الخط الساخن : 01118881009

جلسة 1 يناير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم (56)
القضية رقم 35 لسنة 21 قضائية “دستورية”

1 – دعوى دستورية “بيانات الصحيفة”.
ضرورة اشتمال الصحيفة أو قرار الإحالة على سبب الدعوى الدستورية بحسبانه أحد البيانات الجوهرية اللازم توافرها فيها.
2 – دعوى دستورية “المصلحة: مناطها – تحريها”.
مناط المصلحة – كشرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع – المحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة لتثبت من شروط قبول الدعوى.
3 – حقوق وحريات عامة “حرية الاجتماع” – المجتمع المدني.
حرص الدستور على فرض القيود الكفيلة بصون الحقوق والحريات العامة، وفي الصدارة منها حرية الاجتماع – منظمات المجتمع المدني هي واسطة العقد بين الفرد والدولة – وهي القمينة بالارتقاء بشخصية الفرد بحسبانه القاعدة الأساسية في بناء المجتمع.
4 – تنظيم نقابي “تصرف إرادي حر”.
حق المهنيين والعمال في تكوين تنظيمهم النقابي يتعين أن يتمحض تصرفاً إرادياً حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية – لكل ذي شأن حق الانضمام إلى التنظيم النقابي الذي يرى أنه أقدر على التعبير عن مصالحه.
5 – تنظيم نقابي – حرية نقابية “ممارسة”.
ممارسة الحرية النقابية داخل النقابة الواحدة ليس قصراً على فئة بذاتها بل يتعين أن يكون هذا العمل إسهاماً جماعياً فاعلاً.
6 – دستورية – تنظيم نقابي “خصائص”.
الخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي هي التي قنن الدستور – بنص المادة 56 – مجمل أحكامها.
7 – مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون “نظراء – قواعد موحدة”.
عدم تمايز النظراء فيما بينهم في مجال استعمال الحقوق التي كفلها الدستور ولا في فرص صونها والدفاع عنها ولا في اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها.
8 – تشريع “الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بإنشاء نقابة التجاريين: عوار”.
ما اشترطه هذا النص لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة إنما يرهق الخصومة القضائية التي يحركها أحد أعضائها ويغلق أبوابها من دونه.
1 – ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا، بنص مادته الثلاثين، هو ألا تكون صحيفة الدعوى الدستورية أو قرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً؛ فلا تثير خفاءً في شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن جميعاً – ومنهم الحكومة – من إعداد دفاعهم – ابتداءً ورداً وتعقيباً – في المواعيد التي حددتها المادة 37 من ذلك القانون؛ ولتتولى هيئة المفوضين – بعد انقضاء تلك المواعيد – تحضير الدعوى، ثم إعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسبباً؛ ومن ثم فإنه يكفي لتحقيق تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها. يؤكد ما تقدم، أن هذه المحكمة في رقابتها على الدستورية، لا تقف عند حد النص الدستوري الذي نسب إلى النص التشريعي الطعين مخالفته، بل إنها تجيل بصرها في النصوص الدستورية جميعها على ضوء النظرة المتكاملة لأحكامها، لتحدد على ضوئها توافق ذلك النص أو تعارضه مع أحكام الدستورية مجتمعة؛ وهو ما يعني أن الغاية من هذا الإجراء الشكلي لا تعدو أن تكون ضمان اشتمال الصحيفة أو قرار الإحالة على “سبب الدعوى الدستورية” بحسبانه أحد البيانات الجوهرية اللازمة توافرها فيهما.
2 – يشترط لقبول الدعوى الدستورية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا – بما لها من هيمنة على الدعاوى المطروحة عليها – هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، ذلك أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، ولازم ذلك، أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النصوص التشريعية المحالة على النزاع الموضوعي.
3 – الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلاً بصون الحقوق والحريات العامة – وفي الصدارة منها حرية الاجتماع – كي لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة. وكان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلباً أساسياً توكيداً لقيمتها الاجتماعية، وتقديراً لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها. وقد واكب هذا السعي وعززه، بروز دور المجتمع المدني ومنظماته – من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات مهنية وعمالية – في مجال العمل الجمعي.
