باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السابع من أبريل سنة 2013م، الموافق السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1434هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيرى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور/ حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف وسعيد مرعى عمرو نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 167 لسنة 20 قضائية “دستورية”.
المقامة من:
شركة التجارة والاستثمار “جيفكو”.
ضـد:
1 – السيد رئيس الجمهورية.
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 – السيد وزير المالية.
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من أغسطس سنة 1998، أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة (1) من القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما نصت عليه من فرض الضريبة العامة على المبيعات على سلعة الدقيق الفاخر المستورد والمبينة بالجدول رقم (2) من الجدول رقم ( أ ) المرافق للقانون وذلك بأثر رجعى اعتبارًا من 4/ 5/ 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فيهما الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 3/ 3/ 2013 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 7/ 4/ 2013، وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال عشرة أيام، وخلال هذا الأجل قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة صممت فيها على طلباتها السابق إبداؤها فى مذكرتى دفاعها المقدمتين فى 13/ 9/ 1998 و7/ 11/ 1999 أثناء تحضير الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 11111 لسنة 1996 مدنى كلى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليه الأخير وآخر، طالبة الحكم بعدم خضوع الدقيق الفاخر المستورد لضريبة المبيعات، ورد مبلغ 7.827.153 جنيهًا الذى تم تحصيله منها دون وجه حق تحت مسمى الضريبة المذكورة عن كميات الدقيق التى قامت الشركة المدعية باستيرادها من الخارج خلال الفترة من 25/ 12/ 1992 حتى 20/ 6/ 1993. وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعية بجلسة 9/ 5/ 1998، بعدم دستورية القانون رقم (2) لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات فيما تضمنه من فرض ضريبة مبيعات على الدقيق الفاخر المستورد بأثر رجعى اعتبارًا من 4/ 5/ 1991، كما تقدمت بمذكرة دفعت فيها بعدم دستورية ما تضمنه البند رقم (3) من الجدول رقم ( أ ) من قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 من إخضاع الدقيق الفاخر المستورد لهذه الضريبة، فقررت تلك المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 30/ 5/ 1998، وفيها قررت المحكمة وقف نظر الدعوى تعليقًا لحين رفع الدعوى الدستورية خلال ثلاثة أشهر، فأقامت الشركة المدعية دعواها الماثلة.
وحيث إن المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن ( يكون سعر الضريبة على السلع 10%، وذلك عدا السلع المبينة فى الجدول رقم (1) المرافق فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل منها.
ويحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات.
ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة وتعديل سعر الضريبة على بعض السلع.
كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمى (1)، (2) المرافقين.
وفى جميع الأحوال يُعرض قرار رئيس الجمهورية على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره إذا كان المجلس قائمًا وإلا ففى أول دورة لانعقاده، فإذا لم يقره المجلس زال ما كان له من أثر وبقى نافذًا بالنسبة إلى المدة الماضية).
وإعمالاً لنصى الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991، ونص فى المادة (1) منه على أن ( تعفى من الضريبة العامة على المبيعات المقررة بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه السلع المنصوص عليها بالجدول رقم ( أ ) المرافق ). كما تنص المادة (2) منه على أن ( يعدل سعر الضريبة العامة على المبيعات على السلع المنصوص عليها بالجدول رقم (ب) المرافق وفقًا للفئات المحددة به ). وتقضى المادة (3) منه بأن( تضاف إلى الجدول رقم (1) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 السلع المبينة بالجدول (ج) المرافق بالفئات المحددة قرين كل منها ). ونصت المادة الرابعة منه على أن ( ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره ). ونشر هذا القرار فى 3/ 5/ 1991.
وقد ورد بالجدول رقم (ب) المرافق لقرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 المشار إليه تحت بند أولاً – سلع تخضع لفئة الضريبة العامة على المبيعات بواقع 5% وهى:
( 1 )…………
( 2 ) دقيق فاخر أو مخمر مستورد.
( 3 )………
ثم صدر القانون رقم (2) لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، ونص فى المادة (1) منه على أن:
( اعتبارًا من 4/ 5/ 1991:
أولاً – تكون فئات الضريبة على المبيعات على السلع المبينة بالجدول رقم ( أ ) المرافق وفقًا للفئات المحددة قرين كل منها.
ثانيًا – تضاف إلى الجدول رقم (1) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات السلع المبينة بالجدول رقم (ب) المرافق بالفئات المحددة قرين كل منها.
ثالثًا – ………. ).
وقد ورد بالجدول رقم ( أ ) المرافق ما يلى: –
” أولاً – سلع تخضع لفئة الضريبة العامة على المبيعات بواقع 5% وهى:
1 – ……………..
2 – دقيق فاخر أو مخمر مستورد.
