الخط الساخن : 01118881009

جلسة 3 يونيو سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم (72)
القضية رقم 21 لسنة 20 قضائية “دستورية”

1 – دعوى دستورية “المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها – مفهومها”.
مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية – وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية مؤثراً في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها.
2 – دستور – تأمين اجتماعي – مشاركة.
حرص الدستور على دعم التأمين الاجتماعي – المزايا التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية – ضمان الرعاية التأمينية إنما يكون أصلاً من خلال التزام الدولة بأن توفر لهذه الرعاية بيئتها وأسبابها وفقاً لنص المادة 17 من الدستور – إسهام المواطنين في تكاليف الرعاية التأمينية هي واسطة الدولة لإبقاء الحقوق التأمينية المقررة للعاملين.
3 – تأمين اجتماعي “أعباء تأمينية: جزاء”.
بات منطقياً أن يقابل المشرع تقاعس أرباب الأعمال بجزاء يضمن الوفاء بحقيقة أعبائهم التأمينية المستحقة عن عمالهم.
4 – دستور – العدالة “مضمونها”.
خلو نصوص الدستور من تحديد لمعنى العدالة – من اللازم تحديدها دوماً من منظور اجتماعي – تباين معاني العدالة تبعاً لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها – القانون لا يكون منصفاً إلا إذا كان كافلاً لأهداف العدالة.
5 – جزاء “شرعيته”.
شرعية الجزاء جنائياً كان أو تأديبياً أو مدنياً لا يمكن ضمانها إلا إذا كان متناسباً مع الأفعال التي أثمها المشرع أو منعها في غير ما غلو أو إفراط.
6 – مبدأ خضوع الدولة للقانون “ضمان – جزاء”.
ضمان هذا المبدأ ألا تنزل الدولة القانونية بالحماية التي توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام في الدول الديمقراطية – تناسب الجزاء – طبقاً له – مع أفعال المواطنين وتدرجه خطورتها ووطأتها على الصالح العام.
7 – تشريع “الفقرة الأولى من المادة 130 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 – تعدد الجزاء”.
ما قرره هذا النص من أكثر من جزاء على فعل واحد ينافي ضوابط العدالة.
1 – من المقرر أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها بين المصلحة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل في المسألة مؤثراً في الطلبات المرتبطة بها والمروحة على محكمة الموضوع.
2 – إن الدستور حرص في المادة 17 منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين في الحدود التي يبينها القانون، وذلك من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، باعتبار أن مظلة التأمين الاجتماعي – التي يحدد المشروع نطاقها – هي التي تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة 7 من الدستور، بما مؤداه أن المزايا التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم، أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم.
إن ضمان الرعاية التأمينية، إنما يكون أصلاً من خلال الدولة التزاماً من جانبها بأن توفر لهذه الرعاية بيئتها وأسبابها وفقاً لنص المادة 17 من الدستور، بيد أن التزامها بأن تكفل لمواطنيها ظروفاً أفضل تتهيأ بها لخدماتهم التأمينية ما يقيمها – في نوعها ونطاقها – على أسس ترعى احتياجهم منها وتطورها، ولا يعني أن تنفرد وحدها بمتطلباتها، ولا أن تتحمل دون غيرها بأعبائها، وإلا كان ذلك تقويضاً لركائز التضامن الاجتماعي التي يقوم مجتمعها عليها، ومن ثم كان منطقياً أن يتضافر معها القادرون من مواطنيها في مجال النهوض بها، وذلك من خلال إسهامهم في تمويل تكاليف هذه الرعاية عن طريق الاشتراكات التي يؤدونها، على النحو المبين بالقانون، ومن ثم فإن إسهام المواطنين في تكاليف الرعاية التأمينية هي واسطة الدولة لإيفاء الحقوق التأمينية المقررة للعاملين، سواء كان ذلك أثناء خدمتهم كالتعويض عن إصابتهم ورعايتهم طبياً، أو كان بعد انتهائها كتعويض الدفعة الواحدة أو المعاش، ومن ثم تمثل هذه الإسهامات جانباً من الوعاء الذي توجهه الدولة – التي تقوم في التأمين الاجتماعي بدور المؤمن – إلى المشمولين بأحكامه لضمان انتفاعهم بالحقوق التأمينية في الحدود التي يبينها القانون.
