جلسة 7 ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر على أحمد البحيرى – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره – المفوض، والسيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.
قاعدة رقم (10)
القضية رقم 30 لسنة 9 قضائية دستورية
1 – قانون “سريانه – الأثر الرجعى”.
الأصل فى القانون سريانه بأثر مباشر على ما يقع بعد نفاذه – سريانه على وقائع تم تكوينها أو مراكز قانونية اكتملت عناصرها قبل العمل بأحكامه، لا يجوز الا فى المواد غير الجنائية، وبعد استيفاء الأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة 187 من الدستور وهى موافقة اغلبية اعضاء السلطة التشريعية فى مجموعهم، وليس بالأغلبية المعتادة المنصوص عليها فى المادة 107 منه وهى الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم، كضمانة أساسية للحد من الرجعية وتوكيد خطورتها فى الأعم الأغلب من الأحوال ازاء ما تهدره من حقوق وتخل به من استقرار.
2 – قانون “سريانه – الأثر الرجعى” – قانون تصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس.
الأمر المعتبر فى تحديد رجعية القانون من عدمها، هو تاريخ تحقق الواقعة القانونية التى رتب عليها المشرع أثرا – إسباغ المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناه السويس الصحة على التسويات التى تمت فى التاريخ سابق على العمل بأحكامه، مؤداه إنفاذها جبرا بأثر رجعى ينعطف على الماضى ويرتد الى تاريخ اجرائها.
3 – قانون “سريانه – الأثر الرجعى”، “تفسيره” – قانون تصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس.
الأثر الرجعى للمادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1986 – مستفاد بالضرورة من دلالة عبارتها اضفائها الصحة على التسويات التى تمت طبقا لقرار سابق صدر من مجلس ادارة هيئة قناة السويس فى 12 مايو سنة 1976 – توكيده صراحة، بالنص فى المادة الثانية من مشروع هذا القانون على العمل به اعتبارا من التاريخ المذكور – افصاح وزير شئون مجلسى الشعب والشورى عن رغبة الحكومة فى محو شبهة الأثر الرجعى بالنص على العمل به اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية لا يغير من مضمون المادة الأولى أو حقيقتها أو أغراضها ممثلة فى إقرار أوضاع وظيفية تمت تسويتها فعلا فى مرحلة سابقة على العمل به.
4 – قانون “سريانه – الأثر الرجعى” ـ اثبات.
الأغلبية الخاصة التى تطلبها الدستور لاقرار الأثر الرجعى للقانون وهى موافقة أغلبيه أعضاء مجلس الشعب طبقا للمادة 187 منه – اجراء خاص فرضه الدستور استثناء من الأصل المقرر فى المادة 107 منه وهو موافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين، انطلاقا من خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية – مؤداه، وجوب أن يكون الدليل على استيفاء هذا الاجراء جليا لا يحتمل التأويل قطعى الثبوت.
5 – قانون “سريانه – الأثر الرجعى” – قانون تصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناه السويس – اثبات.
خلو مضبطة مجلس الشعب مما يؤكد الموافقة على مشروع قانون تصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس بالأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة 187 من الدستور – مفاده، عدم استيفاء الاجراء المذكور، يؤكده أن الاقتراع على مشروع هذا القانون انما تم بافتراض انتفاء الأثر الرجعى لمادته الأولى بالمصادمة لمفهومها وبالمناقضة للأساس الذى تقوم عليه – أثره، عدم دستورية هذه المادة.
6 – دعوى دستورية “الحكم فيها – ارتباط”
عدم دستورية أحد نصوص القانون – ارتباط باقى نصوصه بذلك النص ارتباط لا يقبل التجزئة، يستوجب الحكم بعدم دستورية القانون بأكمله.
1 – الأصل فى القانون هو أن يسرى بأثر مباشر على ما يقع بعد نفاذه، فإذا سرى القانون على وقائع تم تكوينها أو على مراكز قانونية اكتملت عناصرها قبل العمل بأحكامه، فإن هذا القانون يكون متضمنا أثرا رجعيا لا يجوز تقريره الا فى المواد غير الجنائية ـ وبعد استيفاء الأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة 187 من الدستور، كضمانة أساسية للحد من الرجعية وتوكيدا لخطورتها فى الأعم الأغلب من الأحول، ازاء ما تهدره من حقوق وتخل به من استقرار، ويتعين بالتالى أن تصدر القوانين رجعية الأثر عن السلطة التشريعية بأغلبية أعضائها فى مجموعهم، وليس بالأغلبية المعتادة المنصوص عليها فى المادة 107 من الدستور وهى الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم.
