جلسة 4 مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفي حسن – رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: منير أمين عبد المجيد وفوزي أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة – المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.
قاعدة رقم (22)
القضية رقم 68 لسنة 3 قضائية “دستورية”
والقضية المضمومة إليها رقم 69 لسنة 3 قضائية “دستورية”
1- دعوى دستورية – الحكم فيها “حجيته – نطاقها”
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً – اقتصار قضاء المحكمة الدستورية العليا على الفصل فيما أثير من نزاع حول مدى اختصاص رئيس الجمهورية بإصدار القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 استناداً إلى المادة (147) من الدستور وحول دستورية المادتين الثانية والسادسة منه فحسب – أثره، عدم تجاوز حجية الحكم ما فصل فيه، فلا تتعداه إلى باقي نصوصه.
2- دعوى دستورية – إجراءات رفعها.
ولاية المحكمة الدستورية العليا في الدعاوي الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التي تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً في دستورية التشريعات.
3- طلب تفسير “إجراءات تقديمه”
قصر الحق في تقديم طلبات التفسير على الجهات المحددة في المادة (33) من قانون المحكمة الدستورية العليا عن طريق وزير العدل – طلب التفسير الذي يقدمه المدعي إلى المحكمة الدستورية العليا مباشرة لا يكون قد اتصل بالمحكمة وفقاً للأوضاع المقررة قانوناً.
4- دعوى دستورية “الحكم فيها” – طلب تفسير “إجراءات تقديمه”.
الطلب الذي يقدم إلى المحكمة الدستورية العليا لتفسير أحكامها في المسائل الدستورية لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقاً للأوضاع المقررة في قانونها – طلبات تفسير هذه الأحكام تكون بناء على إدعاء أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع غموض الحكم أو انبهامه وتستبين وجهه، فتمنحه أجلاً لتقديم طلبه، أو بطلب منها باعتبار ما تراه غموضاً في الحكم يثير خلافاً حول معناه ويعوق مهمتها في شأن إعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها.
5- طلب تفسير – تدخل انضمامي.
الخصومة في التدخل الانضمامى تابعة للخصومة الأصلية في طلب التفسير، ومن ثم فإن عدم قبول طلب التفسير يستتبع عدم قبول التدخل الانضمامى.
6- ملكية خاصة – حراسة طوارئ – تفسير.
استهداف الحراسة على الأموال والممتلكات بالاستناد إلى قانون الطوارئ غل يد الخاضع عن إدارة أمواله وممتلكاته – نظام استثنائي ورد على خلاف الأصل، ينبغي معه تفسير النصوص الخاصة بها والأوامر الصادرة بفرضها تفسيراً ضيقاً صوناً للملكية الخاصة من أن تمس.
7- حراسة طوارئ على الأشخاص الطبيعيين “انعدامها”.
فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين بالاستناد إلى أحكام قانون الطوارئ على خلاف ما تجيزه أحكامه، أثره، فقدان هذه الحراسة لسندها القانوني وتجردها من شرعيتها وانحدارها إلى مرتبة الفعل المادي المعدوم الأثر.
8- ملكية خاصة – حراسة طوارئ – مفهوم العائلة – المادة (1/ 2) من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981.
النص في الأوامر الصادرة بفرض الحراسة، بالاستناد إلى قانون الطوارئ على لفظ “العائلة” دون لفظ “الأسرة” – دلالته – كون تحديد مفهوم العائلة أمراً يتوقف عليه الخضوع لتدابير الحراسة، ينبغي معه التحرز في توسيع مدلولها وحصره في نطاقه الضيق الذي يتفق مع دلالته اللغوية والتي تقتصر على الأفراد المرتبطين بالخاضع الأصلي برابطة “الإعالة” وتكون له عليهم سلطة الهيمنة والولاية وهم الزوجة والأولاد القصر في تاريخ فرض الحراسة دون سواهم.
