الخط الساخن : 01118881009
جلسة 1 يناير سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم (55)
القضية رقم 180 لسنة 20 قضائية “دستورية”
1 – تنظيم الحقوق “سلطة المشرع”.
الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق هو إطلاقها ما لم يقيدها الدستور بقيود لصون هذه الحقوق من صور العدوان المحتمل عليها.
2 – دستور – حق العمل – تمايز – شروط موضوعية.
العمل – وفى إطار الخصائص التي يقوم عليها وفقاً للمادة 13 من الدستور – تكفله الدولة سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير – التمايز في أداء العاملين مدخل للمفاضلة بينهم – الشروط الموضوعية وحدها هي معيار العمل وتحديد المقابل المستحق عنه.
3 – عمل “أجر: عدالة – تماثل”.
عدالة الأجر لا تنفصل عن الأعمال التي يؤديها العامل سواء في نوعها أو كمها – التماثل في الأجر للأعمال ذاتها تفرضه وتقتضيه موضوعية الشروط التي يتحدد الأجر في نطاقها.
4 – مبدأ المساواة أمام القانون “تمييز: قوامه”.
صور التمييز التي تناهض مبدأ المساواة أمام القانون قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون.
5 – حق الملكية الخاصة “نطاق الحماية المقررة لها”.
امتداد الحماية الدستورية المكفولة لهذا الحق إلى كل حق ذي قيمة مالية – اتساعها للأموال بوجه عام.
6 – تشريع “الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991: عوار”.
مخالفة نص هذه الفقرة فيما قضت به من حرمان أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين من مكافأة العضوية للدستور.
1 – السلطة التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق وإن كان الأصل فيها هو إطلاقها، إلا أن القيود التي قد يفرضها الدستور لصون هذه الحقوق من صور العدوان المحتمل عليها، هي التي تبين تخوم الدائرة التي لا يجوز أن يتداخل التنظيم التشريعي فيها هادماً للحقوق التي يكفلها الدستور، أو مؤثراً في محتواها بما ينال منها. ومن ثم تمثل هذه الدائرة مجالاً حيوياً لا يتنفس الحق إلا من خلالها، ولا يكون تنظيم الحق ممكناً من زاوية دستورية إلا فيما وراء حدودها الخارجية، ليكون اقتحامها مجانياً لتنظيمه، وعدواناً عليه أدخل إلى مصادرته أو تقييده. كذلك لا يجوز أن تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها، بل يجب أن تكون هذه النصوص مدخلاً إليها وموطئاً لإشباع مصلحة عامة لها اعتبارها، ومرد ذلك، أن كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصوداً لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.
2، 3 – العمل – وفى إطار الخصائص التي يقوم عليها باعتباره حقاً وواجباً وشرفاً وفقاً للمادة 13 من الدستور – مكفول من الدولة سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير. وإعلاؤها لقد العمل وارتقاؤها بقيمته، يحملها على تقدير من يمتازون فيه، ليكون التمايز في أداء العاملين، مدخلاً للمفاضلة بينهم. وهو ما يعني بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها، هي التي يُعتد بها في تقدير العمل وتحديد المقابل المستحق عنه، والأوضاع التي ينبغي أن يمارس فيها، والحقوق التي يتصل بها، وأشكال حمايتها ووسائل اقتضائها. وأن ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 13 من الدستور من أن العمل لا يجوز أن يُفرض جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، وبمقابل عادل، مؤداه أن الأصل في العمل أن يكون إرادياً قائماً على الاختيار الحر، فلا يفرض عنوة على أحد، إلا أن يكون ذلك وفق القانون – وباعتباره تدبيراً استثنائياً متصلاً بدواعي الخدمة العامة مرتبطاً بمتطلباتها – وبمقابل عادل؛ وهو ما يعني أن عدالة الأجر لا تنفصل عن الأعمال التي يؤديها العامل سواء في نوعها أو كمها، فلا عمل بلا أجر، ولا يكون الأجر مقابلاً للعمل إلا بشرطين: أولهما: أن يكون متناسباً مع الأعمال التي أداها العامل، مُقدَّراً بمراعاة أهميتها وصعوبتها وتعقدها وزمن إنجازها، وغير ذلك من العناصر الواقعية التي يتحدد على ضوئها نطاقها ووزنها. ثانيهما: أن يكون ضابط التقدير موحداً، فلا تتعدد معايير هذا التقدير بما يباعد بينهما وبين الأسس الموضوعية لتحديد الأجر. وهو ما يعني بالضرورة ألا يكون مقدار الأجر محدداً التواء أو انحرافاً، فلا يمتاز بعض العمال عن بعض إلا بالنظر إلى طبيعة الأعمال التي يؤدونها وأهميتها، فإذا كان عملهم واحداً، فإن الأجر المقرر لجميعهم ينبغي أن يكون متماثلاً، بما مؤداه أن قاعدة التماثل في الأجر للأعمال ذاتها، تفرضها وتقتضيها موضوعية الشروط التي يتحدد الأجر في نطاقها.
