الخط الساخن : 01118881009
جلسة 9 سبتمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم (86)
القضية رقم 189 لسنة 20 قضائية “دستورية”
1 – دعوى دستورية “المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها”.
مناط هذه المصلحة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي – وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية.
2 – تنظيم الحقوق “سلطة المشرع”.
الأصل من سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها – عدم جواز المساس بالحقوق التي كفلها الدستور.
3 – دستور “مبدأ تكافؤ الفرص”.
الفرص المكفولة في الدستور للمواطنين تفترض تكافؤها – تدخل الدولة لضمانها وفق إمكاناتها – من الضروري ترتيب المتزاحمين عليها وتحديد أجدرهم للفوز بها على ضوء قواعد موضوعية يمليها التبصر والاعتدال.
4 – علاقة زوجية “ذمة مالية”.
عدم إخلال وحدة الأسرة باستقلال كل من الزوجين بذمته المالية – الزوجية ليست سبباً للحرمان من حقوق يستمدها أحد الزوجين من رابطة العمل.
5 – حق الملكية الخاصة “حماية”.
امتداد الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة إلى فرص كسبها – من غير الجائز تقييد هذه الفرص دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة.
6 – تشريع “الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991: تمييز تحكمى”.
انطواء هذا النص على تمييز تحكمي جائز بين شخصين يشغلان قبل الجهة التي يعملان بها مركزاً قانونياً واحداً.
1 – المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن تتوافر علاقة بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعي هذه المحكمة لنظرها، لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية.
2 – الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتعتبر تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذ يعهد إلى أي من السلطتين التشريعية والتنفيذية بتنظيم موضوع معين، فإن القواعد القانونية التي تصدر عن أيتهما في هذا النطاق، لا يجوز أن ينال من الحقوق التي كفل الدستور أسلها سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها، وإلا كان ذلك عدواناً على مجالاتها الحيوية من خلال إهدارها أو تهميشها.
3 – إن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم، تفترض تكافؤها وتدخل الدولة إيجابياً لضمانها وفق إمكاناتها، وتزاحم من يطلبونها عليها واستباقهم للفوز بها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال؛ هو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها – وبافتراض مشروعيتها – فلا تنفصل عنها. ولا يجوز بالتالي حجبها عمن يستحقها ولا إنكارها لاعتبار لا يتعلق بطبيعتها، ولا بمتطلباتها.
4، 5، 6 – من المقرر أن للعلائق الزوجية بنيانها وآثارها التي لا يندرج تحتها أن يكون الدخول فيها سبباً للحرمان من حقوق لا شأن لها بها، ولا يتصور أن تتولد عنها، ولا أن تكون من روافدها، كتلك التي يستمدها أحد الزوجين من رابطة العمل ذاتها في الجهة التي يعمل بها، وأخصها ما تعلق منها بأراض زراعية تمتلكها هذه الجهة وتوزعها على العاملين فيها وفقاً لقواعد حددتها سلفاً، يفترض أن تكون قد صاغتها إنصافاً، فلا يكون تطبيقها في شأنهم مشوباً بتمييز ينال من أصل الحق فيها.
إن الزوجين وإن تكاملا من خلال الأسرة التي تجمعهما، إلا أن حقوقهما المالية لا تختلط ببعضها، ولا تخل وحدة الأسرة باستقلال كل منهما بذمته المالية، فلا يحل أحدهما – في الحقوق التي يطلبها – مكان غيره، بل يكون لكل منهما دائرة من الحقوق لها ذاتيتها، يعتصم بها ولا يرد عنها. بما مؤداه أن يكون الحصول على الأرض الزراعية حقاً لكل زوج استوفي شروط طلبها فإذا حرم المشرع أحدهما منها لمجرد سبق حصول الآخر عليها، كان ذلك تمييزاً تحكيماً جائراً بين شخصين يشغلان قبل الجهة التي يعملان بها مركزاً قانونياً واحداً، مما يتعين معه أن تكون لكل منهما ذات المعاملة فيما يتعلق بالأرض التي توزعها جهة عملهم، خاصة وأن النص المطعون فيه، ما كفل للعاملين ميزة الحصول على هذه الأراضي الزراعية إلا استثارة لاهتمامهم بالتنمية الزراعية تطويراً لها. ولا يلتئم وهذه الأغراض، إنكار حق أحد الزوجين في تلك الميزة، ولو كان مستوفياً شرائطها، ولا يجوز بالتالي أن يستبعد أحدهما ويؤثر الآخر من دونه وإلا كان هذا الإيثار عدواناً مبيناً.
إن ضمان الدستور للحق في الملكية الخاصة – على ما تقضي به المادتان 32 و34 من الدستور – لا يقتصر على صون ما يكون قائماً فعلاً من مصادرها، وإنما تمتد الحماية التي كفلها لهذه الملكية، إلا فرص كسبها – والأصل فيها هو الإطلاق – فلا يجوز تقييدها دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة، وإذ كانت الفرصة التي أتاحها المشرع للعاملين بجهات التمليك للحصول على أرض زراعية، هي الطريق لتملكها وتنميتها، فإذا أغلق اعتسافاً من دون أحدهم، كان ذلك إخلالاً بفرص كسبها.
الإجراءات
بتاريخ العاشر من أكتوبر سنة 1998، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف القضية رقم 684 لسنة 1998 من محكمة الإسكندرية الابتدائية، بعد أن قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 684 لسنة 1998 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المدعى عليه، طلباً للحكم بأحقيته في الحصول على قطعة أرض زراعية مقابل تركه وظيفته تطبيقاً لأحكام قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991، وقال بياناً لذلك أنه يعمل بشركة المجمع الزراعي – التي أدمجت في الشركة التي يمثلها المدعى عليه – وأنه تقدم بطلب لتمليكه قطعة أرض زراعية مقابل تخليه عن وظيفته، إلا أن طلبه قوبل بالرفض استناداً إلى أن زوجته سبق أن حصلت على قطعة مماثلة، وبجلسة 21/ 6/ 1998 قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من القرار المطعون فيه، وذلك لما تراءى لها من مخالفته لأحكام المواد 7 و8 و32 و34 من الدستور.
