qadaya@anhri.net

الخط الساخن : 01118881009

قضايا
  • الرئيسية
  • أحكام
    • أحكام جنائية
    • أحكام مدنية
    • أحكام نقض
  • مذكرات دفاع
  • أوراق قانونية
    • امر احالة
    • صحف ودعاوي
      • صحف و دعاوي جنائي
      • صحف و دعاوي مدني
  • دستورية
    • أحكام دستورية
    • صحف و دعاوي دستورية
  • مجلس الدولة
    • مذكرات دفاع مجلس الدولة
    • أحكام مجلس الدولة
    • صحف و دعاوي مجلس الدولة
  • إصدارات
  • انذارات
  • بلاغات وتظلمات
  • تحقيقات و محاضر

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963، وذلك فيما تضمنته من سريان العقوبات الانضباطية

  1. قضايا دستورية أحكام دستورية حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963، وذلك فيما تضمنته من سريان العقوبات الانضباطية
  • بتاريخ : 05  سبتمبر  2021

جلسة 4 يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد الواحد – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمار – المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.

قاعدة رقم (14)
القضية رقم 22 لسنة 8 قضائية “دستورية”

1 – دعوى دستورية “المصلحة فيها”.
مناط المصلحة الشخصية والمباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية.
2 – دعوى دستورية “المصلحة فيها” – تشريع “إلغاؤه”.
الغاء النص المطعون عليه، لا يحول دون الفصل فى الطعن بعدم دستوريته ممن طبق عليهم خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، طالما لم يسقط التشريع اللاحق تلك الآثار.
3 – عقوبة انضباطية “تكييفها”.
العقوبات الإنضباطية التى قررتها المادة 113 مكررا المضافة بالقرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 إلى القانون رقم 232 لسنة 1959 والتى يجوز للقادة توقيعها بغية إحكام سيطرتهم على مرؤوسيهم وتقويم إعوجاجهم عند مخالفتهم القوانين أو الأوامر أو التقاليد العسكرية أو خروجهم على موجباتها وعدم التقيد الصارم بها، هى فى تكييفها الصحيح جزاء عن جرائم تأديبية قوامها إخلال المرؤوسين بواجباتهم التى تمليها قواعد الانضباط ومقتضيات النظام العسكرى – بروز طبيعتها التأديبية بوجه خاص أثناء خدمة الميدان، حيث يعتبر القادة ملتزمين بمراعاة القواعد الانضباطية وتطبيقها بكل حزم ودعمها بين أفراد وحداتهم ضمانا لطاعتهم المطلقة لأوامر رؤسائهم وصونا لوحداتهم بالتالى خصائصها القتالية العالية.
4 – عقوبة انضباطية “تكييفها – استقلال عن العقوبة الجنائية” – عقوبة جنائية.
الطبيعة التأديبية للعقوبات الانضباطية، لا ينال منها أن يكون توقيعها حال مقارفة أحد الضباط لإحدى الجرائم المقررة لها عقوبات جنائية والمنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية – أساس ذلك، استقلال العقوبة الانضباطية عن العقوبة الجنائية – باعتبار أن الفعل الواحد قد يكون جريمة مسلكية وجريمة جنائية فى آن واحد، وأن توقيع العقوبة التأديبية فى شأن واقعة بعينها لا يحول دون رفع الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها، وأن العقوبة الجنائية إنما تكون فى الأصل عن جريمة يعين القانون أركانها فى صلبه ولا يتخلى كلية عن تحديدها إلى أداة أدنى، خلافا للخطأ الانضباطى الذى قد يعهد المشرع بتحديد إلى سلطة لائحية – توكيد ذلك إناطة المادة 24 من قانون الأحكام العسكرية أمر تحديد الجرائم والعقوبات الانضباطية إلى قرار يصدر عن السلطات العسكريه المختصة طبقا للقانون، خلاف للنهج الذى احتذاه هذا القانون فى شأن الجرائم العسكرية والعقوبات المقررة لها إذ بين فى صلبة كافة أحكامها.
5 – عقوبة إنضباطية “ضوابطها”.
عدم إحاطة الجزاء الانضباطى فى توقيعه بالضمانات ذاتها التى توفرها المحاكم الجنائية، واقتضائه لضرورة سيطرة القادة والرؤساء على وحداتهم وإقرار النظام الدقيق بين أفرادها – أثره، وجوب ألا يطول أمد توقيعه وأن يكون مؤثرا وفعالا.
6 – دستور “تفسير نصوصه”.
الأصل فى النصوص الدستورية أنها تؤخذ باعتبارها متكاملة، وأن المعانى التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطة بما يرد عنها التنافر أو التعارض، وأن لكل من النصوص الدستورية مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالا لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقوم منها فى مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
7 – دستور “تفسير نصوصه”.
فى تفسير النصوص الدستورية لا يجوز النظر إليها بما يبتعد بها عن غايتها النهائية ولا بوصفها هائمة فى الفراغ أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعى، وإنما يتعين دوما أن تحمل مقاصدها بمراعاة أن الدستور وثيقة تقدمية لا ترتد مفاهيمها إلى حقبة ماضيه وإنما تمثل القواعد التى يقوم عليها والتى صاغتها الإرادة الشعبية، انطلاقة إلى تغيير لا تصد عن التطور آفاقه الرحبة.
8 – الدولة القانونية “ماهيتها”.
الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها وأيا كانت طبيعة سلطاتها بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، وتتوافر فيها لكل مواطن الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته.
9 – مبدأ مشروعية السلطة – مبدأ خضوع الدولة للقانون.
