الخط الساخن : 01118881009
جلسة 15 ديسمبر سنة 2002
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم (113)
القضية رقم 98 لسنة 20 قضائية “دستورية”
1 – تنظيم الحقوق “سلطة تقديرية للمشرع” ضوابطها”.
سلطة المشرع في تنظيم الحقوق، تقديرية تحديدها الضوابط الدستورية. جوهرها: التفرقة بين تنظيم الحق وبين إهداره. الحق في التقاضي: تدخل المشرع بسلطته التقديرية في تنظيمه تحقيقاً للعدالة. تحديد ميعاد الطعن يندرج في سلطة المشرع في تنظيم هذا الحق.
2، 3 – دستور “حق التقاضي: إقراره للشخص الطبيعي والاعتباري. القيود الإجرائية”. تشريع “نص المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين”.
2 – الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري. حق كل منهما الدستوري في التقاضي. اختلافهما في التنظيم القانوني لمباشرة هذا الحق. أساس ذلك: وحدة إرادة الشخص الطبيعي وتعدد إرادات الشخص الاعتباري مؤداه: حق الشخص الطبيعي في التقاضي يقوم على إرادته وحده دون تداخل إرادات أخرى معه.
3 – نص المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين المطعون عليه. “تقييده حق الشخص الطبيعي عضو النقابة في الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو تشكيل مجلس النقابة بضرورة مشاركة عدد محدد من الأعضاء. مؤداه: تعليق إرادته في مباشرة حق التقاضي على موافقة إرادات أخرى. أثره: إهدار إرادته المنفردة. مخالفة المواد (40 و65 و68 و165) من الدستور.
1 – الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية طالما بقيت حركتها محدودة بنطاق الضوابط الدستورية وجوهرها هو التفرقة بين تنظيم الحق وبين المساس به على نحو يهدره كلياً أو جزئياً، وكان الحق في التقاضي من الحقوق الدستورية التي يجوز للمشرع أن يتدخل – وفي دائرة سلطته التقديرية – بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه، وهو تحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحابها دون أن يتجاوز هذا التنظيم حدود غايته، فينقلب إلى قيد يعيب الحق الدستوري في أصل مضمونه أو جوهر وجوده.
2 – حق التقاضي هو حق مقرر للشخص الطبيعي وللشخص الاعتباري على السواء، فهما لا يختلفان البتة في تمتعهما بذات الحق الدستوري، ولكنهما قد يختلفان في التنظيم القانوني لمباشرة هذا الحق، اختلافاً مرده وحدة إرادة الشخص الطبيعي وتعدد الإرادات التي يتكون منها الشخص الاعتباري وهو ما يجعل الأمر في شأن التنظيم القانوني الذي ينظم مباشرة الشخص الطبيعي لحقه في التقاضي محكوماً بأن يكون قوامه هو التعويل على إرادة هذا الشخص وحده وألا يعلق حقه في التقاضي على تداخل إرادات أخرى مع إرادته الفردية. بما يجعل هذا التداخل إهداراً لإرادته الفردية، ومن ثم تقويضاً لحقه في التقاضي.
3 – النص الطعين وهو من النصوص المنظمة لمباشرة الحق في التقاضي في حالة بعينها إنما يتوجه في خطابه إلى عضو النقابة كشخص طبيعي – انضم إليها استجابة لاختياره الفردي – وصار بعضويته العاملة فيها عضواً بجمعيتها العمومية – فلم يجز له مباشرة حقه في التقاضي إلا إذا شاركه في الموافقة على الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في تشكيل مجلس النقابة خُمس عدد الأعضاء الذين حضروا الجمعية العمومية، بما مؤداه تعليق إرادة الشخص الطبيعي في مباشرة حقه في التقاضي على موافقة إرادات أخرى، وهو ما يترتب عليه إهدار إرادة هذا الشخص إذا تجلت منفردة، وهو إهدار لازمه تقويض حقها في التقاضي كما كلفه الدستور وهي نتيجة تصم النص الطعين بعدم الدستورية لمخالفته للمواد (40 و65 و68 و69 و165) من الدستور.
