الخط الساخن : 01118881009

جلسة 6 إبريل سنة 1996

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ محمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدى أنور صابر – أمين السر.

قاعدة رقم (33)
القضية رقم 30 لسنة 16 قضائية “دستورية”

1- تنظيم الحقوق “سلطة تقديرية”.
سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من اطلاقها.
2- حقوق “سلطة تشريعية: تنظيم”.
ما تقره السلطة التشريعية من قواعد قانونية لتنظيم موضوعى معين لا يجوز أن ينقض أو ينتقص من الحقوق التى كفل الدستور أصلها.
3- شركة “إدارتها”.
لمجلس إدارة الشركة السلطة الكاملة – وفيما خلا المسائل التى تدخل فى اختصاص جمعيتها العمومية – التى يصرف بها شئونها.
4- تمييز “منهى عنه”.
كل تمييز لا يتصل بالشروط الموضوعية التى لا يلزم ممارسة العمل فى نطاقها – منهى عنه دستوريا.
5- تمييز “عمال”.
التمييز فى مجال العمل غير مقبول كلما كان حائلاً دون قيام العمال بواجباتهم – بيئة العمل لا يجوز ارهاقها بعوامل تنافى طبيعتها.
6- حقوق الإنسان “عدم عزلها”.
حقوق الإنسان جميعها لا يجوز عزلها عن بعض – من المتعين توافق هذه الحقوق لتتكامل بها الشخصية الإنسانية فى أكثر توجاتها عمقا ونبلا.
7- حرية التعبير “صونها”.
صون حرية التعبير والاجتماع للمواطن يعتبر عازلاً ضد جنوح السلطة وضماناً لفرص أفضل لتطوير مجتمعهم.
8- حقوق مدنية وسياسية “تنفيذها جبراً”.
الأصل فى الحقوق المدنية والسياسية هو اتسامها بإمكان توكيدها قضاءً وإنفاذها جبراً.
9- حقوق اقتصادية واجتماعية “إيفاؤها بالتتابع”.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يستحيل بالنظر إلى طبيعتها صونها لكل الناس فى آن واحد – تحقيقها فى بلد ما مرتبط بأوضاعها وقدراتها ونطاق تقدمها – تدخل الدولة إيجابياً لإيفائها، يكون متتابعاً.
10- حقوق “نشأتها”.
الحقوق جميعاً – ومنها حق العمل – لا تنشأ إلا بتوافر متطلباتها.
11- حقوق “شروط قيامها – مصادرة”.
الشروط التى يفرضها المشرع لقيام الحق لا يكتمل كيانه فى غيبتها – امتناع التعديل فيها بعد نشوء الحق مستجمعا لها – وإلا كان ذلك نقضاً للحق بعد تقريره، سواء كان حقاً شخصياً أو عينياً.
12- حق العمل “آثاره”.
يقتضى حق العمل ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً، فلا يكون العمل قسريا، وامتناع التمييز بين العمال لاعتبار لا يتعلق بقيمة العمل – تقرير حد أدنى لأجورهم – ضمان راحتهم الأسبوعية – ضرورة مساواتهم فى الأجر عن الأعمال عينها.
13- قاعدة الأجر المتكافئ “مواثيق دولية: العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية – الاتفاقية رقم 100 التى أقرها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية” – دساتير مقارنة.
الأجر المتكافئ عن الأعمال ذاتها، يعتبر أصلاً مردداً بالمواثيق الدولية، ومقرراً كذلك بدستور جمهورية الهند والدستور التركى والرومانى والإيطالى وغيرها من الدساتير الوطنية.
14- عمل “شروط موضوعية”.
الشروط الموضوعية وحدها هى التى يعتد بها فى تقدير العمل وتحديد أجره، والأحق بالحصول عليه، وأوضاع ممارسته، والحقوق التى يتصل بها، وأشكال حمايتها ووسائل اقتضائها.
15- دستور – عمل “حق: مؤداه”.
ما قرره الدستور من اعتبار العمل حقاً مؤداه ألا يمنح هذا الحق تفضلاً، وألا يكون تنظيمه مناقضاً لفحواه، وأن يكون جاذباً لقوة العمل – وأن يكون اختياراً حراً.
16- عمل “إرادة – أجر: عدالته” دستور “المادة 13”.
الأصل فى العمل – وطبقاً للدستور – أن يكون إرادياً – عدم فرضه عنوة إلا وفق القانون ولأداء خدمة عامه وبمقابل عادل – عدم انفصال عدالة الأجر عن طبيعة الأعمال التى يؤديها العامل.
17- عمل “أجر مقابل”.
الأجر لا يكون مقابلاً للعمل إلا إذا كان متناسباً مع الأعمال التى أداها العامل – تماثل الأجر المقرر للعمال جميعهم إذا كان عملهم واحداً.
18- تشريع “المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991: تمييز”.
الأعضاء المنتخبون والمعينون وفقاً لهذه المادة يجمعهم مجلس إدارة واحد- يتحملون معاً وبقدر متساوٍ فيما بينهم المسئولية الكاملة عن الأعمال المعهودة إليه – التمييز فيما بينهم فى مجال المكافأة السنوية التى يستحقونها نظير عملهم فيه والمقرر بالنص المشار إليه يهدم مبدأ المساواة أمام القانون.
19- مبدأ المساواة “صور التمييز: قوامها”.
صور التمييز المناقضة لمبدأ المساواة قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التى كفلها الدستور أو القانون – سواء بإنكار أصل وجودها أو انتقاص آثارها.
20- دعوى دستورية “اتصالها بالمحكمة الدستورية العليا – تربص محكمة الموضوع”.
الأصل المقرر أن اتصال الخصومة الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا وفقاً للأوضاع المقررة يعنى دخولها فى حوزتها وهيمنتها عليها – عدم جواز اتخاذ محكمة الموضوع إجراء أو إصدارها حكماً يحول دون الفصل فى المسائل الدستورية التى تثيرها – من المتعين أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا فيها.
21- دعوى دستورية “إجراءات رفعها”.
فيما عدا الأحوال التى تنتفى فيها المصلحة فى الخصومة الدستورية بقضاء من المحكمة الدستورية العليا، وفيما خلا ترك الخصوم فى الدعوى الموضوعية، أو تخلى الخصم عن دفعه بعدم الدستورية، أو عدول محكمة الموضوع عن تقديرها لجدية الدفع لإعمال الآثار المترتبة على قضاء هذه المحكمة فى شأن النصوص المطعون عليها ذاتها – يتعين على محكمة الموضوع الالتزام بقضائها بتقدير جدية الدفع فلا تنحيه.
22- دعوى دستورية “تنحيه الدفع بعدم الدستورية: مؤداه”.
تنحية محكمة الموضوع الدفع بعدم الدستورية بعد تقديرها لجديته ورفع الدعوى الدستورية، يعتبر نكولاً منها عن التقيد بالمادة 175 من الدستور – وتسليطاً لقضاء أدنى على قضاء أعلى وتعطيلاً للضمانة المنصوص عليها فى المادة 68 من الدستور.
23- المحكمة الدستورية العليا “إعاقتها – تحديد ولاية محكمة الموضوع”.
إنفاذاً للدستور يجب ألا تعاق المحكمة الدستورية العليا بقرار محكمة الموضوع عن مباشرة ولايتها – إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع للفصل فى النزاع الذى كان مطروحاً عليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا المتصل به ودون تقيد بالحكم الصادر عنها فيها.