عدم مشروعية السلطة ما لم تكن وليدة الإرادة الشعبية وتعبيرا عنها – إنبثاق هذه السلطة عن تلك الإرادة لا يفيد بالضرورة أن من يمارسها مقيد بقواعد قانونية تكون عاصما من جموحها وضمانا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها – حتمية قيام الدولة فى مفهومها المعاصر، وخاصة فى مجال توجهها نحو الحرية، على مبدأ مشروعية السلطة مقترنا ومعززا بمبدأ الخضوع للقانون باعتبارهما مبدآن متكاملان لا تقوم بدونهما المشروعية فى أكثر جوانبها أهمية ولأن الدولة القانونية هى التى يتوافر فيها لكل مواطن الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته وتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية
10 – دستور – مبدأ خضوع الدولة للقانون – مبدأ مشروعية السلطة – مبدأ مشروعية استقلال القضاء وحصانته.
النص فى المادة 65 من الدستور على خضوع الدولة للقانون وأن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، دلالته: نظام الدولة القانونية – ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لأحد ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها – قيام الدولة على مبدأ مشروعية السلطة مقترنا ومعززا بمبدأ الخضوع للقانون – القضاء دعامة الدولة القانونية من خلال استقلاله وحصانته لتكون القاعدة القانونية محوراً لكل تنظيم، وحدّا لكل سلطة، ورادعا ضد العدوان.
11 – دستور “ديمقراطية – مبدأ خضوع الدولة للقانون” – عقوبة تأديبية “الأثر الرجعى” – حريات وحقوق عامة.
خضوع الدولة للقانون محدد على ضوء مفهوم الديمقراطية، طبقا للمواد 1، 3، 4، 65 من الدستور مرتبطة، مؤداه، ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية وضمانه أساسية لصون حقوق الإنسان وحرياته وكرامته وشخصيته المتكاملة – يندرج تحتها طائفة من الحقوق تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور فى المادة 41 منه واعتبرها من الحقوق الطبيعية التى لا تمس، من بينها الا تكون العقوبة الجنائية التى توقعها الدولة بتشريعاتها مهنية فى ذاتها أو ممعنة فى قسوتها أو منطوية على تقييد الحرية الشخصية بغير انتهاج الرسائل القانونية السليمة أو متضمنة معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد – مما ينافى الدولة القانونية سريان العقوبة التأديبية بأثر رجعى بتطبيقها على أفعال لم تكن حين اتيانها تشكل ذنبا إداريا مؤاخذا عليه بها.
12 – عقوبة إنضباطية “الأثر الرجعى”.
النص فى المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 على إعمال حكم المادة 113 مكررا من القانون رقم 232 لسنة 1959، بأثر رجعى، غطاء لفترة زمنية لم تكن فيها العقوبات الانضباطية التى عددتها قائمة فى تاريخ وقوع الأفعال محل المؤاخذة التأديبية، مخالف للمواد 1، 3، 4، 65 من الدستور.
1 – 2 – لما كان القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963، قد نشر فى الجريدة الرسمية فى 11 مارس سنة 1963، وعمل به – وفقا لنص المادة الثانية منه (المطعون عليها) – بأثر رجعى اعتبارا من أول يناير سنة 1963، وكان هذا القرار بقانون قد صدر مضيفا إلى القانون رقم 232 لسنة 1959 فى شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة، مادة جديدة برقم 113 مكررا تحول نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عندما تكون هذه القوات فى خدمة الميدان، أن يوقع على الضباط الذين يرتكبون إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 133، 134، 135 من قانون الاحكام العسكرية العقوبات الانضباطية التى حددتها، ويندرج تحتها تنزيل الضابط إلى رتبة ضابط صف أو عسكرى. متى كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 المشار إليه قد ألغى بالقرار بقانون رقم 18 لسنة 1967، الا أن هذا الإلغاء لا يحول بين هذه المحكمة وبين الفصل فى دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 المطعون عليها فى الدعوى الماثلة. ذلك أن أحكام هذا القرار بقانون، هى التى جرى تطبيقها خلال فترة نفاذها فى حق مورث المدعين، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتمثل فى تجريده من رتبته وإنهاء خدمته، وهى آثار لم يسقطها القرار بقانون رقم 18 لسنة 1967، إذ عمل به بأثر مباشر اعتبارا من تاريخ نشره فى 6 يوليه سنة 1967 وبالتالى ظل الأثر الرجعى لنص المادة الثانية المطعون عليها قائما، وظل باقيا كذلك ما رتبته من آثار العقوبة الانضباطية التى وقعتها السلطة القيادية، وهى عقوبة نازع مورث المدعين فى مشروعيتها بالنسبة إليه، بمقولة تعلقها بأفعال لم تكن النصوص القانونية المعمول بها عند ارتكابها تقرر فى شأنها هذه العقوبة المجحفة بما يعدم أساس فرضها. إذ كان ذلك، وكان مناط المصلحة الشخصية والمباشرة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها ـ أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، فإن مصلحة المدعين فى الطعن على الأثر الرجعى الذى تضمنته المادة الثانية من القرار بقانون رقم 132 لسنة 1963 المشار إليه – والذى تعلق به المركز القانونى لمورثهم – تكون قائمة.
3 – البين من المادة 113 مكررا التى أضافها القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 إلى أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 فى شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة، إن العقوبات الانضباطية التى قررتها والتى يجوز للقادة توقيعها بغية أحكام سيطرتهم على مرؤوسيهم، ولتقويم اعوجاجهم عند مخالفتهم القوانين أو الأوامر أو التقاليد العسكرية، أو خروجهم على موجباتها وعدم التقيد الصارم بها، هى فى تكييفها الصحيح جزاء عن جرائم تأديبية قوامها إخلال المرؤوسين بواجباتهم التى تمليها قواعد الانضباط ومقتضيات النظام العسكرى. ومن ثم تعتبر هذه العقوبات الانضباطية وثيقة الصلة بضمان الطاعة الواعية للأوامر، والعمل بموجبها دون إبطاء أو كلل. وتبرز طبيعتها التأديبية بوجه خاص أثناء خدمة الميدان، إذ يعتبر القادة ملتزمين بمراعاة القواعد الانضباطية وتطبيقها بكل حزم ودعمها بين أفراد وحداتهم بالقوة والصلابة اللازمين، وذلك لضمان طاعتهم المطلقة لاوامر رؤسائهم وعدم التردد فى تنفيذها، أو تنفيذها فى غير توقيتاتها المحددة، وبما يحول دوما دون معارضتها، ويصون لوحداتهم بالتالى خصائصها القتالية العالية.
