الخط الساخن : 01118881009

جلسة 15 مايو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.

قاعدة رقم (27)
القضية رقم 15 لسنة 14 قضائية “دستورية”

1 – دعوى دستورية “المصلحة فيها: مناطها”.
مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، استقلالها دوماً عن مطابقة النص التشريعى المطعون فيه للدستور أو مخالفته له.
2 – دستور – حق التقاضى “كفالته فى الدستور: مقصوده”.
حق التقاضى مكفول بنص صريح فى الدستور كى تكون الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه معززة بوسيلة لحمايتها لضمان فعاليتها.
3 – حق التقاضى “حلقاته: نفاذ ميسر – محاكمة منصفة – الترضية القضائية”.
تمكين كل متقاض من النفاذ إلى القضاء فى يسر دون عوائق إجرائية أو أعباء مالية ثقيلة، نظر الدعوى أمام محكمة لها حيدتها واستقلالها وحصانة لأعضائها ينشئها القانون يتمكن المتقاضى فى كنفها من عرض دعواه وتحقيق دفاعه ومواجهة أدلة خصومه ردا وتعقيبا فى إطار من الفرص المتكافئة، وحق التقاضى لا تكتمل مقوماته ما لم توفر الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل الترضية القضائية التى يسعى اليها لمواجهة الإخلال بالحقوق التى يدعيها.
4 – حق التقاضى “عدم التمايز، عدم المصادرة”.
حق التقاضى فى أصل شرعته حق للناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال اللجوء إليه بما لا يجوز قصر مباشرته على فئة منهم دون أخرى، كما لا يجوز تقييده بعوائق تصل إلى حد مصادرته.
5 – دعوى دستورية “المصلحة فيها – الطبيعة العينية”.
الطبيعة العينية للدعوى الدستورية لا تفيد لزوماً التحلل من شرط المصلحة الشخصية المباشرة فيها.
6 – حق التقاضى – حق الدفاع “حقوق ذاتية – مصالح جماعية”.
حق كل مواطن فى الدفاع عن حقوقه الذاتية لا ينال منه ما هو مقرر من أن لكل نقابة الحق فى تقيم استقلالاً عن أعضائها الدعاوى المتعلقة بالدفاع عن مصالحهم الجماعية.
7 – تشريع “الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممى الفنون التطبيقية”.
انطواء النص المشار إليه على قيدين خطيرين يعصفان بحق عضو النقابة فى الطعن فى انتخاب نقيبها.
8 – تشريع “النص المشار إليه – قيده الأول: نصاب الطعن – مصلحة ذاتية – إخلال”.
إيجاب رفع الطعن فى انتخاب النقيب من مائة عضو على الأقل لا يعتبر تنظيماً لحق النقابة فى الدفاع عن المصالح الجماعية لأعضائها ولا يتوخى تأمين المصالح الذاتية لكل متقاض من بينهم، فلكل عضو مصلحة ذاتية فى ضمان أن يكون النقيب منتخباً وفقا للدستور والقانون، سواء كان مرشحاً لمنصب النقيب أم كان غير منافس له فى الظفر بمقعده. هذه المصلحة كان يلزم أن يضعها المشرع فى اعتباره فى تنظيمه لحق الطعن فى انتخاب النقيب بما لا يعطلها بل عمل على نقيضه، اشتراط تقديم الطعن من مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية يفترض توافق مصالح هؤلاء فى الطعن، وهو افتراض قد لا يظاهره واقع الحال، النص بهذا المضمون ليس إلا إعناتاً يخل بحق كل مواطن فى الالتجاء إلى القضاء.
9 – دستور “المادة 56 منه: الديمقراطية النقابية” – تشريع “النص المشار إليه”.
ما قصد إليه الدستور بالمادة 56 منه، هو ضمان حق أعضاء النقابة فى صياغة أنظمتها وبرامجها وتنظيم إدارتها وأوجه نشاطها واختيار ممثليها فى حرية تامة – النص التشريعى المشار إليه ليس تطبيقاً لهذا المبدأ الدستورى.
10 – تشريع “النص التشريعى المشار إليه – قيده الثانى: التصديق على توقيعات الطاعنين: إرهاق حق التقاضى – تدخل فى عمل القضاء”.
ما فرضه النص المذكور من وجوب التصديق على توقيعات الطاعنين على تقرير الطعن من الجهة المختصة ليس تنظيماً لحق التقاضى بل تعطيلا لدوره، وتدخل من المشرع فى عمل السلطة القضائية.
11 – دستور “المساواة – حق التقاضى” – تشريع “النص المشار إليه”.
النص القانونى المشار إليه بإيراده لهذين القيدين مايز بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية دون مبرر موضوعى، إخلاله بالمادتين 40 و68 من الدستور.
12 – حقوق “سلطة المشرع” – حق التقاضى – تشريع “النص المشار إليه – ميعاد للطعن – تنظيم لحق التقاضى – لا مخالفة”.
الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تحول دون إطلاقها – ليس ثمة تناقض بين حق التقاضى كحق دستورى أصيل وبين تنظيمه تشريعياً بما لا يصل إلى حد إهداره، النص القانونى المشار إليه فيما قرره من ميعاد للطعن فى انتخاب النقيب، لا ينال من ولاية القضاء، ولا يعتبر منطوياً على مصادرة للحق فى الدعوى بما لا مخالفة فيه للدستور.
1 – إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، بما مؤداه أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعتبر متصلاً بالحق فى الدعوى، ومرتبطاً بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظوراً إليها بصفة مجردة. وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة مبلوراً فكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية، محدداً نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومنفصلاً دوماً عن مطابقة النص التشريعى المطعون عليه لأحكام الدستور أو مخالفته لضوابطه، ومستلزماً أبداً أن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية موطئاً للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية. إذ كان ذلك، وكان النزاع فى الدعوى الموضوعية يدور فى جوهره حول صحة أو بطلان انتخاب المدعى عليه الأخير لمنصب نقيب مصممى الفنون التطبيقية – والذى كان المدعى أحد المرشحين له – فإن نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها – فى الدعوى الماثلة – يتحدد على ضوء ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 19 سالفة البيان من أحكام تتعلق بالطعن على انتخاب النقيب، دون أجزائها الأخرى.
