الخط الساخن : 01118881009
جلسة 5 ديسمبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر – أمين السر.
قاعدة رقم (13)
القضية رقم 28 لسنة 15 قضائية “دستورية”
1 – دعوى دستورية “مصلحة شخصية مباشرة: قاعدة قانونية ملغاة”.
إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليهم خلال فترة نفاذها – تحقق مصلحتهم الشخصية المباشرة بإبطال ما ترتب على هذه القاعدة من آثار قانونية في شأنهم إبان نفاذها.
2 – شريعة إسلامية “أحكام المواريث: نطاقها”.
أحكام الشريعة الإسلامية التي تعين الورثة وتحدد أنصباءهم وتبين قواعد انتقال ملكيتها إليهم جميعها قطعية الثبوت والدلالة – سريانها في شأن المصريين جميعاً ولو كانوا غير مسلمين – اعتبار هذه الأحكام مرجعاً نهائياً في كل ما يتصل بقواعد المواريث.
3 – دستور “المادة الثانية” – شريعة إسلامية “اجتهاد” – تشريع “قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989”. من غير الجائز لأية نصوص تشريعية صادرة بعد تعديل المادة الثانية من الدستور في سنة 1980 – ومنها نصوص القانون المشار إليه – أن تناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها – انحصار دائرة الاجتهاد في الأحكام الظنية وحدها.
4 – شريعة إسلامية “مواريث: حدود الله – مصالح”.
اعتبار أنصبة الورثة التي فصلها القرآن الكريم من حدود الله تعالى التي لا يجوز لأحد أن يقربها وإلا كان باغياً – ما شرع الله سبحانه حكماً إلا لتحقيق مصالح العباد.
5 – ضريبة الأيلولة “مؤداها”.
مؤدى هذه الضريبة هو اقتطاع جزء مما يؤول إلى كل وارث من نصيب شرعي، مقاسمة الدولة للورثة في حدود قصرها الشرع الحنيف عليهم – إهدارها بذلك القواعد الكلية في الشريعة الإسلامية المقطوع بثبوتها ودلالتها.
6 – ضريبة “أداؤها – عدالة اجتماعية”.
الضريبة التي يكون أداؤها واجباً قانوناً هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية ويقوم تنظيمها على أسس موضوعية تقتضيها، وتبرر بمضمونها فرضها على المخاطبين بها، وأن تكون العدالة الاجتماعية إطاراً لها.
7 – حق الملكية الخاصة “حمايته – وظيفة اجتماعية”.
عدم جواز المساس بالملكية الخاصة إلا على سبيل الاستثناء – حمايتها لكل فرد وطنياً كان أم أجنبياً – لم يعد جائزاً للمشرع أن ينال من عناصرها أو يقيد من مباشرة الحقوق المتفرعة عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية.
8 – ملكية خاصة – مواريث.
امتداد الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة إلى حق الإرث – لا يجوز لأحد أن ينال من نصيب الوارث المحدد له شرعاً.
9 – تشريع “قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989: عوار”.
ضريبة الأيلولة المفروضة بالمادة الأولى من القانون المشار إليه مصادمة لأحكام الدستور – سقوط باقي مواده.
1 – إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها، لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية، هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها وحتى إلغائها، فإذا استعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة، سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل القاعدة القانونية القديمة، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل محكوماً بها وحدها.
