الخط الساخن : 01118881009
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 86/ 3/ 1090
جلسة 19 من نوفمبر سنة 2008
فضيلة الإمام الأكبر/ شيخ الأزهر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالإشارة إلى كتابكم رقم 1682 المؤرخ 28/ 7/ 2008، الموجه إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة بشأن طلب إبداء الرأي حول كيفية المفاضلة بين دفعتي 2006، 2007 لدى تعيينهم عن طريق التكليف في وظائف معيدين بكليات جامعة الأزهر.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن التقدير العام لخريجي كليات جامعة الأزهر حتى عام 2006 كان يحسب على أساس تقدير السنة الأخيرة من سنوات الدراسة، وذلك طبقًا للمادة (219) من اللائحة التنفيذية لقانون إعادة تنظيم الأزهر قبل تعديلها بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 162 لسنة 2004، إلا أنه وبمقتضى هذا التعديل صار التقدير العام للخريجين ابتداءً من عام 2007 يحسب على أساس المجموع الكلي للدرجات التي حصلوا عليها في كل السنوات الدراسية، ويتم ترتيبهم وفقًا لهذا المجموع، وأنه لدى قيام جامعة الأزهر بالتعيين في وظائف معيدين عن طريق التكليف في عام 2007 طبقًا للمادة (137) من قانون تنظيم الجامعات ثار خلاف في الرأي حول كيفية المفاضلة بين خريجي دفعتي 2006، 2007 عند وضعهم في قائمة واحدة، حيث ذهب رأي إلى أن هذه المفاضلة تتم على أساس التقدير العام الوارد بشهادة التخرج في حين ذهب رأي آخر إلى أن المفاضلة لا تتم إلا على أساس توحيد معيار المفاضلة بينهم عن طريق حساب التقدير العام لطلاب دفعة 2006 على أساس التقدير التراكمي ليكونوا على قدم المساواة مع دفعة 2007، وإزاء هذا الخلاف في الرأي طلبتهم من السيد المستشار رئيس مجلس الدولة عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
نفيد بأن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 19 من نوفمبر سنة 2008م الموافق 21 من ذي القعدة سنة 1429 هـ، فتبين لها أن المادة (137) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن: “مع مراعاة حكم المادتين (133، 135) من هذا القانون يجوز أن يعين المعيدون عن طريق التكليف من بين خريجي الكلية في السنتين الأخيرتين الحاصلين على تقدير جيد جدًا على الأقل في كل من التقدير العام في الدرجة الجامعية الأولى، وفي تقدير مادة التخصص أو ما يقوم مقامها، وتعطي الأفضلية لمن هو أعلى في التقدير العام وعند التساوي في التقدير العام تعطي الأفضلية لمن هو أعلى في مجموع الدرجات، مع مراعاة ضوابط المفاضلة المقررة في المادة (136) من هذا القانون”. وأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 تنص في المادة (195) منها على أن: “مع مراعاة أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 وهذه اللائحة تسرى على جامعة الأزهر وعلى أعضاء هيئة التدريس بها والمدرسين المساعدين والمعيدين بها جميع الأحكام التي تسرى على الجامعات المصرية وعلى أعضاء هيئة التدريس والمدرسين المساعدين والمعيدين بها”، وأن اللائحة المذكورة كانت تنص في المادة (219) منها على أن: “يحسب التقدير العام لنجاح الطالب عن كل فرقة وفقًا للتقديرات التي حصل عليها مع مراعاة ألا يزيد تقديره على مقبول في المقرر الذي سبق أن رسب فيه أو تغيب عنه بغير عذر مقبول، أما إذا كان قد تغيب بعذر مقبول فيحسب له تقدير النجاح الذي يحصل عليه، ويمنح مرتبة الشرف الطالب الذي يكون تقديره النهائي ممتاز أو جيد جدًا على ألا يقل تقديره العام في أية سنة من سني الدراسة عدا السنة الإعدادية عن جيد جدًا، ويشترط لحصول الطالب على مرتبة الشرف ألا يكون قد رسب في أي امتحان تقدم له في إحدى هذه السنوات”، وقد عدلت هذه المادة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 162 لسنة 2004 إلى النص على أن: “(يقدر نجاح الطالب في الليسانس أو البكالوريوس بإحدى التقديرات الآتية: ممتاز – جيد جدًا – جيد – مقبول) ويحسب التقدير العام للطلاب في درجة الليسانس أو البكالوريوس على أساس المجموع الكلي للدرجات التي حصل عليها في كل السنوات الدراسية، كما يتم ترتيبهم وفقًا لهذا المجموع….”، ونصت المادة الثانية من القرار الجمهوري المشار إليه على العمل به اعتبارًا من اليوم التالي أو الإعدادية بعد العمل به.