4، 5 – الطبيعة التأديبية للعقوبات الانضباطية المنصوص عليها فى المادة 113 مكررا، لا ينال منها أن يكون توقيعها حال مقارفة أحد الضباط لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 133، 134، 135، من قانون الأحكام العسكرية، ذلك أن تقرير عقوبات جنائية عن تلك الجرائم قد تصل إلى الإعدام وانعقاد الاختصاص فى شأن المحاكمة عنها لقضاة عسكريين، لا يحول دون تقرير مساءلة تأديبية عن هذه الفعال ذاتها، وانعقاد الاختصاص فى شأن تقدير الجزاء على ارتكابها للقادة والرؤساء فى وحداتهم بوصفهم مسئولين عن الانضباط فيها، ومن ثم تستقل العقوبة الانضباطية فى مجال تطبيقها وإجراءاتها والسلطة المختصة بتوقيعها عن العقوبة الجنائية، باعتبار أن الفعل الواحد قد يكون جريمة مسلكية وجريمة جنائية فى آن واحد، وأن توقيع العقوبة التأديبية فى شأن واقعة بعينها لا يحول دون رفع الدعوى الجنائية عن هذه الواقعة ذاتها، وإنه وإن صح القول بأن الجزاء الانضباطى لا يكون محاطا فى توقيعه بالضمانات ذاتها التى توفرها المحكمة الجنائية، إلا أن هذا الجزاء تقتضيه ضرورة سيطرة القادة والرؤساء على وحداتهم وإقرار النظام الدقيق بين أفرادها، ويتعين بالتالى ألا يطول أمد توقيعه، وأن يكون مؤثرا وفعالا. وليس أدل على استقلال الجزاء الانضباطى عن العقوبة الجنائية من أن هذه العقوبة إنما تكون فى الأصل عن جريمة يعين القانون أركانها فى صلبه، ولا يتخلى كلية عن تحديدها إلى أداة أدنى، وذلك خلافا للخطأ الانضباطى، ذلك أن المشرع قد يعهد بأمر تحديده إلى سلطة لائحيه، وغلبا ما تقرر أكثر من جزاء للخطأ الواحد كى تقدر السلطة المختصة بتوقيعه ما يكون مناسبا – من بينها – لكل حالة على حدة، وهو ما أكدته المادة 24 من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 حين ناطت أمر تحديد الجرائم والعقوبات الانضباطية إلى قرار يصدر عن السلطات العسكرية المختصة طبقا للقانون، وذلك خلافا للنهج الذى احتذاه هذا القانون فى شأن الجرائم العسكرية والعقوبات المقررة لها، إذ بين فى صلبه كافة أحكامها.
6، 7 – الأصل فى النصوص الدستورية أنها تؤخذ باعتبارها متكاملة، وان المعانى التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطة فيما بينها بما يرد عنها التنافر أو التعارض. هذا بالإضافة إلى أن هذه النصوص إنما تعمل فى إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا متماسكا بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالا لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها فى مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالى أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة فى الفراغ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعى، وإنما يتعين دوما أن تحملا مقاصدها بمراعاة أن الدستور وثيقة تقدمية لا ترتد مفاهيمها إلى حقبة ماضية وإنما تمثل القواعد التى يقوم عليها، والتى صاغتها الإرادة الشعبية، انطلاقة إلى تغيير لا تصد عن التطور آفاقه الرحبة.
8، 9 – إن الدستور إذ نص فى المادة 65 منه على خضوع الدولة للقانون وإن استقلال القضاء وحصانته ضمانا أساسيان لحماية الحقوق والحريات، فقد دل بذلك على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها – وأيا كانت طبيعة سلطاتها – بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لأحد، ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها. ولئن صح القول بأن السلطة لا تعتبر مشروعة ما لم تكن وليدة الإرادة الشعبية وتعبيرا عنها، إلا أن إنبثاق هذه السلطة عن تلك الارادة وارتكازها عليها لا يفيد بالضرورة إن من يمارسها مقيد بقواعد قانونية تكون عاصما من جموحها وضمانا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها متخطية حدودها، وكان حتما بالتالى أن تقوم الدولة فى مفهومها المعاصر – وخاصة فى مجال توجهها نحو الحرية – على مبدأ مشروعية السلطة مقترنا ومعززا بمبدأ الخضوع للقانون باعتبارهما مبدآن متكاملان لا تقوم بدونهما المشروعية فى أكثر جوانبها أهمية، ولأن الدولة القانونية هى التى تتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية، وهى ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورا لكل تنظيم، وحدّا لكل سلطة ورادعا ضد العدوان.
