جلسة 28 من ديسمبر سنة 2003
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يوسف عبد الحليم الهته، محمد زكى خميس نائبى رئيس المحكمة، حامد عبد الوهاب علام وأحمد فتحى المزين.
(255)
الطعن رقم 295 لسنة 73 القضائية
(1 – 6) التزام “انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء: المقاصة القانونية، المقاصة القضائية”. إيجار “إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة: المنازعة فى الأجرة”. محكمة الموضوع “مسائل الواقع”. نظام عام “المسائل المتعلقة بالنظام العام”. نقض “سلطة محكمة النقض”.
(1) أسباب الإخلاء المنصوص عليها فى قوانين الإيجارات الاستثنائية. تعلقها بالنظام العام. لمحكمة الموضوع بحثها من تلقاء نفسها.
(2) تكرار تأخر المستأجر فى الوفاء بالأجرة الموجب لإخلائه من العين المؤجرة م 18 ب ق 136 لسنة 1981. المقصود به. ثبوت مرده على عدم الوفاء بها فى مواعيدها المرة تلو الأخرى. قيام المستأجر بالوفاء بالأجرة قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى لا يغنى عن وجوب الحكم بالإخلاء ما لم يقدم مبررات مقبولة لهذا التأخير فى الدعوى اللاحقة. تقدير ذلك من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع به متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3) الإعذار فى التأخير فى الوفاء بالأجرة. دفاع جوهرى يتوقف عليه الفصل فى الدعوى – علة ذلك – قبول المحكمة عذر المستأجر اعتباره مبررًا لتكرار التأخير فى الوفاء بالأجرة فلا يحكم بالإخلاء للتكرار رفض المحكمة هذا العذر. أثره. انتفاء المبرر للتأخير. وجوب الحكم بالإخلاء. شرطه. أن تبين المحكمة الدليل الذى استندت إليه فى رفضها العذر وإلا كان حكمها قاصر البيان.
(4) المقاصة القانونية أو القضائية، انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء. جواز تمسك المدين بانقضاء التزامه المستحق لدائنه دون تنفيذه عينًا مقابل انقضاء ما هو مستحق له قبل الدائن. مقتضاه. وجود التزامين متقابلين متماثلين فى المحل ولو كان لكل منهما سبب مغاير للآخر.
(5) المقاصة القانونية توافر شروطها. أثره. وقوعها بقوة القانون ووجوب الحكم بها. جواز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. علة ذلك. تخلف أحد شروطها. أثره. وجوب طلبها بدعوى أصلية أو فرعية أمام محكمة أول درجة. علة ذلك. عدم جواز إبدائها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. مثال فى إيجار.
(6) لمحكمة النقض إعطاء الوقائع الثابتة بالحكم المطعون فيه تكييفها القانونى الصحيح. شرطه. أن تعتمد على ما حصلته محكمة الموضوع من وقائع (مثال بشأن المقاصة القانونية).
1 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن أسباب الإخلاء المنصوص عليها فى قوانين الإيجارات الاستثنائية من الأمور المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الإخلاء أساس الدعوى وتتحقق من توافره، وألا تقضى بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه.
2 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص الفقرة الثالثة من المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن المقصود بالتكرار أن يكون المستأجر قد مرد على عدم الوفاء بالأجرة فى مواقيتها المرة تلو الأخرى ومن ثم فلا يستفيد فى الدعوى اللاحقة بالتيسير الذى خوله المشرع للمستأجر بتوقى الحكم بالإخلاء إذا قام بسداد الأجرة قبل إقفال باب المرافعة إلا إذا قدم لمحكمة الموضوع مبررات مقبولة لتأخره فى سداد الأجرة فى المرة الأخيرة التى على أساسها رفعت دعوى الإخلاء للتكرار. وأن تقدير المبرر لذلك الامتناع أو التأخير وقبوله هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
3 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه إذا كانت الأعذار التى يبديها المستأجر من أوجه الدفاع الجوهرية التى يتوقف عليها الفصل فى الدعوى باعتبارها المدار الذى ينبغى أن تقبل أو تطرح المبررات فى خصوصها فإذا قبلت المحكمة عذر المستأجر اعتبر مبررًا للتأخير فى سداد الأجرة فلا يحكم بالإخلاء للتكرار، وإذا رفضت المحكمة العذر انتفى المبرر فى التأخير ووجب الحكم بالإخلاء للتكرار رغم سداد المستأجر الأجرة مما يتطلب فى هذه الحالة أن تبين محكمة الموضوع الدليل الذى اقتنعت به للحكم برفض قبول المبرر وإلا جاء حكمها مجهل الأسباب وعاب قضاءها القصور فى التسبيب.