3 – ………… ”
كما تنص المادة (11) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه على أن ( تلغى قرارات رئيس الجمهورية أرقام 180 لسنة 1991 و….. و….، وذلك اعتبارًا من تاريخ العمل بكل منها ). كما نصت المادة (12) من القانون ذاته على أن ( تلغى الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ).
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان النزاع الموضوعى يدور حول طلب الشركة المدعية الحكم لها بعدم خضوع الدقيق الفاخر المستورد لضريبة المبيعات، ورد مبلغ 7.827.153 جنيهًا، والذى تم تحصيله منها دون وجه حق تحت مسمى الضريبة المذكورة عن كميات الدقيق التى قامت الشركة المدعية باستيرادها من الخارج فى الفترة من 25/ 12/ 1992 حتى 20/ 6/ 1993، وكان ما تضمنه نص البند أولاً من المادة (1) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتبارًا من 4/ 5/ 1991، يُمثِّل السند التشريعى لخضوع الدقيق الفاخر المستورد من الخارج لهذه الضريبة بفئة (5%)، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للشركة المدعية تكون متحققة فى الطعن على هذا النص وحده محددًا نطاقًا على النحو المتقدم، إذ أن القضاء بعدم دستورية هذا النص من شأنه تحقيق طلبات الشركة المدعية فى الدعوى الموضوعية والحكم بأحقيتها فى استرداد قيمة ضريبة المبيعات التى تم تحصيلها منها بغير وجه حق، الأمر الذى يضحى معه الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فى هذا الشأن فى غير محله متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – أنه فرض ضريبة على الدقيق الفاخر المستورد بأثر رجعى اعتبارًا من 4/ 5/ 1991 تصحيحًا لخطأ دستورى بفرض هذه الضريبة بقرار من رئيس الجمهورية برقم 180 لسنة 1991 الذى صدر فى التاريخ الأخير، وهو ما يعد مخالفة لنص المادتين (38 و65) من دستور عام 1971، كما يشكل هذا الأمر عدوانًا على الملكية الخاصة بالمخالفة لنص المادتين (32 و34) من الدستور ذاته، فضلاً عن أن النص المطعون فيه يُعد من القوانين الضريبية لصيقة الصلة بالقوانين الجنائية، ومن ثم يأخذ حكمها، مما يجعله مخالفًا لحكم المادة (187) من الدستور ذاته.
وحيث إن الدعوى الموضوعية تدور حول طلب الشركة المدعية الحكم بإلزام المدعى عليه الأخير برد مبلغ 7.827.153 جنيهًا والذى يُمثل قيمة ضريبة المبيعات التى سبق تحصيلها على كميات الدقيق الفاخر التى قامت باستيرادها من الخارج خلال الفترة من 25/ 12/ 1992 حتى 20/ 6/ 1993، ومن ثم فإنها تُعد دعوى مدنية لا مجال فيها لإعمال أية نصوص عقابية، فضلاً عن أن القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه قد تمت الموافقة على نصوصه بالأغلبية الخاصة – أغلبية أعضاء مجلس الشعب – وذلك على ما يتبين من الاطلاع على مضبطة مجلس الشعب بجلسته المعقودة فى 18/ 1/ 1997، ومن ثم فلا مخالفة فيه لنص المادة (178) من دستور عام 1971 باعتباره الدستور الذى يحكم الأوضاع الشكلية لإقرار هذا القانون بأثر رجعى، وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة،الأمر الذى يُعد معه نعى الشركة المدعية فى هذا الشأن فى غير محله متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن استيفاء النص التشريعى المطعون عليه للأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور لإقرار القوانين بأثر رجعى لا يعصمه من الخضوع للرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح، وذلك كلما كان هذا النص – فى محتواه الموضوعى – منطويًا على إهدار حق من الحقوق التى كفلها الدستور، أو يفرض قيودًا عليه تؤدى إلى الانتقاص منه، مما مؤداه أنه لا يكفى لتقرير دستورية نص تشريعى معين أن يكون من الناحية الإجرائية موافقًا للأوضاع الشكلية التى يتطلبها الدستور، بل يتعين فوق هذا أن يكون محتواه ملتئمًا مع قواعد الدستور الموضوعية التى تعكس مضامينها القيم والمثل التى بلورتها الإرادة الشعبية، وكذلك الأسس التى تنتظم الجماعة وتضبط حركتها.