النص في المادة (1/ 2) من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 على اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة ضمن “العائلة” التي خضعت للحراسة – تغول على أموال الأشخاص لم تشملهم أوامر فرض الحراسة وإخضاع لها ابتداء وبحكم جديد للأحكام التي تضمنها القرار بقانون المذكور وعدوان صارخ على الملكية الخاصة بالمخالفة لما تقضي به المادة (34) من الدستور من صون الملكية الخاصة وعدم جواز فرض الحراسة عليها بغير حكم قضائي.
1- إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية والمانعة من نظر أي طعن دستوري جديد يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها، أما ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم يكن مثاراً للنزاع أمامها، ولم تفصل فيه بالفعل، فلا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة للحكم الصادر في الدعوى الدستورية السابقة. ولما كان الحكمان الصادران من هذه المحكمة في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية وفي الدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية قد اقتصر كلاهما على الفصل فيما أثير من نزاع حول مدى اختصاص رئيس الجمهورية بإصدار القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 استناداً إلى المادة 147 من الدستور، وفيما أثير من طعن دستوري على المادتين الثانية والسادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فحسب، دون أن تعرض المحكمة لما ورد فيه من نصوص أخرى ودون أن يتضمن حكماها السابقان بالتالي فصلاً قضائياً في دستوريتها، فإن حجية هذين الحكمين تكون مقصورة على المادتين الثانية والسادسة من القرار بقانون المشار إليه ولا تتعداها إلى باقي نصوصه الأخرى، ومن ثم لا تمنع نظر أي طعن دستوري يثار بشأنها، ولما كانت المحكمة الدستورية العليا هي المختصة وحدها بنظر الدعاوي الدستورية طبقاً للمادة (175) من الدستور والمادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ومن ثم ينعقد الاختصاص لها بنظر الدعويين الماثلتين، ويكون الدفع بعدم الاختصاص على غير أساس متعين الرفض.
2- لما كان المدعون قد طلبوا بعد رفع الدعوى الحكم بعدم دستورية المادة الرابعة والفقرة الثانية من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، وكانت ولاية المحكمة الدستورية العليا في الدعاوي الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً قانونياً مطابقاً للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التي رسمت سبل التداعي في شأن الدعاوي الدستورية، وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التي تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً في دستورية التشريعات، وكان الطعن على المادة الرابعة والفقرة الثانية من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 الذي أثاره المدعون في المذكرات المقدمة بجلسات المحكمة، يعتبر طلباً عارضاً، ومن ثم لم يتصل بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً ويتعين الالتفات عنه.
3- طلب المدعين إصدار تفسير ملزم لنص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة دفعاً لما يدعونه من تناقض بين إعمال هذا النص ونص الفقرة الثانية من المادة الأولى والمادة الثانية منه، مردود بأنه لما كان قانون المحكمة الدستورية العليا قد قصر الحق في تقديم طلبات التفسير على جهات محددة بما نص عليه في المادة (33) منه من أن “يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية”، وكان طلب التفسير المشار إليه قد قدم إلى المحكمة مباشرة من المدعين خلافاً لما نصت عليه المادة (33) سالفة الذكر، ومن ثم لم يتصل بها اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً لتقديم طلبات التفسير، ويتعين الالتفات عنه.
4 – الطلب الذي يقدم إلى المحكمة الدستورية العليا بتفسير الأحكام الصادرة منها في الدعاوي الدستورية لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقاً للأوضاع المقررة في قانونها، ولما كان إعمال آثار الأحكام المشار إليها هو من اختصاص محكمة الموضوع، فإذا ادعى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستورية العليا أو انبهامه، وتبين لها أن لهذا الدفاع وجه. كان لها أن تمنحه أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير قضائها المختلف على مضمونه، ولمحكمة الموضوع كذلك وقد خولتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا ذلك التفسير باعتبار أن غموض قضائها يثير خلافاً حول معناه وبالتالي يعوق مهمتها في شأن إعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها. لما كان ذلك، وكان طلب التفسير الماثل لم تحله محكمة الموضوع ولم يقدم بناء على تصريح منها للمدعين برفع دعوى التفسير إلى المحكمة الدستورية العليا، وإنما قدم مباشرة إلى هذه المحكمة بمذكرة وردت إليها بتاريخ 4 إبريل سنة 1987، ومن ثم لم يتصل بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً، وبالتالي يكون غير مقبول.
