الخط الساخن : 01118881009
جلسة 14 أبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم (43)
القضية رقم 6 لسنة 20 قضائية “دستورية”
1- دستور”أسرة: قوامها: مبدأ مساواة المرأة بالرجل”.
الأسرة أساس المجتمع. قوامها الدين والأخلاق. مسئولية الدولة في مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة المختلفة. بما لا إخلال فيه بأحكام الشريعة الإسلامية. حظر التميز بين الرجال والنساء في حقوقهم أو حرياتهم. المادة (40) من الدستور.
2 – علاقات إيجارية – تشريع. “المادة (17) (الفقرة الرابعة) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر”. التمييز بين المرأة والرجل. مخالفة الدستور.
إقرار هذا النص رعاية الزوجة المصرية وأولادها من المستأجر الأجنبي باستمرار عقد الإيجار لصالحهم بعد وفاته أو مغادرته البلاد. المساواة بين الزوج المصري و الزوجة المصرية. مقتضاها: امتداد ذات الحكم إلى الزوج المصري وأولاده من المستأجرة الأجنبية عند انتهاء إقامتها بالبلاد. التمييز بين الزوج المصري والزوجة المصرية في هذا الشأن، مخالفة للدستور.
1 – جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن دستور جمهورية مصر العربية نص في المواد (9 و10 و11 و12) على أن الأسرة أساس المجتمع، وأن قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وأن الطابع الأصيل للأسرة المصرية – وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد – هو ما ينبغي الحفاظ عليه وتوكيده، وأن مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكذلك التوفيق بين عملها في مجتمعها، وواجباتها في نطاق أسرتها – وبما لا إخلال فيه بأحكام الشريعة الإسلامية – هو ما ينبغي أن تتولاه الدولة وتنهض عليه، باعتباره واقعاً في نطاق مسئوليتها مشمولاً بالتزاماتها التي كفلها الدستور، إلى ذلك فقد حظرت المادة (40) من الدستور التمييز بين الرجال والنساء سواء في مجال حقوقهم أو حرياتهم على أساس من الجنس، بما مؤداه تكامل هذه المواد واتجاهها لتحقيق الأغراض عينها وعلى القمة منها مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون باعتباره أساس العدل وجوهر الحرية وسنام السلام الاجتماعي.
2 – إذا كان النص المطعون فيه قد نحا إلى رعاية الزوجة المصرية وأولادها من المستأجر غير المصري وضمان استمرار المأوى المناسب لهم بعد وفاته أو مغادرته البلاد نهائياً لانتهاء إقامته فيها فقضى باستمرار عقد الإيجار في هذه الحالة أو تلك لصالح هؤلاء، ولم يشرط لذلك إلا عدم مغادرتهم البلاد نهائياً؛ فإن مبدأ المساواة كان يحتم أن تمتد مظلة هذا الحكم إلى الزوج المصري وأولاده من المستأجرة الأجنبية عند انتهاء إقامتها بالبلاد إن فعلاً وإن حكماً؛ إلا أن النص الطعين لم يلتزم هذا النظر، بل أقام تمييزاً بين الزوج المصري والزوجة المصرية حال تماثل مركزهما القانوني، فقد اتحدا في كون كل منهما زوجاً لمستأجرة أو مستأجر أجنبي بموجب عقد إيجار هو سند إقامة أسرته بالعين محل الإجارة؛ ثم اتحدا في أن الزوج – رجلاً كان أم امرأة – مستأجر هذه العين انتهت إقامته بالبلاد إن فعلاً بمغادرته البلاد نهائياً وإن حكماً بوفاته، فنص على استمرار عقد الإيجار بقوة القانون لصالح الزوجة المصرية ولأولادها من الزوج الأجنبي، وقصر عن إعمال ذات الحكم لصالح الزوج المصري وأولاده من الزوجة الأجنبية، فجعل بذلك حكمه قائماً على تمييز بين المصريين بسبب الجنس، وصاحب ذلك تهوين من حقوق فئة من المصريين مقابل إعلاء حقوق نظرائهم من غير المصريين، فالمصرية المتزوجة من مستأجر أجنبي وأولادها منه المنتمون إلى جنسيته غير المصرية منحهم النص الطعين حقوقاً أنكرها على المصري المتزوج من مستأجرة أجنبية وأولاده منها المصريِّ الجنسية، وهو تمييز يتصادم – بشقيه – مع نص المادة (40) من الدستور، فضلاً عن انطوائه على تهديد لكيان الأسرة المصرية وتماسكها، وهو ما يتناقض بدوره وأحكام المواد (9 و10 و11 و12) من الدستور.
