جلسة الأول من يناير سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ماجد قطب، سمير فايزى، أحمد سعيد نواب رئيس المحكمة وصلاح الدين مجاهد.
(16)
الطعن رقم 290 لسنة 73 القضائية
(1 – 3) إثبات “أدلة الإثبات: الأوراق العرفية: حجيتها فى الإثبات”. إيجار “القواعد العامة فى الإيجار: آثار عقد الإيجار” “حقوق والتزامات طرفى عقد الإيجار: التزامات المؤجر”. حكم “عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون”. خلف “الخلف الخاص”.
(1) الإيجار السابق على التصرف الناقل للملكية. انصراف أثره إلى الخلف الخاص. شرطه. أن يكون الإيجار ثابت التاريخ وسابقًا على التصرف أو تمسك الخلف الخاص به أو ثبوت علمه بوجوده عند انتقال الملكية. حقوق المؤجر والتزاماته. ثبوتها لهذا الخلف دون حاجة لاشتراط علمه بها وقت انتقال الشيء إليه. المادتان 146، 604 مدنى.
(2) اعتبار المحرر العرفى دليلاً كاملاً فى الإثبات. شرطه. أن يكون موقعًا عليه ممن أصدره. أثره. إعفاء من صدر لصالحه من تقديم دليل آخر يؤيده وإلقاء عبء إثبات عكسه على من وقعه.
(3) تمسك الطاعن بسبق وفائه مبلغًا نقديًا إلى المالكة السابقة للعقار – سلف المطعون ضدها – كمقدم إيجار يخصم بواقع النصف من الأجرة الشهرية وتدليله على ذلك بإقرار منسوب صدوره إليها يفيد استلامها للمبلغ على أن يخصم من الأجرة بواقع النصف. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن الفرعية بطلب إلزام المطعون ضدها بالوفاء بالمبلغ الذى حصلته المالكة السابقة مهدرًا الإقرار المشار إليه والمحرر فى تاريخ لاحق لإنذارات عرض الأجرة عليها وأثر الوفاء المعجل لنصف الأجرة على فسخ عقد الإيجار والإخلاء وأثره فى صحة التكليف أو بطلانه حال ثبوت تضمنه المطالبة بأجرة تزيد على المستحق قانونًا للمطعون ضدها. خطأ.
1 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادتين 146، 604 من القانون المدنى مرتبطين أنه إذا كان الإيجار ثابت التاريخ وسابقًا على التصرف الذى نقل الملكية إلى الخلف أو لم يكن ثابت التاريخ ولكن الخلف تمسك به أو كان على علم بوجوده عند انتقال الملكية فإن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر فى جميع حقوقه قبل المستأجر وفى كافة التزاماته نحوه وتثبت للخلف هذه الحقوق والالتزامات دون حاجة لاشتراط علم الخلف بها وقت انتقال الشيء إليه اعتبارًا بأن المشرع حور القاعدة العامة المنصوص عليها فى المادة 146 من التقنين المدنى عند تطبيقها تطبيقًا تشريعيًا على حالة انصراف أثر الإيجار إلى من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة وفقًا للتنظيم القانونى الذى قرره ويقصد بنفاذ الإيجار فى حق الخلف الخاص للمؤجر كل ما نشأ عن العلاقة الإيجارية من الالتزامات وحقوق تتصل بالمكان المؤجر بحيث يصبح الخلف طرفًا فى العقد سواء كان مصدر هذه الحقوق وتلك الالتزامات عقد الإيجار ذاته أو تعديلات لاحقة شريطة ألا تكون خارجة عن الرابطة العقدية أو مستقلة عنها ففى هذه الحالة الأخيرة لا تنتقل هذه الآثار للخلف إلا طبقًا للقاعدة العامة الواردة فى المادة 146 مدنى، يؤيد هذا النظر أن المشروع التمهيدى للقانون المدنى كان يتضمن نصًا صريحًا بأنه إذا كان الإيجار نافذًا فى حق من انتقلت إليه الملكية أو لم يكن نافذًا ولكن تمسك هو به فإنه يحل محل المؤجر فى جميع ما ينشأ عن عقد الإيجار من حقوق والتزامات ولئن حذف هذا النص فى لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة فإن هذه القواعد تشير إلى ذات الحكم الذى تضمنه النص المحذوف.
2 – المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المواد 14/ 1، 18، 61 من قانون الإثبات أن اعتبار المحرر العرفى دليلاً كاملاً فى الإثبات يختلف عن اعتباره ذا حجية مطلقة فمناط اعتبار المحرر دليلاً كاملاً بما تضمنه من إقرارات هو أن يكون موقعًا عليه ممن أصدره، وحينئذ يغنى من كانت الإقرارات لصالحه عن تقديم دليل آخر يؤيدها، ويلقى عبء إثبات عكسها على من وقع المحرر.