3 – بعض أرباب الأعمال قد يمارون في شأن حقيقة الأجور التي يتقاضاها عمالهم باعتبار أن مصلحتهم ينافيها أن يقدموا للهيئة التي تقوم على شئون التأمين الاجتماعي، بياناً دقيقاً بتكلفة العمل، ذلك أن أعباءهم التأمينية تتحدد على ضوء حصتهم التي يدفعونها إليها بعد خفضها إلى أدنى حد ممكن، بل والتحايل على التخلص منها كلية، مما يحملهم على الإخلال بوعائها سواء من خلال التقرير بأجور أقل من تلك التي يدفعونها فعلاً للعمال الذين تعاقدوا معهم، أو من خلال التقاعس عن الإدلاء بالبيانات الحقيقية عن عدد المؤمن عليهم، أو التأخر في إيفاء الاشتراكات – أو غيرها من الالتزامات المالية – للهيئة التي تقوم على شئون التأمين الاجتماعي، ليكون إلباس الحقيقة غير ثوبها محوراً لبياناتهم، مما يناقض مصالح العمال، ويحول دون انتفاعهم بالخدمات التأمينية التي كان يجب تقديمها إليهم سواء في أصلها أو نطاقها إزاء قصور موارد الدولة اللازمة لإيفاء هذه الحقوق. ومن ثم فقد بات منطقياً أن يقابل المشرع هذا التقاعس من جانب أرباب الأعمال بجزاء يضمن الوفاء بحقيقة التزاماتهم المالية، ويتعين – لضمان اتفاق هذا الجزاء مع الدستور – أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع وفاء للمصلحة العامة، والوسائل التي اتخذها طريقاً لبلوغها، فلا تنفصل نصوصه القانونية عن أهدافها.
4، 5 – الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التي تضمنها، ليكون قيداً على السلطة التشريعية في المسائل التي تناولتها هذه النصوص، وأنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة في تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغي أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء في علائق الأفراد فيما بينهم، أو في نطاق صلاتهم بمجتمعهم، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعي، ذلك أن العدالة تتوخى – بمضمونها – التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة في مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة. ومن ثم فإن مفهومها قد يكون مطلقاً، ولكنها عملاً – ومن زاوية نتائجها الواقعية – لا تعني شيئاً ثابتاً باطراد، بل تتباين معانيها، وتتموج توجهاتها، تبعاً لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها. ويتعين بالتالي أن توازن علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، بأوضاع مجتمعهم والمصالح التي يتوخاها من أجل التوصل إلى وسائل علمية تكفل إسهام أكبر عدد من بينهم لضمان أكثر المصالح والقيم الاجتماعية تعبيراً عن النبض الاجتماعي لإرادتهم، ليكون القانون طريقاً لتوجههم الجمعي.
ما تقدم مؤداه، أن العدالة – في غايتها – لا تنفصل علاقاتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفاً إلا إذا كان كافلاً لأهدافها. فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها، وأهدر القيم الأصلية التي تحتضنها، كان مُنهِياً للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطاً كل قيمه لوجوده، ومستوجباً تغييره أو إلغاءه. ومن ثم فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرعية الجزاء – جنائياً كان أم تأديبياً أم مدنياً – لا يمكن ضمانها إلا إذا كان متناسباً مع الأفعال التي أثمها المشرع أو منعها في غير ما غلو أو إفراط.