2 – إن الدستور – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قد أفرد بابه الرابع للقواعد التى صاغها فى مجال سيادة القانون، وهى قواعد تتكامل فيما بينهما ويندرج تحتها نص المادة 68 التى كفل بها حق التقاضى للناس كافة، دالاً بذلك على أن التزام الدولة بضمان هذا الحق هو فرع من واجبها فى الخضوع للقانون، ومؤكداً بمضمونه جانباً من أبعاد سيادة القانون التى جعلها أساساً للحكم فى الدولة على ما تنص عليه المادتان 64، 65 منه. وإذ كان الدستور قد أقام من استقلال القضاء وحصانته ضمانين أساسيين لحماية الحقوق والحريات، فقد أضحى لازماً – وحق التقاضى هو المدخل إلى هذه الحماية – أن يكون هذا الحق مكفولاً بنص صريح فى الدستور كى لا تكون الحقوق والحريات التى نص عليها مجردة من وسيلة حمايتها، بل معززة بها لضمان فعاليتها.
3 – متى كان الالتزام الملقى على عاتق الدولة وفقاً لنص المادة 68 من الدستور يقتضيها تمكين كل متقاض من النفاذ إلى القضاء نفاذاً ميسراً لا تثقله أعباء مالية، ولا تحول دونه عوائق إجرائية، وكان هذا النفاذ – بما يعنيه من حق كل فرد فى اللجوء إلى القضاء، وإن أبوابه المختلفة غير موصدة فى وجه من يلوذ بها، وأن الطريق إليها معبداً قانوناً – لا يعدو أن يكون حلقة فى حق التقاضى تكملها حلقتان أخريان لا يستقيم بدونهما هذا الحق، ولا يكتمل وجوده فى غيبة إحداهما، ذلك أن قيام الحق فى النفاذ إلى القضاء لا يدل بذاته ولزوماً على أن الفصل فى الحقوق التى تقام الدعوى لطلبها موكول إلى أيد أمينة عليها تتوافر لديها – ووفقاً للنظم المعمول بها أمامها – كل ضمانة تقتضيها إدارة العدالة إدارة فعالة، بما مؤداه أن الحلقة الوسطى فى حق التقاضى هى تلك التى تعكس حيدة المحكمة واستقلالها، وحصانة أعضائها، والأسس الموضوعية لضماناتها العملية، وهى بذلك تكفل بتكاملها المقاييس المعاصرة التى توفر لكل شخص حقاً متكاملاً ومتكافئاً مع غيره، فى محاكمة منصفة وعلنية تقوم عليها محكمة مستقلة محايدة ينشئها القانون، تتولى الفصل – خلال مدة معقولة – فى حقوقه والتزاماته المدنية أو فى التهمة الجنائية الموجهة إليه، ويتمكن من كنفها من عرض دعواه وتحقيق دفاعه ومواجهة أدلة خصومه ردا وتعقيبا فى إطار من الفرص المتكافئة، وبمراعاة أن تشكيل المحكمة، وأسس تنظيمها، وطبيعة القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها فى نطاقها، وكيفية تطبيقها من الناحية العملية، هى التى تحدد لتلك الحلقة الوسطى ملامحها الرئيسية. إذ كان ما تقدم، وكان حق التقاضى لا تكتمل مقوماته أو يبلغ غايته ما لم توفر الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل التسوية التى يعمد من يطلبها إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التى يسعى إليها لمواجهة الاخلال بالحقوق التى يدعيها، فإن هذه الترضية – وبافتراض مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور – تندمج فى الحق فى التقاضى باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه، ولارتباطها بالغاية النهائية المقصودة منه برابطة وثيقة. ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية لا تتمحض عنها فائدة عملية، وإنما غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون، وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها. واندماج هذه الترضية فى الحق فى التقاضى، مؤداه أنها تعتبر من مكوناته، ولا سبيل إلى فصلها عنه، وإلا فقد هذا الحق مغزاه، وآل سرابا.
4، 5، 6 – إن الدستور بما نص عليه فى المادة 68 منه من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، قد دل على أن هذا الحق فى أصل شرعته، هو حق للناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال اللجوء إليه، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية. وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق فى محتواه المقرر دستورياً بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى، أو إجازته فى حالة بذاتها دون سواها، أو إرهاقه بعوائق منافية لطبيعته، لضمان أن يكون النفاذ إليه حقاً لكل من يلوذ به، غير مقيد فى ذلك إلا بالقيود التى يقتضيها تنظيمه، والتى لا يجوز بحال أن تصل فى مداها إلى حد مصادرته. وبذلك يكون الدستور قد كفل الحق فى الدعوى لكل مواطن، وعزز هذا الحق بضماناته التى تحول دون الانتقاص منه، وأقامه أصلاً للدفاع عن مصالحهم الذاتية وصونها من العدوان عليها، وجعل المواطنين سواء فى الارتكان إليه. ولازم ذلك أن غلق أبوابه دون أحدهم إنما ينحل إلى إهداره، ويكرس الإخلال بالحقوق التى يدعيها، وهى بعد حقوق تحركها مصلحته الشخصية المباشرة، ولا تحول دون طلبها الطبيعة العينية للدعوى الدستورية التى تقوم فى جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحزياً لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ذلك أن هذه العينية – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا تفيد لزوماً التحلل فى شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة، أو أن هذا الشرط يعتبر منفكاً عنها غير مرتبط بها. كذلك فإن حق كل مواطن فى الدفاع عن حقوقه الذاتية، لا ينال منه ما هو مقرر من أن لكل نقابة منشأة وفقاً للقانون – وبوصفها شخصاً معنوياً – الحق فى أن تقيم استقلالاً عن أعضائها الدعاوى المتعلقة بالدفاع عن مصالحهم فى مجموعها. ذلك أن المصالح الجماعية التى تحميها النقابة لا تعتبر منصرفة إلى عضو معين من أعضائها، أو متعلقة بفئة من بينهم دون سواها، وإنما مناطها صون الأغراض التى تقوم عليها النقابة وحماية أهدافها. ومن ثم لا تخل هذه المصالح الجماعية بالمصالح الفردية لكل عضو من أعضائه، ولا يجوز أن تحول دونه والدفاع عن مركزه القانونى الخاص أو حقوقه الذاتية التى أثر فيها النص التشريعى المطعون فيه تأثيراً مباشراً.