4، 5، 6 – صور التمييز التي تناهض مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في المادة 40 من الدستوري – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها؛ فإن النص الطعين يكون هادماً لمبدأ المساواة أمام القانون، مخلاً بالتضامن الاجتماعي الذي يقوم عليه المجتمع، منتهكاً حق العامل – أياً كان موقعه أو دوره في تسيير دفة الإنتاج – في اقتضاء الأجر العادل لقاء عمله الذي يتكافأ مع عمل نظيره، هادماً لمبدأ ربط الأجر بالإنتاج سعياً لزيادة الدخل القومي؛ ومخالفاً بالتالي للمواد 7، 13، 23، 40 من الدستور.
وإذ كانت الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة – على ما وقر في قضاء هذه المحكمة – تمتد إلى كل حق ذي قيمة مالية، سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الفنية أو الأدبية أو الصناعية، وهو ما يعني اتساعها للأموال بوجه عام، وكان النص الطعين قد انتقص – دون مقتض – من الحقوق التي تثري الجانب الإيجابي للذمة المالية للمخاطبين بحكمه، فإنه يكون منطوياً على عدوان على الملكية الخاصة بالمخالفة للمادتين 32، 34 من الدستور.
الإجراءات
بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1998، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين الحكم بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، وذلك فيما تضمنته من قصر مكافأة العضوية على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المعينين دون المنتخبين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيين – باعتبارهما عضوين منتخبين عن العمال بمجلس إدارة شركة مصر للاستوديوهات والإنتاج السينمائي التابعة للشركة القابضة للإسكان والسياحة والسينما – كانا قد أقاما الدعوى رقم 635 لسنة 1997 أمام محكمة بولاق الدكرور الجزئية طالبين الحكم بإلغاء القرار الصادر بوقف صرف مكافأة العضوية المقررة للأعضاء المنتخبين وبأحقيتهما في صرفها اعتباراً من شهر أغسطس 1997 وما يترتب على ذلك من أثار، على سند من انتفاء مبرر التمييز في منحها بين الأعضاء المعينين والمنتخبين، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعيان بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العامة الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 فيما تضمنته من قصر مكافأة العضوية على رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة المعينين دون المنتخبين، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعيين باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقاما الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 – المطعون على فقرتها الرابعة – تنص على ما يأتي:
مع مراعاة أحكام المادة 4 من هذا القانون، يتولى إدارة الشركة التي يملك رأس مالها بأكمله شركة قابضة بمفردها أو بالاشتراك مع شركات قابضة أخرى أو أشخاص عامة أو بنوك القطاع العام، مجلس إدارة يعين لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
ويتكون مجلس الإدارة من عدد فردى من الأعضاء لا يقل عن خمسة ولا يزيد على تسعة، بما فيهم رئيس المجلس على النحو التالي.
( أ ) رئيس متفرغ من ذوى الخبرة، تعينه الجمعية العامة للشركة بناء على ترشيح مجلس إدارة الشركة القابضة.
(ب) أعضاء غير متفرغين يعينهم مجلس إدارة الشركة القابضة من ذوي الخبرة يمثلون الجهات المساهمة في الشركة، ويكون عددهم نصف عدد أعضاء المجلس.
