الخط الساخن : 01118881009
جلسة 5 مارس سنة 1994
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر – رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: محمد ولي الدين جلال, وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامي فرج يوسف، والدكتور عبد المجيد فياض وعدلي محمود منصور – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.
(القاعدة رقم 19)
القضية رقم 98 لسنة 4 قضائية “دستورية”
1 – حق التقاضي “نطاق هذا الحق” “امتداده إلى الأجانب”.
حق التقاضي للناس كافة, مبدأ دستوري أصيل, كفله الدستور للمصريين والأجانب على حد سواء.
2 – حق الملكية – “حق التقاضي” “إغفال الحماية التي يكفلها الدستور لملكية الأجانب: أثره”.
للدولة بناء على ضرورة اقتصادية أو قومية, أو تتطلبها علاقاتها الخارجية، أو غير ذلك من مصالحها الحيوية, أن تفرض قيوداً في شأن الأموال التي يجوز لغير مواطنيها تملكها, أو أن تخرج فئة منها من دائرة الأموال التي يجوز لهم التعامل فيها. تداخل مصالح الدول وحتمية التعاون بينها, يلزمها أن تعمل كل منها – في نطاق إقليمها – على أن توفر الوسائل الإجرائية والقواعد الموضوعية التي يتمكن الأجنبي – من خلالها – من رد العدوان على حقوقه الثابتة وفقاً لنظمها القائمة. لا يجوز للدولة بموجب المادة 68 من الدستور, أن تجحد على غير مواطنيها الحق في اللجوء إلى قضائها للدفاع عن حقوقهم التي تكلفها قوانينها. إعراضها عن توفير هذه الحماية أو إغفالها, ليس إلا إنكاراً للعدالة يرتب مسئوليتها الدولية.
3 – حق الملكية – “انسحاب الحماية التي يكفلها إلى أموال الأجنبي إذا اكتسبها وفقاً للقانون”.
استهداف المدعي – وهو أجنبي – بدعواه الموضوعية، رد الأموال التي يقول باغتصابها عيناً إليه, وكون اكتساب ملكيتها وفقاً للقوانين المعمول بها أمراً لا نزاع فيه, الحماية المقررة في المادة 34 من الدستور للحق في الملكية, تنسحب إليه.
4 – المحكمة الدستورية العليا “انفرادها بالرقابة على الشرعية الدستورية”.
المحكمة الدستورية العليا, هي الجهة القضائية العليا التي اختصها الدستور والمشرع كلاهما بولاية الفصل في المسائل الدستورية, دون غيرها.
5 – دعوى دستورية “الحكم فيها: حجيته” “حراسة – القرار بقانون رقم 141 سنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرضها”.
قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعويين رقمي 139, 140 لسنة 5 قضائية “دستورية” باستيفاء القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 لأوضاعه الشكلية, وبأن محكمة القيم هي القاضي الطبيعي في مفهوم المادة 68 من الدستور بالنسبة إلى منازعات الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم, لهذا القضاء حجية مطلقة في مواجهة الكافة, وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها, وهي حجية تحول بذاتها دون إعادة طرح ما فصلت فيه هذه المحكمة عليها لمراجعته.
6 – حراسة – “أجانب – تعويض”.
مؤدى الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981, أن الأشخاص الذين غادروا البلاد مغادرة نهائية, ولم يعودوا إلى الإقامة بمصر خلال المدة المنصوص عليها في قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974, إنما يعوضون عن تدابير الحراسة, طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971, وفي الحدود المنصوص عليها فيه.
7 – حق الملكية “تدابير الحراسة المتخذة في شأن أموال الأجانب” “تقييد التعويض عنها بحد معين: أثره: عدوان على هذه الأموال ومصادرة للقدر الزائد على الحد الأقصى”.
تقييد التعويض عن تدابير الحراسة لغير المواطنين وفقاً لنص المادة 3/ 2 من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بألا يجاوز الحدود المنصوص عليها في المادة 5 من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 والتي التزمت بالحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في المادة 2 من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 وقدره ثلاثون ألف جنيه, يشوبها ذات العوار الدستوري الموصومة به المادتان الأخيرتان, ويشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة للمادتين 34, 36 من الدستور.
