الخط الساخن : 01118881009
جلسة 16 مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن – أعضاء، والسيد المستشار د. محمد أبو العينين – المفوض، والسيد/ أحمد على فضل الله – أمين السر.
(7)
فى القضية رقم 5 لسنة 1 قضائية “دستورية”
1 – حراسة – مخالفة أوامر فرضها لقانون الطوارئ يخرج عن مجال رقابة الدستورية.
2 – حراسة – أيلولة أموال وممتلكات من خضعوا للحراسة إلى ملكية الدولة – تقررت بالقانون رقم 150 لسنة 1964 واستمرت بعده.
3 – ملكية خاصة – حرص الدساتير المصرية المتعاقبة على تأكيد حمايتها.
4 – نزع الملكية للمنفعة العامة – أيلولة أموال وممتلكات من خضعوا للحراسة إلى ملكية الدولة لا تعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة.
5 – تأميم – أهم ما يتميز به – انتفاؤه بالنسبة لما آل إلى الدولة من أموال وممتلكات من خضعوا للحراسة.
6 – حراسة – ملكية خاصة – أيلولة أموال وممتلكات من خضعوا للحراسة إلى ملكية الدولة تشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لأحكام الدستور.
7 – الرقابة القضائية على دستورية القوانين – نطاقها – الملاءمات السياسية لا تمنع من اخضاع القوانين للرقابة الدستورية إذا تعرضت لأمور نظمها الدستور ووضع لها ضوابط محددة.
8 – ملكية خاصة – حد أقصى – لا يجيز الدستور تحديد حد أقصى لما يملكه الفرد إلا بالنسبة للملكية الزراعية.
1 – ما يثيره المدعون بشأن مخالفة الأوامر الصادرة بفرض الحراسة لأحكام قانون الطوارئ يتعلق بقضاء المشروعية ويخرج عن مجال رقابة الدستورية وبالتالى عن نطاق الدعوى الماثلة، الذى تحدد بالطعن فى دستورية النص على أيلولة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة وعلى تحديد ما يرد إليهم وإلى أسرهم منها، وهو طعن منبت الصلة بما ينتهى إليه القضاء المختص بشأن مشروعية أوامر فرض الحراسة أو عدم مشروعيتها.
3 – مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ومواد القانون رقم 69 لسنة 1974 أن أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة تقررت بمقتضى المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964، واستمرت بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 بالنسبة للخاضعين الأصليين، وللخاضعين بالتبعية فيما آل إليهم من أموال وممتلكات عن طريق الخاضع الأصلى، وأن القانون رقم 69 لسنة 1974 اقتصر على تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على هؤلاء الأشخاص فاستحدث أحكاما تسوى بها كل حالة، دون أن يتضمن أى تعديل فى الأساس الذى قام عليه القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 وهو أيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى ملكية الدولة.
3 – حرصت جميع الدساتير المصرية المتعاقبة على تأكيد حماية الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردتها، فنصت المادة الخامسة من دستور سنة 1958 على أن الملكية الخاصة مصونة ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون، وهو ما رددته المادة 16 من دستور سنة 1964 والمادة 34 من دستور سنة 1971، كما لم تجز المادة 35 من دستور سنة 1971 التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض.
4 – أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة طبقاً للمادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 لا تعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة الذى لا يرد إلا على عقارات معينة بذاتها فى حين شملت الأيلولة إلى ملكية الدولة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما فيها من منقولات، ولم تتبع فى شأنها الإجراءات التى نصت عليها القوانين المنظمة لنزع الملكية والتى يترتب على عدم مراعاتها اعتبار الإجراء غصباً لا يعتد به ولا ينقل الملكية إلى الدولة.
