الخط الساخن : 01118881009

جلسة 4 مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم (57)
القضية رقم 55 لسنة 20 قضائية “دستورية”

1 – حقوق “أوصاف”.
من غير الجائز للمشرع أن يخلع على الحقوق أوصافاً تجاوز الدور المرسوم لها في الدستور، أو إعطائها خصائص تعارض ذاتيتها.
2 – حق الملكية “نطاق الحماية المقررة لها”.
الحماية التي يضفيها على حق الملكية لا تنحصر فيها كحق عيني أصلي ولكنها تمتد إلى الأموال جميعها.
3 – تشريع “قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 – الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان: طبيعتها – أموالها”.
هذه الجمعيات تعتبر من أشخاص القانون الخاص حتى ولو كان المشرع قد منحها جانباً من امتيازات السلطة العامة – تكوينها الخاص ينافيه إضفاء كافة ضمانات الأموال العامة على ممتلكاتها دون تمييز – ما تضمنه نص المادة (4) من هذا القانون من حظر الحجز على أموالها جاوز نطاق الحماية المكفولة لها دستورياً.
4 – حق التقاضي “ترضية قضائية: تنفيذها”.
اندماج الترضية القضائية في الحق في التقاضي باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه – الترضية القضائية التي لا تقترن بوسائل الحمل على تنفيذها تفقد قيمتها عملاً.
5 – ضمان عام – حق التقاضي.
أموال المدين جميعها يشملها الضمان العام لدائنيه – النص التشريعي الذي يرد الدائنين عنها دون مسوغ يخل بحق التقاضي.
1 – الحقوق جميعها – وكذلك النظم القانونية التي تضمنها – إنما تستمد أوصافها من مكوناتها التي خصها بها الدستور؛ أو تلك التي تفرضها طبيعتها؛ فلا يجوز أن يخلع عليها المشرع أوصافاً، تجاوز الدور الذي رسمه الدستور لها؛ أو يسبغ عليها خصائص تنأى بها عن طبيعتها؛ أو تتعارض وخصائصها الذاتية.
2 – ينص الدستور في المادة 29 على أن “تخضع الملكية لرقابة الشعب؛ وتحميها الدولة، وهى ثلاثة أنواع: الملكية العامة، والملكية التعاونية، والملكية الخاصة” وفى المادة 30 على أن “الملكية العامة هي ملكية الشعب…” كما قضى في المادة 31 منه على أن “الملكية التعاونية هي ملكية الجمعيات التعاونية…..” وفي المادة 34 على أن “الملكية الخاصة مصونة….” دالاً بذلك، على احتفائه بحق الملكية، بالنظر إلى دقة المصالح التي يمثلها، وانعكاسها على القيم الاقتصادية والاجتماعية التي تؤمن بها الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها؛ ومن ثم فقد أخضعها لرقابة الشعب، وعهد إلى الدولة بحمايتها – أياً كان صاحبها – وأعقب الدستور ذلك، بأن نظم صور الحماية، ومداها، بحسب دور كل نوع منها، ففي حين نصت المادة 33 على أن “للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقاً للقانون….” اكتفت المادة 31 بالنص في عجزها على أن يكفل القانون رعاية الملكية التعاونية ويضمن لها الإدارة الذاتية. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الحماية التي يضفيها الدستور على حق الملكية لا تنحصر فيها كحق عيني أصلي، ولكنها تمتد إلى الأموال جميعها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية، سواء كان هذا الحق شخصياً أو عينياً.