3 – إذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه سبق وسدد إلى سلف المطعون ضدها – المالكة السابقة – مبلغ 14000 جنيه كمقدم إيجار يستهلك بواقع النصف من الأجرة الشهرية وقدم تدليلاً على ذلك الإقرار المؤرخ 22/ 10/ 1994 والمنسوب صدوره إلى المالكة السابقة والتى أقرت فيه الأخيرة باستلامها المبلغ المذكور على أن يخصم من الأجرة بواقع النصف اعتبارًا من 1/ 1/ 1987 وأصل عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1985 بين الطاعن والمالكة السابقة باستئجار عين النزاع اعتبارًا من 1/ 1/ 1987 وبأجرة شهرية 140 جنيه، إلا أن محكمة أول درجة وأيدها الحكم المطعون فيه رفضت دعوى الطاعن الفرعية فى هذا الخصوص استنادًا إلى أقوال شهود المطعون ضدها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستدل من أقوال الشهود عدم صحة سداد المبلغ مثار النزاع مهدرًا دفاع الطاعن فى هذا الخصوص المقر بدليل كتابى هو عقد الاتفاق المؤرخ 22/ 10/ 1994 مع المالكة السابقة والمحرر فى تاريخ لاحق لإنذارات عرض الأجرة عليها ورغم النص فى عقد الإيجار سند الدعوى على أنه امتداد للعقد المؤرخ 1/ 1/ 1985 والتى تلتزم المطعون ضدها بما جاء به وبالتعديلات اللاحقة عليه ومنها الاتفاق سالف الذكر وقد حجبه هذا عن بحث أثر هذا الوفاء المعجل لنصف الأجرة على مقدار الأجرة القانونية المستحقة قبل الطاعن والتى يترتب على عدم الوفاء بها فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة، وأثر ذلك أيضا على صحة التكليف أو بطلانه إذا ثبت أنه تضمن المطالبة بأجرة تزيد عن تلك المستحقة قانونًا للمؤجرة المطعون ضدها، فإنه يكون معيبًا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم… لسنة 1999
إيجارات أمام محكمة الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 14/ 12/ 1994 والتسليم، وقالت بيانًا لذلك إنه بموجب ذلك العقد استأجر الطاعن شقة النزاع لقاء أجرة شهرية مقدارها 175,00 جنيه بخلاف رسم النظافة 2 ٪، إلا أنه امتنع عن سداد الأجرة عن المدة من 1/ 6/ 1996 حتى نهاية شهر مارس 1999 رغم تكليفه بالوفاء بها فأقامت الدعوى، ادعى الطاعن فرعيًا بطلب إلزام المطعون ضدها بسداد المبلغ الذى حصلته المالكة السابقة للعقار ومقداره 14000,00 جنيه على أن يخصم شهريًا نصف القيمة الإيجارية حتى انتهاء المبلغ، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود حكمت بالطلبات فى الدعوى الأصلية وفى الدعوى الفرعية برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم… لسنة 119 ق القاهرة، وبتاريخ 25/ 12/ 2002 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض. وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتًا لحين الفصل فى موضوع الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان وفى بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة أول درجة عقد اتفاق بينه وبين المالكة السابقة – التى باعت العقار للمطعون ضدها – تقر فيه باستلامها مبلغ 14000 جنيه كمقدم إيجار يخصم بواقع النصف من القيمة الإيجارية شهريًا حتى نفاذ المبلغ، وأن العلاقة الإيجارية بينه وبين المطعون ضدها لا تنفصل عن العلاقة الإيجارية بينه وبين المالكة السابقة للعقار والتى نص بالعقد على أنها امتداد لها إلا أن الحكم المطعون فيه أيد قضاء محكمة أول درجة برفض دعوى الطاعن الفرعية لأنه لم يقدم ما يفيد دفعه للمبلغ المذكور مغفلاً دلالة عقد الاتفاق المشار إليه والذى يسرى فى حق المطعون ضدها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن مفاد المادتين 146، 604 من القانون المدنى – مرتبطتين – أنه إذا كان الإيجار ثابت التاريخ وسابقًا على التصرف الذى نقل الملكية إلى الخلف أو لم يكن ثابت التاريخ ولكن الخلف تمسك به أو كان على علم بوجوده عند انتقال الملكية فإن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر فى