1، 2- إن الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها؛ وكان الدستور إذ يعهد إلى السلطة التشريعية بتنظيم موضوع معين، فإن ما تقره من القواعد القانونية فى شأن هذا الموضوع، لا يجوز أن ينال من الحقوق التى كفل الدستور أصلها، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها، ذلك أن إهدار هذه الحقوق أو تهميشها عدوان على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها. ولا يجوز بالتالى أن يكون تنظيم هذه الحقوق اقتحاماً لفحواها، بل يتعين أن يكون منصفاً ومبرراً.
3- إن الأصل المقرر قانوناً أن لمجلس إدارة الشركة – وفيما خلا المسائل التى تدخل فى اختصاص جمعيتها العامة – السلطة الكاملة التى يهيمن بها على شئونها باعتباره جهة الاختصاص بتصريفها، وكذلك تقرير سياستها العامة، والعمل على تحقيقها بكل الوسائل التى تلتئم مع اغراضها، وتقديراً بأن أعضاء هذا المجلس يتضامنون معاً فى دعم نشاطها والنهوض بها.
4، 5- إن كل تمييز لا يتصل بالشروط الموضوعية التى ينبغى أن يمارس العمل فى نطاقها، يعتبر منهياً عنه دستوريا، سواء انعكس هذا التمييز فى شكل آثار اقتصادية، أم كان مرهقاً لبيئة العمل ذاتها أو ملوثاً لها من خلال صور من التعامل تحيطها، وتتباين أبعادها، إذا كان من شأنها فى مجموعها – وعلى امتداد حلقاتها – الإضرار بقيمة العمل، أو الإخلال بطبيعة الشروط التى يقتضيها. ومن ثم لا يكون التمييز فى مجال العمل مقبولاً، كلما كان حائلاً دون قيام العمال بواجباتهم، سواء من خلال صرفهم عن الأداء الأقوم لها، أو بإثنائهم عن متابعتها، أو حملهم على التخلى عنها بتمامها. بما مؤداه أن بيئة العمل لا يجوز إرهاقها بعوامل تنافى طبيعتها، ولو كان أثرها منحصراً فى الإضرار بمشاعر العاملين وصحتهم النفسية، ذلك أن التحامل فى شروط العمل والأوضاع التى يتصل بها، يعنى عدوانية البيئة التى يمارس فيها أو انحرافها Objectively Hostile or Abusive to Work Environment.
6- من المقرر أن حقوق الإنسان وحرياته التى كفلها الدستور لا تتدرج فيما بينها ليعلو بعضها على بعض، بل يتعين النظر إليها بوصفها قيماً علياً تنتظم حقوقاً لا تنقسم، فلا يجوز تجزئتها، بل يكون ضمانها فى مجموع عناصرها ومكوناتها، لازماً لتطوير الدول لمجتمعاتها وفق قواعد القانون الدولى العام، التى تشكل فى التطور الراهن لهذه الحقوق، كثيراً من ملامحها. ولئن جاز القول بأن لبعض هذه الحقوق – كذلك التى تتعلق بالشخصية القانونية لكل إنسان ، وألا تفرض عليه عقوبة يكون تطبيقها رجعياً أو مُهِيناً، أو كاشفاً عن قسوتها، ولا أن يكون مسخراً لغيره أو مسترقاً – خصائص تكفل ضمانها فى كل الظروف، فلا يجوز تجريد أحد من محتواها، أو إرهاقها بقيود تنال منها، وأنها بصفتها هذه تعتبر مفترضاً أولياً لقيام غيرها من الحقوق، بل ولممارستها فى إطار ملائم، إلا أن حقوق الإنسان جميعها، لا يجوز عزلها عن بعض، ولو كان لبعضها دور أكبر لصلتها الوثقى بوجوده وآدميته. بل يتعين أن تتوافق وتتناغم فيما بينها، للتكامل بها الشخصية الإنسانية فى أكثر توجهاتها عمقاً ونبلاً.
7- إنهاء التمييز على أساس من العنصر أو الجنس أو العرق أو العقيدة، يمكن أن يؤثر بصورة جوهرية فيما تقرره الدولة لمواطنيها من التدابير الاقتصادية والاجتماعية التى تُعيد بها بناء القوة السياسية وتوجيهها. كذلك فإن صون حرية التعبير والاجتماع للمواطنين، يعتبر عازلاً ضد جنوح السلطة وانحرافها، وضماناً لفرص أفضل لتطوير مجتمعهم، ليكون مدنياً نابضاً بالحياة.
8، 9- الأصل فى الحقوق المدنية والسياسية، هو اتسامها بإمكان توكيدها قضاء Justiciable وإنفاذها جبراً Enforceable ذلك أن مجرد امتناع الدولة عن التدخل فى نطاقها دون مقتض. يعتبر كافياً لضمانها، وعليها بالتالى ألا تأتى أفعالاً تعارضها أو تنقضها. وعلى نقيض ذلك، لا يتصور ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلا من خلال تدخل الدولة إيجابياً لتقريرها عن طريق الاعتماد على مواردها الذاتية التى تتيحها قدراتها؛ بما مؤداه، أن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هى التى تناهض الفقر والجوع والمرض، ويستحيل بالنظر إلى طبيعتها صونها لكل الناس فى آن واحد، بل يكون تحقيقها فى بلد ما مرتبطاً بأوضاعها وقدراتها ونطاق تقدمها، وعمق مسئولياتها قبل مواطنيها، وإمكان النهوض بمتطلباتها، فلا تنفذ هذه الحقوق نفاذاً فورياً، بل تنمو وتتطور وفق تدابير تمتد زمناً، وتتصاعد تكلفتها بالنظر إلى مستوياتها وتبعاً لنطاقها، ليكون تدخل الدولة إيجابياً لإيفائها متتابعاً، واقعاً فى أجزاء من إقليمها إذا أعوزتها قدراتها على بسط مظلتها على المواطنين جميعاً. إلا أن دستور جمهورية مصر العربية أعلى من قدر العمل – وهو من الحقوق التى كفلها العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية – إذ اعتبره حقاً وواجباً وشرفاً.
10، 11- إن الحقوق جميعها – ويندرج تحتها حق العمل – لا تنشأ إلا بتوافر متطلباتها، ذلك أن الشروط التى يفرضها المشرع لقيام حق من الحقوق، تعتبر من عناصره، بها ينهض سوياً على قدميه، ولا يتصور وجوده بدونها، ولا أن يكتمل كيانه فى غيبتها. ومن ثم لا تنعزل هذه الشروط عن الحق الذى نشأ مرتبطاً بها، مكتملاً وجوداً بتحققها، بما مؤداه امتناع التعديل فيها بعد نشوء الحق مستجمعاً لها.
12- إن لكل حق أوضاعاً يقتضيها وآثاراً يرتبها، من بينها – فى مجال حق العمل – ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها، منصفاً وإنسانياً ومواتياً Fair, Humane and Favorable Conditions for Work. ويتصل بها ألا يكون العمل قسرياً، وامتناع التمييز بين العمال فى مجال استخدامهم لاعتبار لا يتعلق بقيمة العمل، أو النزول بأجورهم عن حد أدنى يكفيهم لمعاشهم. ويتعين دوماً ضمان راحتهم الاسبوعية، وأن يكون زمن عملهم محدداً، وعجزهم عن العمل مُؤمَّناً وعطلاتهم الرسمية مأجورة، وينبغى بوجه خاص أن يكفل المشرع مساواتهم فى الأجر عن الأعمال عينها، ودونما تمييز Equal Remuneration for Work of Equal Value Without Discrimination.
13- وهذه القاعدة ذاتها، هى التى قررتها المادة 75 من العهد الدولى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وكفلتها كذلك المادة 15 من الميثاق المبرم بين بعض الدول الأفريقية فى شأن حقوق شعوبها، بنصها على أن لكل فرد الحق فى العمل وفقاً لشروط مرضية ومنصفة مع ضمان المساواة فى الأجر عن الأعمال المتماثلة.