5- الخصومة في طلب التدخل الانضمامى، تابعة للخصومة الأصلية في طلب التفسير، ومن ثم فإن عدم قبول طلب التفسير يستتبع عدم قبول طلب التدخل الانضمامى.
6، 7 – إن الحراسة التي فرضت على الأموال والممتلكات بالاستناد إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ كانت تستهدف غل يد الخاضع عن إدارة أمواله وممتلكاته فهي نظام استثنائي ورد على خلاف الأصل المقرر من أن لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، ومن ثم ينبغي تفسير النصوص الخاصة بالحراسة والأوامر الصادرة بفرضها – عند غموضها – تفسيراً ضيقاً غير موسع صوناً للملكية الخاصة وحماية لها من أن تمس بغير نص صريح متفق مع الدستور، خاصة إذا ما تعلق الأمر بحراسة منعدمة، كما هي الحال في الحراسة التي فرضت على والد المدعين وغيره من الأشخاص الطبيعيين على خلاف ما تجيزه أحكام قانون الطوارئ المشار إليه، إذ جاءت الأوامر الصادرة بفرض هذه الحراسة فاقدة لسندها القانوني ومشوبة بعيب جسيم يجردها من شرعيتها وينحدر بها إلى مرتبة الفعل المادي المعدوم الأثر قانوناً.
8- النص في الأوامر الصادرة بفرض الحراسة – بالاستناد إلى قانون الطوارئ – على لفظ “العائلة” دون لفظ “الأسرة” إنما يدل على أن “العائلة” المعنية بفرض الحراسة هي غير “الأسرة” بمفهومها المقرر في القانون المدني والتي يتسع مدلولها طبقاً لأحكام هذا القانون ليشمل كافة الأقارب الذين يجمعهم أصل مشترك، سواء أكانت قرابة مباشرة تتسلسل من الأصل إلى الفروع أم كانت قرابة حواشي لا تسلسل فيها، وإن كان يجمعهم أصل مشترك ومن يرتبط بهؤلاء وهؤلاء بطريق المصاهرة، وإذ كان تحديد مفهوم “العائلة” في هذا الشأن أمراً يتوقف عليه الخضوع لتدابير الحراسة، فإنه ينبغي التحرز في توسيع مدلولها وحصره في نطاقه الضيق الذي يتفق مع دلالته اللغوية، بحيث يقتصر مفهوم “العائلة” على الأفراد الذين يرتبطون بالخاضع الأصلي برابطة الإعالة والذي يكون له عليهم – بحكم هذه الرابطة – سلطة الهيمنة والولاية، وهم الزوجة التي يلتزم الزوج بإعالتها شرعاً وكذلك الأولاد القصر وهم الذين يعتمدون عادة على والدهم في حياتهم المعيشية ويكونون بسبب نقص أهليتهم مشمولين بولاية والدهم قانوناً، وإنما ما يملكونه من أموال خاصة تكون خاضعة لإشرافه وواقعة تحت سيطرته الفعلية مما أدى إلى بسط الحراسة على أموال الزوجة والأولاد القصر بالتبعية للخاضع الأصلي، دون أن يشمل مدلول “العائلة” في هذا الشأن ولا يخضع بالتالي للحراسة بالتبعية – لانعدام مبررها – من كان من أولاد الخاضع في تاريخ فرض الحراسة بالغاً سن الرشد، إذ ببلوغ الولد هذه السن تتحقق له الأهلية الكاملة لمباشرة حقوقه المدنية في إدارة أمواله والتصرف فيها وتنحسر عنه ولاية والده قانوناً. ومن ثم يكون المقصود بلفظ “العائلة” في مجال تطبيق أوامر فرض الحراسة هم الزوج والزوجة والأولاد القصر في تاريخ فرض الحراسة فحسب، دون أن ينسحب هذا المدلول إلى من كان من الأولاد بالغاً سن الرشد في تاريخ فرض الحراسة ولا إلى غيرهم من الورثة الذين عنتهم الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 – المطعون عليها – ولما كان المقصود “بالعائلة” في مجال تطبيق أوامر فرض الحراسة