5 – لا تعتبر أيلولة أموال وممتلكات هؤلاء الأشخاص إلى ملكية الدولة تأميماً، ذلك أنها تفتقر إلى أهم ما يتميز به التأميم وهو انتقال المال المؤمم إلى ملكية الشعب لتسيطر عليه الدولة بعيداً عن مجال الملكية الخاصة بحيث تكون إدارته لصالح الجماعة، بينما امتدت الحراسة – وبالتالى الأيلولة إلى ملكية الدولة – إلى كافة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما تشمله من مقتنيات شخصية يستحيل تصور إدارتها لصالح الجماعة، كما أن المادة الرابعة من ذات القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 تنص على تسليم الأراضى الزراعية التى آلت ملكيتها إلى الدولة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى لادارتها “…. حتى يتم توزيعها وفقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952” بشأن الإصلاح الزراعى، وبالتالى فإن مآل هذه الأراضى أن تعود إلى الملكية الخاصة لمن توزع عليهم ولا تبقى فى ملكية الشعب لتحقق إدارتها ما يستهدفه التأميم من صالح عام.
6 – لما كانت أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة لا تعد من قبيل نزع الملكية أو التأميم، فإنها تشكل اعتداءً على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة 34 من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة، والمادة 36 منه التى تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.
7 – القول بأن القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 والقانون رقم 69 لسنة 1974 قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم وممتلكاتهم، وأن تقدير هذا التعويض يعد من الملاءمات السياسية التى يستقل بها المشرع، لا يحول دون إخضاع هذين التشريعين للرقابة الدستورية لأن كلاً منهما قد تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة.
8 – القانون رقم 69 لسنة 1974 إذ عدل من أحكام كل من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 التى كانت تقضى بتحديد مبلغ جزافى بحد أقصى مقداره ثلاثون ألف جنيه يؤدى إلى جميع من فرضت عليهم الحراسة بسندات على الدولة لمدة خمسة عشر عاما، والقانون رقم 52 لسنة 1972 الذى نص على أيلولة هذه السندات إلى بنك ناصر الاجتماعى مقابل معاشات يحددها وزير المالية ويستحقها هؤلاء الخاضعون، واستبدل بها أحكاما تسوى بها أوضاعهم برد بعض أموالهم عيناً أو ثمن ما تم بيعه منها وذلك فى حدود مبلغ ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة، فإنه يكون بما نص عليه من تعيين حد أقصى لما يرد من كافة الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة قد انطوى على مخالفة لأحكام دستور سنة 1971 الذى لا يجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية طبقاً للمادة 37 منه، الأمر الذى يتضمن بدوره مساساً بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة 34 من الدستور سالفة البيان.
الإجراءات
بتاريخ 18 يوليو سنة 1976 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة يطلبون فيها الحكم بعدم دستورية نص كل من المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 الخاص برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص، والمادة الرابعة من قانون تسوية الاوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 992 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالبين الحكم بإلغاء أمر رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم، وتسليمهم كافة هذه الاموال والممتلكات، وذلك تأسيساً على أن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ لا يجيز فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين. وإذ طلبت الحكومة رفض الدعوى استناداً إلى أن الحراسة قد رفعت عن أموال وممتلكات المدعين بموجب القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 وتم تعويضهم عنها وفقاً لأحكامه ثم أعيدت تسوية أوضاعهم طبقاً للقانون رقم 69 لسنة 1974، فقد دفع المدعون بعدم دستورية هذين التشريعين. وبتاريخ 20 أبريل سنة 1976 حكمت المحكمة بوقف الدعوى حتى يرفع المدعون دعواهم الدستورية، فأقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية كل من المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 والمادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 لأسباب حاصلها أنه بالإضافة إلى أن قانون الطوارئ لا يجيز فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين، فإن ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 من أيلولة أموال وممتلكات هؤلاء الأشخاص إلى ملكية الدولة بغير تعويض – عدا مبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات تؤدى إليهم بسندات على الدولة لمدة خمس عشرة سنة – تعتبر مصادرة لها بالمخالفة لما تقضى به المادة الخامسة من دستور سنة 1958 المؤقت الذى صدر هذا التشريع فى ظله من أن الملكية الخاصة مصونة، كما أن ما قضت به المادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة من تحديد ما يرد من أموال وممتلكات من خضعوا للحراسة بما قيمته ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة ينطوى على مصادرة لما يجاوز هذا المقدار، ويخالف ما تقضى به المواد 34، 35، 36 من دستور سنة 1971 التى تكفل صون الملكية الخاصة ولا تجيز التأميم إلا بشروط محددة وتحظر المصادرة الخاصة بغير حكم قضائى.