2 – أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تعين الورثة وتحدد أنصباءهم، وتبين قواعد انتقال ملكيتها إليهم، وهذه الأحكام جميعها قطعية الثبوت والدلالة، فلا يجوز تحويرها أو الاتفاق على خلافها، بل يعتبر مضمونها سارياً في شأن المصريين جميعاً، ولو كانوا غير مسلمين، بل ولو اتفقوا جميعاً على تطبيق قانون ملتهم. ما تقدم مؤداه، أن الشريعة الإسلامية تعتبر مرجعاً نهائياً في كل ما يتصل بقواعد التوريث، ومن بينها ما إذا كان الشخص يعتبر وارثاً أم غير وارث، ونطاق الحقوق المالية التي يجوز توزيعها بين الورثة، ونصيب كل منهم فيها، إذ يقوم الورثة مقام مورثهم في هذه الحقوق، ويحلون محله في مجموعها، وبمراعاة أن توزيعها شرعاً لا يجعلها لواحد من بينهم يستأثر دون سواه، ولا يخول مورثهم سلطة عليها فيما يجاوز ثلثها ليوفر بثلثيها حماية للأقربين، وليكون مال الأسرة بين أحادها بما يوثق العلائق بينهم ولا يوهنها. وتلك حدود الله تعالى التي حتم التقيد بها، فلا يتعداها أحد بمجاوزتها. وفي ذلك يقول تعالى حملاً على إعمال قواعد المواريث وفقاً لمضمونها [يبين الله أن تضلوا، والله بكل شيء عليم].
3 – ما نص عليه الدستور في مادته الثانية – بعد تعديلها في سنة 1980 – من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إنما يتمحض عن قيد يجب على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحراه وتنزل عليه في تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل – ومن بينها قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989 المطعون على بعض أحكامها – فلا يجوز لنص تشريعي، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا في شأنها، على مراقبة التقيد بها. وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها. ذلك أن المادة الثانية من الدستور، تقدم على هذه القواعد، أحكام الشريعة الإسلامية في أصولها ومبادئها الكلية، إذ هي إطارها العام، وركائزها الأصلية التي تفرض متطلباتها دوماً بما يحول دون إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهياً وإنكاراً لما علم من الدين بالضرورة. ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً، ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة، على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها؛ ملتزماً ضوابطها الثابتة، متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
4 – البين من النصوص التي نظم بها المشرع ضريبة الأيلولة، أنها تربط بين استحقاقها وواقعة الوفاة ذاتها، وما يتصل بها من اغتناء ينجم عن تلك الحقوق المالية التي تركها المتوفى، لتؤول لورثته وفقاً لقواعد آمره بينها الله تعالى محدداً لكل منهم نصيب مفروضاً يصلهم بالمتوفى باعتبارهم أحق من غيرهم بالأموال التي خلفها، وبما لا ظلم فيه لأحد من بينهم، تقديراً بأن أنصبتهم هذه – التي فصلها القرآن الكريم – هي التي اقتضاها عدل الله ورحمته بين عباده. ليظل مقدارها ثابتاً باعتبارها من حدوده التي لا يجوز لأحد أن يقربها، وإلا كان باغياً، فلا تتغير ضوابطها بتغير الزمان والمكان، ولا بما يطرأ على الناس من أوضاع عديدة تمليها عاداتهم أو أعرافهم، بل يكون أمرها عصياً على التعديل.
إن تقرير قواعد جامدة تتحدد على ضوئها حقوق الورثة الشرعية دون زيادة فيها أو نقصان، يعني أن تخلص لذويها فلا ينازعهم غيرهم فيها أو يزاحمهم أحد في طلبها، وإلا كان وارثاً إضافياً على غير مقتضى الشرع، فيما عدا ما يخرج من التركة – سابقاً على توزيعها – من حقوق شرعية تتمثل فيما يكون لازماً لتجهيز وتكفين ونقل ودفن المورث أو سداد ما عليه من ديون أو تنفيذاً لوصاياه في الحدود التي تجوز فيها الوصية.
إن الله عز وجل ما شرع حكماً إلا لتحقيق مصالح العباد، وما أهمل مصلحة اقتضتها أحوالهم دون أن يورد في شأنها حكماً يكفلها؛ وكان ما عداها من المصالح التي تناقضها، ليس إلا مصلحة متوهمة لا اعتبار لها، أدخل إلى أن تكون تشهياً أو انحرافاً، فلا يجوز تحكيمها؛ وكان أمراً مقضياً، أن ما يعتبر مفروضاً شرعاً، يكون مأموراً به وجوباً، ومطلوباً بالتالي طلباً لازماً لا ترخص فيه.