وقاعدة الأجر المتكافئ للأعمال ذاتها، هى التى تبنتها الاتفاقية رقم 100 التى أقرها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، والنافذة أحكامها اعتباراً من 23 مايو سنة 1953، ذلك أنها تنص فى مادتيها الثانية والثالثة على أن تتخذ الدول أطرافها، التدابير الملائمة التى تكفل لكل رجل وامرأة أجراً متماثلاً عن الأعمال التى تتكافأ قيمتها، سواء من خلال تشريعاتها، أو عن طريق آلية تنشئها أو تقرها فى مجال تحديد الأجر، أو على ضوء اتفاق جماعى فيما بين العمال وأربابهم، أو بمزج هذه الوسائل جميعها، على أن يكون مفهومها أن تفاوت الأجور فيما بين العمال، لا يناقض مبدأ الأجر المتكافئ عن الأعمال ذاتها، كلما كان ذلك عائداً إلى التقييم الموضوعى للأعمال التى يؤدونها على ضوء متطلباتها، وما يكون لازماً لإنجازها، وليس راجعاً إلى ذكورتهم أو أنوثتهم.
وحيث إن الدساتير الوطنية تؤكد المعانى السابقة وتبلورها. ومن ذلك ما ينص عليه البند د من المادة 39 من دستور جمهورية الهند، من أن تعمل الدولة بوجه خاص على أن تُؤمَن خلال توجيهها لسياستها، أجراً متكافئاً فى شأن الأعمال ذاتها أياً كان القائمون بها؛ وما تنص عليه المادة 36 من الدستور الإيطالي، من أن لكل عامل الحق فى أجر يكون متناسباً مع الأعمال التى يزاولها فى كمها ونوعها، وكافياً لأن يوفر للعمال وعائلاتهم وجوداً حراً كريماً؛ وما ينص عليه البند 4 من المادة 38 من الدستور الروماني، من أن للمرأة أجراً مماثلاً للرجل عن الأعمال عينها؛ وما تنص عليه المادة 95 من الدستور التركى من أن تتخذ الدولة التدابير اللازمة التى تكفل بها حصول العمال على أجر يكون منصفاً ومناسباً للأعمال التى ينجزونها.
14- إن البين من نص المادة 13 من دستور جمهورية مصر العربية، أن العمل – وفى إطار الخصائص التى يقوم عليها باعتباره حقاً وواجباً وشرفاً – مكفول من الدولة سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير.
وإعلاؤها لقدر العمل وارتقاؤها بقيمته، يحملها على تقدير من يمتازون فيه، ليكون التمايز فى أداء العاملين، مدخلاً للمفاضلة بينهم. وهو ما يعنى بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها، هى التى يعتد بها فى تقدير العمل وتحديد أجره، والأحق بالحصول عليه، والأوضاع التى ينبغى أن يمارس فيها، والحقوق التى يتصل بها، وأشكال حمايتها ووسائل اقتضائها، ويندرج تحتها الحق فى ألا يناقض العمل، العقيدة التى يؤمن العامل بها، وألا يكون مُرْهَقاً بشروط يُحْمَل العامل معها على القبول بأجر أقل أو بظروف أسوأ، فلا يكون العمل منتجاً، ولا كافلاً تحقيق الإنسان لذاته، ولا نافياً عن ضمانة الحق فى الحياة واحداً من أهم روافدها، بل عائقاً للتنمية فى أعمق مجالاتها.
15- إن ما نص عليه الدستور من اعتبار العمل حقاً، مؤداه ألا يتقرر هذا الحق إيثاراً وألا يمنح تفضلاً؛ وألا يكون تنظيم هذا الحق مناقضاً لفحواه؛ وألا يكون نوع العمل طارداً لقوة العمل، بل ملائماً جاذباً لها؛ وأن يكون فوق هذا اختيار حراً؛ والطريق إليه محدداً فى إطار شروط موضوعية؛ متوخياً دوماً تطوير أنماط الحياة وتشكيلها فى اتجاه التقدم؛ معززاً ببرامج رائدة تزيد من خبرة العامل وتنميها، وتُعين على تعاون العمال فيما بينهم، وتكفل خلق مناخ ملائم يكون العمل فى إطاره إسهاماً وطنياً وواجباً.
16، 17- إن ما نص عليه الدستور فى الفقرة الثانية من المادة 13 ، من أن العمل لا يجوز أن يفرض جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، وبمقابل عادل، مؤداه أن الأصل فى العمل أن يكون إرادياً قائماً على الاختيار الحر، فلا يفرض عنوة على أحد، إلا أن يكون ذلك وفق القانون – وباعتباره تدبيراً استثنائياً متصلاً بدواعى الخدمة العامة مرتبطاً بمتطلباتها – وبمقابل عادل. وهو ما يعنى أن عدالة الأجر لا تنفصل عن الأعمال التى يؤديها العامل، سواء فى نوعها أو كمها، فلا عمل بلا أجر، ولا يكون الأجر مقابل للعمل إلا بشرطين:
أولهما: أن يكون متناسباً مع الأعمال التى أداها العامل، مقدراً بمراعاة أهميتها وصعوبتها وتعقدها وزمن إنجازها، وغير ذلك من العناصر الواقعية التى يتحدد على ضوئها نطاقها ووزنها.
ثانيهما: أن يكون ضابط التقدير موحداً، فلا تتعدد معايير هذا التقدير بما يباعد بينها وبين الأسس الموضوعية لتحديد الأجر. وهو ما يعنى بالضرورة ألا يكون مقدار الأجر محدداً التواء أو انحرافاً، فلا يمتاز بعض العمال عن بعض إلا بالنظر إلى طبيعة الأعمال التى يؤدونها وأهميتها. فإذا كان عملهم واحداً، فإن الأجر المقرر لجميعهم ينبغى أن يكون متماثلاً، بما مؤداه أن قاعدة التماثل فى الأجر للأعمال ذاتها، تفرضها وتقتضيها موضوعية الشروط التى يتحدد الأجر فى نطاقها.
18، 19 – متى كان ما تقدم، وكان الأعضاء المنتخبون والمعينون وفقاً لنص المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 يجمعهم مجلس إدارة واحد، يباشر مهاماً محددة يتولونها جميعاً، ويتحملون معاً – وبقدر متساوً فيما بينهم – المسئولية الكاملة عنها، وبافتراض أن تحقيق شركتهم لأهدافها، نتاج لجهدهم وتكاتفهم، وثمرة تعاونهم على دعم نشاطها؛ وكان التمييز فيما بينهم فى مجال المكافأة السنوية التى يستحقونها، يناقض التمكين للقيم الأصلية الخلقية والوطنية التى يلتزم مجتمعهم بالتحلى بها والعمل على إرسائها، على ما تنص عليه المادة 12 من الدستور؛ وخل كذلك بما قرره الدستور فى المواد 7، 23، 62، من أن الأجر وفرص العمل وربطها معاً بالإنتاجية، ضمانة جوهرية لزيادة الدخل القومي؛ وأن التمييز فى مجال الاجر دون مقتض، إنما يقوض بنيان الجماعة وينال من التضامن بين أفرادها؛ ولا يكفل إسهاماً جاداً ونافعاً فى الحياة العامة؛ وهو كذلك إهدار للشخصية المتنامية لكل انسان، وللقيم العليا التى ينبغى أن يؤمن بها، ومن ثم يكون التمييز المقرر بالنص المطعون فيه، هادماً لمبدأ المساواة أمام القانون، ذلك أن صور التمييز المقرر بالنص المطعون فيه، هادماً لمبدأ المساواة أمام القانون، ذلك أن صور التمييز التى تناهض هذا المبدأ وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التى كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها.