وقد استعرضت الجمعية العمومية ما جرى عليه إفتاؤها بجلسة 7/ 5/ 2003 ملف رقم (86/ 3/ 1023) من أن المشرع رسم للتعيين في وظيفة معيد طريقين أحدهما أصلي وهو الإعلان والثاني استثنائي وهو التكليف وحدد لكل طريق أحكامه. وقد أجاز المشرع التعيين عن طريق التكليف بشروط أربعة: أولها: أن يكون المكلف متخرجًا من ذات الكلية، فلا يكلف من خارجها، وثانيها: أن يكون من خريجي السنتين السابقتين مباشرة على سنة التعيين فلا يعين من تخرج قبل ذلك، وثالثها: أن يكون حاصلاً على “جيد جدًا” في التقدير العام فلا يكلف الحاصل على تقدير جيد، ورابعها: أن يكون حاصلاً في مادة التخصص على تقدير جيد جدًا، ثم قرر المشرع أن المفاضلة بين من تتوافر فيهم الشروط الأربعة تكون لمن هو أعلى في مجموع الدرجات مع إعمال ضوابط المفاضلة السابق بيانها، وإعمال هذه الأحكام لا يتأتى إلا بترتيب خريجي السنتين الأخيرتين المستوفين للشروط في قائمة واحدة تستهل بالحاصلين على أعلى درجات في أعلى تقدير عام أيًا كانت سنة تخرجه ثم يجرى ترتيب الباقي وفق الضوابط السالف بيانها دون اعتداد في الترتيب بأي من سنتي التخرج، فلا يجوز ترتيب خريجي كل سنة من السنتين في قائمة مستقلة لأن أصول التفسير تقتضي تفسير الاستثناء تفسيرًا ضيقًا وفي حدود ما قصده المشرع منه، ولما كان الأصل أن التعيين متاح لجميع الخريجين دون تمييز لخريجي سنة على الأخرى، وقد تقرر التكليف كاستثناء من الأصل ليجيز قصر التعيين على خريجي السنتين الأخيرتين فإن الاستثناء قف عند هذا الحد ثم يتساوى خريجو السنتين في الحق في التعيين لتجري المفاضلة بينهم جميعًا وفقًا للأصل وهو النسبة المئوية لمجموع درجات التقدير العام، ومن ثم فلا يجوز المفاضلة بين خريجي كل سنة على حدة بوضع قائمة لخريجي كل سنة لما في ذلك من مخالفة لقصد المشرع.