7 – تضمن النص التشريعى المطعون فيه قيدين خطيرين يعصفان بحق عضو النقابة فى الطعن فى انتخاب نقيبها، أولهما إيجابه أن يكون الطعن فى انتخابه مقدماً من مائة عضو على الأقل من أعضاء النقابة ممن حضروا جمعيتها العمومية. وثانيهما أن يكون الطعن بتقرير مصدق على الإمضاءات الموقع بها عليه من الجهة المختصة وقد قرن المشرع هذين القيدين بجزاء رتبه على تخلف أحدهما أو كليهما، هو اعتبار الطعن غير مقبول “بقوة القانون”.
8 – ما قرره القيد الأول الذى تضمنه النص التشريعى المطعون فيه من أن يقدم الطعن فى انتخاب النقيب من مائة عضو من أعضاء النقابة ممن حضروا جمعيتها العمومية، لا يعتبر تنظيماً لحق النقابة فى الدفاع عن المصالح الجماعية لأعضائها ولا يتوخى من جهة أخرى تأمين المصالح الذاتية لكل متقاض من بينهم يكون هذا النص – بتطبيقه عليه – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور له، ملحقاً به على هذا النحو ضرراً مباشرا. وآية ذلك أن المصالح الجماعية لا تحميها إلا النقابة ذاتها بوصفها شخصاً معنوياً مستقلاً عن أعضائها. كذلك فإن المصالح الذاتية لا يكفلها إلا أصحابها من خلال ضمان حقهم فى اللجوء إلى القضاء، والنفاذ إليه نفاذاً ميسراً لا تثقله أعباء مادية ولا تحول دونه عوائق إجرائية جوهرية. ولا كذلك النص التشريعى المطعون فيه، الذى أهدر المصلحة الذاتية لكل عضو من أعضاء النقابة فى أن يكون نقيبها منتخبا وفقا للدستور والقانون، وفى إطار من قواعدهما، لضمان أن يباشر مهامه مستنداً فى ذلك إلى أغلبية تكون قد أولته ثقتها اطمئناناً إليه، وهى بعد أغلبية تمثل القاعدة الأعرض التى منحته تأييدها وقوفاً إلى جانبه ودفاعاً عن برامجه وتوجهاته التى أدار حملته الانتخابية على ضوئها. ومن ثم تكون شرعية انتخابه انتصافاً للديمقراطية وانحيازاً لجوهرها فى دائرة العمل النقابى، وموطئاً لتحقيق المصالح المشروعة التى تسعى النقابة إلى بلوغها. ويكون لكل عضو من أعضاء النقابة – بالتالى – مصلحة محققة فى إرساء هذه الشرعية تثبيتاً لها، وتعميقاً لمجال تطبيقها، سواء فى ذلك من كان منهم مرشحاً لمنصب النقيب متزاحماً معه فى الفوز به، أم كان غير منافس له فى الظفر بمقعده. وهذه المصلحة الشخصية الذاتية لكل عضو من أعضاء النقابة، هى التى كان يتعين على المشرع أن يدخلها فى اعتباره فى مجال تنظيمه لحق الطعن فى انتخاب نقيبها بما لا يعطلها، ولكنه آثر أن يعمل على نقيضها، وأن يسقطها كلية متجاوزاً عنها. ذلك أن إيجابه أن يكون الطعن مقدماً من مائة عضو على الأقل من أعضاء النقابة ممن حضروا جمعيتها العمومية، يفترض توافق مصالحهم فى الطعن لإبطال انتخاب نقيبها، وأن كلمتهم منعقدة على افتقار فوزه بمنصبه إلى الشرعية فى كامل أبعادها. وهو افتراض قد لا يظاهره واقع الحال. وحقيقة مرماه، بل وغايته النهائية، هى أن يكون الطعن – بالقيود الإجرائية التى أحاطته – أكثر عسراً وأبهظ مشقة. وليس ذلك إلا إعناتاً يخل بما لكل مواطن من حق يتكافأ فيه مع غيره فى اللجوء إلى القضاء، وينحدر بالنفاذ إليه إلى مرتبة الحقوق محدودة الأهمية التى يجوز الانتقاص منها.
9 – لا محاجة فى القول بأن ما تطلبه النص المطعون فيه من أن يكون الطعن مقدماً من مائة عضو من أعضاء النقابة، لا يعدو أن يكون إعمالاً للديمقراطية وتعميقاً لفحواها تطبيقاً للمادة 56 من الدستور التى تنص على أن إنشاء النقابات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون، ذلك أن ما قصد إليه الدستور من ذلك النص هو ضمان حق أعضاء النقابة فى صياغة أنظمتها وبرامجها وتنظيم إدارتها وأوجه نشاطها واختيار ممثليها فى حرية تامة. وتلك هى الديمقراطية النقابية التى تكفل حرية النقاش والحوار فى آفاق مفتوحة تتكافأ الفرص من خلالها وتتعدد معها الآراء وتتباين داخل النقابة الواحدة إثراء لحرية الإبداع والأمل والخيال – وهى أدوات التقدم – ليعكس القرار فيها الحقيقة التى بلورتها الآراء المتعددة من خلال مقابلتها ببعض وقافاً على ما يكون منها زائفاً أو صائباً، منطوياً على مخاطر واضحة أو محققاً لمصلحة مبتغاه، وعلى تقدير أن النتائج الصائبة هى حصيلة الموازنة بين آراء متعددة جرى التعبير عنها فى حرية كاملة، وأنها فى كل حال لا تمثل انتقاء لحلول بذواتها تستقل الأقلية بتقديرها وتفرضها عنوة. كذلك فإن الديمقراطية النقابية فى محتواها المقرر دستورياً لازمها أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصبها المختلفة على تباين مستوياتها وأياً كان موقعها، مرتبطاً بإرادة أعضائها الحرة الواعية، وبمراعاة أن يكون لكل عضو من أعضائها، الفرص ذاتها التى يؤثر بها – متكافئاً فى ذلك مع غيره – فى تشكيل السياسة العامة لنقابته، وبناء تنظيماتها المتعددة، وفاء بأهدافها وضمانا لتقدمها فى مختلف الشئون التى تقوم عليها. وبذلك يتحدد المضمون الحق لنص المادة 56 من الدستور التى لا تكفل الحرية النقابية لفئة بذاتها داخل النقابة الواحدة. ولا تقرر أفضلية لبعض أعضائها على بعض فى أى شأن يتعلق بممارستها. ولا تفرض سيطرة لجماعة من بينهم على غيرها، لضمان أن يظل العمل الوطنى قويماً وجماعياً فى واحد من أدق مجالاته وأكثرها خطراً.