إن منظمات المجتمع المدني، هي واسطة العقد بين الفرد والدولة، إذ هي القمينة بالارتقاء بشخصية الفرد بحسبانه القاعدة الأساسية في بناء المجتمع؛ عن طريق بث الوعي ونشر المعرفة والثقافة العامة؛ ومن ثم، تربية المواطنين على ثقافة الديموقراطية والتوافق في إطار من حوار حر بناء: وتعبئة الجهود الفردية والجماعية لإحداث مزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية معاً: والعمل بكل الوسائل المشروعة على ضمان الشفافية، وترسيخ قيمة حرمة المال العام: والتأثير في السياسات العامة، وتعميق مفهوم التضامن الاجتماعي، ومساعدة الحكومة عن طريق الخبرات المبذولة، والمشروعات الطوعية على أداء أفضل للخدمات العامة، والحث على حسن توزيع الموارد وتوجيهها؛ وعلى ترشيد الإنفاق العام؛ وإبراز دور القدوة. وبكل أولئك، تذيع المصداقية؛ وتتحدد المسئولية بكل صورها فلا تشيع ولا تنماع؛ ويتحقق العدل والنصفة؛ وتتناغم قوى المجتمع الفاعلة فتتلاحم على رفعة شأنه والنهوض به إلى ذرى التقدم.
4 – حق المهنيين – والعمال – في تكوين تنظيمهم النقابي فرع من حرية الاجتماع، وأن هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفاً إرادياً حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية، بل يستقل عنها، ومن ثم؛ تنحل الحرية النقابية إلى قاعدة أولية تمنحها بعض الدول – ومن بينها جمهورية مصر العربية – قيمة دستورية في ذاتها، لتكفل لكل ذي شأن حق الانضمام إلى التنظيم النقابي الذي يرى أنه أقدر على التعبير عن مصالحه وأهدافه، وفي انتقاء واحد أو أكثر من هذه التنظيمات – حال تعددها – ليكون عضواً فيها.
5 – ممارسة الحرية النقابية داخل النقابة الواحدة، ليست قصراً على فئة بذاتها، ولا هي من امتيازاتها؛ ولا ينبغي بالتالي أن تكون موطئاً لفرض وصايتها على أحد. ذلك أن العمل النقابي لا يتمحض عن انتقاء حلول بذاتها تستقل الأقلية بتقديرها وتفرضها عنوة على المخالفين لهم بحكم موقعها وسيطرتها؛ بل يتعين أن يكون هذا العمل إسهاماً جماعياً فاعلاً، يعتمد على تعدد الآراء واتساع أفاقها، ليكون أعضاء النقابة شركاء في تقدير أهدافها، وصوغ نظمها وبرامجها، وتحديد طرائق تنفيذها؛ ووسائل تمويلها؛ ولا يحول ما تقدم دون أن تفرض النقابة على كيفية ممارستها لنشاطها أشكالاً من الرقابة الذاتية في حدود أهدافها، ليكون تقييمها لنواحي القصور فيها موضوعياً، معتمداً على وسائل تحليلية موثوق بها.
6 – المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قنن الدستور، مجمل أحكامها بنص مادته السادسة والخمسين: التي تحتم إنشاء ذلك التنظيم وفق أسس ديموقراطية يكون القانون كافلاً لها، راعياً لدوره في تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية والاقتصادية التي استهدفها؛ اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها التنظيمات النقابية، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وما ينبغي أن يُتخذ من التدابير للدفاع عنها.
7، 8 – البين من النص الطعين أنه تطلب شرطين يتعين توافرهما لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة التجاريين: (أولهما) ألا يقل نصاب الطعن عن مائة عضو على الأقل ممن حضروا تلك الجمعية (وثانيهما) أن يكون الطعن مستوفياً شكلية بذاتها قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن مصادقاً عليها جميعاً من الجهة المختصة: وبالتالي فإن تخلف أحد هذين الشرطين، لا يقابله إلا جزاء واحد هو عدم قبول الطعن.