6، 7 – أصحاب الأعمال المسئولون عن أداء الاشتراكات – وغيرها من الالتزامات المالية – التي فرضها المشرع عليهم، يلتزمون عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة (130) من القانون رقم 79 لسنة 1975 بأداء خمسين في المائة من قيمة الاشتراكات التي لم يؤدوها عن كل أو بعض عمالهم أو حال أدائهم الاشتراكات على أساس أجور غير حقيقية، فضلاً عن التزامهم بأداء خمسين في المائة من رصيد اشتراكاتهم التي لم يؤدوها عن كل سنة مالية على حدة، وكان ما توخاه المشرع من تقرير هذا الجزاء – منظوراً في ذلك إلى مداه – هو حمل الملتزمين بها على إيفائها للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لضمان تحصيلها، والتقليل من تكلفة جبايتها، فلا يتخلى عن توريدها، المسئولون عنها، وإلا كان ردعهم لازماً، فإن معنى العقوبة يكون ماثلاً في ذلك الجزاء – وإن لم يكن عقاباً بحتاً – وهو ما يظهر بوضوح من خلال وحدة مقداره. ذلك أن المتخلفين عن توريد هذه الاشتراكات يلتزمون فضلاً عن مبلغها – بأداء خمسين في المائة من قيمتها في كل الأحوال سواء أكان الإخلال بتوريدها ناشئاً عن عمد، أم إهمال، أم عن فعل غير مقترن بأيهما، متصلاً بالغش أو التحايل أو مجرداً منهما، واقعاً مرة واحدة أو متعدداً، وسواء كان التأخير في توريد هذه المبالغ ممتداً زمناً، أم مقصوراً على يوم واحد، إذ يتعين دوماً أداء خمسين في المائة من مبلغها، ولو كان النكول عن توريدها ناشئاً عن ظروف مفاجئة، ومجرداً من سوء القصد. وكان ينبغي على المشرع أن يُفرَّق في هذا الجزاء، بين من يتعمدون اقتناص هذه المبالغ لحسابهم، ومن يقصرون في توريدها، وأن يكون الجزاء على هذا التقصير متناسباً مع المدة التي امتد إليها.
إن المشرع جمع إلى جانب الجزاء المتقدم جزاء آخر نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (129) من قانون التأمين الاجتماعي والتي تلزم صاحب العمل – في حالة تأخره عن سداد ذات المبالغ – بأداء مبلغ إضافي بنسبة 1% شهرياً عن المدة من تاريخ وجوب الأداء حتى نهاية شهر السداد، لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد يتمثل في عدم أدائه الاشتراكات المستحقة عن عماله كلهم أو بعضهم أو أدائه إياها على أساس أجور غير حقيقية، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون – محدداً على ضوء مفهوم ديمقراطي – يعني أن مضمون القاعدة القانونية التي تسمو في الدولة القانونية عليها، وتتقيد هي بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التي التزمتها الدول الديمقراطية في مجتمعاتها، واستقر العمل باضطراد على انتهاجها في مظاهر سلوكها، لضمان ألا تنزل الدولة القانونية بالحماية التي توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم، عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام في تلك الدول، ويندرج تحتها، ألا يكون الجزاء، على أفعالهم – جنائياً كان، أو مدنياً، أم تأديبياً، أم مالياً – إفراطاً، بل متناسباً معها ومتدرجاً بقدر خطورتها ووطأتها على الصالح العام، فلا يكون هذا الجزاء إعناتاً، وكان تعدد صور الجزاء – مثلما هو الحالة في الدعوى الراهنة – وانصبابها جميعاً على مال المدين – مع وحدة سببها – يعتبر توقيعاً لأكثر من جزاء على فعل واحد، منافياً لضوابط العدالة التي يجب أن يقوم عليها النظام التأميني في الدولة، ومنتقصاً بالتالي – ودون مقتض – من العناصر الإيجابية للذمة المالية للمسئولين عن توريد المبالغ التي فرضها المشرع للاضطلاع بمسئوليته عن توفير الرعاية التأمينية.


الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من يناير سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة 130 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، مذكرة طلبتا فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى 5128 لسنة 1997 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليه الثاني طالباً الحكم بأن يدفع إليه جملة المبالغ التي تم تحصيلها منه بالزيادة عما هو مستحق عليه بسبب نشاطه في أعمال المقاولات، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة 130 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما تضمنه من فرض غرامة تأخير بنسبة 50% من الاشتراكات المتأخرة، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (130) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 معدلة بالقانون رقم 47 لسنة 1984 ورقم 107 لسنة 1987 تنص على أن “مع عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من المادة (129) يلتزم صاحب العمل بأداء المبالغ الإضافية الآتية:
1 – 50% من الاشتراكات التي لم يؤدها نتيجة عدم اشتراكه عن كل أو بعض عماله أو أدائه الاشتراكات على أساس أجور غير حقيقية.
2 – 50% من رصيد الاشتراكات التي لم يؤدها عن كل سنة مالية على حدة.
ويجوز الإعفاء من المبالغ الإضافية المنصوص عليها في هذه المادة إذا كانت هناك أعذار مقبولة طبقاً للقواعد والشروط التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات ويتم الإعفاء بقرار من الوزير أن من يفوضه”.