10، 11 – إن الدستور إذ نص فى مادته الأولى على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى اشتراكى، وفى مادته الثالثة على أن السيادة للشعب….. وهو يمارسها ويحميها على الوجه المبين فى الدستور، وفى مادته الرابعة على أن الأساس الاقتصادى لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكى الديمقراطى. فإن مؤدى هذه النصوص – مرتبطة بالمادة 65 من الدستور – أنه فى مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية. فإن مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها، وتتقيد هى بها. إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى التزمتها الدول الديمقراطية بإطراد فى مجتمعاتها، واستقر العمل بالتالى على انتهاجها فى مظاهر سلوكها المختلفة. وفى هذا الإطار، والتزاما بأبعاده، لا يجوز للدولة القانونية فى تنظيماتها المختلفة أن تنزل بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام فى الدول الديمقراطية، على أن تفرض على تمتعهم بها أو مباشرتهم لها قيودا تكون فى جوهرها أو مداها مجافية لتلك التى درج العمل فى النظم الديمقراطية على تطبيقها. بل أن خضوع الدولة للقانون محددا على ضوء مفهوم ديمقراطى مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى تعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطيه مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الانسان وكرامته وشخصيته المتكاملة، ويندرج تحتها طائفة من الحقوق تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور فى المادة 41 منه واعتبرها من الحقوق الطبيعية التى لا تمس، من بينها ألا تكون العقوبة الجنائية التى توقعها الدولة بتشريعاتها مهينة فى ذاتها، أو ممعنة فى قسوتها، أو منطوية على تقييد الحرية الشخصية بغير انتهاج الوسائل القانونية السليمة، أو متضمنة معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد. كذلك فإنه مما ينافى مفهوم الدولة القانونية على النحو السالف بيانه أنه تقرر الدولة سريان عقوبة تأديبية بأثر رجعى، وذلك بتطبيقها على أفعال لم تكن حين إتيانها تشكل ذنبا إداريا مؤاخذا عليه بها مثلما هو الحال فى الدعوى الراهنة.
12 – إن أعمال حكم المادة 113 مكررا من القانون رقم 232 لسنة 1959 المضافة بالقرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 – الذى نشر فى الجريدة الرسمية فى 11 مارس سنة 1963 – بأثر رجعى يرتد إلى أول يناير سنة 1963، مؤداه أن العقوبات الانضباطية المقررة بها لم تكن قائمة فى تاريخ وقوع الفعل محل المؤاخذة التأديبية فى الدعوى الماثلة، ومن ثم يكون نص المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 – الذى أعمل هذه الرجعية – مخالفا فى هذا النطاق لأحكام المواد 1، 3، 4، 65 من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ 25 سبتمبر سنة 1986 ورد إلى قلم كتاب المحكمة أورق الدعوى رقم 133 لسنة 1979 برية، بعد أن قررت اللجنة القضائيه لضبط القوات البرية بجلسة 27 أغسطس سنة 1986 وقف الدعوى وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 فيما نصت عليه من العمل بأحكامه اعتبارا من أول يناير سنة 1963.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
وونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة اصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن مورث المدعين كان قد أقام الدعوى رقم 1169 لسنة 26 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد وزير الحربية طالبا فيها الحكم بإلغاء قرار نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بعزله إلى رتبة عسكرى وما يترتب على ذلك من آثار. وإذ أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية للعاملين بوزارة الحربية التى انتهت فى 27 مارس سنة 1973 إلى عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظرها، فقد طعن المدعى على حكمها أمام الدائرة الإستئنافية بمحكمة القضاء الإدارى، إلا أن هذه المحكمة احالتها إلى اللجنة المختصة بها – وهى – اللجنة القضائية لضباط القوات البرية – حيث قيدت أمامها برقم 133 لسنة 1979 برية. وإذ تبين لهذه اللجنة أن مورث المدعين كان نقيبا حين أصدر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة قرارا بمعاقبته انضباطيا وذلك بتنزيله إلى درجة عسكرى لعدم قيامه بواجبه فى الميدان، وكان هذا الجزاء يفتقر – فى تقدير اللجنة – إلى نص قانونى يستند إليه إذ وقعته سلطة قيادية أعمالا للمادة 113 مكررا من القانون رقم 232 لسنة 1959 فى شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة المضافة إليه بالقرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 الذى تنص مادته الثانية على العمل بحكم المادة 113 مكررا بأثر رجعى اعتبارا من أول يناير سنة 1963، مستهدفة بهذه الرجعية تغطية الفترة التى قام فيها نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بتوقيع عقوبات عن أفعال لم تكن القوانين المعمول بها آنئذ تقرر جزاء انضباطيا على ارتكابها، فقد أحالت اللجنة المشار إليها نص المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية ما قررته من العمل بأحكام المادة 113 مكررا سالفة البيان اعتبارا من أول يناير سنة 1963 قولا منها بأن حكمها يتضمن مخلفة لنص المادة 66 من الدستور لفرضها عقوبات عن أفعال سابقة على صدور هذا القرار بقانون، وهى أفعال يتطلب قانون الأحكام العسكرية ألا توقع فى شأنها عقوبة إلا بحكم قضائى بوصفها منطوية على تهم لا تجوز مواجهتها بعقوبة انضباطية تفتقر إلى ضمانات المحكمة الجنائية العسكرية.
وحيث إن القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 قد نشر فى الجريدة الرسمية فى 11 مارس سنة 1963، وعمل به اعتبارا من أول يناير سنة 1963 قد نص فى مادته الأولى على إضافة مادة جديدة برقم 113 مكررا إلى القانون رقم 232 لسنة 1959 فى شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة تخول نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عندما تكون القوات فى خدمة الميدان، أن يوقع على الضباط الذين يرتكبون إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 133، 134، 135 من قانون الأحكام العسكرية: العقوبات الانضباطية الآتى بيانها: 1 – حرمان الضابط من أقدميته فى الرتبة 2 – تنزيله من رتبته إلى رتبة أدنى منها 3 – تنزيله إلى درجة ضابط صف أو عسكرى. كما نص هذا القرار بقانون – فى مادته الثانية ـ على أن ينشر فى الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من أول يناير سنة 1963.