إن الحق في إقامة التنظيمات النقابية على أساس ديموقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، وحقها في اللجوء إلى القضاء للدفاع عن المصالح الجماعية لأعضائها، وإنماؤها للقيم التي يدعون إليها في إطار أهدافها، ومراجعتها لسلوكهم ضماناً لصون الأسس التي حددها الدستور بنص المادة 56؛ إنما تقرر ليكون كافلاً لرسالتها على ضوء أهدافها، بمراعاة جوهر العمل النقابي ومتطلباته؛ فإن انحرفت عن هذه الأهداف كان للمنتمين إليها – بحكم عضويتهم في الجمعية العمومية – حق تقويم قراراتها وتصويب الإجراءات اللازمة قانوناً لصحتها بقدر مساسها بمراكزهم القانونية، ضماناً لإخضاع تصرفاتها وأعمالها لمقاييس الشرعية الدستورية والقانونية؛ إلا أن النص الطعين نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة التجاريين نصاباً عددياً فلا يقبل إلا إذا كان مقدماً من مائة عضو على الأقل ممن حضروا اجتماعها وبشرط أن تكون توقيعاتهم على صحيفة الطعن مصدقاً عليها؛ ليحول بهذين القيدين بين كل عضو على استقلال، وبين ممارسة حقه في تصحيح ما ارتآه انحرافاً بالعمل النقابي عن غايته، نائباً بالحرية النقابية عن منابتها. مجتثاً جذورها؛ بما يشكل عدواناً جسيماً عليها؛ وعصفاً بجوهرها بالمخالفة لحكم المادة 56 من الدستور.
إن الطعن بالإلغاء على قرار أو إجراء معين لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التي تقتضيها ضرورة تنظيمه، وكان النظراء لا يتمايزون فيما بينهم في مجال استعمال الحقوق التي كفلها الدستور لهم، ولا في فرص صونها، والدفاع عنها، ولا في اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، بل تكون للحقوق عينها قواعد موحدة، سواء في مجال التداعي بشأنها أو الدفاع عنها أو استئدائها؛ وكان الدستور قد هيأ للحقوق المتنازع عليها وسائل إثباتها أو نفيها من خلال الخصومة القضائية التي كفل الحق فيها لكل فرد، وعزز ضماناتها، وأطلقها من القيود الجائزة عليها بما لا يحد من فرصة ولوجها، أو يعطلها في غير ضرورة: وكان القيدان اللذان تضمنهما النص الطعين يرهقان الخصومة القضائية التي يحركها أحد أعضاء الجمعية العمومية للنقابة في شأن صحة انعقادها؛ وينتهيان إلى غلق أبوابها من دونه، ويئدان وسائل الدفاع في شأن الحقوق التي يستهدف الوصول إليها.


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من فبراير سنة 1999، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 2566 لسنة 49 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بتاريخ 22/ 11/ 1998 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى وطلبت في ختامها الحكم برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة، وسائر الأوراق، تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 2566 لسنة 49 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد المدعى عليهما طلباً للحكم بوقف تنفيذ قرار انعقاد الجمعية العمومية العادية لنقابة التجاريين بتاريخ 22/ 12/ 1994 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار؛ قولاً منه بأن هذا الانعقاد قد شابه العديد من المخالفات. وإذ تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن إنشاء نقابة التجاريين، فقد قضت بتاريخ 22/ 11/ 1998 بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية هذا النص.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن حكم الإحالة قد سكت عن بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها؛ وأوجه هذه المخالفة، مما يُقعد الحكومة عن ممارسة حقها القانوني في الرد على المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا، بنص مادته الثلاثين، هو ألا تكون صحيفة الدعوى الدستورية أو قرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً؛ فلا تثير خفاءً في شأن مضمونها، أو اضطراباً حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن جميعاً – ومنهم الحكومة – من إعداد دفاعهم – ابتداءً ورداً وتعقيباً – في المواعيد التي حددتها المادة 37 من ذلك القانون؛ ولتتولى هيئة المفوضين – بعد انقضاء تلك المواعيد – تحضير الدعوى، ثم إعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسبباً؛ ومن ثم فإنه يكفي لتحقيق تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكناً، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها. يؤكد ما تقدم، أن هذه المحكمة في رقابتها على الدستورية، لا تقف عند حد النص الدستوري الذي نسب إلى النص التشريعي الطعين مخالفته، بل إنها تجيل بصرها في النصوص الدستورية جميعها على ضوء النظرة المتكاملة لأحكامها، لتحدد على ضوئها توافق ذلك النص أو تعارضه مع أحكام الدستور مجتمعة؛ وهو ما يعني أن الغاية من هذا الإجراء الشكلي لا تعدو أن تكون ضمان اشتمال الصحيفة أو قرار الإحالة على “سبب الدعوى الدستورية” بحسبانه أحد البيانات الجوهرية اللازمة توافرها فيهما. لما كان ذلك؛ وكانت أسباب حكم الإحالة الذي اتصلت هذه الدعوى عن طريقه بالمحكمة، قد أبانت – في غير خفاء – أن النص الطعين قد تضمن في جوهره عوائق من شأنها – من وجهة نظر أولية – الإخلال بحق اللجوء إلى القضاء، والنفاذ إليه نفاذاً ميسراً، بما يمثل تحديداً كافياً للمخالفة الدستورية، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يعد غير قائم على ما يبرره مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إن البين من مطالعة القانون رقم 40 لسنة 1972 أنه أنشأ نقابة للتجاريين أسبغ عليها – بنص المادة 1 منه – الشخصية الاعتبارية؛ ووضعت المادة 12 “الجمعية العمومية” على رأس التنظيم العام للنقابة، وأبانت المادة 14 وما بعدها اختصاصات هذه الجمعية، وإجراءات دعوتها للانعقاد، ونصاب صحته، وما تصدره من قرارات، ثم نصت المادة 21 – المطعون على فقرتها الثانية – على أنه: “لوزير الخزانة أن يطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في قرارها بالتصديق على انتخاب أعضاء مجلس النقابة، وذلك بتقرير يبلغ إلى سكرتارية محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة خلال 15 يوماً من تاريخ إبلاغه قرار الجمعية العمومية.
كما يجوز لمائة عضو على الأقل ممن حضورا الجمعية العمومية الطعن أمام المحكمة المذكورة في تلك القرارات وفي صحة الانعقاد خلال 15 يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية وذلك بتقرير مسبب ومصدق على الإمضاءات الموقع بها عليه وإلا كان الطعن غير مقبول. وتفصل محكمة القضاء الإداري في الطعن على وجه الاستعجال…”.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا – بما لها من هيمنة على الدعاوى المطروحة عليها – هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، ذلك أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، ولازم ذلك، أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النصوص التشريعية المحالة على النزاع الموضوعي. لما كان ذلك، وكان الطعن بالإلغاء المردد في الدعوى الموضوعية يتعلق بصحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة التجاريين في 22/ 12/ 1994، وكان الحق في الطعن على قراراتها مقيداً بالشروط التي فرضتها الفقرة الثانية من المادة الطعينة، فإن الفصل في دستوريتها يكون لازماً للفصل في الطلب الموضوعي المرتبط بها، وبإبطالها تتحقق مصلحة المدعي في مباشرة حق التقاضي دون قيود جائرة تنال من محتواه.
وحيث إن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلاً بصون الحقوق والحريات العامة – وفي الصدارة منها حرية الاجتماع – كي لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة. وكان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة، مطلباً أساسياً توكيداً لقيمتها الاجتماعية، وتقديراً لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها. وقد واكب هذا السعي وعززه، بروز دور المجتمع المدني ومنظماته – من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات مهنية وعمالية – في مجال العمل الجمعي.