4 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن المقاصة قانونية كانت أم قضائية هى انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء وهو حق مقرر للمدين فى أن يتمسك بانقضاء الالتزام المستحق عليه لدائنه دون تنفيذه عينًا نظير انقضاء ما هو مستحق له قبل هذا الدائن وهو وجود التزامين متقابلين متماثلين فى المحل ولو كان لكل منهما سبب مغاير لسبب الالتزام المقابل.
5 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه إذا توافرت شروط المقاصة القانونية بأن كان الالتزام المقابل مستحق الأداء وليس محلاً للمنازعة فى الوجود أو المقدار وتمسك بها من له مصلحة فيها أحدثت أثرها بقوة القانون ووجب على القاضى الحكم بها وكان للمدين أن يتمسك بها باعتبارها دفعًا موضوعيًا ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف إذ ليس من شأن هذا الدفاع أن يغير من موضوع الدعوى المطروحة، أما إذا تخلف أحد شروط المقاصة القانونية بأن كـان وجود الالتزام المقابل أو مقداره محل منازعة فيجب على المتمسك بالمقاصة أن يطلبها فى صورة دعوى أصلية أو فرعية أمام محكمة أول درجة طبقًا لأحكام المادة 123 من قانون المرافعات لأنها تتضمن تقرير وجود حق له يطلب المدين الحكم له بثبوته مغايرًا لحق الدائن رافع الدعوى وهو ما يغير من نطاق الدعوى الأصلية بطرح دعوى جديدة ومن ثم لا يجوز طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لما فى ذلك من إخلال بمبدأ التقاضى على درجتين.
6 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة النقض أن تعطى الوقائع الثابتة بالحكم المطعون فيه تكييفها القانونى الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها، وكان البين من الأوراق أن الطاعن واجه دعوى المطعون ضده بطلب إخلائه من شقة النزاع لتكرار تأخره فى الوفاء بالأجرة عن شهرى مارس وإبريل سنة 2001 وجملتها 140 جنيهًا وبما أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه دائن للمطعون ضده بما يزيد على دين الأجرة المطالب به بموجب الحكم الذى استصدره فى الدعوى رقم… لسنة 1996 مدنى مركز الجيزة واستئنافها رقم…. لسنة 1997 مدنى مستأنف الجيزة الذى قضى بتاريخ 15/ 12/ 1997 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له 1260 جنيه قيمة كمبيالات، فإن محكمة الاستئناف بذلك تكون إزاء دفاع من جانب الطاعن بطلب إجراء المقاصة القانونية من الديون الواجبة الأداء المتبادلة بينه وبين المطعون ضده خلافًا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من تكييف خاطئ لهذه المقاصة التى يصفها بأنها مقاصة قضائية ورتب على ذلك عدم وقوعها لعدم طلبها ابتداء أمام محكمة أول درجة وتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء، مما حجبه عن الفصل فى هذا الدفاع الجوهرى على الوجه الصحيح قبل الفصل فى طلب الإخلاء لتكرار التأخير فى سداد الأجرة مما يشوبه بالقصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم….. لسنة 2001 إيجارات الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة محل التداعى وتسليمها له. وقال بيانًا لها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 30/ 1/ 1989 استأجر الطاعن الشقة محل التداعى لقاء أجرة شهرية سبعين جنيهًا وقد امتنع عن سداد الأجرة عن المدة من أول مارس حتى نهاية إبريل لعام 2001 بإجمالى مبلغ 140 جنية وأنه سبق وأن تأخر فى سداد الأجرة وأقام عليه الدعوى رقم…. لسنة 1998 إيجارات الجيزة الابتدائية وقضى فيها بالإخلاء لعدم سداد الأجرة. وقد توقاه بالسداد فى الاستئناف رقم….. لسنة 116 قضائية القاهرة. والذى قضى فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى للسداد. فأقام الدعوى. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم…. لسنة 119 قضائية القاهرة. وبتاريخ 14/ 1/ 2001 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عُرض الطعن على المحكمة – فى غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب. وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه دائن للمطعون ضده بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم….. لسنة 1996 مدنى مركز الجيزة واستئنافها رقم…. لسنة 1997 مدنى مستأنف الجيزة الذى قضى بتاريخ 15/ 12/ 1997 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له مبلغ 1260 جنيه قيمة كمبيالات. وقدم لمحكمة الاستئناف صورة رسمية من هذا الحكم وما يفيد توقيع الحجز تحت يد النفس لما له من مبالغ فى ذمة المطعون ضده نفاذًا لهذا الحكم. إلا أن الحكم المطعون فيه خلص إلى تأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء استنادًا إلى أن الطاعن لم يطلب إجراء المقاصة