الإجراءات
بتاريخ الثاني من مايو سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين فيما تضمنته من رفع الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية وفي تشكيل مجلس النقابة أمام محكمة النقض – الدائرة الجنائية – من خُمس الأعضاء الذين حضروا اجتماعها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد أقام بصفته عضواً بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين الطعن رقم 3 لسنة 67 قضائية أمام محكمة النقض، طالباً الحكم بإلغاء عملية انتخاب السيد/ مكرم محمد نقيباً للصحفيين والتي أجريت بتاريخ 22/ 6/ 1997 لبطلانها بطلاناً مطلقاً. وأودعت النيابة مذكرة خلصت فيها إلى عدم قبول الطعن استناداً إلى حكم الفقرة الثانية من المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 المشار إليه، فقد دفع الحاضر عن المدعي بعدم دستورية نص تلك الفقرة. قدرت المحكمة جدية الطعن وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن النص في الفقرة الثانية على أنه: “ولخُمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية حق الطعن في صحة انعقادها، وفي تشكيل مجلس النقابة”.
وحيث إن المدعي ينعي على نص المطعون عليه مخالفته حق التقاضي الذي كفله الدستور للناس كافة بالمادة (68)، حيث وضع قيداً خطيراً على حق عضو النقابة في الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة أو تشكيل مجلس نقابتها وهو اشتراط أن يكون الطعن من خُمس الأعضاء.
وحيث إنه لما كان الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية طالما بقيت حركتها محدودة بنطاق الضوابط الدستورية وجوهرها هو التفرقة بين تنظيم الحق وبين المساس به على نحو يهدره كلياً أو جزئياً، وكان الحق في التقاضي من الحقوق الدستورية التي يجوز للمشرع أن يتدخل – وفي دائرة سلطته التقديرية – بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه، وهو تحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحابها دون أن يتجاوز هذا التنظيم حدود غايته، فينقلب إلى قيد يعيب الحق الدستوري في أصل مضمونه أو جوهر وجوده. إذ كان ذلك، وكان حق التقاضي هو حق مقرر للشخص الطبيعي وللشخص الاعتباري على السواء، فهما لا يختلفان البتة في تمتعهما بذات الحق الدستوري، ولكنهما قد يختلفان في التنظيم القانوني لمباشرة هذا الحق، اختلافاً مرده وحدة إرادة الشخص الطبيعي وتعدد الإرادات التي يتكون منها الشخص الاعتباري وهو ما يجعل الأمر في شأن التنظيم القانوني الذي ينظم مباشرة الشخص الطبيعي لحقه في التقاضي محكوماً بأن يكون قوامه هو التعويل على إرادة هذا الشخص وحده وألا يعلق حقه في التقاضي على تداخل إرادات أخرى مع إرادته الفردية. بما يجعل هذا التداخل إهداراً لإرادته الفردية، ومن ثم تقويضاً لحقه في التقاضي.
وحيث إن النص الطعين وهو من النصوص المنظمة لمباشرة الحق في التقاضي في حالة بعينها إنما يتوجه في خطابه إلى عضو النقابة كشخص طبيعي – انضم إليها استجابة لاختياره الفردي – وصار بعضويته العاملة فيها عضواً بجمعيتها العمومية – فلم يجز له مباشرة حقه في التقاضي إلا إذا شاركه في الموافقة على الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في تشكيل مجلس النقابة خمس عدد الأعضاء الذين حضروا الجمعية العمومية، بما مؤداه تعليق إرادة الشخص الطبيعي في مباشرة حقه في التقاضي على موافقة إرادات أخرى، وهو ما يترتب عليه إهدار إرادة هذا الشخص إذا تجلت منفردة، وهو إهدار لازمة تقويض حقها في التقاضي كما كلفه الدستور وهي نتيجة تصم النص الطعين بعدم الدستورية لمخالفته للمواد (40 و65 و68 و69 و165) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (62) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين فيما تضمنته من اشتراط أن يُرفع الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في تشكيل مجلس النقابة من خُمس الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وسوم : حكم دستورية