وحيث إن من المقرر أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل في المسألة مؤثراً في الطلبات المرتبطة بها والمروحة على محكمة الموضوع، وكان الفقرة الأولى من المادة 130 المطعون عليها تلزم صاحب العمل بأداء مبالغ إضافية تقدر بخمسين في المائة من الاشتراكات التي لم يؤدها نتيجة عدم اشتراكه عن كل أو بعض عماله أو أدائه الاشتراكات على أساس أجور غير حقيقية، بالإضافة إلى 50% من رصيد الاشتراكات التي لم يؤدها عن كل سنة مالية، وكانت طلبات المدعي في الدعوى الموضوعية تتحدد بإلزام المدعى عليه الثاني برد المبالغ التي تم تحصيلها بالزيادة بالتطبيق لهذه الفقرة، وكانت هذه الغاية تتحقق للمدعي إذا ما قضى بعدم دستورية النص الطعين، فإن نطاق الخصومة الدستورية الماثلة يتحدد بنص الفقرة الأولى من المادة 130 المشار إليه.
وحيث إن المدعي ينعى على النص الطعين أمرين أولهما: أن قانون التأمينات الاجتماعية وإن توخى حماية المصالح التأمينية باعتبار أن الحصول على الموارد اللازمة لكفالتها هدفاً مقصوداً منه ابتداء، إلا هذه المصالح ينبغي موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها إطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون، فلا يكون بالالتزام بأداء هذه الموارد متمحضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها ويفقدها مقوماتها، وثانيهما: أن الأصل في كل جزاء أن يكون متناسباً مع الأفعال التي نهى عنها المشرع وإلا كان مشوباً بالغلو، كذلك فإن مؤدى مبدأ مساواة المواطنين في الأعباء والتكاليف العامة، ألا يعامل المتراخون في توريد اشتراكات التأمين الاجتماعي وفق الأسس ذاتها التي يعامل بها الممتنعون عن سدادها أصلاً.
وحيث إن الدستور حرص في المادة 17 منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين في الحدود التي يبينها القانون، وذلك من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، باعتبار أن مظلة التأمين الاجتماعي – التي يحدد المشروع نطاقها – هي التي تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة 7 من الدستور، بما مؤداه أن المزايا التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم، أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم.
وحيث إن ضمان الرعاية التأمينية، إنما يكون أصلاً من خلال الدولة التزاماً من جانبها بأن توفر لهذه الرعاية بيئتها وأسبابها وفقاً لنص المادة 17 من الدستور، بيد أن التزامها بأن تكفل لمواطنيها ظروفاً أفضل تتهيأ بها لخدماتهم التأمينية ما يقيمها – في نوعها ونطاقها – على أسس ترعى احتياجهم منها وتطورها، ولا يعني أن تنفرد وحدها بمتطلباتها، ولا أن تتحمل دون غيرها بأعبائها، وإلا كان ذلك تقويضاً لركائز التضامن الاجتماعي التي يقوم مجتمعها عليها، ومن ثم كان منطقياً أن يتضافر معها القادرون من مواطنيها في مجال النهوض بها، وذلك من خلال إسهامهم في تمويل تكاليف هذه الرعاية عن طريق الاشتراكات التي يؤدونها، على النحو المبين بالقانون، ومن ثم فإن إسهام المواطنين في تكاليف الرعاية التأمينية هي واسطة الدولة لإيفاء الحقوق التأمينية المقررة للعاملين، سواء كان ذلك أثناء خدمتهم كالتعويض عن إصابتهم ورعايتهم طبياً، أو كان بعد انتهائها كتعويض الدفعة الواحدة أو المعاش، ومن ثم تمثل هذه الإسهامات جانباً من الوعاء الذي توجهه الدولة – التي تقوم في التأمين الاجتماعي بدور المؤمن – إلى المشمولين بأحكامه لضمان انتفاعهم بالحقوق التأمينية في الحدود التي يبينها القانون.