20، 21، 22- إن البين من الأوراق، أن المحكمة الاستئنافية بعد تقديرها لجدية الدفع المثار من المدعين، وتصريحها لهم باتخاذ إجراءات رفع الدعوى الدستورية، عادت إلى نقض قرارها هذا بعدولها عن تقديرها السابق لجدية الدفع، ثم مضيها فى نظر الدعوى وانتهائها إلى رفضها، وهو ما يعتبر عدواناً من جانبها على الولاية التى أثبتها الدستور للمحكمة الدستورية العليا. ذلك أن الأصل المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن اتصال الخصومة الدستورية بها من خلال رفعها إليها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراء أو تصدر حكماً يحول دون الفصل فى المسائل الدستورية التى تثيرها.
ذلك أن الدفع بعدم الدستورية الذى طرح أمام محكمة الموضوع، كان محركاً للخصومة الدستورية، وعليها بعد تقديرها لجديته، وتعلق المسائل الدستورية التى أثارها بالمحكمة الدستورية العليا، أن تتربص قضاءها فيها باعتباره فاصلاً فى موضوعها، كاشفاً عن النصوص القانونية التى ينبغى تطبيقها فى النزاع الموضوعي، بما مؤداه – أنه فيما عدا الأحوال التى تنتفى فيها المصلحة فى الخصومة الدستورية بقضاء من المحكمة الدستورية العليا، أو التى ينزل فيها خصم عن الحق فى دعواه الموضوعية من خلال تركها وفقاً للقواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات، أو التى يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لها تقدير جديته، أو التى يكون عدول محكمة الموضوع فيها عن تقديرها لجدية دفع بعدم الدستورية، مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن النصوص ذاتها التى قام عليها هذا الدفع سواء بتقرير هذه المحكمة لصحتها أو بطلانها – فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم قضاءها بتقرير جدية الدفع فلا تنحيه، وإلا كان ذلك نكولاً من جانبها عن التقيد بنص المادة 175 من الدستور التى تخول المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح؛ وتسليطاً لقضاء أدنى على قضاء أعلى بما يناقض الأسس الجوهرية التى يقوم التقاضى عليها؛ وتعطيلاً للضمانة المنصوص عليها فى المادة 68 من الدستور وما يتصل بها من حق اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسائل الدستورية التى اختصها الدستور بها، بوصفها قاضيها الطبيعي؛ ولأن القواعد التى ينتظمها الدستور، هى التى يتعين ترجيحها فى النزاع الموضوعي، إذا عارضتها قاعدة قانونية أدنى نزولاً على مبدأ خضوع الدولة للقانون على ما تقضى به المادة 65 من الدستور.
23- متى كان ذلك، وكان إنفاذ نصوص الدستور السابق بيانها، يقتضى ألا تعاق المحكمة الدستورية العليا بقرار من محكمة الموضوع – عن مباشرة ولايتها التى لا يجوز لها أن تتخلى عنها، وإلا كان ذلك منها تحريفاً لاختصاصها، وإهداراً لموقعها من البنيان القانونى للنظام القضائى فى مصر، وتنصلاً من مسئولياتها التى أولاها الدستور أمانتها؛ وكان الحكم الصادر من محكمة الموضوع فى النزاع الماثل، وإن صار نهائياً، إلا أن تعلق الخصومه الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا قبل هذا الحكم ووفقاً لقانونها، والتزامها دستورياً بأن تقول كلمتها فيها، يقتضيها إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لتفصل فى النزاع الذى كان مطروحاً عليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا الراهن، ودون تقيد بالحكم الصادر عنها فى النزاع الموضوعي.


الإجراءات

بتاريخ 31 أغسطس سنة 1994 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية الفقره الخامسة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين، كانوا أعضاء منتخبين بمجلس إدارة شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء خلال الدورة من 22/ 11/ 1991 حتى 21/ 10/ 1995، وتقرر لكل منهم مكافأة سنوية تقل عن تلك التى يحصل عليها الأعضاء المعينون. وقام التمييز بين هاتين الفئتين من النصوص التشريعية ذاتها، ذلك أن قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، وإن نص فى المادة 21 منه على أن يحدد النظام الأساسى للشركة المكافأة السنوية التى يستحقها الأعضاء المعينون بمجلس إدارة الشركة التى تملك رأس مالها بأكمله شركة قابضة بمفردها، أو بالاشتراك مع آخرين، فإن المكافأة السنوية التى يستحقها أعضاء مجلس إدارتها المنتخبون لا تجاوز بحال أجرهم السنوى الأساسي، مما حملهم – وباعتبارهم أعضاء منتخبين – على أن يقيموا الدعوى رقم 25 لسنة 1994 عمال جزئى إسكندرية، التى قضى برفضها، فاستأنفوا حكمها هذا أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بالدعوى رقم 77 لسنة 1994 عمال مستأنف إسكندرية، التى طلبوا فيها إلغاء الحكم المستأنف والحكم لهم بطلباتهم.
وأثناء نظر دعواهم هذه قررت تلك المحكمة – وبجلستها المعقودة فى 2/ 7/ 1994 – تأجيل نظر استئنافهم لجلسة 3/ 9/ 1994 لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، بعد أن دفع محامى المدعين بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام.
وقد أقام المدعون – وتنفيذاً لقرارها – الخصومة الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، إلا أن المحكمة الاستئنافية مضت فى نظر الدعوى التى سبق أن قررت تأجيلها لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية. ثم أصدرت حكمها فيها بجلستها المعقودة فى 30/ 1/ 1995 منتهية إلى عدم جدية الدفع بعدم الدستورية السابق إبداؤه أمامها، ثم إلى قبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، تنص على ما يأتي:
[مع مراعاة أحكام المادة 4 من هذا القانون، يتوى إدارة الشركة التى تملك رأس مالها بأكمله شركة قابضة بمفردها أو بالاشتراك مع شركات قابضة أخرى أو أشخاص عامة أو بنوك القطاع العام، مجلس إدارة يعين لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
……………………..
ويتكون مجلس الإدارة من عدد فردى من الأعضاء لا يقل عن خمسة ولا يزيد على التسعة، بما فيهم رئيس المجلس على النحو التالي:-
أ- رئيس غير متفرغ من ذوى الخبرة، تعينه الجمعية العامة للشركة بناء على ترشيح مجلس إدارة الشركة القابضة.
ب- أعضاء غير متفرغين يعينهم مجلس إدارة الشركة القابضة من ذوى الخبرة يمثلون الجهات المساهمة فى الشركة.
جـ- عدد من الأعضاء مماثل لعدد الأعضاء من ذوى الخبرة يتم انتخابهم من العاملين بالشركة طبقاً لأحكام القانون المنظم لذلك.
د- رئيس اللجنة النقابية……..
وتحدد الجمعية العامة ما يتقاضاه كل من رئيس وأعضاء المجلس المشار إليهم فى البندين أ، ب من الفقرة السابقة من مكافآت العضوية، كما يحدد النظام الأساسى للشركة المكافآة السنوية التى يستحقونها بمراعاة نص المادة 34 من هذا القانون.
وتحدد الجمعية العامة بدل حضور الجلسات الذى يتقاضاه أعضاء المجلس، وما يستحقه أعضاؤه المنتخبون من مكافآة سنوية بما لا يجاوز الأجر السنوى الأساسي].