3 – قانون التعاون الإسكاني قد التزم هذا الإطار الدستوري، حين قضى بأن أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان مملوكة لها ملكية تعاونية، وبين إجراءات تأسيسها وشهرهاً، والتي بتمامها تكتسب الجمعية شخصيتها الاعتبارية بحسبانها “منظمة جماهيرية ديمقراطية” يستقل أعضاؤها بإدارتها وفقاً لنظامها الداخلي فلا تتداخل فيها جهة الإدارة، وحدد مهمتها بتوفير المساكن لأعضائها وتعهدها بالصيانة في إطار بنية متكاملة الخدمات. بيد أن كل أولئك، لا يسبغ على الجمعية وصف الشخصية الاعتبارية العامة في مفهوم المادة 87 من القانون المدني، بل يسلكها في دائرة أشخاص القانون الخاص سواء بالنظر إلى أغراضها أو على ضوء طبيعتها وكيفية تكوينها ونظم إدارتها؛ فلا تباشر نشاطها أصلاً إلا وفقاً للقواعد المقررة فيه، حتى ولو كان المشرع قد منحها جانباً من خصائص وامتيازات السلطة العامة – كتلك التي تخولها اللجوء إلى الطريق الإداري لرد العدوان على أموالها – فإن هذه الوسائل المقررة أصلاً للأشخاص العامة والتي يجوز أن تمارس الجمعية التعاونية بعض جوانبها، لا تحيلها إلى جهة إدارية في جوهر مقوماتها، ولا تلحقها بها أو تجعلها من فروعها؛ بل تظل الجمعية التعاونية – حتى وإن أضفى عليها المشرع بعض مكنات السلطة العامة – محتفظة بتكوينها الخاص الذي ينافيه إضفاء كافة ضمانات الأموال العامة على ممتلكاتها دون تمييز. فإن جاوز نطاق الحماية التي يسبغها قانونها النطاق الضروري لإحكام الرقابة عليها وزجر المتلاعبين بها، كان ذلك منافياً لخصائص الجمعيات التعاونية ومقوماتها التي تلحقها بأشخاص القانون الخاص وتخضعها لموازينه وقواعده؛ ومن ثم يكون النص الطعين، فيما تضمنها من حظر الحجز على أموال الجمعيات العامة في مجال التعاون الإسكاني، قد ألبس هذه الأموال غير ثوبها؛ وباعد بينها وبين خصائصها؛ بأن عاملها وكأنها من قبيل الأموال العامة؛ حال كونها مملوكة لها ملكية تعاونية، مجاوزاً بذلك نطاق الحماية المكفولة لها دستورياً.
4، 5 – لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاها، تمثلها الترضية القضائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على الحقوق التي يدعونها. وتندمج هذه الترضية – وبافتراض اتساقها مع أحكام الدستور والقانون – في الحق في التقاضي باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه، ولأنها ترتبط بصلة وثقى بالأغراض النهائية التي تستهدفها الخصومة القضائية. ذلك أن هذه الخصومة غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون. وبها تتحقق للخصومة القضائية جوانبها العملية، فلا تعمل في فراغ.
إن إنكار الحق في الترضية القضائية – سواء بمنعها ابتداء؛ أو من خلال إرهاقها بقيود تُعَسَّر الحصول عليها؛ أو على طريق تباطؤ ملحوظ في تقديمها – مؤداه من يطلبونها لا يقتضونها في وقتها الملائم، أو يُردُون أصلاً عنها؛ أو يحصلون على قدر منها بعد انتقاصها من أطرافها؛ مما يعتبر إهداراً للحماية التي كفلها الدستور أو المشرع للحقوق على اختلافها، وإنكاراً لحقائق العدل في جوهر ملامحها وتوجهاتها.
إن الترضية القضائية التي تقترن بوسائل الحمل على تنفيذها، تفقد قيمتها عملاً. وكلما تعذر قهر المدين على أداء الحقوق التي ماطل في إيفائها لأصحابها؛ وكان سند اقتضائها مستوفياً قوة نفاذه؛ فإن إعمال مبدأ الخضوع للقانون يكو سراباً. ويغدو عبثاً كذلك تأسيس حقائق العدل وتثبيتها من خلال مباشرة السلطة القضائية لولايتها التي حدد الدستور والمشرع تخومها؛ وغايتها إيصال الحقوق لأصحابها، وحمل من ينازعون فيها إعناتا على ردها؛ تقديراً بأن الحماية القضائية للحق أو للحرية، لزمها أن يكون الطريق إليها عبوراً إلى محصلتها النهائية، وانتقالاً من مرحلة التداعي بشأن الحق أو الحرية المتنازع عليها، إلى إشكال ضمانها، ومنها إلى وسائل فرضها على من يجحدونها؛ فلا يكون النزول عليها – ولو باستعمال القوة عند الضرورة – إلا أمراً كامناً في خصائص الحق أو الحرية التي قام الدليل على الإخلال بها، وكان العدوان عليها موضوع الخصومة القضائية، وصونها غايتها.