وحيث إن بعض أرباب الأعمال قد يمارون في شأن حقيقة الأجور التي يتقاضاها عمالهم باعتبار أن مصلحتهم ينافيها أن يقدموا للهيئة التي تقوم على شئون التأمين الاجتماعي، بياناً دقيقاً بتكلفة العمل، ذلك أن أعباءهم التأمينية تحدد على ضوء حصتهم التي يدفعونها إليها بعد خفضها إلى أدنى حد ممكن، بل والتحايل على التخلص منها كلية، مما يحملهم على الإخلال بوعائها سواء من خلال التقرير بأجور أقل من تلك التي يدفعونها فعلاً للعمال الذين تعاقدوا معهم، أو من خلال التقاعس عن الإدلاء بالبيانات الحقيقية عن عدد المؤمن عليهم، أو التأخر في إيفاء الاشتراكات – أو غيرها من الالتزامات المالية – للهيئة التي تقوم على شئون التأمين الاجتماعي، ليكون إلباس الحقيقة غير ثوبها محوراً لبياناتهم، مما يناقض مصالح العمال، ويحول دون انتفاعهم بالخدمات التأمينية التي كان يجب تقديمها إليهم سواء في أصلها أو نطاقها إزاء قصور موارد الدولة اللازمة لإيفاء هذه الحقوق. ومن ثم فقد بات منطقياً أن يقابل المشرع هذا التقاعس من جانب أرباب الأعمال بجزاء يضمن الوفاء بحقيقة التزاماتهم المالية، ويتعين – لضمان اتفاق هذا الجزاء مع الدستور – أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع وفاء للمصلحة العامة، والوسائل التي اتخذها طريقاً لبلوغها، فلا تنفصل نصوصه القانونية عن أهدافها.
وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التي تضمنها، ليكون قيداً على السلطة التشريعية في المسائل التي تناولتها هذه النصوص، وأنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة في تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغي أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء في علائق الأفراد فيما بينهم، أو في نطاق صلاتهم بمجتمعهم، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعي، ذلك أن العدالة تتوخى – بمضمونها – التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة في مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة. ومن ثم فإن مفهومها قد يكون طلقاً، ولكنها عملاً – ومن زاوية نتائجها الواقعية – لا تعني شيئاً ثابتاً باطراد، بل تتباين معانيها، وتتموج توجهاتها، تبعاً لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها. ويتعين بالتالي أن توازن علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، بأوضاع مجتمعهم والمصالح التي يتوخاها من أجل التوصل إلى وسائل علمية تكفل إسهام أكبر عدد من بينهم لضمان أكثر المصالح والقيم الاجتماعية تعبيراً عن النبض الاجتماعي لإرادتهم، ليكون القانون طريقاً لتوجههم الجمعي.
وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن العدالة – في غايتها – لا تنفصل علاقاتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفاً إلا إذا كان كافلاً لأهدافها. فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها، وأهدر القيم الأصلية التي تحتضنها، كان مُنهِياً للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطاً كل قيمه لوجوده، ومستوجباً تغييره أو إلغاءه. ومن ثم فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرعية الجزاء – جنائياً كان أم تأديبياً أم مدنياً – لا يمكن ضمانها إلا إذا كان متناسباً مع الأفعال التي أثمها المشرع أو منعها في غير ما غلو أو إفراط.
وحيث إن أصحاب الأعمال المسئولين عن أداء الاشتراكات – وغيرها من الالتزامات المالية – التي فرضها المشرع عليهم، يلتزمون عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة (130) من القانون رقم 79 لسنة 1975 بأداء خمسين في المائة من قيمة الاشتراكات التي لم يؤدوها عن كل أو بعض عمالهم أو حال أدائهم الاشتراكات على أساس أجور غير حقيقية، فضلاً عن التزامهم بأداء خمسين في المائة من رصيد اشتراكاتهم التي لم يؤدوها عن كل سنة مالية على حدة، وكان ما توخاه المشرع ومن تقرير هذا الجزاء – منظوراً في ذلك إلى مداه – هو حمل الملتزمين بها على إيفائها للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لضمان تحصيلها، والتقليل من تكلفة جبايتها، فلا يتخلى عن توريدها، المسئولون عنها، وإلا كان ردعهم لازماً، فإن معنى العقوبة يكون ماثلاً في ذلك الجزاء – وإن لم يكن عقاباً بحتاً – وهو ما يظهر بوضوح من خلال وحدة مقداره. ذلك أن المتخلفين عن توريد هذه الاشتراكات يلتزمون فضلاً عن مبلغها – بأداء خمسين في المائة من قيمتها في كل الأحوال سواء أكان الإخلال بتوريدها ناشئاً عن عمد، أم إهمال، أم عن فعل غير مقترن بأيهما، متصلاً بالغش أو التحايل أو مجرداً منهما، واقعاً مرة واحدة أو متعدداً، وسواء كان التأخير في توريد هذه المبالغ ممتداً زمناً، أم مقصوراً على يوم واحد، إذ يتعين دوماً أداء خمسين في المائة من مبلغها، ولو كان النكول عن توريدها ناشئاً عن ظروف مفاجئة، ومجرداً من سوء القصد. وكان ينبغي على المشرع أن يُفرَّق في هذا الجزاء، بين من يتعمدون اقتناص هذه المبالغ لحسابهم، ومن يقصرون في توريدها، وأن يكون الجزاء على هذا التقصير متناسباً مع المدة التي امتد إليها.