1 – إن قوام هذه الدعوى رد اعتداء, قال المدعون – وهم من غير المواطنين – بوقوعه على أموالهم وممتلكاتهم بالمخالفة للدستور. ومن ثم يكون اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظرها – ووفقاً لما جرى عليه قضاؤها – أمراً ثابتاً لا نزاع فيه, ذلك أن الدستور أفرد بابه الرابع للقواعد التي صاغها في مجال سيادة القانون. وهي قواعد تتكامل فيما بينها, ويندرج تحتها نص المادة الثامنة والستين التي كفل بها حق التقاضي للناس كافة, دالاً بذلك على أن التزام الدولة بضمان هذه الحق, فرع من واجبها في الخضوع للقانون، مؤكداً بمضمونه جانباً من أبعاد سيادة القانون التي جعلها أساساً للحكم في الدولة, على ما تنص عليه المادتان الرابعة والستون والخامسة والستون. وإذ كان الدستور قد أقام من استقلال القضاء وحصانته ضمانين أساسيين لحماية الحقوق والحريات, فقد أضحى لازماً – وحق التقاضي هو المدخل إلى هذه الحماية – أن يكون هذا الحق مكفولاً بنص صريح في الدستور, كي لا تكون الحقوق والحريات التي نص عليها, مجردة من وسيلة حمايتها, بل معززة بها لضمان فعاليتها.
2 – الالتزام الملقى على عاتق الدولة وفقاً لنص المادة الثامنة والستين من الدستور, يقتضيها أن توفر لكل فرد – وطنياً كان أم أجنبياً – نفاذاً ميسراً إلى محاكمها, بالإضافة إلى الحماية الواجبة للحقوق المقررة بتشريعاتها, وبمراعاة الضمانات الأساسية اللازمة لإدارة العدالة إدارة فعالة وفقاً لمستوياتها في الدول المتحضرة, وكانت الحقوق التي تستمد وجودها من النصوص القانونية, يلازمها بالضرورة – ومن أجل اقتضائها – طلب الحماية التي يكفلها الدستور أو المشرع لها, باعتبار أن مجرد النفاذ إلى القضاء, لا يعتبر كافياً لضمانها, وإنما يجب أن يقترن هذا النفاذ دوماً, بإزالة العوائق التي تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة عن العدوان عليها, وبوجه خاص ما يتخذ منها صورة الأشكال الإجرائية المعقدة, كي توفر الدولة للخصومة في نهاية مطافها حلا منصفاً يقوم على حيدة المحكمة واستقلالها, ويضمن عدم استخدام التنظيم القضائي كأداة للتمييز ضد فئة بذاتها أو للتحامل عليها, وكانت هذه التسوية هي التي يعمد الخصم إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها, فإن هذه الترضية – وبافتراض مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور – تندمج في الحق في التقاضي, وتعتبر من متمماته, ذلك لارتباطها بالغاية النهائية المقصودة منه برابطة وثيقة. وآية ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية لا تتمخض عنها فائدة عملية, ولكن غايتها طلب منفعة يقرها القانون, وتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها, وذلك هو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا بما جرى عليه قضاؤها, من أن الدستور أفصح بنص المادة 68 عن ضمان حق التقاضي كمبدأ دستوري أصيل, مردداً بذلك ما قررته الدساتير السابقة ضمناً من صون هذا الحق لكل فرد – وطنياً كان أو أجنبياً – باعتباره الوسيلة التي تكفل حماية الحقوق التي يتمتع بها قانوناً, ورد العدوان عليها.