المشار إليها هم الزوج والزوجة والأولاد القصر في تاريخ فرض الحراسة، وكانت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، قد تضمن نصها اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة – بالمعنى الذي سلف بيانه – ضمن “العائلة” التي خضعت للحراسة، مع أنهم لا يدخلون في “العائلة” طبقاً لمفهومها الصحيح ويخرجون بالتالي عن مجال تطبيق القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فإن حكم الفقرة المذكورة فيما تضمنه من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة – الذين عناهم نصها – ضمن “العائلة” التي خضعت للحراسة يكون في الواقع من الأمر قد تغول على أموال الأشخاص لم تشملهم أوامر فرض الحراسة، ولم تكن تنسحب عليهم آثارها، وأخضعها ابتداء وبحكم جديد للأحكام التي تضمنها القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم من زوجات وأولاد قصر، الأمر الذي يشكل عدواناً صارخاً على الملكية الخاصة بالمخالفة لما تقضي به المادة (34) من الدستور من صون الملكية الخاصة وعدم جواز فرض الحراسة عليها بغير حكم قضائي مما يعيب النص المطعون عليه في هذا الخصوص ويصمه بعدم الدستورية.
الإجراءات
بتاريخ 20 و21 ديسمبر سنة 1981 أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى رقم 68 لسنة 3 قضائية “دستورية” وصحيفة الدعوى رقم 69 لسنة 3 قضائية “دستورية” طالبين في كل منهما الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في كل من الدعويين طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم قبول الدعوى أو برفضها.
كما قدمت الشركة المدعى عليها الخامسة مذكرة بالرد على الدعوى الأولى طلبت فيها الحكم برفضها.
وبعد تحضير الدعويين أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها في كل منهما.
ونظرت الدعويان على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وقررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى وإصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفتي الدعويين وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعويين رقمي 3991 لسنة 1981 و3992 لسنة 1981 مدني كلي جنوب القاهرة طالبين في الدعوى الأولى الحكم ببطلان التصرفات الصادرة من الحراسة العامة فيما كان يملكه المرحوم والدهم من أراضي فضاء وحصة في أحد الفنادق بمدينة الأقصر ورد هذه الممتلكات إليهم، وطالبين في الدعوى الثانية الحكم بتسليمهم الأطيان الزراعية المملوكة لهم ولأخويهم المرحومين…… والتي قام جهاز الحراسة العامة بالاستيلاء عليها وتسليمها للهيئة العامة للإصلاح الزراعي اعتقاداً بأن فرض الحراسة على والدهم ينسحب إليهم بالتبعية، غير أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أحالت الدعويين إلى محكمة القيم للاختصاص بنظرهما إعمالاً للقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، وقيدت الدعويان برقمي 78 لسنة 1 قضائية قيم و79 لسنة 1 قضائية قيم حيث دفع المدعون في كلتا الدعويين بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه، وصرحت لهم محكمة القيم برفع الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعويين الماثلتين.