(جـ) عدد من الأعضاء مماثل لعدد الأعضاء من ذوي الخبرة يتم انتخابهم من العاملين بالشركة طبقاً لأحكام القانون المنظم لذلك.
(د) رئيس اللجنة النقابية……
وتحدد الجمعية العامة ما يتقاضاه كل من رئيس وأعضاء المجلس المشار إليهم في البندين (أ، ب) من الفقرة السابقة من مكافآت العضوية، كما يحدد النظام الأساسي للشركة المكافأة السنوية التي يستحقونها بمراعاة نص المادة 34 من هذا القانون.
وتحدد الجمعية العامة بدل حضور الجلسات الذي يتقاضاه أعضاء المجلس، وما يستحقه أعضاؤه المنتخبين من مكافأة سنوية….”.
وحيث إن المدعيين إذ يستهدفان بنزاعهما الموضوعي مساواتهما بأعضاء مجلس الإدارة المعينين في مجال استحقاق مكافأة العضوية، وكانت الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام هي التي تحول دون إجابتهما إلى طلبهما بما تضمنته من قصر مكافأة العضوية على أعضاء مجلس الإدارة المعينين دون غيرهم، فإن تقرير صحة أو بطلان النص المطعون فيه – في هذا النطاق – يؤثر بالضرورة على النزاع الموضوعي، وتتوافر للمدعيين بذلك مصلحة شخصية مباشرة في إقامة الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعيين ينعيان على النص الطعين – محدداً نطاقاً على ما تقدم – مخالفته للمواد 7، 13، 40، 62 من الدستور باعتباره قد انطوى على تمييز غير مبرر بين أعضاء مجلس الإدارة المعينين ونظرائهم المنتخبين في شأن مكافأة العضوية رغم تماثلهم جميعاً في المركز القانوني، فأهدر بذلك مبدأ المساواة أمام القانون ونقض مبدأ التضامن الاجتماعي، فضلاً عن إخلاله بحق العمل، وبقاعدة ربط الأجر بالإنتاج تحقيقاً لزيادة الدخل القومي.
وحيث إن السلطة التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق وإن كان الأصل فيها هو إطلاقها، إلا أن القيود التي قد يفرضها الدستور لصون هذه الحقوق من صور العدوان المحتمل عليها، هي التي تبين تخوم الدائرة التي لا يجوز أن يتداخل التنظيم التشريعي فيها هادماً للحقوق التي يكفلها الدستور، أو مؤثراً في محتواها بما ينال منها. ومن ثم تمثل هذه الدائرة مجالاً حيوياً لا يتنفس الحق إلا من خلالها، ولا يكون تنظيم الحق ممكناً من زاوية دستورية إلا فيما وراء حدودها الخارجية، ليكون اقتحامها مجانياً لتنظيمه، وعدواناً عليه أدخل إلى مصادرته أو تقييده. كذلك لا يجوز أن تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها، بل يجب أن تكون هذه النصوص مدخلاً إليها وموطئاً لإشباع مصلحة عامة لها اعتبارها، ومرد ذلك، أن كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصوداً لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن العمل – وفى إطار الخصائص التي يقوم عليها باعتباره حقاً وواجباً وشرفاً وفقاً للمادة 13 من الدستور – مكفول من الدولة سواء بتشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير. وإعلاؤها لقد العمل وارتقاؤها بقيمته، يحملها على تقدير من يمتازون فيه، ليكون التمايز في أداء العاملين، مدخلاً للمفاضلة بينهم. وهو ما يعني بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها، هي التي يُعتد بها في تقدير العمل وتحديد المقابل المستحق عنه، والأوضاع التي ينبغي أن يمارس فيها، والحقوق التي يتصل بها، وأشكال حمايتها ووسائل اقتضائها. وأن ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 13 من الدستور من أن العمل لا يجوز أن يُفرض جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون، ولأداء خدمة عامة، وبمقابل عادل، مؤداه أن الأصل في العمل أن يكون إرادياً قائماً على الاختيار الحر، فلا يفرض عنوة على أحد، إلا أن يكون ذلك وفق القانون – وباعتباره