وحيث إن منظمات المجتمع المدني، هي واسطة العقد بين الفرد والدولة، إذ هي القمينة بالارتقاء بشخصية الفرد بحسبانه القاعدة الأساسية في بناء المجتمع؛ عن طريق بث الوعي ونشر المعرفة والثقافة العامة؛ ومن ثم، تربية المواطنين على ثقافة الديموقراطية والتوافق في إطار من حوار حر بناء: وتعبئة الجهود الفردية والجماعية لإحداث مزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية معاً: والعمل بكل الوسائل المشروعة على ضمان الشفافية، وترسيخ قيمة حرمة المال العام: والتأثير في السياسات العامة، وتعميق مفهوم التضامن الاجتماعي، ومساعدة الحكومة عن طريق الخبرات المبذولة، والمشروعات الطوعية على أداء أفضل للخدمات العامة، والحث على حسن توزيع الموارد وتوجيهها؛ وعلى ترشيد الإنفاق العام؛ وإبراز دور القدوة. وبكل أولئك، تذيع المصداقية؛ وتتحدد المسئولية بكل صورها فلا تشيع ولا تنماع؛ ويتحقق العدل والنصفة؛ وتتناغم قوى المجتمع الفاعلة فتتلاحم على رفعة شأنه والنهوض به إلى ذرى التقدم.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن حق المهنيين – والعمال – في تكوين تنظيمهم النقابي فرع من حرية الاجتماع، وأن هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفاً إرادياً حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية، بل يستقل عنها، ومن ثم؛ تنحل الحرية النقابية إلى قاعدة أولية تمنحها بعض الدولة – ومن بينها جمهورية مصر العربية – قيمة دستورية في ذاتها، لتكفل لكل ذي شأن حق الانضمام إلى التنظيم النقابي الذي يرى أنه أقدر على التعبير عن مصالحه وأهدافه، وفي انتقاء واحد أو أكثر من هذه التنظيمات – حال تعددها – ليكون عضواً فيها.
وحيث إن ممارسة الحرية النقابية داخل النقابة الواحدة، ليست قصراً على فئة بذاتها، ولا هي من امتيازاتها؛ ولا ينبغي بالتالي أن تكون موطئاً لفرض وصايتها على أحد. ذلك أن العمل النقابي لا يتمحض عن انتقاء حلول بذاتها تستقل الأقلية بتقديرها وتفرضها عنوة على المخالفين لهم بحكم موقعها وسيطرتها؛ بل يتعين أن يكون هذا العمل إسهاماً جماعياً فاعلاً، يعتمد على تعدد الآراء واتساع أفاقها، ليكون أعضاء النقابة شركاء في تقدير أهدافها، وصوغ نظمها وبرامجها، وتحديد طرائق تنفيذها؛ ووسائل تمويلها؛ ولا يحول ما تقدم دون أن تفرض النقابة على كيفية ممارستها لنشاطها أشكالاً من الرقابة الذاتية في حدود أهدافها، ليكون تقييمها لنواحي القصور فيها موضوعياً، معتمداً على وسائل تحليلية موثوق بها.
وحيث إن المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قنن الدستور، مجمل أحكامها بنص مادته السادسة والخمسين: التي تحتم إنشاء ذلك التنظيم وفق أسس ديموقراطية يكون القانون كافلاً لها، راعياً لدوره في تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية والاقتصادية التي استهدفها؛ اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها التنظيمات النقابية، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وما ينبغي أن يُتخذ من التدابير للدفاع عنها.
وحيث إن البين من النص الطعين أنه تطلب شرطين يتعين توافرهما لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة التجاريين: (أولهما) ألا يقل نصاب الطعن عن مائة عضو على الأقل ممن حضروا تلك الجمعية (وثانيهما) أن يكون الطعن مستوفياً شكلية بذاتها قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن مصادقاً عليها جميعاً من الجهة المختصة: وبالتالي فإن تخلف أحد هذين الشرطين، لا يقابله إلا جزاء واحد هو عدم قبول الطعن.