3 – لئن كان من المقرر قانوناً, أن للدولة بناء على ضرورة تفرضها أوضاعها الاقتصادية, أو تتطلبها إدارة علاقتها الخارجية, أو توجهها روابطها القومية, أو غير ذلك من مصالحها الحيوية, أن تفرض قيوداً في شأن الأموال التي يجوز لغير المواطنين تملكها, أو أن تخرج فئة منها من دائرة الأموال التي يجوز لهم التعامل فيها, سواء أكانت أموالاً منقولة أم عقارية, فإن من الصحيح كذلك أن تداخل مصالح الدول, ونماء اتصالاتها الدولة, وحتمية التعاون فيما بينها, يلزمها بأن تعمل كل منها – في نطاق إقليمها – على أن توفر الوسائل الإجرائية والقواعد الموضوعية التي يتمكن الأجنبي من خلالها من رد العدوان على حقوقه الثابتة “وفقاً لنظمها القائمة”. وهو ما قررته المادة الثامنة والستون من الدستور, التي لا يجوز للدولة بموجبها أن تجحد على غير مواطنيها الحق في اللجوء إلى قضائها للدفاع عن حقوقهم التي تكفلها القوانين الوطنية, وإلا اعتبر إعراضها عن توفير هذه الحماية أو إغفالها لها إنكاراً للعدالة تقوم به مسئوليتها الدولية, ويوقعها في حومة المخالفة الدستورية, متى كان ذلك, وكان المدعون – وهم من غير المواطنين – يستهدفون بدعواهم الموضوعية رد الأموال – التي يقولون باغتصابها بالمخالفة لأحكام الدستور – عيناً إليهم, وكان اكتسابهم ملكيتها وفقاً للقوانين المعمول بها, وبمراعاة الأوضاع المقررة فيها, لا نزاع فيه, فإن الحماية التي كفلتها المادة الرابعة والثلاثون من الدستور للحق في الملكية, تنسحب إليهم, ذلك أن حجبها عنهم, أو تقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها, يكرس انتزاع أموالهم, ويعتبر إهداراً لسند ملكيتها, وإسقاطاً للحقوق المتفرعة عنها, وإفراغاً للمادة الثامنة والستين من الدستور من محتواها.
4 – إذ كانت المحكمة الدستورية العليا, هي الجهة القضائية العليا التي اختصها الدستور والمشرع كلاهما بولاية الفصل في المسائل الدستورية. وليس ثمة جهة أخرى يمكن أن تنازعها هذا الاختصاص, أو أن تنتحله لنفسها, فإن الفصل في المخالفة الدستورية المدعي بها, إنما يعود إليها دون غيرها.
5 – إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية “دستورية”، والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليو سنة 1986 بأن القرار بقانون المطعون عليه, صدر استناداً إلى المادة 147 من الدستور, ملتزماً الحدود الضيقة التي تفرضها الطبيعة الاستثنائية لمباشرة رئيس الجمهورية الاختصاص بإصداره في غيبة السلطة التشريعية, وكان هذا القضاء نافياً لصدور هذا القرار بقانون أثناء انعقاد السلطة التشريعية بناء على تفويض منها في الأحوال المنصوص عليها في المادة 108 من الدستور, فإن وجه النعي الذي أثاره المدعون في شأن عدم استيفاء ذلك القرار بقانون لأوضاعه الشكلية, يكون قد طرح على هذه المحكمة, وكلمتها فيه قاطعة لا تحتمل تعقيباً أو تأويلاً. إذ كان ذلك, وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعويين المشار إليهما, قد جزم كذلك بأن محكمة القيم المشكلة وفقاً لقانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980, هي القاضي الطبيعي في مفهوم المادة 68 من الدستور بالنسبة إلى منازعات الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم, وكان من المقرر أن ما فصلت فيه هذه المحكمة – في الدعويين المشار إليهما – سواء من ناحية العيوب الشكلية أو المطاعن الموضوعية, إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة, وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها, وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة, وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي لنقضه, من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة لمراجعته, متى كان ذلك, فإن الخصومة في هذا الشق من الدعوى تكون منتهية, بعد أن حسمتها المحكمة الدستورية العليا بحكمها المشار إليه.