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، كما أن لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه من خلال الدستور الذى تم الاستفتاء عليه وإصداره فى شهر ديسمبر سنة 2012.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه مخالفته المادة (38) من دستور عام 1971 التى تنص على أن ( يقوم النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية )، والتى تقابل المادة (26) من الدستور الصادر فى ديسمبر عام 2012 والتى تقضى فى فقرتها الأولى بأن ( العدالة الاجتماعية أساس الضرائب وغيرها من التكاليف المالية العامة ) كما تنص فى فقرتها الثانية على ( ولا يكون إنشاء الضرائب العامة ولا تعديلها ولا إلغاؤها إلا بقانون، ولا يعفى أحد من أدائها فى غير الأحوال المبينة فى القانون. ولا يجوز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا فى حدود القانون ).
وحيث إن الدستور أعلى من شأن الضريبة العامة، وقدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار التى ترتبها، ومايز – ترتيبًا على ذلك – بنص المادة (26) منه بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى بينها القانون، مما مؤداه أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها، متضمنًا تحديد نطاقها، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها، والملتزمين أصلاً بأدائها، والمسئولين عنها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها، وكيفية أدائها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة، عدا الإعفاء منها، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون.
والأصل أن يتوخى المشرع، بالضريبة التى يفرضها، أمرين يكون احدهما أصلاً مقصودًا منها ابتداءً، ويتمثل فى الحصول على غلتها، لتعود إلى الدولة وحدها لتعينها على مواجهة نفقاتها، ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفة عرضية أو جانبية أو غير مباشرة، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التى تتناولها، أو حمل المكلفين بها – عن طريق عبئها – على التخلى عن نشاطهم، وعلى الأخص إن كان مؤثمًا جنائيًا. وينبغى أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتوى النظام الضريبى وغاية يتوخاها، ويتعين تبعًا لذلك – بالنظر إلى وطأة وخطورة تكلفة الضريبة – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمنًا عليها بمختلف صورها ؛ محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها.
وحيث إن من المقرر أن الأصل فى فرض الضريبة أن يكون بأثر مباشر وألا يلجأ المشرع لتقرير رجعيتها إلا إذا أملتها مصلحة اجتماعية لها وزنها، وذلك بالنظر إلى الآثار الخطيرة التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية وما يلابسها بوجه خاص فى أغلب الأحوال وأعمها من إخلال باستقرار وإهدار للثقة المشروعة فى التعامل ومساس بالحقوق ؛ إذ ينال من رجعية الضريبة – من زاوية دستورية – أن تركن الدولة فى تقريرها إلى مصلحة غير مشروعة، أو أن تتوخى – من خلال الأغراض التى تعمل الضريبة على بلوغها – تحقيق مصلحة مشروعة ولكن النصوص التشريعية التى تدخل بها المشرع لإشباعها لا تربطها بها صلة منطقية، مما يترتب عليه من تناقض بين فرض الضريبة فى هذه الأحوال ومفهوم العدالة الاجتماعية الذى يقوم عليه النظام الضريبى.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إقرار المشرع لضريبة تم فرضها بالمخالفة للدستور، ولو بأثر رجعى يرتد إلى تاريخ العمل بها، لا يحييها ولا يزيل عوارها ولا يحيلها إلى عمل مشروع دستوريًا، ولا يدخل تشريعها فى عداد القوانين التى تقرها السلطة التشريعية، ذلك أن الضريبة التى تناقض أحكام الدستور يلحقها العدم منذ فرضها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المشرع بإصداره النص المطعون فيه بأثر رجعى، قد تغيا الحفاظ على مبالغ الضريبة التى سبق تحصيلها من قبل بمقتضى أداة تشريعية تتناقض وأحكام الدستور والتى تتمثل فى قرار رئيس الجمهورية رقم 180 لسنة 1991 بتعديل الجدولين رقمى (1) و(2) المرافقين للقانون رقم 11 لسنة 1991، والذى صدر إعمالاً للفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، مستهدفًا بذلك تصحيح مخالفته لنص المادة (119) من دستور عام 1971 والتى تقابل المادة (26) من الدستور الحالى، والتى تتمثل فى إهدار المشرع اختصاصه بتعديل الضريبة، وإسناده هذا الاختصاص لرئيس الجمهورية مما يعد إعراضًا من جانب المشرع عن مباشرة ولايته الأصلية فى تحديد نطاق هذه الضريبة وقواعد سريانها، ونقل مسئولياته إلى السلطة التنفيذية وتفويضها فى ذلك، الأمر الذى يمس بنيان الضريبة التى فرضها القانون ويشرك هذه السلطة – السلطة التنفيذية – فى إنشائها وتغيير أحكامها، وهو المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها، ومن ثم فإن النص المطعون فيه يكون قد أهدر الأسس الدستورية لفرض الضريبة وتعديل أحكامها وأخل بمبدأ العدالة الاجتماعية الذى يقوم عليه النظام الضريبى، مخالفًا بذلك حكم المادة (26) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه البند أولاً من المادة (1) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامه اعتبارًا من 4/ 5/ 1991، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.