الخط الساخن : 01118881009
جلسة 23 نوفمبر 1996
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض. وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر – أمين السر.
قاعدة رقم (13)
القضية رقم 16 لسنة 16 قضائية “دستورية”
1- دعوى دستورية “المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها”
مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
2- دعوى دستورية “الحكم فيها: حجيته – اعتبار الخصومة منتهية”
قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 18 لسنة 8 قضائية “دستورية” بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981 فيما قررته من تخويل رئيس الجمهورية سلطة تعديل جدول الضريبة المرافق لهذا القانون وبسقوط ما تضمنته هذه الفقرة وكذلك الفقرة الثالثة من تلك المادة من أحكام أخرى – لهذا القضاء حجية مطلقة – اعتبار الخصومة منتهية في دعوى لاحقة بالطعن على النص ذاته.
3- دستور “ضريبة عامة – فرائض مالية: ممايزة”
ممايزة الدستور – بنص المادة 119- بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية – الضريبة العامة لا يفرضها أو يعدلها أو يلغيها إلا القانون – الفرائض المالية الأخرى يكفي لتقريرها أن يكون واقعاً في حدود القانون.
4- تشريع “قرار رئيس الجمهورية رقم 209 لسنة 1990 بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك: بطلانه”.
تعديل رئيس الجمهورية بالقرار المذكور للجدول المرافق لهذا القانون استناداً إلى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية منه التي قضى بعدم دستوريتها: بطلانه بعد أن قام على تفويض مخالف للدستور.
5- تشريع “قرار رئيس الجمهورية رقم 209 لسنة 1990: عوار”
إقرار السلطة التشريعية لهذا القرار، لا يزيل عواره.
1- المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على المحكمة الموضوع؛ إذ كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 209 لسنة 1990 قد عدل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك، مستبدلاً بالبنود الواردة بالمسلسل رقم (10) من هذا الجدول البنود المبينة في الكشف المرفق به، ومستنداً في ذلك إلى الفقرة الثانية من المادة الثانية من ذلك القانون؛ وكان هذا القرار قد طبق خلال فترة نفاذه على المدعي في الدعوى الراهنة، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليه، تتمثل فيما استحق عليه من دين هذه الضريبة التي اتهم بالتهرب من أدائها. إذ كان ذلك، فإن مصلحته في الدعوى الدستورية – وبقدر اتصالها بالطعن على القرار المشار إليه – تكون قائمة.
2- المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بحكمها الصادر في 23/ 2/ 1996 في القضية رقم 18 لسنة 8 قضائية “دستورية” بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981 فيما قررته من تخويل رئيس الجمهورية سلطة تعديل جدول الضريبة المرافق لهذا القانون، وبسقوط ما تضمنته هذه الفقرة وكذلك الفقرة الثالثة من تلك المادة من أحكام أخرى. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية في 17/ 2/ 1996.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه في الدعوى المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة تعتبر قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً أو تعقبياً من أية جهة أياً كان وزنها أو موضوعها، فإن الخصومة في الشق من الدعوى الدستورية الماثلة تكون منتهية، بعد أن حسمتها المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم.
3- الدستور – وفق ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – قد مايز بنص المادة 119، بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها، ذلك أن الضريبة العامة لا يفرضها أو يعدلها أو يلغيها إلا القانون، أما غيرها من الفرائض المالية فيكفي لتقريرها أن يكون واقعاً في حدود القانون، تقديراً من الدستور لخطورة الضريبة العامة بالنظر إلى اتصالها بمصالح القطاع الأعرض من المواطنين، ومن ثم نص الدستور على ضرورة أن يكون القانون مصدراً مباشراً للضريبة العامة، لينظم رابطها محيطاً بها في إطار من قواعد القانون العام، متوخياً تقديراً موضوعياً ومتوازناً لأسس فرضها على ضوء معايير تكفل عدالتها اجتماعياً.
4- قرار رئيس الجمهورية المطعون عليه في النزاع الماثل، لا يعتبر من قبيل اللوائح التنفيذية التي تفصل ما ورد إجمالاً بالقانون، بما ليس فيه تعديل من الأحكام التي انتظمها أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها؛ وكان تعديل رئيس الجمهورية للجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك – استناداً لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون التي قضى بعدم دستوريتها – إنما يحور من بنيان الضريبة التي فرضها القانون ويغير من أحكامها من خلال تعديل نطاقها وقواعد سريانها، فإن القرار المطعون عليه الصادر عن رئيس الجمهورية، يكون باطلاً بعد أن قام محمولاً عن تفويض مخالف للدستور.
5- إقرار السلطة التشريعية للضريبة العامة على الاستهلاك التي فرضها رئيس الجمهورية بمقتضى القرار المطعون فيه – على خلاف أحكام الدستور – لا يزيل عوارها، ولا يحيلها إلى عمل مشروع دستورياً، ولا يدخل تشريعها في عداد القوانين التي تقرها السلطة التشريعية، مقيدة في شأن اقتراحها وإقرارها وإصدارها، بالأحكام المنصوص عليها في الدستور.