وحيث إن الحق في إقامة التنظيمات النقابية على أسس ديموقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، وحقها في اللجوء إلى القضاء للدفاع عن المصالح الجماعية لأعضائها، وإنماؤها للقيم التي يدعون إليها في إطار أهدافها، ومراجعتها لسلوكهم ضماناً لصون الأسس التي حددها الدستور بنص المادة 56؛ إنما تقرر ليكون كافلاً لرسالتها على ضوء أهدافها، بمراعاة جوهر العمل النقابي ومتطلباته؛ فإن انحرفت عن هذه الأهداف كان للمنتمين إليها – بحكم عضويتهم في الجمعية العمومية – حق تقويم قراراتها وتصويب الإجراءات اللازمة قانوناً لصحتها بقدر مساسها بمراكزهم القانونية، ضماناً لإخضاع تصرفاتها وأعمالها لمقاييس الشرعية الدستورية والقانونية؛ إلا أن النص الطعين نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة التجاريين نصاباً عددياً فلا يُقبل إلا إذا كان مقدماً من مائة عضو على الأقل ممن حضروا اجتماعها وبشرط أن تكون توقيعاتهم على صحيفة الطعن مصدقاً عليها؛ ليحول بهذين القيدين بين كل عضو على استقلال، وبين ممارسة حقه في تصحيح ما ارتآه انحرافاً بالعمل النقابي عن غايته، نائياً بالحرية النقابية عن منابتها. مجتثاً جذورها؛ بما يشكل عدواناً جسيماً عليها؛ وعصفاً بجوهرها بالمخالفة لحكم المادة 56 من الدستور.
وحيث إن الطعن بالإلغاء على قرار أو إجراء معين لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التي تقتضيها ضرورة تنظيمه، وكان النظراء لا يتمايزون فيما بينهم في مجال استعمال الحقوق التي كفلها الدستور لهم، ولا في فرص صونها، والدفاع عنها، ولا في اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، بل تكون للحقوق عينها قواعد موحدة، سواء في مجال التداعي بشأنها أو الدفاع عنها أو استئدائها؛ وكان الدستور قد هيأ للحقوق المتنازع عليها وسائل إثباتها أو نفيها من خلال الخصومة القضائية التي كفل الحق فيها لكل فرد، وعزز ضماناتها، وأطلقها من القيود الجائزة عليها بما لا يحد من فرصة ولوجها، أو يعطلها في غير ضرورة: وكان القيدان اللذان تضمنهما النص الطعين يرهقان الخصومة القضائية التي يحركها أحد أعضاء الجمعية العمومية للنقابة في شأن صحة انعقادها؛ وينتهيان إلى غلق أبوابها من دونه، ويئدان وسائل الدفاع في شأن الحقوق التي يستهدف الوصول إليها، فإن هذا النص يكون مخالفاً كذلك لأحكام المواد 40، 65، 68، 69 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بإنشاء نقابة التجاريين من عدم قبول الطعن في قرارات الجمعية العمومية للنقابة أو في صحة انعقادها، إلا من مائة عضو على الأقل من الأعضاء الذين حضروا اجتماعها وذلك بتقرير مصدق على الإمضاءات الموقع بها عليه.

xosotin chelseathông tin chuyển nhượngcâu lạc bộ bóng đá arsenalbóng đá atalantabundesligacầu thủ haalandUEFAevertonxosokeonhacaiketquabongdalichthidau7m.newskqbdtysokeobongdabongdalufutebol ao vivofutemaxmulticanaisonbethttps://bsport.fithttps://onbet88.ooohttps://i9bet.bizhttps://hi88.ooohttps://okvip.athttps://f8bet.athttps://fb88.cashhttps://vn88.cashhttps://shbet.atbóng đá world cupbóng đá inter milantin juventusbenzemala ligaclb leicester cityMUman citymessi lionelsalahnapolineymarpsgronaldoserie atottenhamvalenciaAS