10 – لم يقف النص التشريعى المطعون فيه، فى مجال تقييده لحق الطعن فى انتخاب النقيب عند حد إيجابه أن يكون الطعن مقدماً من عدد لا يقل عن مائة عضو من أعضاء النقابة ممن حضروا جمعيتها العمومية، وإنما جاوز ذلك إلى فرض شرط آخر يتعين بمقتضاه أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن مصدقاً عليها من الجهة المختصة، كاشفاً بذلك عن أن غايته من إيراد هذين القيدين هى إرهاق حق اللجوء إلى القضاء فى هذا النطاق بما قد يصد عن ممارسته. وليس ذلك تنظيماً لحق التقاضى، بل هو تعطيل لدوره، وحد من فعاليته، وتدخل من المشرع فى المهام التى تقوم عليها السلطة القضائية ممثلة فى محاكمها المختلفة التى تتولى الفصل فى الخصومات المعروضة عليها، وتتحقق فى إطار وظيفتها من صفات المتنازعين أمامها إذا بدا لها ما يريبها.
11 – إيراد النص المطعون فيه للشرطين سالفى البيان، مؤداه أن المشرع قد مايز – فى مجال ممارسة حق الطعن القضائى – بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية، دون أن يستند فى هذا التمييز إلى أسس موضوعية، ويكون بذلك قد أخل بالمادتين 40، 68 من الدستور.
12 – ما ينعاه المدعى من أن النص التشريعى المطعون فيه قد أعاق حق التقاضى، وذلك بما قرره من أن يكون الطعن فى انتخاب النقيب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية وإلا كان الطعن غير مقبول – مردود بأن الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تكون حداً لها يحول دون إطلاقها. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضى كحق دستورى أصيل، وبين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره. إذ كان ذلك، وكان النص المطعون فيه – فيما قرره من ميعاد يسقط بفواته الحق فى الطعن فى انتخاب النقيب – لا ينال من ولاية القضاء، ولا يعزل محكمة القضاء الإدارى عن نظر منازعة معينة مما تختص به، وكان هذا الميعاد لا يعدو أن يكون حداً زمنياً لإجراء عمل معين، فإن التقيد به – وباعتباره شكلاً جوهريا فى التقاضى تغيا به المشرع تنظيم الحق فى الطعن بما لا مخالفة فيه للدستور – يكون محققا لمصلحة عامة هدفها تنظيم التداعى فى المسائل التى تناولها النص المطعون فيه خلال الموعد الذى حدده. ولا يعتبر منطوياً بالتالى على مصادرة للحق فى الدعوى، بل يظل هذا الحق قائما متاحا ما بقى ميعاد رفعها مفتوحا.


الاجراءات

بتاريخ 16 من مايو سنة 1992 أودع وكيل المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 84 لسنة 1976 – المعدل بالقانون رقم 8 لسنة 1984 – بإنشاء نقابة مصممى الفنون التطبيقية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان أحد المرشحين لمنصب نقيب مصممى الفنون التطبيقية فى الانتخابات المعقودة لاختياره، وأقام الدعوى رقم 1084 لسنة 45 “قضائية” أمام محكمة القضاء الإدارى طعناً على نتيجتها فيما أسفرت عنه من فوز منافسه المدعى عليه الأخير، طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء انتخابه. وأثناء نظر الدعوى، وإثر دفع من المدعى عليه الأخير بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد، ودون توافر نصابها من المدعين وفق ما قررته الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممى الفنون التطبيقية، دفع المدعى بعدم دستورية نص الفقرة المذكورة، وأقام الدعوى الماثلة بعد أن صرحت له محكمة الموضوع باتخاذ إجراءات رفعها.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون رقم 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممى الفنون التطبيقية المعدل بالقانون رقم 8 لسنة 1984 تجيز لوزير الصناعة الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية أو قراراتها، أو فى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة المكملين، وذلك بتقرير يودع قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بقرارات الجمعية العمومية أو بنتيجة الانتخاب.
أما الفقرة الثانية من المادة المشار إليها – وهى النص التشريعى المطعون فيه – فإنها تنص على ما يأتى:
“كما يجوز لمائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية الطعن أمام المحكمة المذكورة فى تلك القرارات، وفى صحة انعقاد الجمعية، وفى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة المكملين خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية، وذلك بتقرير مسبب ومصدق على الإمضاءات الموقع بها عليه من الجهة المختصة، وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً”.
كما استلزمت الفقرة الثالثة من تلك المادة ان تفضل محكمة القضاء الادارى فى الطعن على وجه الاستعجال فى جلسة غير علنية، وذلك بعد سماع رأى هيئة قضايا الدولة، وأقوال النقيب أو من ينوب عنه، وأحد الأعضاء من مقدمى الطعن أو ممن يمثله. وقضت فقرتها الرابعة بأن يصدر الحكم فى الطعن فى جلسة علنية.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، بما مؤداه أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعتبر متصلاً بالحق فى الدعوى، ومرتبطاً بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظوراً إليها بصفة مجردة. وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة مبلوراً فكرة الخصومة فى الدعوى الدستورية، محدداً نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومنفصلاً دوماً عن مطابقة النص التشريعى المطعون عليه لأحكام الدستور أو مخالفته لضوابطه، ومستلزماً أبداً أن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية موطئاً للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية. إذ كان ذلك، وكان النزاع فى الدعوى الموضوعية يدور فى جوهره حول صحة أو بطلان انتخاب المدعى عليه الأخير لمنصب نقيب مصممى الفنون التطبيقية – والذى كان المدعى أحد المرشحين له – فإن نطاق المسألة الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها – فى الدعوى الماثلة – يتحدد على ضوء ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 19 سالفة البيان من أحكام تتعلق بالطعن على انتخاب النقيب، ولا يمتد إلى أجزائها الأخرى.
وحيث إن المدعى ينعى على النص التشريعى المطعون فيه تعويقة لحق التقاضى، وإخلاله بمبدأ المساواة أمام القانون فيما اشترطه من نصاب للطعن على انتخاب النقيب، وتصديق على الإمضاءات الموقع بها على التقرير به، وتقريره ميعاداً أقل من الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء.