الإجراءات
بتاريخ 24 أبريل سنة 1994، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 2 من القانون رقم 133 لسنة 1981، وكذلك أحكام القرار الجمهوري رقم 209 لسنة 1990.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد قدم للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 7264 لسنة 1991 جنح النزهة، بتهمة أنه في يوم 28/ 6/ 90 بدائرة قسم النزهة، تهرب من أداء الضريبة على الاستهلاك المستحقة على الدخان المبين وصفاً وقدراً بالأوراق، وذلك بأن قام بسحبه من أماكن إنتاجه دون سداد الضريبة المستحقة عليه، وطلبت النيابة العامة عقابه بمقتضى المواد 4، 53، 54 مكرراً من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 102 لسنة 1982، وكذلك بالبند رقم 54/ ب 2 من الجدول المرفق بقرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982. وإذ قضت محكمة جنح النزهة بتغريم المدعي مبلغ خمسمائة جنيه والمصادرة مع إلزامه بأن يؤدي لمصلحة الضرائب مبلغ 1236 جنيهاً قيمة الضرائب المستحقة عليه، وتعويضاً يوازي ثلاثة أمثال هذه القيمة، فقد طعن المدعي على هذا الحكم بالاستئناف رقم 5954 لسنة 1993 أمام محكمة الجنح المستأنفة “شمال القاهرة”، ودفع المدعي – أثناء نظر الاستئناف – بعدم دستورية نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981، وكذلك أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 209 لسنة 1990.
وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية، فقد صرحت للمدعي برفع دعواه الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة إبان أجلها المحدد.
وحيث أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع؛ إذ كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 209 لسنة 1990 قد عدل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك، مستبدلاً بالبنود الواردة بالمسلسل رقم (10) من هذا الجدول البنود المبينة في الكشف المرفق به، ومستنداً في ذلك إلى الفقرة الثانية من المادة الثانية من ذلك القانون؛ وكان هذا القرار قد طبق خلال فترة نفاذه على المدعي في الدعوى الراهنة، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليه، تتمثل فيما استحق عليه من دين هذه الضريبة التي اتهم بالتهرب من أدائها. إذ كان ذلك، فإن مصلحته في الدعوى الدستورية – وبقدر اتصالها بالطعن على القرار المشار إليه – تكون قائمة.
وحيث إن المدعي ينعي على الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك وكذلك القرار رقم 209 لسنة 1990 الصادر عن رئيس الجمهورية – إعمالاً لها – بتعديل الجدول المرافق لقانون هذه الضريبة، إنها جميعاً تناقض حكم المادة 119 من الدستور التي تنص على أن إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون, ولا يعفي أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون، بما مؤداه عدم جواز فرضها بقرار من رئيس الجمهورية، ولو أقرتها السلطة التشريعية فيما بعد عند عرضها عليها، ذلك أن هذا الإقرار لا يطهرها مما اعتراها من عوار، ولا يزيل عنها مثالبها الدستورية.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بحكمها الصادر في 23/ 2/ 1996 في القضية رقم 18 لسنة 8 قضائية “دستورية” بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981 فيما قررته من تخويل رئيس الجمهورية سلطة تعديل جدول الضريبة المرافق لهذا القانون، وبسقوط ما تضمنته هذه الفقرة وكذلك الفقرة الثالثة من تلك المادة من أحكام أخرى. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية في 17/ 2/ 1996.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه في الدعوى المتقدمة – إنما يحوز حجية مطلقة تعتبر بذاتها قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً أو تعقبياً من أية جهة أياً كان وزنها أو موضوعها، فإن الخصومة في هذا الشق من الدعوى الدستورية الماثلة تكون منتهية، بعد أن حسمتها المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم.
وحيث إن رئيس الجمهورية، كان مخولاً بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك، إخضاع سلع جديدة لها أو زيادة فئاتها على السلع التي اشتمل عليها الجدول المرافق لقانونها، ومن ثم أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 209 لسنة 1990 بتعديل الجدول المرافق لقانون هذه الضريبة، بأن نص في مادته الأولى على أن “يستبدل بالبنود الواردة بالمسلسل رقم (10) من الجدول المرافق لهذا القانون، البنود المبينة في الكشف المرفق بهذا القرار” ومن بينها السلعة محل التداعي.
وحيث إن الدستور – وفق ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – قد مايز بنص المادة 119، بين الضريبة العامة وبين غيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها، ذلك أن الضريبة العامة لا يفرضها أو يعدلها أو يلغيها إلا القانون، أما – غيرها من الفرائض المالية فيكفي لتقريرها أن يكون واقعاً في حدود القانون، تقديراً من الدستور لخطورة الضريبة العامة بالنظر إلى اتصالها بمصالح القطاع الأعرض من المواطنين، ومن ثم نص الدستور على ضرورة أن يكون القانون مصدراً مباشراً للضريبة العامة، لينظم رابطها محيطاً بها في إطار من قواعد القانون العام متوخياً تقديراً موضوعياً ومتوازناً لأسس فرضها على ضوء معايير تكفل عدالتها اجتماعياً.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية المطعون عليه في النزاع الماثل، لا يعتبر من قبيل اللوائح التنفيذية التي تفصل ما ورد إجمالاً بالقانون، بما ليس فيه تعديل من الأحكام التي انتظمها أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها؛ وكان تعديل رئيس الجمهورية للجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك – استناداً لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون التي قضى بعدم دستوريتها – إنما يحور من بنيان الضريبة التي فرضها القانون وبغير من أحكامها من خلال تعديل نطاقها وقواعد سريانها؛ فإن القرار المطعون عليه الصادر عن رئيس الجمهورية، يكون باطلاً بعد أن قام محمولاً عن تفويض مخالف للدستور.
وحيث إن إقرار السلطة التشريعية للضريبة العامة على الاستهلاك التي فرضها رئيس الجمهورية بمقتضى القرار المطعون فيه – على خلاف أحكام الدستور – لا يزيل عوارها، ولا يحيلها إلى عمل مشروع دستورياً، ولا يدخل تشريعها في عداد القوانين التي تقرها السلطة التشريعية، مقيدة في شأن اقتراحها وإقرارها وإصدارها، بالأحكام المنصوص عليها في الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية رقم 209 لسنة 1990 بتعديل الجدول المرافق لقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة
وسوم : حكم دستورية