ROMALeverkusenac milanmbappenapolinewcastleaston villaliverpoolfa cupreal madridpremier leagueAjaxbao bong da247EPLbarcelonabournemouthaff cupasean footballbên lề sân cỏbáo bóng đá mớibóng đá cúp thế giớitin bóng đá ViệtUEFAbáo bóng đá việt namHuyền thoại bóng đágiải ngoại hạng anhSeagametap chi bong da the gioitin bong da lutrận đấu hôm nayviệt nam bóng đátin nong bong daBóng đá nữthể thao 7m24h bóng đábóng đá hôm naythe thao ngoai hang anhtin nhanh bóng đáphòng thay đồ bóng đábóng đá phủikèo nhà cái onbetbóng đá lu 2thông tin phòng thay đồthe thao vuaapp đánh lô đềdudoanxosoxổ số giải đặc biệthôm nay xổ sốkèo đẹp hôm nayketquaxosokq xskqxsmnsoi cầu ba miềnsoi cau thong kesxkt hôm naythế giới xổ sốxổ số 24hxo.soxoso3mienxo so ba mienxoso dac bietxosodientoanxổ số dự đoánvé số chiều xổxoso ket quaxosokienthietxoso kq hôm nayxoso ktxổ số megaxổ số mới nhất hôm nayxoso truc tiepxoso ViệtSX3MIENxs dự đoánxs mien bac hom nayxs miên namxsmientrungxsmn thu 7con số may mắn hôm nayKQXS 3 miền Bắc Trung Nam Nhanhdự đoán xổ số 3 miềndò vé sốdu doan xo so hom nayket qua xo xoket qua xo so.vntrúng thưởng xo sokq xoso trực tiếpket qua xskqxs 247số miền nams0x0 mienbacxosobamien hôm naysố đẹp hôm naysố đẹp trực tuyếnnuôi số đẹpxo so hom quaxoso ketquaxstruc tiep hom nayxổ số kiến thiết trực tiếpxổ số kq hôm nayso xo kq trực tuyenkết quả xổ số miền bắc trực tiếpxo so miền namxổ số miền nam trực tiếptrực tiếp xổ số hôm nayket wa xsKQ XOSOxoso onlinexo so truc tiep hom nayxsttso mien bac trong ngàyKQXS3Msố so mien bacdu doan xo so onlinedu doan cau loxổ số kenokqxs vnKQXOSOKQXS hôm naytrực tiếp kết quả xổ số ba miềncap lo dep nhat hom naysoi cầu chuẩn hôm nayso ket qua xo soXem kết quả xổ số nhanh nhấtSX3MIENXSMB chủ nhậtKQXSMNkết quả mở giải trực tuyếnGiờ vàng chốt số OnlineĐánh Đề Con Gìdò số miền namdò vé số hôm nayso mo so debach thủ lô đẹp nhất hôm naycầu đề hôm naykết quả xổ số kiến thiết toàn quốccau dep 88xsmb rong bach kimket qua xs 2023dự đoán xổ số hàng ngàyBạch thủ đề miền BắcSoi Cầu MB thần tàisoi cau vip 247soi cầu tốtsoi cầu miễn phísoi cau mb vipxsmb hom nayxs vietlottxsmn hôm naycầu lô đẹpthống kê lô kép xổ số miền Bắcquay thử xsmnxổ số thần tàiQuay thử XSMTxổ số chiều nayxo so mien nam hom nayweb đánh lô đề trực tuyến uy tínKQXS hôm nayxsmb ngày hôm nayXSMT chủ nhậtxổ số Power 6/55KQXS A trúng roycao thủ chốt sốbảng xổ số đặc biệtsoi cầu 247 vipsoi cầu wap 666Soi cầu miễn phí 888 VIPSoi Cau Chuan MBđộc thủ desố miền bắcthần tài cho sốKết quả xổ số thần tàiXem trực tiếp xổ sốXIN SỐ THẦN TÀI THỔ ĐỊACầu lô số đẹplô đẹp vip 24hsoi cầu miễn phí 888xổ số kiến thiết chiều nayXSMN thứ 7 hàng tuầnKết quả Xổ số Hồ Chí Minhnhà cái xổ số Việt NamXổ Số Đại PhátXổ số mới nhất Hôm Nayso xo mb hom nayxxmb88quay thu mbXo so Minh ChinhXS