وحيث إن إدارة قضايا الحكومة طلبت رفض الدعوى تأسيساً على أن المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 قد عدلت تعديلاً ضمنياً بالقانون رقم 69 لسنة 1974 الذى أعاد تحديد مقدار التعويض وكيفية أدائه، وأن نعى المدعين ينصب فى واقعه على ما تضمنته المادتان المطعون بعدم دستوريتهما من تحديد لمقدار التعويض، وهو أمر يتعلق بملاءمات سياسية يستقل المشرع بتقديرها ولا تمتد إليها رقابة هذه المحكمة.
وحيث إن ما يثيره المدعون بشأن مخالفة الأوامر الصادرة بفرض الحراسة لأحكام قانون الطوارئ يتعلق بقضاء المشروعية ويخرج عن مجال رقابة الدستورية وبالتالى عن نطاق الدعوى الماثلة، الذى تحدد بالطعن فى دستورية النص على أيلولة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة وعلى تحديد ما يرد إليهم وإلى أسرهم منها، وهو طعن منبت الصلة بما ينتهى إليه القضاء المختص بشأن مشروعية أوامر الحراسة أو عدم مشروعيتها.
وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص تنص على أن “ترفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ”. وتنص المادة الثانية منه على أن “تؤول إلى الدولة ملكية الأموال والممتلكات المشار إليها فى المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالى قدره 30 ألف جنيه، ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة. على أنه إذا كانت الحراسة قد فرضت على الشخص وعلى عائلته بالتبعية له، فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة بما لا يجاوز قدر التعويض الإجمالى السابق بيانه…… ويؤدى التعويض بسندات أسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً…….”. وتنص المادة الأولى من القانون رقم 69 لسنة 1974 بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أن “تسوى طبقاً لأحكام القانون المرافق الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استناداً إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ”، وتؤكد المادة الأولى من قانون تسوية هذه الأوضاع انتهاء جميع التدابير المتعلقة بالحراسة، ثم تردد الفقرة الأولى من المادة الثانية منه الحكم الخاص باستثناء الخاضعين بالتبعية من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 بالنسبة لما آل إليهم عن غير طريق الخاضع الأصلى، وهو ما كان ينص عليه قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967، وتنص فقرتها الثانية على أن يرد عيناً ما قيمته ثلاثون ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة إذا كانت هذه الأموال والممتلكات قد آلت إلى هؤلاء الخاضعين بالتبعية عن طريق الخاضع الأصلى، وتحدد المادة الثالثة مقدار ما يتم التخلى عنه من عناصر الذمم المالية للأشخاص الطبيعيين الذين شملتهم الحراسة بصفة أصلية أو تبعية بما لا يزيد على ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة، كما تنص المادة الرابعة منه على أنه “إذا كانت الاموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة مملوكة جميعها للخاضع الأصلى وكان صافى ذمته المالية يزيد على ثلاثين ألف جنيه رد إليه القدر الزائد عيناً بما لا يجاوز ثلاثين ألف جنيه لكل فرد من أفراد أسرته وفى حدود مائة ألف جنيه للأسرة…….. ويسرى حكم الفقرة السابقة إذا كان ما سلم لكل فرد من أفراد الأسرة طبقاً للمادتين السابقتين يقل عن ثلاثين ألف جنيه للفرد ولا يجاوز مائة ألف جنيه للأسرة……..”.
وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة قد تقررت بمقتضى المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964، واستمرت بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 بالنسبة للخاضعين الأصليين، وللخاضعين بالتبعية فيما آل إليهم من أموال وممتلكات عن طريق الخاضع الأصلى، وأن القانون رقم 69 لسنة 1974 اقتصر على تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على هؤلاء الأشخاص فاستحدث أحكاماً تسوى بها كل حالة، دون أن يتضمن أى تعديل فى الأساس الذى قام عليه القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 وهو أيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى ملكية الدولة.