6 – غدت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه – وبعد أن قضت هذه المحكمة بجلسة 7 من مارس سنة 1992 في القضية رقم 8 لسنة 8 قضائية “دستورية” بعدم دستوريتها من مجال تطبيقها بالنسبة إلى من أسقطت عنهم الجنسية المصرية أو تخلوا عنها – تنص على ما يلي: “وبالنسبة إلى الأشخاص الذين غادروا البلاد مغادرة نهائية ولم يعودوا إلى الإقامة بمصر خلال المدة المنصوص عليها في قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974, فيعوضون عن تدابير الحراسة طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1971, وفي الحدود المنصوص عليها فيه”.
7 – يبين من تقصي التشريعات الصادرة في شأن رفع الحراسة وتصفية الأوضاع المترتبة عليها, وكذلك الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض نصوصها – وبقدر اتصالها بالدعوى الراهنة – أن القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه, قد تضمن قاعدتين. أولاهما: تلك المنصوص عليها في مادته الأولى, وهي تقضي برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ. وثانيهما: تلك التي أوردتها مادته الثانية مقررة بموجبها أيلولة الأموال والممتلكات المشار إليها إلى الدولة, على أن يعوض صاحبها عنها بتعويض إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك, فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة. متى كان ذلك, وكانت المحكمة الدستورية العليا قد انتهت بحكمها الصادر في 16 مايو 1981 في القضية رقم 5 لسنة 1 قضائية “دستورية” إلى عدم دستورية نص المادة الثانية من ذلك القرار بقانون, تأسيساً على أن الأيلولة إلى الدولة, وكذلك التعويض الإجمالي المقررين بها, ينطويان على عدوان على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم, ومصادرة لها بالمخالفة للمادتين 34, 36 من الدستور؛ وكان القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 قد صدر متوخياً تصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الخاضعين لأحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه, متوسلاً إلى ذلك بتحديد مراكزهم المالية؛ وكان الأصل الذي التزمه القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 في هذا الشأن, هو أيلولة أموال الخاضعين وممتلكاتهم إلى الدولة, وتعويضهم عنها وفق الأحكام المنصوص عليها في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964, فإنه بذلك لا يكون قد نقض الأساس الذي قام عليه هذا القرار بقانون, بل تبناه بتمامه. وإذ خلص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 8 لسنة 8 قضائية “دستورية” إلى عدم دستورية المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 على أساس أن التزامها الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1960 ومقداره ثلاثون ألف جنية لتعويض الخاضع عن صافي العناصر المحققة من ذمته المالية, وما يتم التخلي له عنه من عناصرها غير المحققة, يعني أن حكمها يشكل عدواناً على أموال الخاضعين وممتلكاتهم, متضمناً مصادرة القدر الزائد على هذا الحد الأقصى بالمخالفة للمادتين 34 و36 من الدستور, وإخلالاً كذلك بنص المادة 37 التي تجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة إلى الملكية الزراعية؛ متى كان ذلك, وكان التعويض عن تدابير الحراسة وفقاً للنص التشريعي المطعون عليه – وهو الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 التي جرى تطبيقها على المدعين – وهم من غير المواطنين – مقيداً بألا يتجاوز مقداره الحدود المنصوص عليها في القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971, فإن النص المطعون عليه – وقد التزم الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في هذا القرار بقانون يكون مشوباً بذات العوار الدستوري الموصومة به المادة الثانية من القرار بقانون 150 لسنة 1964 والمادة الخامسة من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 كلتاهما, ومنطوياً بذلك على مخالفة للمادتين 34 و36 من الدستور.