5 – إن وعاء ضريبة الأيلولة لا يتعلق أصلاً بما يؤول لكل وارث من صافي الحقوق المالية التي خلفها مورثهم بعد توزيعها عليهم وفقاً لأنصبتهم الشرعية؛ ومؤدى ذلك اقتطاع جزء من تلك الأنصبة عن طريق هذه الضريبة ومقاسمة الدولة للورثة في حقوق قصرها الشرع عليهم لتهدر بذلك نص المادة الثانية من الدستور التي ترد التشريعات جميعها إلى القواعد الكلية في الشريعة الإسلامية المقطوع بثبوتها ودلالتها.
6 – الضريبة التي يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون – وعلى ما تنص عليه المادتان 61، 119 من الدستور – هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية، ويقوم تنظيمها على أسس موضوعية تقتضيها، وتبرر بمضمونها فرضها على المخاطبين بها، وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية إطاراً لها وفقاً لنص المادة 38 من الدستور.
إن العدالة الاجتماعية وإن تعددت صورها، وكان مضمونها قد تبدل بتغير الزمان والمكان، على ضوء القيم التي ارتضتها الجماعة لمفهوم الحق والعدل في بيئة بذاتها، وخلال زمن معين، إلا أن تطبيقاتها في نطاق الضريبة تشي ببعض ملامحها الأصلية، وبوجه خاص من خلال زاويتين: أولاهما: أن يكون ممكناً عقلاً ربط عبئها بالأغراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المقصودة منها. ثانيتهما: ألا يكون فرضها قد تم إخلالاً بحقوق ينبغي أن تخلص لأصحابها.
7 – الدستور – إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة كفل حمايتها لكل فرد – وطنياً كان أم أجنبياً – ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا يناجز سلطته في شأنها من ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تُعينها على أداو دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء كان ذلك بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها، ولم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
8 – إن الدستور يعتبر مآباً لكل سلطة وضابطاً لحركتها. والأصل في النصوص التي يتضمنها أنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها، وبما يرد عنها التنافر والتعارض، ويكفل اتساقها في إطار وحدة عضوية تضمها، ولا تفرق بين أجزائها، بل تجعل تناغم توجهاتها لازماً، وكان الدستور إذ نص في المادة 34 على أن الملكية الخاصة يجب صونها، وأن حمايتها تمتد إلى حق الإرث ليكون مكفولاً، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثاً في حدود أنصبتهم الشرعية، يعتبر من عناصر ملكيتهم التي لا يجوز لأحد أن ينال منها.
9 – لما كان فرض ضريبة الأيلولة بالمادة الأولى من القانون سالف الذكر مصادماً لأحكام المواد 2، 34، 38، 61، 119 من الدستور، فقد غدا متعيناً الحكم بعدم دستوريتها، وإذ كانت باقي نصوص هذا القانون ترتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة بنص مادته الأولى فإنها تسقط تبعاً لذلك.
الإجراءات
بتاريخ 4 أغسطس سنة 1993، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم 4345 لسنة 66 ضرائب كلي جنوب القاهرة، بعد أن قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية “الدائرة 22 ضرائب” بجلسة 30 يونيه 1993 بوقف الطعن لحين الفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 228 لسنة 1989.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن السيدة/ رونق هانم أركو علي التركية الجنسية، كانت قد توفيت دون وارث لها، عدا ابنها بالتبني السيد/ يوسف طرخان، وذلك وفقاً لقضاء المحكمة الأهلية للحقوق بحكمها رقم 1801 لسنة 45 المصادق عليه من القنصلية المصرية في استانبول في 15 من فبراير سنة 1962. وقد اشتملت تركتها على أطيان زراعية مساحتها فداناً وأربعة قراريط وسبعة عشر سهماً كائنة بمصر، وإذ قدرت مأمورية الضرائب المختصة صافي تركتها بمبلغ 482، 1852 جنيهاً. فقد طعن ابنها بالتبني على هذا القرار، إلا أن لجنة الطعن قررت في 27 من فبراير سنة 1966 اعتماد التقدير الخاص بأصول التركة، واعتبار الطاعن ابناً بالتبني لمورثته. ولم يرتض وزير المالية ذلك، فطعن على قرار لجنة الطعن من خلال دعواه رقم 4345 لسنة 1966 ضرائب كلي جنوب القاهرة، ناعياً على قرارها اعتباره الابن بالتبني فرعاً للمتوفاة، حال أن بنوته لها غير حقيقية، وكان يتعين بالتالي أن يأتي متأخراً بعد الفروع والأصول والأزواج، وأن يزداد الرسم على ما يؤول إليه من تركتها إلى أربعة أمثال باعتباره مشمولاً بعبارة “ومن عداهم من الورثة” المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات.