وحيث إن المشرع جمع إلى جانب الجزاء المتقدم. جزاء آخر نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (129) من قانون التأمين الاجتماعي والتي تلزم صاحب العمل – في حالة تأخره عن سداد ذات المبالغ – بأداء مبلغ إضافي بنسبة 1% شهرياً عن المدة من تاريخ وجب الأداء حتى نهاية شهر السداد، لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد يتمثل في عدم أدائه الاشتراكات المستحقة عن عماله كلهم أو بعضهم أو أدائه إياها على أساس أجور غير حقيقية، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون – محدداً على ضوء مفهوم ديمقراطي – يعني أن مضمون القاعدة القانونية التي تسمو في الدولة القانونية عليها، وتتقيد هي بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التي التزمتها الدول الديمقراطية في مجتمعاتها، واستقر العمل باضطراد على انتهاجها في مظاهر سلوكها، لضمان ألا تنزل الدولة القانونية بالحماية التي توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم، عن الحدود الدنياً لمتطلباتها المقبولة بوجه عام في تلك الدول، ويندرج تحتها، ألا يكون الجزاء، على أفعالهم – جنائياً كان، أو مدنياً، أم تأديبياً، أم مالياً – إفراطاً، بل متناسباً معها ومتدرجاً بقدر خطورتها ووطأتها على الصالح العام، فلا يكون هذا الجزاء إعناتاً، وكان تعدد صور الجزاء – مثلما هو الحالة في الدعوى الراهنة – وانصبابها جميعاً على مال المدين – مع وحدة سببها – يعتبر توقيعاً لأكثر من جزاء على فعل واحد، منافياً لضوابط العدالة التي يجب أن يقوم عليها النظام التأميني في الدولة، ومنتقصاً بالتالي – ودون مقتض – من العناصر الإيجابية للذمة المالية للمسئولين عن توريد المبالغ التي فرضها المشرع للاضطلاع بمسئوليته عن توفير الرعاية التأمينية، فإن النص المطعون فيه يكون مخالفاً أحكام المواد 7 و34 و65 من الدستور.
وحيث إنه، وقد خلصت المحكمة إلى إبطال نص الفقرة الأولى من المادة 130 من قانون التأمين الاجتماعي، فإن رخصة الإعفاء المخولة لوزير التأمينات بنص الفقرة الثانية من ذات المادة ساقطة لورودها على غير محل.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (130) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وبسقوط فقرتها الثانية، وألزمت الحكومة المصروفات. ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

xosotin chelseathông tin chuyển nhượngcâu lạc bộ bóng đá arsenalbóng đá atalantabundesligacầu thủ haalandUEFAevertonxosokeonhacaiketquabongdalichthidau7m.newskqbdtysokeobongdabongdalufutebol ao vivofutemaxmulticanaisonbethttps://bsport.fithttps://onbet88.ooohttps://i9bet.bizhttps://hi88.ooohttps://okvip.athttps://f8bet.athttps://fb88.cashhttps://vn88.cashhttps://shbet.atbóng đá world cupbóng đá inter milantin juventusbenzemala ligaclb leicester cityMUman citymessi lionelsalahnapolineymarpsgronaldoserie atottenhamvalenciaAS ROMALeverkusenac milanmbappenapolinewcastleaston villaliverpoolfa cupreal madridpremier leagueAjaxbao bong da247EPLbarcelonabournemouthaff cupasean