وحيث إن المدعين ينعون على الفقرة 5 من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، تمييزها فى مجال المكافأة السنوية التى يستحقها أعضاء مجلس إدارة الشركة التابعة لشركة قابضة، بين فئتين من أعضاء هذا المجلس، إذ بينما يحصل الأعضاء المعينون فيه على مكافأة سنوية يحددها النظام الأساسى للشركة دون حد أقصى، فإن المكافأة السنوية التى يستحقها أعضاء مجلس الإدارة المنتخبون عن العمال، لا يجوز أن يزيد حدها الأقصى على الأجر السنوى الأساسى لكل منهم، وبشرط ألا تزيد المكافأة السنوية لهؤلاء وهؤلاء – وعملاً بالمادة 34 من هذا القانون – عن 5% من الربح القابل للتوزيع بعد تخصيص ربح لا يقل عن 5% من رأس المال للمساهمين والعاملين كحصة أولى. وإذ كان هذا التمييز يفتقر إلى الاسس الموضوعية التى يمكن أن يُحْمَل عليها، فإنه يكون منهياً عنه بنص المادة 40 من الدستور.
وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها؛ وكان الدستور إذ يعهد إلى السلطة التشريعية بتنظيم موضوع معين، فإن ما تقره من القواعد القانونية فى شأن هذا الموضوع، لا يجوز أن ينال من الحقوق التى كفل الدستور أصلها، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها، ذلك أن إهدار هذه الحقوق أو تهميشها عدوان على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها. ولا يجوز بالتالى أن يكون تنظيم هذه الحقوق اقتحاماً لفحواها، بل يتعين أن يكون منصفاً ومبرراً.
وحيث إن الأصل المقرر قانوناً أن لمجلس إدارة الشركة – وفيما خلا المسائل التى تدخل فى اختصاص جمعيتها العامة – السلطة الكاملة التى يهيمن بها على شئونها باعتباره جهة الاختصاص بتصريفها، وكذلك تقرير سياستها العامة، والعمل على تحقيقها بكل الوسائل التى تلتئم مع أغراضها، وتقديراً بأن أعضاء هذا المجلس يتضامنون معاً فى دعم نشاطها والنهوض بها.
وحيث إن كل تمييز لا يتصل بالشروط الموضوعية التى ينبغى أن يمارس العمل فى نطاقها، يعتبر منهياً عنه دستورياً، سواء انعكس هذا التمييز فى شكل آثار اقتصادية، أم كان مرهقاً لبيئة العمل ذاتها أو ملوثاً لها من خلال صور من التعامل تحيطها، وتتباين أبعادها، إذا كان من شأنها فى مجموعها – وعلى امتداد حلقاتها – الإضرار بقيمة العمل، أو الإخلال بطبيعة الشروط التى يقتضيها. ومن ثم لا يكون التمييز فى مجال العمل مقبولاً، كلما كان حائلاً دون قيام العمال بواجباتهم، سواء من خلال صرفهم عن الأداء الأقوم لها، أو بإثنائهم عن متابعتها، أو حملهم على التخلى عنها بتمامها. بما مؤداه أن بيئة العمل لا يجوز إرهاقها بعوامل تنافى طبيعتها، ولو كان أثرها منحصراً فى الإضرار بمشاعر العاملين وصحتهم النفسية، ذلك أن التحامل فى شروط العمل والأوضاع التى يتصل بها، يعنى عدوانية البيئة التى يمارس فيها أو انحرافها Objectively Hostile or Abusive to Work Environment..
وحيث إن من المقرر أن حقوق الإنسان وحرياته التى كفلها الدستور لا تتدرج فيما بينها ليعلو بعضها على بعض، بل يتعين النظر إليها بوصفها قيماً عليا تنتظم حقوقاً لا تنقسم، فلا يجوز تجزئتها، بل يكون ضمانها فى مجموع عناصرها ومكوناتها، لازماً لتطوير الدول لمجتمعاتها وفق قواعد القانون الدولى العام، التى تشكل فى التطور الراهن لهذه الحقوق، كثيراً من ملامحها. ولئن جاز القول بأن لبعض هذه الحقوق – كذلك التى تتعلق بالشخصية القانونية لكل إنسان، وألا تفرض عليه عقوبة يكون تطبيقها رجعياً أو مُهِيناً، أو كاشفاً عن قسوتها، ولا أن يكون مسخراً لغيره أو مسترقاً – خصائص تكفل ضمانها فى كل الظروف، فلا يجوز تجريد أحد من محتواها، أو إرهاقها بقيود تنال منها، وأنها بصفتها هذه تعتبر مفترضاً أولياً لقيام غيرها من الحقوق، بل ولممارستها فى إطار ملائم، إلا أن حقوق الإنسان جميعها، لا يجوز عزلها عن بعض، ولو كان لبعضها دور أكبر لصلتها الوثقى بوجوده وآدميته. بل يتعين أن تتوافق وتتناغم فيما بينها، للتكامل بها الشخصية الإنسانية فى أكثر توجهاتها عمقاً ونبلاً.
يؤيد ذلك أن إنهاء التمييز على أساس من العنصر أو الجنس أو العرق أو العقيدة، يمكن أن يؤثر بصورة جوهرية فيما تقرره الدولة لمواطنيها من التدابير الاقتصادية والاجتماعية التى تُعيد بها بناء القوة السياسية وتوجيهها. كذلك فإن صون حرية التعبير والاجتماع للمواطنين، يعتبر عازلاً ضد جنوح السلطة وانحرافها، وضماناً لفرص أفضل لتطوير مجتمعهم، ليكون مدنياً نابضاً بالحياة.
وحيث إن الأصل فى الحقوق المدنية والسياسية، هو اتسامها بإمكان توكيدها قضاء Justiciable وإنفاذها جبراً Enforceable ذلك أن مجرد امتناع الدولة عن التدخل فى نطاقها دون مقتض. يعتبر كافياً لضمانها، وعليها بالتالى ألا تأتى أفعالاً تعارضها أو تنقضها. وعلى نقيض ذلك، لا يتصور ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلا من خلال تدخل الدولة إيجابياً لتقريرها عن طريق الاعتماد على مواردها الذاتية التى تتيحها قدراتها؛ بما مؤداه، أن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هى التى تناهض الفقر والجوع والمرض، ويستحيل بالنظر إلى طبيعتها صونها لكل الناس فى آن واحد، بل يكون تحقيقها فى بلد ما مرتبطاً بأوضاعها وقدراتها ونطاق تقدمها، وعمق مسئولياتها قبل مواطنيها، وإمكان النهوض بمتطلباتها، فلا تنفذ هذه الحقوق نفاذا فوريا، بل تنمو وتتطور وفق تدابير تمتد زمناً، وتتصاعد تكلفتها بالنظر إلى مستوياتها وتبعاً لنطاقها، ليكون تدخل الدولة إيجابياً لإيفائها متتابعاً، واقعاً فى أجزاء من إقليمها إذا أعوزتها قدراتها على بسط مظلتها على المواطنين جميعاً. إلا أن دستور جمهورية مصر العربية أعلى من قدر العمل – وهو من الحقوق التى كفلها العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية – إذ اعتبره حقاً وواجباً وشرفاً.
وحيث إن الحقوق جميعها – ويندرج تحتها حق العمل – لا تنشأ إلا بتوافر متطلباتها، ذلك أن الشروط التى يفرضها المشرع لقيام حق من الحقوق، تعتبر من عناصره، بها ينهض سوياً على قدميه، ولا يتصور وجوده بدونها، ولا أن يكتمل كيانه فى غيبتها.
ومن ثم لا تنعزل هذه الشروط عن الحق الذى نشأ مرتبطاً بها، مكتملاً وجوداً بتحقهها، بما مؤداه امتناع التعديل فيها بعد نشوء الحق مستجمعاً لها، وإلا كان ذلك نقضاً للحق بعد تقريره، على خلاف أحكام الدستور التى تبسط حمايتها على الحقوق جميعها – الشخصية منها والعينية – باعتبار أن لكل منها قيمة مالية لا يجوز الانتقاص منها.