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعويين استناداً إلى أن هذه المحكمة سبق أن قضت في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية والدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية، بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون 141 لسنة 1981 فيما نصت عليه من “وذلك ما لم يكن قد تم بيعها…… وبرفض ما عدا ذلك من طلبات” مما يعني أن جميع نصوص القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فيما عدا نص المادة الثانية منه التي قضت المحكمة بعدم دستورية شق منها، هي نصوص دستورية، وإذ كان الفصل فيما إذا كان هذا القضاء السابق تنصرف حجيته إلى ما عدا نصي المادتين الثانية والسادسة – وقد كانا محل الطعن في الدعاوي المشار إليها – أم يقتصر أثرها على هاتين المادتين فحسب هو مما تختص به محكمة الموضوع إعمالاً لأثر الحكم ولا تمتد إليه ولاية المحكمة الدستورية العليا، فإن هذه المحكمة تكون غير مختصة بنظر الدعويين الماثلتين.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن المدعين لا يبتغون إعمال أثر الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوي أرقام 139 و140 و142 لسنة 5 قضائية دستورية على دعوى موضوعية غير مطروحة على هذه المحكمة ولا تدخل في ولايتها، وإنما يستهدفون الحكم بعدم دستورية بعض نصوص القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية والمانعة من نظر أي طعن دستوري جديد يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها، أما ما لم يكن مطروحاً على المحكمة ولم يكن مثاراً للنزاع أمامها، ولم تفصل فيه بالفعل، فلا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة للحكم الصادر في الدعوى الدستورية السابقة. ولما كان الحكمان الصادران من هذه المحكمة في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، وفي الدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية قد اقتصر كلاهما على الفصل فيما أثير من نزاع حول مدى اختصاص رئيس الجمهورية بإصدار القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 استناداً إلى المادة 147 من الدستور، وفيما أثير من طعن دستوري على المادتين الثانية والسادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فحسب، دون أن تعرض المحكمة لما ورد فيه من نصوص أخرى ودون أن يتضمن حكماها السابقان بالتالي فصلاً قضائياً في دستوريتها، فإن حجية هذين الحكمين تكون مقصورة على المادتين الثانية والسادسة من القرار بقانون المشار إليه ولا تتعداها إلى باقي نصوصه الأخرى، من ثم لا تمنع من نظر أي طعن دستوري يثار بشأنها. ولما كانت المحكمة الدستورية العليا هي المختصة وحدها بنظر الدعاوي الدستورية طبقاً للماد 175 من الدستور والمادة 25 من قانون المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ومن ثم ينعقد الاختصاص لها بنظر الدعويين الماثلتين، ويكون الدفع بعدم الاختصاص على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن المدعين طلبوا بعد رفع الدعوى الحكم بعدم دستورية المادة الرابعة والفقرة الثانية من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981. ولما كانت ولاية هذه المحكمة في الدعاوي الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً قانونياً مطابقاً للأوضاع المقررة في المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التي رسمت سبل التداعي في شأن الدعاوي الدستورية، وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التي تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً في دستورية التشريعات، وكان الطعن على المادة الرابعة والفقرة الثانية من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 الذي أثاره المدعون في المذاكرات المقدمة في 26 أبريل سنة 1982 و20 أبريل سنة 1958 و5 مارس سنة 1987 و9 أبريل سنة 1988، يعتبر طلباً عارضاً، ومن ثم لم يتصل بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً ويتعين الالتفات عنه.
وحيث إن المدعين طلبوا إصدار تفسير ملزم لنص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 رفعاً لما يدعونه من تناقض بين إعمال هذا النص ونص الفقرة الثانية من المادة الأولى والمادة الثانية منه، فإن قانون المحكمة الدستورية العليا قد قصر الحق في تقديم طلبات التفسير على جهات محددة بما نص عليه في المادة 33 منه من أن “يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية”. لما كان ذلك وكان طلب التفسير المشار إليه قد قدم إلى المحكمة مباشرة من المدعين خلافاً لما نصت عليه المادة 33 سالفة الذكر، ومن ثم لم يتصل بها اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً لتقديم طلبات التفسير، فإنه يتعين الالتفات عنه.
وحيث إن المدعين طلبوا أيضاً تفسير منطوق الحكمين الصادرين من هذه المحكمة بتاريخ 21 يونيه سنة 1986 في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، والدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فيما نصت عليه “وذلك ما لم يكن قد تم بيعها…….” فإن لهذه المحكمة قضاء سابق بأن الطلب الذي يقدم إليها بتفسير الأحكام الصادرة منها في الدعاوي الدستورية لا يعدو أن يكون دعوى يتعين أن ترفع إليها وفقاً للأوضاع المقررة في قانونها، ولما كان إعمال آثار الأحكام المشار إليها هو من اختصاص محكمة الموضوع، فإذا ادعى أحد الخصوم أمامها غموض قضاء المحكمة الدستورية العليا أو انبهامه، وتبين لها أن لهذا الدفاع وجه. كان لها أن تمنحه أجلاً يطلب خلاله من المحكمة الدستورية العليا تفسير قضائها المختلف على مضمونه، ولمحكمة الموضوع كذلك وقد خولتها المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها، أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا ذلك التفسير باعتبار أن غموض قضائها يثير خلافاً حول معناه وبالتالي يعوق مهمتها في شأن إعمال أثره على الوقائع المطروحة عليها. لما كان ذلك، وكان طلب التفسير المشار إليه لم تحله محكمة الموضوع ولم يقدم بناء على تصريح منها للمدعين برفع دعوى التفسير إلى المحكمة الدستورية العليا، وإنما قدم مباشرة إلى هذه المحكمة بمذكرة وردت إليها بتاريخ 4 إبريل سنة 1987، ومن ثم لم يتصل بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً، وبالتالي يكون غير مقبول.