وإذ صدر قبل الفصل في النزاع الموضوعي قانون جديد هو ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989، متوخياً إعادة تنظيم أوضاعها، وكانت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد إصداره، تقضي بأنه فيما عدا الحالات التي تم فيها ربط رسم الأيلولة المفروض بالقانون رقم 142 لسنة 1944 بصفة نهائية، تحدد عناصر التركة والضريبة المستحقة على كل وارث أو مستحق فيها وفقاً لأحكام هذا القانون؛ وكان ما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته السابعة عشرة من أن الابن بالتبني يعتبر فرعاً للمورث، إذا كان قانون الأحوال الشخصية للمورث الأجنبي يجيز التبني، قد دل على أن الشرائح الضريبية الخاصة بالفروع، هي ذاتها التي تنطبق بالنسبة إليه، ومن ثم أحالت محكمة الموضوع أوراق الدعوى الموضوعية المطروحة عليها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية تلك الفقرة عملاً بالبند ( أ ) من المادة 29 من قانونها، وذلك بعد أن تراءى لها أن تلك الفقرة تناهض قوله تعالى [وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل* ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم]، وأن الابن بالتبني لا يجوز أن يلحق بالابن نسباً، ولا أن يعامل وفقاً للشرائح الضريبية التي اختص بها المشرع الفروع والأصول والأزواج والمنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 17 من قانون هذه الضريبة.
وحيث إنه ولئن كان القانون رقم 227 لسنة 1996 بإلغاء ضريبة الأيلولة، قد صدر أثناء نظر الدعوى الدستورية الراهنة، ونص في مادته الثانية على أن يتجاوز في جميع الأحوال عما لم يسدد من رسم الأيلولة الذي كان مفروضاً بالقانون رقم 142 لسنة 1944 ومن ضريبة الأيلولة المفروضة بالقانون رقم 228 لسنة 1989، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها، لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية، هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها وحتى إلغائها، فإذا استعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة، سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل القاعدة القانونية القديمة، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل محكوماً بها وحدها. إذ كان ذلك وكان القانون رقم 227 لسنة 1996 المشار إليه، قد نص على التجاوز عما لم يسدد من ضريبة الأيلولة المفروضة بالقانون رقم 228 لسنة 1989 على ما سلف بيانه، وكان مؤدى هذا التجاوز هو النزول عن اقتضاء الضريبة، وهو ما يعني قيام الحق فيها ابتداء؛ فإن بحث دستورية الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 228 لسنة 1989 – رغم إلغائه – يكون لازماً.
وحيث إن الفصل فيما إذا كان الأبناء بالتبني يعتبرون شرعاً فروعاً لمورثهم – في تطبيق قانون تلك الضريبة – وخاضعين بالتالي للقواعد ذاتها التي يجوز إعمالها ضريبياً في شأن هؤلاء الفروع، يفترض ابتداء – وعقلاً – أن يكون سريان قانون الضريبة المطعون عليها في شأن المخاطبين بها – والمتبنين من بينهم – جائزاً دستورياً. فإذا كان بنيان هذه الضريبة لا يقيمها على سند من الدستور، بل يزيل أصل الحق فيها، فإن تفرع عنها أو اتصل بها من القاعدة القانونية، يسقط تبعاً لانهدام وجودها.
وحيث إن المادة الأولى من قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989، تنص على أن تفرض ضريبة على صافي ما يؤول من أموال إلى كل وارث أو مستحق في تركة من يتوفى اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون، وتستحق هذه الضريبة من تاريخ الوفاة.