ومن المقرر كذلك أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه، وأن الدائنين جميعهم متكافئون في هذا الضمان – عدا من كان منهم مخولاً حق التقدم على غيره طبقاً للقانون – وكان الأصل جواز التنفيذ على أموال المدين بأكملها؛ وأن يتخذ الدائن بشأنها ما يراه من الطرق التحفظية والتنفيذية؛ وكانت دستورية النصوص القانونية، مناطها ارتباطها عقلاً بالأغراض التي تتوخاها والتي تبلور إطار لمصلحة مشروعة تحيط بها. فإذا كان اتصال هذه النصوص بالأغراض التي تبتغيها – وبافتراض مشروعيتها – مفتقداً أو واهياً، كان إبطال هذه النصوص لازماً؛ ولما كانت الأموال التي يملكها المدين – سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً – يشملها الضمان العام لدائنيه، فإن ردهم عنها بنص تشريعي – دون مسوغ – مؤداه أن يكون هذا النص باطلاً من زاوية دستورية باعتباره عدواناً بئيساً على حق التقاضي؛ وتدخلاً غير مباشر في شئون العدالة بما يناقض متطلباتها؛ وإفراداً للجمعية التعاونية للبناء والإسكان – دون مبرر – بمعاملة تفضيلية تختص بها دون غيرها من أشخاص القانون الخاص في مجال الرجوع عليها بالديون المترتبة في ذمتها.


الإجراءات

بتاريخ العاشر من مارس سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً للحكم بعدم دستورية نص المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما تضمنه من تمتع أموال الجمعيات التعاونية للإسكان بكافة الضمانات المدنية والجنائية المقررة للأموال العامة ومن بينها ضمانة عدم جواز الحجز عليها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم (أصلياً) بعدم قبول الدعوى و(احتياطياً) برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد استصدر بتاريخ 26/ 7/ 1994 حكماً محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافين الرقيمين 2409، 3043 لسنة 111 قضائية، بإلزام الجمعية المدعى عليها بأن تدفع له تعويضاً مقداره سبعة آلاف وستمائة جنيه وتنفيذاً له أوقع المدعي بتاريخ 17/ 12/ 1995 حجزاً تنفيذياً على أموالها لدى بنك القاهرة “فرع الأوقاف”، بيد أنها استصدرت بتاريخ 24/ 12/ 1996 حكماً في الدعوى رقم 148 لسنة 1996 تنفيذ الدقي قضى برفع ذلك الحجز واعتباره كأن لم يكن، فطعن عليه المدعي بالاستئناف رقم 996 لسنة 114 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، مضمناً صحيفته دفعاً بعدم دستورية المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981؛ وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وكلفت المدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامها.
وحيث إن المدعي ينعى على النص الطعين إهداره حق التقاضي، بإعاقته تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الجمعيات التعاونية للإسكان جبراً على أموالها، وإخلاله بمبدأ المساواة بين الدائنين المتماثلة مراكزهم القانونية، فوقع بذلك مخالفاً لأحكام المادتين 40، 68 من الدستور.