وحيث إن…….. المدعين في الدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية والمدعي في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية، قد طلبوا بجلسة 6 فبراير سنة 1988 قبول تدخلهم خصوماً منضمين للمدعين في طلب تفسير هذين الحكمين، ولما كانت الخصومة في طلب التدخل الانضمامى، تابعة للخصومة الأصلية في طلب التفسير، ومن ثم فإن عدم قبول طلب التفسير يستتبع عدم قبول طلب التدخل الانضمامى.
وحيث إن المدعين ينعون على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه مخالفته للمادتين 108 و147 من الدستور لصدوره من رئيس الجمهورية مجاوزاً نطاق التفويض التشريعي المخول له وعدم توافر الحالة التي تسوغ سرعة إصداره في غيبة مجلس الشعب، وينعون على المادة الثانية منه مخالفتها للمواد 34، 36، 40، 68 و178 من الدستور، كما ينعون على المادة السادسة منه مخالفتها للمادتين 68 و167 من الدستور.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 21 يونيه سنة 1986 في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية دستورية والدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية – والتي يتضمن موضوع كل منها الطعون المثارة في الدعويين الماثلتين بشأن القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه والمادتين الثانية والسادسة منه – بعدم دستورية المادة الثانية من هذا القرار بقانون فيما نصت عليه “وذلك ما لم يكن قد تم بيعها……..” وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. وقد نشر هذان الحكمان في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليه سنة 1986.
وحيث إن الأحكام الصادرة في الدعاوي الدستورية، وهي بطبيعتها دعاوي عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري، تكون لها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوي التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.
لما كان ذلك وكان مما استهدفه المدعون في الدعويين الماثلتين الفصل في مدى دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة وفي مدى دستورية المادتين الثانية والسادسة منه، وقد سبق لهذه المحكمة أن أصدرت حكمها المتقدم بصدد هذه الطعون على ما سلف بيانه وكان قضاؤها هذا له حجية مطلقة حسمت الخصومة الدستورية بشأن هذه الطعون حسماً قاطعاً مانعاً من نظر أي طعن يثور بشأنها من جديد، فإن المصلحة في الدعويين الماثلتين بالنسبة إلى الطعون المشار إليها تكون قد انتفت، وبالتالي تكون كل من هاتين الدعويين في ذلك الشق من طلبات المدعين غير مقبولة.
وحيث إن المدعين ينعون على الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه فيما تضمنته من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة ضمن العائلة التي شملتها تدابير الحراسة، مخالفتها للمادة الثانية من الدستور لتعارض هذا المدلول مع مفهوم العائلة طبقاً لقواعد الشريعة الإسلامية، التي تعتبر مبادؤها المصدر الرئيسي للتشريع، ومخالفتها أيضاً لما تقضي به المادتان 34 و36 من الدستور من كفالة صون الملكية الخاصة وحظر المصادرة العامة للأموال وعدم جواز المصادرة الخاصة بغير حكم قضائي.
وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون سالف الذكر تنص على أن “تعتبر كأن لم تكن الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم وورثتهم استناداً إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ وتتم إزالة الآثار المترتبة على ذلك على الوجه المبين في هذا القانون.
ويقصد بالعائلة – في أحكام هذا القانون – كل من شملتهم تدابير الحراسة من زوج وزوجة وأولاد قصر أو بالغين وغيرهم من الورثة”.