وحيث إن النعى سديد فى جوهره، ذلك أن الدستور – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قد أفرد بابه الرابع للقواعد التى صاغها فى مجال سيادة القانون، وهى قواعد تتكامل فيما بينهما ويندرج تحتها نص المادة 68 التى كفل بها حق التقاضى للناس كافة، دالاً بذلك على أن التزام الدولة بضمان هذا الحق هو فرع من واجبها فى الخضوع للقانون، ومؤكداً بمضمونه جانباً من أبعاد سيادة القانون التى جعلها أساساً للحكم فى الدولة على ما تنص عليه المادتان 64، 65 منه. وإذ كان الدستور قد أقام من استقلال القضاء وحصانته ضمانين أساسيين لحماية الحقوق الحريات، فقد أضحى لازماً – وحق التقاضى هو المدخل إلى هذه الحماية – أن يكون هذا الحق مكفولاً بنص صريح فى الدستور كى لا تكون الحقوق والحريات التى نص عليها مجردة من وسيلة حمايتها، بل معززة بها لضمان فعاليتها.
وحيث إنه إذ كان ذلك، وكان الالتزام الملقى على عاتق الدولة وفقاً لنص المادة 68 من الدستور يقتضيها تمكين كل متقاض من النفاذ إلى القضاء نفاذاً ميسراً لا تثقله أعباء مالية، ولا تحول دونه عوائق إجرائية، وكان هذا النفاذ – بما يعنيه من حق كل فرد فى اللجوء إلى القضاء، وإن أبوابه المختلفة غير موصدة فى وجه من يلوذ بها، وأن الطريق إليها معبداً قانوناً – لا يعدو أن يكون حلقة فى حق التقاضى تكملها حلقتان أخريان لا يستقيم بدونهما هذا الحق، ولا يكتمل وجوده فى غيبة إحداهما. ذلك أن قيام الحق فى النفاذ إلى القضاء لا يدل بذاته ولزوماً على أن الفصل فى الحقوق التى تقام الدعوى لطلبها موكول إلى أيد أمينة عليها تتوافر لديها – ووفقاً للنظم المعمول بها أمامها – كل ضمانة تقتضيها إدارة العدالة إدارة فعالة، بما مؤداه أن الحلقة الوسطى فى حق التقاضى هى تلك التى تعكس حيدة المحكمة واستقلالها، وحصانة أعضائها، والأسس الموضوعية لضماناتها العملية، وهى بذلك تكفل بتكاملها المقاييس المعاصرة التى توفر لكل شخص حقاً متكاملاً ومتكافئاً مع غيره، فى محاكمة منصفة وعلنية تقوم عليها محكمة مستقلة محايدة ينشئها القانون، تتولى الفصل – خلال مدة معقولة – فى حقوقه والتزاماته المدنية أو فى التهمة الجنائية الموجهة إليه، ويتمكن من كنفها من عرض دعواه وتحقيق دفاعه ومواجهة أدلة خصومه ردا وتعقيبا فى إطار من الفرص المتكافئة، وبمراعاة أن تشكيل المحكمة، وأسس تنظيمها، وطبيعة القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها فى نطاقها، وكيفية تطبيقها من الناحية العملية، هى التى تحدد لتلك الحلقة الوسطى ملامحها الرئيسية. إذ كان ما تقدم، وكان حق التقاضى لا تكتمل مقوماته أو يبلغ غايته ما لم توفر الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل التسوية التى يعمد من يطلبها إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التى يسعى إليها لمواجهة الإخلال بالحقوق التى يدعيها، فإن هذه الترضية – وبافتراض مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور – تندمج فى الحق فى التقاضى باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه، ولارتباطها بالغاية النهائية المقصودة منه برابطة وثيقة. ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية لا تتمحض عنها فائدة عملية، وإنما غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون، وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها. واندماج هذه الترضية فى الحق فى التقاضى، مؤداه أنها تعتبر من مكوناته، ولا سبيل إلى فصلها عنه، وإلا فقد هذا الحق مغزاه وآل سراباً.
وحيث إن الدستور بما نص عليه فى المادة 68 منه من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، قد دل على أن هذا الحق فى أصل شرعته، هو حق للناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال اللجوء إليه، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية. وقد حرص الدستور على ضمان أعمال هذا الحق فى محتواه المقرر دستورياً بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى، أو إجازته فى حالة بذاتها دون سواها، أو إرهاقه بعوائق منافية لطبيعته، لضمان أن يكون النفاذ إليه حقاً لكل من يلوذ به، غير مقيد فى ذلك إلا بالقيود التى يقتضيها تنظيمه، والتى لا يجوز بحال أن تصل فى مداها إلى حد مصادرته. وبذلك يكون الدستور قد كفل الحق فى الدعوى لكل مواطن، وعزز هذا الحق بضماناته التى تحول دون الانتقاص منه، وأقامه أصلاً للدفاع عن مصالحهم الذاتية وصونها من العدوان عليها، وجعل المواطنين سواء فى الارتكان إليه، بما مؤداه أن غلق أبوابه دون أحدهم إنما ينحل إلى إهداره، ويكرس الإخلال بالحقوق التى يدعيها. وهى بعد حقوق تحركها مصلحته الشخصية المباشرة، ولا تحول دون طلبها الطبيعة العينية للدعوى الدستورية التى تقوم فى جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، ذلك أن هذه العينية – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا تفيد لزوماً التحلل فى شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة، أو أن هذا الشرط يعتبر منفكاً عنها غير مرتبط بها. كذلك فإن حق كل مواطن فى الدفاع عن حقوقه الذاتية، لا ينال منه ما هو مقرر من أن لكل نقابة منشأة وفقاً للقانون – وبوصفها شخصاً معنوياً – الحق فى أن تقيم استقلالاً عن أعضائها الدعاوى المتعلقة بالدفاع عن مصالحهم فى مجموعها. ذلك أن المصالح الجماعية التى تحميها النقابة لا تعتبر منصرفة إلى عضو معين من أعضائها، أو متعلقة بفئة من بينهم دون سواها، وإنما مناطها صون الأغراض التى تقوم عليها النقابة وحماية أهدافها. ومن ثم لا تخل هذه المصالح الجماعية بالمصالح الفردية لكل عضو من أعضائها. ولا يجوز أن تحول دونه والدفاع عن مركزه القانونى الخاص أو حقوقه الذاتية والتى أثر فيها النص التشريعى المطعون فيه تأثيراً مباشراً.