وحيث إنه وإن كان القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 المشار إليه قد ألغى بالقرار بقانون رقم 18 لسنة 1967، إلا أن هذا الإلغاء لا يحول بين هذه المحكمة ـ وعلى ما جرى عليه قضاؤها – وبين الفصل فى دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 المطعون عليها فى الدعوى الماثلة. ذلك أن أحكام هذا القرار بقانون هى التى جرى تطبيقها خلال فترة نفاذها فى حق مورث المدعين، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتمثل فى تجريده من رتبته وإنهاء خدمته، وهى آثار لم يسقطها القرار بقانون رقم 18 لسنة 1967، إذ عمل به بأثر مباشر اعتبارا من تاريخ نشره فى 6 يوليه سنة 1967، وبالتالى ظل الأثر الرجعى لنص المادة الثانية المطعون عليها قائما، وظل باقيا كذلك ما رتبته من آثار العقوبة الانضباطية التى وقعتها السلطة القيادية، وهى عقوبة نازع مورث المدعين فى مشروعيتها بالنسبة إليه، بمقولة تعلقها بأفعال لم تكن النصوص القانونية المعمول بها عند ارتكابها تقرر فى شأنها هذه العقوبة المجحفة بما يعدم أساس فرضها. إذ كان ذلك، وكان مناط المصلحة الشخصية والمباشره فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها ـ أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، فإن مصلحة المدعين فى الطعن على الأثر الرجعى الذى تضمنته المادة الثانية من القرار بقانون رقم 132 لسنة 1963 المشار إليه – والذى تعلق به المركز القانونى لمورثهم – تكون قائمة.
وحيث إن المبين من المادة 113 مكررا التى أضافها القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 إلى أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 المشار إليه، أن العقوبات الانضباطية التى قررتها والتى يجوز للقادة توقيعها بغية إحكام سيطرتهم على مرؤوسيهم، ولتقويم اعوجاجهم عند مخالفتهم القوانين أو الأوامر أو التقاليد العسكرية، أو خروجهم على موجباتها وعدم التقيد الصارم بها، هى فى تكييفها الصحيح جزاء عن جرائم تأديبية قوامها إخلال المرؤوسين بواجباتهم التى تمليها قواعد الانضباط ومقتضيات النظام العسكرى، ومن ثم تعتبر هذه العقوبات الانضباطية وثيقة الصلة بضمان الطاعة الواعية للأوامر، والعمل بموجبها دون إبطاء أو كلل. وتبرز طبيعتها التأديبية بوجه خاض أثناء خدمة الميدان، إذ يعتبر القادة ملتزمين بمراعاة القواعد الانضباطية وتطبيقها بكل حزم ودعمها بين أفراد وحداتهم بالقوة والصلابة اللازمين، وذلك لضمان طاعتهم المطلقة لأوامر رؤسائهم وعدم التردد فى تنفيذها، أو تنفيذها فى غير توقيتاتها المحددة، وبما يحول دوما دون معارضتها، ويصون لوحداتهم بالتالى خصائصها القتالية العالية.
وحيث إنه لا ينال من الطبيعة التأديبية للعقوبات الانضباطية المنصوص عليها فى المادة 113 مكررا المشار إليها، أن يكون توقيعها حال مقارفة أحد الضباط لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 133، 134، 135، من قانون الأحكام العسكرية، ذلك أن تقرير عقوبات جنائية عن تلك الجرائم قد تصل إلى الاعدام وانعقاد الاختصاص فى شأن المحاكمة عنها لقضاة عسكريين، لا يحول دون تقرير مساءلة تأديبية عن هذه الأفعال ذاتها، وانعقاد الاختصاص فى شأن تقدير الجزاء على ارتكابها للقادة والرؤساء فى وحداتهم بوصفهم مسئولين عن الانضباط فيها، ومن ثم تستقل العقوبة الانضباطية فى مجال تطبيقها وإجراءاتها والسلطة المختصة بتوقيعها عن العقوبة الجنائية، باعتبار أن الفعل الواحد قد يكون جريمة مسلكية وجريمة جنائية فى آن واحد، وأن توقيع العقوبة التأديبية فى شأن واقعة بعينها لا يحول دون رفع الدعوى الجنائية عن هذه الواقعة ذاتها، وإنه وإن صح القول بأن الجزاء الانضباطى لا يكون محاطا فى توقيعه بالضمانات ذاتها التى توفرها المحكمة الجنائية، إلا أن هذا الجزاء تقتضيه ضرورة سيطرة القادة والرؤساء على وحداتهم وإقرار النظام الدقيق بين أفرادها، ويتعين بالتالى ألا يطول أمد توقيعه، وأن يكون مؤثرا وفعالا. وليس أدل على استقلال الجزاء الانضباطى عن العقوبة الجنائية من أن هذه العقوبة إنما تكون فى الأصل عن جريمة يعين القانون أركانها فى صلبه، ولا يتخلى كلية عن تحديدها إلى أداة أدنى، وذلك خلافا للخطأ الانضباطى، ذلك أن المشرع قد يعهد بأمر تحديده إلى سلطة لائحية، وغالبا ما تقرر أكثر من جزاء للخطأ الواحد كى تقدر السلطة المختصة بتوقيعه ما يكون مناسبا – من بينها – لكل حالة على حدة، وهو ما أكدته المادة 24 من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 حين ناطت أمر تحديد الجرائم والعقوبات الانضباطية إلى قرار يصدر عن السلطات العسكرية المختصة طبقا للقانون، وذلك خلافا للنهج الذى احتذاه هذا القانون فى شأن الجرائم العسكرية والعقوبات المقررة لها إذ بين فى صلبه كافة أحكامها.
وحيث إنه إذ كان ذلك، تعين القول بأن العقوبة الانضباطية التى وقعتها السلطة الرئاسية فى حق مورث المدعين، هى عقوبة من طبيعة تأديبية، ولا شأن لها بالمجال الجنائى، وإن ما قررته المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 من سريان أحكامه بأثر رجعى، إنما توخى تغطية فترة زمنية لم تكن فيها هذه العقوبة قائمة، الأمر الذى يحتم اخضاع حكمها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.