2 – لما كانت التسويات التى اعتمدتها المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح اوضاع العاملين بهيئة قناه السويس المطعون فيه، هى فى حقيقتها وقائع قانونية اكتمل تكوينها قبل العمل بالقانون المطعون فيه الذى أقرها، اذ أجرتها هيئة قناة السويس اعمالا لقرار صدر عن مجلس ادارتها فى 12 مايو سنة 1976، وهو تاريخ سابق على العمل بأحكام هذا القانون، وكان من المقرر فى مجال تحديد رجعية القانون من عدمها، ان الأمر المعتبر فى هذا التحديد انما يتعلق بتاريخ تحقق الواقعة القانونية التى رتب عليها المشرع أثرا، وكان اسباغ القانون المشار اليه الصحة على التسويات التى تمت فى تاريخ سابق على العمل بأحكامه، مؤداه انفاذها جبرا على أطرافها بحكم القانون بأثر ينعطف على الماضى ويرتد الى تاريخ اجرائها، فإن قالة انتفاء الأثر الرجعى لحكم المادة الأولى من القانون المطعون فيه، لا يكون لها محل.
3 – لا وجه للاستناد إلى المادة الثانية من القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس المطعون فيه للقول بأن مادته الأولى لا تسرى الا بأثر مباشر، ذلك أن المشرع لم يتدخل بالمادة الأولى من القانون المطعون فيه لتعديل أسس التسوية التى أجرتها هيئة قناة السويس قبل نفاذه، وانما اعتد فى مجال تقريره لصحتها، بحالتها التى نشأت عليها ابتداء بشرط أن يكون مطابقة فى مضمونها لأحكام قرار سابق صدر عن مجلس إدارة الهيئة فى 12 مايو سنة 1976، وبذلك لا يتعلق هذا القانون بغير التسويات التى تمت فى الماضى والتى اكتمل تكوينها قبل العمل بأحكامه، ولا يعدو اضفاء الصحة عليها الا توكيدا لمشروعيتها منذ اجرائها، فجاء بذلك متضمنا أثرا رجعيا، وهى رجعية تكمن مقوماتها فى مادته الأولى ومستفادة بالضرورة من دلالة عبارتها. يؤيد هذا النظر ان مشروع القانون المطعون فيه كان ينص صراحة على الأثر الرجعى لأحكامه حيث تضمنت مادته الثانية آنذاك أن يعمل به اعتبارا من تاريخ العمل بقرار مجلس ادارة هيئة قناة السويس الصادر بتاريخ 12 مايو سنة 1976 غير أن السيد/ وزير شئون مجلسى الشعب والشورى – وعلى ما يبين من مضبطة الجلسة الخمسين لمجلس الشعب المعقودة فى 21 أبريل سنة 1986 ـ أفصح عن رغبة الحكومة “فى محو شبهة الأثر الرجعى” واقترح – تحقيقا لهذه الغاية – العمل بالقانون اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، وهو اقتراح لم يغير من مضمون المادة الاولى من القانون المطعون فيه، ولا يبدل من حقيقتها، ولا ينال من الاغراض التى استهدفتها، ممثلة فى اقرار اوضاع وظيفية تمت تسويتها فعلا فى مرحلة سابقة على العمل بهذا القانون.
4، 5 – لما كانت المادة 107 من الدستور تنص على أن انعقاد مجلس الشعب لا يكون صحيحا الا بحضور أغلبية أعضائه ، ويتخذ المجلس قراراته بالاغلبية المطلقة للحاضرين، وذلك فى غير الحالات التى تشترط فيها أغلبية خاصة، وكانت المادة 187 من الدستور تنص على أن أحكام القوانين لاتسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز – فى غير المواد الجنائية – النص فى القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب. اذ كان ذلك، وكان الاجراء الذى تطلبه الدستور لاقرار الأثر الرجعى للقانون هو اجراء خاص فرضه استثناء من الأصل المقرر فى هذا الشأن، انطلاقا من خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية، فان الدليل على استيفاء هذا الاجراء يتعين أن يكون جليا لا يحتمل التأويل، ثابتا على وجه قطعى، واذ كان القانون رقم 9 لسنة 1986 المطعون فيه قد وفق عليه “بالأغلبية” حسبما تدل على ذلك مضبطة الجلسة الخمسين لمجلس الشعب المعقودة صباح الاثنين الموافق 21 من ابريل سنة 1986، وكانت هذه المضبطة ذاتها قد خلت مما يؤكد أن هذه الأغلبية هى الأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة 187 من الدستور ممثلة فى أغلبية أعضاء المجلس فى مجموعهم، لا الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم، فان استيفاء الاجراء الخاص لا يكون قد تم على الوجه الذى يتطلبه الدستور، ويؤكد ذلك أن الاقتراع عملا على هذا المشروع قد تم بافتراض انتفاء الأثر الرجعى لمادته الأولى، وهو افتراض يصادم مفهومها، وينقض الأساس الذى تقوم عليه، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.
6 – لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 9 لسنة 1986 المطعون فيه لا يمكن تصور وجودها مستقلة ومنفصلة عن مادته الأولى بالنظر إلى ارتباطهما ارتباطا لا يقبل التجزئة، فانها تسقط تبعا لابطال المادة الأولى مما يستوجب القضاء بعدم دستورية القانون المشار اليه برمته.
الإجراءات
بتاريخ 21 يونية سنة 1987 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم بعدم دستورية القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس، مع ما يترتب على ذلك من اثار.
وطلبت هيئة قضايا الدولة رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة اصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 387 لسنة 1 قضائية أمام محكمة القضاء الادارى بالمنصورة طعنا فى قرار الصادر عن عضو مجلس ادارة هيئة قناة السويس المنتدب رقم 322 لسنة 1976 بتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة لما تضمنه ذلك القرار من مساس بالحق المكتسب للمدعى فى الوظيفة والدرجة المالية بأثر رجعى، وبتاريخ 23 يونية سنة 1983 قضت المحكمة بأحقية المدعى فى طلباته، فطعنت هيئة قناه السويس، فى هذا الحكم طالبة الغاؤه، وقيد الطعن برقم 3384 لسنة 29 ق إدارية عليا، واذ صدر القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس، فقد دفع المدعى أمام المحكمة الادارية العليا بعدم دستورية هذا القانون، وصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن القانون رقم 9 لسنة 1986 تصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس ينص فى مادته الأولى على أنه “مع عدم الاخلال بالأحكام النهائية، تعتبر صحيحة التسويات التى أجرتها هيئة قناة السويس للعاملين بالهيئة الموجودين فى خدمتها فى 31 ديسمبر سنة 1974 متى كانت مطابقة لأحكام قرار مجلس الهيئة الصادر فى هذا الشأن بتاريخ 12 مايو سنة 1976″، كما تنص مادته الثانية على أن “ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره”.
وحيث إن من بين ما ينعاه المدعى على أحكام هذا القانون انطواءه على أثر رجعى، أفصحت عنه مادته الأولى وذلك بتحصينها التسويات التى انقضى عليها زهاء عشر سنين، دون أن يقره مجلس الشعب بالأغلبية الخاصة التى تطلبتها المادة 187 من الدستور بالنسبة للقوانين المتضمنة أثرا رجعيا.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن الأصل فى القانون هو أن يسرى بأثر مباشر على ما يقع بعد نفاذه، فإذا سرى القانون على وقائع تم تكوينها أو على مراكز قانونية اكتملت عناصرها قبل العمل بأحكامه، فإن هذا القانون يكون متضمنا أثرا رجعيا لا يجوز تقريره الا فى المواد غير الحنائية ـ وبعد استيفاء الأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة 187 من الدستور كضمانة أساسية للحد من الرجعية وتوكيدا لخطورتها فى الأعم الأغلب من الأحول ازاء ما تهدره من حقوق وتخل به من استقرار، ويتعين بالتالى أن تصدر القوانين رجعية الأثر عن السلطة التشريعية بأغلبية أعضائها فى مجموعهم، وليس بالأغلبية المعتادة المنصوص عليها فى لمادة 107 من الدستور وهى الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم. إذ كان ذلك، وكانت التسويات التى اعتمدتها المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1986 المشار إليها، هى فى حقيقتها وقائع قانونية اكتمل تكوينها قبل العمل بالقانون المطعون فيه الذى أقرها، اذ أجرتها هيئة قناة السويس اعمالا لقرار صدر عن مجلس ادارتها فى 12 مايو سنة 1976، وهو تاريخ سابق على العمل بأحكام هذا القانون رقم 9 لسنة 1986 المطعون فيه، وكان من المقرر فى مجال تحديد رجعية القانون من عدمها، إن الأمر المعتبر فى هذا التحديد انما يتعلق بتاريخ تحقق الواقعة القانونية التى رتب عليها المشرع أثرا، وكان اسباغ القانون المشار اليه الصحة على التسويات التى تمت فى تاريخ سابق على العمل بأحكامه مؤداه انفاذها جبرا على أطرافها بحكم القانون بأثر ينعطف على الماضى ويرتد الى تاريخ اجرائها، فإن قالة انتفاء الأثر الرجعى لحكم المادة الأولى من القانون المطعون فيه، لا يكون لها محل. كما أنه لا وجه كذلك للاستناد إلى المادة الثانية من القانون المطعون فيه للقول بأن مادته الأولى لا تسرى الا بأثر مباشر، ذلك أن المشرع لم يتدخل بالمادة الأولى من القانون المطعون فيه لتعديل أسس التسوية التى أجرتها هيئة قناة السويس قبل نفاذه، وانما اعتد فى مجال تقريره لصحتها، بحالتها التى نشأت عليها ابتداء بشرط أن يكون مطابقة فى مضمونها لأحكام قرار سابق صدر عن مجلس إدارة الهيئة فى 12 مايو سنة 1976، وبذلك لا يتعلق هذا القانون بغير التسويات التى تمت فى الماضى والتى اكتمل تكوينها قبل العمل بأحكامه، ولا يعدو اضفاء الصحة عليها الا توكيدا لمشروعيتها منذ اجرائها، فجاء بذلك متضمنا أثرا رجعيا، وهى رجعية تكمن مقوماتها فى مادته الأولى ومستفادة بالضرورة من دلالة عبارتها. يؤيد هذا النظر ان مشروع القانون المطعون فيه كان ينص صراحة على الأثر الرجعى لأحكامه حيث تضمنت مادته الثانية آنذاك أن يعمل به اعتبارا من تاريخ العمل بقرار مجلس ادارة هيئة قناة السويس الصادر بتاريخ 12 مايو سنة 1976 غير أن السيد/ وزير شئون مجلسى الشعب والشورى – وعلى ما يبين من مضبطة الجلسة الخمسين لمجلس الشعب المعقودة فى 21 إبريل سنة 1986 – أفصح عن رغبة الحكومة “فى محو شبهة الأثر الرجعى” واقترح – تحقيقا لهذه الغاية – العمل بالقانون اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، وهو اقتراح لم يغير من مضمون المادة الاولى من القانون المطعون فيه، ولا يبدل من حقيقتها ولا ينال من الأغراض التى استهدفتها ممثلة فى إقرار أوضاع وظيفية تمت تسويتها فعلا فى مرحلة سابقة على العمل بهذا القانون.
لما كان ذلك، وكانت المادة 107 من الدستور تنص على أن انعقاد مجلس الشعب لا يكون صحيحا الا بحضور أغلبية أعضائه، ويتخذ المجلس قراراته بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وذلك فى غير الحالات التى تشترط فيها أغلبية خاصة، وكانت المادة 187 من الدستور تنص على أن أحكام القوانين لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز – فى غير المواد الجنائية – النص فى القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب. اذ كان ذلك، وكان الاجراء الذى تطلبه الدستور لاقرار الأثر الرجعى للقانون هو اجراء خاص فرضه استثناء من الأصل المقرر فى هذا الشأن، انطلاقا من خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية، فإن الدليل على استيفاء هذا الاجراء يتعين أن يكون جليا لا يحتمل التأويل ثابتا على وجه قطعى. وإذ كان القانون المطعون فيه – بعد تعديل مشروعه على الوجه السالف بيانه – قد ووفق عليه “بالأغلبية” حسبما تدل على ذلك مضبطة الجلسة الخمسين لمجلس الشعب المعقودة صباح الاثنين الموافق 21 من ابريل سنة 1986، وكانت هذه المضبطة ذاتها قد خلت مما يؤكد أن هذه الأغلبية هى الأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة 187 من الدستور ممثلة فى أغلبية أعضاء المجلس فى مجموعهم لا الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم، فإن استيفاء الاجراء الخاص لا يكون قد تم على الوجه الذى يتطلبه الدستور، ويؤكد ذلك أن الاقتراع على هذا المشروع قد تم بافتراض انتفاء الأثر الرجعى لمادته الأولى وهو افتراض يصادم مفهومها وينقض الأساس الذى تقوم عليه، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.
لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون المطعون فيه لا يمكن تصور وجودها مستقلة ومنفصلة عن مادته الأولى بالنظر إلى ارتباطهما ارتباطا لا يقبل التجزئة، فإنها تسقط تبعا لابطال المادة الأولى مما يستوجب القضاء بعدم دستورية القانون رقم (9) لسنة 1986 المشار اليه برمته.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم (9) لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار محمد ولى الدين جلال الذى سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع مسودة الحكم فقد جلس بدله عند تلاوته السيد المستشار محمد على عبد الواحد.
أصدرت المحكمة بذات الجلسة حكمين مماثلين فى الدعويين رقمى 31، 32 لسنة 9 قضائية “دستورية”.