وحيث إن لكل حق أوضاعاً يقضيها وآثاراً يرتبها، من بينها – فى مجال حق العمل – ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها، منصفاً وإنسانياً ومواتياً Fair, Humane and Favorable Conditions for Work. ويتصل بها ألا يكون العمل قسرياً، وامتناع التمييز بين العمال فى مجال استخدامهم لاعتبار لا يتعلق بقيمة العمل، أو النزول بأجورهم عن حد أدنى يكفيهم لمعاشهم. ويتعين دوماً ضمان راحتهم الأسبوعية، وأن يكون زمن عملهم محدداً، وعجزهم عن العمل مُؤمَّناً وعطلاتهم الرسمية مأجورة، وينبغى بوجه خاص أن يكفل المشرع مساواتهم فى الأجر عن الأعمال عينها، ودونما تمييز Equal Remuneration for Work of Equal Value Without Discrimination.
وهذه القاعدة ذاتها، هى التى قررتها المادة 75 من العهد الدولى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وكفلتها كذلك المادة 15 من الميثاق المبرم بين بعض الدول الأفريقية فى شأن حقوق شعوبها، بنصها على أن لكل فرد الحق فى العمل وفقاً لشروط مرضية ومنصفة مع ضمان المساواة فى الأجر عن الأعمال المتماثلة.
وقاعدة الأجر المتكافئ للأعمال ذاتها، هى التى تبنتها الاتفاقية رقم 100 التى أقرها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، والنافذة أحكامها اعتباراً من 23 مايو سنة 1953، ذلك أنها تنص فى مادتيها الثانية والثالثة على أن تتخذ الدول أطرافها، التدابير الملائمة التى تكفل لكل رجل وامرأة أجراً متماثلاً عن الأعمال التى تتكافأ قيمتها، سواء من خلال تشريعاتها، أو عن طريق آلية تنشئها أو تقرها فى مجال تحديد الأجر، أو على ضوء اتفاق جماعى فيما بين العمال وأربابهم، أو بمزج هذه الوسائل جميعها، على أن يكون مفهومها أن تفاوت الأجور فيما بين العمال، لا يناقض مبدأ الأجر المتكافئ عن الأعمال ذاتها، كلما كان ذلك عائداً إلى التقييم الموضوعى للأعمال التى يؤدونها على ضوء متطلباتها، وما يكون لازماً لإنجازها، وليس راجعاً إلى ذكورتهم أو أنوثتهم.
وحيث إن الدساتير الوطنية تؤكد المعانى السابقة وتبلورها. ومن ذلك ما ينص عليه البند د من المادة 39 من دستور جمهورية الهند، من أن تعمل الدولة بوجه خاص على أن تَُؤمَن خلال توجيهها لسياستها، أجراً متكافئاً فى شأن الأعمال ذاتها أياً كان القائمون بها؛ وما تنص عليه المادة 36 من الدستور الإيطالي، من أن لكل عامل الحق فى أجر يكون متناسباً مع الأعمال التى يزاولها فى كمها ونوعها، وكافياً لأن يوفر للعمال وعائلاتهم وجوداً حراً كريماً؛ وما ينص عليه البند 4 من المادة 38 من الدستور الروماني، من أن للمرأة أجراً مماثلاً للرجل عن الأعمال عينها؛ وما تنص عليه المادة 95 من الدستور التركى من أن تتخذ الدولة التدابير اللازمة التى تكفل بها حصول العمال على أجر يكون منصفاً ومناسباً للأعمال التى ينجزونها.
وحيث إن البين من نص المادة 13 من دستور جمهورية مصر العربية، أن العمل – وفى إطار الخصائص التى يقوم عليها باعتباره حقاً وواجباً وشرفاً – مكفول من الدولة سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير.
وإعلاؤها لقدر العمل وارتقاؤها بقيمته، يحملها على تقدير من يمتازون فيه، ليكون التمايز فى أداء العاملين، مدخلاً للمفاضلة بينهم. وهو ما يعنى بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها، هى التى يعتد بها فى تقدير العمل وتحديد أجره، والأحق بالحصول عليه، والأوضاع التى ينبغى أن يمارس فيها، والحقوق التى يتصل بها، وأشكال حمايتها ووسائل اقتضائها، ويندرج تحتها الحق فى ألا يناقض العمل، والعقيدة التى يؤمن العامل بها، وألا يكون مُرْهَقاً بشروط يحمل العامل معها على القبول بأجر أقل أو بظروف أسوأ، فلا يكون العمل منتجاً، ولا كافلاً تحقيق الإنسان لذاته، ولا نافياً عن ضمانة الحق فى الحياة واحداً من أهم روافدها، بل عائقاً للتنمية فى أعمق مجالاتها.
وحيث إن ما نص عليه الدستور من اعتبار العمل حقاً، مؤداه ألا يتقرر هذا الحق إيثاراً وألا يمنح تفضلاً؛ وألا يكون تنظيم هذا الحق مناقضاً لفحواه؛ وألا يكون نوع العمل طارداً لقوة العمل، بل ملائماً جاذباً لها؛ وأن يكون فوق هذا اختيار حراً؛ والطريق إليه محدداً فى إطار شروط موضوعية؛ متوخياً دوماً تطوير أنماط الحياة وتشكيلها فى اتجاه التقدم؛ معززاً ببرامج رائدة تزيد من خبرة العامل وتنميها، وتُعين على تعاون العمال فيما بينهم، وتكفل خلق مناخ ملائم يكون العمل فى إطاره إسهاماً وطنياً وواجباً.
وحيث إن ما نص عليه الدستور فى الفقرة الثانية من المادة 13، من أن العمل لا يجوز أن يفرض جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، وبمقابل عادل، مؤداه أن الأصل فى العمل أن يكون إرادياً قائماً على الاختيار الحر، فلا يفرض عنوة على أحد، إلا أن يكون ذلك وفق القانون – وباعتباره تدبيراً استثنائياً متصلاً بدواعى الخدمة العامة مرتبطاً بمتطلباتها – وبمقابل عادل. وهو ما يعنى أن عدالة الأجر لا تنفصل عن الأعمال التى يؤديها العامل، سواء فى نوعها أو كمها، فلا عمل بلا أجر، ولا يكون الأجر مقابل للعمل إلا بشرطين:
أولهما: أن يكون متناسباً مع الأعمال التى أداها العامل، مقدراً بمراعاة أهميتها وصعوبتها وتعقدها وزمن إنجازها، وغير ذلك من العناصر الواقعية التى يتحدد على ضوئها نطاقها ووزنها.
