الخط الساخن : 01118881009
جلسة 16 مارس سنة 2003
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم (139)
القضية رقم 107 لسنة 20 قضائية “دستورية”
ا، 2 – دعوى دستورية “المصلحة الشخصية المباشرة” المحكمة الدستورية العليا “الرقابة الدستورية”.
1 – مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور لا تكفي لتوافر المصلحة الشخصية. ضرورة أن يكون هذا النص بتطبيقه في الدعوى الدستورية بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة مجردة.
2 – إسناد الرقابة الدستورية لهذه المحكمة. غايته: تقديم الترضية التي تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التي كفلها.
3، 4 – دستور “مبدأ المساواة”. تشريع “المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975”.
3 – مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون. حرص الدستور على النص عليه. علة ذلك: تعزيز الحماية القانونية المتكافئة للحقوق والحريات. التمييز المخالف لمبدأ المساواة. قوامه: أية تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد بصورة تحكمية تؤدي إلى الحرمان من التمتع بالحقوق المكفولة بالدستور أو التشريع. مبدأ المساواة. مناط إعماله: تماثل المراكز القانونية بالنسبة للتنظيم التشريعي محل البحث.
4 – قصر النص المطعون فيه صرف المعاش المستحق للولد أو الأخ على حالة إيقاف صرف أجره أثناء فترة تجنيده. حرمان قرينه الذي يلحق بعمل قبل التجنيد من هذا الحق بالرغم من تماثل مركزهما القانوني. مقتضاه: عدم دستورية النص الطعين لإقامته تمييزاً تحكيماً غير مبرر.
1 – من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية، وأنه – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يكفي لتوافر هذه المصلحة أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفاً في ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعي – قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطاً بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظوراً إليها بصفة مجردة.
2 – إسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل في خصومة تكون المصلحة بشأنها نظرية صرفه، وإنما قصد المشرع بهذه الرقابة أن تقدم المحكمة من خلالها الترضية التي تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التي كفلها، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئاً لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية أثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها، وهو ما يحتم أن يكون الضرر الذي لحق بالمدعي ناشئاً عن النص المطعون عليه ومترتباً عليه.
3 – الدستور قد حرص على النص على مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون باعتباره الوسيلة الأساسية لتعزيز الحماية القانونية المتكافئة للحقوق والحريات جميعاً سواء التي نص عليها الدستور أو تلك التي يكفلها التشريع، وإذا كانت صور التمييز المخالف لمبدأ المساواة لا تقع تحت حصر، فإن قوامها هو تحقق أية تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد بصورة تحكمية تؤدي إلى الحرمان من التمتع بالحقوق المكفولة دستورياً أو تشريعياً، ومناط إعمال مبدأ المساواة هو تماثل المراكز القانونية بالنسبة للتنظيم التشريعي محل البحث.
4 – النص المطعون عليه قد صرف المعاش المستحق للولد أو الأخ على حالة إيقاف صرف أجره – بافتراض التحاقه بعمل – أثناء فترة التجنيد الإلزامية وحرم قرينه الذي لم يلتحق بعمل قبل التجنيد من هذا الحق بالرغم من تماثل مركزهما القانوني من حيث أصل استحقاقهما لمعاش من هيئة التأمين الاجتماعي ومن حيث أداء كل منهما للواجب الوطني في التجنيد الإلزامي فإن النص الطعين يكون قد أنشأ بهذه التفرقة تمييزاً تحكمياً غير مبرر، حيث كان التجنيد سبباً لحرمان الأول من صرف أجره، وهو بذاته سبباً لحرمان الثاني من السعي لعمل يتقاضى عنه أجراً، إذ كان ذلك، فإن النص الطعين يكون قد وقع في حمأة الخروج على مبدأ المساواة ويكون بالتالي مخالفاً لحكم المادة (40) من الدستور مما يتعين معه الحكم بعدم دستوريته فيما تضمنه من قصر الحق في صرف المعاش المستحق للولد أو الأخ على حالة إيقاف صرف أجره أثناء فترة التجنيد الإلزامية دون قرينه الذي لم يلتحق بعمل قبل التجنيد.
الإجراءات
بتاريخ الواحد والعشرين من مايو سنة 1998، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
كما قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان يتقاضى معاشاً من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي (مكتب تأمينات سيارات المحلة الكبرى) بصفته وصياً على أخيه القاصر/ شوقي إبراهيم طاهر والذي تم تجنيده بتاريخ 2/ 1/ 1995 واستمرت الهيئة في صرف هذا المعاش حتى فوجئ بوقفه ومطالبته برد مبلغ 625 جنيهاً للهيئة بدعوى تقاضيه لهذا المبلغ دون وجه حق وفقاً لحكم المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي فقام المدعي بالاعتراض على هذا الإجراء أمام لجنة فحص المنازعات بمنطقة الغربية للتأمين الاجتماعي التي قررت رفض الاعتراض فأقام الدعوى رقم 41 لسنة 1997 مدني كلي أمام محكمة طنطا الابتدائية (مأمورية المحلة الكبرى الابتدائية) طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة فحص المنازعات والاستمرار في صرف المعاش الخاص بالقاصر من تاريخ وقفه حتى انتهاء فترة تجنيده مع إلغاء مطالبته بدفع مبلغ 625 جنيهاً وبجلسة 23/ 12/ 1997 حكمت المحكمة برفض الدعوى فطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 290 لسنة 47 قضائية أمام محكمة استئناف طنطا وأقام استئنافه على عدة أسباب من بينها الدفع بعدم دستورية المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي، وإذ قدرت المحكمة جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي دفعت بعدم قبول الدعوى من ثلاثة وجوه: الوجه الأول هو قيام المدعي بالطعن على المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي بأكملها دون أن يحدد الجزء المطعون عليه منها، بالمخالفة لحكم المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979. وفي الوجهين الثاني والثالث انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة وانعدام صفة المدعي تأسيساً على أنه غير مخاطب أصلاً بالنص المطعون عليه وأن المخاطب به هو شقيقه الذي كان موضوعاً تحت وصايته ثم بلغ سن الرشد سنة 1995 قبل إقامة الدعوى الموضوعية سنة 1997 ومن ثم كان يتعين إقامة هذه الدعوى من قبل شقيقه المذكور.
