الخط الساخن : 01118881009
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 16/ 2/ 102
ورقم 32/ 2/ 3326
جلسة 23 من يناير 2008
السيد الأستاذ/ محافظ البنك المركزى
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم المؤرخ 17/ 1/ 2002، إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة، فى شأن الخلاف القائم بين وزارة المالية وبنك التنمية الصناعية المصرى، حول أحقية كل منهما فى الحصول على نسبة 0.5 % (نصف فى المائه) المصرح بها للبنك لتغطية أعباء تسوية القروض الممنوحة للعملاء، إبان الفترة من 5/ 1/ 1985 حتى 20/ 2/ 1988، طبقاً لما ورد بكتـاب رئيس مجلس الوزراء المـؤرخ 17/ 7/ 1990.
وحاصل الواقعات – حسبما يبين من الأوراق – أنه بتاريخ 17/ 7/ 1990 وجه رئيس مجلس الوزراء – آنذاك – الكتاب رقم (7371) إلى محافظ البنك المركزى المصرى، أشار فيه إلى اجتماع عُقد بينهما وبحضور رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية ومجموعة من المستثمرين، للتعرف على أثر تغير سعر الصرف على القروض الممنوحة من بنك التنمية الصناعية لعملائه. وبعد الدراسة تقرر اتخاذ بعض الإجراءات لمعالجة تلك الآثار، من بينها ما ورد بالبند (4) من هذا الكتاب، والذى تم التصريح بموجبه لبنك التنمية الصناعية بزيادة تكلفة قروضه لجميع العملاء بواقع 0.5 % حسب ما يتم الاتفاق على تفاصيله مع محافظ البنك المركزى المصرى، وذلك لتغطية ما يتحمل به بنك التنمية الصناعية من أعباء نتيجة التسويات المنوه عنها، على أن تجنب هذه الأعباء فى حساب خاص لحين تسويتها تدريجياً بما لا يؤثر على نتائج أعمال البنك.
وتنفيذاً لهذه القواعد، طالب بنك التنمية الصناعية وزارة المالية بمبلغ[374616832.38] جنيه ، تمثل الفروق الناتجة عن تغير سعر صرف الدولار فى السوق الحرة، والذى على أساسه يتم خصم أقساط القروض الممنوحة للبنك من الهيئات الدوليـة، عن سعر الصرف المثبت بالقروض الممنوحة من البنك لعملائه، وذلك عن الفترة من 1/ 2/ 1994 حتى تمام سداد آخر قسط فى 1/ 6/ 1998. وقد وافق وزير المالية فى 22/ 1/ 2000 على تحمل الوزارة لتلك الفروق بما لا يجاوز 374 مليون جنيه، بعد مراجعة ترد من الجهاز المركزى للمحاسبات والبنك المركزى المصرى، مع مراعاة خصم نسبة 0.5 % المصرح بها لبنك التنمية الصناعية.
وبناءً على ذلك تم تشكيل لجنة من الجهاز المركزى للمحاسبات ومن الإدارة العامة للرقابة على البنوك بالبنك المركزى المصرى، قامت بعملية المراجعة، وقدمت تقريراً بنتائج أعمالها، أثبتت فيه أحقية بنك التنمية الصناعية فى صافى فروق أسعار الصرف التى يطالب بها وزارة المالية، ومقدارها [364517078.27] جنيه، وذلك بعد خصم مبلغ [6242758.80] جنيه، وهى تمثل حصيلة نسبة 0.5 % المصرح بها للبنك لتغطيـة الأعبـاء التى يتحملهـا نتيجة زيادة تكلفة القروض خلال الفترة مـن 5/ 1/ 1985حتى 20/ 2/ 1988، مع مراعاة التزام البنك بتوريد ما سيتم تحصيله من هذه النسبة مستقبلاً إلى وزارة المالية.