الإجراءات
بتاريخ 24 يونيه سنة 1982 أودع المدعون صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى, أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة, وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعين – وهم إيرانيو الجنسية – سبق أن فرضت عليهم الحراسة, الأول والثالثة بمقتضى الأمر رقم 140 لسنة 1961 والثاني عملاً بالأمر رقم 270 لسنة 1963, وتقرر تعويضهم طبقاً لأحكام المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964, وعلى أساس أن المدعيين الأول والثالث قد غادرا البلاد بتاريخ 6 من يوليو سنة 1967, وأن المدعي الثاني لم يعد يقيم فيها منذ عام 1957, وكان المدعون قد أقاموا الدعوى رقم 2268 لسنة 1981 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المدعى عليهم الأربعة الأخيرين بطلب الحكم بعدم الاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ الأول من مارس سنة 1974 الصادر من الحارس العام إلى المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق عن المنشأة المملوكة لهم, وعدم وسريان هذا العقد في حقهم وبطلانه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأحيلت الدعوى المذكورة إلى محكمة القيم وقيدت بجدولها برقم 197 لسنة 1 ق “قيم”. وأثناء نظرها, دفع المدعون بعدم دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981. وإذ صرحت لهم محكمة الموضوع – بعد تقديرها لجدية الدفع – برفع الدعوى الدستورية, فقد أقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن قوام هذه الدعوى رد اعتداء, قال المدعون – وهم من غير المواطنين – بوقوعه على أموالهم وممتلكاتهم بالمخالفة للدستور, فإن اختصاص هذه المحكمة بنظرها – ووفقاً لما جرى عليه قضاؤها – يعتبر أمراً ثابتاً لا نزاع فيه, ذلك أن الدستور أفرد بابه الرابع للقواعد التي صاغها في مجال سيادة القانون, وهي قواعد تتكامل فيما بينها, ويندرج تحتها نص المادة الثامنة والستين التي كفل بها حق التقاضي للناس كافة, دالاً بذلك على أن التزام الدولة بضمان هذه الحق فرع من واجبها في الخضوع للقانون، ومؤكداً بمضمونه جانباً من أبعاد سيادة القانون التي جعلها أساساً للحكم في الدولة على ما تنص عليه المادتان الرابعة والستون والخامسة والستون, وإذ كان الدستور قد أقام من استقلال القضاء وحصانته ضمانين أساسيين لحماية الحقوق والحريات, فقد أضحى لازماً – وحق التقاضي هو المدخل إلى هذه الحماية – أن يكون هذا الحق مكفولاً بنص صريح في الدستور كي لا تكون الحقوق والحريات التي نص عليها مجردة من وسيلة حمايتها, بل معززة بها لضمان فعاليتها.
وحيث إنه متى كان ذلك, وكان الالتزام الملقى على عاتق الدولة وفقاً لنص المادة الثامنة والستين من الدستور, يقتضيها أن توفر لكل فرد – وطنياً أم أجنبياً – نفاذاً ميسراً إلى محاكمها, بالإضافة إلى الحماية الواجبة للحقوق المقررة بتشريعاتها, وبمراعاة الضمانات الأساسية اللازمة لإدارة العدالة إدارة فعالة وفقاً لمستوياتها في الدول المتحضرة, وكانت الحقوق التي تستمد وجودها من النصوص القانونية , يلازمها بالضرورة – ومن أجل اقتضائها – طلب الحماية التي يكفلها الدستور أو المشرع لها, باعتبار أن مجرد النفاذ إلى القضاء في ذاته, لا يعتبر كافياً لضمانها, وإنما يجب أن يقترن هذا النفاذ دوماً, بإزالة العوائق التي تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة عن العدوان عليها, وبوجه خاص ما يتخذ منها صورة الأشكال الإجرائية المعقدة, كي توفر الدولة للخصومة في نهاية مطافها حلا منصفاً يقوم على حيدة المحكمة واستقلالها, ويضمن عدم استخدام التنظيم القضائي كأداة للتمييز ضد فئة بذاتها أو للتحامل عليها, وكانت هذه التسوية هي التي يعمد الخصم إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها, فإن هذه الترضية – وبافتراض مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور – تندمج في الحق في التقاضي, وتعتبر من متمماته, ذلك لارتباطها بالغاية النهائية المقصودة منه برابطة وثيقة. وآية ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية لا تتمخض عنها فائدة عملية, ولكن غايتها طلب منفعة يقرها القانون وتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها, وذلك هو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا بما جرى عليه قضاؤها من أن الدستور أفصح بنص المادة الثامنة والستين منه عن ضمان حق التقاضي كمبدأ دستوري أصيل, مردداً بذلك ما قررته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة هذا الحق لكل فرد – وطنياً كان أو أجنبياً – باعتباره الوسيلة التي تكفل حماية الحقوق التي يتمتع بها قانوناً ورد العدوان عليها.