وقد استظهرت الجمعية العمومية مما أن مجموع الدرجات المعول عليه كمعيار للأفضلية بين خريجي السنتين الأخيرتين عند الاختيار من بينهم للتعيين في وظيفة معيد عن طريق التكليف بكليات جامعة الأزهر، كان يتم طبقًا للمادة (219) من اللائحة التنفيذية لقانون إعادة تنظيم الأزهر وفقًا لمجموع الدرجات التي حصل عليها الخريجون في السنة النهائية للشهادة الجامعية الأولى، في حين أن هذا المجموع صار يحسب بعد التعديل الذي طرأ على هذه المادة بقرار رئيس الجمهورية رقم 162 لسنة 2004 طبقًا للمجموع الكلي للدرجات التي حصل عليها الخريجين في كل السنوات الدراسية وترتيبهم وفقًا لهذا المجموع وهو ما اصطلح على تسميته بالمجموع التراكمي، وأن خريجي دفعة 2006 من طلاب كليات جامعة الأزهر تم حساب مجموع درجاتهم طبقًا لما حصلوا عليه من درجات في السنة النهائية فقط وفقًا للنظام القانوني الذي كان ساريًا عليهم وقتذاك، في حين أن خريجي دفعة 2007 من طلاب ذات الجامعة قد تم حساب مجموع درجاتهم طبقًا لما حصلوا عليه من درجات في كل السنوات الدراسية (المجموع التراكمي) وفقًا للنظام القانوني الذي أصبح ساريًا عليهم، وهو ما يستتبع بالضرورة عند وضعهم في قائمة واحدة للمفاضلة بينهم في مجال التعيين بطريق التكليف أن يتم ترتيبهم في القائمة طبقًا للنسبة المئوية لمجموع الدرجات الحاصل عليها كل منهم، وذلك حفاظًا على المركز القانوني الذي اكتسبه والذي اكتملت أركانه في ظل النظام القانوني الذي خضع له، والذي يظل مصاحبًا له في اكتساب جميع الحقوق المرتبطة بهذا المركز أو التي يكون هذا المركز أحد الشروط اللازمة لاكتسابها، ومن ضمنها الحق في شغل الوظائف ومنها وظيفة معيد بطريق التكليف.
ولا يحاج في ذلك بما سبق أن انتهت إليه الجمعية في فتواها الصادرة بجلسة 3/ 11/ 1999 ملف رقم (86/ 6/ 560) من أن المفاضلة بين المتقدمين لشغل وظيفة معيد بإحدى الكليات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات تتم على أساس المجموع التراكمي بالرغم من أن بعض المتقدمين لشغل هذه الوظيفة كانوا من خريجي جامعة الأزهر الذين كان مجموع درجاتهم يحسب طبقًا لما حصلوا عليه في السنة النهائية في ذلك الوقت توحيدًا لمعيار المفاضلة، ذلك أن تطبيق هذا المبدأ في الحالة المعروضة مردود عليه بأن الحالة الصادر في شأنها الفتوى المشار إليها كانت تتعلق بشغل وظيفة معيد عن طريق الإعلان طبقًا للمواد (135، 136) من قانون تنظيم الجامعات والتي تسمح لغير خريجي الكلية المعلنة بالتقدم لشغل هذه الوظيفة ليقف على قدم المساواة مع غيره من خريجي هذه الكلية والكليات الأخرى وتتم المفاضلة بينهم طبقًا للنظام المعمول به في الكلية التي سيتهم التعيين فيها وهو نظام المجموع التراكمي، في حين أن الحالة المعروضة تتعلق بالتعيين بطريق التكليف من بين خريجي السنتين الأخيرتين في ذات الكلية، ولا يسمح لغير خريجي هذه الكلية بالتعيين فيها بهذا الطريق الاستثنائي، وبالتالي فإنه لا يجوز تطبيق المبدأ المشار إليه على الحالة المعروضة لاختلاف المعطيات التي صدرت في شأنها الفتوى السابقة، وبمراعاة الإفتاء المشار إليه اعتد بالنظام المعمول به في الكلية المعلنة.