Minh Ngọc trực tiếp hôm nayXSMN 88XSTDxs than taixổ số UY TIN NHẤTxs vietlott 88SOI CẦU SIÊU CHUẨNSoiCauVietlô đẹp hôm nay vipket qua so xo hom naykqxsmb 30 ngàydự đoán xổ số 3 miềnSoi cầu 3 càng chuẩn xácbạch thủ lônuoi lo chuanbắt lô chuẩn theo ngàykq xo-solô 3 càngnuôi lô đề siêu vipcầu Lô Xiên XSMBđề về bao nhiêuSoi cầu x3xổ số kiến thiết ngày hôm nayquay thử xsmttruc tiep kết quả sxmntrực tiếp miền bắckết quả xổ số chấm vnbảng xs đặc biệt năm 2023soi cau xsmbxổ số hà nội hôm naysxmtxsmt hôm nayxs truc tiep mbketqua xo so onlinekqxs onlinexo số hôm nayXS3MTin xs hôm nayxsmn thu2XSMN hom nayxổ số miền bắc trực tiếp hôm naySO XOxsmbsxmn hôm nay188betlink188 xo sosoi cầu vip 88lô tô việtsoi lô việtXS247xs ba miềnchốt lô đẹp nhất hôm naychốt số xsmbCHƠI LÔ TÔsoi cau mn hom naychốt lô chuẩndu doan sxmtdự đoán xổ số onlinerồng bạch kim chốt 3 càng miễn phí hôm naythống kê lô gan miền bắcdàn đề lôCầu Kèo Đặc Biệtchốt cầu may mắnkết quả xổ số miền bắc hômSoi cầu vàng 777thẻ bài onlinedu doan mn 888soi cầu miền nam vipsoi cầu mt vipdàn de hôm nay7 cao thủ chốt sốsoi cau mien phi 7777 cao thủ chốt số nức tiếng3 càng miền bắcrồng bạch kim 777dàn de bất bạion newsddxsmn188betw88w88789bettf88sin88suvipsunwintf88five8812betsv88vn88Top 10 nhà cái uy tínsky88iwinlucky88nhacaisin88oxbetm88vn88w88789betiwinf8betrio66rio66lucky88oxbetvn88188bet789betMay-88five88one88sin88bk88xbetoxbetMU88188BETSV88RIO66ONBET88188betM88M88SV88Jun-68Jun-88one88iwinv9betw388OXBETw388w388onbetonbetonbetonbet88onbet88onbet88onbet88onbetonbetonbetonbetqh88mu88Nhà cái uy tínpog79vp777vp777vipbetvipbetuk88uk88typhu88typhu88tk88tk88sm66sm66me88me888live8live8livesm66me88win798livesm66me88win79pog79pog79vp777vp777uk88uk88tk88tk88luck8luck8kingbet86kingbet86k188k188hr99hr99123b8xbetvnvipbetsv66zbettaisunwin-vntyphu88vn138vwinvwinvi68ee881xbetrio66zbetvn138i9betvipfi88clubcf68onbet88ee88typhu88onbetonbetkhuyenmai12bet-moblie12betmoblietaimienphi247vi68clupcf68clupvipbeti9betqh88onb123onbefsoi cầunổ hũbắn cáđá gàđá gàgame bàicasinosoi cầuxóc đĩagame bàigiải mã giấc mơbầu cuaslot gamecasinonổ hủdàn đềBắn cácasinodàn đềnổ hũtài xỉuslot gamecasinobắn cáđá gàgame bàithể thaogame bàisoi cầukqsssoi cầucờ tướngbắn cágame bàixóc đĩa开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育乐鱼体育亚新体育亚新体育亚新体育爱游戏爱游戏爱游戏华体会华体会华体会IM体育IM体育沙巴体育沙巴体育PM体育PM体育AG尊龙AG尊龙AG尊龙AG百家乐AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人<AG真人<皇冠体育皇冠体育PG电子PG电子万博体育万博体育KOK体育KOK体育欧宝体育江南体育江南体育江南体育半岛体育半岛体育半岛体育凯发娱乐凯发娱乐杏彩体育杏彩体育杏彩体育FB体育PM真人PM真人<米乐娱乐米乐娱乐天博体育天博体育开元棋牌开元棋牌j9九游会j9九游会开云体育AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人爱游戏华体会华体会im体育kok体育开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育欧宝体育ob体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育开云体育开云体育棋牌棋牌沙巴体育买球平台新葡京娱乐开云体育mu88qh88