الخط الساخن : 01118881009
جلسة أول مارس سنة 1986م
برئاسة السيد المستشار: محمد على بليغ رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ مصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره – المفوض، وحضور السيد/ أحمد على فضل الله – أمين السر.
قاعدة رقم (46)
القضية رقم 8 لسنة 5 القضائية “دستورية”
1 – الملكية الخاصة – نزع الملكية – التأميم – المصادرة العامة أو الخاصة.
حظرت الدساتير نزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض.
نص الدستور القائم على حظر التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض.
حظر الدستور المصادرة العامة حظراً مطلقاً، ولم يجز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.
2 – المصادرة العامة – المادة 36 من الدستور.
المادة الثانية من القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 إذ نصت على أيلولة ملكية الادوية إلى المؤسسة المصرية العامة للأدوية بدون مقابل تكون قد خالفت المادة 36 من الدستور.
1 – أن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة 1923 على مبدأ صون الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردها، وذلك باعتبارها فى الأصل ثمرة النشاط الفردى وحافزه على الانطلاق والتقدم، فضلاً عن أنها مصدر من مصادر الثروة القومية التى يجب تنميتها والحفاظ عليها لتؤدى وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى. ومن أجل ذلك، حظرت الدساتير نزع الملكية الخاصة جبراً عن صاحبها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون (المادة 9 من كل من دستور سنة 1923 ودستور سنة 1930، والمادة 11 من دستور سنة 1956 والمادة 5 من دستور سنة 1958، والمادة 16 من دستور سنة 1964 والمادة 34 من دستور سنة 1971) ، كما نص الدستور القائم صراحة على حظر التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض (المادة 35) وحظر المصادرة العامة للأموال حظراً مطلقاً ولم يجز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى (المادة 36).
2 – المادة الثانية من القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 إذ نصت على أيلولة ملكية الأدوية والمستحضرات – التى يتم تصنيعها بالصيدليات تحت أسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها والسابق تسجيلها بوزارة الصحة – إلى المؤسسة المصرية العامة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية بدون مقابل، تكون قد خالفت حكم المادة 36 من الدستور التى تحظر المصادرة العامة للأموال ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى، مما يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.
الإجراءات
بتاريخ 19 يناير سنة 1983 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 341 لسنة 33 قضائية بعد أن قضت محكمة القضاء الادارى بجلسة 20 إبريل سنة1982 بوقفها وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 بشأن تحضير الأدوية والمستحضرات بالصيدليات تحت أسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها.
وقدمت كل من إدارة قضايا الحكومة والشركة المدعى عليها الثالثة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4 يناير سنة 1986، وفى هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم على جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث أن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 341 لسنة 33 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بإلغاء قرار الاستيلاء على مستحضرات الأدوية الثلاثة المبينة بعريضة الدعوى بدون مقابل واعتباره كأن لم يكن وإلزام المدعى عليهم بالتعويضات عن هذا الاستيلاء، قولاً بأنه كان قد سجل تلك المستحضرات بوزارة الصحة وقام بتصنيعها فى الصيدلية المملوكة له إلى أن استولت عليها المؤسسة المصرية العامة للأدوية والكيماويات والمستحضرات الطبية وعهدت إلى إحدى شركاتها – المدعى عليها الثالثة – بإنتاج بعضها استنادا إلى أحكام القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 الذى حظر تصنيع أو تركيب أدوية أو مستحضرات بالصيدليات تحت أسماء تجارية مع أيلولة ملكية هذه الأدوية والمستحضرات بدون مقابل إلى المؤسسة المشار إليها – وإذ تراءى لمحكمة القضاء الإدارى عدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون سالف البيان – والخاصة بأيلولة ملكية الأدوية والمستحضرات إلى المؤسسة المشار إليها بدون مقابل – لما بدا لها من مخالفتها لنص المادتين 34، 36 من الدستور فقد قضت بجلسة 20 إبريل سنة 1982 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه المادة.