الإجراءات
بتاريخ الثامن من يناير سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادة (17) فقرة رابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر “نانسي” كان قد أقام الدعوى رقم 3535 لسنة 1996 كلي إيجارات أمام محكمة جنوب الجيزة الابتدائية، ابتغاء القضاء بتمكينه من عين النزاع، وتسليمها له خالية، قولاً منه بأن زوجته “نور صالح الخلافي” – وهي سعودية الجنسية – كانت قد استأجرت بتاريخ 11/ 6/ 1982 شقة سكنية بالعقار المبين بصحيفة الدعوى، ثم توفيت إلى رحمة الله بتاريخ 27/ 4/ 1989، وإذ كان وابنته من المستأجرة المذكورة يقيمان معها في تلك الشقة، فيحق لهما طلب استمرار عقد الإيجار، وبتاريخ 26/ 5/ 1997 قضت تلك المحكمة برفض الدعوى، تأسيساً على أن الخطاب في نص المادة (17) فقرة رابعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، ينصرف فحسب إلى الزوجة المصرية وأولادها من المستأجر المصري، فاستأنف المدعي ذلك الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 8831 لسنة 114 قضائية، وأثناء نظره دفع المدعي بعدم دستورية النص سالف الذكر، وبعد تقديرها جدية الدفع صرحت محكمة الموضوع للمدعي بإقامة دعواه الدستورية، فأقامها.
وحيث إن المادة (17) – المطعون على فقرتها الرابعة – تنص على أن:
“تنتهي بقوة القانون عقود التأجير لغير المصريين بانتهاء المدة المحددة قانوناً لإقامتهم بالبلاد.
وتثبت إقامة غير المصري…………………
ومع ذلك يستمر عقد الإيجار بقوة القانون في جميع الأحوال لصالح الزوجة المصرية ولأولادها منه، الذين كانوا يقيمون بالعين المؤجرة، ما لم يثبت مغادرتهم البلاد نهائياً”.
ومفاد الفقرة الأولى من المادة (17)، وهي السارية على واقعة النزاع الموضوعي، انتهاء عقد الإيجار من تلقاء ذاته، ودون حاجة إلى حكم قضائي يقرره، بانتهاء إقامة المستأجر غير المصري بالبلاد، وينطبق ذلك سواء انتهت الإقامة خلال مدة العقد الاتفاقية – بحسبان أن عقد الإيجار هو بحسب الأصل من عقود المدة – أو بعد انتهائها وسريان الامتداد المنصوص عليه في صدر المادة (18) عليه. وتعتبر الإقامة منتهية قانوناً بانتهاء المدة المحددة لها والواردة في التصريح الصادر لغير المصري من الجهة الإدارية المختصة، وإما بوفاته، وبالتالي انقضاء شخصيته قانوناً.
أما الفقرة الرابعة من المادة (17) فمفادها استمرار عقد الإيجار بالنسبة للزوجة المصرية ولأولادها من زوجها المستأجر غير المصري إذا انتهت إقامته قانوناً بأحد السببين المتقدم ذكرهما، دون سائر الأقارب، ومن ثم، فإن نطاق هذه الدعوى – بالقدر الذي يحقق مصلحة رافعها – يتحدد بحدود حكم الفقرة الرابعة من المادة (17) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه فيما انطوى عليه من انتهاء عقد الإيجار وعدم استمراره بالنسبة للزوج المصري وأولاده من زوجته المستأجرة غير المصرية بانتهاء إقامتها بالبلاد، إن فعلاً بمغادرتها البلاد نهائياً أو حكماً بوفاتها.