وحيث إن الأصل فى النصوص الدستورية أنها تؤخذ باعتبارها متكاملة، وأن المعانى التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطة فيما بينها بما يرد عنها التنافر أو التعارض. هذا بالإضافة إلى أن هذه النصوص إنما تعمل فى إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا متماسكا بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالا لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها فى مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالى أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة فى الفراغ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعى، وإنما يتعين دوما أن تحملا مقاصدها بمراعاة أن الدستور وثيقة تقدمية لا ترتد مفاهيمها إلى حقبة ماضية وإنما تمثل القواعد التى يقوم عليها، والتى صاغتها الإرادة الشعبية، انطلاقة إلى تغيير لا يصد عن التطور آفاقه الرحبة.
وحيث إن الدستور إذ نص فى المادة 65 منه على خضوع الدولة للقانون وإن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، فقد دل بذلك على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كافة مظاهر نشاطها – وأيا كانت طبيعة سلطاتها – بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لأحد، ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها. ولئن صح القول بأن السلطة لا تعتبر مشروعة ما لم تكن وليدة الإرادة الشعبية وتعبيرا عنها، إلا أن انبثاق هذه السلطة عن تلك الإرادة وارتكازها عليها لا يفيد بالضرورة أن من يمارسها مقيد بقواعد قانونية تكون عاصما من جموحها وضمانا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها متخطية حدودها، وكان حتما بالتالى أن تقوم الدولة فى مفهومها المعاصر – وخاصة فى مجال توجهها نحو الحرية – على مبدأ مشروعية السلطة مقترنا ومعززا بمبدأ الخضوع للقانون باعتبارهما مبدآن متكاملان لا تقوم بدونهما المشروعية فى أكثر جوانبها أهمية، ولأن الدولة القانونية هى التى تتوافر لكل مواطن فى كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها فى إطار من المشروعية، وهى ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورا لكل تنظيم، وحدا لكل سلطة، ورادعا ضد العدوان.
وحيث إن الدستور ينص فى مادته الأولى على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى اشتراكى، وفى مادته الثالثة على أن السيادة للشعب….. وهو يمارسها ويحيها على الوجه المبين فى الدستور، وفى مادته الرابعة على أن الأساس الاقتصادى لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكى الديمقراطى.
وحيث إن مؤدى هذه النصوص – مرتبطة بالمادة 65 من الدستور – أنه فى مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية، فإن مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها، وتتقيد هى بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى التزمتها الدول الديمقراطية باطراد فى مجتمعاتها، واستقر العمل بالتالى على انتهاجها فى مظاهر سلوكها المختلفة. وفى هذا الإطار، والتزاما بأبعاده، لا يجوز للدولة القانونية فى تنظيماتها المختلفة أن تنزل بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام فى الدول الديمقراطية، ولا أن تفرض على تمتعهم بها أو مباشرتهم لها قيودا تكون فى جوهرها أو مداها مجافية لتلك التى درج العمل فى النظم الديمقراطية على تطبيقها. بل ان خضوع الدولة للقانون محددا على ضوء مفهوم ديمقراطى مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة، ويندرج تحتها طائفة من الحقوق تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور فى المادة 41 منه واعتبرها من الحقوق الطبيعية التى لا تمس، من بينها ألا تكون العقوبة الجنائية التى توقعها الدولة بتشريعاتها مهينة فى ذاتها، أو ممعنة فى قسوتها، أو منطوية على تقييد الحرية الشخصية تغير انتهاج الوسائل القانونية السليمة، أو متضمنة معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد. كذلك فإنه مما ينافى مفهوم الدولة القانونية على النحو السالف بيانه أنه تقرر الدولة سريان عقوبة تأديبية بأثر رجعى، وذلك بتطبيقها على أفعال لم تكن حين إتيانها تشكل ذنبا إداريا مؤاخذا عليه بها مثلما هو الحال فى الدعوى الراهنة.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكان إعمال حكم المادة 113 مكررا المضافة بالقرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 بأثر رجعى يرتد إلى أول يناير سنة 1963، مؤداه أن العقوبات المقررة بها لم تكن قائمة فى تاريخ وقوع الفعل محل المؤاخذة التأديبية فى الدعوى الماثلة، فإن نص المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 يكون مخالفا فى هذا النطاق لأحكام المواد 1، 3، 4، 65 من الدستور.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963 فيما تضمنته من سريان العقوبات الانضباطية المقررة بمادته الأولى بأثر رجعى يرتد إلى أول يناير سنة 1963.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 32 لسنة 1963، وذلك فيما تضمنته من سريان العقوبات الانضباطية المقررة بمادته الاولى بأثر رجعى يرتد إلى أول يناير سنة 1963، والزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماه.