وحيث إنه متى كان ذلك – وكان من المقرر قانوناً, أن للدولة بناء على ضرورة تفرضها أوضاعها الاقتصادية, أو تتطلبها إدارة علاقاتها الخارجية, أو توجهها روابطها القومية أو غير ذلك من مصالحها الحيوية, أن تفرض قيوداً في شأن الأموال التي يجوز لغير المواطنين تملكها, أو أن تخرج فئة منها من دائرة الأموال التي يجوز لهم التعامل فيها, سواء أكانت أموالاً منقولة أم عقارية, فإن من الصحيح كذلك أن تداخل مصالح الدول, ونماء اتصالاتها الدولية وحتمية التعاون فيما بينها, يلزمها بأن تعمل كل منها – في نطاق إقليمها – على أن توفر الوسائل الإجرائية والقواعد الموضوعية التي يتمكن الأجنبي من خلالها من رد العدوان على حقوقه الثابتة وفقاً لنظمها القائمة، وهو ما قررته المادة الثامنة والستون من الدستور التي لا يجوز للدولة بموجبها أن تجحد على غير مواطنيها الحق في اللجوء إلى قضائها للدفاع عن حقوقهم التي تكفلها القوانين الوطنية, وإلا اعتبر إعراضها عن توفير هذه الحماية أو إغفالها لها إنكاراً للعدالة تقوم به مسئوليتها الدولية, ويوقعها في حومة المخالفة الدستورية. متى كان ذلك, وكان المدعون – وهم من غير المواطنين – يستهدفون بدعواهم الموضوعية رد الأموال – التي يقولون باغتصابها بالمخالفة لأحكام الدستور – عيناً إليهم, وكان اكتسابهم مكيلتها وفقاً للقوانين المعمول بها, وبمراعاة الأوضاع المقررة فيها, غير متنازع فيه, فإن الحماية التي كفلتها المادة الرابعة والثلاثون من الدستور للحق في الملكية تنسحب إليهم, ذلك أن حجبها عنهم أو تقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها, يكرس انتزاع أموالهم, ويعتبر إهداراً لسند ملكيتها, وإسقاطاً للحقوق المتفرعة عنها, وإفراغاً للمادة الثامنة والستين من الدستور من محتواها.
وحيث إنه على ضوء ما تقدم, وكانت هذه المحكمة هي الجهة القضائية العليا التي اختصها الدستور والمشرع كلاهما بولاية الفصل في المسائل الدستورية, وليس ثمة جهة أخرى يمكن أن تنازعها هذا الاختصاص, أو أن تنتحله لنفسها, فإن الفصل في المخالفة الدستورية المدعي بها إنما يعود إليها دون غيرها.
وحيث إن المدعين ينعون على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة, مخالفته أحكام المادتين 108 و147 من الدستور, قولاً منهم بأن الأصل في السلطة التشريعية هو أن يتولاها مجلس الشعب, وأنه لا استثناء من ذلك إلا في الحالتين المنصوص عليهما في هاتين المادتين اللتين تخولان رئيس الجمهورية سلطة استثنائية يتعين أن يتقيد في نطاق ممارستها بالحدود والقيود التي فرضها الدستور. وإذ صدر هذا القرار بقانون بغير تفويض من السلطة التشريعية, ودون أن تتوافر حالة الضرورة التي تسوغ إصداره في غيبتها, فإنه بذلك يكون مخالفا للدستور. كما ينعى المدعون على المادة السادسة من ذلك القرار بقانون, أنها إذ نقلت الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالأموال والممتلكات التي خضعت للحراسة من القضاء المدني – الذي يعد قاضيها الطبيعي – إلى محكمة القيم, وإذ عدلت في اختصاص الهيئات القضائية بقرار بقانون وليس بقانون, فإنها تكون قد خالفت حكم المادتين 68 و167 من الدستور.