وعملاً بمادته الثانية، تشمل الضريبة:
أولاً: جميع الأموال العقارية والمنقولة الموجودة في مصر وخارجها إذا كان المورث مصرياً سواء أكان مقيماً بمصر أم بالخارج.
ثانياً: جميع الأموال العقارية الموجودة في مصر إذا كان المورث أجنبياً أياًً كان محل توطنه.
ثالثاً: جميع الأموال المنقولة الموجودة في مصر إذا كان المورث أجنبياً متوطناً فيها.
وحيث إن المشرع قد دل بذلك على أن محل الضريبة أو وعاءها، ينصب على الأموال العقارية والمنقولة أياً كان موقعها، إذا كان من تركها مصرياً ولو كان مقيماً في الخارج. فإن كان أجنبياً، دخلت أمواله العقارية الموجودة في مصر في وعاء الضريبة أياً كان المكان الذي يقيم فيه عادة. ولا تشمل الضريبة أمواله المنقولة الموجودة في مصر إلا إذا كان متوطناً فيها.
وحيث إن التطور التاريخي لكل من ضريبة التركات وضريبة الأيلولة، يدل على أن أولاهما فرضها المشرع بالمرسوم بقانون رقم 159 لسنة 1952 على التركة في مجموعة عناصرها، وقبل تجزئتها وتوزيعها على الورثة. ومن ثم كان وعاؤها منصرفاً إلى صافي قيمتها كوحدة متكاملة، وذلك على خلاف ثانيتهما التي قرر المشرع سريانها في شأن صافي نصيب كل وارث أو مستحق في الأموال التي خلفها المتوفى بعد قسمتها؛ وقد كان فرضهما منتقداً سيما وأن ضرائب التركات لم تكن من بين النظم المالية والضريبية التي طبقها العرب في مصر بعد الفتح الإسلامي. بل إن مجلس الشورى في مناقشاته لهذا الموضوع إبان دور انعقاده العادي التاسع – وعلى ما هو ثابت بمضابط الجلسات خلال الفترة من 3 إلى 5/ 12/ 1988 – ذهب أغلب المتحدثين فيه إلى مهاجمة مبدأ فرض كل من هاتين الضريبتين لتأثيرهما السلبي على التنمية، إذ ليس من مقاصد الضريبة أن تكون طاردة للاستثمار، بل يتعين أن تكون جاذبة لقواه، فضلاً عما يصاحب فرضهما من عيوب عملية تدفع بالممولين في نزاع متصل مع جهة الإدارة يمتد سنين عدداً، ولا تفرج خلالها عن تركتهم، بل تمسكها إضراراً بهم، فلا يتعففون، بل يتكففون، وليس التذرع بالمصالح المرسلة أو بالتكافل الاجتماعي للدفاع عنها، إلا باطل ألبس ثوب الحق. فالله سبحانه أعلم أين تكون المصلحة، والمواريث من حدوده التي لا يجوز لمؤمن أن يقربها [تلك حدود الله فلا تقربوها]. بل إن أمن كل مواطن يقتضي ألا يؤول جهده وماله إلى من لم يُرده أو يحدده الشرع، والقول بأن الدولة يجب أن تبسط يدها إلى هؤلاء الذين أفلتوا بثرواتهم من قبضتها، لا يستقيم، ولا يتصور أن يفرض المشرع ضريبة جديدة كجزاء على تهرب البعض من ضرائب سبق فرضها.
وحيث إن أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تعين الورثة وتحدد أنصباءهم، وتبين قواعد انتقال ملكيتها إليهم، وهذه الأحكام جميعها قطعية الثبوت والدلالة، فلا يجوز تحويلها أو الاتفاق على خلافها، بل يعتبر مضمونها سارياً في شأن المصريين جميعاً، ولو كانوا غير مسلمين، بل ولو اتفقوا جميعاً على تطبيق قانون ملتهم. وكان ما تقدم مؤداه، أن الشريعة الإسلامية تعتبر مرجعاً نهائياً في كل ما يتصل بقواعد التوريث، ومن بينها ما إذا كان الشخص يعتبر وارثاً أم غير وارث، ونطاق الحقوق المالية التي يجوز توزيعها بين الورثة، ونصيب كل منهم فيها، إذ يقوم الورثة مقام مورثهم في هذه الحقوق، ويحلون محله في مجموعها، وبمراعاة أن توزيعها شرعاً لا يجعلها لواحد من بينهم يستأثر دون سواه، ولا يخول مورثهم سلطة عليها فيما يجاوز ثلثها ليوفر بثلثيها حماية للأقربين، وليكون مال الأسرة بين أحادها بما يوثق العلائق بينهم ولا يوهنها. وتلك حدود الله تعالى التي حتم التقيد بها، فلا يتعداها أحد بمجاوزتها. وفي ذلك يقول تعالى حملاً على إعمال قواعد المواريث وفقاً لمضمونها [يبين الله أن تضلوا، والله بكل شيء عليم].