footballbên lề sân cỏbáo bóng đá mớibóng đá cúp thế giớitin bóng đá ViệtUEFAbáo bóng đá việt namHuyền thoại bóng đágiải ngoại hạng anhSeagametap chi bong da the gioitin bong da lutrận đấu hôm nayviệt nam bóng đátin nong bong daBóng đá nữthể thao 7m24h bóng đábóng đá hôm naythe thao ngoai hang anhtin nhanh bóng đáphòng thay đồ bóng đábóng đá phủikèo nhà cái onbetbóng đá lu 2thông tin phòng thay đồthe thao vuaapp đánh lô đềdudoanxosoxổ số giải đặc biệthôm nay xổ sốkèo đẹp hôm nayketquaxosokq xskqxsmnsoi cầu ba miềnsoi cau thong kesxkt hôm naythế giới xổ sốxổ số 24hxo.soxoso3mienxo so ba mienxoso dac bietxosodientoanxổ số dự đoánvé số chiều xổxoso ket quaxosokienthietxoso kq hôm nayxoso ktxổ số megaxổ số mới nhất hôm nayxoso truc tiepxoso ViệtSX3MIENxs dự đoánxs mien bac hom nayxs miên namxsmientrungxsmn thu 7con số may mắn hôm nayKQXS 3 miền Bắc Trung Nam Nhanhdự đoán xổ số 3 miềndò vé sốdu doan xo so hom nayket qua xo xoket qua xo so.vntrúng thưởng xo sokq xoso trực tiếpket qua xskqxs 247số miền nams0x0 mienbacxosobamien hôm naysố đẹp hôm naysố đẹp trực tuyếnnuôi số đẹpxo so hom quaxoso ketquaxstruc tiep hom nayxổ số kiến thiết trực tiếpxổ số kq hôm nayso xo kq trực tuyenkết quả xổ số miền bắc trực tiếpxo so miền namxổ số miền nam trực tiếptrực tiếp xổ số hôm nayket wa xsKQ XOSOxoso onlinexo so truc tiep hom nayxsttso mien bac trong ngàyKQXS3Msố so mien bacdu doan xo so onlinedu doan cau loxổ số kenokqxs vnKQXOSOKQXS hôm naytrực tiếp kết quả xổ số ba miềncap lo dep nhat hom naysoi cầu chuẩn hôm nayso ket qua xo soXem kết quả xổ số nhanh nhấtSX3MIENXSMB chủ nhậtKQXSMNkết quả mở giải trực tuyếnGiờ vàng chốt số OnlineĐánh Đề Con Gìdò số miền namdò vé số hôm nayso mo so debach thủ lô đẹp nhất hôm naycầu đề hôm naykết quả xổ số kiến thiết toàn quốccau dep 88xsmb rong bach kimket qua xs 2023dự đoán xổ số hàng ngàyBạch thủ đề miền BắcSoi Cầu MB thần tàisoi cau vip 247soi cầu tốtsoi cầu miễn phísoi cau mb vipxsmb hom nayxs vietlottxsmn hôm naycầu lô đẹpthống kê lô kép xổ số miền Bắcquay thử xsmnxổ số thần tàiQuay thử XSMTxổ số chiều nayxo so mien nam hom nayweb đánh lô đề trực tuyến uy tínKQXS hôm nayxsmb ngày hôm nayXSMT chủ nhậtxổ số Power 6/55KQXS A trúng roycao thủ chốt sốbảng xổ số đặc biệtsoi cầu 247 vipsoi cầu wap 666Soi cầu miễn phí 888 VIPSoi Cau Chuan MBđộc thủ desố miền bắcthần tài cho sốKết quả xổ số thần tàiXem trực tiếp xổ sốXIN SỐ THẦN TÀI THỔ ĐỊACầu lô số đẹplô đẹp vip 24hsoi cầu miễn phí 888xổ số kiến thiết chiều nayXSMN thứ 7 hàng tuầnKết quả Xổ số Hồ Chí Minhnhà cái xổ số Việt NamXổ Số Đại PhátXổ số mới nhất Hôm Nayso xo mb hom nayxxmb88quay thu mbXo so Minh ChinhXS Minh Ngọc trực tiếp hôm nayXSMN 88XSTDxs