وحيث إن المادة (2) من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981، تنص على أن:
“أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان العقارية والمنقولة مملوكة لها ملكية تعاونية بصفتها الاعتبارية وغير قابلة للتوزيع”…
وتنص المادة (4) من ذلك القانون – في فقرتها الأولى – على أن:
“تتمتع الملكية التعاونية بكافة الضمانات المدنية والجنائية المقررة للملكية العامة ولا يجوز تملك أموال الجمعيات التعاونية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم ويجوز بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة دفع التعدي الذي يقع على أموال هذه الجمعيات بالطريق الإداري…..”.
ومفاد هذين النصين مجتمعين، أن أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان، وإذ كانت منخرطة في نطاق الملكية التعاونية، وليست من جنس الأموال العامة؛ إلا أن المشرع – وعلى ما دلت عليه المذكرة الإيضاحية للقانون – قدر أن تأمين الملكية التعاونية وحمايتها، يقتضيان تمتع أموال تلك الجمعيات بكافة الضمانات المدنية المقررة للأموال العامة، وهى تلك المنصوص عليها في المادة 87 من القانون المدني؛ ومن بينها ضمانة “حظر الحجز عليها”؛ والتي وإن لم يخصها بالذكر نص المادة الرابعة المشار إليها، إلا في عموم عباراته محمولاً على أعماله التحضيرية، ما يعني استغراق حكمه لكل أنواع الضمانات المدنية؛ دون ما حاجة إلى تعدادها. وعلى ذلك، يتحدد نطاق الدعوى الماثلة – في إطار ارتباط مصلحة رافعها بطلباته في النزاع الموضوعي – بما انطوى عليه نص المادة الرابعة من قانون التعاون الإسكاني – المطعون فيه – من حظر الحجز على أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان؛ ولا يتعداه إلى ما خلا ذلك من أحكام هذا النص.
وحيث إن الحقوق جميعها – وكذلك النظم القانونية التي تضمنها – إنما تستمد أوصافها من مكوناتها التي خصها بها الدستور؛ أو تلك التي تفرضها طبيعتها؛ فلا يجوز أن يخلع عليها المشرع أوصافاً، تجاوز الدور الذي رسمه الدستور لها؛ أو يسبغ عليها خصائص تنأى عن طبيعتها؛ أو تتعارض وخصائصها الذاتية.
وحيث إن الدستور ينص في المادة 29 على أن “تخضع الملكية لرقابة الشعب؛ وتحميها الدولة، وهى ثلاثة أنواع: الملكية العامة، والملكية التعاونية، والملكية الخاصة” وفى المادة 30 على أن “الملكية العامة هي ملكية الشعب….” كما قضى في المادة 31 منه على أن “الملكية التعاونية هي ملكية الجمعيات التعاونية…..” وفي المادة 34 على أن “الملكية الخاصة مصونة……” دالا بذلك، على احتفائه بحق الملكية، بالنظر إلى دقة المصالح التي يمثلها، وانعكاسها على القيم الاقتصادية والاجتماعية التي تؤمن بها الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها؛ ومن ثم فقد أخضعها لرقابة الشعب، وعهد إلى الدولة بحمايتها – أياً كان صاحبها – وأعقب الدستور ذلك، بأن نظم صور الحماية، ومداها، بحسب دور كل نوع منها، ففي حين نصت المادة 33 على أن “للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقاً للقانون….” اكتفت المادة 31 بالنص في عجزها على أن يكفل القانون رعاية الملكية التعاونية ويضمن لها الإدارة الذاتية. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الحماية التي يضفيها الدستور على حق الملكية لا تنحصر فيها كحق عيني أصلي، ولكنها تمتد إلى الأموال جميعها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية، سواء كان هذا الحق شخصياً أو عينياً.