وحيث إن قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991، ينص في مادته الأولى على أن “يتم تمليك الراغبين من العاملين بهيئة القطاع العام للتنمية الزراعية وشركائها أراضي زراعية وفقاً للأسس والقواعد التالية:
( أ ) شروط الانتفاع بالتمليك:
– ……….
– ……….
– إذا كان العامل وزوجته ممن يعملون بجهة أو جهات التمليك فلا يجوز تمليك إلا أحدهم فقط، وفي هذه الحالة يحصل أيهما على حصة تمليك كاملة”.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعي هذه المحكمة لنظرها، لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية، وكان المدعي لا يتوخى بنزاعه الموضوعي أكثر من تمليكه قطعة أرض زراعية دون تقيد بسبق انتفاع زوجته – وهي من العاملين السابقين بجهة التمليك – بمثلها، فإن مصلحته في الدعوى الدستورية – وبقدر اتصالها بالنصوص التي تضمنها القرار المطعون فيه – تتمثل فيما اشتمل عليه هذا القرار من عدم جواز تمليك الزوجين معاً وقصر التمليك على أحدهما فقط أحدهما حسبما ورد في الفقرة ثالثاً من البند “أ” السابق الإشارة إليه، ولا يغير من ذلك سبق قضاء هذه المحكمة في القضية رقم 144 لسنة 18 قضائية دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من ذات البند لاستقلال كل من الفقرتين بنصها حتى وإن تضمنا حكماً واحداً.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتعتبر تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذ يعهد إلى أي من السلطتين التشريعية والتنفيذية بتنظيم موضوع معين، فإن القواعد القانونية التي تصدر عن أيتهما في هذا النطاق، لا يجوز أن تنال من الحقوق التي كفل الدستور أسلها سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها، وإلا كان ذلك عدواناً على مجالاتها الحيوية من خلال إهدارها أو تهميشها.
وحيث إن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم، تفترض تكافؤها وتدخل الدولة إيجابياً لضمانها وفق إمكاناتها، وتزاحم من يطلبونها عليها واستباقهم للفوز بها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال؛ هو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها – وبافتراض مشروعيتها – فلا تنفصل عنها. ولا يجوز بالتالي حجبها عمن يستحقها ولا إنكارها لاعتبار لا يتعلق بطبيعتها، ولا بمتطلباتها.
وحيث إن من المقرر أن للعلائق الزوجية بنيانها وآثارها التي لا يندرج تحتها أن يكون الدخول فيها سبباً للحرمان من حقوق لا شأن لها بها، ولا يتصور أن تتولد عنها، ولا أن تكون من روافدها، كتلك التي يستمدها أحد الزوجين من رابطة العمل ذاتها في الجهة التي يعمل بها، وأخصها ما تعلق منها بأراض زراعية تمتلكها هذه الجهة وتوزعها على العاملين فيها وفقاً لقواعد حددتها سلفاً، يفترض أن تكون قد صاغتها إنصافاً، فلا يكون تطبيقها في شأنهم مشوباً بتمييز ينال من أصل الحق فيها.
وحيث إن الزوجين وإن تكاملا من خلال الأسرة التي تجمعهما، إلا أن حقوقهما المالية لا تختلط ببعضها، ولا تخل وحدة الأسرة باستقلال كل منهما بذمته المالية، فلا يحل أحدهما – في الحقوق التي يطلبها – مكان غيره، بل يكون لكل منهما دائرة من الحقوق لها ذاتيتها، يعتصم بها ولا يرد عنها. بما مؤداه أن يكون الحصول على الأرض الزراعية حقاً لكل زوج استوفى شروط طلبها فإذا حرم المشرع أحدهما منها لمجرد سبق حصول الآخر عليها، كان ذلك تمييزاً تحكمياً جائراً بين شخصين يشغلان قبل الجهة التي يعملان بها مركزاً قانونياً واحداً، مما يتعين معه أن تكون لكل منهما ذات المعاملة فيما يتعلق بالأرض التي توزعها جهة عملهم، خاصة وأن النص المطعون فيه، ما كفل للعاملين ميزة الحصول على هذه الأراضي الزراعية إلا استثارة لاهتمامهم بالتنمية الزراعية تطويراً لها. ولا يلتئم وهذه الأغراض، إنكار حق أحد الزوجين في تلك الميزة، ولو كان مستوفياً شرائطها، ولا يجوز بالتالي أن يستبعد أحدهما ويؤثر الآخر من دونه وإلا كان هذا الإيثار عدواناً مبيناً.
وحيث إن ضمان الدستور للحق في الملكية الخاصة – على ما تقضي به المادتان 32 و34 من الدستور – لا يقتصر على صون ما يكون قائماً فعلاً من مصادرها، وإنما تمتد الحماية التي كفلها لهذه الملكية، إلى فرص كسبها – والأصل فيها هو الإطلاق – فلا يجوز تقييدها دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة، وإذ كانت الفرصة التي أتاحها المشرع للعاملين بجهات التمليك للحصول على أرض زراعية، هي الطريق لتملكها وتنميتها، فإذا أغلق اعتسافاً من دون أحدهم، كان ذلك إخلالاً بفرص كسبها.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص الطعين يكون مخالفاً لأحكام المواد 7 و8 و32 و34 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991.
وسوم : حكم دستورية