وحيث إن البين من استظهار نص الفقرة الثانية من المادة الأولى السالف إيرادها – بالمقارنة لنص الفقرة الأولى منها – إن مقصود المشرع بالورثة الذين عنتهم الفقرة الثانية هم أفراد لم تصدر في شأنهم أوامر بفرض الحراسة على أموالهم كخاضعين أصليين بوصفهم “ورثة”، وإنما امتدت إليهم تدابير الحراسة في تاريخ فرضها باعتبارهم أفراداً في “عائلة” خضعت للحراسة بعد وفاة مورثها لمجرد كونهم ورثة، إذ لا تتحقق للشخص صفة “الوارث” في تاريخ فرض الحراسة إلا إذا كان مورثه قد توفي من قبل، ومؤدى هذا أيضاً أنه إذا نص قرار الحراسة على فرضها على ورثة أحد الأشخاص، فهؤلاء الورثة يكونون من الخاضعين الأصليين ويخرجون بالتالي عن مدلول الورثة المعنيين بالفقرة الثانية المشار إليها وفقاً لما تقدم.
وحيث إن الحراسة التي فرضت على الأموال والممتلكات بالاستناد إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ كانت تستهدف غل يد الخاضع عن إدارة أمواله وممتلكاته فهي نظام استثنائي ورد على خلاف الأصل المقرر من أن لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، ومن ثم ينبغي تفسير النصوص الخاصة بالحراسة والأوامر الصادرة بفرضها – عند غموضها – تفسيراً ضيقاً غير موسع صوناً للملكية الخاصة وحماية لها من أن تمس بغير نص صريح متفق مع الدستور، خاصة إذا ما تعلق الأمر بحراسة منعدمة، كما هي الحال في الحراسة التي فرضت على والد المدعين وغيره من الأشخاص الطبيعيين على خلاف ما تجيزه أحكام قانون الطوارئ المشار إليه، إذ جاءت الأوامر الصادرة بفرض هذه الحراسة فاقدة لسندها القانوني ومشوبة بعيب جسيم يجردها من شرعيتها وينحدر بها إلى مرتبة الفعل المادي المعدوم الأثر قانوناً.
وحيث إن الأوامر الصادرة في شأن الحراسة بالاستناد إلى أحكام قانون الطوارئ المشار إليه، قد تضمنت فرضها على أموال بعض الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم، مثلما نص على ذلك الأمر رقم 140 لسنة 1961 الذي تضمن – فيمن شملهم بفرض الحراسة – النص على والد المدعين “وعائلته”، إلا أن هذه الأوامر – شأنها في ذلك شأن جميع القوانين والقرارات السابقة على صدور القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المطعون عليه – قد خلت جميعها من تحديد صريح لمقصود “العائلة” المعنية في مجال تطبيق الأوامر الصادرة بفرض الحراسة.
وحيث إن النص في الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على لفظ “العائلة” دون لفظ “الأسرة” إنما يدل على أن “العائلة” المعنية بفرض الحراسة هي غير “الأسرة” بمفهومها المقرر في القانون المدني والتي يتسع مدلولها طبقاً لأحكام هذا القانون ليشمل كافة الأقارب الذين يجمعهم أصل مشترك، سواء أكانت قرابة مباشرة تتسلسل من الأصل إلى الفروع أم كانت قرابة حواشي لا تسلسل فيها وإن كان يجمعهم أصل مشترك ومن يرتبط بهؤلاء وهؤلاء بطريق المصاهرة، وإذ كان تحديد مفهوم “العائلة” في هذا الشأن أمراً يتوقف عليه الخضوع لتدابير الحراسة، فإنه ينبغي التحرز في توسيع مدلولها وحصره في نطاقه الضيق الذي يتفق مع دلالته اللغوية، بحيث يقتصر مفهوم العائلة على الأفراد الذين يرتبطون بالخاضع الأصلي برابطة الإعالة والذي يكون له عليهم بحكم هذه الرابطة سلطة الهيمنة والولاية، وهم الزوجة التي يلتزم الزوج بإعالتها شرعاً وكذلك الأولاد القصر وهم الذين يعتمدون عادة على والدهم في حياتهم المعيشية ويكونون بسبب نقص أهليتهم مشمولين بولاية والدهم قانوناً، وأن ما يمتلكونه من أموال خاصة تكون خاضعة لإشرافه وواقعة تحت سيطرته الفعلية مما أدى إلى بسط الحراسة على أموال الزوجة والأولاد القصر بالتبعية للخاضع الأصلي، دون أن يشمل مدلول “العائلة” في هذا الشأن