ثانيهما: أن يكون ضابط التقدير موحداً، فلا تتعدد معايير هذا التقدير بما يباعد بينها وبين الأسس الموضوعية لتحديد الأجر. وهو ما يعنى بالضرورة ألا يكون مقدار الأجر محدداً التواء أو انحرافاً، فلا يمتاز بعض العمال عن بعض إلا بالنظر إلى طبيعة الأعمال التى يؤدونها وأهميتها. فإذا كان عملهم واحداً، فإن الأجر المقرر لجميعهم ينبغى أن يكون متماثلاً، بما مؤداه أن قاعدة التماثل فى الأجر للأعمال ذاتها، تفرضها وتقتضيها موضوعية الشروط التى يتحدد الأجر فى نطاقها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الأعضاء المنتخبون والمعينون وفقاً لنص المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 يجمعهم مجلس إدارة واحد، يباشر مهاماً محددة يتولونها جميعاً، ويتحملون معاً – وبقدر متساوً فيما بينهم – المسؤولية الكاملة عنها، وبافتراض أن تحقيق شركتهم لأهدافها، نتاج لجهدهم وتكاتفهم، وثمرة تعاونهم على دعم نشاطها؛ وكان التمييز فيما بينهم فى مجال المكافأة السنوية التى يستحقونها، يناقض التمكين للقيم الأصلية الخلقية والوطنية التى يلتزم مجتمعهم بالتحلى بها والعمل على إرسائها، على ما تنص عليه المادة 12 من الدستور؛ ويخل كذلك بما قرره الدستور فى المواد 7، 23، 62، من أن الأجر وفرص العمل وربطها معاً بالإنتاجية، ضمانة جوهرية لزيادة الدخل القومي؛ وأن التمييز فى مجال الأجر دون مقتض، إنما يقوض بنيان الجماعة وينال من التضامن بين أفرادها؛ ولا يكفل إسهاماً جاداً ونافعاً فى الحياة العامة؛ وهو كذلك إهدار للشخصية المتنامية لكل إنسان، وللقيم العليا التى ينبغى أن يؤمن بها، ومن ثم يكون التمييز المقرر بالنص المطعون فيه، هادماً لمبدأ المساواة أمام القانون، ذلك أن صور التمييز التى تناهض هذا المبدأ وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التى كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص المطعون فيه يكون مخالفاً لأحكام المواد 7، 12، 13، 23، 40، 62 من الدستور.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم، ما قررته هيئة قضايا الدولة، من أن المنتخبين بمجلس الإدارة يختلفون فى مركزهم القانونى عن المعينين من أعضائه، لتمتعهم دون الأخرين بمزايا تقتصر عليهم سواء فى مجال الأرباح التى يتم توزيعها، أو من خلال مزايا عينية تقدمها إليهم شركتهم فى مجال الإسكان وغيره، مع بقائهم فى الشركة عمالاً بها بعد انتهاء عضويتهم بمجلس إدارتها على خلاف المعينين. ذلك أن المكافأة السنوية التى يستحقها أعضاء مجلس الإدارة المنتخبون، واقعتها المنشئة هى عملهم فيه، ولا شأن لها بالمزايا التى يحصلون عليها من شركتهم بوصفهم من العاملين بها، بل قوامها ذلك الجهد المبذول فى مجلس إدارتها من أجل إدارة شئونها وتصريفها، متكاتفين فى ذلك مع الأعضاء المعينين فى هذه المجلس.
وحيث إن البين من الأوراق، أن المحكمة الاستئنافية بعد تقديرها لجدية الدفع المثار من المدعين، وتصريحها لهم باتخاذ إجراءات رفع الدعوى الدستورية، عادت إلى نقض قرارها هذا بعدولها عن تقديرها السابق لجدية الدفع، ثم مضيها فى نظر دعواهم وانتهائها إلى رفضها، وهو ما يعتبر عدواناً من جانبها على الولاية التى أثبتها الدستور للمحكمة الدستورية العليا. ذلك أن الأصل المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن اتصال الخصومة الدستورية بها من خلال رفعها إليها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراء أو تصدر حكماً يحول دون الفصل فى المسائل الدستورية التى تثيرها.
ذلك أن الدفع بعدم الدستورية الذى طرح أمام محكمة الموضوع، كان محركاً للخصومة الدستورية، وعليها بعد تقديرها لجديته، وتعلق المسائل الدستورية التى أثارها بالمحكمة الدستورية العليا، أن تتربص قضاءها فيها باعتباره فاصلاً فى موضوعها، كاشفاً عن النصوص القانونية التى ينبغى تطبيقها فى النزاع الموضوعي، بما مؤداه – أنه فيما عدا الأحوال التى تنتفى فيها المصلحة فى الخصومة الدستورية بقضاء من المحكمة الدستورية العليا، أو التى ينزل فيها خصم عن الحق فى دعواه الموضوعية من خلال تركها وفقاً للقواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات، أو التى يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لها تقدير جديته، أو التى يكون عدول محكمة الموضوع فيها عن تقديرها لجدية دفع بعدم الدستورية، مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن النصوص ذاتها التى قام عليها هذا الدفع سواء بتقرير هذه المحكمة لصحتها أو بطلانها – فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم قضاءها بتقرير جدية الدفع فلا تنحية، وإلا كان ذلك نكولاً من جانبها عن التقيد بنص المادة 175 من الدستور التى تخول المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح؛ وتسليطاً لقضاء أدنى على قضاء أعلى بما يناقض الأسس الجوهرية التى يقوم التقاضى عليها؛ وتعطيلاً للضمانة المنصوص عليها فى المادة 68 من الدستور وما يتصل بها من حق اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسائل الدستورية التى اختصها الدستور بها، بوصفها قاضيها الطبيعي؛ ولأن القواعد التى ينتظمها الدستور، هى التى يتعين ترجيحها فى النزاع الموضوعي، إذا عارضتها قاعدة قانونية أدنى نزولاً على مبدأ خضوع الدولة للقانون على ما تقضى به المادة 65 من الدستور.
متى كان ذلك، وكان إنفاذ نصوص الدستور السابق بيانها، يقتضى ألا تعاق المحكمة الدستورية العليا بقرار من محكمة الموضوع – عن مباشرة ولايتها التى لا يجوز لها أن تتخلى عنها، وإلا كان ذلك منها تحريفاً لاختصاصها، وإهداراً لموقعها من البنيان القانونى للنظام القضائى فى مصر، وتنصلاً من مسئولياتها التى أولاها الدستور أمانتها؛ وكان الحكم الصادر من محكمة الموضوع فى النزاع الماثل، وإن صار نهائياً، إلا أن تعلق الخصومة الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا قبل هذا الحكم ووفقاً لقانونها، والتزامها دستورياً بأن تقول كلمتها فيها، يقتضيها إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لتفصل فى النزاع الذى كان مطروحاً عليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا الراهن، ودون تقيد بالحكم الصادر عنها فى النزاع الموضوعى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 من تحديد حد أقصى للمكافأة السنوية التى يتقاضاها أعضاء مجلس الادارة المنتخبون، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