وحيث أن القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 بشأن تحضير الأدوية والمستحضرات بالصيدليات تحت أسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها بعد أن نص فى مادته الأولى على أن “يحظر تصنيع أو تركيب أدوية أو مستحضرات بالصيدليات تحت اسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها ويقتصر نشاط الصيدليات فى هذا المجال على تركيب الأدوية بموجب التذاكر الطبية التى توصف للمرضى وتلغى التراخيص السابق منحها بذلك” قضى فى مادته الثانية بأن “تؤول ملكية الأدوية والمستحضرات المشار إليها فى المادة السابقة والسابق تسجيلها بوزارة الصحة إلى المؤسسة المصرية للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية بدون مقابل”. وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القرار بقانون عن دواعى إصداره بقولها “تقوم بعض الصيدليات بتحضير أدوية مسجلة بوزارة الصحة تحت أسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها بنفس الشكل الذى تنتج به فى المصانع بينما يجب أن تقتصر مهمة الصيدلية من حيث التحضير على تجهيز الأدوية المركبة بموجب تذاكر الأطباء وأن يقتصر بيعها على عملائها دون طرحها فى السوق العام. وعلى الرغم من أن قانون مزاولة مهنة الصيدلة يسمح بهذا الإجراء إلا أنه أصبح إجراء شاذاً بعد صدور القوانين التى نظمت قطاع الدواء (قانون رقم 212 لسنة 1960 بتأميم استيراد وتجارة الدواء – قوانين يوليو التى آلت بمقتضاها مصانع الدواء لملكية الشعب بالكامل أو جزئياً – قانون رقم 65 لعام 1963 الذى نقل ملكية الشركات المنتجة للدواء بالكامل إلى الشعب وألغى تراخيص 45 مصنعا صغيرا كان إنتاجها لا يتفق والمستوى المطلوب) وبعد أن صار قطاع الدواء بالكامل (فيما عدا الصيدليات) ملكا للقطاع العام يديره ويشرف عليه بما يتفق وصالح الشعب. لهذا أصبح من الضرورى إلغاء التراخيص الممنوحة للصيدليات بتحضير أدوية أو مستحضرات تحت أسماء تجارية على أن تؤول ملكيتها إلى المؤسسة المصرية العامة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية…”.
وحيث أن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة 1923 على النص على مبدأ صون الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردها، وذلك باعتبارها فى الأصل ثمرة النشاط الفردى وحافزة على الانطلاق والتقدم، فضلاً من أنها مصدر من مصادر الثروة القومية التى يجب تنميتها والحفاظ عليها لتؤدى وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى. ومن أجل ذلك، حظرت تلك الدساتير نزع الملكية الخاصة جبراً عن صاحبها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون (المادة 9 من كل من دستور سنة 1923 ودستور سنة 1930، والمادة 11 من دستور سنة 1956 والمادة 5 من دستور سنة 1958، والمادة 16 من دستور سنة 1964 والمادة 34 من دستور سنة 1971)، كما نص الدستور القائم صراحة على حظر التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض (المادة 35) وحظر المصادرة العامة للأموال حظراً مطلقاً ولم يجز المصادرة إلا بحكم قضائى (المادة 36).
لما كان ذلك، وكان مؤدى المادة الثانية من القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 بشأن تحضير الأدوية والمستحضرات بالصيدليات تحت أسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها، أيلولة هذه الأدوية والمستحضرات – والسابق تسجيلها بوزارة الصحة – إلى المؤسسة المصرية العامة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية بدون مقابل، وهو ما يشكل مصادرة لتلك الأموال بالمخالفة لحكم المادة 36 من الدستور، ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الشركة المدعى عليها الثالثة من أن المادة الثانية المطعون عليها إنما جاءت تطبيقاً للمادة 64 من القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلية والتى تجيز لوزير الصحة – بناء على توصية اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية – أن يصدر قرارات بحظر التداول لأى مادة أو مستحضر صيدلى يرى فى تداوله ما يضر بالصحة العامة وشطب تسجيله من دفاتر الوزارة ومصادرة الكميات الموجودة منه إدارياً دون أن يكون لأصحابها الحق فى الرجوع على الوزارة بأى تعويض، ذلك أن المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون المطعون عليه وإن كانت قد أشارت إلى استمرار إنتاج الصيدليات للأدوية بهدف تحقيق أقصى ربح يعرض صحة المواطنين للضرر كما يهدد صناعة الدواء بوجه عام، إلا أنها أفصحت من ناحية أخرى عن حقيقة الدافع لإصدار هذا القانون وهو الرغبة فى قصر نشاط تصنيع وإنتاج الأدوية على شركات القطاع العام تديره وتشرف عليه بما يتفق وصالح الشعب اتساقاً مع القوانين التى نظمت قطاع الدواء سواء بتأميم استيراد وتجارة الدواء أو بأيلولة مصانع الدواء إلى ملكية الشعب وإلغاء تراخيص المصانع الصغيرة، فضلاً عن أن ما قررته المادة الثانية المطعون عليها من أيلولة ملكية الأدوية والمستحضرات السابق تسجيلها إلى المؤسسة العامة للأدوية – وليس شطب هذا التسجيل – ينم عن صلاحية تلك المستحضرات وقابليتها للإنتاج، بما يهدر دفاع الشركة المدعى عليها فى هذا الشأن.
وحيث أنه على مقتضى ما تقدم، فإن المادة الثانية من القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 إذ نصت على أيلولة ملكية الأدوية والمستحضرات – التى يتم تصنيعها بالصيدليات تحت أسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها والسابق تسجيلها بوزارة الصحة – إلى المؤسسه المصرية العامة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية بدون مقابل، تكون قد خالفت حكم المادة 36 من الدستور التى تحظر المصادرة العامة للأموال ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى، مما يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 13 لسنة 1964 بشأن تحضير الادوية والمستحضرات بالصيدليات تحت اسماء تجارية أو بقصد الاتجار فيها.
وسوم : حكم دستورية