القضائية أمام محكمة أول درجة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك بأن أسباب الإخلاء المنصوص عليها فى قوانين الإيجارات الاستثنائية – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – من الأمور المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الإخلاء أساس الدعوى وتتحقق من توافره، وألا تقضى بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه، وأن النص فى الفقرة الثالثة من المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن (فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره فى الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء أو الطرد بحسب الأحوال) يدل على أن المقصود بالتكرار أن يكون المستأجر قد مرد على عدم الوفاء بالأجرة فى مواقيتها المرة تلو الأخرى. ومن ثم فلا يستفيد فى الدعوى اللاحقة بالتيسير الذى خوله المشرع للمستأجر بتوقى الحكم بالإخلاء إذا قام بسداد الأجرة قبل قفل باب المرافعة إلا إذا قدم لمحكمة الموضوع مبررات مقبولة لتأخره فى سداد الأجرة فى المرة الأخيرة التى على أساسها رفعت دعوى الإخلاء للتكرار. وأن تقدير المبرر لذلك الامتناع أو التأخير وقبوله هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وتعتبر الأعذار التى يبديها المستأجر من أوجه الدفاع الجوهرية التى يتوقف عليها الفصل فى الدعوى باعتبارها المدار الذى ينبغى أن تقبل أو تطرح المبررات فى خصوصها فإذا قبلت المحكمة عذر المستأجر اعتبر مبررًا للتأخير فى سداد الأجرة فلا يحكم بالإخلاء للتكرار، وإذا رفضت المحكمة العذر انتفى المبرر فى التأخير ووجب الحكم بالإخلاء للتكرار رغم سداد المستأجر الأجرة مما يتطلب فى هذه الحالة أن تبين محكمة الموضوع الدليل الذى اقتنعت به للحكم برفض قبول المبرر وإلا جاء حكمها مجهل الأسباب وعاب قضاءها القصور فى التسبيب، كما أن المقاصة قانونية كانت أم قضائية هى انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء وهو حق مقرر للمدين فى أن يتمسك بانقضاء الالتزام المستحق عليه لدائنه دون تنفيذه عينًا نظير انقضاء ما هو مستحق له قبل هذا الدائن وهو وجود التزامين متقابلين متماثلين فى المحل ولو كان لكل منهما سبب مغاير لسبب الالتزام المقابل، فإذا توافرت شروط المقاصة القانونية بأن كان الالتزام المقابل مستحق الأداء وليس محلاً للمنازعة فى الوجود أو المقدار وتمسك بها من له مصلحة فيها أحدثت أثرها بقوة القانون ووجب على القاضى الحكم بها وكان للمدين أن يتمسك بها باعتبارها دفعًا موضوعيًا ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف إذ ليس من شأن هذا الدفاع أن يغير من موضوع الدعوى المطروحة، أما إذا تخلف أحد شروط المقاصة القانونية بأن كان وجود الالتزام المقابل أو مقداره محل منازعة فيجب على المتمسك بالمقاصة أن يطلبها فى صورة دعوى أصلية أو فرعية أمام محكمة أول درجة طبقًا لأحكام المادة 123 من قانون المرافعات لأنها تتضمن تقرير وجود حق له يطلب المدين الحكم له بثبوته مغايرًا لحق الدائن رافع الدعوى وهو ما يغير من نطاق الدعوى الأصلية بطرح دعوى جديدة ومن ثم لا يجوز طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لما فى ذلك من إخلال بمبدأ التقاضى على درجتين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض أن تعطى الوقائع الثابتة بالحكم المطعون فيه تكييفها القانونى الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها، وكان البين من الأوراق أن الطاعن واجه دعوى المطعون ضده بطلب إخلائه من شقة النزاع لتكرار تأخره فى الوفاء بالأجرة عن شهرى مارس وإبريل سنة 2001 وجملتها 140 جنيه وبما أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه دائن للمطعون ضده بما يزيد على دين الأجرة المطالب به بموجب الحكم الذى استصدره فى الدعوى رقم… لسنة 1996 مدنى مركز الجيزة واستئنافها رقم…. لسنة 1997 مدنى مستأنف الجيزة الذى قضى بتاريخ 15/ 12/ 1997 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له 1260 جنيه (ألف ومائتان وستون جنيهًا) قيمة كمبيالات، فإن محكمة الاستئناف بذلك تكون إزاء دفاع من جانب الطاعن بطلب إجراء المقاصة القانونية من الديون الواجبة الأداء المتبادلة بينه وبين المطعون ضده خلافًا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من تكييف خاطئ لهذه المقاصة التى يصفها بأنها مقاصة قضائية ورتب على ذلك عدم وقوعها لعدم طلبها ابتداء أمام محكمة أول درجة وتأييد الحكم الابتدائى بالإخلاء، مما حجبه عن الفصل فى هذا الدفاع الجوهرى على الوجه الصحيح قبل الفصل فى طلب الإخلاء لتكرار التأخير فى سداد الأجرة مما يشوبه بالقصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.