بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 7/ 2/ 264
جلسة 22 من أكتوبر سنة 2008
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الأوقاف
تحية طيبة وبعد،،،،،،
بالإشارة إلي كتابكم رقم 69 المؤرخ 6/ 5/ 2007، بشأن طلب الرأي عن مدى مشروعية قرار محافظ القاهرة رقم 991 لسنة1972 فيما تضمنه من تخصيص قطعة أرض ملك الأوقاف إلي وزارة الدفاع.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن هيئة الأوقاف المصرية تمتلك أرض وقف قولة الخيري الذي تبلغ مساحته الإجمالية 37 فدان و7 قراريط، تستأجر وزارة الدفاع – من بينها – مساحة 2 فدان لوحدة التعيينات بالقوات المسلحة وتستغل كمستودع للتبريدات، تلاصقها قطعة أرض وافقت الهيئة على التصرف فيها بالاستبدال لصالح الجمعية التعاونية للبناء والإسكان لأعضاء جمعية تنمية المجتمع المحلي بمنشية السادات بسعر سبعمائة جنيه للمتر المربع، وتم تسليم المساحة المبيعة إلي الجمعية المذكورة بمحضر التسليم المؤرخ 5/ 11/ 2006، وأنه لدي إتمام إجراءات تسجيل التصرف المشار إليه، تبين صدور قرار محافظ القاهرة رقم 991 لسنة1972 بتخصيص تلك القطعة إلي وزارة الدفاع، الأمر الذي وقف معه حائلاً دون إتمام التسجيل، وهو ما حدا بكم إلي طلب الرأي في الموضوع.
نفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 22 من أكتوبر سنة2008م الموافق 22 من شوال سنة1429هـ، فتبين لها أن القانون المدني ينص في المادة (970) على أن “……………………….... ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة….، والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على هذه الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريًا.”.
وأن قرار رئيس الجمهورية رقم 80 لسنة1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ينص في المادة (1) على أن ” تنشأ هيئة عامة تسمى هيئة الأوقاف المصرية تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف……”.
كما ينص في المادة(2) منه على أن ” تختص الهيئة بإدارة واستثمار أموال الأوقاف…….”.
وينص في المادة (3) على أن ” تنتقل إلي مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات المخولة للجنة شئون الأوقاف بالقانون رقم 272/ 1959 وكذلك الاختصاصات المخولة للمجالس المحلية بالقانون رقم 44 لسنة1962 وذلك بالنسبة إلي البدل والاستبدال والاستثمار……..”.
وقد استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم وعلى ما جرى به إفتاؤها بأن الأموال الخاصة المملوكة لهيئة الأوقاف وأموال الوقف الخيري تتمتع – شأنها شأن باقي الأملاك الخاصة – بالحماية الدستورية، فضلاً عن عدم جواز تملكها بالتقادم، وان هيئة الأوقاف المصرية – دون غيرها – هي المختصة بإدارة واستثمار أموال الوقف الخيري وفقًا للائحة العمل بها، ولا يجوز لأي من الأشخاص – الطبيعيين أو الاعتباريين – التصرف في هذه الأموال دون الرجوع إلي هيئة الأوقاف المصرية المنوط بها حماية ذلك المال، فإذا تصرف أي من هؤلاء الأشخاص في هذه الأموال، وقع تصرفه باطلاً لصدوره من غير مختص بإصداره ولتعديه على الملكية الخاصة المصونة دستوريًا، ولا يعد ذلك التصرف نافذًا – بطبيعة الحال – في مواجهة هيئة الأوقاف المالكة.
كما استظهرت الجمعية العمومية ما استقر عليه القضاء والإفتاء من أنه إذا فقد القرار الإداري أحد أركانه الأساسية فإنه يعتبر معيبًا بخلل جسيم ينزل به إلي حد الانعدام، كما أن الاتفاق منعقد على أنه سواء اعتبر الاختصاص أحد أركان القرار الإداري أم أحد مقومات الإرادة التي هي ركن من أركانه، فإن صدور القرار الإداري من جهة غير منوط بها إصداره قانونًا يعيبه بعيب جسيم يتعلق بالاختصاص مما ينحدر به إلي الانعدام، طالما كان في ذلك افتئات على سلطة جهة أخرى لها شخصيتها المستقلة. وأنه إذا كان العيب الذي يشوب القرار ينزل به إلي حد غصب السلطة فإنه ينحدر بالقرار إلي مجرد فعل مادي معدوم الأثر قانونًا لا تلحقه أية حصانة.
وقد لاحظت الجمعية العمومية أن قرار محافظ القاهرة رقم991 لسنة1972 تضمن في مادته الثانية النص على تخصيص قطعة الأرض المملوكة للأوقاف لوزارة الحربية لضمها إلي إدارة التعيينات بالقوات المسلحة، وأن الثابت مـن كتاب الإدارة العامة لأملاك محافظة القاهرة المـؤرخ في13/ 8/ 1998 أن الملف الخاص بقرار المحافظ المشار إليه لـم يرد للإدارة، وأنه
بالرجوع إلي المساحة تبين أن تلك القطعة واردة في تكليف الأوقاف (وقف قولة الخيري) وانه تم استبدالها من خلال البيع إلي الجمعية التعاونية للبناء والإسكان لأعضاء جمعية تنمية المجتمع المحلي بمنشية السادات، ومن ثم يكون قرار المحافظة المشار إليه قد صدر من غير مختص بإصداره قانونًا متعديًا على الملكية الخاصة للوقف على نحو ينحدر به إلي درك الانعدام فلا تلحقه حصانة ولا يعصمه تقادم، ومن ثم فإن هذا القرار لا يجوز أن يقف حائلاً دون تسجيل البيع اللاحق للجمعية المشار إليها إذا ما ثبت أن الاستبدال لها تم بالإجراءات المقررة قانونًا.
لـذلـك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم مشروعية قرار محافظ القاهرة رقم 991 لسنة 1972 فيما تضمنه من تخصيص قطعة الأرض المملوكة لهيئة الأوقاف في الحالة المعروضة إلي وزارة الدفاع، وأن ذلك القرار لا يجوز أن يقف حائلاً دون تسجيل البيع اللاحق للجمعية المشار إليها ، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تحريرًا في …/ …/ 2008
رئيس المكتب الفني
المستشار/
محمد عبد العليم أبو الروس
نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/
محمد أحمد الحسيني
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |