جلسة 2 يناير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن – رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: منير أمين عبد المجيد ورابح لطفي جمعة وفوزي أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ والدكتور عوض محمد المر وواصل علاء الدين – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة – المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.
قاعدة رقم (9)
القضية رقم 12 لسنة 5 قضائية “دستورية”
1 – حق الملكية “نزع الملكية – التأميم – المصادرة”.
حق الملكية مصون – حظر نزع الملكية الخاصة جبراً عن صاحبها إلا للمنفعة العامة، والتأميم إلا لاعتباره الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض – حظر المصادرة العامة مطلقاً، والخاصة إلا بحكم قضائي.
2 – حق الملكية – تعويض – صحافة.
تقدير التعويض المستحق لأصحاب المنشآت الصحفية المؤممة بقدر قيمتها الحقيقية وفقاً لأحكام القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 – النص في القرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 على تحديد حد أقصى لهذا التعويض ينطوي على اعتداء على الملكية الخاصة بالمخالفة للمادة (34) من الدستور.
3 – المحكمة الدستورية العليا “رقابتها” – ملكية خاصة.
تعرض القانون المطعون بعدم دستوريته للملكية الخاصة التي صانها الدستور بضوابط وقواعد محددة – خضوعه للرقابة الدستورية.
1 – إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور 1923 على النص على مبدأ صون الملكية الخاصة وحرمتها باعتبارها في الأصل ثمرة النشاط الفردي، وحافزه على الانطلاق والتقدم، فضلاً عن إنها مصدر من مصادر الثروة القومية التي يجب تنميتها والحفاظ عليها لتؤدي وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي، ومن أجل ذلك حظرت تلك الدساتير نزع الملكية الخاصة جبراً عن صاحبها إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض وفقاً للقانون (المادة (9) من كل من دستور سنة 1923، ودستور سنة 1930، والمادة (11) من دستور سنة 1956، والمادة (5) من دستور سنة 1958، والمادة (16) من دستور سنة 1964، والمادة (34) من دستور سنة 1971). كما نص الدستور القائم صراحة على حظر التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض (المادة 35)، بل إنه إمعاناً في حماية الملكية الخاصة وصونها من الاعتداء عليها بغير حق حظر هذا الدستور المصادرة العامة حظراً مطلقاً، كما لم يجز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي (المادة 36).
2، 3 – لما كان التعويض المستحق لأصحاب المنشآت الصحفية التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد القومي، إنما يقدر بقدر قيمتها الحقيقية، وفقاً لأحكام القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 أي أنه تعويض مقابل لتلك القيمة ومعادل لها، ومن ثم، وإذ نص القرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 المطعون فيه على تحديد مبلغ 15 ألف جنيه حداً أقصى لهذا التعويض الذي كان قد استحق كاملاً لأصحاب الصحف بصدور القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960، فإنه يكون قد انتقض من هذا التعويض وانطوى بذلك على اعتداء على الملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المدة (34) من الدستور التي تكفل صون هذه الملكية. ولا ينال مما تقدم، ما ذهبت إليه الحكومة من أن تقدير التعويض المستحق لهم يعد من الملائمات التي يستقل بها المشرع، ذلك أن القانون المطعون فيه قد تعرض للملكية الخاصة التي صانها الدستور، ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة الأمر الذي يحتم إخضاعه لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.
الإجراءات
بتاريخ 6 فبراير سنة 1983 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 1411 لسنة 31 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري في 21 ديسمبر سنة 1982 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية القرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 فيما تضمنه من تحديد حد أقصى لما يصرف من تعويض لأصحاب دور الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد القومي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1411 لسنة 31 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا إليهم مبلغ 388182 جنيهاً و933 مليماً قيمة التعويض المستحق لهم عن دار أخبار اليوم وشركاتها وفقاً لما انتهت إليه اللجنة المشكلة تطبيقاً للمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة، ولكن حال دون الحصول على هذا التعويض صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 179 لسنة 1963 الذي قصر حق المدعين في التعويض على مبلغ 15 ألف جنيه مما يعتبر إهداراً لحقوقهم المكتسبة لانطوائه على مصادرة ما جاوز هذا المبلغ، وبجلسة 21 ديسمبر سنة 1982 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف الدعوى، وبإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية القرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 لما تراءى لها في أسباب قرارها من انطواء هذا القرار بقانون على مساس بالملكية ومصادرة على خلاف أحكام الدستور.