كما لا ينال من ذلك أيضًا ما قد يثار بشأن وقوع ظلم وإجحاف على خريجي دفعة 2007 في حالة ترتيبهم مع خريجي دفعة 2006 في قائمة واحدة طبقًا للنسبة المئوية لمجموع الدرجات لكل منهم عند التساوي في التقدير العام بحسبان أن تطبيق هذا المعيار سيؤدي إلى تفضيل دفعة 2006 الذين سيحسب مجموع درجاتهم على أساس اجتهادهم في سنة واحدة في السنة النهائية بينما سيتم حساب هذا المجموع بالنسبة لدفعة 2007 على أساس اجتهادهم في سنوات الدراسة الأربع جميعًا، وأن هناك فرق كبير بين الأخطاء التي يقع فيها الطالب في سنة واحدة والأخطاء التي يقع فيها طوال سنوات الدراسة مما يجعل المعيار الأفضل في هذا الشأن هو تطبيق معيار المجموع التراكمي على الجميع ليكون هناك مساواة بين الدفعتين، إذ أن ذلك مردود عليه بأن استدعاء نظام المجموع التراكمي فضلاً عن أنه قد يؤدي إلى المساس بالمراكز القانونية التي استقرت لخريجي دفعة 2006 في ظل النظام القانوني الذي كانوا خاضعين له عند حصولهم على الشهادة الجامعية فإنه قد يؤدي أيضًا إلى تعديل مرتبة التقدير عن التقدير الوارد في الشهادة إلى تقدير أدنى قد يخرجه كليًا من المنافسة على شغل الوظيفة، كما أن استدعاء نظام مجموع السنة النهائية بتطبيقه على الحاصلين على التقدير بالنظام التراكمي قد يؤدي إلى استبعاد تلك الاستدعاءات لما قد تؤدي إليه من نتائج خاطئة على هذا النحو أو ذاك واللجوء إلى المراكز القانونية الثابتة قانونًا لكل من خريجي الدفعتين بوضعهم في كشف مفاضلة واحد بحسب النسبة المئوية لمجموع درجات التقدير العام الحاصل عليها كل منهم.
ولاحظت الجمعية العمومية أنه وإذ يعتبر من الأمور الطبيعية المتوقعة في كل امتحان اختلاف صعوبته من مادة إلى أخرى أو من عام إلى آخر كما قد تختلف الظروف الشخصية التي قد تحيط بطالب دون آخر أثناء أدائه الامتحانات مما قد يختلف فيه الحكم من طالب إلى آخر وأنه إذا كانت لا توجد وسيلة محددة للتغلب هذا الأمر أو ذاك لمداركته فإنه لا يصح أن يضاف إلى ذلك أي أمور تحكمية أخرى للمغايرة من المركز القانوني الذي تحقق لكل طالب وهو ما قد يؤدي إلى مغايرة الحكم العام كما نص عليه القانون صراحة الأمر الذي قد يتغير معه وجه المشروعية، وأنه وإذ كان الحال كذلك وأنه قد تم الجمع بين خريجي الدفعتين المشار إليهما فإنه لا مناص من إجراء قواعد للمفاضلة بينهم للوقوف على المستحقين للتعين من بين المتنافسين على شغل ذات الوظائف في ذات الأقسام بالكليات بالجامعة كل حسب قدره وقدرته وأن أقرب معايير المفاضلة للصدق والعدل هو معيار الاحتكام للنسبة المئوية عند التساوي في مرتبة التقدير العام وتقدير التخصص لأن ذلك هو المعيار الوحيد الذي يستصحب المراكز القانونية المستقرة لهؤلاء الخريجين كل حسب الشهادة الصادرة له وفقًا للنظام القانوني الذي كان معاملاً به عند الحصول على تلك الشهادة والتي يعامل بها على طول الدوام في حياته.
لـذلـك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أن معيار المفاضلة بين خريجي دفعتي 2006، 2007 المتساوين في مرتبة التقدير عند وضعهم في قائمة واحدة تمهيدًا لتعيينهم بطريق التكليف في وظائف المعيدين طبقًا للمادة (137) من قانون تنظيم الجامعات يكون بالاحتكام إلى النسبة المئوية لمجموع درجات التقدير العام الحاصل عليها كل منهم، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تحريرًا في…/ …/ 2008
رئيس المكتب الفني المستشار/ محمد عبد العليم أبو الروس نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع المستشار/ محمد أحمد الحسيني النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |
وسوم : فتوى