وحيث إن قانون التعاون الإسكاني قد التزم هذا الإطار الدستوري، حين قضى بأن أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان مملوكة لها ملكية تعاونية، وبين إجراءات تأسيسها وشهرهاً، والتي بتمامها تكتسب الجمعية شخصيتها الاعتبارية بحسبانها “منظمة جماهيرية ديمقراطية” يستقل أعضاؤها بإدارتها وفقاً لنظامها الداخلي فلا تتداخل فيها جهة الإدارة، وحدد مهمتها بتوفير المساكن لأعضائها وتعهدها بالصيانة في إطار بنية متكاملة الخدمات. بيد أن كل أولئك، لا يسبغ على الجمعية وصف الشخصية الاعتبارية العامة في مفهوم المادة 87 من القانون المدني، بل يسلكها في دائرة أشخاص القانون الخاص سواء بالنظر إلى أغراضها أو على ضوء طبيعتها وكيفية تكوينها ونظم إداراتها؛ فلا تباشر نشاطها أصلاً إلا وفقاً للقواعد المقررة فيه، حتى ولو كان المشرع قد منحها جانباً من خصائص وامتيازات السلطة العامة – كتلك التي تخولها اللجوء إلى الطريق الإداري لرد العدوان على أموالها – فإن هذه الوسائل المقررة أصلاً للأشخاص العامة والتي يجوز أن تمارس الجمعية التعاونية بعض جوانبها، لا تحيلها إلى جهة إدارية في جوهر مقوماتها، ولا تلحقها بها أو تجعلها من فروعها؛ بل تظل الجمعية التعاونية – حتى وإن أضفى عليها المشرع بعض مكنات السلطة العامة – محتفظة بتكوينها الخاص الذي ينافيه إضفاء كافة ضمانات الأموال العامة على ممتلكاتها دون تمييز. فإن جاوز نطاق الحماية التي يسبغها قانونها النطاق الضروري لإحكام الرقابة عليها وزجر المتلاعبين بها، كان ذلك منافياً لخصائص الجمعيات التعاونية ومقاماتها التي تلحقها بأشخاص القانون الخاص وتخضعها لموازينه وقواعده؛ ومن ثم يكون النص الطعين، فيما تضمنها من حظر الحجز على أموال الجمعيات العاملة في مجال التعاون الإسكاني، قد ألبس هذه الأموال غير ثوبها؛ وباعد بينها وبين خصائصها؛ بأن عاملها وكأنها من قبيل الأموال العامة؛ حال كونها مملوكة لها ملكية تعاونية، مجاوزاً بذلك نطاق الحماية المكفولة لها دستورياً.
وحيث إن لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاها، تمثلها الترضية القضائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على الحقوق التي يدعونها. وتندمج هذه الترضية – وبافتراض اتساقها مع أحكام الدستور والقانون – في الحق في التقاضي باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه، ولأنها ترتبط بصلة وثقى بالأغراض النهائية التي تستهدفها الخصومة القضائية. ذلك أن هذه الخصومة غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون. وبها تتحقق للخصومة القضائية جوانبها العملية، فلا تعمل في فراغ.
وحيث إن إنكار الحق في الترضية القضائية – سواء بمنعها ابتداء؛ أو من خلال إرهاقها بقيود تُعَسَّر الحصول عليها؛ أو على طريق تباطؤ ملحوظ في تقديمها – مؤداه أن من يطلبونها لا يقتضونها في وقتها الملائم، أو يُردُون أصلاً عنها؛ أو يحصلون على قدر منها بعد انتقاصها من أطرافها؛ مما يعتبر إهداراً للحماية التي كفلها الدستور أو المشرع للحقوق على اختلافها، وإنكار لحقائق العدل في جوهر ملامحها وتوجهاتها.