وإذ لم يرتض بنك التنمية الصناعية النتيجة التى انتهى إليها تقرير اللجنة، فقد قام بالتعقيب عليها مبدياً وجهة نظره فى ذلك، بالكتابة إلى كل من وزارة المالية والجهاز المركزى للمحاسبات والبنك المركزى المصرى، والتى تجمل فى أن نسبة 0.5 % سالفة الذكر مخصصة لتغطية ما يتحمل به بنك التنمية الصناعية من أعباء نتيجة التسويات التى تجرى للقروض الممنوحة للعملاء، حتى لا تتأثر نتائج أعمال البنك. إلا أن وزارة المالية تمسكت بوجهة نظرها من أن هذه النسبة مخصصة لتغطية ما ينتج من فروق نتيجة تغير سعر صرف الدولار فى السوق الحرة، هذا فضلاً عن أن موافقتها على تحمل الفروق الناتجة فى هذا الصدد، كان شريطة أن يخصم منها حصيلة نسبـة الـ 0.5 % المصرح للبنك بزيادة تكلفة قروضه بها ، وذلك على نحو ما تحرر بكتاب الوزارة
رقم134/ و المؤرخ 22/ 1/ 2000 للسيد رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية. وإزاء هذا الخلاف فى الرأي، حول تفسير البند (4) من كتاب رئيس مجلس الوزراء المشار إليه، فقد طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ونفيـد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 23 من يناير سنة 2008 م، الموافق 15من المحرم سنة 1429هـ، فاستبان لها أن المستقر عليه فى تفسير النصوص، هو ألا تحمل على غيـر مقاصدها، وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويهاً لها سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها. ذلك أن المعانى التى تدل عليها هذه النصـوص، والتى ينبغى الوقوف عندها، هى تلك التى تعتبر كاشفة عن حقيقة محتواها، مفصحة عما قصده مُوضعها منها، مبينة عن حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، ملقية الضوء على ما عناه بها.
واستعرضت الجمعية العمومية كتاب رئيس مجلس الوزراء رقم 7371 المؤرخ 17/ 7/ 1990، إلى محافظ البنك المركزى، والذى ينص فى البند (1) على أن ” تعامل القروض التى تعاقد بنك التنمية الصناعية على منحها لعملائه (خلال الفتـرة مـن 5/ 1/ 1985 تاريخ إنشاء مجمع البنـوك بعـلاوة وحتى 20/ 2/ 1988 تاريخ إلغاء هذا المجمع) والممولة من البنك الدولى للإنشاء والتعمير أو بنك الاستثمار الأوربي أو بنك التنمية الإفريقي، وفقاً لسعر صرف يحدد بواقع 175 قرشاً للدولار الأمريكي أو السعر السارى وقت التعاقد مع العميل على القرض أيهما أكبر، ويثبت إلى حين إتمام السداد “. وينص فى البند (2) على أن ” يحدد التزام العملاء فى القروض الفرعية على أساس المعادل بالدولار الأمريكي للقدر المسحوب فعلاً من القرض ويسدد بالجنيه المصرى وفقاً لسعر الصرف المشار إليه (ما لم يكن قد تم سداد كامل قيمة الالتزام بسعر أقل قبل بلوغ أسعـار الصرف 175 قرشاً للدولار)”.وينص فى البند (3) على أن ” يقبل كل من البنك المركزى ووزارة الماليــة
سداد هذه القروض مستقبلاً من بنك التنمية الصناعية بذات السعر المذكور لحين تمام سداد التزامات البنك قبلهما من هذه القروض “. وينص فى البند (4) على أن ” يصرح لبنك التنمية الصناعية بزيادة تكلفة قروضه لجميع العملاء بواقع 0.5 % حسب ما يتم الاتفاق على تفاصيله مع السيد الدكتور محافظ البنك المركزى المصرى، وذلك لتغطية ما يتحمل به بنك التنمية الصناعية من أعباء نتيجة التسويات المنوه عنها، وتجنب هذه الأعباء فى حساب خاص لحين تسويتها تدريجياً، بما لا يؤثر على نتائج أعمال البنك “.
ومن حيث إن مقطع الخلاف القائم يدور حول ما إذا كانت نسبة 0.5 % الواردة بكتاب رئيس مجلس الوزراء السالف بيانه مخصصة لتغطية ما ينتج من فروق نتيجة تغير سعر صرف الدولار فى السوق الحرة، وهو ما تذهب إليه وزارة المالية، أم أنها مخصصة لتغطية ما يتحمل به بنك التنمية الصناعية المصرى من أعباء نتيجة التسويات التى تجرى للقروض الممنوحة من البنك لعملائه، وهـو ما تعتنقه إدارة البنك.
