ بشأن حقها فى صرف الزيادة التى طرأت على أسعار البتومين، فمن ثم لا يغدو لها بعد ذلك وجه حق للمطالبة بأي زيادة ما لم يكن ذلك من خلال القواعد العامة والإجراءات المقررة بشأن التوازن المالي للعقد.
لـذلـك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلىعدم أحقية شركة النيل العامة للطرق الصحراوية فى استئداء الزيادة التى طرأت على أسعار البتومين عن عملية ازدواج الطريق الصحراوى القاهرة/ أسيوط ما لم يكن ذلك من ال القواعد العامة والإجراءات المقررة بشأن التوازن المالي للعقد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تحريرًا في 26/ 10/ 2008
رئيس المكتب الفني
المستشار/
محمد عبد العليم أبو الروس
نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
محمد أحمد الحسيني
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |