الخط الساخن : 01118881009
جلسة 5 أغسطس سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم (83)
القضية رقم 163 لسنة 20 قضائية “دستورية”
1 – المحكمة الدستورية العليا “رقابة على الدستورية: محلها”.
محل الرقابة على الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة لا يتمثل إلا في القانون بمعناه الموضوعي. محدداً على ضوء قاعدة قانونية يرتبط مجال أعمالها بتعدد تطبيقاتها سواء أقرت السلطة التشريعية هذه القاعدة أو أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي ناطها الدستور بها.
2 – دعوى دستورية “المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها”.
مناط هذه المصلحة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – توافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي – وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية.
3 – تنظيم الحقوق “سلطة المشرع”.
الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من انطلاقها.
4 – دستور “مساواة”.
تكامل المادتين 11، 40 من الدستور واتجاههما لتحقيق مبدأ مساواة المرأة بالرجل.
5 – دستور – مبدأ تكافؤ الفرص.
افتراض تكافؤ الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم – ضمان عدالة توزيعها – ضرورة ترتيب المتراحمين عليها فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال لتحديد أجدرهم بالفوز بها.
6 – دستور “عمل المرأة”.
عمل المرأة في مجتمعها من الحقوق التي كفلها الدستور بمراعاة التوفيق بين عملها وواجباتها قبل أسرتها.
7 – حق الملكية الخاصة “فرص الكسب: حماية”.
امتداد الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة إلى فرص كسبها – عدم جواز تقييد هذه الفرص دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة.
8 – تضامن اجتماعي.
تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي مؤداه تداخل مصالحهم والتوفيق بينها ومزاوجتها.
9 – تشريع “الفقرة الثانية من البند ب من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991: فرص”.
ما جرى به هذا النص من ألا يخص العاملة من الأراضي الزراعية سوى نصف الحصة المقررة للعاملين من الرجال إذا كان زوجها ممن لا يعملون بجهات التمليك مؤداه انتقاص حصتها دون أن يكون ذلك راجعاً إلى ضوابط موضوعية.
1 – جرى قضاء هذه المحكمة على أن الولاية التي تباشرها في مجال الرقابة على الدستورية، إنما تتعلق بالنصوص القانونية أياً كان محلها أو موضوعها أو نطاق تطبيقها أو السلطة التي أقرتها أو أصدرتها، وأن غايتها رد النصوص القانونية المطعون عليها إلى إحكام الدستور تثبتاً من اتفاقها أو اختلافها معها، فلا يتمثل محل هذه الرقابة إلا في القانون بمعناه الموضوعي، محدداً على ضوء قاعدة قانونية يرتبط مجال إعمالها بتعدد تطبيقاتها، سواء أقرتها السلطة التشريعية أو أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي ناطها الدستور بها، وهو يعني انتفاء تخصيصها، فلا تتقيد بحالة بذاتها تستنفد بها القاعدة القانونية مجال تطبيقها، ولا بشخص معين يستغرق نطاق سريانها.
2 – المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعي هذه المحكمة لنظرها، لازماً للفصل فيها يرتبط بها من الطلبات الموضوعية.
3 – الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من انطلاقها، وتعتبر تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذ يعهد إلى أي من السلطتين التشريعية والتنفيذية بتنظيم موضوع معين، فإن القواعد القانونية التي تصدر عن أيتهما في هذا النطاق لا يجوز أن تنال من الحقوق التي كفل الدستور أصلها سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها، وإلا كان ذلك عدواناً على مجالاتها الحيوية من خلال إهدارها أو تهميشها.
4 – إن الدستور تضمن مادتين تقيمان مبدأ مساواة المرأة بالرجل، أولاهما مادته الحادية عشرة التي تكفل الدولة بمقتضاها التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في مجتمعها، وكذلك مساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية؛ وثانيتهما مادته الأربعون التي حظر الدستور بموجبها التمييز بين الرجل والمرأة سواء في مجال حقوقهم أو حرياتهم. على أساس من الجنس، بما مؤداه تكامل هاتين المادتين واتجاههما لتحقيق الأغراض عينها، ذلك أن الأصل في النصوص التي يتضمنها الدستور هو تساندها فيما بينها، واتفاقها مع بعضها البعض في صون القيم والمثل العليا التي احتضنها الدستور ولا يتصور بالتالي تعارضها أو تماحيها، ولا علو بعضها على بعض، بل تجمعها تلك الوحدة العضوية التي تقيم من بنيانها نسيجاً متضافراً يحول دون تهادمها.
5 – إن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم، تفترض تكافؤها؛ وتدخل الدولة إيجابياً لضمان عدالة توزيعها على من يتزاحمون عليها ويستبقون للفوز بها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال؛ وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها فلا تنفصل عنها، ولا يجوز بالتالي حجبها عمن يستحقها، ولا إنكارها لاعتبار لا يتعلق بطبيعتها، ولا بمتطلباتها.
6 – من المقرر أن عمل المرأة في مجتمعها – وأياً كانت الصورة التي يتخذها – هو من الحقوق التي كفلها الدستور لها بمراعاة التوفيق بين هذا العمل وواجباتها قبل أسرتها. فإذا منعها المشرع – بغير سند موضوعي مبرر – من الحصول على حصة كاملة من الأرض الزراعية – شأنها شأن العاملين من الرجال – فإن القول بتكافئهما في الفرص التي أتاحتها هذه الجهة لنيلها، أو بتساويهما في شروط النفاذ إليها، ينحل بهتاناً يؤيده أن القرار رقم 324 لسنة 1991 المشار إليه، ما كفل للعاملين ميزة الحصول على أراض زراعية تملكها جهة عملهم، وتقوم بتوزيعها عليهم، بعيداً عن الأغراض التي ربط بها، وأخصها استثارة اهتمامهم بالتنمية الزراعية تطويراً لها. ولا يلتئم وهذا الأغراض، إنكار حق المرأة كاملاً في تلك الميزة. ولو كانت مستوفية شرائطها، وإلا كان هذا الحرمان عدواناً مبيناً.
7 – ضمان الدستور للحق في الملكية الخاصة – على ما تقضي به المادتان 32 و34 من الدستور – لا يقتصر على صون ما يكون قائماً فعلاً من مصادرها، وإنما تمتد الحماية التي كفلها لهذه الملكية إلى فرص كسبها والأصل فيها هو الإطلاق – فلا يجوز تقييدها دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة، ويندرج تحتها قيد الحد الأقصى المقرر في شأن الملكية الزراعية عملاً بنص المادة 37 من الدستور التي قصد بها أن يؤمن الفلاح والعامل الزراعي من صور الاستغلال على اختلافها. والعاملون بجهات التمليك من الكادحين غالباً، وفرصهم التي أتاحها المشرع للحصول منها على أراض زراعية، هي الطريق لتملكها وتنميتها، فإذا أغلق اعتسافاً دون أحدهم، كان ذلك إخلالاً بفرص كسبها.
8، 9 – تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً لنص المادة 7 من الدستور، مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التي يؤمنون بها، فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازاً، ولا ينال قدراً من الحقوق يكون بها – دون مقتض – أكثر امتيازاً من سواه، بل يتمتعون جميعاً بالحقوق عينها – التي تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها – وبالوسائل ذاتها التي تُعينهم على ممارستها.
الفرص التي هيأها المشرع للعاملين في التنمية الزراعية – وأياً كان عددها – ينبغي دوماً أن تتحدد وفقاً لأسس موضوعية لا تتباين تطبيقاتها. وما جرى به النص الطعين من ألا يخص العاملة من الأرض الزراعية سوى نصف الحصة المقررة للعاملين من الرجال، إذا كان زوجها ممن لا يعملون بجهات التمليك، مؤداه انتقاص حصتها دون أن يكون ذلك راجعاً إلى ضوابط موضوعية، بل إقصاؤها تماماً عن فرص الحصول على حصة كاملة، فلا يكون الحرمان منها متصلاً بقواعد منطقية تطبقها جهة العمل في شأن من يطلبونها، بل إهداراً دائماً للحق فيها.
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من أغسطس سنة 1998، ورد إلى قلم كتاب المحكمة، ملف الدعوى رقم 2064 لسنة 1997 عمال الإسكندرية، بعد أن قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبولها أو رفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيات كن قد أقمن الدعوى رقم 2064 لسنة 1997 عمال أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المدعى عليهما، بطلب الحكم بإلزامهما بتسليمهن أرضاً زراعية مساوية – مساحة وسعراً – لحصة العاملين من الرجال مقابل تركهن وظائفهن، قولاً بأن الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة رقم 324 لسنة 1991 قد قصرت تمليكهن على حصة مقدارها 50% من الحصة التي يحصل عليها الرجال، وبجلسة 19/ 4/ 1998 قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية هذا النص، لما تراءى لها من مخالفته لأحكام المواد 7 و8 و32 و34 من الدستور.
وحيث إن قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991، ينص في المادة الأولى منه على أن: “يتم تمليك الراغبين من العاملين بهيئة القطاع العام للتنمية الزراعية وشركاتها أراضي زراعية وفقاً للأسس والقواعد التالية.
( أ ) شروط الانتفاع بالتمليك:
– ………
– ………
– ……….
(ب) حصص التمليك:
يملك العامل من الرجال الذي على درجة مالية ممن تنطبق عليه الشروط السابقة حصة تمليك كاملة، وإذا كان هو وزوجته ممن تنطبق عليهم شروط التمليك فتملك الزوجة حصتها كاملة حسبما ينطبق عليها من شروط إذا لم يستفد الزوج من التمليك.
– إذا كان العامل من السيدات أو الآنسات وأزواجهم من غير العاملين بجهات التمليك يملكون 50% من حصة الرحال.
– ……..”
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الولاية التي تباشرها في مجال الرقابة على الدستورية، إنما تتعلق بالنصوص القانونية أياً كان محلها أو موضوعها أو نطاق تطبيقها أو السلطة التي أقرتها أو أصدرتها، وأن غايتها رد النصوص القانونية المطعون عليها إلى إحكام الدستور تثبتاً من اتفاقها أو اختلافها معها، فلا يتمثل محل هذه الرقابة إلا في القانون بمعناه الموضوعي، محدداً على ضوء قاعدة قانونية يرتبط مجال إعمالها بتعدد تطبيقاتها، سواء أقرتها السلطة التشريعية أو أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي ناطها الدستور بها، وهو يعني انتفاء تخصيصها، فلا تتقيد بحالة بذاتها تستنفد بها القاعدة القانونية مجال تطبيقها، ولا بشخص معين يستغرق نطاق سريانها. متى كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه ينظم تمليك العاملين بهيئة القطاع العام للتنمية الزراعية وشركاتها لأراض زراعية تخصها، فإنه بذلك يكون منصرفاً إليهم في مجموعهم، منظماً شروط الحصول عليها من خلال قاعدة قانونية مجردة ينحل مضمونها إلى لائحة تنبسط عليها الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة عملاً بنص المادة 175 من الدستور.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة لنظرها، لازماً للفصل فيها يرتبط بها من الطلبات الموضوعية، وكانت المدعيات قد استهدفن بنزاعهن الموضوعي تمليك كل منهن قطعة أرض زراعية مساوية للحصة المقررة للرجال، فإن مصلحتهن في الدعوى الدستورية – وبقدر اتصالها بالنصوص التي تضمنها القرار المطعون فيه – تنحصر فيما اشتمل عليه هذا القرار من النص على تمليكهن حصة قدرها خمسون في المائة من الحصة المقررة للرجال، وهي القاعدة التي تضمنتها الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة الأولى من القرار الطعين – دون غيرها – فلا يكون إبطالها من خلال الدعوى الدستورية إلا كافلاً لمصلحتهن الشخصية.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من انطلاقها، وتعتبر تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذ يعهد إلى أي من السلطتين التشريعية والتنفيذية بتنظيم موضوع معين، فإن القواعد القانونية التي تصدر عن أيتهما في هذا النطاق لا يجوز أن تنال من الحقوق التي كفل الدستور أصلها سواء بنفضها أو انتقاصها من أطرافها، وإلا كان ذلك عدواناً على مجالاتها الحيوية من خلال إهدارها أو تهميشها.
وحيث إن الدستور تضمن مادتين تقيمان مبدأ مساواة المرأة بالرجل، أولاهما مادته الحادية عشرة التي تكفل الدولة بمقتضاها التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في مجتمعها، وكذلك مساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية؛ وثانيتهما مادته الأربعون التي حظر الدستور بموجبها التمييز بين الرجل والمرأة سواء في مجال حقوقهم أو حرياتهم. على أساس من الجنس، بما مؤداه تكامل هاتين المادتين واتجاههما لتحقيق الأغراض عينها، ذلك أن الأصل في النصوص التي يتضمنها الدستور هو تساندها فيما بينها، واتفاقها مع بعضها البعض في صون القيم والمثل العليا التي احتضنها الدستور ولا يتصور بالتالي تعارضها أو تماحيها، ولا علو بعضها على بعض، بل تجمعها تلك الوحدة العضوية التي تقيم من بنيانها نسيجاً متضافراً يحول دون تهادمها.
وحيث إن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم، تفترض تكافؤها؛ وتدخل الدولة إيجابياً لضمان عدالة توزيعها على من يتزاحمون عليها ويستبقون للفوز بها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال؛ وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها فلا تنفصل عنها، ولا يجوز بالتالي حجبها عمن يستحقها، ولا إنكارها لاعتبار لا يتعلق بطبيعتها، ولا بمتطلباتها.
وحيث إن من المقرر أن عمل المرأة في مجتمعها – وأياً كانت الصورة التي يتخذها – هو من الحقوق التي كفلها الدستور لها بمراعاة التوفيق بين هذا العمل وواجباتها قبل أسرتها. فإذا منعها المشرع – بغير سند موضوعي مبرر – من الحصول على حصة كاملة من الأرض الزراعية – شأنها شأن العاملين من الرجال – فإن القول بتكافئهما في الفرص التي أتاحتها هذه الجهة لنيلها، أو بتساويهما في شروط النفاذ إليها، ينحل بهتاناً يؤيده أن القرار رقم 324 لسنة 1991 المشار إليه، ما كفل للعاملين ميزة الحصول على أراض زراعية تملكها جهة عملهم، وتقوم بتوزيعها عليهم، بعيداً عن الأغراض التي ربط بها، وأخصها استثارة اهتمامهم بالتنمية الزراعية تطويراً لها. ولا يلتئم وهذه الأغراض، إنكار حق المرأة كاملاً في تلك الميزة. ولو كانت مستوفية شرائطها، وإلا كان هذا الحرمان عدواناً مبيناً.
وحيث إن ضمان الدستور للحق في الملكية الخاصة – على ما تقضي به المادتان 32 و34 من الدستور – لا يقتصر على صون ما يكون قائماً فعلاً من مصادرها، وإنما تمتد الحماية التي كفلها لهذه الملكية إلى فرص كسبها والأصل فيها هو الإطلاق – فلا يجوز تقييدها دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة، ويندرج تحتها قيد الحد الأقصى المقرر في شأن الملكية الزراعية عملاً بنص المادة 37 من الدستور التي قصد بها أن يؤمن الفلاح والعامل الزراعي من صور الاستغلال على اختلافها. والعاملون بجهات التمليك من الكادحين غالباً، وفرصهم التي أتاحها المشرع للحصول منها على أراض زراعية، هي الطريق لتملكها وتنميتها، فإذا أغلق اعتسافاً دون أحدهم، كان ذلك إخلالاً بفرص كسبها.
وحيث إن القول بأن الفرص التي أتاحها المشرع للحصول على أرض زراعية، محدودة بطبيعتها، فلا يكون مخالفاً للدستور تنظيم استحقاقها، مردود أولاً: بأن تأسيس المواطنين لمجتمعهم على قاعدة التضامن الاجتماعي وفقاً لنص المادة 7 من الدستور، مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التي يؤمنون بها، فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازاً، ولا ينال قدراً من الحقوق يكون بها – دون مقتض – أكثر امتيازاً من سواه، بل يتمتعون جميعاً بالحقوق عينها – التي تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها – وبالوسائل ذاتها التي تُعينهم على ممارستها.
ومردود ثانياً: بأن الفرص التي هيأها المشرع للعاملين في التنمية الزراعية – وأياً كان عددها – ينبغي دوماً أن تتحدد وفقاً لأسس موضوعية لا تتباين تطبيقاتها. وما جرى به النص الطعين من ألا يخص العاملة من الأرض الزراعية سوى نصف الحصة المقررة للعاملين من الرجال، إذا كان زوجها ممن لا يعملون بجهات التمليك، مؤداه انتقاص حصتها دون أن يكون ذلك راجعاً إلى ضوابط موضوعية، بل إقصاؤها تماماً عن فرص الحصول على حصة كاملة، فلا يكون الحرمان منها متصلاً بقواعد منطقية تطبقها جهة العمل في شأن من يطلبونها، بل إهداراً دائماً للحق فيها.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص المطعون فيه – وفي حدود المصلحة في الدعوى الماثلة – يكون مخالفاً لأحكام المواد 7 و8 و11 و32 و34 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991.
وسوم : حكم دستورية