وحيث إن النص التشريعى المطعون فيه قد تضمن قيدين خطيرين يعصفان بحق عضو النقابة فى الطعن فى انتخاب نقيبها، أولهما إيجابه أن يكون الطعن فى انتخابه مقدماً من مائة عضو على الأقل من أعضاء النقابة ممن حضروا جمعيتها العمومية، وثانيهما أن يكون الطعن بتقرير مصدق على الإمضاءات الموقع بها عليه من الجهة المختصة وقد قرن المشرع هذين القيدين بجزاء رتبه على تخلف أحدهما أو كليهما، هو اعتبار الطعن غير مقبول “بقوة القانون”.
وحيث إنه عن القيد الأول الذى تضمنه النص التشريعى المطعون فيه، فإن حقيقة الأمر فيه أنه لا يعتبر تنظيماً لحق النقابة فى الدفاع عن المصالح الجماعية لأعضائها. ولا يتوخى من جهة أخرى تأمين المصالح الذاتية لكل متقاض من بينهم يكون هذا النص – بتطبيقه عليه – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور له، ملحقاً به على هذا النحو ضرراً مباشراً. وآية ذلك أن المصالح الجماعية لا تحميها إلا النقابة ذاتها بوصفها شخصا معنويا مستقلا عن أعضائها. كذلك فإن المصالح الذاتية لا يكفلها إلا أصحابها من خلال ضمان حقهم فى اللجوء إلى القضاء، والنفاذ إليه نفاذاً ميسرا لا تثقله أعباء مادية ولا تحول دونه عوائق إجرائية جوهرية. ولا كذلك النص التشريعى المطعون فيه، إذ أهدر المصلحة الذاتية لكل عضو من أعضاء النقابة فى ضمان أن يكون النقيب منتخباً وفقاً للدستور والقانون، وفى إطار من قواعدهما، لضمان أن يباشر مهامه مستنداً فى ذلك إلى أغلبية تكون قد أولته ثقتها اطمئناناً إليه. وهى فى كل حال أغلبية تمثل القاعدة الأعرض التى منحته تأييدها وقوفاً إلى جانبه ودفاعاً عن برامجه وتوجهاته التى أدار حملته الانتخابية على ضوئها. ومن ثم تكون شرعية انتخابه انتصافاً للديمقراطية وانحيازاً لجوهرها فى دائرة العمل النقابى، وموطئاً لتحقيق المصالح المشروعة التى تسعى النقابة إلى بلوغه، بما مؤداه أن لكل عضو من أعضاء النقابة مصلحة محققة فى إرساء هذه الشرعية تثبيتاً لها، وتعميقاً لمجال تطبيقها، سواء فى ذلك من كان منهم مرشحاً لمنصب النقيب متزاحماً معه فى الفوز به، أم كان غير منافس له فى الظفر بمقعده. وهذه المصلحة الشخصية الذاتية لكل عضو من أعضاء النقابة، هى التى كان يتعين على المشرع أن يدخلها فى اعتباره فى مجال تنظيمه لحق الطعن فى انتخاب نقيبها بما لا يعطلها، ولكنه آثر أن يعمل على نقيضها، وأن يسقطها كلية متجاوزاً عنه، ذلك أن إيجابه أن يكون الطعن مقدماً من مائة عضو على الأقل من أعضاء النقابة ممن حضروا جمعيتها العمومية، يفترض توافق مصالحهم فى الطعن لإبطال انتخاب نقيبها، وأن كلمتهم منعقدة على افتقار فوزه بمنصبه إلى الشرعية فى كامل أبعاده، وهو افتراض قد لا يظاهره واقع الحال. وحقيقة مرماه، بل وغايته النهائية، هى أن يكون الطعن بالقيود الإجرائية التى أحاطته أكثر عسرا وأبهظ مشقة. وليس ذلك إلا إعناتاً يخل بما لكل مواطن من حق يتكافأ فيه مع غيره فى اللجوء إلى القضاء، وينحدر بالنفاذ إليه إلى مرتبة الحقوق محدودة الأهمية التى يجوز الانتقاص منها.
ولا ينال مما تقدم، قالة أن ما تطلبه النص المطعون فيه من أن يكون الطعن مقدماً من مائة عضو من أعضاء النقابة، لا يعدو أن يكون إعمالاً للديمقراطية وتعميقاً لفحواها تطبيقاً للمادة 56 من الدستور التى تنص على أن إنشاء النقابات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون، ذلك أن ما قصد إليه الدستور من ذلك النص هو ضمان حق أعضاء النقابة فى صياغة أنظمتها وبرامجها وتنظيم إدارتها وأوجه نشاطها واختيار ممثليها فى حرية تامة. وتلك هى الديمقراطية النقابية التى تكفل حرية النقاش والحوار فى آفاق مفتوحة تتكافأ الفرص من خلالها وتتعدد معها الآراء وتتباين داخل النقابة الواحدة إثراء لحرية الإبداع والأمل والخيال – وهى أدوات التقدم – ليعكس القرار فيها الحقيقة التى بلورتها الآراء المتعددة من خلال مقابلتها ببعض وقوفاً على ما يكون منها زائفاً أو صائباً، منطوياً على مخاطر واضحة أو محققاً لمصلحة مبتغاه، وعلى تقدير أن النتائج الصائبة هى حصيلة الموازنة بين آراء متعددة جرى التعبير عنها فى حرية كاملة، وأنها فى كل حال لا تمثل انتقاء لحلول بذواتها تستقل الأقلية بتقديرها عنوة. كذلك فإن الديمقراطية النقابية فى محتواها المقرر دستورياً لازمها أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصيها المختلفة – على تباين مستوياتها وأياً كان موقعها – مرتبطاً بإرادة أعضائها الحرة الواعية، وبمراعاة أن يكون لكل عضو من أعضائها الفرص ذاتها التى يؤثر بها – متكافئاً فى ذلك مع غيره – فى تشكيل السياسة العامة لنقابته، وبناء تنظيماتها المتعددة، وفاء بأهدافه، وضماناً لتقدمها فى مختلف الشئون التى تقوم عليها. وبذلك يتحدد المضمون الحق لنص المادة 56 من الدستور التى لا تكفل الحرية النقابية لفئة بذاتها داخل النقابة الواحدة ولا تقرر أفضلية لبعض أعضائها على بعض فى أى شأن يتعلق بممارستها ولا تفرض سيطرة لجماعة من بينهم على غيرها، لضمان أن يظل العمل الوطنى قويماً وجماعياً فى واحد من أدق مجالاته وأكثرها خطراً.