وحيث إن البين من الأعمال التحضيرية للقرار بقانون المطعون عليه – وعلى ما قررته هذه المحكمة بحكمها الصادر في الدعويين رقمي 139 و140 لسنة 5 قضائية “دستورية” والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليو سنة 1986 أن القرار بقانون المطعون عليه صدر استناداً إلى المادة 147 من الدستور, ملتزماً الحدود الضيقة التي تفرضها الطبيعة الاستثنائية لمباشرة رئيس الجمهورية الاختصاص بإصداره في غيبة السلطة التشريعية, وكان هذا القضاء نافياً لصدور هذا القرار بقانون أثناء انعقاد السلطة التشريعية بناء على تفويض منها في الأحوال المنصوص عليها في المادة 108 من الدستور, فإن وجه النعي الذي أثاره المدعون في شأن عدم استيفاء ذلك القرار بقانون لأوضاعه الشكلية, يكون قد طرح على هذه المحكمة, وكلمتها فيه قاطعة لا تحتمل تعقيباً أو تأويلاً. وإذ كان قضاء المحكمة في الدعويين المشار إليهما, قد جزم كذلك بأن محكمة القيم المشكلة وفقاً لقانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980, هي القاضي الطبيعي في مفهوم المادة 68 من الدستور بالنسبة إلى منازعات الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم, وكذلك أموال الأشخاص الاعتبارية، وكان من المقرر أن ما فصلت فيه هذه المحكمة – في الدعويين المشار إليهما – سواء من ناحية العيوب الشكلية أو المطاعن الموضوعية, إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة, وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة, وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي لنقضه, من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة لمراجعته, متى كان ذلك, فإن الخصومة في هذا الشق من الدعوى تكون منتهية, بعد أن حسمتها المحكمة بحكمها المشار إليه.
وحيث إن المدعيين ينعون كذلك على الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة, أن ما قررته من تعويض الأشخاص المشار إليهم فيها عن تدابير الحراسة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 وبرفع الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص – وفي الحدود المنصوص عليها فيه – مؤاده التقيد بالحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه, مما من شأنه إهدار حجية الحكم الصادر عن هذه المحكمة في الدعوى رقم 5 لسنة 1 قضائية “دستورية” فيما قضى به من أن ما قررته هذه المادة من حد أقصى للتعويض الإجمالي المنصوص عليه فيها, إنما ينطوي على مخالفة للمادتين 34, 37 من الدستور.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه – وبعد أن قضت هذه المحكمة بجلسة 7 من مارس سنة 1992 في القضية رقم 8 لسنة 8 قضائية “دستورية” بعدم دستوريتها من مجال تطبيقها بالنسبة إلى من أسقطت عنهم الجنسية المصرية أو تخلوا عنها – غدت تنص على ما يأتي:
“وبالنسبة إلى الأشخاص الذين غادروا البلاد مغادرة نهائية ولم يعودوا إلى الإقامة بمصر خلال المدة المنصوص عليها في قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974, فيعوضون عن تدابير الحراسة طبقا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1971, وفي الحدود المنصوص عليها فيه”.