وحيث إن الترضية القضائية التي لا تقترن بوسائل الحمل على تنفيذها، تفقد قيمتها عملاً. وكلما تعذر قهر المدين على أداء الحقوق التي ماطل في إيفائها لأصحابها؛ وكان سند اقتضائها مستوفياً قوة نفاذه؛ فإن إعمال مبدأ الخضوع للقانون يكو سراباً. ويغدو عبثاً كذلك تأسيس حقائق العدل وتثبيتها من خلال مباشرة السلطة القضائية لولايتها التي حدد الدستور والمشرع تخومها؛ وغايتها إيصال الحقوق لأصحابها، وحمل من ينازعون فيها إعناتاً على ردها؛ تقديراً بأن الحماية القضائية للحق أو للحرية، لزمها أن يكون الطريق إليها عبوراً إلى محصلتها النهائية، وانتقالاً من مرحلة التداعي بشأن الحق أو الحرية المتنازع عليها، إلى إشكال ضمانها، ومنها إلى وسائل فرضها على من يجحدونها؛ فلا يكون النزول عليها – ولو باستعمال القوة عند الضرورة – إلا أمراً كامناً في خصائص الحق أو الحرية التي قام الدليل على الإخلال بها، وكان العدوان عليها موضوع الخصومة القضائية، وصونها غايتها.
وحيث إن من المقرر كذلك أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه، وأن الدائنين جميعهم متكافئون في هذا الضمان – عدا من كان منهم مخولاً حق التقدم على غيره طبقاً للقانون – وكان الأصل جواز التنفيذ على أموال المدين بأكملها؛ وأن يتخذ الدائن بشأنها ما يراه من الطرق التحفظية والتنفيذية؛ وكانت دستورية النصوص القانونية، مناطها ارتباطها عقلاً بالأغراض التي تتوخاها والتي تبلور إطار لمصلحة مشروعة تحيط بها. فإذا كان اتصال هذه النصوص بالأغراض التي تبتغيها – وبافتراض مشروعيتها – مفتقداً أو واهياً، كان إبطال هذه النصوص لازماً؛ ولما كانت الأموال التي يملكها المدين – سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً – يشملها الضمان العام لدائنيه، فإن ردهم عنها بنص تشريعي – دون مسوغ – مؤداه أن يكون هذا النص باطلاً من زاوية دستورية باعتباره عدواناً بئيساً على حق التقاضي؛ وتدخلاً غير مباشر في شئون العدالة بما يناقض متطلباتها؛ وإفراداً للجمعية التعاونية للبناء والإسكان – دون مبرر – بمعاملة تفضيلية تختص بها دون غيرها من أشخاص القانون الخاص في مجال الرجوع عليها بالديون المترتبة في ذمتها؛ ومن ثم إخلالاً بأحكام المواد 34 و40 و65 و68 و165 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما انطوى عليه من حظر الحجز على أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

xosotin chelseathông tin chuyển nhượngcâu lạc bộ bóng đá arsenalbóng đá atalantabundesligacầu thủ haalandUEFAevertonxosokeonhacaiketquabongdalichthidau7m.newskqbdtysokeobongdabongdalufutebol ao vivofutemaxmulticanaisonbethttps://bsport.fithttps://onbet88.ooohttps://i9bet.bizhttps://hi88.ooohttps://okvip.athttps://f8bet.athttps://fb88.cashhttps://vn88.cashhttps://shbet.atbóng đá world cupbóng đá inter milantin juventusbenzemala ligaclb leicester cityMUman citymessi lionelsalahnapolineymarpsgronaldoserie atottenhamvalenciaAS ROMALeverkusenac milanmbappenapolinewcastleaston villaliverpoolfa cupreal madridpremier leagueAjaxbao bong da247EPLbarcelonabournemouthaff cupasean