ولا يخضع بالتالي للحراسة بالتبعية – لانعدام مبررها – من كان من أولاد الخاضع في تاريخ فرض الحراسة بالغاً سن الرشد، إذ ببلوغ الولد هذه السن تتحقق له الأهلية الكاملة لمباشرة حقوقه المدنية في إدارة أمواله والتصرف فيها وتنحسر عنه ولاية والده قانوناً. ومن ثم يكون المقصود بلفظ “العائلة” في مجال تطبيق أوامر فرض الحراسة هم الزوج والزوجة والأولاد القصر في تاريخ فرض الحراسة فحسب، دون أن ينسحب هذا المدلول إلى من كان من الأولاد بالغاً سن الرشد في تاريخ فرض الحراسة ولا إلى غيرهم من الورثة الذين عنتهم الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه.
يؤيد ذلك اتجاه المشرع في قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 حين حدد في المادة الخامسة منه المقصود “بالأسرة” في مجال تحديد ما يرد نقداً أو عيناً من أموال الخاضع الأصلي له ولأفراد أسرته، إذ أخرج من مفهوم الأسرة في هذا المجال أولاده البالغين وقصر مدلولها على الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين، كما يؤيده أيضاً ما ورد في المذكرة الإيضاحية وتقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب عن القانون رقم 22 لسنة 1975 بإضافة مادة جديدة برقم (5) مكرراً إلى قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة سالف الذكر تقضي بالاعتداد بمدلول الأسرة النصوص عليها في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 188 لسنة 1966……… متى كان ذلك أصلح للخاضع، بقصد التوسعة على أفراد أسرة الخاضع في الإفادة من الحد الذي كان مسموحاً به للرد نقداً أو عيناً من الأموال التي خضعت للحراسة وذلك بإدخال الأولاد البالغين غير المتزوجين ضمن أفراد أسرة الخاضع الأصلي مما يدل على أن المشرع لم يتجه أصلاً إلى اعتبار الأولاد البالغين ضمن أفراد عائلة الخاضع، وإنما أضافهم بموجب هذا القانون لمجرد التيسير.
لما كان ذلك وكان المقصود “بالعائلة” في مجال تطبيق أوامر فرض الحراسة المشار إليهم هم الزوج والزوجة والأولاد القصر في تاريخ فرض الحراسة، وكانت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، قد تضمن نصها اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة – بالمعنى الذي سلف بيانه – ضمن “العائلة” التي خضعت للحراسة، مع أنهم لا يدخلون في “العائلة” طبقاً لمفهومها الصحيح ويخرجون بالتالي عن مجال تطبيق القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فإن حكم الفقرة المذكورة فيما تضمنه من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة – الذين عناهم نصها – ضمن “العائلة” التي خضعت للحراسة يكون في واقع من الأمر، قد تغول على أموال لأشخاص لم تشملهم أوامر فرض الحراسة، ولم تكن تنسحب عليهم آثارها، وأخضعها ابتداء وبحكم جديد للأحكام التي تضمنها القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم من زوجات وأولاد قصر، الأمر الذي يشكل عدواناً صارخاً على الملكية الخاصة بالمخالفة لما تقضي به المادة 34 من الدستور من صون الملكية الخاصة وعدم جواز فرض الحراسة عليها بغير حكم قضائي، مما يعيب النص المطعون عليه في هذا الخصوص ويصمه بعدم الدستورية.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه فيما تضمنته من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة – الذين عناهم نصها – ضمن “العائلة” التي خضعت للحراسة.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فيما تضمنته من اعتبار الأولاد البالغين وغيرهم من الورثة ضمن العائلة التي خضعت للحراسة.
وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ستين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.