than taixổ số UY TIN NHẤTxs vietlott 88SOI CẦU SIÊU CHUẨNSoiCauVietlô đẹp hôm nay vipket qua so xo hom naykqxsmb 30 ngàydự đoán xổ số 3 miềnSoi cầu 3 càng chuẩn xácbạch thủ lônuoi lo chuanbắt lô chuẩn theo ngàykq xo-solô 3 càngnuôi lô đề siêu vipcầu Lô Xiên XSMBđề về bao nhiêuSoi cầu x3xổ số kiến thiết ngày hôm nayquay thử xsmttruc tiep kết quả sxmntrực tiếp miền bắckết quả xổ số chấm vnbảng xs đặc biệt năm 2023soi cau xsmbxổ số hà nội hôm naysxmtxsmt hôm nayxs truc tiep mbketqua xo so onlinekqxs onlinexo số hôm nayXS3MTin xs hôm nayxsmn thu2XSMN hom nayxổ số miền bắc trực tiếp hôm naySO XOxsmbsxmn hôm nay188betlink188 xo sosoi cầu vip 88lô tô việtsoi lô việtXS247xs ba miềnchốt lô đẹp nhất hôm naychốt số xsmbCHƠI LÔ TÔsoi cau mn hom naychốt lô chuẩndu doan sxmtdự đoán xổ số onlinerồng bạch kim chốt 3 càng miễn phí hôm naythống kê lô gan miền bắcdàn đề lôCầu Kèo Đặc Biệtchốt cầu may mắnkết quả xổ số miền bắc hômSoi cầu vàng 777thẻ bài onlinedu doan mn 888soi cầu miền nam vipsoi cầu mt vipdàn de hôm nay7 cao thủ chốt sốsoi cau mien phi 7777 cao thủ chốt số nức tiếng3 càng miền bắcrồng bạch kim 777dàn de bất bạion newsddxsmn188betw88w88789bettf88sin88suvipsunwintf88five8812betsv88vn88Top 10 nhà cái uy tínsky88iwinlucky88nhacaisin88oxbetm88vn88w88789betiwinf8betrio66rio66lucky88oxbetvn88188bet789betMay-88five88one88sin88bk88xbetoxbetMU88188BETSV88RIO66ONBET88188betM88M88SV88Jun-68Jun-88one88iwinv9betw388OXBETw388w388onbetonbetonbetonbet88onbet88onbet88onbet88onbetonbetonbetonbetqh88mu88Nhà cái uy tínpog79vp777vp777vipbetvipbetuk88uk88typhu88typhu88tk88tk88sm66sm66me88me888live8live8livesm66me88win798livesm66me88win79pog79pog79vp777vp777uk88uk88tk88tk88luck8luck8kingbet86kingbet86k188k188hr99hr99123b8xbetvnvipbetsv66zbettaisunwin-vntyphu88vn138vwinvwinvi68ee881xbetrio66zbetvn138i9betvipfi88clubcf68onbet88ee88typhu88onbetonbetkhuyenmai12bet-moblie12betmoblietaimienphi247vi68clupcf68clupvipbeti9betqh88onb123onbefsoi cầunổ hũbắn cáđá gàđá gàgame bàicasinosoi cầuxóc đĩagame bàigiải mã giấc mơbầu cuaslot gamecasinonổ hủdàn đềBắn cácasinodàn đềnổ hũtài xỉuslot gamecasinobắn cáđá gàgame bàithể thaogame bàisoi cầukqsssoi cầucờ tướngbắn cágame bàixóc đĩa开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育乐鱼体育亚新体育亚新体育亚新体育爱游戏爱游戏爱游戏华体会华体会华体会IM体育IM体育沙巴体育沙巴体育PM体育PM体育AG尊龙AG尊龙AG尊龙AG百家乐AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人<AG真人<皇冠体育皇冠体育PG电子PG电子万博体育万博体育KOK体育KOK体育欧宝体育江南体育江南体育江南体育半岛体育半岛体育半岛体育凯发娱乐凯发娱乐杏彩体育杏彩体育杏彩体育FB体育PM真人PM真人<米乐娱乐米乐娱乐天博体育天博体育开元棋牌开元棋牌j9九游会j9九游会开云体育AG百家乐AG百家乐AG真人AG真人爱游戏华体会华体会im体育kok体育开云体育开云体育开云体育乐鱼体育乐鱼体育欧宝体育ob体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育亚博体育开云体育开云体育棋牌棋牌沙巴体育买球平台新葡京娱乐开云体育mu88qh88