xosotin chelseathông tin chuyển nhượngcâu lạc bộ bóng đá arsenalbóng đá atalantabundesligacầu thủ haalandUEFAevertonxosokeonhacaiketquabongdalichthidau7m.newskqbdtysokeobongdabongdalufutebol ao vivofutemaxmulticanaisonbethttps://bsport.fithttps://onbet88.ooohttps://i9bet.bizhttps://hi88.ooohttps://okvip.athttps://f8bet.athttps://fb88.cashhttps://vn88.cashhttps://shbet.atbóng đá world cupbóng đá inter milantin juventusbenzemala ligaclb leicester cityMUman citymessi lionelsalahnapolineymarpsgronaldoserie atottenhamvalenciaAS ROMALeverkusenac milanmbappenapolinewcastleaston villaliverpoolfa cupreal madridpremier leagueAjaxbao bong da247EPLbarcelonabournemouthaff cupasean footballbên lề sân cỏbáo bóng đá mớibóng đá cúp thế giớitin bóng đá ViệtUEFAbáo bóng đá việt namHuyền thoại bóng đágiải ngoại hạng anhSeagametap chi bong da the gioitin bong da lutrận đấu hôm nayviệt nam bóng đátin nong bong daBóng đá nữthể thao 7m24h bóng đábóng đá hôm naythe thao ngoai hang anhtin nhanh bóng đáphòng thay đồ bóng đábóng đá phủikèo nhà cái onbetbóng đá lu 2thông tin phòng thay đồthe thao vuaapp đánh lô đềdudoanxosoxổ số giải đặc biệthôm nay xổ sốkèo đẹp hôm nayketquaxosokq xskqxsmnsoi cầu ba miềnsoi cau thong kesxkt hôm naythế giới xổ sốxổ số 24hxo.soxoso3mienxo so ba mienxoso dac bietxosodientoanxổ số dự đoánvé số chiều xổxoso ket quaxosokienthietxoso kq hôm nayxoso ktxổ số megaxổ số mới nhất hôm nayxoso truc tiepxoso ViệtSX3MIENxs dự đoánxs mien bac hom nayxs miên namxsmientrungxsmn thu 7con số may mắn hôm nayKQXS 3 miền Bắc Trung Nam Nhanhdự đoán xổ số 3 miềndò vé sốdu doan xo so hom nayket qua xo xoket qua xo so.vntrúng thưởng xo sokq xoso trực tiếpket qua xskqxs 247số miền nams0x0 mienbacxosobamien hôm naysố đẹp hôm naysố đẹp trực tuyếnnuôi số đẹpxo so hom quaxoso ketquaxstruc tiep hom nayxổ số kiến thiết trực tiếpxổ số kq hôm nayso xo kq trực tuyenkết quả xổ số miền bắc trực tiếpxo so miền namxổ số miền nam trực tiếptrực tiếp xổ số hôm nayket wa xsKQ XOSOxoso onlinexo so truc tiep hom nayxsttso mien bac trong ngàyKQXS3Msố so mien bacdu doan xo so onlinedu doan cau loxổ số kenokqxs vnKQXOSOKQXS hôm naytrực tiếp kết quả xổ số ba miềncap lo dep nhat hom naysoi cầu chuẩn hôm nayso ket qua xo soXem kết quả xổ số nhanh nhấtSX3MIENXSMB chủ nhậtKQXSMNkết quả mở giải trực tuyếnGiờ vàng chốt số OnlineĐánh Đề Con Gìdò số miền namdò vé số hôm nayso mo so debach thủ lô đẹp nhất hôm naycầu đề hôm naykết quả xổ số kiến thiết toàn quốccau dep 88xsmb rong bach kimket qua xs 2023dự đoán xổ số hàng ngàyBạch thủ đề miền BắcSoi Cầu MB thần tàisoi cau vip 247soi cầu tốtsoi cầu miễn phísoi cau mb vipxsmb hom nayxs vietlottxsmn hôm naycầu lô đẹpthống kê lô kép xổ số miền Bắcquay thử xsmnxổ số thần tàiQuay thử XSMTxổ số chiều nayxo so mien nam hom nayweb đánh lô đề trực tuyến uy tínKQXS hôm nayxsmb ngày hôm nayXSMT chủ nhậtxổ số Power 6/55KQXS A trúng roycao thủ chốt sốbảng xổ số đặc biệtsoi cầu 247 vipsoi cầu wap 666Soi cầu miễn phí 888 VIPSoi Cau Chuan MBđộc thủ desố miền bắcthần tài cho sốKết quả xổ số thần tàiXem trực tiếp xổ sốXIN SỐ THẦN TÀI THỔ ĐỊACầu lô số đẹplô đẹp vip 24hsoi cầu miễn phí 888xổ số kiến thiết chiều nayXSMN thứ 7 hàng tuầnKết quả Xổ số Hồ Chí Minhnhà cái xổ số Việt NamXổ Số Đại PhátXổ số mới nhất Hôm Nayso xo mb hom nayxxmb88quay thu mbXo so Minh ChinhXS Minh Ngọc trực tiếp hôm nayXSMN 88XSTDxs than taixổ số UY TIN NHẤTxs vietlott 88SOI CẦU SIÊU CHUẨNSoiCauVietlô đẹp hôm nay vipket qua so xo hom naykqxsmb 30 ngàydự đoán xổ số 3 miềnSoi cầu 3 càng chuẩn xácbạch thủ lônuoi lo chuanbắt lô chuẩn theo ngàykq xo-solô 3 càngnuôi lô đề siêu vipcầu Lô Xiên XSMBđề về bao nhiêuSoi cầu x3xổ số kiến thiết ngày hôm nayquay thử xsmttruc tiep kết quả sxmntrực tiếp miền bắckết quả xổ số chấm vnbảng xs đặc biệt năm 2023soi cau xsmbxổ số hà nội hôm naysxmtxsmt hôm nayxs truc tiep mbketqua xo so onlinekqxs onlinexo số hôm nayXS3MTin xs hôm nayxsmn thu2XSMN hom nayxổ số miền bắc trực tiếp hôm naySO XOxsmbsxmn hôm nay188betlink188 xo sosoi cầu vip 88lô tô việtsoi lô việtXS247xs ba miềnchốt lô đẹp nhất hôm naychốt số xsmbCHƠI LÔ TÔsoi cau mn hom naychốt lô chuẩndu doan sxmtdự đoán xổ số onlinerồng bạch kim chốt 3 càng miễn phí hôm naythống kê lô gan miền bắcdàn đề lôCầu Kèo Đặc Biệtchốt cầu may mắnkết quả xổ số miền bắc hômSoi cầu vàng 777thẻ bài onlinedu doan mn 888soi cầu miền nam vipsoi cầu mt vipdàn de hôm nay7 cao thủ chốt sốsoi cau mien phi 7777 cao thủ chốt số nức tiếng3 càng miền bắcrồng bạch kim 777dàn de bất bạion newsddxsmn188betw88w88789bettf88sin88suvipsunwintf88five8812betsv88vn88Top 10 nhà cái uy tínsky88iwinlucky88nhacaisin88oxbetm88vn88w88789betiwinf8betrio66rio66lucky88oxbetvn88188bet789betMay-88five88one88sin88bk88xbetoxbetMU88188BETSV88RIO66ONBET88188betM88M88SV88Jun-68Jun-88one88iwinv9betw388OXBETw388w388onbetonbetonbetonbet88onbet88onbet88onbet88onbetonbetonbetonbetqh88mu88Nhà cái uy tínpog79vp777vp777vipbetvipbetuk88uk88typhu88typhu88tk88tk88sm66sm66me88me888live8live8livesm66me88win798livesm66me88win79pog79pog79vp777vp777uk88uk88tk88tk88luck8luck8kingbet86kingbet86k188k188hr99hr99123b8xbetvnvipbetsv66zbettaisunwin-vntyphu88vn138vwinvwinvi68ee881xbetrio66zbetvn138i9betvipfi88clubcf68onbet88ee88typhu88onbetonbetkhuyenmai12bet-moblie12betmoblietaimienphi247vi68clupcf68clupvipbeti9betqh88onb123onbefsoi cầunổ hũbắn cáđá gàđá gàgame bàicasinosoi cầuxóc đĩagame bàigiải mã giấc mơbầu cuaslot gamecasinonổ hủdàn đềBắn cácasinodàn đềnổ hũtài xỉuslot gamecasinobắn cáđá gàgame bàithể thaogame bàisoi cầukqsssoi cầucờ tướngbắn cágame bàixóc đĩa开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育乐鱼体育亚新体育亚新体育亚新体育爱游戏爱游戏爱游戏华体会华体会华体会IM体育IM体育沙巴体育沙巴体育PM体育PM体育AG尊龙AG尊龙AG尊龙AG百家乐AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人<AG真人<皇冠体育皇冠体育PG电子PG电子万博体育万博体育KOK体育KOK体育欧宝体育江南体育江南体育江南体育半岛体育半岛体育半岛体育凯发娱乐凯发娱乐杏彩体育杏彩体育杏彩体育FB体育PM真人PM真人<米乐娱乐米乐娱乐天博体育天博体育开元棋牌开元棋牌j9九游会j9九游会开云体育AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人爱游戏华体会华体会im体育kok体育开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育欧宝体育ob体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育开云体育开云体育棋牌棋牌沙巴体育买球平台新葡京娱乐开云体育mu88qh88