الخط الساخن : 01118881009
جلسة 5 يناير سنة 1985م
برياسة السيد المستشار محمد على بليغ رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ مصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ الدكتور أحمد محمد الحنفى – المفوض، وحضور السيد/ أحمد على فضل الله – أمين السر.
قاعدة رقم (17)
القضية رقم 40 لسنة 5 قضائية دستورية
1 – حق التقاضى – المادة 68 من الدستور – مبدأ المساواة – المادة 40 من الدستور.
حق التقاضى مبدأ دستورى أصيل – المادة 68 من الدستور نصها على كفالة حق التقاضى وحظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ترديد لما أقرته الدساتير السابقة ضمنا من كفالة حق التقاضى للأفراد، وذلك أن حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها – حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.
2 – قرار إدارى – حظر الطعن فيه مخالف للدستور – المادتين 68، 40 من الدستور.
استبعاد القرارات الإدارية النهائية الخاصة بترتيب أقدمية أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى من رقابة القضاء ينطوى على مصادرة لحق التقاضى وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين 40، 68 من الدستور.
1 – إن المادة 68 من الدستور تنص على أن “التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى … ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء”. وظاهر هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابه القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة وذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى هذه القرارات، وقد ردد النص الدستورى المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها، وباعتباره من الحقوق العامة بالنظر إلى ما يترتب على حرمان طائفة معينة منه مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة فى حق من حقوق أفرادها – من إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق وهو المبدأ الذى كفلته المادة 31 من دستور سنة 1956 والمادة 7 من دستور سنة 1958والمادة 24 من دستور سنة 1964 والمادة 40 من الدستور القائم
لما كان ذلك، وكانت المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959 إذ نصت على أن ترتيب الأقدمية الذى يتضمنه القرار الجمهورى بإعادة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى – وهو قرار إدارى على ما سلف بيانه – يعتبر نهائياً وغير قابل للطعن بأى وجه من الوجوه، تكون قد حصنت هذا القرار – فى خصوص ترتيب الأقدمية – من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضى وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين 40، 68 من الدستور الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستورية تلك المادة فيما تضمنته من النص على أن يعتبر ترتيب أقدمية أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى “نهائياً وغير قابل للطعن فيه بأى وجه من الوجوه”.
الإجراءات
بتاريخ 30 مارس سنة 1983 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 1091 لسنة 32قضائية بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بجلسة 24 يناير سنة 1983 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959 بتنظيم خاص بوزارة الخارجية للجمهورية العربية المتحدة.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعيين كانا قد أقاما الدعوى رقم 1091 لسنة 32 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالبين الحكم بإرجاع ترتيب أقدمية كل منهما إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959بتنظيم خاص بوزارة الخارجية للجمهورية العربية المتحدة والقرار الجمهورى رقم 485 لسنة 1959 الملحق به – مع ما يترتب على ذلك من ترقيات وآثار وفروق مالية. وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959 المشار إليه فيما نصت عليه من أن ترتيب الأقدمية الذى يتضمنه القرار الجمهورى بإعادة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى يعتبر نهائياً وغير قابل للطعن بأى وجه من الوجوه، لما بدا لها من مخالفتها لنص المادة 68 من الدستور، فقد قضت بجلسة 24 يناير سنة 1983 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دسنوريتها.
وحيث إن القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959 بتنظيم خاص لوزارة الخارجية للجمهورية العربية المتحدة ينص فى مادته الأولى على أن “يصدر قرار جمهورى بناء على عرض وزير الخارجية بإعادة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى الحاليين السوريين والمصريين…” وفى مادته الخامسة على أن “يتضمن القرار الجمهورى بإعادة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى ترتيب أقدميتهم ويعتبر هذا الترتيب نهائياً وغير قابل للطعن بأى وجه من الوجوه، ويكون تحديد أقدمية أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى وفقاً لتاريخ القرار الجمهورى الصادر بتعيينهم أو ترقيتهم…”.
وحيث إن القرار الجمهور ى بإعادة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر تنفيذاً للمادة الأولى من القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959 بما تضمنه من ترتيب لأقدميتهم يعد قراراً إدارياً تفصح به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً.
وحيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن “التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى … ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء”. وظاهر هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة وذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى هذه القرارات، وقد ردد النص الدستورى المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضماناً من كفالة حق التقاضى للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها، وباعتباره من الحقوق العامة بالنظر إلى ما يترتب على حرمان طائفة معينة منه مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة فى حق من حقوق أفرادها – من إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق وهو المبدأ الذى كفلته المادة 31 من دستور سنة 1956 والمادة 7 من دستور سنة 1958 والمادة 24 من دستور سنة 1964والمادة 40 من الدستور القائم.
لما كان ذلك، وكانت المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959 إذ نصت على أن ترتيب الأقدمية الذى يتضمنه القرار الجمهورى بإعادة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى – وهو قرار إدارى على ما سلف بيانه – يعتبر نهائياً وغير قابل للطعن بأى وجه من الوجوه، تكون قد حصنت هذا القرار – فى خصوص ترتيب الأقدمية – من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضى وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين 40، 68 من الدستور. الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستورية تلك المادة فيما تضمنته من النص على أن يعتبر ترتيب أقدمية أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى “نهائياً وغير قابل للطعن فيه بأى وجه من الوجوه”.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 74 لسنة 1959 بتنظيم خاص بوزارة الخارجية للجمهورية العربية المتحدة فيما تضمنته من النص على أن يعتبر ترتيب أقدمية أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى “نهائياً وغير قابل للطعن بأى وجه من الوجوه”.
وسوم : حكم دستورية