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا مطرد على أن ما نص عليه الدستور في مادته الثانية – بعد تعديلها في سنة 1980 – من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إنما يتمحض عن قيد يجب على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحراه وتنزل عليه في تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل – ومن بينها قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989 المطعون على بعض أحكامها – فلا يجوز لنص تشريعي، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا في شأنها، على مراقبة التقيد بها. وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها. ذلك أن المادة الثانية من الدستور، تقدم على هذه القواعد، أحكام الشريعة الإسلامية في أصولها ومبادئها الكلية، إذ هي إطارها العام، وركائزها الأصلية التي تفرض متطلباتها دوماً بما يحول دون إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهياً وإنكاراً لما علم من الدين بالضرورة. ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً، ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة، على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها؛ ملتزماً ضوابطها الثابتة، متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال
وحيث إن البين من النصوص التي نظم بها المشرع ضريبة الأيلولة، أنها تربط بين استحقاقها وواقعة الوفاة ذاتها، وما يتصل بها من اغتناء ينجم عن تلك الحقوق المالية التي تركها المتوفى، لتؤول لورثته وفقاً لقواعد آمره بينها الله تعالى محدداً لكل منهم نصيب مفروضاً يصلهم بالمتوفى باعتبارهم أحق من غيرهم بالأموال التي خلفها، وبما لا ظلم فيه من بينهم، تقديراً بأن أنصبتهم هذه – التي فصلها القرآن الكريم – هي التي اقتضاها عدل الله ورحمته بين عباده. ليظل مقدارها ثابتاً باعتبارها من حدوده التي لا يجوز لأحد أن يقربها، وإلا كان باغياً، فلا تتغير ضوابطها بتغير الزمان والمكان، ولا بما يطرأ على الناس من أوضاع عديدة تمليها عاداتهم أو أعرافهم، بل يكون أمرها عصياً على التعديل.
وحيث إن تقرير قواعد جامدة تتحدد على ضوئها حقوق الورثة دون زيادة فيها أو نقصان، يعني أن تخلص لذويها فلا ينازعهم غيرهم فيها أو يزاحمهم أحد في طلبها، وإلا كان وارثاً إضافياً على غير مقتضى الشرع، فيما عدا ما يخرج من التركة – سابقاً على توزيعها – من حقوق شرعية تتمثل فيما يكون لازماً لتجهيز وتكفين ونقل ودفن المورث أو سداد ما عليه من ديون أو تنفيذاً لوصاياه في الحدود التي تجوز فيها الوصية.
وحيث إن الله عز وجل ما شرع حكماً إلا لتحقيق مصالح العباد، وما أهمل مصلحة اقتضتها أحوالهم دون أن يورد في شأنها حكماً يكفلها؛ وكان ما عداها من المصالح التي تناقضها، ليس إلا مصلحة متوهمة لا اعتبار لها، أدخل إلى أن تكون تشهياً أو انحرافاً، فلا يجوز تحكيمها؛ وكان أمراً مقضياً، أن ما يعتبر مفروضاً شرعاً، يكون مأموراً به وجوباً، ومطلوباً بالتالي طلباً لازماً لا ترخص فيه.