وحيث إن النص التشريعى المطعون فيه لم يقف فى مجال تقييده لحق الطعن فى انتخاب النقيب عند حد إيجابه أن يكون الطعن مقدماً من عدد لا يقل عن مائة عضو من أعضاء النقابة ممن حضروا جمعيتها العمومية، وإنما جاوز ذلك إلى فرض شرط آخر يتعين بمقتضاه أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن مصدقاً عليها من الجهة المختصة، كاشفاً بذلك عن أن غايته من إيراد هذين القيدين هى إرهاق حق اللجوء إلى القضاء فى هذا النطاق بما قد يصد عن ممارسته. وليس ذلك تنظيماً لحق التقاضى بل هو تعطيل لدوره وحد من فعاليته، وتدخل من المشرع فى المهام التى تقوم عليها السلطة القضائية ممثلة فى محاكمها المختلفة التى تتولى الفصل فى الخصومات المعروضة عليها، وتتحقق فى إطار وظيفتها من صفات المتنازعين أمامها إذا بدا لها ما يريبها.
وحيث إنه إذ كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه بإيراده لهذين الشرطين قد مايز – فى مجال ممارسة حق الطعن القضائى – بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية، دون أن يستند فى هذا التمييز إلى أسس موضوعية، ويكون بذلك قد أخل بالمادتين 40 و68 من الدستور.
وحيث إن المدعى ينعى كذلك على النص التشريعى المطعون فيه إعاقته حق التقاضى، وبذلك بما قرره هذا النص من أن يكون الطعن فى انتخاب النقيب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية وإلا كان الطعن غير مقبول.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تكون حداً لها يحول دون إطلاقها. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضى كحق دستورى أصيل، وبين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره. إذ كان ذلك، وكان النص المطعون فيه – فيما قرره من ميعاد يسقط فواته الحق فى الطعن فى انتخاب النقيب – لا ينال من ولاية القضاء. ولا يعزل محكمة القضاء الإدارى عن نظر منازعة معينة مما تختص به، وكان هذا الميعاد لا يعدو أن يكون حداً زمنياً لإجراء عمل معين، فإن التقيد به – وباعتباره شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع تنظيم الحق فى الطعن بما لا مخالفة فيه للدستور – يكون محققا لمصلحة عامة هدفها تنظيم التداعى فى المسائل التى تناولها النص المطعون فيه خلال الموعد الذى حدده. ولا يعتبر منطويا بالتالى على مصادرة للحق فى الدعوى، بل يظل هذا الحق قائما متاحا ما بقى ميعاد رفعها مفتوحا.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممى الفنون التطبيقية وذلك فيما تضمنه من رفع الطعن فى انتخاب النقيب من مائة عضو على الأقل، ممن حضورا الجمعية العمومية، مصدق على الامضاءات الموقع بها على التقرير به من الجهة المختصة، مع إلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

xosotin chelseathông tin chuyển nhượngcâu lạc bộ bóng đá arsenalbóng đá atalantabundesligacầu thủ haalandUEFAevertonxosokeonhacaiketquabongdalichthidau7m.newskqbdtysokeobongdabongdalufutebol ao vivofutemaxmulticanaisonbethttps://bsport.fithttps://onbet88.ooohttps://i9bet.bizhttps://hi88.ooohttps://okvip.athttps://f8bet.athttps://fb88.cashhttps://vn88.cashhttps://shbet.atbóng đá world cupbóng đá inter milantin juventusbenzemala ligaclb leicester cityMUman citymessi lionelsalahnapolineymarpsgronaldoserie atottenhamvalenciaAS ROMALeverkusenac milanmbappenapolinewcastleaston villaliverpoolfa cupreal madridpremier leagueAjaxbao bong da247EPLbarcelonabournemouthaff cupasean footballbên lề sân cỏbáo bóng đá mớibóng đá cúp thế giớitin bóng đá ViệtUEFAbáo bóng đá việt namHuyền thoại bóng đágiải ngoại hạng anhSeagametap chi bong da the gioitin bong da lutrận đấu hôm nayviệt nam bóng đátin nong bong daBóng đá nữthể thao 7m24h bóng đábóng đá hôm naythe thao ngoai hang anhtin nhanh bóng đáphòng thay đồ bóng đábóng đá phủikèo nhà cái onbetbóng đá lu 2thông tin phòng thay đồthe thao vuaapp đánh lô đềdudoanxosoxổ số giải đặc biệthôm nay xổ sốkèo đẹp hôm nayketquaxosokq xskqxsmnsoi cầu ba miềnsoi cau thong kesxkt hôm naythế giới xổ sốxổ số 24hxo.soxoso3mienxo so ba mienxoso dac bietxosodientoanxổ số dự đoánvé số chiều xổxoso ket quaxosokienthietxoso kq hôm nayxoso ktxổ số megaxổ số mới nhất hôm nayxoso truc tiepxoso ViệtSX3MIENxs dự đoánxs mien bac hom nayxs miên namxsmientrungxsmn thu 7con số may mắn hôm nayKQXS 3 miền Bắc Trung Nam Nhanhdự đoán xổ số 3 miềndò vé sốdu doan xo so hom nayket qua xo xoket qua xo so.vntrúng thưởng xo sokq xoso trực tiếpket qua xskqxs 247số miền nams0x0 mienbacxosobamien hôm naysố đẹp hôm naysố đẹp trực tuyếnnuôi số đẹpxo so hom quaxoso ketquaxstruc tiep hom nayxổ số kiến thiết trực tiếpxổ số kq hôm nayso xo kq trực tuyenkết quả xổ số miền