وفى ضوء ما تقدم، فإنه ينبغى استقراء البنود الواردة بكتاب رئيس مجلس الوزراء المشار إليه وتفسيرها، بحسبانها مكملة لبعضها البعض، وبما يحقق الانسجام والاتفاق بينها، وليس التنافر والتعارض، مما ينتج عنه فى النهاية نسيجاً واحداً كاملاً غير منقوص، محققاً للهدف المبتغى منه، ألا وهو معالجة الآثار الناجمة عن تغير سعر الصرف على القروض الممنوحة من بنك التنمية الصناعية لعملائه فى هذا الوقت، ودون أضرار بالبنك أو بعملائه،سيما وأن تحرير سعر الصرف إجراء اقتضته حسن السياسة الاقتصادية والمالية للدولة واتخذته السلطات المختصة.
ويبين من مطالعة كتاب رئيس مجلس الوزراء آنف الذكر، أن البنود (1) و(2) و (3) منه تتعلق جميعها بتبيان الآثار المترتبة على تغيير سعر الصرف، ومعالجة هذه الآثار بالنسبة إلى قروض بعينها حددها البنـد (1) منه، وهى تلك التى تعاقد بنك التنمية الصناعية على منحها لعملائه خلال الفترة من 5/ 1/ 1985حتى 20/ 2/ 1988، والممولـة من البنك الدولى للإنشاء والتعمير أو بنـك الاستثمار الأوربي أو بنـك
التنمية الإفريقي، حيث تقرر معاملتها على أساس سعر صرف محدد بواقع 175 قرشاً للدولار الأمريكي أو السعر السائد وقت التعاقد مع العميل أيهما اكبر، ويثبت هذا السعر إلى حين تمام السداد. وحدد البند (2) من الكتاب، التزامات العملاء فى القروض الفرعية، على أساس ذات سعر الصرف المشار إليه بالنسبة إلى المقدار المسحوب فعلاً من القرض، واستثنى من ذلك ما قد يكون تم سداده كاملاً بسعر اقل. الأمر الذى من مؤداه أن يتم الالتزام بسعر الصرف المحدد بـ 175 قرشاً، إلى حين إتمام السداد، بالنسبة إلى القروض التى كان بنك التنمية الصناعية قد حصل عليها من البنوك الدولية المحددة بالبند (1) حصراً، لكونه السعر الأعلى من السعر السائد وقت التعاقد مع العميل، بحسبان أن القروض الفرعية جرى منحها على أساس (84) قرشاً للدولار الأمريكي. وفى المقابل من ذلك، وعلى نحو ما أورده البند (2)، يتعين الالتزام بذات السعر فى القروض التى منحها البنك لعملائه ممولة من القروض الأجنبية سالفة الذكر، شريطة ألا يكون قد تم سداد كامل قيمة القرض بسعر أقل متفق عليه.
وتأكيداً لذلك، جاء البند (3) موضحاً التزام كل من وزارة المالية والبنك المركزى المصرى بقبول سداد هذه القروض مستقبلاً من بنك التنمية الصناعية على أساس ذات سعر الصرف، وذلك لحين تمام سداد التزامات البنك قبلهما عن هذه القروض. ولا ريب أن التزامات بنك التنمية الصناعية المنوه عنها فى هذا البند، هى المتعلقة بسداد التزاماته قبل البنوك الأجنبية المانحة للقروض، وهذا هو ما يتفق والفهم السوى والصياغة المنضبطة لهذا البند فيما نظمه وحدده متعلقاً بتلك القروض، وهو أمر أوجبه الفصل بين هـذه القروض وغيرها من القروض الممنوحة من البنك لعملائه، والمتفردة فى أحكامها ونصوصها، والتى لا يسوغ القول بأنها تشكل التزامات على عاتق بنك التنمية الصناعية مطلوب منه سدادها. بل هى على العكس من ذلك، تندرج فى نطاق الحقوق التى يجب على البنك تحصيلها من عملائه، حسبما اتفق عليه من شروط، فهى التزامات على العملاء قبل البنك.