footballbên lề sân cỏbáo bóng đá mớibóng đá cúp thế giớitin bóng đá ViệtUEFAbáo bóng đá việt namHuyền thoại bóng đágiải ngoại hạng anhSeagametap chi bong da the gioitin bong da lutrận đấu hôm nayviệt nam bóng đátin nong bong daBóng đá nữthể thao 7m24h bóng đábóng đá hôm naythe thao ngoai hang anhtin nhanh bóng đáphòng thay đồ bóng đábóng đá phủikèo nhà cái onbetbóng đá lu 2thông tin phòng thay đồthe thao vuaapp đánh lô đềdudoanxosoxổ số giải đặc biệthôm nay xổ sốkèo đẹp hôm nayketquaxosokq xskqxsmnsoi cầu ba miềnsoi cau thong kesxkt hôm naythế giới xổ sốxổ số 24hxo.soxoso3mienxo so ba mienxoso dac bietxosodientoanxổ số dự đoánvé số chiều xổxoso ket quaxosokienthietxoso kq hôm nayxoso ktxổ số megaxổ số mới nhất hôm nayxoso truc tiepxoso ViệtSX3MIENxs dự đoánxs mien bac hom nayxs miên namxsmientrungxsmn thu 7con số may mắn hôm nayKQXS 3 miền Bắc Trung Nam Nhanhdự đoán xổ số 3 miềndò vé sốdu doan xo so hom nayket qua xo xoket qua xo so.vntrúng thưởng xo sokq xoso trực tiếpket qua xskqxs 247số miền nams0x0 mienbacxosobamien hôm naysố đẹp hôm naysố đẹp trực tuyếnnuôi số đẹpxo so hom quaxoso ketquaxstruc tiep hom nayxổ số kiến thiết trực tiếpxổ số kq hôm nayso xo kq trực tuyenkết quả xổ số miền bắc trực tiếpxo so miền namxổ số miền nam trực tiếptrực tiếp xổ số hôm nayket wa xsKQ XOSOxoso onlinexo so truc tiep hom nayxsttso mien bac trong ngàyKQXS3Msố so mien bacdu doan xo so onlinedu doan cau loxổ số kenokqxs vnKQXOSOKQXS hôm naytrực tiếp kết quả xổ số ba miềncap lo dep nhat hom naysoi cầu chuẩn hôm nayso ket qua xo soXem kết quả xổ số nhanh nhấtSX3MIENXSMB chủ nhậtKQXSMNkết quả mở giải trực tuyếnGiờ vàng chốt số OnlineĐánh Đề Con Gìdò số miền namdò vé số hôm nayso mo so debach thủ lô đẹp nhất hôm naycầu đề hôm naykết quả xổ số kiến thiết toàn quốccau dep 88xsmb rong bach kimket qua xs 2023dự đoán xổ số hàng ngàyBạch thủ đề miền BắcSoi Cầu MB thần tàisoi cau vip 247soi cầu tốtsoi cầu miễn phísoi cau mb vipxsmb hom nayxs vietlottxsmn hôm naycầu lô đẹpthống kê lô kép xổ số miền Bắcquay thử xsmnxổ số thần tàiQuay thử XSMTxổ số chiều nayxo so mien nam hom nayweb đánh lô đề trực tuyến uy tínKQXS hôm nayxsmb ngày hôm nayXSMT chủ nhậtxổ số Power 6/55KQXS A trúng roycao thủ chốt sốbảng xổ số đặc biệtsoi cầu 247 vipsoi cầu wap 666Soi cầu miễn phí 888 VIPSoi Cau Chuan MBđộc thủ desố miền bắcthần tài cho sốKết quả xổ số thần tàiXem trực tiếp xổ sốXIN SỐ THẦN TÀI THỔ ĐỊACầu lô số đẹplô đẹp vip 24hsoi cầu miễn phí 888xổ số kiến thiết chiều nayXSMN thứ 7 hàng tuầnKết quả Xổ số Hồ Chí Minhnhà cái xổ số Việt NamXổ Số Đại PhátXổ số mới nhất Hôm Nayso xo mb hom nayxxmb88quay thu mbXo so Minh ChinhXS Minh Ngọc trực tiếp hôm nayXSMN 88XSTDxs than taixổ số UY TIN NHẤTxs vietlott 