 

xosotin chelseathông tin chuyển nhượngcâu lạc bộ bóng đá arsenalbóng đá atalantabundesligacầu thủ haalandUEFAevertonxosokeonhacaiketquabongdalichthidau7m.newskqbdtysokeobongdabongdalufutebol ao vivofutemaxmulticanaisonbethttps://bsport.fithttps://onbet88.ooohttps://i9bet.bizhttps://hi88.ooohttps://okvip.athttps://f8bet.athttps://fb88.cashhttps://vn88.cashhttps://shbet.atbóng đá world cupbóng đá inter milantin juventusbenzemala ligaclb leicester cityMUman citymessi lionelsalahnapolineymarpsgronaldoserie atottenhamvalenciaAS ROMALeverkusenac milanmbappenapolinewcastleaston villaliverpoolfa cupreal madridpremier leagueAjaxbao bong da247EPLbarcelonabournemouthaff cupasean footballbên lề sân cỏbáo bóng đá mớibóng đá cúp thế giớitin bóng đá ViệtUEFAbáo bóng đá việt namHuyền thoại bóng đágiải ngoại hạng anhSeagametap chi bong da the gioitin bong da lutrận đấu hôm nayviệt nam bóng đátin nong bong daBóng đá nữthể thao 7m24h bóng đábóng đá hôm naythe thao ngoai hang anhtin nhanh bóng đáphòng thay đồ bóng đábóng đá phủikèo nhà cái onbetbóng đá lu 2thông tin phòng thay đồthe thao vuaapp đánh lô đềdudoanxosoxổ số giải đặc biệthôm nay xổ sốkèo đẹp hôm nayketquaxosokq xskqxsmnsoi cầu ba miềnsoi cau thong kesxkt hôm naythế giới xổ sốxổ số 24hxo.soxoso3mienxo so ba mienxoso dac bietxosodientoanxổ số dự đoánvé số chiều xổxoso ket quaxosokienthietxoso kq hôm nayxoso ktxổ số megaxổ số mới nhất hôm nayxoso truc tiepxoso ViệtSX3MIENxs dự đoánxs mien bac hom nayxs miên namxsmientrungxsmn thu 7con số may mắn hôm nayKQXS 3 miền Bắc Trung Nam Nhanhdự đoán xổ số 3 miềndò vé sốdu doan xo so hom nayket qua xo xoket qua xo so.vntrúng thưởng xo sokq xoso trực tiếpket qua xskqxs 247số miền nams0x0 mienbacxosobamien hôm naysố đẹp hôm naysố đẹp trực tuyếnnuôi số đẹpxo so hom quaxoso ketquaxstruc tiep hom nayxổ số kiến thiết trực tiếpxổ số kq hôm nayso xo kq trực tuyenkết quả xổ số miền bắc trực tiếpxo so miền namxổ số miền nam trực tiếptrực tiếp xổ số hôm nayket wa xsKQ XOSOxoso onlinexo so truc tiep hom nayxsttso mien bac trong ngàyKQXS3Msố so mien bacdu doan xo so onlinedu doan cau loxổ số kenokqxs vnKQXOSOKQXS hôm naytrực tiếp kết quả xổ số ba miềncap lo dep nhat hom naysoi cầu chuẩn hôm nayso ket qua xo soXem kết quả xổ số nhanh nhấtSX3MIENXSMB chủ nhậtKQXSMNkết quả mở giải trực tuyếnGiờ vàng chốt số OnlineĐánh Đề Con Gìdò số miền namdò vé số hôm nayso mo so debach thủ lô đẹp nhất hôm naycầu đề hôm naykết quả xổ số kiến thiết toàn quốccau dep 88xsmb rong bach kimket qua xs 2023dự đoán xổ số hàng ngàyBạch thủ đề miền BắcSoi Cầu MB thần tàisoi cau vip 247soi cầu tốtsoi cầu miễn phísoi cau mb vipxsmb hom nayxs vietlottxsmn hôm naycầu lô đẹpthống kê lô kép xổ số miền Bắcquay thử xsmnxổ số thần tàiQuay thử XSMTxổ số chiều nayxo so mien nam hom nayweb đánh lô đề trực tuyến uy tínKQXS hôm nayxsmb ngày hôm nayXSMT chủ nhậtxổ số Power 6/55KQXS A trúng roycao thủ chốt sốbảng xổ số đặc biệtsoi cầu 247 vipsoi cầu wap 666Soi cầu miễn phí 888 VIPSoi Cau Chuan MBđộc thủ desố miền bắcthần tài cho sốKết quả xổ số thần tàiXem trực tiếp xổ sốXIN SỐ THẦN TÀI THỔ ĐỊACầu lô số đẹplô đẹp vip 24hsoi cầu miễn phí 888xổ số kiến thiết chiều nayXSMN thứ 7 hàng tuầnKết quả Xổ số Hồ Chí Minhnhà cái xổ số Việt NamXổ Số Đại PhátXổ số mới nhất Hôm Nayso xo mb hom nayxxmb88quay thu mbXo so Minh ChinhXS Minh Ngọc trực tiếp hôm nayXSMN 88XSTDxs than taixổ số UY TIN NHẤTxs vietlott 88SOI CẦU SIÊU CHUẨNSoiCauVietlô đẹp hôm nay vipket qua so xo hom naykqxsmb 30 ngàydự đoán xổ số 3 miềnSoi cầu 3 càng chuẩn xácbạch thủ lônuoi lo chuanbắt lô chuẩn theo ngàykq xo-solô 3 càngnuôi lô đề siêu vipcầu Lô