وحيث إن جميع الدساتير المصرية المتعاقبة حرصت على تأكيد حماية الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردتها، فنصت المادة الخامسة من دستور سنة 1958 على أن الملكية الخاصة مصونة ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون، وهو ما رددته المادة 16 من دستور سنة 1964 والمادة 34 من دستور سنة 1971، كما لم تجز المادة 35 من دستور سنة 1971 التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض.
ولما كانت أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة طبقاً للمادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 لا تعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة الذى لا يرد إلا على عقارات معينة بذاتها فى حين شملت الأيلولة إلى ملكية الدولة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما فيها من منقولات، ولم تتبع فى شأنها الإجراءات التى نصت عليها القوانين المنظمة لنزع الملكية والتى يترتب على عدم مراعاتها اعتبار الإجراء غصباً لا يعتد به ولا ينقل الملكية إلى الدولة. وكانت هذه الأيلولة لا تعتبر تأميماً، ذلك أنها تفتقر إلى أهم ما يتميز به التأميم وهو انتقال المال المؤمم إلى ملكية الشعب لتسيطر عليه الدولة بعيداً عن مجال الملكية الخاصة بحيث تكون إدارته لصالح الجماعة، بينما امتدت الحراسة – وبالتالى الأيلولة إلى ملكية الدولة – إلى كافة أموال وممتلكات من فرضت عليهم الحراسة بما تشمله من مقتنيات شخصية يستحيل تصور ادارتها لصالح الجماعة، كما أن المادة الرابعة من ذات القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 تنص على تسليم الأراضى الزراعية التى آلت ملكيتها إلى الدولة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى لإدارتها “…. حتى يتم توزيعها وفقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952” بشأن الإصلاح الزراعى، وبالتالى فإن مآل هذه الأراضى أن تعود إلى الملكية الخاصة لمن توزع عليهم ولا تبقى فى ملكية الشعب لتحقق إدارتها ما يستهدفه التأميم من صالح عام. لما كان ذلك فإن أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية الدولة التى تقررت أول الأمر بالقرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 على ما سلف بيانه، تشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة 34 من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة، والمادة 36 منه التى تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.
لما كان ما تقدم وكان لا يحاج بأن القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 والقانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليهما قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم وممتلكاتهم، وأن تقدير هذا التعويض يعد من الملاءمات السياسية التى يستقل بها المشرع، ذلك أن كلاً من هذين التشريعين قد تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة، الأمر الذى يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية، وكان القانون رقم 69 لسنة 1974 إذ عدل من أحكام كل من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 التى كانت تقضى بتحديد مبلغ جزافى بحد أقصى مقداره ثلاثون ألف جنيه يؤدى إلى جميع من فرضت عليهم الحراسة بسندات على الدولة لمدة خمسة عشر عاماً، والقانون رقم 52 لسنة 1972 الذى نص على أيلولة هذه السندات إلى بنك ناصر الاجتماعى مقابل معاشات يحددها وزير المالية ويستحقها هؤلاء الخاضعون، واستبدل بها أحكاماً تسوى بها أوضاعهم برد بعض أموالهم عيناً أو ثمن ما تم بيعه منها وذلك فى حدود مبلغ ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة، فإنه يكون بما نص عليه من تعيين حد أقصى لما يرد من كافة الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة قد انطوى على مخالفة لأحكام دستور سنة 1971 الذى لا يجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية طبقاً للمادة 37 منه، الأمر الذى يتضمن بدوره مساساً بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة 34 من الدستور سالفة البيان.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية المادتين المطعون عليهما.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة:
أولاً – بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فيما نصت عليه من أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقاً لأحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة.
ثانياً – بعدم دستورية المادة الرابعة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 فيما نصت عليه من تعيين حد أقصى لما يرد إلى الأشخاص الذين شملتهم الحراسة وأسرهم.
والزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
وسوم : حكم دستورية