88SOI CẦU SIÊU CHUẨNSoiCauVietlô đẹp hôm nay vipket qua so xo hom naykqxsmb 30 ngàydự đoán xổ số 3 miềnSoi cầu 3 càng chuẩn xácbạch thủ lônuoi lo chuanbắt lô chuẩn theo ngàykq xo-solô 3 càngnuôi lô đề siêu vipcầu Lô Xiên XSMBđề về bao nhiêuSoi cầu x3xổ số kiến thiết ngày hôm nayquay thử xsmttruc tiep kết quả sxmntrực tiếp miền bắckết quả xổ số chấm vnbảng xs đặc biệt năm 2023soi cau xsmbxổ số hà nội hôm naysxmtxsmt hôm nayxs truc tiep mbketqua xo so onlinekqxs onlinexo số hôm nayXS3MTin xs hôm nayxsmn thu2XSMN hom nayxổ số miền bắc trực tiếp hôm naySO XOxsmbsxmn hôm nay188betlink188 xo sosoi cầu vip 88lô tô việtsoi lô việtXS247xs ba miềnchốt lô đẹp nhất hôm naychốt số xsmbCHƠI LÔ TÔsoi cau mn hom naychốt lô chuẩndu doan sxmtdự đoán xổ số onlinerồng bạch kim chốt 3 càng miễn phí hôm naythống kê lô gan miền bắcdàn đề lôCầu Kèo Đặc Biệtchốt cầu may mắnkết quả xổ số miền bắc hômSoi cầu vàng 777thẻ bài onlinedu doan mn 888soi cầu miền nam vipsoi cầu mt vipdàn de hôm nay7 cao thủ chốt sốsoi cau mien phi 7777 cao thủ chốt số nức tiếng3 càng miền bắcrồng bạch kim 777dàn de bất bạion newsddxsmn188betw88w88789bettf88sin88suvipsunwintf88five8812betsv88vn88Top 10 nhà cái uy tínsky88iwinlucky88nhacaisin88oxbetm88vn88w88789betiwinf8betrio66rio66lucky88oxbetvn88188bet789betMay-88five88one88sin88bk88xbetoxbetMU88188BETSV88RIO66ONBET88188betM88M88SV88Jun-68Jun-88one88iwinv9betw388OXBETw388w388onbetonbetonbetonbet88onbet88onbet88onbet88onbetonbetonbetonbetqh88mu88Nhà cái uy tínpog79vp777vp777vipbetvipbetuk88uk88typhu88typhu88tk88tk88sm66sm66me88me888live8live8livesm66me88win798livesm66me88win79pog79pog79vp777vp777uk88uk88tk88tk88luck8luck8kingbet86kingbet86k188k188hr99hr99123b8xbetvnvipbetsv66zbettaisunwin-vntyphu88vn138vwinvwinvi68ee881xbetrio66zbetvn138i9betvipfi88clubcf68onbet88ee88typhu88onbetonbetkhuyenmai12bet-moblie12betmoblietaimienphi247vi68clupcf68clupvipbeti9betqh88onb123onbefsoi cầunổ hũbắn cáđá gàđá gàgame bàicasinosoi cầuxóc đĩagame bàigiải mã giấc mơbầu cuaslot gamecasinonổ hủdàn đềBắn cácasinodàn đềnổ hũtài xỉuslot gamecasinobắn cáđá gàgame bàithể thaogame bàisoi cầukqsssoi cầucờ tướngbắn cágame bàixóc đĩa开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育乐鱼体育亚新体育亚新体育亚新体育爱游戏爱游戏爱游戏华体会华体会华体会IM体育IM体育沙巴体育沙巴体育PM体育PM体育AG尊龙AG尊龙AG尊龙AG百家乐AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人<AG真人<皇冠体育皇冠体育PG电子PG电子万博体育万博体育KOK体育KOK体育欧宝体育江南体育江南体育江南体育半岛体育半岛体育半岛体育凯发娱乐凯发娱乐杏彩体育杏彩体育杏彩体育FB体育PM真人PM真人<米乐娱乐米乐娱乐天博体育天博体育开元棋牌开元棋牌j9九游会j9九游会开云体育AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人爱游戏华体会华体会im体育kok体育开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育欧宝体育ob体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育开云体育开云体育棋牌棋牌沙巴体育买球平台新葡京娱乐开云体育mu88qh88