تدبيراً استثنائياً متصلاً بدواعي الخدمة العامة مرتبطاً بمتطلباتها – وبمقابل عادل؛ وهو ما يعني أن عدالة الأجر لا تنفصل عن الأعمال التي يؤديها العامل سواء في نوعها أو كمها، فلا عمل بلا أجر، ولا يكون الأجر مقابلاً للعمل إلا بشرطين: أولهما: أن يكون متناسباً مع الأعمال التي أداها العامل، مُقَّدراً بمراعاة أهميتها وصعوبتها وتعقدها وزمن إنجازها، وغير ذلك من العناصر الواقعية التي يتحدد على ضوئها نطاقها ووزنها. ثانيهما: أن يكون ضابط التقدير موحداً، فلا تتعدد معايير هذا التقدير بما يباعد بينهما وبين الأسس الموضوعية لتحديد الأجر. وهو ما يعني بالضرورة ألا يكون مقدار الأجر محدداً التواء أو انحرافاً، فلا يمتاز بعض العمال عن بعض إلا بالنظر إلى طبيعة الأعمال التي يؤدونها وأهميتها، فإذا كان عملهم واحداً، فإن الأجر المقرر لجميعهم ينبغي أن يكون متماثلاً، بما مؤداه أن قاعدة التماثل في الأجر للأعمال ذاتها، تفرضها وتقتضيها موضوعية الشروط التي يتحدد الأجر في نطاقها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان مجلس إدارة الشركة المشكل وفق المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 هو أداة تسييرها وتصريف شئونها وتقرير سياستها العامة بلوغاً لأهدافها في إطار اختصاصاته المقررة قانوناً، وكان أعضاء هذا المجلس يتولون مهامهم فيه متضامنين معاً، ويتحملون المسئولية الجماعية الكاملة عما يصدر عن مجلسهم في الشذون التي يتولاها، فإن مناط استحقاق مكافأة العضوية يكون متحققاً سواء بالنسبة للأعضاء المعينين أو الأعضاء المنتخبين، ولا يجوز تقديرها على غير معيار التماثل بالنسبة إليهم جميعاً، دون أن ينال من ذلك ما ذهبت إليه هيئة قضايا الدولة في دفاعها من أن المنتخبين لعضوية مجلس الإدارة يختلف مركزهم القانوني عن المعينين من أعضائه بسبب أوضاعهم الوظيفية بالشركة التي يعملون بها، أو قولها بأن المعينين من أعضاء هذا المجلس يمثلون الجهات المساهمة في رأس مالها على خلاف المنتخبين، إذ لا صلة لكل ذلك بمناط استحقاق مكافأة العضوية والذي يدور حول عملهم متضمانين لتصريف شئون الشركة وتحقيق أهدافها. وإذ وقع التمييز بالنص الطعين بين الأعضاء المعينين والمنتخبين في مجال مكافأة العضوية التي تندرج تحت مفهوم الأجر دون مقتض، وكانت صور التمييز التي تناهض مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في المادة 40 من الدستور – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها؛ فإن النص الطعين يكون هادماً لمبدأ المساواة أمام القانون، مخلاً بالتضامن الاجتماعي الذي يقوم عليه المجتمع، منتهكاً حق العامل – أياً كان موقعه أو دوره في تسيير دفة الإنتاج – في اقتضاء الأجر العادل لقاء عمله الذي يتكافأ مع عمل نظيره، هادماً لمبدأ ربط الأجر بالإنتاج سعياً لزيادة الدخل القومي؛ ومخالفاً بالتالي للمواد 7، 13، 23، 40 من الدستور.
وحيث إن الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة – على ما وقر في قضاء هذه المحكمة – تمتد إلى كل حق ذي قيمة مالية، سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الفنية أو الأدبية أو الصناعية، وهو ما يعني اتساعها للأموال بوجه عام، وكان النص الطعين قد انتقص – دون مقتض – من الحقوق التي تثري الجانب الإيجابي للذمة المالية للمخاطبين بحكمه، فإنه يكون منطوياً على عدوان على الملكية الخاصة بالمخالفة للمادتين 32، 34 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 وذلك فيما تضمنه من حرمان أعضاء مجس الإدارة المنتخبين من مكافأة العضوية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وسوم : حكم دستورية