وقد جاء البند (4) من الكتاب سالف الذكر، ليخول بنك التنمية الصناعية الحق فى زيادة تكلفة قروضه لجميع العملاء بنسبة 0.5 % وفق ما يتم الاتفاق على تفاصيله مع السيد محافظ البنك المركزى، موضحاً الغرض من ذلك وهو تغطية ما يتحمل به بنك التنمية الصناعية من أعبـاء نتيجـة التسويـات
التى تجرى لهذه القروض وفق ما جاء بالبند (2)، وحتى لا تتأثر نتائج أعمال البنك. ونص هذا البند واضح وجلى فى انه يتعلق بالتسويات التى تتم للقروض الممنوحة من بنك التنمية الصناعية لعملائه، حيث أتيح له بموجبه زيادة تكلفة قروضه بهذه النسبة، حتى لا تتأثر نتائج أعمال البنك بما قد ينجم عن هذه التسويات من أعباء مالية، نتيجة رفض هؤلاء العملاء تعديل سعر الصرف المتفق عليه (84 قرشاً)، أو زيادة سعر الفائدة بالنسبة المشار إليها، محتجين بأن العقد المبرم بينهم وبين البنك هو شريعة المتعاقدين، ولا يمكن طبقاً للمبادئ القانونية المستقرة تعديل العقد إلا بإرادة طرفيه، وقد أشار البنك إلى أن بعضهم لجأ إلى القضاء وصدرت أحكام لصالحهم، بالإضافة إلى أن بعض العملاء كانوا قد سددوا التزاماتهم بموجب شيكات تم تحريرها فى تاريخ عقد القرض، أو كانوا قد سددوا هذه الالتزامات فعلاً قبل بلوغ سعر الصرف 175 قرشاً للدولار، الأمر الذى يستحيل معه تعديل سعر الصرف أو سعر الفائدة الذى تم السداد على أساسه. وقد تحمل البنك كل هذه الأعباء عن القروض التى منحها لعملائه، والتى من أجلها تم التصريح له بزيادة تكلفة القروض بنسبة 0.5 % لتغطيتها، توصلاً لعدم التأثير فى نتائج أعمال البنك، وبغير هذه الزيادة كانت ستتأثر نتائج أعماله، نتيجة ما سيتحمله من جراء التسويات اللازمة للقروض الممنوحة لعملائه، والتى بلغت فى 30/ 6/ 1994 وبعد خصم نسبة 0.5 % التى زيدت بهــا تكلفة الإقراض حتى تاريخ إجراء التسوية مبلغ [20702711.07] جنيه، هذا فضلاً عن أن البند (4) من كتاب رئيس مجلس الوزراء لم يتضمن ما يفيد استخدام هذه الحصيلة فى سداد فروق أسعار الصرف الخاصة بهذه القروض، والتى تتحمل بها كاملة وزارة المالية طبقاً للبند (3) من هذا الكتاب. ومن ثم فإن هذه الحصيلة – فى ضوء ما تقدم – تغدو حقاً لبنك التنمية الصناعية المصرى، وليس لوزارة المالية الحق فى المطالبة بها. والقول بغير ذلك، يؤدى إلى إفراغ ما ورد بالبند (4) من مضمونه، وأن يصبح عديم الجدوى،حيث سيتحمل البنك نتائج التسويات التى تمت،الأمر الذى سيؤثر فى نتائج أعماله، وهو ما يتنافى وصريح عبارات البند (4) المشار إليه.
ولا يغير من ذلك، ما ذهبت إليه وزارة المالية من أن موافقتها على تحمل أعباء تغير سعر الصرف للقروض الممنوحة من البنك لعملائه،كان شريطة أن يخصم من هذه الأعباء حصيلة نسبة 0.5 % المشار إليها، على نحو ما تحرر بكتابها رقم (134/ و) فى 22/ 1/ 2000 إلى رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية.
ذلك أن ما تضمنه هذا الكتاب، لا يعدو أن يكون مجرد عرض لوجهة نظر وزارة المالية فى شأن الخلاف القائم حول من تؤول إليه تلك الحصيلة، وهو ما لم يلق قبولاً لدى البنك، ومن ثم يغدو الاستناد إليه فى غير محله.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أحقية بنك التنمية الصناعية المصرى فى الاحتفاظ بالمبالغ التى حصلها من عملائه بواقع (0.5 %) المصرح له بها لتغطية أعباء تسوية القروض، فى الفترة مـن 5/ 1/ 1985 حتى 20/ 2/ 1988.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
وسوم : فتوى