وحيث إن المدعي ينعي على نص المادة (17) (فقرة رابعة) المطعون فيه إخلاله بالمساواة بين الزوج المصري والزوجة المصرية في مجال الحقوق المستمدة من عقد الإيجار، وإهداره للطابع الأصيل للأسرة المصرية وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (7 و9 و40) من الدستور.
وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن دستور جمهورية مصر العربية نص في المواد (9 و10 و11 و12) على أن الأسرة أساس المجتمع، وان قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وأن الطابع الأصيل للأسرة المصرية – وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد – هو ما ينبغي الحفاظ عليه وتوكيده، وأن مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكذلك التوفيق بين عملها في مجتمعها، وواجباتها في نطاق أسرتها – وبما لا إخلال فيه بأحكام الشريعة الإسلامية – هو ما ينبغي أن تتولاه الدولة وتنهض عليه، باعتباره واقعاً في نطاق مسئوليتها مشمولاً بالتزاماتها التي كفلها الدستور، إلى ذلك فقد حظرت المادة (40) من الدستور التمييز بين الرجال والنساء سواء في مجال حقوقهم أو حرياتهم على أساس من الجنس، بما مؤداه تكامل هذه المواد واتجاهها لتحقيق الأغراض عينها وعلى القمة منها مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون باعتباره أساس العدل وجوهر الحرية وسنام السلام الاجتماعي.
وإذا كان النص المطعون فيه قد نحا إلى رعاية الزوجة المصرية وأولادها من المستأجر غير المصري وضمان استمرار المأوى المناسب لهم بعد وفاته أو مغادرته البلاد نهائياً لانتهاء إقامته فيها فقضى باستمرار عقد الإيجار في هذه الحالة أو تلك لصالح هؤلاء ولم يشرط لذلك إلا عدم مغادرتهم البلاد نهائياً؛ فإن مبدأ المساواة كان يحتم أن تمتد مظلة هذا الحكم إلى الزوج المصري وأولاده من المستأجرة الأجنبية عند انتهاء إقامتها بالبلاد إن فعلاً وإن حكماً؛ إلا أن النص الطعين لم يلتزم هذا النظر، بل أقام تمييزاً بين الزوج المصري والزوجة المصرية حال تماثل مركزهما القانوني، فقد اتحدا في كون كل منهما زوجاً لمستأجرة أو مستأجر أجنبي بموجب عقد إيجار هو سند إقامة أسرته بالعين محل الإجارة؛ ثم اتحدا في أن الزوج – رجلاً كان أم امرأة – مستأجر هذه العين انتهت إقامته بالبلاد إن فعلاً بمغادرته البلاد نهائياً وإن حكماً بوفاته، فنص على استمرار عقد الإيجار بقوة القانون لصالح الزوجة المصرية ولأولادها من الزوج الأجنبي، وقصر عن إعمال ذات الحكم لصالح الزوج المصري وأولاده من الزوجة الأجنبية، فجعل بذلك حكمه قائماً على تمييز بين المصريين بسبب الجنس، وصاحب ذلك تهوين من حقوق فئة من المصريين مقابل إعلاء حقوق نظرائهم من غير المصريين، فالمصرية المتزوجة من مستأجر أجنبي وأولادها منه المنتمون إلى جنسيته غير المصرية منحهم النص الطعين حقوقاً أنكرها على المصري المتزوج من مستأجرة أجنبية وأولاده منها المصريِّ الجنسية، وهو تمييز يتصادم – بشقيه – مع نص المادة (40) من الدستور، فضلاً عن انطوائه على تهديد لكيان الأسرة المصرية وتماسكها، وهو ما يتناقض بدوره وأحكام المواد (9 و10 و11 و12) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (17) من قانون رقم 136 لسنة 1981 في شان بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من قصر استمرار عقد الإيجار على الزوجة المصرية وأولادها من زوجها المستأجر غير المصري عند انتهاء إقامته بالبلاد فعلاً أو حكماً دون الزوج المصري وأولاده من زوجته المستأجرة غير المصرية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وسوم : حكم دستورية