Xiên XSMBđề về bao nhiêuSoi cầu x3xổ số kiến thiết ngày hôm nayquay thử xsmttruc tiep kết quả sxmntrực tiếp miền bắckết quả xổ số chấm vnbảng xs đặc biệt năm 2023soi cau xsmbxổ số hà nội hôm naysxmtxsmt hôm nayxs truc tiep mbketqua xo so onlinekqxs onlinexo số hôm nayXS3MTin xs hôm nayxsmn thu2XSMN hom nayxổ số miền bắc trực tiếp hôm naySO XOxsmbsxmn hôm nay188betlink188 xo sosoi cầu vip 88lô tô việtsoi lô việtXS247xs ba miềnchốt lô đẹp nhất hôm naychốt số xsmbCHƠI LÔ TÔsoi cau mn hom naychốt lô chuẩndu doan sxmtdự đoán xổ số onlinerồng bạch kim chốt 3 càng miễn phí hôm naythống kê lô gan miền bắcdàn đề lôCầu Kèo Đặc Biệtchốt cầu may mắnkết quả xổ số miền bắc hômSoi cầu vàng 777thẻ bài onlinedu doan mn 888soi cầu miền nam vipsoi cầu mt vipdàn de hôm nay7 cao thủ chốt sốsoi cau mien phi 7777 cao thủ chốt số nức tiếng3 càng miền bắcrồng bạch kim 777dàn de bất bạion newsddxsmn188betw88w88789bettf88sin88suvipsunwintf88five8812betsv88vn88Top 10 nhà cái uy tínsky88iwinlucky88nhacaisin88oxbetm88vn88w88789betiwinf8betrio66rio66lucky88oxbetvn88188bet789betMay-88five88one88sin88bk88xbetoxbetMU88188BETSV88RIO66ONBET88188betM88M88SV88Jun-68Jun-88one88iwinv9betw388OXBETw388w388onbetonbetonbetonbet88onbet88onbet88onbet88onbetonbetonbetonbetqh88mu88Nhà cái uy tínpog79vp777vp777vipbetvipbetuk88uk88typhu88typhu88tk88tk88sm66sm66me88me888live8live8livesm66me88win798livesm66me88win79pog79pog79vp777vp777uk88uk88tk88tk88luck8luck8kingbet86kingbet86k188k188hr99hr99123b8xbetvnvipbetsv66zbettaisunwin-vntyphu88vn138vwinvwinvi68ee881xbetrio66zbetvn138i9betvipfi88clubcf68onbet88ee88typhu88onbetonbetkhuyenmai12bet-moblie12betmoblietaimienphi247vi68clupcf68clupvipbeti9betqh88onb123onbefsoi cầunổ hũbắn cáđá gàđá gàgame bàicasinosoi cầuxóc đĩagame bàigiải mã giấc mơbầu cuaslot gamecasinonổ hủdàn đềBắn cácasinodàn đềnổ hũtài xỉuslot gamecasinobắn cáđá gàgame bàithể thaogame bàisoi cầukqsssoi cầucờ tướngbắn cágame bàixóc đĩa开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育乐鱼体育亚新体育亚新体育亚新体育爱游戏爱游戏爱游戏华体会华体会华体会IM体育IM体育沙巴体育沙巴体育PM体育PM体育AG尊龙AG尊龙AG尊龙AG百家乐AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人<AG真人<皇冠体育皇冠体育PG电子PG电子万博体育万博体育KOK体育KOK体育欧宝体育江南体育江南体育江南体育半岛体育半岛体育半岛体育凯发娱乐凯发娱乐杏彩体育杏彩体育杏彩体育FB体育PM真人PM真人<米乐娱乐米乐娱乐天博体育天博体育开元棋牌开元棋牌j9九游会j9九游会开云体育AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人爱游戏华体会华体会im体育kok体育开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育欧宝体育ob体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育开云体育开云体育棋牌棋牌沙巴体育买球平台新葡京娱乐开云体育mu88qh88

وسوم : حكم دستورية

ابحث في قضايا

البحث

أحدث الموضوعات

  • قانون رقم 54 لسنة 1984 بتعديل المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء
  • قانون رقم 34 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات
  • قانون رقم 35 لسنة 1984 بشأن تعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972
  • قانون رقم 36 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر
  • قانون رقم 37 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 27 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهربة الريف
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
قضايا

قضايا

  • عن قضايا
  • كيف تدعم قضايا
  • الموقع القديم

البحث

البحث

وسوم

احكام نقض اسلحة وذخائر اعلان اعلانات قضائية الادارية العليا الحبس الاحتياطي السجناء الصفة فى الطعن الكيانات الارهابية المسار الديمقراطي انتخابات انتهاكات ايجارات بطلان تأديب تأمينات تشريعات تشريعات وقوانين تظلم تعذيب تفتيش تلبس حقوق عمال حكم حكم دستورية رسوم قضائية رهائن سجن كرموز سجون صيغ ضرائب ضرائب عقارية عذر عقد أتعاب عقداتفاق فتوى قانون العقوبات قرار إداري مجلس التأديب مجلس الدولة مذكرة معاشات نزع ملكية نطاق الطعن نقض

Powered by Legal WordPress Theme