الخط الساخن : 01118881009
جلسة 4 إبريل سنة 1987
برئاسة السيد المستشار/ محمد علي بليغ – رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: محمود حمدي عبد العزيز ومنير أمين عبد المجيد وفوزي أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة – المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.
قاعدة رقم (4)
القضية رقم 1 لسنة 8 قضائية “دستورية”
1 – لجان التقويم – قرارات إدارية.
لجان التقويم المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت، قراراتها إدارية وليست قضائية.
2 – حق التقاضي
حق التقاضي مبدأ دستوري أصيل – حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء – أساس ذلك – نص المادة 68 من الدستور وما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضي للأفراد.
3 – حق التقاضي – مبدأ المساواة.
حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها- حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه، وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها، ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة.
4- لجان التقويم – قرارات إدارية – مبدأ المساواة – حق التقاضي.
النص على تحصين قرارات لجان التقويم – وهى قرارات إدارية – من رقابة القضاء ينطوي على مصادرة لحق التقاضي وإخلال بمبدأ المساواة.
1 – أن المشرع لم يسبغ على لجان التقويم المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت ولاية الفصل في خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لإجراءات وضمانات معينة وإنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التي تتخذ شكل شركات مساهمة وتقويم رؤوس أموال المنشآت التي لم تتخذ هذا الشكل لتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذي قد يستحق قانوناً لأصحابها دون أن يفرض على تلك اللجان إخطار ذوي الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم وتقديم أسانيدهم وتحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدره من قرارات إلى غير ذلك من الإجراءات القضائية التي تتحقق بها ضمانات التقاضي، ومن ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية وتعتبر قراراتها إدارية وليست قرارات قضائية.
2 – أن المادة 68 من الدستور تنص على أن “التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي… ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء”. وظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل في عموم المبدأ الأول الذي يقرر حق التقاضي للناس كافة، وذلك رغبة من المشرع الدستوري في توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف في شأن عدم دستورية التشريعات التي تحظر حق الطعن في القرارات. وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضي للأفراد، وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
3 – أن الدساتير السابقة قد تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة كما ورد في الدستور القائم هذا النص في المادة 40 منه. ولما كان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق، مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها – ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.
4 – إن المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 إذ نصت على أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – قرارات نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن، وهي قرارات إدارية، تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضي وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين في هذا الحق مما يخالف المادتين 40 و68 من الدستور.
الإجراءات
بتاريخ أول فبراير سنة 1986 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 1544 لسنة 30 قضائية بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 17 ديسمبر سنة 1985 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية ما نصت عليه المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت من أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فوضت فيها الرأي إلى المحكمة.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1544 لسنة 30 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالبين الحكم بإلغاء قرار لجنة تقويم مضرب أرز……. المؤمم بمقتضى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1962 وذلك بإضافته إلى الجدول رقم 2 المرفق بالقرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 وبعدم الاعتداد بما انتهى إليه هذا التقويم مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذا تراءى للمحكمة عدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت فيما نصت عليه من أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – تكون نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن، لما بدا لها من مخالفتها لنص المادتين 40 و68 من الدستور، فقد قضت بجلسة 17 ديسمبر سنة 1985 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها.
وحيث إن القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص في مادته الأولى على أنه: “يجب أن تتخذ كل من الشركات والمنشآت المبينة في الجدول المرافق لهذا القانون شكل شركة مساهمة عربية وأن تساهم فيها إحدى المؤسسات العامة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بحصة لا تقل عن 50 % من رأس المال”. وفى مادته الثانية على أنه: “على الشركات والمنشآت المشار إليها أن توفق أوضاعها مع أحكام هذا القانون في مهلة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدوره. ويجوز عند الاقتضاء تخفيض حصة كل مساهم أو شريك في رأس المال بمقدار النصف”، قضى في مادته الثالثة بأن: “يحدد قيمة رأس المال على أساس سعر السهم حسب آخر أقفال ببورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون. وإذا لم تكن الأسهم متداولة في البورصة، أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد، على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف، وتصدر كل لجنة قراراتها في مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ صدور قرار تشكيلها، وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن. كما تتولى هذه اللجان تقويم رأس مال المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة…” كما تقضي مادته الرابعة بأن: “تؤدي الحكومة قيمة الحصة التي تساهم بها المؤسسات العامة في رأس مال الشركات والمنشآت المشار إليها بموجب سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة….”
وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن المشرع لم يسبغ على لجان التقويم المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 سالف البيان – ولاية الفصل في خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لإجراءات وضمانات معينة، وإنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التي تتخذ شكل شركات مساهمة وتقويم رؤوس أموال المنشآت التي لم تتخذ هذا الشكل لتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذي قد يستحق قانوناً لأصحابها، دون أن يفرض على تلك اللجان إخطار ذوي الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم وتقديم أسانيدهم وتحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدره من قرارات إلى غير ذلك من الإجراءات القضائية التي تتحقق بها ضمانات التقاضي، ومن ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية وتعتبر قراراتها قرارات إدارية وليست قرارات قضائية.
وحيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن: “التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي…. ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء”. وظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل في عموم المبدأ الأول الذي يقرر حق التقاضي للناس كافة، وذلك رغبة من المشرع الدستوري في توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف في شأن عدم دستورية التشريعات التي تحظر حق الطعن في هذه القرارات. وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضي للأفراد، وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.
وحيث إنه من ناحية أخرى فإن الدساتير سالفة الذكر قد تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء. وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، كما ورد في الدستور القائم هذا النص في المادة 40 منه. ولما كان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق، مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها – ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.
لما كان ذلك، فإن المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 إذ نصت على أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – قرارات نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن، وهي قرارات إدارية – على ما سلف بيانه – تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضي وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين في هذا الحق مما يخالف المادتين 40 و68 من الدستور الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن.
وسوم : حكم دستورية