وحيث إن القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة وبعد أن قضى في المادة الثالثة على أيلولة ملكية صحف دار أخبار اليوم وبعض دور الصحف الأخرى إلى الإتحاد القومي مع جميع ملحقاتها وما لأصحابها من حقوق وما عليهم من التزامات مقابل تعويضهم بقيمتها مقدرة وفقاً لأحكام القانون، فقد نص في مادتيه التاليتين على كيفية تقدير التعويض وأدائه، فنصت المادة الرابعة على “أن تتولى تقدير التعويض المستحق لأصحاب الصحف لجنة تشكل برئاسة مستشار من محكمة الاستئناف ومن عضوين يختار أحدهما مالك الصحيفة ويختار الاتحاد القومي العضو الآخر ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من رئيس الجمهورية…..” كما نصت المادة الخامسة من القرار بقانون على أن “يؤدى التعويض المشار إليه في المادة السابقة بسندات على الدولة بفائدة سعرها 3 % تستهلك خلال عشرين سنة ويصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيين مواعيد وشروط استهلاك هذه السندات وتداولها”، ويبين من هذه النصوص أن المشرع قضى بأيلولة المنشآت الصحفية المعنية بالقرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 إلى الاتحاد القومي – الذي كان قائماً حينذاك – مقابل تعويض أصحابها بقدر قيمتها مقومة وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القرار دون قيد يحد من التعويض ومداه بالغاً ما بلغ.
وحيث إنه بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1963 صدر القرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 المطعون فيه مستبدلاً بنص المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 سالف الذكر حكماً جديداً يقضي بأن “يعوض أصحاب الصحف المشار إليها في المادة (3) بتعويض إجمالي قدره (15 ألف جنيه) ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك، فيعوض عنها أصحابها بمقدار هذه القيمة، ويؤدى التعويض المشار إليه بسندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4 % سنوياً…..”
وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة 1923 على النص على مبدأ صون الملكية الخاصة وحرمتها باعتبارها في الأصل ثمرة النشاط الفردي، وحافزه على الانطلاق والتقدم فضلاً عن أنها مصدر من مصادر الثروة القومية التي يجب تنميتها والحفاظ عليها لتؤدي وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي، ومن أجل ذلك، حظرت تلك الدساتير نزع الملكية الخاصة جبراً عن صاحبها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون (المادة (9) من كل من دستور سنة 1923، ودستور سنة 1930، والمادة (11) من دستور سنة 1956، والمادة (5) من دستور سنة 1958، والمادة (16) من دستور سنة 1964 والمادة (34) من دستور سنة 1971)، كما نص الدستور القائم صراحة على حظر التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض (المادة 35 )، بل إنه إمعاناً في حماية الملكية الخاصة وصونها من الاعتداء عليها بغير حق حظر هذا الدستور المصادرة العامة حظراً مطلقاً، كما لم يجز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي (المادة 36).
لما كان ذلك، وكان التعويض المستحق لأصحاب المنشآت الصحفية سالفة الذكر إنما يقدر بقدر قيمتها الحقيقة، وفقاً لأحكام القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 المشار إليه أي أنه تعويض مقابل لتلك القيمة ومعادل لها، ومن ثم، وإذ نص القرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 المطعون فيه على تحديد مبلغ 15 ألف جنيه حداً أقصى لهذا التعويض الذي كان قد استحق كاملاً لأصحاب الصحف بصدور القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 فإنه يكون قد انتقص من هذا التعويض وانطوى بذلك على اعتداء على الملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة 34 من الدستور التي تكفل صون هذه الملكية.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم، ما ذهبت إليه الحكومة من أن تقدير التعويض المستحق لأصحاب الصحف التي آلت ملكيتها إلى الاتحاد القومي يعد من الملائمات التي يستقل بها المشرع، ذلك أن القانون المطعون فيه قد تعرض للملكية الخاصة التي صانها الدستور، ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة، الأمر الذي يحتم إخضاعه لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.
وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين الحكم بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 المعدل بالقرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 فيما تضمنه من تقرير حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب الصحف.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة المعدل بالقرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 فيما تضمنه من تقرير حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب الصحف.