جميع حقوقه قبل المستأجر وفى كافة التزاماته نحوه وتثبت للخلف هذه الحقوق والالتزامات دون حاجة لاشتراط علم الخلف بها وقت انتقال الشيء إليه اعتبارًا بأن المشرع حور القاعدة العامة المنصوص عليها فى المادة 146 من التقنين المدنى عند تطبيقها تطبيقًا تشريعيًا على حالة انصراف أثر الإيجار إلى ما انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة وفقًا للتنظيم القانونى الذى قرره ويقصد بنفاذ الإيجار فى حق الخلف الخاص للمؤجر كل ما نشأ عن العلاقة الإيجارية من التزامات وحقوق تتصل بالمكان المؤجر بحيث يصبح الخلف طرفًا فى العقد سواء كان مصدر هذه الحقوق وتلك الالتزامات عقد الإيجار ذاته أو تعديلات لاحقة شريطة ألا تكون خارجة عن الرابطة العقدية أو مستقلة عنها ففى هذه الحالة الأخيرة لا تنتقل هذه الآثار للخلف إلا طبقًا للقاعدة العامة الواردة فى المادة 146 مدنى، يؤيد هذا النظر أن المشروع التمهيدى للقانون المدنى كان يتضمن نصًا صريحًا بأنه إذا كان الإيجار نافذًا فى حق من انتقلت إليه الملكية أو لم يكن نافذًا ولكن تمسك هو به فإنه يحل محل المؤجر فى جميع ما ينشأ عن عقد الإيجار من حقوق والتزامات ولئن حذف هذا النص فى لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة فإن هذه القواعد تشير إلى ذات الحكم الذى تضمنه النص المحذوف. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنه سبق وسدد إلى سلف المطعون ضدها – المالكة السابقة – مبلغ 14000جنيه كمقدم إيجار يستهلك بواقع النصف من الأجرة الشهرية وقدم تدليلاً على ذلك الإقرار المؤرخ 22/ 10/ 1994 والمنسوب صدوره إلى المالكة السابقة والتى أقرت فيه الأخيرة باستلامها المبلغ المذكور على أن يخصم من الأجرة بواقع النصف اعتبارًا من 1/ 1/ 1987 وأصل عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1985 بين الطاعن والمالكة السابقة باستئجار عين النزاع اعتبارًا من 1/ 1/ 1987 وبأجرة شهرية 140 جنيه، إلا أن محكمة أول درجة وأيدها الحكم المطعون فيه رفضت دعوى الطاعن الفرعية فى هذا الخصوص استنادًا إلى أقوال شهود المطعون ضدها. ولما كان من المقرر أن النص فى المادة 14/ 1 من قانون الإثبات على أن يعتبر المحرر العرفى صادرًا ممن وقعه، وفى المادة 18 منه على أنه لا تكون الدفاتر والأوراق المنزلية حجة على من صدرت منه إلا فى الحالتين الآتيتين: 1 – إذا ذكر فيها صراحة أنه استوفى دينًا. 2 – إذا ذكر صراحة أنه قصد بما دونه فى هذه الأوراق أن تقوم مقام السند لمن أثبت حقًا لمصلحته “وفى المادة 61 منه على أنه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابى مفاده أن اعتبار المحرر العرفى دليلاً كاملاً فى الإثبات يختلف عن اعتباره ذا حجية مطلقة، فمناط اعتبار المحرر دليلاً كاملاً بما تضمنه من إقرارات هو أن يكون موقعًا عليه ممن أصدره، وحينئذ يغنى من كانت الإقرارات لصالحه عن تقديم دليل آخر يؤيدها، ويلقى عبء إثبات عكسها على من وقع المحرر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستدل من أقوال الشهود عدم صحة سداد المبلغ مثار النزاع مهدرًا دفاع الطاعن فى هذا الخصوص المقر بدليل كتابى هو عقد الاتفاق المؤرخ 22/ 10/ 1994 مع المالكة السابقة والمحرر فى تاريخ لاحق لإنذارات عرض الأجرة عليها ورغم النص فى عقد الإيجار سند الدعوى على أنه امتداد للعقد المؤرخ 1/ 1/ 1985 والتى تلتزم المطعون ضدها بما جاء به وبالتعديلات اللاحقة عليه ومنها الاتفاق سالف الذكر وقد حجبه هذا عن بحث أثر هذا الوفاء المعجل لنصف الأجرة على مقدار الأجرة القانونية المستحقة قبل الطاعن والتى يترتب على عدم الوفاء بها فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة، وأثر ذلك أيضا على صحة التكليف أو بطلانه إذا ثبت أنه تضمن المطالبة بأجرة تزيد عن تلك المستحقة قانونًا للمؤجرة المطعون ضدها، فإنه يكون معيبًا مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.