وحيث إن وعاء ضريبة الأيلولة محل النزاع الماثل لا يتعلق أصلاً بما يؤول لكل وارث من صافي الحقوق المالية التي خلفها مورثهم بعد توزيعها عليهم وفقاً لأنصبتهم الشرعية؛ وكان مؤدى ذلك اقتطاع جزء من تلك الأنصبة عن طريق هذه الضريبة ومقاسمة الدولة للورثة في حقوق قصرها الشرع عليهم لتهدر بذلك نص المادة الثانية من الدستور التي ترد التشريعات جميعها إلى القواعد الكلية في الشريعة الإسلامية المقطوع بثبوتها ودلالتها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مطرد كذلك، على أن الضريبة التي يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون – وعلى ما تنص عليه المادتان 61، 119 من الدستور – هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية، ويقوم تنظيمها على أسس موضوعية تقتضيها، وتبرر بمضمونها فرضاً على المخاطبين بها، وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية إطاراً لها وفقاً لنص المادة 38 من الدستور.
وحيث إن العدالة الاجتماعية وإن تعدت صورها، وكان مضمونها قد يتبدل بتغير الزمان والمكان، على ضوء القيم التي ارتضتها الجماعة لمفهوم الحق والعدل في بيئة بذاتها، وخلال زمن معين، إلا أن تطبيقاتها في نطاق الضريبة تشي ببعض ملامحها الأصلية، وبوجه خاص من خلال زاويتين: أولاهما: أن يكون ممكناً عقلاً ربط عبئها بالأغراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المقصودة منها. ثانيتهما: ألا يكون فرضها قد تم إخلالاً بحقوق ينبغي أن تخلص لأصحابها.
وحيث إن البين من مضابط جلسات مجلس الٍشورى السابق الإشارة إليها، أن وطأة ضريبية الأيلولة على المخاطبين بها لا تقابلها مصلحة مبررة، بل تظهر جوانبها السلبية فيما قام الدليل عليه من أنها لا توفر للتنمية أسبابها، ولا للاستثمار أو الادخار روافدهما من الثقة والاطمئنان؛ ولا لقيمة العمل مناخها الملائم. كذلك فإن فرضها طريق إلى مزالق لها خطرها، من بينها أن الأموال محلها يتم تسريبها توقياً لها، فإذا تعذر تجنبها، فإن ما يبقى بعد الضريبة من هذه الأموال يظل ثروة خامدة خوفاً من تعقبها ظلماً وبهتاناً بعد انتقالها بالميراث إلى آخرين. بل إن ما كانت الدولة تتوقعه من تلك الضريبة، سواء باعتبارها مصدراً لتمويل احتياجاتها أو بوصفها أداة تيسر توزيعها للثروة، غداً وهما وسراباً بالنظر إلى ضآلة حصيلتها ولأن واقعتها المنشئة – وهي الوفاة – لا يترتب عليها تركيز الثروة، بل تفتيتها.
وحيث إن الدستور – إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة – كفل حمايتها لكل فرد – وطنياً كان أم أجنبياً – ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا يناجز سلطته في شأنها من ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تُعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء كان ذلك بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها، ولم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
وحيث إن الدستور يعتبر مآباً لكل سلطة وضابطاً لحركتها. والأصل في النصوص التي يتضمنها أنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها، وبما يرد عنها التنافر والتعارض، ويكفل اتساقها في إطار وحدة عضوية تضمها، ولا تفرق بين أجزائها، بل تجعل تناغم توجهاتها لازماً، وكان الدستور إذ نص في المادة 34 على أن الملكية الخاصة يجب صونها، وأن حمايتها تمتد إلى حق الإرث ليكون مكفولاً، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثاً في حدود أنصبتهم الشرعية، يعتبر من عناصر ملكيتهم التي لا يجوز لأحد أن ينال منها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان فرض ضريبة الأيلولة بالمادة الأولى من القانون سالف الذكر مصادماً لأحكام المواد 2، 34، 38، 61، 119 من الدستور، فقد غدا متعيناً الحكم بعدم دستوريتها، وإذ كانت باقي نصوص هذا القانون ترتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة بنص مادته الأولى فإنها تسقط تبعاً لذلك.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الأولى من قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989 وبسقوط باقي مواده.
وسوم : حكم دستورية