bắc trực tiếpxo so miền namxổ số miền nam trực tiếptrực tiếp xổ số hôm nayket wa xsKQ XOSOxoso onlinexo so truc tiep hom nayxsttso mien bac trong ngàyKQXS3Msố so mien bacdu doan xo so onlinedu doan cau loxổ số kenokqxs vnKQXOSOKQXS hôm naytrực tiếp kết quả xổ số ba miềncap lo dep nhat hom naysoi cầu chuẩn hôm nayso ket qua xo soXem kết quả xổ số nhanh nhấtSX3MIENXSMB chủ nhậtKQXSMNkết quả mở giải trực tuyếnGiờ vàng chốt số OnlineĐánh Đề Con Gìdò số miền namdò vé số hôm nayso mo so debach thủ lô đẹp nhất hôm naycầu đề hôm naykết quả xổ số kiến thiết toàn quốccau dep 88xsmb rong bach kimket qua xs 2023dự đoán xổ số hàng ngàyBạch thủ đề miền BắcSoi Cầu MB thần tàisoi cau vip 247soi cầu tốtsoi cầu miễn phísoi cau mb vipxsmb hom nayxs vietlottxsmn hôm naycầu lô đẹpthống kê lô kép xổ số miền Bắcquay thử xsmnxổ số thần tàiQuay thử XSMTxổ số chiều nayxo so mien nam hom nayweb đánh lô đề trực tuyến uy tínKQXS hôm nayxsmb ngày hôm nayXSMT chủ nhậtxổ số Power 6/55KQXS A trúng roycao thủ chốt sốbảng xổ số đặc biệtsoi cầu 247 vipsoi cầu wap 666Soi cầu miễn phí 888 VIPSoi Cau Chuan MBđộc thủ desố miền bắcthần tài cho sốKết quả xổ số thần tàiXem trực tiếp xổ sốXIN SỐ THẦN TÀI THỔ ĐỊACầu lô số đẹplô đẹp vip 24hsoi cầu miễn phí 888xổ số kiến thiết chiều nayXSMN thứ 7 hàng tuầnKết quả Xổ số Hồ Chí Minhnhà cái xổ số Việt NamXổ Số Đại PhátXổ số mới nhất Hôm Nayso xo mb hom nayxxmb88quay thu mbXo so Minh ChinhXS Minh Ngọc trực tiếp hôm nayXSMN 88XSTDxs than taixổ số UY TIN NHẤTxs vietlott 88SOI CẦU SIÊU CHUẨNSoiCauVietlô đẹp hôm nay vipket qua so xo hom naykqxsmb 30 ngàydự đoán xổ số 3 miềnSoi cầu 3 càng chuẩn xácbạch thủ lônuoi lo chuanbắt lô chuẩn theo ngàykq xo-solô 3 càngnuôi lô đề siêu vipcầu Lô Xiên XSMBđề về bao nhiêuSoi cầu x3xổ số kiến thiết ngày hôm nayquay thử xsmttruc tiep kết quả sxmntrực tiếp miền bắckết quả xổ số chấm vnbảng xs đặc biệt năm 2023soi cau xsmbxổ số hà nội hôm naysxmtxsmt hôm nayxs truc tiep mbketqua xo so onlinekqxs onlinexo số hôm nayXS3MTin xs hôm nayxsmn thu2XSMN hom nayxổ số miền bắc trực tiếp hôm naySO XOxsmbsxmn hôm nay188betlink188 xo sosoi cầu vip 88lô tô việtsoi lô việtXS247xs ba miềnchốt lô đẹp nhất hôm naychốt số xsmbCHƠI LÔ TÔsoi cau mn hom naychốt lô chuẩndu doan sxmtdự đoán xổ số onlinerồng bạch kim chốt 3 càng miễn phí hôm naythống kê lô gan miền bắcdàn đề lôCầu Kèo Đặc Biệtchốt cầu may mắnkết quả xổ số miền bắc hômSoi cầu vàng 777thẻ bài onlinedu doan mn 888soi cầu miền nam vipsoi cầu mt vipdàn de hôm nay7 cao thủ chốt sốsoi cau mien phi 7777 cao thủ chốt số nức tiếng3 càng miền bắcrồng bạch kim 777dàn de bất bạion newsddxsmn188betw88w88789bettf88sin88suvipsunwintf88five8812betsv88vn88Top 10 nhà cái uy tínsky88iwinlucky88nhacaisin88oxbetm88vn88w88789betiwinf8betrio66rio66lucky88oxbetvn88188bet789betMay-88five88one88sin88bk88xbetoxbetMU88188BETSV88RIO66ONBET88188betM88M88SV88Jun-68Jun-88one88iwinv9betw388OXBETw388w388onbetonbetonbetonbet88onbet88onbet88onbet88onbetonbetonbetonbetqh88mu88Nhà cái uy tínpog79vp777vp777vipbetvipbetuk88uk88typhu88typhu88tk88tk88sm66sm66me88me888live8live8livesm66me88win798livesm66me88win79pog79pog79vp777vp777uk88uk88tk88tk88luck8luck8kingbet86kingbet86k188k188hr99hr99123b8xbetvnvipbetsv66zbettaisunwin-vntyphu88vn138vwinvwinvi68ee881xbetrio66zbetvn138i9betvipfi88clubcf68onbet88ee88typhu88onbetonbetkhuyenmai12bet-moblie12betmoblietaimienphi247vi68clupcf68clupvipbeti9betqh88onb123onbefsoi cầunổ hũbắn cáđá gàđá gàgame bàicasinosoi cầuxóc đĩagame bàigiải mã giấc mơbầu cuaslot gamecasinonổ hủdàn đềBắn cácasinodàn đềnổ hũtài xỉuslot gamecasinobắn cáđá gàgame bàithể thaogame bàisoi cầukqsssoi cầucờ tướngbắn cágame bàixóc đĩa开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育乐鱼体育亚新体育亚新体育亚新体育爱游戏爱游戏爱游戏华体会华体会华体会IM体育IM体育沙巴体育沙巴体育PM体育PM体育AG尊龙AG尊龙AG尊龙AG百家乐AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人<AG真人<皇冠体育皇冠体育PG电子PG电子万博体育万博体育KOK体育KOK体育欧宝体育江南体育江南体育江南体育半岛体育半岛体育半岛体育凯发娱乐凯发娱乐杏彩体育杏彩体育杏彩体育FB体育PM真人PM真人<米乐娱乐米乐娱乐天博体育天博体育开元棋牌开元棋牌j9九游会j9九游会开云体育AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人爱游戏华体会华体会im体育kok体育开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育欧宝体育ob体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育开云体育开云体育棋牌棋牌沙巴体育买球平台新葡京娱乐开云体育mu88qh88