وحيث إن هذا الدفع مردود في الوجه الأول منه ذلك أن صحيفة الدعوى جاءت واضحة وصريحة في الطعن على المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي فيما تضمنته من التمييز في استحقاق المعاش بين الولد أو الأخ المجند الذي سبق التحاقه بعمل قبل تجنيده ونظيره الذي لم يسبق له الالتحاق بعمل، كما تضمنت الصحيفة الإشارة إلى مواد الدستور المدعي مخالفتها ومن ثم تأتي مطابقة لما يتطلبه نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا وبها يتحدد نطاق الدعوى الماثلة، كما أن هذا الدفع مردود في الوجهين الثاني والثالث منه إذ من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية، وأنه – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يكفي لتوافر هذه المصلحة أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفاً في ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص بتطبيقه على المدعي – قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطاً بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظوراً إليها بصفة مجردة، ذلك أن إسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل في خصومة تكون المصلحة بشأنها نظرية صرفه، وإنما قصد المشرع بهذه الرقابة أن تقدم المحكمة من خلالها الترضية التي تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التي كفلها، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئاً لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية أثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها، وهو ما يحتم أن يكون الضرر الذي لحق بالمدعي ناشئاً عن النص المطعون عليه ومترتباً عليه.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإنه لما كان هدف المدعي من إبطال النص المطعون عليه هو الحيلولة بين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ومطالبته بما سبق أن صرفه من المعاش والمستحق لأخيه بالمخالفة – في نظر الهيئة – لحكم النص المذكور فإنه من ثم تتوافر في حقه المصلحة الشخصية المباشرة والصفة في إقامة الدعوى الدستورية محددة نطاقاً على النحو المتقدم ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى على غير أساس بما يتعين الالتفات عنه.
وحيث إن المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 – محل الطعن الماثل – تنص على أنه “إذا كان المعاش المستحق للولد أو الأخ لم يرد على باقي المستحقين بعدم قطعه يعاد صرفه في حالة إيقاف صرف أجره أثناء فترة التجنيد الإلزامية طالما لم يبلغ سن السادسة والعشرين”.
وينعي المدعي على المادة المذكورة أنها حين أخرجت الولد أو الأخ الذي لم يلتحق بعمل قبل تجنيده من مظلة التأمين الاجتماعي وفضلت عليه الذي التحق بعمل قبل التجنيد فقضت باستمرار الأخير دون الأول في صرف المعاش المستحق فإنها تكون مخالفة لأحكام المواد (2، 4، 7، 8 و17) من الدستور.
وحيث إن النعي صحيح في جوهره، ذلك أن الدستور قد حرص على النص على مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون باعتباره الوسيلة الأساسية لتعزيز الحماية القانونية المتكافئة للحقوق والحريات جميعاً سواء التي نص عليها الدستور أو تلك التي يكفلها التشريع، وإذا كانت صور التمييز المخالف لمبدأ المساواة لا تقع تحت حصر، فإن قوامها هو تحقق أية تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد بصورة تحكمية تؤدي إلى الحرمان من التمتع بالحقوق المكفولة دستورياً أو تشريعياً، ومناط إعمال مبدأ المساواة هو تماثل المراكز القانونية بالنسبة للتنظيم التشريعي محل البحث.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون عليه قد قصر صرف المعاش المستحق للولد أو الأخ على حالة إيقاف صرف أجره – بافتراض التحاقه بعمل – أثناء فترة التجنيد الإلزامية وحرم قرينه الذي لم يلتحق بعمل قبل التجنيد من هذا الحق بالرغم من تماثل مركزهما القانوني من حيث أصل استحقاقهما لمعاش من هيئة التأمين الاجتماعي ومن حيث أداء كل منهما للواجب الوطني في التجنيد الإلزامي فإن النص الطعين يكون قد أنشأ بهذه التفرقة تمييزاً تحكمياً غير مبرر، حيث كان التجنيد سبباً لحرمان الأول من صرف أجره، وهو بذاته سبباً لحرمان الثاني من السعي لعمل يتقاضى عنه أجراً، إذ كان ذلك، فإن النص الطعين يكون قد وقع في حمأة الخروج على مبدأ المساواة ويكون بالتالي مخالفاً لحكم المادة (40) من الدستور مما يتعين معه الحكم بعدم دستورية فيما تضمنه من قصر الحق في صرف المعاش المستحق للولد أو الأخ على حالة إيقاف صرف أجره أثناء فترة التجنيد الإلزامية دون قرينه الذي لم يلتحق بعمل قبل التجنيد.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (116) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما تضمنه من حرمان الولد أو الأخ الذي لم يكن قد التحق بعمل قبل التجنيد من صرف المعاش المستحق أثناء فترة التجنيد الإلزامية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة
وسوم : حكم دستورية