وحيث إن البين من تقصي التشريعات الصادرة في شأن رفع الحراسة وتصفية الأوضاع المترتبة عليها, وكذلك الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض نصوصها – وبقدر اتصالها بالدعوى الراهنة – أن القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه, قد تضمن قاعدتين. أولاهما: تلك المنصوص عليها في مادته الأولى, وهي تقضي برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ. وثانيتهما: تلك التي أوردتها مادته الثانية مقررة بموجبها أيلولة الأموال والممتلكات المشار إليها إلى الدولة, على أن يعوض صاحبها عنها بتعويض إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك, فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة. متى كان ذلك, وكانت المحكمة الدستورية العليا قد انتهت بحكمها الصادر في 16 مايو 1981 في القضية رقم 5 لسنة 1 قضائية “دستورية” إلى عدم دستورية نص المادة الثانية من ذلك القرار بقانون تأسيساً على أن الأيلولة إلى الدولة, وكذلك التعويض الإجمالي المقررين بها, ينطويان على عدوان على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم, ومصادرة لها بالمخالفة للمادتين 34, 36 من الدستور, وكان القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 قد صدر متوخياً تصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الخاضعين لأحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه, متوسلاً إلى ذلك بتحديد مراكزهم المالية, وكان أمر هذا التحديد قد عهد إلى لجان قضائية تتولاه كل منها وفقا لأحكام مادته الخامسة التي تنص على أنه إذا تبين للجنة أن صافي الذمة المالية للخاضع لا يجاوز الحد الأقصى المنصوص عليها في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964, تصدر اللجنة قرارا بتعويضه عن صافي العناصر المحققة من ذمته المالية مع التخلي له عن باقي العناصر غير المحققة أصولا وخصوماً. أما إذا تجاوز صافي الذمة لمالية للخاضع الحد الأقصى سالف البيان، فيتم تعويضه عن صافي العناصر المحققة من ذمته المالية مع التخلي له عن قدر من العناصر غير المحققة لا يجاوز صافيها – بالإضافة إلى التعويض المستحق له عن العناصر المحققة – ذلك الحد الأقصى. متى كان ذلك، وكان الأصل الذي التزمه القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 فيما تضمنه من أحكام مستهدفا بها تصفية الحراسة وتحديد المراكز المالية للخاضعين، هو أيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى الدولة وتعويضهم عنها وفق الأحكام المنصوص عليها في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964، فإنه بذلك لا يكون قد نقض الأساس الذي قام عليه هذا القرار بقانون, بل تبناه بتمامه. وإذ خلص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 8 لسنة 8 قضائية “دستورية” إلى عدم دستورية المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971 على أساس أن التزامها الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1960 ومقداره ثلاثون ألف جنية لتعويض الخاضع عن صافي العناصر المحققة من ذمته المالية, وما يتم التخلي له عنه من عناصرها غير المحققة, وانطوائها بالتالي على استيلاء الدولة دون مقابل على القدر الزائد على هذا الحد الأقصى من أموال الخاضعين وممتلكاتهم مما يشكل عدواناً عليها ومصادرة لها بالمخالفة للمادتين 34، 36 من الدستور وبما يخل كذلك بنص المادة 37 التي تجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة إلى الملكية الزراعية, متى كان ذلك, وكان التعويض عن تدابير الحراسة وفقاً للنص التشريعي المطعون عليه – وهو الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 التي جرى تطبيقها على المدعين – وهم من غير المواطنين – مقيداً بألا يتجاوز مقداره الحدود المنصوص عليها في القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971, فإن النص المطعون عليه – وقد التزم الحد الأقصى للتعويض عليه في هذا القرار بقانون – يكون مشوباً بذات العوار الدستوري الموصومة به المادة الثانية من القرار بقانون 150 لسنة 1964 والمادة الخامسة من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1971، ومنطوياً بذلك على مخالفة للمادتين 34 و36 من الدستور
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار رقم 141 لسنة 1981 فيما تضمنته من النص على “وبالنسبة للأشخاص الذين غادروا البلاد مغادرة نهائية ولم يعودوا إلى الإقامة فيها خلال المدة المنصوص عليها في القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه, فيعوضون عن تدابير الحراسة طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1971 وفي الحدود المنصوص عليها فيه” وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتهاب المحاماة.
استنادا إلى الحجية المطلقة للحكم المشار إليه، قضت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية في القضية رقم 117 لسنة 6 ق بجلسة 14/ 8/ 1994.
وسوم : حكم دستورية