جلسة 3 يناير سنة 1981
برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ود. فتحى عبد الصبور ومحمود حمدى عبد العزيز وممدوح مصطفى حسن – أعضاء، والسيد المستشار د. محمد أبو العينين – المفوض، والسيد/ سيد عبد البارى إبراهيم – أمين السر.
(2)
القضية رقم 28 لسنة 1 قضائية “دستورية”
1 – مصادرة – المادة 36 من الدستور – ورود النص بعدم جواز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى مطلقاً غير مقيد – أثر ذلك.
2 – مصادرة إدارية – تهريب – الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 98 لسنة 1957 – عدم دستورية ما نصت عليه من جواز المصادرة الإدارية.
1 – أرسى المشرع الدستورى الأحكام الخاصة بالمصادرة بما نص عليه فى المادة 36 من دستور سنة 1971 من أن “المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى” بذلك نهيا مطلقاً عن المصادرة العامة، وحدد الأداة التى تتم بها المصادرة الخاصة وأوجب أن تكون حكماً قضائياً وليس قراراً إدارى، وذلك حرصاً منه على صون الملكية الخاصة من أن تصادر إلا بحكم قضائى، حتى تكفل إجراءات التقاضى وضماناته لصاحب الحق الدفاع عن حقه وتنتفى بها مظنة العسف أو الافتئات عليه، وتأكيداً لمبدأ الفصل بين السلطات على اساس أن السلطة القضائية هى السلطة الأصلية التى ناط بها الدستور إقامة العدالة بحيث تختص دون غيرها من السلطات بالأمر بالمصادرة.
2 – لما كان نص المادة 36 من الدستور إذ حظر المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى قد جاء مطلقاً غير مقيد، بعد أن عمد المشرع الدستورى سنة 1971 إلى حذف كلمة “عقوبة” التى كانت تسبق عبارة “المصادرة الخاصة” فى المادة 57 من دستور سنة 1956 المقابلة للمادة 36 من دستور سنة 1971، وذلك حتى يجرى النص على إطلاقه ويعم حكمه ليشمل المصادرة الخاصة فى كافة صورها، فإن النص الذى يجيز لوزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بالمصادرة إدارياً يكون مخالفاً للمادة 36 من الدستور.
الإجراءات
بتاريخ 15 يوليو سنة 1979 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الاخيرة من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب، فيما نصت عليه من إجازة مصادرة الأشياء موضوع المخالفة إدارياً بقرار من وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة فوضت فيها الرأى للمحكمة لتقضى بما تراه متفقاً مع أحكام الدستور.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقرير أبدت فيه الرأى بعدم دستورية الفقرة المطعون عليها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى وهو من تجار المجوهرات تم ضبطه عند سفره إلى الخارج ومعه بعض المصوغات بغير ترخيص سابق، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 83 لسنة 1975 حصر وارد شئون مالية، وإذ عرض الأمر بتاريخ 29 يونيو سنة 1975 على وكيل وزارة المالية لم يأذن بمحاكمته جنائياً مكتفياً بإصدار قرار بمصادرة الأشياء المضبوطة إدارياً إعمالاً للسلطة المخولة له فى هذه الحالة بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الإحكام الخاصة بالتهريب، فطعن المدعى فى قرار المصادرة أمام محكمة القضاء الإدارى بالدعوى رقم 165 لسنة 30 القضائية طالباً إلغاءه، استناداً إلى عدم دستورية تلك الفقرة فيما نصت عليه من إجازة مصادرة الأشياء موضوع المخالفة إدارياً. وبجلسة 26 يونيو سنة 1979 قضت المحكمة بوقف الفصل فى الدعوى وأمهلت المدعى فترة ثلاثه أشهر لرفع دعواه الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعى ينعى على الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب أنها إذ أجازت المصادرة الإدارية للأشياء موضوع المخالفة بقرار من وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه تكون غير دستورية لمخالفتها ما تقضى به المادة 36 من دستور سنة 1971 من حظر المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.
وحيث إن المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الإحكام الخاصة بالتهريب – قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى – بعد أن تناولت فى فقراتها الخمس الأولى العقوبات المقررة على مخالفة أحكامه نصت فى فقرتها الأخيرة على أنه “ولا يجوز رفع الدعوى بالنسبة إلى الجرائم المتقدم ذكرها أو اتخاذ أى إجراء فيها إلا بعد الحصول على إذن من وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه، وفى حالة عدم الإذن يجوز لوزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بمصادرة الأشياء موضوع المخالفة إدارياً”.
وحيث إن المشرع الدستورى أرسى الأحكام الخاصة بالمصادرة بما نص عليه فى المادة 36 من دستور سنة 1971 من أن “المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى” فنهى بذلك نهياً مطلقاً عن المصادرة العامة، وحدد الأداة التى تتم بها المصادرة الخاصة وأوجب أن تكون حكماً قضائياً وليس قراراً إدارياً، حرصاً منه على صون الملكية الخاصة من أن تصادر إلا بحكم قضائى، حتى تكفل إجراءات التقاضى وضماناته لصاحب الحق الدفاع عن حقه وتنتفى بها مظنة العسف أو الافتئات عليه، وتأكد لمبدأ الفصل بين السلطات على أساس أن السلطة القضائية هى السلطة الأصلية التى ناط بها الدستور إقامة العدالة بحيث تختص دون غيرها من السلطات بالأمر بالمصادرة. لما كان ذلك، وكان نص المادة 36 المشار إليها إذ حظر تلك المصادرة إلا بحكم قضائى قد جاء مطلقاً غير مقيد، بعد أن عمد المشرع الدستورى سنة 1971 إلى حذف كلمة “عقوبة” التى كانت تسبق عبارة “المصادرة الخاصة” فى المادة 57 من دستور سنة 1956 المقابلة للمادة 36 من دستور سنة 1971، وذلك حتى يجرى النص على إطلاقه ويعم حكمه ليشمل المصادرة الخاصة فى كافة صورها، فإن النص الذى يجيز لوزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بالمصادرة إداريا يكون مخالفا للمادة 36 من الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب – قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1976 – فيما نصت عليه من أنه “يجوز لوزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بمصادر الاشياء موضوع المخالفة إداريا” وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.